إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .

و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين

أما بعد :

فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هم أشرف الخلق و أتقاهم لله اصطفاهم الله لتبليغ أوامره و نواهيه و ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور ،ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد و من أركان الإيمان الستة الإيمان بهم ،و يتضمن الإيمان بهم توقيرهم واحترامهم و حبهم ، وتصديقهم فيما أخبروا ، و اتباع دينهم وشريعتهم ، و اتخاذهم أسوة و قدوة و عدم الكلام عنهم إلا بما هو خير و اعتقاد عصمتهم من الشرك والكبائر والصغائر المخلة بالمروءة و القادحة في دعوتهم و نفي كل ما يقدح في أشخاصهم أو نبوتهم ورسالتهم و قد اختلف العلماء في جواز وقوع صغائر الذنوب منهم فذهب قوم إلى جوازها، إلا أنهم لا يقرون عليها، بل ينبهون فيتوبون و يستغفرون . و ذهب آخرون إلى امتناع ذلك عليهم محتجين بأنهم أسوة و قدوة ، و أولوا ما ورد في ذلك مما ظاهره إثبات الذنوب للأنبياء واستغفارهم منها و القول الموافق لظاهر نصوص الكتاب والسنة و الموافق للآثار المنقولة عن السلف هو عدم عصمتهم من الصغائر التي لا تخل بالمروءة والشرف مع عدم الإقرار عليها فالخطأ من طبع البشر والأنبياء بشر يقع منهم الخطأ و إن كانوا لا يقرون على الخطأ فيأتي الوحي بالتصويب والتسديد و لما في القول الآخر من الغلو في الأنبياء و من تأويل ظاهر النصوص بلا دليل صحيح صريح خال من معارض معتبر و من مخالفة ما كان عليه السلف و من موافقة الشيعة في غلوهم في الأنبياء أحببت في كتابة هذه السطورة حتى لا يغتر أحد بأدلة القول الآخر المخالف للكتاب و السنة و ما نقل عن السلف و قد اغتررت بها حينا من الدهر ثم هداني الله إلى الصواب و الحمد لله رب العالمين.