جعل الله قطيعة الرحم سبباً للعنة الإلهية فقال :
بسم الله الرحمن الرحيم
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطّعُوا أَرْحَامَكُمْ ، أُولَئِكَ الّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ فَأَصَمّهُمْ وَأَعْمَىَ أَبْصَارَهُمْ ، أَفَلاَ يَتَدَبّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلىَ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}"(سورة محمد الاَيات: 22-23-24 ).
فهناك تلازم بين الكُفر والرِّدَّة والنِّفاق وبين قطيعة الأرحام ،وبين الإفساد في الأرض .
كما حرص هدي النبي عليه الصلاة والسلام على صلة الرحم وأن تقابل القطيعة بالصلة حفاظاً على الأواصر والعلاقات ،وترسيخاً لمبادىء الحب والتعاون والوئام .
حيث قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم :
الرحمُ معلَّقةٌ بالعرشِ تقولُ : من وصلني وصله اللهُ . ومن قطعني قطعه اللهُ.
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم:
"إِنّ اللّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتّىَ إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرّحِمُ فَقَالَتْ:
هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ قَالَ:
نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟
قَالَتْ: بَلَىَ. قَالَ: فَذَاكِ لَكِ"
ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم:
"اقْرَأُوا إِنْ شِئْتُمْ:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي
الأَرْضِ وَتُقَطّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ فَأَصَمّهُمْ وَأَعْمَىَ أَبْصَارَهُمْ أَفَلاَ يَتَدَبّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلىَ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}"(سورة محمد الاَيات: 22-23-24 ). صحيح مسلم.
قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم:
"لاَ يَدْخُلُ الْجَنّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ". صحيح مسلم.
وقَالَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ::"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت "صحيح البخاري.
وقَالَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم :
"مَنْ سَرّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، أَوْ يُنْسَأَ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ".
صحيح مسلم.
البسط في الرزق كثرته ونماؤه وسعته وبركته وزيادته زيادة حقيقية .
واختلفت عبارات العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ ) .
قيل : معناه : بَقَاءُ ذِكْرِهِ الْجَمِيلِ بَعْدَ الْمَوْتِ .
وقيل : يُكْتَبُ عُمُرُه مُقَيَّدًا بِشَرْطٍ كَأَنْ يُقَالَ : إِنْ وَصَلَ رَحِمَهُ فَلَهُ كَذَا وَإِلَّا فَكَذَا ، فتَكُون الزّيَادَة فِي العُمرِ زيَادَة حَقِيقِيّة .
راجع : "شرح النووي على مسلم" (16 / 114) – "فتح الباري" (4 / 302).
وقطيعة الرحم من الذنوب التي تُعجّل الفناء ،
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتخوف على
المسلمين من قطيعتهم لأرحامهم ، وكان يقول :
أخاف عليكم ستًّا : إمارةَ السُّفهاءِ ، و سفكَ الدَّمِ ، و بيعَ الحُكمِ ، و قطيعةَ الرَّحِمِ ، و نَشْوًا يتخذون القرآنَ مزاميرَ ، و كثرةَ الشُّرَطِ.
الراوي: عوف بن مالك الأشجعي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 216خلاصة حكم المحدث: صحيح.
فالسلام يذهب الغل.
قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم :
بُلُّوا أرحامَكم ولو بالسَّلامِ.
الراوي: سويد بن عامر الأنصاري المحدث: ابن حبان - المصدر: الثقات.
فالإسلام دين التآزر والتعاون والوئام ، لذا حرّم جميع الممارسات التي تؤدي إلى التقاطع والتدابر ،لأنها تؤدي إلى تفكيك أواصر المجتمع ، وخلخلة صفوفه ، فحرّم قطيعة الرحم ، وجعلها موجبة لدخول النار والحرمان من الجنّة .
قال صلى الله عليه وآله وسلم :
إنَّ أعمالَ بَني آدمَ تُعْرَضُ كلَّ خميسٍ ليلةَ الجمعةِ ، فلا يُقْبَلُ عملُ قاطعِ رحمٍ.
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2538
خلاصة حكم المحدث: حسن.
والواصل لأرحامه يكون محل احترام وتقدير من قبلهم ومن قبل المجتمع ،
وهو أقدر من غيره على التعايش مع سائر الناس ،
لقدرته على إقامة العلاقات الحسنة ، ويمكنه أن يؤدي دوره الاجتماعي
على أحسن وجه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
وأداء مسؤوليته في البناء المدني والحضاري باعتباره عنصر مرغوب فيه ،
وبعكسه القاطع لرحمه ، فإنّه يفقد تأثيره في المجتمع ،
لعدم الوثوق بنواياه وممارساته العملية .
اللهم أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل.