عن الاخ عبدالرحيم

بسم الله

أحزن كثيراً والله على الزملاء الذين يتخبطون هنا وهناك ، كالذي يهرب من الرمضاء فيذهب إلى النار.
لا أدري كيف يثق بمصادره من تؤكد له تلك المصادر أموراً لا يقبلها عقل ولا منطق..
وليت الأمر كذلك بل المصادر نفسها تتناقض مع أخواتها
بل إن المصدر ذاته يناقض نفسه مرات ومرات

وصدق الله العظيم في كلامه الخالد " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كبيراً ".

ولنأخذ مثالاً على تناقضهم قد يطول بعض الشيء ولكنه مثال حي تطبيقي على تخبط بعض الضالين الذين ضلوا وأضلوا كثيرا ممن يتبعون كل ناعق.
المثال على ذلك هو كتابان مشهوران جداً يعتبران من أعمدة كتب المنصرين و(( الباحثين )) النصارى في الديانة الإسلامية حول مصادر القرآن الكريم.
الكتاب الأول: قس ونبي ، بحث في نشأة الإسلام . لأبي موسى الحريري.
الكتاب الثاني : القرآن دعوة نصرانية ، في سبيل الحوار الإسلامي المسيحي . للأستاذ الحداد.

وكما ترون فإن كلا الكتابين لم يصرح المؤلفان باسميهما ... ولكن .. لا بأس من التعريف بهما .
مؤلف كتاب : قس ونبي . هو الأب ج. قزي ، مدرس جامعي معروف في إحدى أشهر الجامعات التبشيرية في أحد بلاد الشام. وما زال على قيد الحياة إلى الآن .
أما مؤلف كتاب : القرآن دعوة نصرانية هو الأب يوسف درة الحداد .. ولد في يبرود في سوريا سنة 1913 وتوفي سنة 1979درس اللاهوت في القدس.
ولكنه قبيل وفاته جمدت الكنيسة التي يتبعها نشاطاته لأنها وجدت في كتابه اقتباسات كثيرة من القرآن فخشيت على الرعية من أن يتبدل فكرها أكثر من الفائدة المتوخاة من الكتاب!!!
وهذه حكمة الله تعالى ودرس لأمثاله لعلهم يتعظون..
ومدحه الأب جورج فاخوري البولسي ( ما زال على قيد الحياة ) ولكنه تحفظ على بعض الشوائب التقنية في الكتاب . كما صرح بذلك في الصفحة 281 من الطبعة الثالثة من الكتاب التي صدرت سنة 1993.

الكاتبان أنهكا نفسيهما في إثبات العلاقة بين الإسلام والنصرانية وكيف أن الإسلام اقتبس منها.

كتاب الحريري أقرب إلى الموضوعية الأكاديمية إلا أنه في نفس الوقت الأقسى عبارة.

ولننتقل إلى أهم ما في كتابيهما وهو ورقة بن نوفل.

قال الحداد: " القرآن كله دعوة نصرانية . وقد درس محمد هذه الدعوة مدة خمس عشرة سنة بعد زواجه من خديجة، ثرية مكة ، على يد ورقة بن نوفل " ص11
أما الحريري: " القس اختار محمداً وتبناه " ص65.

ولكن كلا الكتابين لما يتحفانا بذكر نبذة كاملة عن حياة ورقة.. رغم أنه أساس الكتابين وهذا خلل منهجي خطير في الكتابين .. يؤكد سوء نية الكاتبين ووجود مواقف في سيرة ورقة يريدان إخفاءها.

والذي يعنينا هو تاريخ ولادة ورقة..
ولد ورقة سنة 508 للميلاد وتوفي سنة 611 للميلاد. وهذا التاريخ مهم لنبحث في مدى ( صدق ) حضرة الأبوين.

