السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في ظــــــلال آيه

قال الله تعـــــــالى

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ {175} وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {176} سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ {177})


مثل بليغ يضربه الله عز وجل لكل من آتاه الله عقلاً وعلماً وفهماً وفكراً ، فلم ينتفع بهذا كله ولم يستقم على طريق الإيمان!.. بل انسلخ من نعمة الله ليصبح تابعاً ذليلاً للشيطان ولينتهي إلى المسخ المعنوي في مرتبة الحيوان والعياذ بالله!.. إنسان يؤتيه الله آياته ويخلع عليه من فضله ويكسوه من علمه ويعطيه الفرصة كاملة للهدي ومعرفة الحق والإتصال والإرتفاع.. ولكن ها هو ذا ينسلخ من هذا كله انسلاخاً ، ويتجرد من الغطاء الواقي والدرع الحامي وينحرف عن الهدى ليتبع الهوى ويهبط من الأفق المشرق فيلتصق بالطين المعتم الملوث!.. في هيئة كلب يلهث إن طورد ، ويلهث إن لم يطارد!.. يلهث إن جاع ، ويلهث إن شبع!.. كل همه اللهاث وراء حطام زهيد ومتاع رخيص من أعراض هذه الدنيا الفانية!.. ما أكثر مايتكرر هذا المثل في حياة البشر ، إلا من عصم الله وقليل ماهم!.. ممن لا ينسلخون من آيات الله ولا يخلدون إلى الأرض ولا يتبعون الهوى ولايستذلهم الشيطان ولا يلهثون وراء الحطام الزائل!.. ماأكثر الذين يهبهم الله من النعم العظمى من العلم والفهم والعقل ، ثم لايهتدون به ولا يستقيمون بسببه!.. وإنما يتخذوه وسيلة لتحريف الكلم عن مواضعه واتباع الهوى وتزييف الحقائق ، وإشاعة الكذب ، لعرض بخيس من عرض الحياة الدنيا ، ولإرضاء مخلوق لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ، فضلاً عن أن يملكه لغيره!.. تجدهم دائمي اللهاث والهلع والحيرة والضياع والبحث عن مايشبع شهواتهم وأهوائهم!.. تعرفهم بسيماهم في هلامية مناهجهم ومرونة مبادئهم وضبابية رؤياهم وتأرجح قواعدهم التي ينطلقون منها في أطروحاتهم وكتاباتهم وتفسيراتهم للأحداث!.. كثيروا التقلب وما هناك شيئ ثابت في حياتهم سوى المصالح المادية والأغراض الدنيوية ولو على حساب الشرع والدين!..كلما رأوا عرضاً من أعراض الحياة الدنيا لهثوا عليه وتهافتوا إليه عبر مقالاتهم وكتاباتهم ومواقفهم المتنابضة والمتقلبة وهكذا كلما عرض لهم من أعراض الدنيا جديد تهافتوا عليه من جديد!.. ليتأولوا ويزيفوا ويحتالوا ويحرفوا الكلم عن مواضعه ويجد المخارج والمبررات المغرضة التي تنيلهم عرض الحياة الدنيا ولذلك تفسد الحياة وتفسد النفوس وينطلق سعار الغشوة والفساد والطمع والطغيان والنفاق.. وينتشر داء الإهمال وقلة المبالاة والخيانة في كل مجال .