كيف تقف المرأة المسلمة أمام حرب الأعداء لها وتقاوم تلك الجهود ؟

بقلم صالح بن ساير المطيري


لكي تستطيع المرأة المسلمة الوقوف أمام هذه الحرب الشعواء التي يشنها أعداء الله عليها في العالم الإسلامي -وفي بلادنا خاصة- فإن هناك جانبين :


الجانب الأول/ ما يخص المرأة بذاتها فعليها أمور منها :


1 أن تدرك المسلمة هذه الحرب المسعورة وأهدافها الخبيثة وإن تسترت بلباس النصح للمرأة وتقديم الخير لها باسم تحريرها وتقدمها ـ وهذه شنشنة نعرفها من أخزم.


2. أن تتزود بزاد الإيمان العظيم وتتسلح بسلاح العلم والتقى والصلاح . وأن تكون ذات ثقافة شرعية متينة.



3. أن تبرهن لهؤلاء الأعداء بالواقع العملي رفضها لدعواتهم المسمومة وأطروحاتهم الخبيثة وتشعرهم بأنها ليست بحاجة أن يكونوا أوصياء عليها.


4. أن تعي المرأة المسلمة رسالتها في الحياة فتقوم بدورها التربوي والدعوي في أوساط مجتمعها في بيتها وبين بنات جنسها.



5. أن تعي المرأة -تماما- دورها الأصيل في بيتها فتعتبره القلعة التي تسلمت قيادتها وهي ستسأل عنها يوم القيامة فتربي أولادها-ذكورا وإناثا- على الخير والصلاح وتخرجهم أدوات بناء فاعلة في المجتمع الإسلامي وأن ترسم لبناتها القدوة الصالحة والخيرة في أعمال الخير والبر والصلاح والتقى.


6. أن تعلم المرأة المسلمة أنها في سباق مع الزمن مع أعدائها، وبناء على ذلك فوقتها أثمن من أن يضيع في الأسواق و ما لا فائدة فيه ، وأن تقدّر المسؤولية الملقاة على عاتقها وأنها تتضاعف في هذه الأزمنة التي وجهت فيها السهام لها من كل حدب وصوب.


7. المرأة القادرة على الكتابة والبيان واجب عليها الرد على هذه الأطروحات وإبطال حجج القوم ومنافحة هؤلاء المجرمين بكل ما أوتيت من قوة، ولا شك أن رد المرأة في ذلك أبلغ وأقوى من الرجل.


الجانب الثاني/ ما يخص العلماء وطلبة العلم والدعاة والمخلصين فعليهم أمور:


1. أن يقوموا بواجبهم في تثقيف المرأة المسلمة وإيصال الوعي إليها لكي تصل إلى درجة من الثقافة والعلم والوعي الذي تستطيع عن طريقه أن تحقق المطلوب منها كما سبق.


2. أن تتوافر جهود الخيرين من العلماء والدعاة والمصلحين وأرباب الأموال في إيجاد البرامج الجادة التي تخدم المرأة المسلمة وتنطلق منها في نفع نفسها وأمتها.


3. أن تقوم الجهات التعليمية والخيرية -كتعليم المرأة، وجمعيات البر الخيرية، وجمعيات تحفيظ القرآن، ومكاتب الدعوة، ومراكز الخدمة الاجتماعية وغيرها- بدورها الفاعل في تشغيل المرأة المسلمة والاستفادة من طاقاتها العظيمة ورسم البرامج والخطط لها لكي تكون المرأة المسلمة فاعلة في أوساطها ومجتمعها. فالأقسام النسائية في تلك القطاعات مسؤولة مسؤولية عظمى عن تفعيل دور المرأة وإشغالها بما ينفع دينها وأمتها ومجتمعها، وعلى هذه الأقسام أن تتعاون فيما بينها في رسم مشروع دعوي نسوي يخدم ما تحتاجه الأمة في هذه المرحلة العصيبة من واقع أمتنا، وأن تسعى في تذليل الصعاب وحل المشاكل والعوائق التي تعترض سبيل المرأة المسلمة اليوم، وإشعارها بأنها في سباق مع الأعداء الذين وجهوا سهامهم للأمة المسلمة من داخل الصف وخارجه متخذين من واقع المرأة في بعض بلاد العالم الإسلامي ذريعة لما يريدون. وللأسف أننا نلاحظ تقصيراً واضحاً من تلك القطاعات النسائية لا يناسب واقع الهجمة الشرسة على الأمة، نلاحظ للأسف ضعفاً في الإعداد للمرأة وتربيتها، وقلة في البرامج المعروضة لها، وتضارباً في بعض البرامج فيما بينها. وأعظم ما يحتاجه الأخوة والأخوات في هذه القطاعات-في نظري- هو بذل المزيد من الجهد والوقت بشيء من الترتيب والتخطيط البناء وأن تتبادل هذه القطاعات الأدوار وأن تعتبر أعمالها متممة بعضها لبعض، وأن أي نجاح يتحقق عن طريق أي جهة هو نجاح للجميع وأنهم بحاجة ماسة إلى المراجعة الجادة في مسيرة عملهم ليصلوا إلى برامج عملية جيدة تقف حجر عثرة في وجوه أهل الشر والفساد .