لما ولد سيدنا محمد كان عمر ورقة ( 60 عاما ) .
أي تزوج سيدنا محمد من خديجة وعمر ورقة ( 85 عاما ).
وبعث سيدنا محمد وعمر ورقة ( 100 عام ). وكان أعمى حينها.
يقولون انتحر محمد بعد وفاة ورقة.
أي أن الدعوة الإسلامية والعهد النبوي استمر ( 4 أعوام ).
وهذا إعجاز ( زماني ) حققه سيدنا محمد نشكرهم على جهدهم في إثباته !!.


ماذا كان دين قس مكة العريق في النصرانية ؟؟!!

جاء في البداية والنهاية لابن كثير : 2/340:
" أن نفرا من قريش منهم ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وزيد بن عمرو بن نفيل وعبدالله بن جحش بن رئاب وعثمان بن الحويرث كانوا ثم صنم لهم يجتمعون إليه قد اتخذوا ذلك اليوم من كل سنة عيدا كانوا يعظمونه وينحرون له الجزور ثم يأكلون ويشربون الخمر ويعكفون عليه فدخلوا عليه في الليل فرأوه مكبوبا على وجهه فأنكروا ذلك فأخذوه فردوه إلى حاله فلم يلبث أن انقلب انقلابا عنيفا فأخذوه فردوه إلى حاله فانقلب الثالثة فلما رأوا ذلك اغتموا له وأعظموا ذلك فقال عثمان بن الحويرث ماله قد أكثر التنكس إن هذا لأمر قد حدث وذلك في الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل عثمان يقول أيا صنم العيد الذي صف حوله صناديد وفد من بعيد ومن قرب تنكست مغلوبا فما ذاك قل لنا أذاك سفيه أم تنكست للعتب ... ".

إذن ورقة ظل يعبد الأصنام طيلة 60 سنة .

وأكد تلك الحادثة يوم ولادة سيدنا محمد في السيرة الحلبية : 1/116 " وذكر أن نفرا من قريش منهم ورقة بن نوفل وزيد بن عمرو بن نفيل وعبد الله بن جحش كانوا يجتمعون إلى صنم فدخلوا عليه ليلة ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأوه منكسا على وجهه فأنكروا ذلك فأخذوه فردوه إلى حاله فانقلب انقلابا عنيفا فردوه فانقلب كذلك الثالثة ".

خرج ورقة بن نوفل يطلب الدين الأصح بعد أن استمر في عبادة الأصنام 60 سنة ، فما الدين الذي اتبعه ؟

جاء في الاستيعاب في أثناء الحديث عن زيد بن عمرو ( أحد مصادر القرآن بحسب الزملاء النصارى ) 2/616 " ومن خبره في ذلك خرج في الجاهلية يطلب الدين هو وورقة بن نوفل فلقيا اليهود فعرضت عليهما يهود دينهم فتهود ورقة .
ثم لقيا النصارى فعرضوا عليهما دينهم فترك ورقة اليهودية وتنصر وأبى زيد بن عمرو أن يأتي شيئا من ذلك وقال : ما هذا إلا كدين قومنا نشرك ويشركون... ".

هل لاحظتم زيد بن عمرو اعتبر النصرانية شرك لا يختلف عن شرك المشركين .. قارنوا ذلك بعقيدة ورقة مصدر القرآن..

فلننتقل الآن إلى مناقشة وضع ورقة كأستاذ عميق في النصرانية ..

حقيقة الموقف بهدوء وموضوعية ...

عبد ورقة وأصحابه الأصنام ستين عاماً ولم يطلعوا على أي كتاب من الأديان الأخرى
انقلب الصنم الذي كانوا يعبدونه بعد ولادة سيدنا محمد
خرج في رحلة البحث عن الحقيقة كل من ورقة وزيد بحثا عن الدين الحنيف ( المستقيم )
تهودا لما التقيا باليهود وتعلما على يديهما
هل تهودا في لحظة ؟!
من المؤكد أنهما بقيا عند اليهود ليتعلما

ثم التقيا بعض النصارى الذين عرضوا دينهم
رفض زيد النصرانية لأنها ديانة تقوم على الشرك.
وافق ورقة .

