والان سوف يكون من السهل علينا تحليل إدعاءات النصارى حول كتابهم المقدس ....
فصل الحنطة عن قشرها:
قبل أن نبدا بفحص النوصوص المختلفة ، يجب أن نوضح إيماننا بكتب الله ، فعندما نقول: إننا نؤمن بالتوراة والزبور والانجيل والقراَن ، ماذا نعني حقاً؟ نحن نعلم أن القراَن هو كلام الله المعصوم من التحريف ، وهو الوحي المنزل على رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم - وهو محفوظ تمام من أي تزييف أو تحريف منذ أربعة عشر قرناً ، وقد اعترف بذلك حتى من انتقدوا الإسلام بضراوة: ((إن هذا القراَن هو الكتاب الوحيد الذى بقي على حاله دون تغيير في خلال اثنتي عشر قرناً (( الان اربعة عشر قرناً)) - السيد ويليام ميور.
واما عن التوراة التي نؤمن بها نحن المسلمين فهي تختلف عن التوراة التي يؤمن بها يهود ونصارى هذا العصر ، ولو أن الكلمتين متشابهتان . نحن نؤمن بكل ما قاله موسى عليه السلام لقومه ، فقد كان هذا وحياً من عند الله ، ولكننا لا نؤمن بأن موسى هو مؤلف تلك الكتب الخمسة المنسوبة إليه عند اليهود والنصارى ( وسوف نتناول هذا في فصل اَخر).
كما أننا نؤمن بأن الزبور هو ما أوحاه الله لسيدنا داوود - عليه السلام - ولكن مزامير داوود التي تنسب إليه الاَن ليست هي الوحي . وحتى النصارى لا يصرون على الرأي القائل بأن داوود هو مؤلف ((مزاميره)) ( وسوف نتناول هذا ايضاً في فصل اَخر) .
وماذا عن الإنجيل؟ والانجيل يعني البشارة وهي ما كان يبشر بها عيسى عليه السلام . ومؤلفو البشارة عادة ما يذكرون حادثة ذهب فيها عيسى ليبشر بما جاء به ( الانجيل):
1 - (( وكان يسوع يطوف المدن ... ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كل مرض وكل ضعف)) . (متى 9 : 35) .
2 - (( ومن اهلك نفسه من اجلي ومن أجل الإنجيل يخلصها)) (مرقس 8 : 35) .
3 - (( واذ كان في أحد الأيام يعلم الشعب في الهيكل ويبشرهم ...)) . ( لوقا 20 : 1).
والبشارة كلمة تتكرر كثيراً ، ولكن! ما هي البشارة التي كان يبشر بها عيسى ؟ فمن بين السبعة والعشرين كتاباً في العهد الجديد ، لا يقبل منها إلا القليل جداً ككلام عيسى . والنصارى يتباهون بالإنجيل (البشارة) كما دونه القديس متى ، وكما دونه القديس مرقس ، وكما دونه القديس لوقا ، وكما دونه القديس يوحنا ، ولكننا لا نجد البشارة كما دونها القديس عيسى نفسه! فنحن نؤمن بإخلاص بأن كل ما كان يقوله عيسى عليه السلام - كان وحياً من الله و بأنه هو الانجيل والبشارة الى بني إسرائيل . وخلال حياته لم يكتب عيسى كلمة واحدة كما أنه لم يأمر احداً بالكتابة . وما نراه الان من بشارات إنما هي أعمال ايد مجهولة!
والسؤال الماثل أمامنا الآن هو: (( هل تؤمن بأن الكتاب المقدس كلام الله)) ، وهو عادة ما يكون في شكل تحدٍ ، فالسائل لا يبحث هنا عن تنوير بل عن مناقشة و مناظرة . وهنا يكون لنا الحق ايضاً أن نسال بنفس الطريقة(( عن أي كتاب مقدس تتحدث))؟ فيرد مغمغماً: (( لا يوجد إلا كتاب مقدس واحد طبعاً) .
كتاب الكاثوليك: فامسك نص (( دووي)) DUOAY للرومان الكاثوليك وأسال ، (( هل تؤمن بأن هذا الكتاب هو كلام الله)) ؟ ، فيُفاجأ النصراني ، ويسال (( أي كتاب هذا)) ؟ فاذكره قائلاً: (( حسبتك قلت بأنه لا يوجد الا كتاب مقدس واحد)) . فيهمس متردداً: (( ن- ع- م ، ولكن أية نصوص هذه)) ؟ فأسأله: (( وما الفرق )) ؟ المشكلة هي انه يوجد فرق ، والواعظ المحترف يعلم ذلك ، ولكنه كان يحاول أن ينجح بالخداع فيدعي وجود (( كتاب واحد)).