4. أرباب القلم وأصحاب الكلمة وأهل الحجة والبيان عليهم مسؤولية عظمى في منافحة هؤلاء والرد عليهم وإبطال حججهم، وإظهار مقاصدهم الخبيثة أمام أعين المجتمع وكشف خططهم بطرق صحيحة قوية.



5. إن هؤلاء الأعداء في مشروعهم ينظمون أوراقهم ويتبادلون الأدوار ويتقاسمون الأعمال، فهل عجز الخيرون وأهل الصلاح عن التعاون والتكاتف وتوحيد الكلمة في مواجهة هؤلاء؟ وهل شعروا بحاجتهم الماسة إلى مشروع متكامل لصد هجمة هؤلاء. والابتعاد عن الاجتهادات الفردية فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.


ماذا قدم العلمانيون والليبراليون للمرأة لدينا؟!


يتشدق العلمانيون بالوطنية ومصلحة الوطن. وحقيقة الأمر أنهم أعداء الوطن فليس عندهم من الوطنية إلا ما تتشدق به ألسنتهم.


فهل الوطنية تعني إلغاء ثقافة الوطن المستمدة من تعاليم دينه وشريعة ربه واستبدالها بثقافة الأعداء؟


وهل الوطنية تستدعي صبغ المجتمع بصبغة ثقافية غربية وافدة؟


وهل الوطنية تعني قيادة المجتمع إلى الارتماء في أحضان عدوه يستمد منه قيمه وتصوراته؟


وهل الوطنية تستدعي أن يتنكر المجتمع لخصوصيته وعاداته وقيمه وتقاليده ليصبح مقلداً كالببغاء لعدوه حذو القذة بالقذة؟


هذا هو ما قدمه العلمانيون والليبراليون لوطنهم ومجتمعهم.


إن الناظر بعين الإنصاف والبصيرة يدرك بوضوح أن هؤلاء لم يقدموا أي مشروع ناجح للمرأة. وإنما دعوا المرأة إلى الانسلاخ من دينها وإلى التبرج والسفور ومخالطة الرجال عن طريق القدوات الوهمية التي يقدمونها للمرأة.


وهم الذين سعوا إلى تفتيت المجتمع المسلم وشق الصف المسلم وتفريق كلمته وهم بذلك ينطبق عليهم المثل القائل : ( رمتني بدائها وانسلت ).


وهم الذين يسعون إلى التفريق بين الراعي والرعية تلك العلاقة التي ضبطت أصولها ومبادئها شريعة الله.


وهم الذين باركوا أي خطوة في إخراج المرأة وتبرجها.


فهؤلاء لم يقدموا للمرأة إلا مزيداً من الشقاء والبعد عن الله.


فهل هؤلاء لا ماسوا حاجاتها الفعلية وقضاياها الحقيقية ومشاكلها وسعوا جادين في إيجاد الحلول لها؟!


أما أهل الخير والصلاح فهم الذين قدموا المشاريع الناجحة للمرأة حسب طاقاتهم وإمكاناتهم المتاحة.


فمن الذي يتفقد الأرامل واحتياجاتهن ؟


ومن الذين سعوا في تيسير أمور الزواج والتوفيق بين الأزواج ؟


ومن الذين سعوا في إصلاح ذات البين في الأسر المسلمة ؟


ومن الذين قدموا برامج الإصلاح الأسري؟!


لقد قام أهل الخير والصلاح بهذه الأعمال لأنهم يرون أن هذا واجبهم وأنهم مسؤولون أمام الله عن ذلك . فهم يقومون بهذه الواجبات تعبداً لله تعالى.


أسأل الله أن يحفظ نساءنا من كيد الكائدين ومكر الماكرين، وأن يرد كيدهم في نحورهم إنه قوي عزيز.


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين