قال الطبري -رحمه الله- عند تفسيره لقوله تعالى ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون :
يقول تعالى جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ولئن سألت يا محمد هؤلاء المنافقين عما قالوا من الباطل والكذب ليقولن لك : إنما قلنا ذلك لعبا وكنا نخوض في حديث لعبا وهزؤا ! يقول الله لمحمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد أبالله وآيات كتابه ورسوله كنتم تستهزئون ؟
وكان ابن إسحق يقول : الذي قال هذه المقالة كما :
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحق قال : كان الذي قال هذه المقالة فيما بلغني وديعة بن ثابت أخو بني أمية بن زيد من بني عمرو بن عوف
حدثنا علي بن داود قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا الليث قال حدثني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم : أن رجلا من المنافقين قال لعوف بن مالك في غزوة تبوك : ما لقرائنا هؤلاء أرغبنا بطونا وأكذبنا ألسنة وأجبننا عند اللقاء ! فقال له عوف : ولكنك منافق ! لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فذهب عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره فوجد القرآن قد سبقه قال زيد : قال عبد الله بن عمر : فنظرت إليه متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة يقول : { إنما كنا نخوض ونلعب } ! فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم : { أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ؟ } ما يزيده
حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال حدثني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر قال : قال رجل في غزوة تبوك في مجلس : ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء ! فقال رجل في المجلس : كذبت ولكنك منافق ! لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن قال عبد الله بن عمر : فأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة وهو يقول : ( يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ! ) ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم }
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا ابن علية قال أخبرنا أيوب عن عكرمة في قوله : { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب } إلى قوله : { بأنهم كانوا مجرمين } قال : فكان رجل ممن إن شاء الله عفا عنه يقول : ( اللهم إني أسمع آية أنا أعنى بها تقشعر منها الجلود وتجب منها القلوب اللهم فاجعل وفاتي قتلا في سبيلك لا يقول أحد : أنا غسلت أنا كفنت أنا دفنت ) قال : فأصيب يوم اليمامة فما أحد من المسلمين إلا وجد غيره
حدثنا بشر قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة قوله : { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب } الآية قال : [ بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في غزوته إلى تبوك وبين يديه ناس من المنافقين فقالوا : ( يرجو هذا الرجل أن يفتح قصور الشأم وحصونها ! هيهات هيهات ) ! فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : احبسوا علي الركب ! فأتاهم فقاله : قلتم كذا قلتم كذا قالوا : ( يا نبي الله إنما كنا نخوض ونلعب ) فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم ما تسمعون ]
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة : { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب } قال : [ بينما النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وركب من المنافقين يسيرون بين يديه فقالوا : يظن هذا أن يفتح قصور الروم وحصونها ! فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ما قالوا فقال : علي بهؤلاء النفر ! فدعاهم فقال : قلتم كذا وكذا ! فحلفوا : ما كنا إلا نخوض ونلعب ! ]
حدثنا الحارث قال حدثنا عبد العزيز قال حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب وغيره قالوا : [ قال رجل من المنافقين : ما أرى قراءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطونا وأكذبنا ألسنة وأجبننا عند اللقاء ! فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته فقال : يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ! فقال : { أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون } إلى قوله : { مجرمين } وإن رجليه لتنسفان الحجارة وما يلتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متعلق بنسعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ]
حدثني محمد بن عمرو قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : { إنما كنا نخوض ونلعب } قال : قال رجل من المنافقين : ( يحدثنا محمد أن ناقة فلان بوادي كذا وكذا في يوم كذا وكذا ! وما يدريه ما الغيب ؟ )
حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد بنحوه
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)
المفضلات