أقباط يطالبون نائبا إخوانيا بحل مشاكلهم

القاهرة - محمد جمال عرفة - إسلام أون لاين نت/ 8-12-2005


د. أكرم الشاعر

رغم حملة التخويف الإعلامية الضخمة داخل وخارج مصر من تأثير فوز جماعة الإخوان المسلمين بنسبة مقاعد عالية في برلمان 2005 على الأقلية القبطية في مصر وصدور تصريحات من رموز ثقافية قبطية تحذر من خطر هذا الصعود الإخواني، تقدم قرابة 400 مسيحي من أبناء إحدى دوائر مدينة بورسعيد (شمال) بمذكرة إلى مرشح الإخوان الفائز د. أكرم الشاعر، يعرضون فيها مشاكلهم في الدائرة ومشاكلهم العامة كأقباط ومشروعًا متكاملاً للعلاقة بين المسيحيين والإخوان.

وصرح نائب الإخوان د. أكرم الشاعر أن الوفد المسيحي الذي قدم له المذكرة التي تتضمن 18 بندًا مختلفًا، أكد له أن مسيحيي بورسعيد أعطوه أصواتهم إيمانًا منهم بأن الإسلام دين يؤمن بحرية العقيدة والأديان، وأنهم طالبوه بتقديم دعم للكنائس.

وأضاف أن أهم ما جاء بالمذكرة دار حول رغبة المسيحيين في إقامة وزارة للأوقاف المسيحية، وحل مشكلة طلاق المسيحيين؛ لأن هناك 300 ألف حالة من الزوجات بين المسيحيين في حكم "المعلقة" والكنيسة ترفض الطلاق، إضافة إلى حث نائب الإخوان على مطالبة البرلمان بتطبيق قواعد الشريعة بشأن الطلاق على الأقباط.

وشككت صحيفة روزاليوسف الحكومية 4 ديسمبر 2005 في هذه المذكرة التي قالت: إنها تمت دون علم الكنيسة، ونقلت عن راعي الكنيسة الإنجيلية في بورسعيد وكاهن كنيسة مارجرجس ببورسعيد عدم علمهما بهذا اللقاء. وقالوا: إن "عادل جرجس" -رئيس الوفد المسيحي الذين تولى لقاء نائب الإخوان- لا يمثل الكنيسة في شيء، ونفوا وجود أي تحالف بين الكنيسة ونائب الإخوان.

مشروع مدني لحل مشاكل الأقباط

بيد أن "روزاليوسف" عادت لتؤكد مرة أخرى الأربعاء 7 ديسمبر 2005 أن "مسيحيي بورسعيد قدموا للإخوان مشروعًا مدنيًّا لحل مشاكلهم". وقالت: إن المذكرة التي قدمها الوفد المسيحي لنائب الإخوان تضمنت "مشروعًا ليبراليًّا مدنيًّا بشأن حل بعض المشاكل العالقة لأقباط مصر، وأن نائب الدائرة وعد بعرض المذكرة على مكتب إرشاد جماعة الإخوان".

وتقول مذكرة الأقباط: "إنه في ظل مزايدة البعض داخليًّا وخارجيًّا عل حقوق الأقباط كأقليات والتشدق بالاضطهاد المستمر الذي يعانون منه أشد المعاناة، وقلب الحقائق واختلال الموازين والكيل بأكثر من مكيال لتحقيق مصالح شخصية وإعطاء الفرصة لأعداء الوطن، كان لا بد لنا كشعب قبطي يحب وطنه ولا نمثل إلا أنفسنا ولا نتحدث إلا بلسان حالنا أن نواجه تلك العاصفة التي تتعرض لها البلاد".

وتضيف المذكرة: "رأينا أن هذا لن يتم إلا من خلال حوار شعبي بعيدًا عن أي تحالفات سياسية منتظرة ليس لها أي وجود إلا على صفحات الجرائد ومحطات التلفزيون، وليس لها أي مردود جماهيري في الشارع المصري وبعيدًا عن المؤسسة الراديكالية المسيحية التي شابها الفساد"، على قول "روزاليوسف" نقلاً عن مذكرة أقباط بورسعيد.

