الرد على شبهة عدم نظافة النبي لوجود القمل في رأسه (حاشا لله)
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لقد وردت هذه الشبهة في أحد منتديات النصارى المشركين ، يرمون بها لإثبات عدم نظافة النبي الكريم ، متسخدمين بعض الأخبار التي وردت عنه صلى الله عليه وسلم. وهذا تفنيد للشبهة من أساسها وهدمهما من قواعدها.
الشبهة تقوم على أكثر من رواية وردت بها جملة معينة.
روى البخاري في صحيحه عن إسحاق بن عبد الله بن أبيطلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول: (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان وكانت تحت عبادة بنالصامت فدخل عليها يوما فأطعمته وجعلت تفلي رأسه)) الحديث.
وهذا الحديث في سنن النسائي وفي الأدب المفرد للبخاري وفي سنن الترمذي.
وروى أبو داود في سننه ((عن زينب أنها كانت تفلي رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم)) الحديث.
والشبهة هنا هي دعوى الخصوم الجهال بأن جملة (تفلي رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم) معناها أن في رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم حشرة القمل ، ومعنى وجود حشرة القمل في رأس النبي صلى الله عليه وسلم دليل على عدم نظافته ، ومعنى أن هذا دليل على عدم نظافته فذلك -على حد قولهم الفاجر- يدل على أن النبي كان غير نظيف (حاشا لله).
وكلها إستنتاجات ، فكيف للذين يستنتجون أن يسوع رب ألا يستنتجون كل هذه الإستنتاجات. ولكن ما تعودنا عليه من عباد الصليب عباد يسوع المصلوب هو خطأ الإستنتاجات عموما ً ، وخاصة لو حاولوا التلفيق على هذا النمط الكريه. وإنهم لا يتتبعون علما ً ولا حقا ً وإنما يتبعون سنة التدليس ومهارة التلبيس ، فهم أتباع بولس الكذاب ، بولس المنافق ، ابن إبليس ، فلا عجب!
وسنورد الرد في نقطة نقطة من الإستنتاجات:
(1) نقد الإستنتاج الأول: لقد استنتجوا من كلمة (تفلي رأسه) أن الرسول صلى الله عليه وسلم برأسه قمل.
وهنا ننقد هذا الإستنتاج الواهي مع العلم بأنه إذا نقضنا هذا الأول فبذلك نكون قد نقضنا جميع ما يليه إذ أن جميع الإستنتاجات قائمة عليه ، فلو كان خطأ فيتبع ذلك بطلان جميع ما يليه!
إن كلمة (فلى) كما في لسان العرب: فلى رأسهُ يفلِيهِ فَلْيًا (يائِيٌّ) بحثهُ عن القمل ونقَّاهُ منهُ.
وهذا نفس ما قاله ابن حجر رحمه الله في شرحه لحديث البخاري (انظر فتح الباري).
والسؤال هنا: هل يستلزم فعل التفلية وجود القمل؟
والجواب ببساطة هو: يقوم الإنسان بتفليه شعره سواء بمساعدة شخص آخر ليقوم بتفليته أو بإستخدام الأمشاط وغيرها في حالتين.
الحالة الأولى: كونه إجراء احترازي ووقائي لما قد يصيب الرأس من هذه الحشرة التي تنتقل بسهولة من شخص إلى آخر ، وذلك لإكتشاف هذه الحشرة قبل التكاثر وقبل أن تزداد في شعر الرأس ، فهي من أساليب الوقاية أيضا ً وليس العلج فحسب. (1) (2)وهذا معروف جدا ً وهذا مما لا شك فيه. ولو سأل صاحب الشبهة أمه أو جدته لعلم هذا جيدا ً.
وكما أن أمور الأمشطة لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلم يكن هناك بد إلا من قيام شخص آخر بهذا الأمر، وذلك الأمر معروف لدى الجميع. ولذلك ليس معنى التفلية هو وجود القمل فعلا ً ، وإنما هو من باب الإحتراز والمنع وليس العلاج فقط.
والحالة الثانية: هي كعلاج بعد التأكد من وجود القمل فعلا ً.
إذا ً ، ليس معنى مجرد التفلية يعني وجود القمل فعلا ً . ولم يذكر ذلك في الأخبار أساس الشبهة ، ولو كان لوجود القمل فعلا ً ، لكان قيل (تفلي رأسه من القمل) أو مثل هذا من المعاني والألفاظ.
وهذا ينقض الشبهة من أساسها ويهدمها تماما ً لأن فعل التفلية لا يستلزم وجود القمل في الرأس ومن الممكن أن يفعل دون الشك في وجود القمل وإنما للوقاية. وكما قلنا أن نقد الإستنتاج الأول يهدم كل ما يليه من الإستنتاجات.
ولكننا سنكمل لكي يكون الكلام أكثر قوة والله المستعان.
