من اسرار القران

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

من يدفع لأجل خطايا الكنيسة - 6 - ؟؟؟ » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | 1- هل اطلاق مصطلح ابن الله على المسيح صحيح لاهوتيا ؟ » آخر مشاركة: ابا عبد الله السلفي | == == | الرجاء و الدواء ليسوا في الفداء و يسوع يحسم قضية الملكوت » آخر مشاركة: الشهاب الثاقب. | == == | أنا و الآب واحد بين الحقيقة و الوهم » آخر مشاركة: ronya | == == | النبي محمد صلى الله عليه وسلم من الألف إلى الياء كتاب الكتروني رائع » آخر مشاركة: عادل محمد | == == | أولًا : تبدأ القصة حين طلق زيد بن حارثة زوجته بعد أن تعذر بقاء الحياة الزوجية » آخر مشاركة: ابا عبد الله السلفي | == == | من هو المصلوب ؟! قال أحدُهم : إن الإسلامَ جاء بعد المسيحيةِ بقرونٍ عدة لينفي حادثة الصلب بآياتٍ تقول : { وَ قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِ » آخر مشاركة: ابا عبد الله السلفي | == == | الســـلام عليكم أحبابي في الله ماهو رأيك ان يسوع ليس كلمة الله - لايوجد نص في الكتاب المقدس يقول ان المسيح اسمه كلمة الله أصلا - لايوجد دليل ان الكلم » آخر مشاركة: ابا عبد الله السلفي | == == | (هدم عقيدة التليث) و أتحدى أن يجيب اي احد من النصارى لحظة القبض علي المسيح هل كان يسوع يعلم أنه اله و أنه هو الله ان لاهوته لم يفارق ناسوته كما تقو » آخر مشاركة: ابا عبد الله السلفي | == == | بسم الله الرحمن الرحيم (( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون )) هل تشهد لكتب اليهود والنصارى بالحفظ من الله ؟؟! 👉 يحتج النصارى بهذه الاية (( انا » آخر مشاركة: ابا عبد الله السلفي | == == |

مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

من اسرار القران

صفحة 1 من 4 1 2 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 63

الموضوع: من اسرار القران

العرض المتطور

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,600
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    29-11-2014
    على الساعة
    05:10 PM

    افتراضي من اسرار القران

    من الايات الكونيه
    في القران الكريم
    بقلم الدكتور : زغلول النجار

    في مطلع الحديث عن كتاب الله لابد من تحديد عدد من معالمه الثابته التي منها انه كلام الله المعجز, الموحي به الي خاتم الانبياء والمرسلين بلسان عربي مبين, والمنقول عنه( صلوات الله وسلامه عليه) نقلا متواترا بلا ادني شبهه, بنفس النص الذي نجده في المصاحف التي خطت او طبعت علي مر العصور, ومسجلا في صدور الحفاظ جيلا بعد جيل, ومن ثم علي مختلف صور الاشرطه والاسطوانات الممغنطه, والذي نزلت اياته منجمه علي مدي ثلاث وعشرين سنه,
    وكتبت في حياه رسول الله( صلي الله عليه وسلم) عقب الوحي بكل مجموعه منها مباشره ثم رتبت تلك الايات في مائه واربع عشره(114) سوره بتوقيف من الله( سبحانه وتعالي) الذي تعهد بحفظ اخر كتبه المنزله فحفظه حفظا كاملا, بنفس اللغه التي نزل بها, كلمه كلمه, وحرفا حرفا, بينما تعرضت الكتب السماويه السابقه كلها اما للضياع التام, او للتحريف والتبديل والتغيير, ولذلك فالقران الكريم هو الكتاب الوحيد الذي يتعبد بتلاوته, والذي لاتصلح الصلاه الا بقراءه فاتحته وعدد من اياته, والذي لايغني عنه من الاحاديث او الاذكار او الادعيه شيء, لانه الوحي السماوي الوحيد الموجود بين ايدي الناس اليوم محفوظا بحفظ الله كلمه كلمه وحرفا حرفا بنفس اللغه التي اوحي بها وقدتحدي ربنا تبارك وتعالي كلا من الانس والجن ان ياتوا بمثل هذا القران مجتمعين متظاهرين فقال عز من قائل:
    (قل لئن اجتمعت الانس والجن علي ان ياتوا بمثل هذا القران لاياتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)( الاسراء:88)

    كما سخر ربنا( تبارك وتعالي) ممن ادعي من المشركين ان الرسول صلي الله عليه وسلم قد افتراه, وهو النبي الامي الذي لايعرف القراءه او الكتابه لحكمه يعلمها الله, فقد تحدي الله تعالي العرب علي ما كانوا عليه من علم باسرار العربيه واسباب البلاغه ان ياتوا بعشر سور مثله مفتريات, او حتي بسوره من مثله, ولايزال هذا التحدي قائما دون ان يستطيع بشر مجابهته علي الرغم من مضي اكثر من اربعه عشر قرنا علي مجئ التنزيل بقول الله تعالي:
    (ام يقولون افتراه قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين* فان لم يستجيبوا لكم فاعلموا انما انزل بعلم الله وان لا اله الا هو فهل انتم مسلمون)[ هود:13 و14]

    وعلي قول الحق تبارك وتعالي:
    (وان كنتم في ريب مما نزلنا علي عبدنا فاتوا بسوره من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين)[ البقره:23]
    وقد عجزت القدرات البشريه, ولا تزال عاجزه عن ان تداني كتاب الله في روعه بيانه, او في كمال صفاته, ودقه دلالاته, وصدق انبائه, وسمو معانيه, وعداله تشريعه, او في نهجه وصياغته, وتمام احاطته بطبائع النفس البشريه, وقدرته علي التعامل معها وهدايتها, ودقه استعراضه لمسيره البشريه من لدن ابينا ادم( عليه السلام) الي بعثه خاتم الانبياء والمرسلين( عليه وعليهم اجمعين افضل الصلاه وازكي التسليم) ومن هنا كان القول( باعجاز القران)
    اوجه الاعجاز في القران الكريم
    تتعدد اوجه الاعجاز في كتاب الله بتعدد جوانب النظر فيه, فكل ايه من اياته فيها اعجاز لفظي وبياني ودلالي, وكل مجموعه من الايات, وكل سوره من السور طالت ام قصرت, بما فيها من قواعد عقديه, او اوامر تعبديه, او قيم اخلاقيه, او ضوابط سلوكيه, او اشارات علميه, الي شيء من اشياء هذا الكون الفسيح ومافيه من ظواهر وكائنات, وكل تشريع, وكل قصه, وكل واقعه تاريخيه, وكل وسيله تربويه, وكل نبوءه مستقبليه, كل ذلك يفيض بجلال الربوبيه, ويتميز عن كل صياغه انسانيه ويشهد للقران بالتفرد كما يشهد بعجز الانسان عن ان ياتي بشيء من مثله.
    وقد افاض المتحدثون عن اوجه الاعجاز في كتاب الله, وكان منهم من راي ذلك في جمال بيانه, ودقه نظمه, وكمال بلاغته, او في روعه معانيه وشمولها واتساقها ودقه صياغتها, وقدرتها علي مخاطبه الناس علي اختلاف مداركهم وازمانهم, واشعاعها بجلال الربوبيه في كل ايه من اياته.

    ومنهم من ادرك ان اعجاز القران في كمال تشريعه, ودقه تفاصيل ذلك التشريع وحكمته وشموله, او في استعراضه الدقيق لمسيره البشريه ولتاريخ عدد من الامم السابقه من لدن ابينا ادم( عليه السلام) الي خاتم الانبياء والمرسلين(عليه وعليهم اجمعين افضل الصلاه وازكي السلام), مما لم يكن يعلم تفاصيله احد من الناس.
    ومنهم من راي اعجاز القران الكريم في منهجه التربوي الفريد, واطره النفسيه الساميه والعلميه في نفس الوقت, والثابته علي مر الايام, او في انبائه بالغيب مما تحقق بعد نزوله بسنوات طويله, او في اشاراته الي العديد من حقائق الكون وسنن الله فيه مما لم يكن معروفا لاحد من البشر وقت نزول القران ولالمئات من السنين بعد ذلك النزول, ومنهم من راي اعجاز القران في صموده علي مدي يزيد علي اربعه عشر قرنا لكل محاولات التحريف التي قامت بها قوي الشر المتعدده متمثله في الكفره والمشركين والملاحده علي مدي تلك القرون العديده وذلك لان الله تعالي تعهد بحفظه فحفظ قال تعالي:
    (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون
    [الحجر: ايه9]
    ومن العلماء من يري اعجاز القران في ذلك كله وفي غيره مما يقصر الحديث دونه.

    الاعجاز النظمي للقران الكريم
    كانت الكثره الكاثره من القدامي والمعاصرين علي حد سواء قد ركزوا اهتمامهم علي ناحيه نظم القران الكريم فهذا ابن عطيه الاندلسي(ت546 ه) يذكر في مقدمه تفسيره(278/1) مانصه:
    ان الله قد احاط بكل شيء علما, فاذا ترتبت اللفظه من القران, علم باحاطته اي لفظه تصلح ان تلي الاولي, وتبين المعني بعد المعني, ثم كذلك من اول القران الي اخره, والبشر يعمهم الجهل والنسيان والذهول, ومعلوم ضروره ان احدا من البشر لايحيط بذلك, فبهذا جاء نظم القران في الغايه القصوي من الفصاحه, وبهذا يبطل قول من قال: ان العرب كان في قدرتهم الاتيان بمثله فصرفوا عن ذلك, والصحيح انه لم يكن في قدره احد قط, ولهذا نري البليغ ينقح القصيده او الخطبه حولا, ثم ينظر فيها فيغير منها, وهلم جرا, وكتاب الله لو نزعت منه لفظه, ثم ادير لسان العرب علي لفظه احسن منها لم يوجد... وقامت الحجه علي العالم بالعرب, اذ كانوا ارباب الفصاحه ومظنه المعارضه.
    وهذا هوالاستاذ الدكتور عبد الصبور شاهين احد العلماء المعاصرين يكتب فصلا في اعجاز القران( كتقديم لترجمته لكتاب الظاهره القرانيه للمفكر الاسلامي الاستاذ مالك بن نبي( يرحمه الله) يحدد فيه الاعجاز في دائره البيان والنظم حيث يقول: ان الايات القليله من القران, ثم الايات الكثيره, ثم القران كله, اي ذلك كان في تلاوته علي سامعيه من العرب, الدليل الذي يطالبه بان يقطع بان هذا الكلام مفارق لجنس كلام البشر, وذلك من وجه واحد, هو وجه البيان والنظم.

    واذا صح ان قليل القران وكثيره سواء من هذا الوجه, ثبت ان ما في القران جمله, من حقائق الاخبار عن الامم السابقه, ومن انباء الغيب, ومن دقائق التشريع, ومن عجائب الدلالات علي مالم يعرفه البشر من اسرار الكون الا بعد القرون المتطاوله من تنزيله, كل ذلك بمعزل عن الذي طولب به العرب, وهو ان يستبينوا في نظمه وبيانه انفكاكه من نظم البشر وبيانهم, ومن وجه يحسم القضاء بانه كلام رب العالمين...
    ولكن اذا جاز هذا التحديد علي موقف التحدي من مشركي العرب علي الرغم من عدم وجود الدليل علي ذلك فانه بالقطع لايجوز علي اطلاقه, خاصه ان العرب اليوم في جملتهم قد فقدوا الحس اللغوي الذي تميز به اسلافهم, وان التحدي بالقران للانس والجن متظاهرين هو تحد مستمر قائم الي يوم الدين, مما يوكد ان ما في القران من امور الغيب, وحقائق التاريخ, ومن فهم دقيق لمكنون النفس البشريه وحسن الخطاب في هدايتها وارشادها وتربيتها, ومن مختلف الصور التي ضربت لعجائب ايات الله في خلقه, ومن غير ذلك مما اكتشفه ولايزال يكتشفه( في كتاب الله) متخصصون في كل حقل من حقول المعرفه, لايمكن ان يبقي بمعزل عن ذلك التحدي المفضي الي الاعجاز القراني, والدال علي ان القران كلام الله.