نفهم من هنا من خلال دراسة شخصية ورقة أن شخصيته لينة سهلة الانقياد للآخرين
بينما لزيد شخصية قوية.

وأيضاً: ورقة لم يكن عنده تلك الخلفية الثقافية التي تؤهله أن يحكم في صحة الأديان.
بسهولة غادر اليهودية واعتنق المسيحية ولا أدري ماذا كان سيفعل لو قابل هندياً ؟!

المهم:

لاحظ تناقض الحداد في أثناء حديثه عن تأثر محمد بالموحدين ... ذكر معلمي محمد من الموحدين:
قس بن ساعدة 29 كلمة ، أسعد الحميري32 ، المتلمس40 ، سيف بن ذي يزن 41 ، صرمة 66 ، وكيع 117 ، زيد بن عمرو 270 ، أمية بن الصلت 493.

أما ورقة المسكين فقط ( 23 كلمة ) ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!

وعاد وذكرهم ص272 ولم يذكر ورقة بينهم ؟؟!!

وقد يقول قائل ربما الأستاذ الحداد قصد أنه نصراني وليس موحداً فنقول له قد وقع في تناقض لأنه قال ص145:" وورقة بن نوفل .. الذي ربما تنصر ".
وفي ص149 اقرأ بتأمل " .. ورقة بن نوفل ، ابن عم خديجة ، ذاك القس الحنيف المتنصر (؟) الذي ترجم الإنجيل ". [ علامة الاستفهام منه ونحن نضع أمامها !! ]

وكان زميله الحريري أشجع منه فقد صرح في فصل عنوانه " نصرانية القس ورقة "

ما شاء الله ، إن دين النصارى يصل فيه الإنسان إلى أعلى المراتب بسرعة البرق !!

صار ورقة ( قس مكة ) في زمن قياسي وبعد تقلبه بين الوثنية واليهودية !!؟؟!!

وانظر إلى عبارته التي أدان نفسه بها بنفسه

" لقد قيل عن القس ورقة أنه كان على دين موسى ثم صار على دين عيسى.. " ص16.
( قيل ) أي أنه يشك في ذلك وما تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.

ثم يذكر أن الحنيفية هي التحنث وهي الأبيونية وهي النصرانية.
والنصرانية هي الإسلام ؟؟!! انظر: الحريري ص109 وما بعدها.
" إن التحنث أو التعبد أو الصوم و الخلوة عادة نصرانية " الحريري ص289.

ولاحظ القنبلة التي فجرها بعد أن أعمى الله بصيرته ..
ففد نقل عن ابن الأثير أن أول من تحنث هو عبد المطلب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

ثم تناقض الحداد معلنا أن الحنيفية هي المسيحية " أطلقوا على دعوتهم للنصرانية باسم الحنيفية وسموا التعبد والصيام على طريقتهم : التحنف " ص289.

ولاحظ المسكين الذي تشفق عليه عندما تقرأ: " ولكن جماعة من العقول من المستقلة أبت أن تقبل اليهودية والنصرانية كما هما بل اكتفت بعبادة الله... وهؤلاء أطلق عليهم الشعب لفظ حنفاء ". ص142.

يبدو أنه ينسى ما يكتبه أو كتبه بعد أن شرب ( كأسا ) منعشاً . ما هذا التناقض يا حضرة الأب المحترم؟!

ولا حول ولا قوة إلا بالله تشفق على المسكين عندما تقرأ عبارته " اقتران التحنف باسم قس مكة ، ورقة بن نوفل ، برهان على نصرانيته ".

