-
ظهور نار الحجاز من علامات الساعة
بسم الله الرحمن الرحيم
ظهور نار الحجاز من علامات الساعة
إعداد فراس نور الحق
مدير موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن
عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَنَزَلْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَتَعَجَّلَتْ رِجَالٌ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- وَبِتْنَا مَعَهُ فَلَمَّا أَصْبَحَ سَأَلَ عَنْهُمْ فَقِيلَ تَعَجَّلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ. فَقَالَ « تَعَجَّلُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَالنِّسَاءِ أَمَا إِنَّهُمْ سَيَدَعُونَهَا أَحْسَنَ مَا كَانَتْ ». ثُمَّ قَالَ « لَيْتَ شِعْرِى مَتَى تَخْرُجُ نَارٌ مِنَ الْيَمَنِ مِنْ جَبَلِ الوِرَاقِ تُضِىءُ مِنْهَا أعَنْاقُ الإِبِلِ بُرُوكاً بِبُصْرَى كَضَوءِ النَّهَارِ ». مسند أحمد (21895) مجمع 4/15 8/12[1].
و أخرج الطبراني، في آخر حديث لحذيفة بن أسيد: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تقوم الساعة حتى تخرج نارٌ من رومان أو ركوبة (و هي ثنية بين مكة والمدينة ) تضيء منها أعناق الإبل ببصرى "[3]قلت: وركوبة ـ كما ـ سيأتي ـ ثنية قريبة من ورقان، ولعله المراد بجبل الوراق.
قال الحافظ ابن حجر: ورمان لم يذكرها البكري، ولعل المراد: رومة، البئر المعروفة بالمدينة[4]. وهذه النار مذكورة في الصحيحين، في حديث: " لا تقوم الساعة حتى تظهر نار بالحجاز " [5].
وورد في البخاري ( لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى )[6].
أبو البداح بن عاصم الأنصاري ، عن أبيه ، أنه قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثان ما قدم ، فقال : « أين حبس سيل ؟ » قلنا : لا ندري ، فمر بي رجل من بني سليم ، فقلت : من أين جئت ؟ فقال : من حبس سيل ، فدعوت بنعلي ، فانحدرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله سألتنا عن حبس سيل ، وإنه لم يكن لنا به علم ، وإنه مر بي هذا الرجل فسألته ، فزعم أن به أهله ، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « أين أهلك ؟ » قال : بحبس سيل ، فقال : «أخر أهلك فإنه يوشك أن تخرج منه نار تضيء أعناق الإبل ببصرى » «المستدرك على الصحيحين رقم الحديث8487 »[7].
و روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " يوشك نار تخرج من حبس سيل، تسير سير بيطيئة الإبل، تسير النهار وتقيم الليل " [8].
وورد في كتاب وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى تأليف نور الدين بن عبد الله السمهودي ج 2.
و ظهور النار المذكورة بالمدينة الشريفة قد اشتهر اشتهاراً بلغ حدَّ التواتر عند أهل الأخبار، وكان ظهورها لإنذار العباد بما حدث بعدها، فلهذا ظهرت على قرب مرحلةٍ من بلد النذير صلوات الله وسلامه عليه، وتقدمها زلازل مهولة، وقد قال تعالى: (وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً) (الاسراء:59)
، وقال تعالى: (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ) (الزمر:16)
ظهور النار:
و لما ظهرت النار العظيمة الآتية وصفها، وأشفق منها أهل المدينة غاية الإشفاق، التجأوا إلى نبيهم المبعوث بالرحمة، فصرفت عنهم ذات الشمال وزاحت عنهم الأوجال، وظهرت بركة تربته صلى الله عليه وسلم في أمته، ولعل الحكمة في تخصيصها بهذا المحل ـ مع ما قدمناه من كونه حضرة النذير ـ الرحمة لهذه الأمة فإنها إن ظهرت بغيره، وسلطان القهر والعظمة التي هي من آثاره قائمٌ لربما استولت على ذلك القطر ولم تجد صارفاً، فيعظم ضررها على الأمة، فظهرت بهذا المحل الشريف لحكمة الإنذار، فإذا تمت قابلتها الرحمة فجعلتها برداً وسلاماً، إلى غير ذلك من الأسرار.
و كان ابتداء الزلزلة بالمدينة الشريفة مستهل جمادى الآخرة، أو آخر جمادى الآخر، أو آخر جمادى الأول سنة أربعة وخمسين وست مئة، لكنها كانت خفيفة لم يدركها بعضهم مع تكررها بعد ذلك، واشتدت في يوم الثلاثاء على ما حكاه القطب القسطلاني. وظهرت ظهوراً عظيماً، اشترك في إدراكه العام والخاص، ثم لما كان ليلة الأربع ثالث الشهر أو رابعه، في الثلث الأخير من الليل حدث بالمدينة زلزلة عظيمة أشفق الناس منها، وانزعجت القلوب لهيبتها، واستمرت تزلزل بقية الليل، واستمرت إلى يوم الجمعة ولها دوي أعظم من الرعد، فتموج الأرض وتتحرك الجدران، حتى وقع في يوم واحد دون ليلة ثماني عشرة حركة، على ما حكاه القسطلاني.