    نشاه منهج التفسير العلمي لكتاب الله
    يزخر القران الكريم بالعديد من الايات التي تشير الي الكون وما به من كائنات( احياء وجمادات), والي صور من نشاتها, ومراحل تكونها, والي العديد من الظواهر الكونيه التي تصاحبها, والسنن الالهيه التي تحكمها, وما يستتبعه كل ذلك من استخلاص للعبره, وتفهم للحكمه, وما يستوجبه من ايمان بالله, وشهاده بكمال صفاته وافعاله, وهو سبحانه وتعالي الخالق الباريء المصور الذي ابدع ذلك الخلق بعلم وقدره وحكمه لاتحدها حدود, ولايفيها حقها وصف.
    وقد احصي الدارسون من هذه الاشارات الكونيه في كتاب الله مايقدر بحوالي الالف ايه صريحه, بالاضافه الي ايات اخري عديده تقرب دلالاتها من الصراحه, وبدوام اتساع دائره المعرفه الانسانيه, وتكرار تامل المتاملين في كتاب الله, وتدبر المتدبرين لاياته جيلا بعد جيل, وعصرا بعد عصر لن ينفك العلماء والمتخصصون يكتشفون من حقائق الكون الثابته في كتاب الله مايوكد علي تحقق الوعد الالهي الذي يقول فيه ربنا( تبارك وتعالي):
    (سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق او لم يكف بربك انه علي كل شيء شهيد)[ فصلت: ايه53]

    وبدهي ان يتباين موقف العلماء من تلك الاشارات الكونيه في كتاب الله بتباين الافراد وخلفياتهم الثقافيه وازمانهم, وباتساع دائره المعرفه الانسانيه في مجال الدراسات الكونيه( التي تعرف اليوم باسم دراسات العلوم البحته والتطبيقيه) من عصر الي عصر, واول من بسط القول في ذلك الامام الغزالي(ت505ه) في كتابيه احياء علوم الدين وجواهر القران والذي رفع فيهما شعارات عديده منها ان القران الكريم يشمل العلوم جميعاو ان من صور اعجاز القران اشتماله علي كل شيء, وان كل شيء, وان كل العلوم تشعبت من القران, حتي علم الهيئه, والنجوم, والطب الي اخر ماذكر.
    وتبع الامام الغزالي في ذلك كثيرون, كان من اشهرهم في القديم العلامه الشيخ الفخر الرازي( ت606 ه), وفي الحديث فضيله الشيخ طنطاوي جوهري( ت1359 ه), مما ادي الي بروزالمنهج العلمي في تفسير القران الكريم, والذي يعتمد في تفسير الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله علي ضوء من معطيات العلوم الحديثه, مع تفاوت في ذلك من عصر الي عصر. ويعتبر تفسير الرازي المعنونمفاتيح الغيب اول تفسير يفيض في بيان المسائل العلميه والفلسفيه, خاصه مايتعلق منها بعلم الهيئه, وغير ذلك من العلوم والفنون التي كانت معروفه في زمانه, والتي كان هو علي معرفه بها.
    اما تفسير الشيخ طنطاوي جوهري والمعنون الجواهر في تفسير القران الكريم فيعتبر اضخم تفسير ينهج النهج العلمي, اذ يقع في خمسه وعشرين جزءا كبارا, حاول فيها الشيخ( يرحمه الله) تفسير القران الكريم تفسيرا يتجاوب مع روح العصر, وما وصلت اليه المعارف الانسانيه في مجال دراسات الكون ومافيه من اجرام سماويه, ومن عوالم الجمادات والاحياء, ومن الظواهر الكونيه التي تصاحبها, والسنن الالهيه التي تحكمها, ليبرهن للقاريء ان كتاب الله الخالد قد احاط بالكون في تفصيل وبيان وايضاح غفل عنه كثير من السابقين, وانه بحق ينطوي علي كل ما وصل, وماسيصل اليه البشر من معارف.

    هذا, وقد نعي الشيخ الجوهري( يرحمه الله) علي علماء المسلمين اهمالهم للجانب العلمي في القران الكريم, وتركيز جهودهم علي الجوانب البيانيه والفقهيه فقط بقوله:لماذا الف علماء الاسلام عشرات الالوف من الكتب في علم الفقه, وعلم الفقه ليس له في القران الا ايات قلائل لاتصل الي مائه وخمسين ايه ؟ فلماذا كثر التاليف في علم الفقه, وقل جدا في علوم الكائنات التي لاتكاد تخلو منها سوره؟.
    ولذا فاننا نجده في مطلع تفسيره يتوجه بنداء الي المسلمين يقول فيه: يا امه الاسلام, ايات معدودات في الفرائض( يقصد ايات الميراث) اجتذبت فرعا من علم الرياضيات, فما بالكم ايها الناس بسبعمائه ايه فيها عجائب الدنيا كلها... هذا زمان العلوم, وهذا زمان ظهور الاسلام... هذا زمان رقيه, ياليت شعري, لماذا لانعمل في ايات العلوم الكونيه مافعله اباونا في علوم الميراث؟ثم يضيف: ان نظام التعليم الاسلامي لابد من ارتقائه, فعلوم البلاغه ليست هي نهايه علوم القران بل هي علوم لفظه, وما نكتبها اليوم( يقصد في تفسيره), علوم معناه....
    ولم يكتف الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره بتتبع الايات واستنتاج معانيها وفق ما ارتاه فيها من اشارات الي مختلف الدراسات الحديثه, بل انه قد استعان في هذا التفسير الفريد من نوعه بكثير من صور النباتات والحيوانات والمظاهر الكونيه, والوسائل التجريبيه, كما استخدم الاراء الفلسفيه عند مختلف المدارس الفكريه, وكذلك الارقام العدديه التي ينظمها حساب الجمل المعروف.

    وقد اعتبر المفسرون من بني عصره ذلك المنهج العلمي في التفسير( كما اعتبر من قبل) جنوحا الي الاستطراد في تاويل بعض ايات القران الكريم علي غير مقاصدها التشريعيه والايمانيه, استنادا الي الحقيقه المسلمه ان القران لم يات لكي ينشر بين الناس القوانين العلميه ومعادلاتها, ولاجداول المواد وخصائصها, ولا قوائم باسماء الكائنات وصفاتها, وانما هو في الاصل كتاب هدايه, كتاب عقيده وعباده واخلاق ومعاملات, وهي ركائز الدين التي لا يستطيع الانسان ان يضع لنفسه فيها ضوابط صحيحه, والقران العظيم حين يلفت نظر الانسان الي مختلف مظاهر هذا الوجود انما يعرض لذلك من قبيل الاستدلال علي قدره الخالق العظيم وعلمه وحكمته وتدبيره ومن قبيل اقامه الحجه البينه علي الجاحدين من الكافرين والمشركين, ومن قبيل التاكيد علي احاطه القدره الالهيه بالكون وبكل مافيه وعلي حاجه الخلق في كل لحظه من لحظات الوجود الي رحمه ذلك الخالق العظيم.
    فهذا هو الشيخ محمد رشيد رضا( يرحمه الله) يكتب في مقدمه تفسيره المنار مانصه:..... وقد زاد الفخر الرازي صارخا اخر عن القران هو مايورده في تفسيره من العلوم الرياضيه والطبيعيه وغيرها من العلوم الحادثه في المله علي ماكانت عليه في عهده, كالهيئه الفلكيه اليونانيه وغيرها, وقلده بعض المعاصرين(ويقصد الشيخ طنطاوي جوهري) بايراد مثل هذا من علوم العصر وفنونه الكثيره الواسعه, فهو يذكر فيما يسميه تفسير الايه, فصولا طويله بمناسبه كلمه مفرده, كالسماء او الارض من علوم الفلك والنبات والحيوان, تصد القاريء عما انزل الله لاجله القران.
    وعلي الرغم من استنكار علماء التفسير لهذا المنهج العلمي قديما وحديثا, الا ان عددا كبيرا من العلماء المسلمين ظل مومنا بان الاشارات الكونيه في كتاب الله اي الايات المتعلقه ببعض اشياء هذا الكون علي اجمالها وتناثرها بين ايات الكتاب المجيد تبقي بيانا من الله, خالق الكون ومبدع الوجود, ومن ثم فهي حق مطلق, وصوره من صور الاعجاز في كتاب الله الذي لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وان ذلك قد لايتضح الا للراسخين في العلم من المتخصصين في مختلف مجالات العلوم البحته والتطبيقيه( كل في حقل تخصصه), وحتي هولاء يظل يتسع ادراكهم لذلك الاعجاز باتساع دائره المعرفه الانسانيه جيلا بعد جيل, وعصرا بعد عصر, مصداقا لقول الحق تبارك وتعالي:
    (ان هو الا ذكر للعالمين* ولتعلمن نباه بعد حين)[ ص:87 و88]

    ولقول رسول الله( صلي الله عليه وسلم) في وصفه للقران الكريم بانه لاتنقضي عجائبه, ولا يخلق من كثره الرد:.
    ومن هنا كان واجب المتخصصين من المسلمين في مختلف مجالات المعرفه الانسانيه في كل عصر وفي كل جيل ان تنفر منهم طائفه للتسلح بمستلزمات تفسير كتاب الله من المام بقدر كاف من علوم اللغه العربيه وادابها, ومن الحديث وعلومه, والفقه واصوله, وعلم الكلام وقواعده, مع معرفه بعادات المجتمع العربي الاول, واحاطه باسباب النزول, وبالماثور في التفسير, وبالسيره النبويه المطهره, وباجتهاد اعلام السابقين من ائمه المفسرين, وغير ذلك من الشروط التي حددها علماء التفسير واصوله, ثم تقوم تلك الطائفه علي شرح ايات الكتاب الحكيم كل فيما يخصه حتي تستبين للناس جوانب من الاعجاز في كتاب الله, لم يكن من السهل بيانها قبل عصر العلم الذي نعيشه. وحتي يتحقق قول الله تعالي في محكم كتابه:
    (لكل نبا مستقر وسوف تعلمون)[ الانعام: ايه67]
    وانطلاقا من ذلك الفهم, ظهرت مولفات عديده تعالج قضيه الاعجاز العلمي في كتاب الله من اشهرها في القديم كتاب كشف الاسرار النورانيه القرانيه فيما يتعلق بالاجرام السماويه والارضيه والحيوانات والنباتات والجواهر المعدنيه لمحمد بن احمد الاسكندراني الطبيب( وهو من علماء القرن الثالث عشر الهجري).

    ورساله عبد الله فكري( وهو من وزراء المعارف السابقين في مصر في مطلع هذا القرن) والتي يقارن فيها بين بعض مباحث علم الهيئه( الفلك) وبين الوارد من نصوص القران الكريم في ذلك, وكتاب الاسلام والطب الحديث لعبد العزيز اسماعيل, ورياض المختار لاحمد مختار( الغازي), وكتابا معجزه القران في وصف الكائنات و التفسير العلمي للايات الكونيه لحنفي احمد, وكتابا في سنن الله الكونيه و الاسلام في عصر العلم لمحمد احمد الغمراوي, واعجاز القران في علم طبقات الارض لمحمد محمود ابراهيم, و العلوم الطبيعيه في القران ليوسف مروه, وسلسله كتب كل من محمد جمال الدين الفندي وعبد الرزاق نوفل في نفس الموضوع, وكتاب اضواء من القران علي الانسان ونشاه الكون والحياه لعبد الغني الخطيب, والقران والعلم لاحمد محمود سليمان, ومن اشارات العلوم في القران الكريم لعبدالعزيز سيد الاهل, و محاوله لفهم عصري للقران لمصطفي محمود, وتفسير الايات الكونيه لعبد الله شحاته, والاسلام والعلم التجريبي ليوسف السويدي, والقران تفسير الكون والحياه لمحمد العفيفي, وكتاب الانجيل والقران والعلم لموريس بوكاي, وكتاب خلق الانسان بين الطب والقران لمحمد علي البار, هذا بالاضافه الي ماظهر موخرا من كتب ومجلات عديده وابواب كثيره عن الاعجاز العلمي في القران وردت مجمعه في كتب اسلاميه متعدده, او متناثره في كثير من التفاسير التي حررت في النصف الاخير من هذا القرن.
    هذا من جهه, ومن جهه اخري فقد تعرض هذا المنهج بحق احيانا, وبغير ذلك في احيان اخري كثيره للمزيد من النقد والتجريح الذي اسس علي ان معجزه القران هي في الاصل معجزه بيانه الذي ادرك اساطين اللغه العربيه فيه, ومنذ سماع اولي اياته, انه علامه فارقه بين كلام الله وكلام البشر, وان علينا ان نفهم الاسلام كما بينه نبي الاسلام( صلوات الله وسلامه عليه) وكان من شواهد ذلك ومبرراته حيود عدد من الذين تعرضوا للقضايا الكونيه في القران عن جاده الطريق اما عن قصور في فهم الحقائق العلميه, او انتفاء لشروط القدره علي الاجتهاد في التفسير, او لكليهما معا,