أعود وأؤكد لكم أني لا أجرّح بورقة البريء من كل تلك الخزعبلات

ماذا كانت مهمة ورقة ؟؟!!
لقد كان يترجم الإنجيل إلى العربية وهذا الإنجيل المترجم كان يلقيه على تلميذه محمد فأصبح قرآناً.
فقط .. أرأيتم ما أسهل تلك المهمة المقنعة.

يقول الحريري " نذكر بمهمة القس ورقة التي عُرف بها ولم يُعرف بغيرها .. أن القس ورقة كان ينقل الإنجيل العبراني إلى العربية ". ص71.

" أما النجاح الثاني الذي تحقق على يد القس فيقوم على نقل الإنجيل العبراني إلى لسان عربية مبين وسُميَ النقل قرآناً . والقرآن في الحقيقة القراءة العربية للكتاب العبراني ". ص20.

ولكن الحريري ناقض نفسه عندما تحدث عن ترجمات الإنجيل العبراني.. " وضع في الأصل باللغة الآرامية ثم نقل إلى اليونانية ثم إلى اللاتينية وربما إلى العربية ". ص72.

ربما : يبني عليها بناءه المتين
هنيئا لكم بهذا المدرس الجامعي العلمي ... ؟!

أما الحداد فقد ذكر نقلا عن الصحيحين " ورقة بن نوفل ، قس مكة ، كان يترجم الكتاب والإنجيل من العبرانية إلى العربية ، وذلك بجوار محمد وحضوره ". ص211. أي صحيحين يقصد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!

محمد كان بجوار ورقة أثناء ترجمة الإنجيل ؟؟!!

ورقة انتظر حتى صار عمره 100 سنة فقام بترجمة الإنجيل.
لو كان ورقة هو النبي الحقيقي ( كما ذكر الحريري أكثر من مرة في كتابه ) فلماذا تأخر كل تلك الفترة في ترجمة الإنجيل ؟!
ألم يخش أن يتوفاه الله قبل أن يلتقي بمحمد صلى الله عليه وسلم ؟! كل هذه الدرر كانت موجودة لدى ورقة ولم يفرج عنها إلا بحضور محمد ؟!

والحقيقة تقول إن الإنجيل لم يترجمه إلى العربية أحد في عصر النبوة ولا قبله.

الحقيقة يا سادة نشرتها دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط ، ومجلس كنائس الشرق الأوسط في كتابهم المليء بصور فلسطين ( عدا المسجد الأقصى ؟؟؟!!! ) وعنوان الكتاب : المرشد إلى الكتاب المقدس ، طبعة 1996م.

أول ترجمات الإنجيل إلى العربية:

يقول ص 79:

" عام 639م طلب القائد العربي عمر بن سعد بن أبي وقاص من البطريرك اليعقوبي يوحنا أن يضع ترجمة للإنجيل في اللغة العربية ربما تم ذلك حوالي ذلك التاريخ ...
عام 867م أعمال الرسل والرسائل كلها ، مكتبة سانت كاترين ، سيناء ..........
حوالي سنة 930م أسفار التوراة الخمسة وأشعيا ، قام بها العالم اليهودي سعيد الفيومي...
وأول ترجمة كاملة للكتاب المقدس بعهديه تمت في روما ... وعرفت بالبروباغاندا !! ".

هل مجلس الكنائس أصدق أم الأبوين الكريمين أصدق ؟؟!!
أشفق عليكم يا من يلعب بكم هؤلاء وهؤلاء !!
لماذا لم يشر مجلس الكنائس العالمي إلى ورقة ولو بإشارة ؟؟!!!!

أطلت عليكم في الحديث عن ورقة وأسأل الله تعالى أن ييسر لي متابعة الحديث عن علاقة ورقة بزواج سيدنا محمد بخديجة وعلاقته بالوحي ، ونتعرف على شخصية جديدة من شخوص هذه الرواية هي شخصية عداس بن مرداس....

وسنجد هنالك تناقضات تكاد تقتل قارئها من الضحك
..