الرد على تساؤل خالد بلكين حول يهود المدينة

[محمد سني 1989]

بسم الله الرحمن الرحيم

خرج علينا خالد بلكين بمقطع جديد تكلم فيه عن يهود يثرب ووجودهم حيث رد على بعض الاطروحات التي حاولت التشكيك بوجود يهود في المدينة . و الحق اننا نوافقه على مقطعه في معظم ما قاله سواءا كان ذلك ترجيح كون يهود المدينة من بني اسرائيل و ليسوا من المتهودين العرب، ان كتابتهم كانت بالطريقة الارامية بعد السبي البابلي، النقوش الاثرية خارج المدينة المنورة المكتشفة، الوجود اليهودي في اليمن و ظفار، وجود بيت للمدراس في القف، تعلم زيد و بعض الانصار الكتابة من يهود المدينة، تعدد معنى الكتاب ليشمل الرسالة و الخط ... الخ.

لكننا نرد على تساؤله الذي طرحه : و هو ان كان اليهود قاطنين في المدينة فلم يحتاج النبي صلى الله عليه وسلم ان يرسل لهم الرسائل و يطلب من زيد رضي الله عنه كاتبه ان يتعلم الآرامية ليكتب اليهم ؟

نجيب :

لا يوجد اي تناقض في هذا فاليهود كانوا موجودين في خيبر و فدك و تيماء و العلا وهي ليست بالمسافة القريبة من المدينة و هذا يعني انه يضطر الى مراسلتهم احيانا و لا يعقل ان يستأمن يهود المدينة ( كبني النضير و قريظة وقينقاع ) على محتوى هذه الكتب خاصة ان هذه الكتب هي من باب الرسائل التي يتبادلها شيوخ القبائل او حكام الدول كانت تاتيه كتبهم بالآرامية وكما قلنا بالطبع فان النبي عليه الصلاة و السلام لم يامن يهود المدينة ان يقرؤو له كتب اليهود التي تاتيه و لا ان يكتبوا له اجوبته اليهم .

نقرا من سنن الترمذي الجزء السادس كتاب الاستئذان و الاداب :
(( 2715 حدثنا علي بن حجر أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه زيد بن ثابت قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم له كلمات من كتاب يهود قال إني والله ما آمن يهود على كتابي قال فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته له قال فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روي من غير هذا الوجه عن زيد بن ثابت رواه الأعمش عن ثابت بن عبيد الأنصاري عن زيد بن ثابت قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم السريانية))

حسنه الامام الالباني في صحيح و ضعيف سنن الترمذي رحمه الله

و نقرا من مشكل الاثار للامام الطحاوي رحمه الله الجزء الخامس بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمره زيد بن ثابت أن يتعلم السريانية , وقوله مع ذلك: " إني لا آمن يهودا على كتبي "
((2039 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " " أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَعَلَّمَ لَهُ كِتَابَ يَهُودَ " " فَمَا مَرَّ بِي نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى تَعَلَّمْتُ , وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " " إِنِّي مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي " " فَلَمَّا تَعَلَّمْتُ لَهُ كُنْتُ أَكْتُبُ إِلَى يَهُودَ إِذَا كَتَبَ إِلَيْهِمْ , وَإِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ قَرَأْتُ لَهُ كِتَابَهُمْ. ))

قال الشيخ شعيب الارنؤوط رحمه الله في تخريجه لمشكل الاثار : ((صحيح لغيره))

