سألني الفاضل الجهاد الحسن هذا السؤال بالحرف الواحد :

سؤالي هو : هل برأيك الله قادر على كل شئ و لا يعسر عليه أمر ؟
مثل ما اتفقنا الرد لا يكون بتعجل لان السؤال يبدوا سهلا لكنه ليس كذلك !


**********************************


ولم استعجل .... ورددت عليه بالآتي :




عزيزي المحترم الجهاد الحسن .....

كثيرا ما تساءل المؤمن مثل الملحد بقدرة الله .....
هل هي مطلقة أم مقيدة ...... ؟
وأنا أقول مستعينا بالله الواحد :
وان كانت مطلقة فمن ذا الذي أطلقها ؟
وان كانت مقيدة فمن الذي قيدها ؟
اجابتي للسؤالين : الله .

فهل تقييد القدرة هو عجز ؟؟؟؟؟ لا طبعا ..... فمن استطاع فعل كل شىء اذا أراد ثم امتنع عن ذلك أيضا لأنه أراد يعني أنه قادر على كل شىء .

حسنا ....
اذا كان الله قد أطلق قدرته وعند أمور ما قيدها .... فما السبب لهذا التقييد .

أقول مستعينا بالله :

اليكم هذا المثال ....
ان الله عادل .... ولكن هل يستطيع أن يكون ظالما ؟
اجابتي من حيث الاستطاعة ( القدرة ) : نعم يستطيع ولكنه الله الذي أحاط ذاته بمشيئة مطلقة ألا يظلم أحدا .... وهكذا لا يكون على الرب خطيئة واحدة اتجاه ذاته أو اتجاه مخلوقاته ....

لذا استحق الالوهية والكمال .


حسنا ....
ماذا لو كانت قدرة الله مطلقة دون ان تقيدها حكمته ؟

سيكون هذا الكون دمارا ....
حيث ان قدرة الله سوف تكون نوعا من انواع الاستعراض على العباد .....
فيقوم الرب بخسف الارض على الابرار .... وأخذ المولود والقائه في نار جهنم بلا سبب ....
بحجة أنه قادر على كل شىء .... وأخذ الشرير بقدرته واسكانه في الفردوس ....
بينما الابرار ينظرون الى قدرته ويشهدون انه القادر على كل شىء .

ان القدرة كما ترى ليست استعراضا مطلقا .....
فان الفارس الذي يستطيع أن يجعل الخيل الاصيل يجري لمسافات دون توقف ثم يجعل خيله يتوقف عند حافة منحدر عميق بمهارة واتقان .... هو فارس قدير بلا شك .... ولله المثل الأعلى .
ألست معي في هذا ؟
والآن ما الذي يجعل الفارس القدير يميز أين يجري وأين يتوقف ؟
أليست الحكمة واحتساب ما يستوجب سلامته وسلامة الخيل الذي هو طوع ارادته ؟
ما حاجة الفارس أن يجعل خيله تنحدر به في وادي موت عميق لينقذ أناس يقعون فيه ....
بينما هو قادر أن يبقى على فرسه شامخ الرأس فيجعل خيله تطير ليلقف الذين يهوون وينقذهم ....
فاذا تطلعوا الى منقذهم وجدوه فارسا يبتسم لهم في عزة ومحبة ....
فهو قد حمى نفسه من الخطر وبقى نظيفا في ملابسه وحمى خيله الاصيل بلا خدش ولا جرح وأنقذ أناس قادر على انقاذهم دون أن يضطر أمام عجزه أن يفعل شىء يخدشه بجرح حتى ينقذ الذين يتطلعون لقدرته .


وهنا ....
وبعد ان شرحت لك أيها الفاضل الجهاد هذا المثال ولله المثل الأعلى ....
فان الله اذا كان قادر على كل شىء وقام بتقييد قدرته بأن يتمثل في القاذورات أو في موضع الاهانات .
فان تلك قدرة أيضا لأن الله حكيم يعطي كل شىء حقه عبر قدرته ....
يعطي ذاته الحق بأنه القدوس الذي لا تنقطع قدرته أبدا لأى سبب كان .....
ويعطي الناس حقوقها بأن لا يظلم أحدا منهم .....
نعم هو قادر أن يظلمهم ولكنه قادر أن لا يظلمهم ..... واختار عدم الظلم لأنه العادل .... والاختيار هو المشيئة المطلقة التي لا يقيدها شىء أمام حكمته وعدله المطلق .

وعلى أثر ما سبق ....
اذا كان هناك جسد بشري سوف يتم اهانته وضربه بقصبه على رأسه ويتم صفعه ويتم شتمه والبصق عليه .
يأتي سؤال ( على نفس المنوال ) : أتنكرون قدرة الله أن يتجسد به ؟

ولله المثل الأعلى .....
انه القدوس .....
فما قولكم اذا جاء ملك في الارض وقال لشعبه أنا أستطيع أن أفعل أى شىء وآمر بأى شىء ....
فيركع على ركبتيه ويقلد البغل ويأمر خادمه أن يركله ويجلس على ظهره ....
فقط ليثبت قدرته على أن يكون بذلك الموقف ....
وما ان يقوم .... يضرب له الجندي الذي ركله وركب على ظهره سلاما بينما بداخله يشعر بعدم الاحترام الى ذلك الذي رضى لأى سبب من الأسباب أن يكون في ذلك الموقف ليثبت قدرته على ذلك ....
لكن الخادم وجد من وقتها صعوبة أن يحترم ذلك الملك الذي لم يحترم نفسه بمشيئته تلك وصورته الهزلية التي جعل شعبه واتباعه وخدمه ووزرائه ينظرون له كيف أنه قادر أن يسمح لخادمه أن يركله ويركب على ظهره !

عزيزي الجهاد الحسن ....
الله قدوس لا تنقطع قدسيته لأى سبب من الأسباب ....
فليس لانه قادر أن يكون في جسد ليسموه الاله المتجسد .... ثم يسمح لمخلوقاته أن تهينه ....
أن ننسب الى الله سماحه بذلك في حق ذاته لمجرد أن نشهد له بالقدرة أو لأن الرب لم يجد سوى هذه الطريقة ؟!

لذا ....
لا يقيد قدرته المطلقة سوى قدرته المقيدة ....
وذلك لأن مشيئته اختيار .... والله لا يختار الا العدل دون خطيئة ....
فهو قادر أن يختار في توجيه قدرته وتقييدها ... وهذا بحد ذاته قدرة ....
ولكن تلك القدرة معيارها اعطاء الحق للجميع ومنهم ذاته .....
يعطي لذاته قدسية مطلقة لا ينفيها بقدرته ....
ويعطي الناس عدلا مطلقا لا يظلمهم بقدرته على الظلم لأنه اختار عدم الظلم .


هذا ملخص ( ليس كوبي بيست ) لكنه نتاج ايماني الحق بقدرة الله العظيم وقدسيته التي لا تنقطع لاى سبب من الأسباب .



أرجو أن تكون الصورة واضحة ....
بأن الله قادر أن يقيد قدرته بحسب حكمته ومشيئته وعدله في ذاته وفي مخلوقاته .....
لذا فقدرته المطلقة وقدرته على تقييد تلك القدرة المطلقة حتى لا يظلم أحدا هي بحد ذاتها تتماشى مع أنه القادر على كل شىء وفق اختياره الحكمة والعدل وقدسيته المطلقة .


أتمنى أنك استفدت من تحليلي هذا .




أطيب الأمنيات لك من نجم ثاقب .