    وعلي الرغم من ذلك كله, فقد تمكن هذا السيل من الكتابات عن الاعجاز العلمي في اي القران الكريم من تهيئه النفوس لقبول ذلك المنهج, حتي قام المجلس الاعلي للشئون الاسلاميه في مصر بتشكيل عدد من اللجان العلميه التي ضمت الي علماء القران وتفسيره, والحديث ورجاله والفقه واصوله, والشريعه وعلومها, واللغه العربيه وادابها, والتاريخ الاسلامي وتفاصيله, عددا من كبار العلماء والباحثين والمفكرين في مختلف جنبات المعرفه الانسانيه, وقد قام كل هولاء بمدارسه كتاب الله في اجتماعات طالت لسنين كثيره, ثم تبلورت في تفسير موجز تحت اسم المنتخب في تفسير القران, كتب باسلوب عصري وجيز, سهل مبسط, واضح العباره, بعيد عن الخلافات المذهبيه, والتعقيدات اللفظيه والمصطلحات الفنيه, وقد اشير في هوامشه الي ماترشد اليه الايات القرانيه من نواميس الحياه واسرار الكون, ووقائعه العلميه التي لم تعرف الا في السنوات الاخيره, والتي خصها ذلك التفسير في مقدمته بانه لايمكن الا ان يكون القران قد اشار اليها لانه ليس من كلام البشر, ولكنه من كلام خلاق القوي والقدر, الذي وعد بذلك في محكم هذا الكتاب فقال
    (سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق او لم يكف بربك انه علي كل شيء شهيد)[ فصلت: ايه53]
    كما تمت الاشاره في مقدمه هذا التفسير الوجيز الي انه سيتلوه تفسير اخر وسيط في شيء من البسط والتفصيل يليه المفصل ان شاء الله تعالي.
    حجه المعارضين لتعبير الاعجاز العلمي في القران الكريم

    وقبل استعراض مواقف المفسرين في عصرنا الحاضر من الايات الكونيه في كتاب الله( اي الايات التي تحتوي علي اشارات لبعض اشياء هذا الكون من مثل السماوات والارض, والشمس والقمر, والنجوم والكواكب, والجبال والاحجار, والانهار والبحار, والرياح والسحاب والمياه, والرعد والبرق, ومراحل الجنين في الانسان, وبعض صور الحيوان ومنتجاته والنبات, ومحاصيله وثماره وغير ذلك) لابد لنا من الاشاره الي ان بعض الكتاب من القدامي والمعاصرين علي حد سواء.. قد اعترض علي استخدام لفظ معجزه ومشتقاته في الاشاره الي عجز الانسان عن الاتيان بمثل هذا القران او بشئ من مثله, او الي استعصاء تقليد القران الكريم علي الجهد البشري واستعلائه عليه, لانه كلام الله تعالي, المغاير لكلام البشر جمله وتفصيلا, ولو انه انزل باسلوب يفهمه البشر وقت نزوله وفي كل عصر من العصور التاليه لنزوله الي ان يرث الله تعالي الارض ومن عليها.
    وحجه المعترضين علي لفظ معجزه ومشتقاته تقوم علي اساس من ان اللفظ لم يرد له ذكر في كتاب الله بالمعني الشائع اليوم, ولا في الصحيح من الاحاديث النبويه الشريفه وان وردت مشتقاته للدلاله علي عدد من المعاني القريبه او المغايره قليلا لذلك في سته وعشرين موضعا من القران الكريم بالفاظ اعجز, ومعجزين, ومعاجزين وعجوز واعجاز وتصريفاتها ودلالاتها في تلك المواضع قد تبعد قليلا عما اريد التعبير عنه بلفظ المعجزه عند علماء اللغه, خاصه ان القران الكريم قد اشار دوما الي مدلول المعجزه بلفظ ايه( بصيغه المفرد والمثني والجمع) في اكثر من380 موضعا منها قول الحق تبارك وتعالي:
    (وقالوا لولا نزل عليه ايه من ربه)
    [الانعام: ايه37]

    وقوله( عز من قائل):
    (وقال الذين لايعلمون لولا يكلمنا الله او تاتينا ايه)[ البقره: ايه118]
    وقوله تعالي:
    (ولئن اتيت الذين اوتوا الكتاب بكل ايه ماتبعوا قبلتك)[ البقره: ايه145]
    وقوله:
    (سل بني اسرائيل كم اتيناهم من ايه بينه)[ البقره: ايه211]

    وقوله تعالي علي لسان احد انبياء بني اسرائيل:
    (وقال لهم نبيهم ان ايه ملكه ان ياتيكم التابوت... ان في ذلك لايه لكم ان كنتم مومنين..)
    [ البقره: ايه248]
    قوله تعالي علي لسان نبيه صالح( عليه السلام) مخاطبا قومه:
    (... هذه ناقه الله لكم ايه....)
    [الاعراف: الايه73]

    وقوله علي لسان فرعون وقومه وهم يعارضون سيدنا موسي( علي نبينا وعليه افضل الصلاه وازكي التسليم):
    (وقالوا مهما تاتنا به من ايه لتسحرنا بها فما نحن لك بمومنين)[ الاعراف: ايه132]
    وهذه حجه مردوده لان التعبير عن اعجاز القران قد استخدم منذ القرون الهجريه الاولي, ولم يجد علماء المسلمين من الصحابه والتابعين غضاضه في استخدام هذا التعبير علي الرغم من عدم وروده بهذا المعني في كتاب الله.

    صفحة الأحاديث النبوية

    http://www.facebook.com/pages/الاحاد...01747446575326

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,600
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    29-11-2014
    على الساعة
    05:10 PM

    افتراضي

    موقف المفسرين من الايات الكونيه في القران الكريم
    القران يحض علي تدبر اياته ومعانيه والاجتهاد في تفسيره ضروره
    بقلم الدكتور: زغلول النجار
    طال الجدل حول جواز تفسير الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله علي اساس من معطيات علوم العصر وفنونه, وتفاوتت مواقف العلماء من ذلك تفاوتا كبيرا بين مضيقين وموسعين ومعتدلين مما يمكن ان نوجزه فيما يلي:

    موقف المضيقين:
    وهو الموقف الذي يري اصحابه ان تفسير الايات الكونيه الوارده في كتاب الله, علي ضوء ماتجمع لدي الانسان من معارف هو نوع من التفسير بالراي الذي لا يجوز استنادا الي اقوال منسوبه لرسول الله( صلي الله عليه وسلم) منها:
    من قال في القران برايه فاصاب فقد اخطا
    ومن قال في القران بغير علم فليتبوا مقعده من النار والي اقوال منسوبه الي كل من الخليفتين الراشدين ابي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله تعالي عنهما من قول الاول اي سماء تظلني, واي ارض تقلني ان قلت في كتاب الله برايي وقول الثاني اتبعوا ماتبين لكم من هذا الكتاب فاعملوا به, ومالم تعرفوه فكلوه الي ربه وكذلك استنادا الي قول كل من سعيد بن المسيب وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الصحيح المنقول عن الاول انا لا نقول في القران شيئا والي الثاني لقد ادركت فقهاء المدينه وانهم ليعظمون القول في التفسير.
    والي القول المنسوب الي مسروق بن الاجدع( رضي الله عنه:) اتقوا التفسير فانما هو الروايه عن الله

    الرد علي المضيقين:
    فات اصحاب هذا الموقف المضيق ان المقصود بالراي في الحديث هو الهوي, لا الراي المنطقي المبني علي الحجه الواضحه والبرهان المقبول, ويوكد ذلك عباره بغير علم التي وردت في الحديث الثاني هذا بغض النظر عن كون الحديثين قد اعتبرا من ضعاف السند.
    كذلك فاتهم ان ماقد ورد علي لسان بعض الصحابه والتابعين مما يوحي بالتحرج من القول في القران الكريم بالراي الاجتهادي, انما هو من قبيل الورع, والتادب في الحديث عن كلام الله, خاصه انهم كانوا قد فطروا علي فهم اللغه العربيه, وفطنوا بها وباسرارها, ودرجوا علي عادات المجتمع العربي والموا باسباب النزول, وعايشوا رسول الله صلي الله عليه وسلم عن قرب وهو الموصول بالوحي وسمعوه صلي الله عليه وسلم وهو يتلو القران الكريم ويفسره, واستعانوا به علي فهم ماوقفوا دونه, وادركوا تفاصيل سنته الشريفه في ذلك وغيره, فهل يمكن لمن توافر له كل ذلك ان يكون له مجال للاجتهاد بالراي؟ خاصه ان العصر لم يكن عصر تقدم علمي كالذي نعيشه, وانهم كانوا لايزالون قريبي عهد بالجاهليه التي كان قد خيم فيها علي شبه الجزيره العربيه, بل وعلي العالم اجمع ركام من العقائد الفاسده, والتصورات الخاطئه, والافكار السقيمه, والاوهام والاساطير... ولم يسلم من ذلك الركام احد, حتي اصحاب الحضارات البائده.
    وان العصر كان عصر انتشار للاسلام, ودخول للكثيرين من اصحاب العقائد واللغات الاخري في دين الله افواجا, ومعهم خلفياتهم الفكريه الموروثه, والتي لم يتمكنوا من التخلص منها كليه بمجرد دخولهم في الاسلام, وان اعدادا غير قليله من هولاء كانوا قد دخلوا الاسلام لياتمروا به ويتامروا عليه, ويكيدوا له, بتاويل القران علي وجوه غير صحيحه, وبتفتيت وحده الصف الاسلامي, وبث بذور الفرقه فيه, وكان من نتائج ذلك كله هذا الفكر الغريب الذي دس علي المسلمين والذي عرف فيما بعد بالاسرائيليات نسبه الي السلالات الفاسده من بني اسرائيل( اي اليهود) الذين كثر النقل عنهم, وكثر دسهم علي دين الله, وعلي انبيائه ورسله( صلي الله وسلم عليهم اجمعين), وكان من نتائجه كذلك بروز الشيع والفرق والطرائق المختلفه, ومحاوله كل فرقه منها الانتصار لرايها بالقران... وهذا هو الهوي الذي عبر عنه بالراي فيما نسب من اقوال الي رسول الله صلي الله عليه وسلم والي عدد من صحابته وتابعيهم( عليهم رضوان الله اجمعين).

    اللهم فقهه في الدين
    كذلك فقد فات هولاء, وهم ينادون بعدم الاجتهاد بالراي في فهم كتاب الله, والوقوف عند حدود الماثور وهو مانقل عن رسول الله صلي الله عليه وسلم مباشره, او عن صحابته الكرام, او عمن عاصر الصحابه من التابعين, موكلين مالم يفسره التراث المنقول الي الله وهو ماعرف بمنهج التفسير بالماثور او التفسير بالمنقول, وكلنا يعلم ان التفسير بالماثور لم يشمل القران كله, فلحكمه يعلمها الله وقد ندرك طرفا منها اليوم لم يقم رسول الله صلي الله عليه وسلم بالتنصيص علي المراد في كل ايه من ايات القران الكريم, وان صحابته الكرام كانوا يجتهدون في فهم مالم ينص عليه, وكانوا يختلفون في ذلك ويتفقون, وان من الثابت انه( صلي الله عليه وسلم) قد صوب راي جماعه من اصحابه حين فسروا ايات من كتاب الله, وانه قد دعا لابن عباس بقوله اللهم فقهه في الدين, وعلمه التاويل, وان ذلك وغيره من الاقوال الماثوره قد اتخذ دليلا علي جواز الاجتهاد في التفسير في غير ما حدده رسول الله( صلي الله عليه وسلم فمما يروي عن علي( رضي الله عنه) حين سئل: هل خصكم رسول الله( صلي الله عليه وسلم) بشيء؟ انه قال: ما عندنا غير ما في هذه الصحيفه, وفهم يوتاه الرجل في كتابه وهذا يوكد علي ان فهم المسلمين لدلاله ايات القران الحكيم وتدبر معانيها هي ضروره تكليفيه لكل قادر عليها موهل للقيام بها, وذلك يقرره الحق تبارك وتعالي في قوله وهو احكم القائلين:
    كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولوا الالباب( ص29)

    وهذه الايه الكريمه, وكثير غيرها من الايات القريبه في المعني امر صريح من الله تبارك وتعالي بتدبر ايات القران الكريم وفهم معانيها, فالقران ينعي علي اولئك الذين لا يتدبرونه, ولا يستنبطون معانيه, وهذه اياته
    افلا يتدبرون القرءان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به, ولو ردوه الي الرسول والي اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم.....[ النساء الايتان83,82].
    افلا يتدبرون القرءان ام علي قلوب اقفالها( محمد الايه 24)

    وقد ساق الامام الغزالي( يرحمه الله) الادله علي جواز فهم القران بالراي( اي بالاجتهاد) ثم اضاف: فهذه الامور تدل علي ان في فهم معاني القران مجالا رحبا, ومتسعا بالغا, وان المنقول من ظاهر التفسير ليس منتهي الادراك فيه
    وبناء علي ذلك فقد اجاز الغزالي لكل انسان ان يستنبط من القران بقدر فهمه وحد عقله, ولو ان المبالغه في استخدام تلك الرخصه قد افرزت نتاجا لم يكن كله مستساغا مقبولا لدي العلماء, مطابقا لمقاصد القران الكريم في الهدايه, فقد خرج قوم من المفسرين بالايات القرانيه( اما عن عمد واضح او جهل فاضح) الي مالا يقبله العقل القويم, والصحيح المنقول عن رسول الله( صلي الله عليه وسلم) وعن اصحابه والتابعين لهم, وعن المنطق اللغوي واساليب العرب في الاداء حقيقه ومجازا, وذلك لانطلاق الفرق المختلفه والمذاهب المتنوعه من غير اهل السنه والجماعه( من فقهيه وكلاميه, وصوفيه وباطنيه) من منطلق التعصب لمذاهبهم ومحاولاتهم اخضاع التفاسير لخدمه مللهم ونحلهم, مما ادي الي الموقف المتشدد من القول في القران بالراي, ومن ثم رفض تفسير الايات الكونيه الوارده في كتاب الله علي اساس من معطيات المعارف الانسانيه المكتسبه في حقل العلوم البحته والتطبيقيه.