و نقرا ما قاله الطحاوي رحمه الله بعد ان اورد الحديث :
((قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا مَا كَانَ يَرِدُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُتُبِ يَهُودَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ إِنَّمَا كَانَ يَقْرَؤُهُ لَهُ الْيَهُودُ الَّذِينَ كَانُوا يَحْضُرُونَهُ , وَهُمْ غَيْرُ مَأْمُونِينَ عَلَى كِتْمَانِهِ بَعْضَ مَا فِيهِ , وَغَيْرُ مَأْمُونِينَ عَلَى تَحْرِيفِ مَا فِيهِ إِلَى مَا يُرِيدُونَ , وَكَانَ مَا يَنْفُذُ مِنْ كُتُبِهِ إِلَى الْيَهُودِ جَوَابًا لِكُتُبِهِمْ لَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَتَحْتَاجُ الْيَهُودُ الْوَارِدَةُ عَلَيْهِمْ إِلَى مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ لِيَقْرَأَهُ عَلَيْهِمْ؛ إِذْ كَانُوا لَا يُحْسِنُونَ الْعَرَبِيَّةَ , فَلَعَلَّهُ أَنْ يُحَرِّفَ مَا فِي كُتُبِهِ إِلَيْهِمْ إِلَى مَا يُرِيدُ , لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ الَّذِينَ -[282]- فِي قُلُوبِهِمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا خَفَاءَ بِهِ , وَفِي قُلُوبِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ مَا فِيهَا , فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا أَنْ يَتَعَلَّمَ لَهُ السُّرْيَانِيَّةَ لَيَقْرَأَ كُتُبَهُمْ إِذَا وَرَدَتْ عَلَيْهِ قِرَاءَةً , فَيَأْمَنَ بِهَا كِتْمَانَ مَا فِيهَا , وَيَأْمَنَ بِهَا تَحْرِيفَ مَا فِيهَا , وَيَكُونَ كِتَابُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَرَدَ عَلَى الْيَهُودِ وَرَدَ عَلَيْهِمْ كِتَابٌ يَقْرَؤُهُ عَامَّتُهُمْ , يَأْمَنُ فِيهِ مِنْ كِتْمَانِ بَعْضِ مَا فِيهِ , وَمِنْ تَحْرِيفِ مَا فِيهِ إِلَى غَيْرِ مَا كَتَبَ بِهِ , فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَنَا , وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ ))

و نقرا من تحفة الاحوذي في شرح سنن الترمذي للمباركفوري :
(( قوله : ( وقال ) أي النبي -صلى الله عليه وسلم- في تعليل الأمر على وجه الاستئناف المبين ( إني والله ما آمن ) بمد همز وفتح ميم ، مضارع متكلم من أمن الثلاثي ضد خاف ( يهود ) أي في الزيادة والنقصان ( على كتابي ) أي لا في قراءته ولا في كتابته . قال المظهر أي أخاف إن أمرت يهوديا بأن يكتب مني كتابا إلى اليهود أن يزيد فيه أو ينقص . وأخاف إن جاء كتاب من اليهود فيقرأه يهودي فيزيد وينقص فيه ( قال ) أي زيد ( فما مر بي ) أي ما مضى علي من الزمان ))

و مما يدل على بعد المسافة ما رواه اهل السير من المسافة بينها و بين خيبر و انها على بعد ثمانية برد من المدينة
الطبقات الكبرى لابن سعد الجزء الثاني
(( ثم غزوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيبر في جمادى الأولى سنة سبع من مهاجره. وهي على ثمانية برد من المدينة. قالوا: أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بالتهيؤ لغزوة خيبر ويجلب من حوله يغزون معه فقال:، لا يخرجن معنا إلا راغب في الجهاد،. وشق ذلك على من بقي بالمدينة من اليهود فخرج. واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري وأخرج معه أم سلمة زوجته. فلما نزل بساحتهم لم يتحركوا تلك الليلة. ولم يصح لهم ديك حتى طلعت الشمس. وأصبحوا وأفئدتهم تخفق وفتحوا حصونهم وغدوا إلى أعمالهم معهم المساحي والكرازين والمكاتل. فلما نظروا إلى رسول الله. )))

و اختلف في البرد الواحد فمنهم من جعله فرسخين و منهم من جعله اربعة فراسخ .
نقرا من معجم لسان العرب لابن منظور الجزء الثالث
(( والبَرِيدُ: فَرْسَخَانِ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ كُلِّ مَنْزِلَيْنِ بَرِيد. والبَريدُ: الرُّسُلُ عَلَى دوابِّ الْبَرِيدِ، وَالْجَمْعُ بُرُد. وبَرَدَ بَرِيداً: أَرسله. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِذا أَبْرَدْتم إِليَّ بَرِيداً فَاجْعَلُوهُ حَسَنَ الْوَجْهِ حَسَنَ الِاسْمِ ؛ البَرِيد: الرَّسُولُ وإِبرادُه إِرساله؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
رأَيتُ لِلْمَوْتِ بَرِيدًا مُبْردَا
وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: الحُمَّى بَرِيد الموتِ؛ أَراد أَنها رَسُولُ الْمَوْتِ تُنْذِرُ بِهِ. وسِكَكُ البرِيد: كُلُّ سِكَّةٍ مِنْهَا اثْنَا عَشَرَ مِيلًا. وَفِي الْحَدِيثِ: لَا تُقْصَرُ الصلاةُ فِي أَقلَّ مِنْ أَربعة بُرُدٍ ، وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَميال، وَالْمِيلُ أَربعة آلَافِ ذِرَاعٍ، وَالسَّفَرُ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ أَربعة بُرُدٍ، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وأَربعون مِيلًا بالأَميال الْهَاشِمِيَّةِ الَّتِي فِي طَرِيقِ مَكَّةَ؛ ))

ونقرا من تاريخ الخميس للديار البكري الجزء الثاني
(( وفى خلاصة الوفاء خيبر اسم ولاية مشتملة على حصون ومزارع ونخل كثير على ثلاثة أيام من المدينة على يسار خارج الشام وخيبر بلسان اليهود الحصن* وفى معجم ما استعجم بينها وبين المدينة ثمانية برد الى جهة الشام مشى ثلاثة أيام* وفى مزيل الخفاء كل بريد أربعة فراسخ وكل فرسخ ثلاثة أميال وكل ميل أربعة آلاف خطوة وكل خطوة ثلاثة أقدام يوضع قدم أمام قدم ويلصق به* وأمر أن لا يخرج معه الا من رغب فى الجهاد لا من غرضه عرض الدنيا واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفارى واستعمل على مقدمة الجيش عكاشة بن محصن الاسدى وعلى الميمنة عمر بن الخطاب وعلى الميسرة واحدا من أصحابه وفى بعض الكتب على بن أبى طالب وهو غير صحيح لان الروايات الصحيحة تدل على ان عليا فى أوائل الحال لم يكن فى العسكر وكان به رمد شديد ولما لحق بالعسكر أعطاه الراية وأمّره على الجيش ووقع الفتح على يده كما سيجئ ))

اما كلامه عن عدم وجود التنقيب داخل المدينة لانه يحتمل ان تخاف السلطات مما تكتشفه و يخالف ذلك السردية الاسلامية فاقول هذا والله هو عين السخف و الهزء و الاعتماد على نظريات المؤامرة فالمناطق التي يتكلم عنها هذا هي مناطق اليوم مكتظة بالاسواق و المباني و الفلل السكنية و المحلات التجارية و المطاعم و الشوارع و الكباري الرئيسية و الابراج العالية و الفنادق الباهظة فاين ستنقب تحت بيت فلان ام تحت مقر شركة من الشركات ام تحت مطعم ام في باحة المسجد المكتظ بالزائرين ام تحت اساسات برج عال او فندق تقدر قيمته بالملايين ؟؟؟ و من الذي سيمول ذلك ؟؟ هل ستطلب تصريح حفر و تعطل الناس و تكلف الدولة الاموال الطائلة لتحفر في ارض ذات قيمة عقارية عالية من اجل تحدي اثبات عدم الخوف من مخالفة السردية السائدة ؟؟؟؟ اذا كنت مصمما تفضل قدم طلبا لذلك و موله من جيبك و تكفل بالخسائر التي ستطال الفنادق و الاماكن التجارية او اصمت !!

وصلى الله على سيدنا محمد و على اله وصحبه وسلم