هل يحمل الإنسان أثمه فقط أم الآخرين أيضًا ؟ (النجم 39).

قالوا : إن هناك تناقضًا بين آيتين من آيات القرآن ؛ آية تقول : لا أحد يحمل وزر أحد ، وآية أخرى تقول: إن هناك أناسًا سيتحملون أوزارًا على أوزارهم.... أليس هذا تناقضًا أيها المسلمون؟!

تعلقوا على ذلك بما جاء في الآتي :

1- قوله : لَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)  (النجم).

2- قوله : لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25)  (النحل).

الرد على الشبهة


أولاً: إن الحديث عن تناقض هو في عقول المعترضين فقط... فلو بحثوا ما قالوا وزعموا زعمًا باطلاً.....

الآية الأولى : تذكر أن كل إنسان سيحاسب عن أعماله ولا يحمل أثم أحد ؛ إن فاز بالجنة فقد أفلح ، وإن خسرها بذنوبه فقد ضل...

الآية الثانية : تذكر أن كل إنسان سيحاسب عن أعماله ؛ الذي ضل يحاسب عن ضلاله أما الشخص المُضِل الذي أضل إنسانًا فهذا يحمل أثم الإنسان الذي قام بإضلاله ؛ لأنه هو من علمه الضلال...

وعليه : هناك فرق بين الشخص الضال ، المُضِل ؛ الضال يحاسب على ضلاله هو فقط إن لم يدعو إليه ، وأما المُضِل فهو يحاسب عن نفسه ويحمل أثم من أضل أيضًا... وهذا هو المراد من الآية الثانية.

تنبيه هام : إن الآية الكريمة الثانية لم تقل إن المُضِل يحمل كل آثام الشخص الذي أضله ؛ بل يحمل فقط فعل الضلال الذي تسبب فيه .

فمثلاً : لو أن إنسانًا علم أخاه شرب الخمر وصار مدمنًا ؛ لا يحمل الشخص المُضِل كل ذنوب الشخص الذي أضله بل يحمل إثم شرب الخمر فقط .

وهذا المفهوم هو من قوله  :  َومِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ لم يقل  : كل أوزار ،
بل قال : من أوزار أي: بعض الأوزار التي فعلها الشخصُ المُضِل...

يدعم ما سبق هو ما جاء في صحيح مسلم برقم 1691 قَالَ r : "مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ".


ثانيًا : إن التناقض الحقيقي حول حمل الأوزار وعدم حملها هو مقره الكتاب المقدس الذي يؤمن به المعترضون ؛ فتارة يقول : لا أحد يحمل أثم أحد ؛ الابن لا يحمل أثم الأب ؛ وتارة أخرى يأتي بولس ليخبر أن يسوع حمل كل الآثام بدمه على الصليب....
أليس هذا تناقضًا كان يجب على المعترضين أن يتفكروا فيه أولاً...؟

جاء ما ذكرته في الآتي :

أولاً : نصوص تفيد أن لا أحد يحمل إثم أحد بل كل إنسان يحاسب على عمله :

1- سفر التثنية إصحاح 24 عدد 16 : " لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ".

2- سفر الأمثال إصحاح 18 عدد 20: " إن الأشرار يكونوا كفارةً للأبرار اَلشِّرِّيرُ فِدْيَةُ الصِّدِّيقِ".

3- سفر أخبار الأيام الثاني إصحاح 7 عدد 14 : " فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا وَطَلَبُوا وَجْهِي وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِ فَإِنِّي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ ".

4- سفر التكوين إصحاح 3 عدد 21 : " وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا".

أتسأل : أليس ذلك دليل على غفران الله لذنبهما لما صنع لهما الأقمصة؟

5- إنجيل لوقا إصحاح 18 عدد18وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ قِائِلاً:«أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 19فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:«لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. 20أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ». 21فَقَالَ:«هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». 22فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ ذلِكَ قَالَ لَهُ:«يُعْوِزُكَ أَيْضًا شَيْءٌ: بعْ كُلَّ مَا لَكَ وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 23فَلَمَّا سَمِعَ ذلِكَ حَزِنَ، لأَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا جِدًّا. 24فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ قَدْ حَزِنَ، قَالَ:«مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!.....

6- إنجيلِ متى إصحاح 19 عدد16وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ:«أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟» 17فَقَالَ لَهُ:«لِمَاذَا تَدْعُوني صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. وَلكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا». 18قَالَ لَهُ:«أَيَّةَ الْوَصَايَا؟» فَقَالَ يَسُوعُ:«لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. 19أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». 20قَالَ لَهُ الشَّابُّ: «هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي. فَمَاذَا يُعْوِزُني بَعْدُ؟» 21قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 22فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرَةٍ....

نلاحظ من نصوص الإنجيليين : أن المسيحَ لم يقل للسائلِ : هل تؤمن بعقيدةِ الفداءِ والصلبِ؟ لا ، بل قال له : تشهد أن الله Iوحده هو الإله الصالح ( أي: توحِّد الله ) ، ثم تأتى بوصايا موسى ، و بالأعمالِ الصالحة....



ثانيًا : نصوص ذكرها بولس تفيد بأن المسيح غفر ذنوب كل من آمن بصلبه...!

1- رسالتِه إلى العبرانيين إصحاح 9 عدد 22 " وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيباً يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ! ".

2- رسالته إلى غلاطية إصحاح 3 عدد 13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ». لا تعليق !


كتبه / أكرم حسن مرسي
الأحد /17/3/ 2013 م
الساعة التاسعة مساءا