    الدعوه الي الاجتهاد في التفسير
    هناك اعداد كبيره من علماء المسلمين الذين اقتنعوا بضروره الاجتهاد في تفسير كتاب الله, ولكنهم حصروا ذلك في مناهج محدده منها المنهج اللغوي الذي يهتم بدلاله الالفاظ, وطرائق التعبير واساليبه والدراسات النحويه المختلفه, والمنهج البياني الذي يحرص علي بيان مواطن الجمال في اسلوب القران, ودراسه الحس اللغوي في كلماته, والمنهج الفقهي الذي يركز علي استنباط الاحكام الشرعيه والاجتهادات الفقهيه, كما ان من هولاء المفسرين من نادي بالجمع بين تلك المناهج في منهج واحد عرف باسم المنهج الموسوعي( او المنهج الجمعي), ومنهم من نادي بتفسير القران الكريم حسب الموضوعات التي اشتمل عليها, وذلك بجمع الايات الوارده في الموضوع الواحد في كل سور القران, وتفسير واستنباط دلالاتها استنادا الي قاعده ان القران يفسر بعضه بعضا, وقد عرف ذلك باسم المنهج الموضوعي في التفسير.

    من مبررات رفض المنهج العلمي للتفسير
    اما المنهج العلمي في التفسير والذي يعتمد علي تفسير الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله تعالي حسب اتساع دائره المعرفه الانسانيه من عصر الي عصر وتبعا للطبيعه التراكميه لتلك المعرفه فقد ظل مرفوضا من غالبيه المجتهدين في التفسير وذلك لاسباب كثيره منها:
    (1) ان الاسرائيليات كانت قد نفذت اول ما نفذت الي التراث الاسلامي عن طريق محاوله السابقين تفسير تلك الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله, وذلك لان الله تعالي قد شاء ان يوكل الناس في امور الكشف عن حقائق هذا الكون الي جهودهم المتتاليه جيلا بعد جيل, وعصرا بعد عصر..., ومن هنا جاءت الاشارات الكونيه في القران الكريم بصيغه مجمله, يفهم منها اهل كل عصر معني من المعاني, وتظل تلك المعاني تتسع باستمرار في تكامل لا يعرف التضاد, ومن هنا ايضا لم يقم رسول الله( صلي الله عليه وسلم) بالتنصيص علي المراد منها في احاديثه الشريفه, التي تناول بها شرح القران الكريم, ولكن لما كانت النفس البشريه تواقه دوما الي التعرف علي اسرار هذا الوجود, ولما كان الانسان قد شغل منذ القدم بتساولات كثيره عن نشاه الكون, وبدايه الحياه, وخلق الانسان ومتي حدث كل ذلك, وكيف تم, وما هي اسبابه؟, وغير ذلك من اسرار الوجود.., فقد تجمع لدي البشريه في ذلك تراث ضخم, عبر التاريخ اختلط فيه الحق بالباطل, والواقع بالخيال, والعلم بالدجل والخرافه, وكان اكثر الناس حرصا علي هذا النوع من المعرفه المكتسبه هم رجال الدين في مختلف العصور, وقد كانت الدوله الاسلاميه في اول نشاتها محاطه بحضارات عديده تباينت فيها تلك المعارف وامثالها ثم بعد اتساع رقعه الدوله الاسلاميه واحتوائها لتلك الحضارات المجاوره, ودخول امم من مختلف المعتقدات السابقه علي بعثه المصطفي صلي الله عليه وسلم الي دين الله.. ووصول هذا التراث الي قيامهم علي ترجمته ونقده والاضافه اليه. حاول بعض المفسرين الاستفاده به في شرح الاشارات الكونيه الوارده بالقران الكريم فضلوا سواء السبيل لان العصر لم يكن بعصر تطور علمي كالذي نعيشه اليوم, ولان هذا التراث كان اغلبه في ايدي اليهود, وهم الذين ائتمروا علي الكيد للاسلام منذ بزوغ فجره, وان النقل قد تم عمن اسلم ومن لم يسلم منهم, علي الرغم من تحذير رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله: اذا حدثكم اهل الكتاب فلا تصدقوهم ولاتكذبوهم, فاما ان يحدثوكم بحق فتكذبوه, واما ان يحدثوكم بباطل فتصدقوه.
    ويفسر ابن خلدون اسباب نقل هذه الاسرائيليات بقوله: والسبب في ذلك ان العرب لم يكونوا اهل كتاب, ولاعلم, وانما غلبت عليهم البداوه والاميه, واذا تشوقوا الي معرفه شيء مما تتشوق اليه النفوس البشريه: في اسباب المكونات, وبدء الخليقه, واسرار الوجود, فانما يسالون عنه اهل الكتاب قبلهم, ويستفيدون منهم, وهم اهل التوراه من اليهود, ومن تبع دينهم من النصاري, واهل التواره الذين بين العرب يومئذ وهم باديه مثلهم ولايعرفون من ذلك الا ما تعرفه العامه من اهل الكتاب, ومعظمهم من حمير الذين اخذوا بدين اليهوديه, فلما اسلموا بقوا علي ما كان عندهم مما لاتعلق له بالاحكام الشرعيه التي يحتاطون لها...

    2 ان القران الكريم هو في الاصل كتاب هدايه ربانيه, اي كتاب عقيده وعباده واخلاق ومعاملات, بمعني اخر هو كتاب دين الله الذي اوحي به الي سائر انبيائه ورسله وتعهد الله تعالي بحفظه فحفظ, فعلي ذلك لابد من التاكيد ان القران الكريم ليس كتاب علم تجريبي, وان الاشارات العلميه التي وردت به جاءت في مقام الارشاد والموعظه لا في مقام البيان العلمي بمفهومه المحدد, وان تلك الاشارات علي كثرتها جاءت في اغلب الاحيان مجمله, وذلك بهدف توجيه الانسان الي التفكير والتدبر وامعان النظر في خلق الله, لابهدف الاخبار العلمي المباشر.

    3 ان القران الكريم ثابت لايتغير بينما معطيات العلوم التجريبيه دائمه التغير والتطور وان ما تسمي بحقائق العلم ليست سوي نظريات وفروض يبطل منها اليوم ما كان سائدا بالامس, وربما في الغد ماهو سائد اليوم وبالتاكيد فلا يجوز الرجوع اليها عند تفسير كتاب الله العزيز لانه لايجوز تاويل الثابت بالمتغير.

    4 ان القران الكريم هو بيان من الله, بينما معطيات العلوم التجريبيه لاتعدو ان تكون محاوله بشريه للوصول الي الحقيقه, ولايجوز في ظنهم رويه كلام الله في اطار محاولات البشر, كما لايجوز الانتصار لكتاب الله تعالي بمعطيات العلوم المكتسبه لان القران الكريم بصفته كلام الله هو حجه علي البشر كافه, وعلي العلم واهله.

    5 ان العلوم التجريبيه تصاغ في اغلب دول العالم اليوم صياغه تنطلق كلها من منطلقات ماديه بحت, تفكر او تتجاهل الغيب, ولا تومن بالله, وان للكثيرين من المشتغلين بالعلوم الكونيه( البحت والتطبيقيه) مواقف عدائيه واضحه من قضيه الايمان بالله تعالي وبملائكته وكتبه ورسله, وبالقدر خيره وشره, وبحياه البرزخ وبالبعث والنشور والحساب وبالحياه الخالده في الدار الاخره اما في الجنه ابدا او في النا ر ابدا.

    6 ان بعض معطيات العلوم التجريبيه قد يتباين مع عدد من الاصول الثابته في الكتاب والسنه نظرا لصياغتها من منطلقات ماديه بحت منكره لكل حقائق الغيب او متجاهله لها.

    7 ان عددا من المفسرين الذين تعرضوا لتاويل بعض الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله قد تكلفوا في تحميل الايات من المعاني مالا تحمله في تعسف واضح وتكلف مفتعل علي اعناق الكلمات والايات وتحميلها من المعاني مالا تحمله.

    الرد علي الرافضين للمنهج العلمي في التفسير
    ان حجج المعارضين للمنهج العلمي للتفسير والتي اوردناها في الفقرات السابقه هي كلها حجج مردوده حجه بحجه كما يلي:
    1 انه لاحاجه بنا اليوم الي الاسرائيليات في تفسير ايات الكونيات, لان الرصيد العلمي في مختلف تلك المعارف قد بلغ اليوم شاوا لم يبلغه من قبل, واذا كان من استخدم الاسرائيليات في تفسيره من الاوائل قد ضل سواء السبيل, فان من يستخدم حقائق العلم الثابته, ومشاهداته المتكرره في شرح تلك الايات لابد ان يصل الي فهم لها لم يكن من السهل الوصول اليه من قبل, وان يجد في ذلك من صور الاعجاز مالم يجده السابقون, تاكيدا لوصف رسول الله صلي الله عليه وسلم للقران بانه لاتنقضي عجائبه ولايخلق من كثره الرد.

    3 انه لاتعارض البته بين كون القران الكريم كتاب هدايه ربانيه, وارشادا الهيا ودستور عقيده وعباده واخلاقا ومعاملات وكتاب تشريع سماوي يشمل نظاما كاملا للحياه, وبين احتوائه علي عدد من الاشارات العلميه الدقيقه التي وردت في مقام الاستدلال علي عظمه الخالق وقدرته في ابداعه للخلق, وقدرته علي افناء ما قد خلق, واعاده كل ذلك من جديد, وذلك لان الاشارات تبقي بيانا من الله, خالق الكون ومبدع الوجود, فلابد وان تكون حقا مطلقا, لانه من ادري بالخليقه من الخالق سبحانه وتعالي) ولو ان المسلمين وعووا هذه الحقيقه منذ القدم لكان لهم في مجال الدراسات الكونيه سبق ملحوظ, وثبات غير ملحوق فنحن ندرك اليوم وفي ضوء ماتجمع لنا من معارف في مجال دراسات العلوم البحته والتطبيقيه ان ايات الكونيات في كتاب الله تتسم جميعها بالدقه المتناهيه في التعبير والشمول في المعني, والاطراد والثبات في الدلاله والسبق لكثير من الكشوف العلميه بعشرات المئات من السنين وفي ذلك شهاده قاطعه لايستطيع ان ينكرها جاحد بان القران لايمكن ان يكون الا كلام الله الخالق.

    اما القول بان تلك الاشارات قد تم سردها بصوره مجمله, فانها بحق احدي صور الاعجاز العلمي والبياني في القران الكريم, وذلك لان كل اشاره علميه وردت فيه قد صيغت صياغه فيها من اعجاز الايجاز والدقه في التعبير والاحكام في الدلاله, والشمول في المعني ما يمكن الناس علي اختلاف ثقافاتهم وتباين مستويات ادراكهم وتتابع اجيالهم وازمانهم ان يدركوا لها من المعاني مايتناسب وهذه الخلفيات كلها, بحيث تبقي المعاني المستخلصه من الايه الواحده يكمل بعضها بعضا في تناسق عجيب.. وتكامل اعجب لانه تكامل لايعرف التضاد وهذا عندي من اروع صور الاعجاز في كتاب الله فالاجمال في تلك الاشارات مع وضوح الحقيقه العلميه للاجيال المتلاحقه, كل علي قدر حظه من المعرفه بالكون وعلومه هي بالقطع امر فوق طاقه البشر وصوره من صور الاعجاز لم تتوافر ولايمكن ان تتوافر لغير كلام الله الخالق, ومن هنا كان فهم الناس للاشارات العلميه الوارده بالقران الكريم علي ضوء مايتجمع لديهم من معارف, فهما يزداد اتساعا وعمقا جيلا بعد جيل, وهذا في حد ذاته شهاده للقران الكريم بانه لاتنتهي عجائبه, ولايبلي علي كثره الرد كما وصفه المصطفي( صلي الله عليه وسلم).
    وقد ادرك نفر من السابقين ذلك وفي مقدمتهم الامام المزركشي الذي كتب في كتابه البرهان في علوم القران مانصه.. وما من برهان ودلاله وتقسيم, وتحديد شيء من كليات المعلومات العقليه والسمعيه الا وكتاب الله تعالي قد نطق به, لكن اورده تعالي علي عاده العرب دون دقائق طرق احكام المتكلمين لامرين: احدهما بسبب ماقاله سبحانه وتعالي:
    وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم[ سوره ابراهيم:4]

    والثاني ان المائل الي دقيق المحاجه هو العاجز عن اقامه الحجه بالجليل من الكلام, فان استطاع ان يفهم بالاوضح الذي يفمهه الاكثرون لم يتخط الي الاغمض الذي لايعرفه الا الاقلون, وكذلك اخرج تعالي مخاطباته في محاجه خلقه من اجل صوره تشتمل علي ادق دقيق لتفهم العامه من جليلها مايقنعهم الحجه, وتفهم الخواص من اينائها مايوفي علي ما ادركه الخطباء....
    ثم يضيف: ومن ثم كان علي كل من اصاب حظا في العلم اوفر ان يكون نصيبه من علم القران اكثر, لان عقله حينئذ يكون قد استنار باضواء العلم, وهولاء الذين اهتم القران بمناداتهم كلما ذكر حجه علي الربوبيه والوحدانيه, او اضاف اليهم اولو الالباب والسامعون والمفكرون والمتذكرون تنبيها الي ان بكل قوه من هذه القوي يمكن ادراك حقيقه منها.
    من هنا كان واجب المتخصصين من المسلمين في كل عصر وفي كل جيل ان ينفر منهم من يستطيع ان يجمع الي حقل تخصصه الماما بحد ادني من علوم اللغه العربيه وادابها, ومن الحديث وعلومه, والفقه واصوله, وعلم الكلام وقواعده, واحاطه باسباب النزول, وبالماثور في التفسير, وباجتهاد السابقين من ائمه المفسرين, ثم يعود هولاء الي دراسه الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله كل فيما يخصه محاولين فهمها في ضوء معطيات العلم وكشوفه, وقواعد المنطق واصوله حتي يدركوا ما يستطيعون من فهم لكتاب الله حتي تتحقق نبوءه المصطفي( صلي الله عليه وسلم) في وصفه لكتاب الله انه لاتنتهي عجائبه..