نقد الإستنتاج الثاني:
لو أخذنا بأنه لم يوجد من الأصل تفلية كإجراء إحترازي وقائي من حشرة القمل ، وفرضنا جدلا ً وخطأ ً أن التفلية لا تحصل إلا لغرض العلاج من القمل ، هل هذا يدل على عدم النظافة؟
جاء في المكتبة الكشفية (3) على الإنترنت تحت عنوان (أخطار الصحراء) بعض النقاط التي من الممكن أن تعتبر خطرا ً على الإنسان إذا عاش في الصحراء.
وإحدى تلك النقاط كتب ما يلي:
- الحشرات تقريبا من جميع الأنواع تتواجد في الصحراء, والإنسان يعتبر مصدر الغذاء بالنسبة للحشرات, وبالتالي وجود الإنسان يجذب القمل والبراغيث والدبابير والذباب وهذه الحشرات قد تحمل الأمراض.
- المباني القديمة والأطلال والكهوف تعتبر أماكن مفضلة للعيش بالنسبة للعناكب والعقارب والقمل والبراغيث, وبالتالي البقاء في مثل هذه الاماكن يجب أن يكون بحذر.
ومع أن الكلام لا يحتاج لتعليق ولكني أحب أن أعلق تعليقا ً يسيرا ً. بأن هذه البيئة التي نشأ فيها النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الطبيعة الصحراوية التي وجد فيها هي تلك التي ذكرتها المكتبة الكشفية إذ أن ساكن الصحراء غير ساكن المدينة ، والأخطار التي تواجه ساكن الصحاري مختلفة عن التي تداهم أصحاب المدن ، وذلك أمر طبيعي جدا ً وليس عيبا ً وخصوصا ً أن هذه الحشرات (القمل) تنتقل بالعدوى البسيطة جدا ً ، وتلك العدوى تزداد إحتماليتها في البيئات الصحراوية كما سبق وأن أشرنا. فلا يعتبر هذا من باب عدم النظافة أو عدمها.
نقد الإستنتاج الثالث: القمل له علاقة بالنظافة.
كما أشرنا سابقا ً فالقمل لا تحتاج إلى نظافة من عمدها لكي تنتقل من رأس إلى آخر ، وذلك معروف لدى الأطباء.
ومن هذا نورد هذا الشطر الذي جاء عل موقع (طبيب دوت كوم) (4) ، فجاء ما يلي في التعريف بالقمل: ((ليس للقمل علاقة بالنظافة، ولا يعمل كثرة الاستحمام على التخلص منه وقتله.))
وربما يأخذ الإنسان جميع إحتياطاته ومع كل هذا تحدث الإصابة (5) مع أن الإحتياطات في وقتنا الحاضر مع تقدم الأدوات والمضادات ليست نفسها من 14 قرن من الزمان مضوا.
ولذلك من هنا نعرف جيدا ً ، أن تفلية الرأس ليس معناه وجود القمل ، ولو كان موجودا ً فهو ليس عيبا ً وخصوصا ً لو كانت في البيئات الصحراوية وخصوصا ً الذين سكنوا تلك البيئات الصحراوية من مئات السنين فلم يكن لديهم سيارات فركبوا الجمال ولم يكن لديهم مظلات فدخلوا الكهوف ولم يكن لديهم أسرة فناموا على الأرض! وعرفنا أيضا ً أنه لا توجد علاقة بين كثرة الإستحمام أو النظافة بوجود القمل في الرأس لأنها تنتقل بالعدوى من شخص إلى آخر وبسهولة شديدة.
ولهذا نقول: ليس هناك أساس لوجود ذلك المرض عند النبي صلى الله عليه وسلم.
ولو فرضنا جدلا ً بوجوده لا ينم ذلك على عدم نظافته الشخصية.
وبذلك قد فندنا القول الفاجر بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن نظيفا، حاشا لله، فقد كان أطهر الناس وأشرف الناس وأنظف الناس.
هو –صلى الله عليه وسلم- الذي أمر وأرشد إلى نظافة النفس ونظافة الملبس فلا تحل الصلاة في ثوب نجس وهو الذي أرشد إلى نظافة البيت ونظافة الطريق حتى أن إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان.
ووالله لو كتبنا فصولا ً ومقالات عن نظافة النبي صلى الله عليه وسلم لما قدرنا حقه صلى الله عليه وسلم. ولكني أنتهي وأكتفي بقول سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه وهو الأعلم منا جميعا ً برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون . كأن عرقه اللؤلؤ . إذا مشى تكفأ . ولا مسست ديباجة ولا حريرة ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولا شممت مسكة ولا عنبرة أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم." رواه مسلم في صحيحه.
والله ولي التوفيق.
-----
المراجع:
(1)http://pediatrics.about.com/od/headl...event_lice.htm
(2) http://www.netdoctor.co.uk/diseases/facts/lice.htm
(3) http://www.1scout.net/maktaba.php?pageid=183&makid=39
(4) http://www.6abib.com/a-929.htm
(5) http://health.kaboose.com/kids-health/lice.html
المفضلات