طُبع كتاب الرومان كاثوليك في ريمز عام 1582 من اللاتينية ، واعيد طبعه في دووي عام 1609 ، وبذلك تكون نصوص الرومان كاثوليك هي اقدم نصوص مطبوعة يمكن شراؤها اليوم . و بالرغم من قدمها إلا أن البروتستانت يرفضون هذه النصوص لأنها تحتوي على سبعة كتب إضافية يسمونها ( الابوكريفا Apocrypha) : أي الكتب المشكوك في صحتها ، وقد اغفل الجميع ما جاء في رؤيا القديس يوحنا ( 22 : 18 -19) ((... من زاد شيئاً على هذه يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب . ومن اسقط من كلمات هذه النبوة يسقط الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة و مما كتب في هذا الكتاب )) .
ولكن من يهتم بذلك ! لأنهم لا يؤمنون حقاً ! فالبروتستانت كانت لديهم الجرأة بحذف سبعة اسفار من كتاب ربهم ، وهم: سفر طوبيا ، سفر يهوديت ، سفر استير ن ونبؤءة باروك ، الــخ ...
كتاب البروتستانت :
وقالها السيد ونستون تشرشل عن نص النسخة المفوضة التي تدعى نص الملك جيمس عند البروتستانت : (( طبعت النصوص المفوضة من الكتاب المقدس عام 1611 بإرادة وامر من صاحب الجلالة الملك جيمس الأول ، الذي نجد اسمه على هذا الكتاب الى يومنا هذا)) .
وبالرغم من ذلك فإن الكاثوليك - مع عدم إيمانهم بهذا الكتاب - يجبرون معتنقي النصرانية الجدد على شراء نص الملك جيمس ، وذلك لنها النصوص الوحيدة المترجمة إلى الف وخمسمائة لغة من لغات العالم النامي ، وذلك فهم يساعدون البروتستانت على إنتشار هذه النصوص ، والنتيجة هي أن معظم النصارى - كاثوليك وبروتستانت - يستعملون نصوص الملك جيمس أو النصوص المفوضة كما يدعوها البعض .
الاطراء الحار: ولنرَ الان رأي النصارى في هذه النصوص التي طبعت لأول مرة عام 1611 ، ثم عُدلت عام 1881 فسميت بالنصوص المنقحة ، ثم نقحت أكثر وسميت ال R.S.V. عام 1952 ، ثم أعيد تنقيحها عام 1971:
- (( من أحسن النصوص التي أنتجت في هذا القرن)) ( جريدة الكنيسة الانجليزية) .
- (( ترجمة نقية حديثة بواسطة علماء من ارفع المقامات)) ( ملحق التايمز الإدبي ) .
- (( إنها تحوي مميزات النصوص المنقحة المحبوبة متحدة مع ترجمة صحيحة)) . ( الحياة والعمل) .
- (( كان الاداء في الترجمة اقرب ما يكون الى الأصل)) . ( التايمز) ز
وتقول دار النشر ( كولينز) في ملاحظاتها عن الكتاب المقدس ص 10: (( ان هذا الكتاب المقدس هو ثمرة جهد اثنين وثلاثين عالماً في علم اللاهوت ، ساعدهم فيها هيئة استشارية تمثل خمسين طائفة دينية متعاونة )) . وإنني اتساءل لِــمَ كل هذه المباهاة ؟ هل السبب إغراء الجمهور لشراء هذه السلعة ؟ كل هذه الشهادات تُعطى للمشتري حتى يعتقد أنه راهن على الحصان الأصلح ، وهو لا يدري انه خاسر هذا الرهان .
الكتاب الأكثر شيوعاً في العالم:
ولكن ماذا عن النصوص المفوضة للكتاب المقدس ، المسماة ، (( الكتاب الاكثر شيوعاً في العام )) ؟ إن العلماء الذين راجعوا هذه النصوص ، وهم الباعة البارعون ، لديهم كلام رائع عنها . ففي الصفحة الثالثة من مقدمة النسخة المنقحة نقرا:
(( إن نسخة الملك جيمس قد اطلق عليها (( انبل إنجاز في النثر الانجليزيي)) . فمراجعوها عام 1881 أعجبوا ببساطتها ، وسُمُوّها ، بقوتها ونغماتها المرحة ... وإيقاعها الموسيقي وتعبيراتها اللبقة ، فقد دخلت في تكوين خصائص المؤسسات الحكومية في الدول المتحدثة باللغة الانجليزية ، ونحن مدينون لها كثيراً)
ةهل تتصور يا عزيزي القارىء إطراء أروع من هذا ؟ أنا شخصيا لا اتخيل ما يمكن أن يفوقه . والآن فليستعد القارىء النصراني لأ فظع صدمة ممكن أن يتلقاها وهي من علماء دينه المحبوبين ، فهم يقولون في نفس الوقت: (( ولكن نصوص الملك جيمس بها عيوب خطيرة جـــداً ... وإن هذه العيوب و الاخطاء عديدة و خطيرة مما يستوجب التنقيح في الترجمة الانجليزية )) .
هذه هي اراء العلماء المراجعين الذين يعتبرهم العالم النصراني من ارفع المقامات في عالم اللاهوات . _ يتبع _