و قال القرطبي: قد خرجت نار الحجاز بالمدينة، وكان بدؤها زلزلة عظيمة في ليلة الأربعاء بعد العتمة، الثالث من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وست مئة، واستمرت إلى ضحى النهار يوم الجمعة فسكنت، وظهرت بقريظة، بطرف الحرة ترى في صفة البلد العظيم، لا تمر على جبل إلا دكته وأذابته، ويخرج من مجموعه ذلك مثل النهر أحمر وأزرق، له دوي كدوي الرعد، يأخذ الصخور بين يديه، وينتهي إلى محط الركب العراقي، واجتمع من ذلك ردمٌ صار كالجبل العظيم، فانتهت النار إلى قرب المدينة، ومع ذلك فكان يأتي المدينة نسيم ٌ باردٌ، وشوهد لهذه النار غليان كغليان البحر.
و قال لي بعض أصحابنا: رأيتها صاعدة في الهواء من نحو خمسة أيام، وسمعت أنها رؤيت من مكة ومن جبال بصرى أهـ
و قال النووي: تواتر العلم بخروج هذه النار عند جميع أهل الشام.
صورة لخريطة غوغل توضح المسافة بين بصرى وحرة رهط في المدينة المنورة
و نقل أبو شامة (599 - 665 هـ = 1202 - 1267 م)عن مشاهدة كتاب الشريف سنان قاضي المدينة الشريفة وغيره أنَّ في ليلة الأربعاء ثالثة جمادى الآخرة حدث بالمدينة في الثلث الأخير من الليل زلزلة عظيمة أشفقنا منها، وباتت في تلك الليلة تزلزل، ثم استمرت تزلزل كل يوم وليلة مقدار عشر مرات.
قال: والله لقد زلزلت مرة ونحن حول الحجرة فاضطرب لها المنبر إلى أن سمعنا منه صوتاً للحديد الذي فيه واضطربت قناديل الحرم الشريف (1).
زاد القاشاني: ثم في اليوم الثالث ـ وهو يوم الجمعة ـ زلزلت الأرض زلزلة عظيمة، إلى أن اضطربت منائر المسجد، وسمع لسقف المسجد صرير عظيم (2).
قال القطب القسطلاني: فما كان يوم الجمعة نصف النهار ظهرت تلك النار، فثار من محل ظهورها في الجو دخان متراكم غشى الأفق سواده، فلما تراكمت الظلمات وأقبل الليل سطع شعاع النار، وظهرت مثل المدينة العظيمة في جهة الشرق.
قال القاضي سنان: وطلعت إلى الأمير ـ وكان عز الدين منيف بن شيحة وقلت له: قد أحاط بنا العذاب، ارجع إلى الله، فأعتق كل مماليكه، وردَّ على الناس مظالمهم زاد القاشاني: وأبطل المكس.
ثم هبط الأمير للنبي صلى الله عليه وسلم وبات في المسجد ليلة الجمعة وليلة السبت، ومعه جميع أهل المدينة حتى النساء والصغار، ولم يبق أحد في النخل إلا جاء إلى الحرم الشريف وبات الناس يتضرعون ويبكون، وأحاطوا بالحجرة الشريفة كاشفين رؤوسهم مُقرين بذنوبهم مبتهلين مستجيرين بنبهم صلى الله عليه وسلم.
و قال القطب القسطلاني(614 - 686هـ، 1218 - 1287م): ولما عاين أمير المدينة ذلك أقلع عن المخالفة واعتبر، ورجع عما كان عليه من المظالم وانزجر، وأظهر التوبة والإنابة، وأعتق جميع مماليكه، وشرع في ردِّ المظالم وعزم أهل المدينة على الإقلاع عن الإصرار وارتكاب الأوزار، وفزعوا إلى التضرع والاستغفار، وهبط أميرهم من القلعة مع قاضيهم الشريف سنان وأعيان البلد، والتجأوا إلى الحجرة الشريفة، وباتوا
بالمسجد الشريف بأجمعهم حتى النساء والأطفال، فصرف الله تعالى تلك النار العظيمة ذات الشمال، ونجوا من الأهوال، فسارت تلك النار من مخرجها وسالت ببحر عظيم من النار، وأخذت في وادي أُحيليين وأهل المدينة يشاهدونها من دورهم كأنها عندهم ومالت من مخرجها إلى جهة الشمال، واستمرت مدة ثلاثة أشهر على ما ذكره المؤرخون. وذكر القطب القسطلاني في كتاب أفرده لهذه النار، وهو ممن أدركها لكنه كان بمكة فلم يشاهدها: إن ابتداءها يوم الجمعة السادس من شهر جمادى الآخرة، وأنها دامت إلى يوم الأحد السابع والعشرين من رجب، ثم خمدت ـ فجملة ما أقدمت اثنين وخمسين يوماً، لكنه ذكر بعد ذلك أنها أقامت منطفئة أياماً ثم ظهرت، قال: وهي كذلك تسكن مرة وتظهر أخرى، فهي لا يؤمن عودها وإن طفيء وقودها أهـ.
فكأن ما ذكره المؤرخون من المدة باعتبار انقطاعها بالكلية، وطالت مدتها ليشتهر أمرها فينزجر بها عامة الخلق ويشهدوا من عظمها عنوان النار التي أنذرهم بها حبيب الحق صلى الله عليه وسلم.
صورة لحمم أحد البراكين الملتهبة
اللهم اغفر لأبي وأمي وارحمهما كما ربياني صغيرا
-
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة مريم في المنتدى قسم الأطفال
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 17-04-2010, 02:00 AM
-
بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتديات الدعاة العامة
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 26-03-2010, 11:26 PM
-
بواسطة ام رامي في المنتدى منتديات الدعاة العامة
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 21-11-2009, 08:22 PM
-
بواسطة @سالم@ في المنتدى المنتدى الإسلامي
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 03-03-2009, 10:49 PM
-
بواسطة الريحانة في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 11-03-2006, 02:19 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات