أكد البروفيسور ستوب آلان، الأستاذ السابق بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن الجامعة منذ نشأتها وافتتاحها عام 1919 لا تحمل سوى سوء النوايا لمصر والمنطقة العربية، مشيرًا إلى أن هناك ستة من أصل تسعة رؤساء لها يعملون كمبشرين بروتسانت أو عملاء للاستخبارات الأمريكية أو موظفين بالخارجية.
وقال آلان، في تصريحات خاصة بـ "المصريون"، إن بداية الجامعة كانت مع مؤسسها تشارلز واطسون الذي ظل رئيسًا لها لمدة 25 عامًا، والذي ولد بالقاهرة عام 1873 وتعلم اللاهوت في "بتسبرج" ومعهد "برنستون" اللاهوتي وكان حلمه إقامة جامعة مسيحية بالدلتا تخدم الوجه البحري.
وأكد أن واطسون انُتخب سكرتيرًا مراسلاً لهيئة الإرساليات الأجنبية، وساعده الأيمن روبرت ماكلينهاين وهو من مبشري الإرسالية الأمريكية بمصر ، ويتحدث اللغة العربية بطلاقة، حتى أن واطسون أسند إليه منصب عميد الآداب والعلوم بالجامعة الأمريكية.
وأوضح آلان أن التمويل كان العقبة الرئيسية التي واجهت إنشاء الجامعة، فعقد واطسون عددًا من الاجتماعات التحضيرية بين القاهرة وواشنطن واستطاع التغلب عليها بعدما وجد أن التبشير هو مفتاح الكنز، لأنه لا يوجد أي شخص يجرؤ على رفض التبرع من أجل التبشير بالمسيحية.
ولفت إلى أن واطسون دعا الصفوة إلى العشاء في عام 1914، وقال لهم: أنتم الآن تتساءلون عن الشخصية المتوقعة لهذه الجامعة الكبيرة المقترحة؟، وأقول إنها جامعة مسيحية تمجد للمسيح بالعالم الإسلامي، وتحتوي على مدرسة نصرانية للدفاع عن العقيدة المسيحية حيث التبشير لأبناء الوطن والأجانب على السواء، علاوة على مدرسة التربية لإعداد المعلمين لإثارة اليقظة الفكرية ومدرسة للزراعة والهندسة والقانون والإعلام وللأخيرة أهمية كبرى لان رسالة الجامعة لا تمارس فقط داخل سواها ولكن توجه لهؤلاء الذين يقضون خارجها.

وأشار إلى أن الاسم المقترح وقتها "جامعة القاهرة المسيحية"، وبهذا الاسم وصلت التبرعات من الكنائس البروتسانتية حتى تاريخ وضع حجر الأساس إلى 218 ألف دولار، وفكر واطسون في إقامتها بمواجهة الأهرامات لكن الصحف أثارت ضجة حول المكان وأهميته الأثرية فرفضت السلطات البريطانية الموافقة عليه فوقع الاختيار على قصر بشارع القصر العيني يملكه يوناني يدعى جانكليس.
وكشف آلان عن أن صلوات "الآحاد" كانت تقام بكنيسة صغيرة داخل الجامعة تتبعها اجتماعات منظمة يحضرها طلبة الجامعة سواء مسلمين أو مسيحيين أرثوذكس إجباريًا، وتبدأ الاجتماعات بالصلاة وقراءة الإنجيل ثم ترانيم كنسية، ثم تقدم لهم أفلامًا وثائقية وتعليمية إضافة إلى أفلام عن حياة المسيح ومنها فيلم "ملك الملوك".
ولفت إلى أن عمليات التبشير المكثفة والعلنية التي أجادتها الجامعة كانت تتبعها تحول طلاب مسلمين إلى المسيحية البروتسانتية ثم تحول إلى التبشير إلى وسائل إغراء للأطفال المسلمين من الفقراء.
وأوضح أن الجامعة الأمريكية خرجت في الفترة مابين عامي "1919و1945" أجيالاً من المصريين منتمين إلى طبقة البشوات الباكوات ورؤساء المجالس الحاكمة والقضاة متأثرين بالمذهب البروتستانتي.
أما جون بيديو ثاني رئيس للجامعة فعمل كمبشر في العراق ثم قس ومصلح ديني في هولندا، وفي الحرب العالمية الثانية عمل بالمكتب الأمريكي للمعلومات الحربية وكان يتحدث العربية بطلاقة وكان صاحب دعوة فكرية أكثر عمقا ووضوحا أي أنه جمع بين كونه مبشرًا وأحد العاملين بالمخابرات الحربية الأمريكية وتقدم بيديو باستقالته بعد اعتراف أمريكا بإسرائيل، وأعلن وقتها أن الجامعة هي أفضل وسيلة لبسط النفوذ التبشيري للمسيحيين في الشرق الأدنى.
وحسب آلان، كان ريموند ماكلين، ثالث رئيس للجامعة، راعيًا للعديد من الكنائس وكان يجيد لعبة الأدوار وتقرب من الطبقة الحاكمة في مصر، حتى أن الجامعة تنازلت عن بعض شروطها لقبول الطبقة المتوسطة وقام بإلغاء الدراسة يوم الجمعة وتقليص اليوم الدراسي في شهر رمضان، مما دفع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى التدخل واستثناء الجامعة من تفتيش وزارة التربية والتعليم.
ومع تولي توماس بارتليت، رئاسة الجامعة الأمريكية، تبنى نظام عبد الناصر الاشتراكية وتنامت المشاعر المعادية المعادي للولايات المتحدة الأمريكية، فما كان من بارتليت وقتها إلا المطالبة بوقف النشاط التبشيري مؤقتا، وأن يتم اختيار الطلاب وأعضاء هيئة التدريس من الأغلبية المسلمة في مصر.
ولفت الأستاذ السابق بالجامعة الأمريكية إلى أنها شهدت أزمة مالية كبيرة بعد حرب 1967 وبفضل مؤسسة فورد فاونديشين والوكالة الأمريكية للمساعدات الدولية خرجت من أزمتها، موضحًا أن مؤسسة فورد تعاظم دورها التجسسي في السبعينات واهتمت بدراسة المتغيرات الاجتماعية والدينية والثقافية في مصر بهدف التنبؤ بها لمساعدة السياسة الأمريكية على التحكم في مسار التغير داخل مصالح واشنطن.
وفى عام 1973 انتخب مجلس الأوصياء أول رئيس للجامعة لا يحمل شهادة الدكتوراه وهو كريستوفر ثورن الذي بقى خمسة أعوام وكان مهندس اتصالات بين القاهرة وواشنطن وعميلا للمخابرات الأمريكية أثناء فترة رئاسته لها، موضحًا أن هذا الدور يختلف عن ريتشارد بيدرسون الذي ظل رئيسًا للجامعة 11 عامًا حيث كانت العلاقة المصرية الأمريكية في أفضل حالاتها، فبيدرسون كان مندوبًا أمريكيا في مجلس الأمن ومستشارًا لوزير الخارجية الأمريكي وليام روجرز ، فضلاً عن تعيينه سفيرًا للولايات المتحدة بالنرويج.
وأوضح آلان أن أهداف الجامعة قد تبدلت ولم يعد التبشير "البروتسانت" مدرجا في أي أوراق خاصة بها، حيث أصبح الدور السياسي هو الأوضح، وأن تكون الحياة السياسية والحكم في مصر من خريجيها.

http://www.almesryoon.com/ShowDetail...D=66901&Page=1