نص رسالة المسيحيين

وقد نشر موقع "إخوان أون لاين" على الإنترنت ما قال إنه نص رسالة عادل جرجس مسئول الشباب بكنيسة بورسعيد والذي أرسله لرئيس تحرير "روزاليوسف" ردًّا على ما نشرته الجريدة ضده وضد الدكتور أكرم الشاعر النائب الإخواني تحت عنوان "الكنيسة آخر مَن يعلم باللقاء" والذي ورد به أنه ومجموعة من الأقباط قدموا للدكتور أكرم الشاعر النائب ببورسعيد بعض مطالب الأقباط، وأن الخبر ورد على لسان النائب، وقامت الجريدة باستطلاع رأي الكنيسة في ذلك.

وقال جرجس في الرسالة: "إن الخبر تمت صياغته بما يُوحي للقارئ بأنه كقيادي مسيحي ببور سعيد على رأس تنظيم مسيحي سري يتعاون مع الإخوان المسلمين وهي جماعة محظورة، الأمر الذي اعتبره تشهيرًا وإساءة له"، وأكد أن حواره مع الدكتور أكرم الشاعر النائب عن الدائرة الثانية ببورسعيد "حوار سياسي بين أحد نواب الشعب ومواطن في دائرة نيابية".

وأضاف جرجس: "إن ممارسة الحياة السياسية مكانها الطبيعي هو الأحزاب والمؤسسات السياسية وساحات العمل الشعبي والسياسي وليس للمؤسسات الدينية حق التدخل في الحجر على حرية الرأي والشجب والاستنكار"، وأن "الكنيسة كمؤسسة دينية واجبها روحي واجتماعي ودورها ليس دورًا سياسيًّا بنص الكتاب المقدس (أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله)، والتقنين الكنسي والكنيسة عملها روحي دعوي اجتماعي بنص المادة 44 من التقنين الكنسي (سلطان الأسقف لا صلة له بسلطان هذا العالم المادي)".

وأضاف: "ولذلك ليس للكنيسة الحق في مصادرة الآراء واستنكارها والقول (كما جاء على لسان القمص المذكور بالخبر) بأن المطالب الشخصية يجب تقديمها إلى القيادات الدينية؛ لأن هذا يحول الكنيسة إلى مكتب اتصال سياسي بين الشعب ومؤسسات الدولة، وفي هذا إلغاء لدور الدولة في إدارة مصالح الأقباط ونسف للديمقراطية المنشودة".

وجاء في الرسالة أيضًا أنه ليس من حق أي كنيسة في مصر أن تدعي أنها تُمثل الأقباط؛ لأن الأقباط في مصر ينتمون إلى طوائف وكنائس مسيحية مختلفة، فالكنيسة التي تمثل هؤلاء لا تُمثل أولئك، ولكن الذي يمثل الجميع سياسيًّا هم نواب الشعب الذين جاء بهم عن طريق صناديق الاقتراع".

جدير بالذكر أن أصواتًا من مثقفي مصر تعاملت بحالة من القلق مع فوز مرشحي الإخوان بنسبة عالية من مقاعد البرلمان، وصرح د. ميلا حنا أحد المثقفين الليبراليين بأنه لو حصل الإخوان على أكثر من 50% من مقاعد البرلمان ووصلوا للحكم فسوف يغادر مصر ومعه أقباط آخرون، بيد أن عددًا أكبر من المثقفين الأقباط نفى هذا واعتبر تصريحات حنا نوعًا من القلق المبالغ فيه.

إلا أن صفحات الصحف المصرية المختلفة امتلأت باستطلاعات الرأي والمقالات والتحقيقات حول هذه القضية المتعلقة بتأثير فوز الإخوان وصعودهم السياسي، ومنه تأثير هذا على الأقلية القبطية (5% في تقديرات رسمية و10% وفق تقديرات قبطية).

وقال اثنان من كبار رموز المرشحين الأقباط: إن الإخوان ساندوهم في الانتخابات ولم يرشحوا أحدًا ضدهم، فيما صدرت عشرات التصريحات من جماعة الإخوان تشدد على أن أقباط مصر لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وأن لهم حق تقلد كل المناصب باستثناء منصب رئيس الجمهورية؛ لأن الدستور -الذي ينص على أن يكون رئيس الدولة مسلم- يمنع هذا.