الحق والقوة
يجب أن نعلم جيدا أن سيرة رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ليست فقط روايات وأحداث وإنما هي منهج حياة مرتب من قبل الخالق عز وجل ،فمن هذه السيرة المنهجية علينا أن نستنبط الخطوات الحقيقية الصحيحة والواجب المترتب على حياتنا ووجودنا على هذه الأرض.
وهنا سنبدأ من قاعدة ذهبية :
الدنيا: حق - وباطل
والقوة : إما أن تكون مع الحق - أو أن تكون مع الباطل
فإذا كانت مع الباطل ظل الحق مغمورا مسلوبا منكس اللواء والناس في ضياع - أما إذا كانت القوة مع الحق يصبح ظاهرا واضحا ناصبا للوائه والناس يجتمعون حوله.
وهذه القاعدة تمثيل مبسط على ما في سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام .
فقد بد أعليه الصلاة والسلام الدعوة سرا فجهرا وكانت دعوة حق حدثت خلال فترتها تلك معجزات ونبوءات وهكذا ..أمور كلها مؤيدة للرسول عليه الصلاة والسلام أي مؤيدة للحق ،فاجتمع حول الحق القليل ولكن لم تكن معهم القوة فلو استمرت الدعوة هكذا حق بلا قوة دون حروب وغزوات –والتي هي مقياس القوة في ذاك العصر –لبقي الحق مغمورا منكس اللواء وبقي الناس في ضلالتهم لا يدرون بأمر الدعوة وحقيقتها .
لذا كانت غزوة بدر ، والتي هي من أعظم الغزوات والتي كانت في مضمونها غزوة على قافلة للمشركين والهدف منها الاستيلاء على القافلة أو الانتصار على المشركين وقتلهم فبالأولى ستتحقق القوة المادية وبالثانية ستتحقق القوة المعنوية ،وبقتل القليل من الكفار ولنقل رؤوس الكفر – المكذبين الطغاة الذين آذوا وعذبوا وذبحوا الضعفاء بغير ذنب-أصبحت القوة مع الحق الذي هو الإسلام ليسد وينتشر ويعلو ويتنبه الناس له ويحيطون به، وهكذا سميت غزوة بدر بيوم الفرقان والتي فرق الله بها بين الحق والباطل وأصبحت القوة مع الحق فعلا وارتفع لواء الإسلام.
*بإسقاط هذا كله على واقعنا الحالي نستخلص وبوضوح واجب كل مسلم منا .والذي هو: -اتباع الحق .
-نشر الحق .
-تحقيق القوة.
-وكنتيجة طبيعية اجتماع الحق والقوة سيؤدي لرفع لواء الحق أي:
((( أي سيادة الإسلام على هذه الأرض )))أي سيادة الحق .
اتباع الحق :
أي التزام الإسلام بما فيه من عبادات وأخلاقيات .
فالعبادات : مثل الصلاة ،الصيام ،الذكر ،الدعاء ،قراءة القرآن ،حفظه،العلوم الدينية...
والأخلاقيات :مثل بر الوالدين ، البعد عن الكذب والغيبة والنميمة والغش والتجسس والحسد والبغض ، صلة الأرحام والأصدقاء...
ملاحظة: وليكن لكل منا برنامج عبادي خاص به حسب وقته وقدرته ، يتطور هذا البرنامج مع تطور صاحبه .
نشر الحق :
وذلك بالدعوة للإسلام وتعاليمه من عبادات وأخلاق وبكل الطرق .
ونقول هنا أن وسيلة الاتصال لدى الإنسان هي حواسه الخمس: بها يدرك ما حوله فيأخذ الانطباعات ويتأثر و( يؤثر) فيجب على المسلم أن يعتمد على كل تصرفاته وأقواله وأحواله في الدعوة لا أن يقتصر بالدعوة الكلامية .
فلا يرى ولا يسمع ولا يلمس... منه إلا الحق. إذا عليه نشر الحق بما يبدر عنه .
تحقيق القوة :
وهذا يكون كل حسب ما منحه الله له من ميزات وصفات وحسب وضعه ومجتمعه ومن حوله والمركز الذي وصل إليه وهكذا ..
فإذا كانت القوة قديما قوة السيف والجسد والحرب فالقوة الآن هي أولا قوة العلم والعقل .
فنحن ليس علينا أن نسمع سير الصحابة وكيف جاهدوا وقاتلوا وتفانوا لنصرة الحق والدين ونقول لو كنت معهم لفعلت وفعلت أما الآن لا أستطيع شيئا . لو كنت صادقا حقا ابذل وتفانى واعمل وضحي ولكن لتحقيق قوة العصر التي هي قوة العلم والعقل وطبعا كل حسب اختصاصه وعمله ، فليس لدينا أية حجة نتعلل بها مهما كانت .
وفي النهاية نقول :
بما أن الجزاء من جنس العمل فجزاء هو جنة عرضها كعرض السماوات والأرض فيها وفيها ..ورضوان من الله أكبر لا بد أن يكون العمل له صعبا شاقا يبذل له الكثير ويتفانى من أجله.
- فأنت أيها المسلم مخير :
إما أن تقوم بواجبك فتلتزم الحق وتنشره وتقوي نفسك لترتفع بين الناس وتصبح لك مكانتك فترفع الحق معك وتظهره للناس فيؤمنون به وتكون قد قمت بواجبك بإذن الله وعملت ما يوصلك للجنة إن شاء الله .
أو ألا تقوم بهذا الواجب وترضى القعود فتكون من الذين اثاقلوا إلى الأرض وآثروا راحة الدنيا على راحة الآخرة وما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل.
نرجو من الله عز وجل أن يوفقنا على خير العمل وخير الجزاء وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه. وصلى الله على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.