فتنة السلطان


روى الترمذي وأبو داوود والنسائي والبيهقي في الشعب والبخاري في الكنى وأحمد وصححه أحمد شاكر, وقال الترمذي حسن صحيح غريب عن ابن عباس رضي الله عنهما , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من سكن البادية جفا , ومن اتبع الصيد غفل , ومن أتى السلطان افتتن ) .

وأخرج أحمد والبيهقي بإسناد صححه السيوطي وحسنه الزين , عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من بدا جفا , ومن اتبع الصيد غفل , ومن أتى أبواب السلطان افتتن . وما ازداد عبد من السلطان قرباً إلاَّ ازداد من الله بعدا )

وهذا باب واسع تكفي الإشارة إليه بهذين الحديثين لإثبات هذا النوع من الفتن , خاصة وأن أصحاب السلطان في هذا الزمان هم دعاة الفرقة السفهاء . والقنوات الفضائية الناطقة بالعربية زاخرة بهذا النوع من المفتونين .

الفتنة التي يُرى فيها الحرام حلالاً والحلال حراماً , وهي التي وردت في حديث حذيفة الموقوف الذي أخرجه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في التلخيص فقال على شرط مسلم . عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال : ( إذا أحب أحدكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا فلينظر فإن كان يرى حلالاً كان يراه حراماً فقد أصابته الفتنة , وإن كان يرى حراماً كان يراه حلالاً فقد أصابته الفتنة ) .


ونحن في هذه الأيام السود من تاريخنا صرنا نرى المفتونين على القنوات الفضائية ونسمعهم يجعلون قتال الدفع إرهاباً وبدعة وحراماً في الوقت الذي يجعلون فيه العمالة لأمريكا ومعاونتها والقتال إلى جانب جيشها ضد المسلمين حلالاً وسُّنة وطريقاً إلى الجنة !
ويجعلون الفرقة سُنـَّة .

ففلسطين للفلسطينيين والعراق للعراقيين وهكذا , في الوقت الذي يجعلون فيه السوري في لبنان غريباً والشامي أو النجدي أو الحجازي في العراق غريباً . أي أنه بدعة وليس من السنة
ويجعلون الأمريكي حليفاً والمجاهد عدواً .

ويعتبرون أمراء الفرقة أئمة يعاملون معاملتهم ويطاعون في تعطيلهم الجهاد وقتلهم المسلمين في الوقت الذي يعتبرون فيه الدعوة إلى الجماعة على إمام فتنة وأمنية .

يحلون الربا والردة ووجود الأحزاب القائمة على الكفر ,
ويعتبرون الخلافة من السياسة لا من الدين .

وننصح هؤلاء الذين أصابتهم الفتنة أن يعيدوا النظر في مواقفهم .
وعليه يمكن القول إن الفتنة الأولى فتنة التفرق وغياب الجماعة على إمام التي وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بالعمياء الصمَّاء , هذه الفتنة قد مهدت لكل ما نحن فيه من فتن في هذا الزمان .

مهدت لخروج الدجال , وطلوع قرن الشيطان أو قرنيه , وضيق الدنيا على المسلم بحيث عمَّ الشر فلا يجد مكاناً يلجأ إليه مطمئناً إلى ظهور دينه , وحيرة الحليم وانقلاب الحلال حراماً والحرام حلالاً والبدعة سُنـَّة والسُنـَّة بدعة , وغير هذه من الفتن المتفرعة عنها أو مما لم نفطن إليه .

من كتيب : ذكرى لخير أمة أخرجت للناس صفحة : 33 إلى 36 .
الشيخ عبد الرحمن العقبي . بيت المقدس 1426 ه


مواضيع مشابهة

https://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=5984