    (3) ان القول بعدم جواز تاويل الثابت بالمتغير قول ساذج, لان معناه الجمود علي فهم واحد لكتاب الله, يناي بالناس عن واقعهم في كل عصر, حتي لايستسيغوه فيملوه ويهملوه, وثبات القران الكريم.. وهو من السمات البارزه له لايمنع من فهم الاشارات الكونيه الوارده فيه علي اساس من معطيات العلوم الكونيه البحته منها والتطبيقيه, حتي ولو كان ذلك يتسع من عصر الي اخر بطريقه مطرده, فالعلوم المكتسبه كلها لها طبيعه تراكميه, ولا يتوافر للانسان منها في عصر من العصور الا اقدار تتفاوت بتفاوت الازمنه, وتباين العصور, تقدما واضمحلالا, وهذه الطبيعه التراكميه للمعرفه الانسانيه المكتسبه تجعل الامم اللاحقه اكثر علما بصفه عامه من الامم السابقه, الا اذا تعرضت الحضاره الانسانيه باكملها للانتكاس والتدهور.
    من هنا كانت معطيات العلوم الكونيه بصفه خاصه, والمعارف المكتسبه كلها بصفه عامه دائمه التغير والتطور, بينما كلمات وحروف القران الكريم ثابته لاتتغير, وهذا وحده من اعظم شواهد الاعجاز في كتاب الله.
    وعلي الرغم من ثبات اللفظ القراني, وتطور الفهم البشري لدلالاته مع اتساع دائره المعرفه الانسانيه جيلا بعد جيل فان تلك الدلالات يتكامل بعضها مع بعض في اتساق لايعرف التضاد, ولايتوافر ذلك لغير كلام الله, الا اذا كان المفسر لاياخذ بالاسباب, او يسيء استخدام الوسائل فيضل الطريق....!! ويظل اللفظ القراني ثابتا, وتتوسع دائره فهم الناس له عصرا بعد عصر.. وفي ذلك شهاده للقران الكريم بانه يغاير كافه كلام البشر, وانه بالقطع بيان من الله.... ولذلك فاننا نجد القران الكريم يحض الناس حضا علي تدبر اياته, والعكوف علي فهم دلالاتها, ويتحدي اهل الكفر والشرك والالحاد ان يجدوا فيه صوره واحده من صور الاختلاف او التناقض علي توالي العصور عليه, وكثره النظر فيه, وصدق الله العظيم اذ يقول:
    افلا يتدبرون القرءان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.
    [ النساء82]

    واذ يكرر التساول التقريعي في سوره الرحمن احدي وثلاثين مره فباي الاء ربكما تكذبان, ويوكد ضروره تدبر القران وانه تعالي قد جعله في متناول عقل الانسان فيذكر ذلك اربع مرات في سوره القمر حيث يصدع التنزيل بقول الحق:( تبارك وتعالي)
    ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر
    [ القمر: الايات17 و22 و32 و40]

    والذكر هنا كما يجمع المفسرون يشمل التلاوه والتدبر معا, ويشير الي استمرار تلك العمليه مع تبادل العصور وتجدد الازمان, ومن هنا يبقي النص القراني ثابتا ويتجدد, فهم الناس له كلما اتسعت دائره معارفهم ونمت حصيلتهم العلميه, وذلك بالقطع فيما لم يرد في شرحه شيء من الماثور الموثق, وليس في ذلك مقابله بين كلام الله وكلام الناس كما يدعي البعض ولكنه المحاوله الجاده لفهم كلام الله وهو الذي انزله الله تعالي للبشر لكي يفهموه ويتعظوا بدروسه, وفهمه في نفس الوقت هو صوره من صور الاعجاز في كتاب الله, لاينكرها الا جاحد.
    اما القول بان مايسمي بحقائق العلم ليس الا نظريات وفروضا, يبطل منها اليوم ما كان سائدا بالامس, وربما يبطل في الغد ماهو سائد اليوم فهو ايضا قول ساذج لان هناك فروقا واضحه بين الفروض والنظريات من جهه والقواعد والقوانين من جهه اخري, وهي مراحل متتابعه في منهج العلوم التجريبيه الذي يبدا بالفروض ثم النظريات وينتهي بالقواعد والقوانين, والفروض هي تفسيرات اوليه للظواهر الكونيه, والنظريات هي صياغه عامه لتفسير كيفيه حدوث تلك الظواهر ومسبباتها, اما الحقائق الكونيه فهي مايثبت ثبوتا قاطعا في علم الانسان بالادله المنطقيه المقبوله وهي جزء من الحكمه التي نحن اولي الناس بها, وكذلك القوانين العلميه فهي تعبيرات بشريه عن السنن الالهيه في الكون, تصف علاقات محدده تربط بين عناصر الظاهره الواحده, او بين عدد من الظواهر الكونيه المختلفه, وهي كذلك جزء من الحكمه التي امرنا بان نجعلها ضاله المومن.
    صفحة الأحاديث النبوية

    http://www.facebook.com/pages/الاحاد...01747446575326

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,600
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    29-11-2014
    على الساعة
    05:10 PM

    افتراضي

    موقف المفسرين من الايات الكونيه في القران الكريم2

    حرص كثير من علماء المسلمين, علي الا يتم تاويل الاشارات العلميه, الوارده في القران الكريم الا في ضوء الحقائق العلميه الموكده من القوانين والقواعد الثابته, اما الفروض والنظريات فلا يجوز تخديمها في فهم ذلك وحتي هذا الموقف نعتبره تحفظا مبالغا فيه, فكما يختلف دارسو القران الكريم في فهم بعض الدلالات اللفظيه, والصور البيانيه, وغيرها من القضايا اللغويه ولا يجدون حرجا في ذلك العمل الذي يقومون به في غيبه نص ثابت ماثور, فاننا نري انه لا حرج علي الاطلاق في فهم الاشارات الكونيه الوارده بالقران الكريم علي ضوء المعارف العلميه المتاحه, حتي ولو لم تكن تلك المعارف قد ارتقت الي مستوي الحقائق الثابته, وذلك لان التفسير يبقي جهدا بشريا خالصا بكل ما للبشر من صفات القصور, والنقص, وحدود القدره, ثم ان العلماء التجريبيين قد يجمعون علي نظريه ما. لها من الشواهد ما يويدها, وان لم ترق بعد الي مرتبه القاعده او القانون, وقد لا يكون امام العلماء من مخرج للوصول بها الي ذلك المستوي ابدا, فمن امور الكون العديده مالا سبيل للعلماء التجريبيين من الوصول فيها الي حقيقه ابدا, ولكن قد يتجمع لديهم من الشواهد مايمكن ان يعين علي بلوره نظريه من النظريات, ويبقي العلم التجريبي مسلما بانه لا يستطيع ان يتعدي تلك المرحله في ذلك المجال بعينه ابدا, والامثله علي ذلك كثيره منها النظريات المفسره لاصل الكون واصل الحياه واصل الانسان, وقد مرت بمراحل متعدده من الفروض العلميه حتي وصلت اليوم الي عدد محدود من النظريات المقبوله, ولا يتخيل العلماء انهم سيصلون في يوم من الايام الي اكثر من تفضيل لنظريه علي اخري, او تطوير لنظريه عن اخري, او وضع لنظريه جديده, دون الادعاء بالوصول الي قانون قطعي, او قاعده ثابته لذلك, فهذه مجالات اذا دخلها الانسان بغير هدايه ربانيه فانه يضل فيها ضلالا بعيدا, وصدق الله العظيم اذ يقول:
    ما اشهدتهم خلق السماوات والارض ولا خلق انفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا.( الكهف51)

    وذلك لانه علي الرغم من ان العلماء التجريبيين يستقرئون حقائق الكون بالمشاهده والاستنتاج, او بالتجربه والملاحظه والاستنتاج, في عمليات قابله للتكرار والاعاده, الا ان من امور الكون مالا يمكن اخضاعه لذلك من مثل قضايا الخلق: خلق الكون, وخلق الحياه وخلق الانسان. وهي قضايا لا يمكن للانسان ان يصل فيها الي تصور صحيح ابدا بغير هدايه ربانيه, ولولا الثبات في سنن الله التي تحكم الكون ومافيه ما تمكن الانسان من اكتشافها,... ولا يظن عاقل ان البشر مطالبون بما هو فوق طاقاتهم خاصه في فهم كتاب الله الذي انزل لهم, ويسر لتذكرهم لقول الحق تبارك وتعالي:
    (ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر)( القمر: الايات40,32,22,17)
    ففي الوقت الذي يقرر القران الكريم فيه ان الله لم يشهد الناس خلق السموات والارض ولا خلق انفسهم, نجده في ايات اخر يامرهم بالنظر في كيفيه بدايه الخلق, وهي من اصعب قضايا العلوم الكونيه البحته منها والتطبيقيه قاطبه اذ يقول( عز من قائل:

    (او لم يروا كيف يبديء الله الخلق ثم يعيده ان ذلك علي الله يسير* قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدا الخلق ثم الله ينشيء النشاه الاخره ان الله علي كل شيء قدير)( العنكبوت:20,19)
    مما يشير الي ان بالارض سجلا حافلا بالحقائق التي يمكن ان يستدل منها علي كيفيه الخلق الاول, وعلي امكانيه النشاه الاخره, والامر في الايه من الله تعالي الي رسوله الكريم ليدع الناس كافه الي السير في الارض, واستخلاص العبره من فهم كيفيه ا لخلق الاول, وهي قضيه تقع من العلوم الكونيه( البحته والتطبيقيه) في الصميم, ان لم تكن تشكل اصعب قضيه علميه عالجها الانسان.
    وهذه القضايا: قضايا الخلق وافنائه واعاده خلقه لها في كتاب الله وفي سنه رسوله( صلي الله عليه وسلم) من الاشارات اللطيفه مايمكن الانسان المسلم من تفضيل نظريه من النظريات او فرض من الفروض والارتقاء بها او به الي مقام الحقيقه لمجرد ورود ذكر لها او له في كتاب الله او في سنه رسوله( صلي الله عليه وسلم) ونكون بذلك قد انتصرنا بالقران الكريم والسنه النبويه المطهره للعلم وليس العكس.

    وعلي ذلك فاني اري جواز فهم الاشارات العلميه الوارده بالقران الكريم علي اساس من الحقائق العلميه الثابته اولا, فان لم تتوافر فبالنظريه السائده, فان لم تتوافر فبالفرض العلمي المنطقي المقبول, حتي لو ادي التطور العلمي في المستقبل الي تغيير تلك النظريه, او ذلك الفرض او تطويرهما او تعديلهما, لان التفسير كما سبق ان اشرت يبقي اجتهادا بشريا خالصا من اجل حسن فهم دلاله الايه القرانيه ان اصاب فيه المرء فله اجران وان اخطا فله اجر واحد, ويبقي هذا الاجتهاد, قابلا للزياده والنقصان, وللنقد والتعديل والتبديل.
    الرد علي القائلين بعدم جواز رويه كلام الله في اطار محاولات البشر
    ان في كون القران الكريم بيانا من الله تعالي الي الناس كافه, يفرض علي المتخصصين من ابناء المسلمين ان يفهموه كل في حقل تخصصه علي ضوء ماتجمع له من معارف بتوظيف مناهج الاستقراء الدقيقه, فالقران نزل للناس ليفهموه وليتدبروا اياته. ثم ان تاويل ايات الكونيات علي ضوء من معطيات العلوم التجريبيه لا يشكل احتجاجا علي القران بالمعارف المكتسبه, ولا انتصارا له بها, فالقران بالقطع فوق ذلك كله, ولان التاويل علي اساس من المعطيات العلميه الحديثه يبقي محاوله بشريه للفهم في اطار لم يكن متوفرا للناس من قبل, ولا يمكن ان تكون محاولات البشر لفهم القران الكريم حجه علي كتاب الله, سواء اصابت ام اخطات تلك المحاولات, والا لما حفل القران الكريم بهذا الحشد الهائل, من الايات التي تحض علي استخدام كل الحواس البشريه للنظر في مختلف جنبات الكون بمنهج علمي استقرائي دقيق. وذلك لان الله تعالي قد جعل السنن الكونيه علي قدر من الثبات والاطراد يمكن حواس الانسان المتامل لها, المتفكر فيها, المتدبر لتفاصيلها من ادراك اسرارها( علي الرغم من حدود قدرات تلك الحواس), ويعين عقله علي فهمها( علي الرغم من حدود قدرات ذلك العقل),

    وربما كان هذا هو المقصود من ايات التسخير التي يزخر بها القران الكريم, ويمن علينا ربنا تبارك وتعالي وهو صاحب الفضل والمنه بهذا التسخير الذي هو من اعظم نعمه علينا نحن العباد.
    ومن اروع مايدركه الانسان المتامل في الكون كثره الادله الماديه الملموسه علي كل حدث وقع في الكون صغر ام كبر, ادله مدونه في صفحه الكون وفي صخور الارض بصوره يمكن لحواس الانسان ولعقله ادراكها لو اتبع المنهج العلمي الاستقرائي الصحيح, فما من انفجار حدث في صفحه الكون الا وهو مدون, ومامن نجم توهج او خمد الا وله اثر, وما من هزه ارضيه او ثوره بركانيه او حركه بانيه للجبال الا وهي مسجله في صخور القشره الارضيه, وما من تغير في تركيب الغلاف الغازي او المائي للارض الا وهو مدون في صخور الارض, ومامن تقدم للبحار او انحسار لها, ولا تغير في المناخ الا وهو مدون كذلك في صخور الارض, ومامن هبوط نيازك او اشعه كونيه علي الارض الا وهو مسجل. في صخورها. ومن هنا فان الدعوه القرانيه للتامل في الكون واستخلاص سنن الله فيه وتوظيف تلك السنن في عماره الارض والقيام بواجب الاستخلاف فيها هي دعوه للناس في كل زمان ومكان, وهي دعوه لا تتوقف ولا تتخلف ولا تتعطل انطلاقا من الحقيقه الواقعه انه مهما اتسعت دائره المعرفه الانسانيه فان القران الكريم يبقي دوما مهيمنا عليها, محيطا بها لانه كلام الله الخالق الذي ابدع هذا الكون بعلمه وقدرته وحكمته, والذي هو ادري بصنعته من كل من هم سواه.

    وعلي ذلك فان مقابله كلام الله بمحاوله البشر لتفسيره واثبات جوانب الاعجاز فيه لا تنتقص من جلال الربوبيه الذي يتلالا بين كلمات هذا البيان الرباني الخالص, وانما تزيد المومنين ثباتا علي ايمانهم, وتقيم الحجه علي الجاحدين من الكفار والمشركين, وحتي لو اخطا المفسر في فهم دلاله ايه من ايات القران الكريم فان هذا الخطا يعد علي المفسر نفسه ولا ينسحب علي جلال كلام الله ابدا, والذين فسروا باللغه اصابوا واخطاوا, وكذلك الذين فسروا بالتاريخ, فليحاول العلماء التجريبيون تفسير الايات الكونيه بما تجمع لديهم من معارف لان تلك الايات لا يمكن فهم دلالاتها فهما كاملا, ولا استقراء جوانب الاعجاز فيها في حدود اطرها اللغويه وحدها.

    الرد علي المدعين
    بكفر الكتابات العلميه المعاصره
    ان الاحتجاج بان العلوم التجريبيه في ظل الحضاره الماديه المعاصره تنطلق في معظمها من منطلقات ماديه بحته, تنكر او تتجاهل الغيب, ولا تومن بالله, وان للكثيرين من المشتغلين بالعلوم مواقف عدائيه واضحه من قضيه الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر, فمرده بعيد عن طبيعه العلوم الكونيه, وانما يرجع ذلك الي العقائد الفاسده التي افرزتها الحضاره الماديه المعاصره, والتي تحاول فرضها علي كل استنتاج علمي كلي, وعلي كل رويه شامله للكون والحياه, في وقت حققت فيه قفزات. هائله في مجال العلوم الكونيه البحته منها والتطبيقيه, بينما تخلف المسلمون في كل امر من امور الحياه بصفه عامه, وفي مجال العلوم والتقنيه بصفه خاصه, مما ادي الي انتقال القياده الفكريه في هذه المجالات علي وجه الخصوص الي امم سبق للعلماء فيها ان عانوا معاناه شديده من تسلط الكنيسه عليهم, واضطهادها لهم, ورفضها للمنهج العلمي ولكل معطياته ووقوفها حجر عثره في وجه اي تقدم علمي, كما حدث في اوروبا في اوائل عصر النهضه. فانطلق العلماء الغربيون من منطلق العداوه للكنيسه اولا ثم لقضيه الايمان بالتبعيه, وداروا بالعلوم الكونيه ومعطياتها في اطارها المادي فقط, وبرعوا في ذلك براعه ملحوظه, ولكنهم ضلوا السبيل وتنكبوه حينما حبسوا انفسهم في اطار الماده, ولم يتمكنوا من ادراك ما فوقها, او منعوا انفسهم من التفكير فيه, فاصبحت الغالبيه العظمي من العلوم تكتب من مفهوم مادي صرف, وانتقلت عدوي ذلك الي عالمنا المسلم اثناء مرحله اللهث وراء اللحاق بالركب التي نعيشها وما صاحب ذلك من مركبات الشعور بالنقص, او نتيجه لدس الاعداء, وانبهار البلهاء بما حققته الحضاره الماديه المعاصره من انتصارات في مجال العلوم البحته والتطبيقيه, وما وصلت اليه من اسباب القوه والغلبه, وما حملته معها حركه الترجمه من غث وسمين, فاصبحت العلوم تكتب اليوم في عالمنا المعاصر من نفس المنطلق لانها عاده ماتدرس وتكتب وتنشر بلغات اجنبيه علي نفس النمط الذي ارست قواعده الحضاره الماديه, وحتي ماينشر منها باللغه العربيه, او بغيرها من اللغات المحليه, لا يكاد يخرج في مجموعه عن كونه ترجمه مباشره او غير مباشره للفكر الغريب الوافد بكل مافيه من تعارض واضح احيانا مع نصوص الدين, وهنا تقتضي الامانه اثبات ان ذلك الموقف غريب علي العلم وحقائقه ومن هنا ايضا كان من واجب المسلمين اعاده التاصيل الاسلامي للمعارف العلميه اي اعاده كتابه العلوم بل والمعارف المكتسبه كلها من منطلق اسلامي صحيح خاصه ان المعطيات الكليه للعلوم البحته والتطبيقيه بعد وصولها الي قدر من التكامل في هذا العصر اصبحت من اقوي الادله علي وجود الله وعلي تفرده بالالوهيه والربوبيه وبكامل الاسماء و,الصفات, وانصع الشواهد علي حقيقه الخلق وحتميه البعث وضروره الحساب وان العلوم الكونيه كانت ولا تزال النافذه الرئيسيه التي تتصل منها الحضاره المعاصره بالفطره الربانيه وان المنهج العلمي ونجاحه في الكشف عن عدد من حقائق هذا الكون متوقف علي اتساق تلك الفطره واتصاف سننها بالاطراد والثبات.

    الرد علي الادعاء بالتعارض
    بين معطيات العلم والدين
    ان القول بان عددا من المعطيات الكليه للعلوم التجريبيه كما تصاغ في الحضاره الماديه المعاصره قد تتباين مع الاصول الاسلاميه الثابته قول علي اطلاقه غير صحيح لانه اذا جاز ذلك في بعض الاستنتاجات الجزئيه الخاطئه, او في بعض الاوقات كما كان الحال في مطلع هذا القرن, والمعرفه بالكون جزئيه متناثره, ساذجه بسيطه, او في الجزء المتاخر منه عندما ادت المبالغه في التخصص الي حصر العلماء في دوائر ضيقه للغايه حجبت عنهم الرويه الكليه لمعطيات العلوم, فانه لا يجوز:اليوم حين بلغت المعارف باشياء هذا الكون حدا لم تبلغه البشريه من قبل وقد اصبحت الاستنتاجات الكليه لتلك المعارف توكد ضروره الايمان بالخالق الباريء المصور الذي ليس كمثله شيء, وعلي ضروره التسليم بالغيب وبالوحي وبالبعث وبالحساب, فمن المعطيات الكليه للعلوم الكونيه المعاصره ما يمكن ايجازه فيما يلي:
    ان هذا الكون الذي نحيا فيه متناه في ابعاده مذهل في دقه بنائه, مذهل في احكام ترابطه وانتظام حركاته.

    ان هذا الكون مبني علي نفس النظام من ادق دقائقه الي اكبر وحداته.
    ان هذا الكون دائم الاتساع الي نهايه لا يستطيع العلم المكتسب ادراكها.
    ان هذا الكون علي قدمه مستحدث مخلوق, كانت له في الماضي السحيق بدايه حاول العلم التجريبي قياسها, ووصل فيها الي دلالات تكاد تكون ثابته لو استبعدنا الاخطاء التجريبيه.

    ان هذا الكون عارض اي انه لابد ان ستكون له في يوم من الايام نهايه تشير اليها كل الظواهر الكونيه من حولنا.
    ان هذا الكون المادي لا يمكن ان يكون قد اوجد نفسه بنفسه ولا يمكن لاي من مكوناته الماديه ان تكون قد اوجدته.
    ان هذا الكون المتناهي الابعاد. الدائم الاتساع, المحكم البناء, الدقيق الحركه والنظام الذي يدور كل ما فيه في مدارات محدده وبسرعات مذهله متفاوته وثابته لا يمكن ان يكون قد وجد بمحض المصادفه.

    هذه المعطيات السابقه تفضي الي حقيقه منطقيه واحده موداها انه اذا كان هذا الكون الحادث لا يمكن ان يكون قد وجد بمحض المصادفه. فلابد له من موجد عظيم له من العلم والقدره والحكمه وغير ذلك من صفات الكمال والتنزيه ما لا يتوافر لشيء من خلقه بل ما يغاير صفات المخلوقات جميعا فلا تحده. حدود المكان ولا الزمان ولا قوالب الماده او الطاقه, ولا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار ولا ينسحب عليه ما يحكم خلقه من سنن وقوانين, لانه( سبحانه وتعالي)
    ( ليس كمثله شيء)( الشوري:11)
    هذا الخالق العظيم الذي اوجد الكون بما فيه ومن فيه هو وحده الذي يملك القدره علي ازالته وافنائه ثم اعاده خلقه وقتما شاء وكيفما شاء:
    يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب, كما بدانا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين.( الانبياء: ايه104)
    انما قولنا لشيء اذا اردناه ان نقول له كن فيكون( النحل:40)

    ان الوحده في هذا الكون تشير الي وحدانيه هذا الخالق العظيم, وحده بناء كل من الذره والخليه الحيه والمجموعه الشمسيه والمجره وغيرها, ووحده تاصيل العناصر كلها وردها الي ابسطها وهو غاز الايدروجين, ووحده تواصل كل صور الطاقه, وتواصل الماده والطاقه, وتواصل المخلوقات, هذا التواصل وتلك الوحده التي يميزها التنوع في ازواج, وتلك الزوجيه التي تنتظم كل صور المخلوقات من الاحياء والجمادات تشهد بتفرد الخالق الباريء المصور بالوحدانيه, واستعلاء هذا الخالق الواحد الاحد الفرد الصمد فوق خلقه بمقام الالوهيه والربوبيه الذي لا يشاركه فيه احد ولا ينازعه علي سلطانه منازع ولا يشبهه من خلقه شيء
    ان العلوم التجريبيه في تعاملها مع المدرك المحسوس فقط, قد استطاعت ان تتوصل الي ان بالكون غيبا قد لا يستطيع الانسان ان يشق حجبه, ولولا ذلك الغيب ما استمرت تلك العلوم في التطور والنماء, لان اكبر الاكتشافات العلميه قد نمت نتيجه للبحث الدءوب عن هذا الغيب.
    توكد العلوم التجريبيه ان بالاحياء سرا لا نعرف كنهه, لاننا نعلم مكونات الخليه الحيه, والتركيب المادي لجسد الانسان, ومع ذلك لم يستطع هذا العلم ان يصنع لنا خليه حيه واحده, او ان يوجد لنا انسانا عن غير الطريق الفطري لا يجاده.
    ان النظر في اي من زوايا هذا الكون ليوكد حاجته بمن فيه وما فيه الي رعايه خالقه العظيم في كل لحظه من لحظات وجوده

    ان العلوم الكونيه اذ تقدر ان الكون والانسان في شكليهما الحاليين ليسا ابديين, فانها وعلي غير قصد منها لتوكد حقيقه الاخره, بل وعلي حتميتها, والموت يتراءي في مختلف جنبات هذا الكون في كل لحظه من لحظات وجوده, شاملا الانسان والحيوان والنبات والجماد واجرام السماء علي تباين هيئاتها, وتكفي في ذلك الاشاره الي ما اثبتته المشاهده من ان الشمس تفقد من كتلتها بالاشعاع ما يقدر بحوالي4,6 مليون طن في كل ثانيه وانها اذ تستمر في ذلك فلابد من ان ياتي الوقت الذي تخبو فيه جذوتها, وينطفيء اوراها, وتنتهي الحياه علي الارض قبل ذلك, لاعتمادها في ممارسه انشطتها الحيويه علي اشعه الشمس وان الطاقه تنتقل من الاجسام الحاره الي الاجسام الاقل حراره بطريقه مستمره في محاوله لتساوي درجات حراره الاجرام المختلفه في الكون ولابد ان تنتهي بذلك او قبله كل صور الحياه المعروفه لنا, وليس معني ذلك انه يمكن معرفه متي تكون نهايه هذا الوجود, لان الاخره قرار الهي لا يرتبط بسنن الدنيا, وان ابقي الله تعالي لنا في الدنيا من الظواهر والسنن ما يوكد امكانيه وقوع الاخره, بل حتميتها انصياعا للامر الالهي كن فيكون وان الانسان الذي يحوي جسده في المتوسط الف مليون مليون خليه يفقد فيها في كل ثانيه ما يقدر بحوالي125 مليون خليه تموت ويتخلق غيرها بحيث تتبدل جميع خلايا جسد الفرد من بني البشر مره كل عشر سنوات تقريبا, فيما عدا الخلايا العصبيه التي اذا ماتت لا تتجدد, وتكفي في ذلك ايضا الاشاره الي ان انتقال الاليكترون من مدار الي اخر حول نواه الذره يتم بسرعه مذهله دفعت بعدد من العلماء الي الاعتقاد بانه فناء في مدار وخلق جديد في مدار اخر, كما تكفي الاشاره الي ظاهره اتساع الكون عن طريق تباعد المجرات عن بعضها البعض بسرعات مذهله تقترب من سرعه الضوء( اي حوالي ثلاثمائه الف كيلو متر في الثانيه) وتخلق الماده في المسافات الجديده الناتجه عن هذا التباعد المستمد بطريقه لايعلمها الا الله, وتباطو هذا التباعد الناتج عن ظاهره الانفجار العظيم مع الزمن مما يشير الي حتميه تغلب الجاذبيه علي عمليه الدفع الي الخارج مما يودي الي اعاده جمع ماده الكون ومختلف صور الطاقه فيه في جرم واحد ذي كثافه بالغه مما يجعله في حاله من عدم الاستقرار تودي الي انفجاره علي هيئه شبيهه بالانفجار الاول الذي تم به خلق الكون, فيتحول هذا الجرم الي غلاله من دخان كما تحول الجرم الاول, وتتخلق من هذا الدخان ارض غير الارض, وسماوات غير السماوات.

    كما وعد ربنا تبارك وتعالي بقوله( عز من قائل):
    يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدانا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين( الانبياء: ايه104)
    وقوله( سبحانه):
    يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار( ابراهيم:48).

    وتكفي في ذلك ايضا الاشاره الي ان الذرات في جميع الاحماض الامينيه والجزيئات البروتينيه تترتب ترتيبا يساريا في اجساد كافه الكائنات الحيه علي اختلاف مراتبها, فاذا مامات الكائن الحي اعادت تلك الذرات ترتيب نفسها ترتيبا يمينيا بمعدلات ثابته محدده يمكن باستخدامها تحديد لحظه وفاه الكائن الحي اذا بقيت من جسده بقيه بعد مماته, ويتعجب العلماء من القدره التي مكنت الذرات من تلك الحركات المنضبطه بعد وفاه صاحبها وتحلل جسده!!
    فهل يمكن لعاقل بعد ذلك ان يتصور ان العلوم الكونيه ومعطياتها في ازهي عصور ازدهارها تتصادم مع قضيه الايمان بالله, وهذه هي معطياتها الكليه, وهي في جملتها تكاد تتطابق مع تعاليم السماء, وفي ذلك كتب المفكر الاسلامي الكبير الاستاذ محمد فريد وجدي( يرحمه الله) في خاتمه كتابه المستقبل للاسلام ما نصه:
    ان كل خطوه يخطوها البشر في سبيل الرقي العلمي, هي تقرب الي ديننا الفطري, حتي ينتهي الامر الي الاقرار الاجماعي بانه الدين الحق.

    ثم يضيف:.. نعم ان العالم بفضل تحرره من الوراثات والتقاليد, وامعانه في النقد والتمحيص, يتمشي علي غير قصد منه نحو الاسلام,بخطوات متزنه ثابته, لاتوجد قوه في الارض ترده. عنه الا اذا انحل عصام المدنيه, وارتكست الجماعات الانسانيه عن وجهتها العلميه.
    وقد بدات بوادر هذا التحول الفكري تظهر جليه اليوم, وفي مختلف جنبات الارض, باقبال اعداد كبيره من العلماء والمتخصصين وكبار المثقفين والمفكرين علي الاسلام, اقبالا لم تعرف له الانسانيه مثيلا من قبل, واعداد هولاء العلماء الذين توصلوا الي الايمان بالله عن طريق النظر المباشر في الكون, واستدلوا علي صدق خاتم رسله وانبيائه( صلي الله عليه وسلم) بالوقوف علي عدد من الاشارات العلميه البارقه الصادقه في كتاب الله, هم في تزايد مستمر, وهذا واحد منهمموريس بوكاي الطبيب والباحث الفرنسي يسجل في كتابه الانجيل والقران والعلم مانصه:.. لقد اثارت هذه الجوانب العلميه التي يختص بها القران دهشتي العميقه في البدايه, فلم اكن اعتقد قط بامكان اكتشاف عدد كبير الي هذا الحد من الدعاوي الخاصه بموضوعات شديده التنوع ومطابقه تماما للمعارف العلميه الحديثه, وذلك في نص دون منذ اكثر من ثلاثه عشر قرنا.
    صفحة الأحاديث النبوية

    http://www.facebook.com/pages/الاحاد...01747446575326

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,600
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    29-11-2014
    على الساعة
    05:10 PM

    افتراضي

    الاشارات الكونيه في القران الكريم
    ومغزي دلالتها العلميه

    ان فهم الاشارات الكونيه في كتاب الله, علي ضوء ما تجمع للبشريه اليوم من معارف, وتقديمها للعالم كواحد من الادله العديده علي ان القران الكريم هو كلام الله الذي انزله بعلمه والذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, والذي حفظ بحفظ الله, بنفس اللغه التي اوحي بها, بدقائق حروفه وكلماته واياته وسوره, يعتبر فتحا جديدا للاسلام, وانقاذا للبشريه من الهاويه التي تتردي فيها اليوم بسبب تقدمها العلمي والتقني المذهل وتضاول روح الايمان بالله, وانعدام الخشيه من عذابه في نفوس القطاع الاكبر من الناس خاصه في اكثر المجتمعات البشريه المعاصره اخذا باسباب التقدم العلمي والتقني, فاغلب المجتمعات البشريه في الدول غير المسلمه تعاني اليوم من انفراط عقد الاسره, والتقنين للممارسات الجنسيه بدون ادني رباط, فكثر حمل المراهقات, وابناء الزنا, والاسر ذات العائل الواحد, وتفشت الامراض والاوباء والعلل مما لم يكن معروفا من قبل, وقننت الحكومات والتشريعات للعلاقات الشاذه, وصرحت بتبني الاطفال وتنشئتهم في وسط الشواذ, وهي عمليه مدمره للفطره الانسانيه فكثرت الازمات النفسيه وامراضها, وتضاعفت معدلات كل من الادمان والجريمه والانتحار, وملئت اكثر المجتمعات البشريه ثراء وتطورا ماديا باخطر مشاكل المجتمعات الانسانيه علي الاطلاق...!!!

    ومن هولاء الذين لايعرفون لهم ابا, والذين خرجوا الي الحياه بطرق غير مشروعه, ونشئوا في بيئات فاسده وبين سلوكيات منحطه وضيعه من يمكن ان يصل الي مقام السلطه في دول تملك من تقنيات ووسائل الغلبه الماديه, من مختلف اسلحه الدمار الشامل ما يعينه علي البطش بالخلق, وافشاء الظلم, وتدمير الحياه علي سطح الارض, وافساد بيئاتها والقضاء علي مختلف صور الحياه فيها...!!! ولا يجد من دين او خلق او منطق اي رادع يمكن ان يرده عن ذلك...!!!
    واغلب وسائل الاعلام في العالم قد وقعت اليوم في ايدي اليهود, في موامره خسيسه علي الانسانيه واليهود هم اشد الناس عداوه للذين امنوا بصفه خاصه وللانسان غير اليهودي بصفه عامه فوظفوا كافه تلك الوسائل الاعلاميه في تدمير البقيه الباقيه من عقائد واخلاقيات وسلوكيات المجتمعات الانسانيه, وفي تشويه صوره الاسلام في اذهان الناس, وذلك لان مما يسوءهم ان يروا الاسلام ينتشر في مجتمعاتهم المريضه في الوقت الذي يتصورون فيه انهم قد احاطوا بالاسلام والمسلمين احاطه كامله. ويقبل علي الاسلام في الغرب والشرق قمم الفكر والعلم والراي لانهم يرون فيه المخرج الوحيد من الوحل النتن الذي غاصت فيه مجتمعاتهم والذي يعيشون فيه الي اذقانهم في غالبيتهم الساحقه, ووسيلتنا في تحسين صوره الاسلام في العالم هي حسن الدعوه اليه بالكلمه الطيبه, والحجه الواضحه, والمنطق السوي. وخير ما نقدمه في ذلك المضمار مما يتناسب مع طبيعه العصر ولغته هو الاعجاز العلمي للقران الكريم, لاننا نعيش في زمن ادار غالبيه الناس ظهورهم فيه للدين, ولم تعد قضايا الغيب المطلق من بعث بعد الموت, وعرض اكبر امام الله الخالق, وخلود في حياه قادمه: اما في الجنه ابدا, او في النار ابدا

    وغيرها من قضايا الدين لم تعد تحرك فيهم ساكنا, ولكنهم في نفس الوقت قد فتنوا بالعلم ومعطياته فتنه كبيره, فاذا اشرنا الي سبق للقران الكريم في الاشاره الي عدد من حقائق الكون قبل ان يصل الانسان الي شيء منها بعشرات المئات من السنين, وهو الكتاب الذي انزل علي نبي امي( صلي الله عليه وسلم) في امه كانت غالبيتها الساحقه من الاميين, فان ذلك سوف يحرك عقولهم وقلوبهم, وسوف يحضهم علي الاطلاع في كتاب الله الذي ما اطلع عليه عاقل الا ويشهد له انه لا يمكن ان يكون كلام احد غير الله الخالق( سبحانه وتعالي), وفي ذلك تحييد لحجم الكراهيه الشديده التي غرستها وسائل الاعلام الدوليه للاسلام والمسلمين في قلوب الملايين, ودعوه مستنيره الي دين الله وما احوجنا للدعوه لهذا الدين الخاتم في زمن التحدي بالعولمه الذي نعيشه, والذي يتهدد كافه شعوب الارض بالذوبان في بوتقه الحضاره الماديه الجارفه...!!!
    ولا يمكن ان يصدنا عن ذلك دعوي ان عددا من المفسرين السابقين الذين تعرضوا لتاويل بعض الايات الكونيه في كتاب قد تكلفوا في تحميل تلك الايات من المعاني مالا تحتمله وذلك بسبب نقص في وفره المعلومات العلميه او جهل بها, وذلك لما سبق وان اوضحناه بان التفسير لاي القران الكريم هو محاوله بشريه لحسن فهم دلاله تلك الايات ان اصاب فيها المرء فله اجران, وان اخطا فله اجر واحد, والمعول في ذلك النيه, وان الخطا في التفسير لا ينال من جلال القران الكريم, ولكنه ينعكس علي المفسر, خاصه وان الذين فسروا باللغه اصابوا واخطاوا والذين فسروا بالتاريخ اصابوا واخطاوا ولم ينل ذلك من قدسيه القران الكريم ومكانته في قلوب وعقول المومنين شيئا اما اليوم وقد توافر للانسان من المعرفه بحقائق الكون وسننه ما لم يتوافر لجيل من البشر من قبل, فان توظيف ذلك الكم من المعلومات من اجل حسن فهم دلاله الايه القرانيه, واثبات سبقها التاريخي لكافه البشر يعتبر ضروره اسلاميه لتثبيت ايمان المومنين, ولدعوه الضالين من الكفار والمشركين والذي سوف يسالنا ربنا( تبارك وتعالي) عن تبليغهم بهذا الدين, ودعوتهم اليه بالحكمه والموعظه الحسنه.

    والاخطاء التي وقع فيها عدد من المفسرين الذين تعرضوا للايات الكونيه في كتاب الله, او تكلفهم في تحميل الايات من المعاني ما لا تحمله, في تعسف واضح, وتكلف جلي, يحملونه هم, ولا تتحمله ايات الكتاب المبين, لان التاويل يبقي جهدا بشريا منسوبا لمووله, بكل ما للبشر من نقص وبعد عن الكمال, واذا كان عدد منهم قد جاوز الصواب في تاويله, فان اعدادا اوفر قد وفقت في ذلك ايما توفيق.
    ولم تكن اخطاء المفسرين محصوره في محاولات تاويل الاشارات الكونيه فقط, فهنالك عدد من كتب التفسير التي تمتليء بالاسرائيليات الموضوعه, والعصبيات المذهبيه الضيقه, وغير ذلك مما لا يقبله العقل القويم, والصحيح المنقول عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وعن اصحابه المكرمين والتابعين, ولا يرتضيه المنطق اللغوي السليم. فالمعتزله علي سبيل المثال لا الحصر قد حاولوا في تفاسيرهم اخضاع الايات لمبادئهم في العدل والتوحيد وحريه الاراده والوعد والوعيد وانكار الرويه وغيرها, وتعسفوا في ذلك ايما تعسف.
    والشيعه علي اختلاف فرقهم قد دفعتهم المغالاه في حب ال البيت الي التطرف في تاويل الايات القرانيه تاويلا لا يحتمله ظاهر الايات. ولا السياق القراني. ولا القرائن المنطقيه المختلفه.
    وكذلك المتصوفه والاشاريون فهم علي الرغم من تسليمهم بالماثور من التفسير, وقبولهم للمعني الذي يدل عليه اللفظ العربي يسمحون لانفسهم باستنباط معان للايات تخطر في اذهانهم عند التلاوه وان لم تدل عليها الايات القرانيه الكريمه بطريق من طرق الدلالات المعروفه في الاستعمال العربي للغه وطرائق التعبير فيها.

    اما المنحرفون من اتباع الفرق الباطنيه وافرازاتها القديمه والحديثه( كالقرامطه والبابيه, والبهائيه, والعلويه النصيريه, والقاديانيه الاحمديه, والاسماعيليه, والدرزيه وغيرها) فتمتليء تفاسيرهم بالانحرافات التي تنطق بالتعسف والافتعال, ومحاولات تطويع القران لمبادئهم المضلله في تكلف ملحوظ.
    فهل معني ذلك ان يتوقف علم التفسير عند حدود جهود السابقين من المفسرين؟ويتوقف فهم الناس لكتاب الله الذي انزل اليهم ليتدبروا اياته, ويعيشوا في معانيه, ويتخذوا منها دستورا كاملا لحياتهم عند جهود قدامي المفسرين علي فضلهم, وفضل ما قدموه لخدمه فهم القران الكريم في حدود المعرفه المتاحه في ازمنتهم؟ بالقطع لا, علي الرغم من التسليم بان هذه الانحرافات وامثالها كانت من وراء الدعوه الي الوقوف بالتفسير عند حدود الماثور, فكتب التفسير علي تباينها تحوي تراثا فكريا وتاريخيا لهذه الامه لايمكن التضحيه به, حتي ولو كانت به بعض الاخطاء او التجاوزات, الا اذا كان القصد الواضح هو التحريف, وهو امر لايصعب علي عاقل ادراكه.

    من كل ما سبق يتضح لنا ان حجج المضيقين في رفض تفسير الاشارات الكونيه في كتاب الله علي ضوء ما تجمع اليوم لدي الانسان من معارف بالكون وعلومه هي كلها حجج مردوده, فالكون صنعه الله, والقران هو كلام خالق الكون وواضع نواميسه, ولا يمكن ان يتعارض كلام الله الخالق مع الحقائق التي قد اودعها في خلقه, اذا اتبع الناظر في كليهما المنهج السليم, والمسلك الموضوعي الامين, فمن صفات الايات الكونيه في كتاب الله انها صيغت صياغه معجزه يفهم منها اهل كل عصر معني من المعاني في كل ايه من تلك الايات الداله علي شيء من اشياء الكون او ظواهره او نشاته او افنائه واعاده خلقه, وتظل تلك المعاني تتسع باتساع دائره المعرفه الانسانيه في تكامل لايعرف التضاد, وهذا عندي من اعظم جوانب الاعجاز في كتاب الله, ومن هنا كانت ضروره استمراريه النظر في تفسير تلك الايات الكونيه, وضروره مراجعه تراجمها الي اللغات الاخري بطريقه دوريه.
    اما ايات العقيده والعباده والاخلاق والمعاملات فقد صيغت صياغه محكمه يفهم دلالتها كل مستمع اليها مهما قلت ثقافته او زادت, لان تلك الايات تمثل ركائز الدين الذي هو صلب رساله القران الكريم.

    وكذلك الايات المتعلقه بصفات الله, وبالاخره وبالملائكه والجن وغير ذلك من الامور الغيبيه غيبه مطلقه فلا يملك المسلم الا الايمان بها, والتسليم في فهمها لنص القران الكريم او للماثور من تفسير المصطفي( صلي الله عليه وسلم) لان الانسان لايمكن له ان يصل الي عالم الغيب المطلق الا ببيان من الله الخالق, وذلك لان قدرات عقل الانسان المحدوده, وحواسه المحدوده لايمكن لهما اجتياز حدود عوالم الغيوب المطلقه مهما اوتي الانسان من اسباب الذكاء والفطنه, ومن هنا كان امتداح القران الكريم للذين يومنون بالغيب...!!!
    موقف الموسعين: في التفسير العلمي
    ويري اصحاب هذا الموقف ان الاشارات الكونيه في القران الكريم قد قصدت لذاتها اي لدلالاتها العلميه المحدده, مع التسليم بوجوب استخلاص الحكمه والعبره منها, والوصول الي الهدايه عن طريقها, وانطلاقا من ذلك فقد قام اصحاب هذا الموقف بتبويب ايات الكونيات في كتاب الله, وتصنيفها حسب مختلف التصانيف المعروفه في مختلف مجالات العلوم البحته والتطبيقيه, ثم اندفعوا في حماسهم لهذا الاتجاه الي المناداه بان القران الكريم يشتمل علي جميع العلوم والمعارف.

    ولابد لحسن فهم تلك الاشارات الكونيه في كتاب الله من تفسيرها علي ضوء اصطلاحات تلك العلوم والمعارف, ثم زاد البعض بمحاوله اثبات ان جميع حقائق العلوم البحته والتطبيقيه التي استخلصها الانسان بالنظر في جنبات هذا الكون هي موجوده في القران الكريم استنادا الي قوله تعالي:
    (.. ما فرطنا في الكتاب من شيء...)
    (الانعام: ايه38)

    وقوله...
    ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء..)
    (النحل: ايه89)

    وهذا في راينا موقف مبالغ فيه لان السياق القراني في الايتين السابقتين لايتمشي مع ما وصلوا اليه من استنتاج, لانهما يركزان علي رساله القران الاساسيه وهي الدين بركائزه الاربع الاساسيه: العقيده, والعباده, والاخلاق والمعاملات, وهي القضايا التي لا يمكن للانسان ان يضع فيها لنفسه ضوابط صحيحه. وهي التي استوفاها القران استيفاء لايقبل اضافه, اما قصص الامم السابقه والاشارات الي الكون ومكوناته فقد جاء القران الكريم بنماذج منها تشهد لله الخالق بطلاقه القدره علي الخلق وافنائه واعادته من جديد. وربما كان هذا الموقف وامثاله من الاسباب الرئيسيه التي ادت الي تحفظ المتحفظين من الخوض في تفسير الايات الكونيه الوارده في كتاب الله علي اساس من معطيات العلوم البحته والتطبيقيه, او التعرض لاظهار جوانب الاعجاز العلمي فيها.
    موقف المعتدلين في التفسير العلمي

    ويري اصحاب هذا الموقف انه مع التسليم بان القران الكريم هو في الاصل كتاب هدايه ربانيه, اساسها الدعوه الي العقيده الصحيحه والامر بالعبادات المفروضه والحث علي الالتزام بمكارم الاخلاق وعلي التعامل بالعدل, اي انه دستور كامل للحياه في طاعه خالق الكون والحياه.
    ومع التسليم كذلك بان الاشارات الكونيه الوارده في كتاب الله قد جاءت في معرض التذكير بقدرته المطلقه, وبديع صنعه في خلقه, وشمول علمه, وكمال صفاته وافعاله, الا انها تبقي بيانا من الله, خالق الكون ومبدع الوجود, ومن اعلم بالكون من خالقه...؟

    من هنا كانت تلك الاشارات الكونيه كلها حق, وكانت كلها منسجمه مع قوانين الله وسننه في الكون, وثابته في دلالاتها مهما اتسعت دائره المعرفه الانسانيه فلا تعارض ولا تناقض ولا اضطراب وصدق الله العظيم القائل:
    (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)( النساء:82).

    ومن هنا ايضا كان واجب علماء المسلمين في مدارسه تلك الايات الكونيه مستفيدين بكل انواع المعارف المتاحه في تفسيرها واظهار جوانب الاعجاز بها, في حجه واضحه ومنطق سوي وذلك تاكيدا لايمان المومنين, ودحضا لافتراءات المفترين, وتثبيتا للحقيقه الراسخه ان القران كلام الله العزيز الرحمن الرحيم.
    ومن هنا كذلك كان التسليم بان تلك الاشارات الكونيه لم ترد في القران الكريم بهدف التبليغ بالحقيقه العلميه, لان الحكمه الالهيه قد تركت مجالا مفتوحا لاجتهاد المجتهدين, يتنافس فيه المتنافسون, ويتباري المتبارون, امه بعد امه, وجيلا بعد جيل, الي ان يرث الله تعالي الارض ومن عليها, فلولا ان الاراده الالهيه قد ارتضت بسط الكون بكل حقائقه كامله امام الانسان, لانتفت الغايه من الحياه الدنيا, وهي دار ابتلاء واختبار, ولاختفي ذلك الغيب الذي يشد الانسان اليه, ويشحذ جميع حواسه وكل قواه العقليه والفكريه, ولتبلدت تلك الحواس والقدرات ولمضت حياه الانسان علي الارض رتيبه كئيبه بائسه, جيلا بعد جيل, وعصرا بعد عصر, بغير تجديد او تنويع او ابداع, وسط عالم يتميز بالتغير في كل امر من اموره, وفي كل لحظه من لحظات وجوده, هذا فضلا عن ان العقل البشري عاجز عن تقبل الحقائق الكونيه الكليه دفعه واحده, وانه يحتاج في فهمها الي شئ من التدرج في الكشف, وفي استخراج الادله, وفي اثباتها وتكامل معطياتها علي مدي اجيال متعاقبه.

    ويستدل اصحاب هذا الموقف بالحشد الهائل من الاشارات الكونيه في كتاب الله, وبمطالبه القران الكريم للانسان دوما بتحصيل المعرفه النافعه علي اطلاقها, وهذه اولي ايات القران العظيم تامر بذلك وتحدد وسائله, وتحض علي التامل في الخلق, بل وتشير الي حقيقه علميه لم تكتشف الا بعد ذلك بقرون طويله الا وهي... خلق الانسان من علق... وهي حقيقه لم يتوصل اليها الانسان الا بعد اكتشاف حقيقه المجاهر المكبره, وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالي:
    (اقرا باسم ربك الذي خلق. خلق الانسان من علق. اقرا وربك الاكرم. الذي علم بالقلم. علم الانسان ما لم يعلم).( العلق:1 5)

    ويستدل اصحاب هذا الموقف المعتدل علي ذلك بما يقرره القران من مسئوليه الانسان عن حواسه وعقله, وما يفرضه من حسن استخداماتها في التعرف علي الكون, واكتساب المعارف النافعه منه, وتخديمها في حسن فهم كتاب الله, حيث يقرر الحق( تبارك وتعالي) ذلك بقوله في محكم كتابه:
    (ان السمع والبصر والفواد كل اولئك كان عنه مسئولا..)( الاسراء:36).

    كما يستدلون برفض القران للتقليد والجمود علي الاراء الموروثه الخاطئه, والحكم بالظن والهوي, ومطالبته الانسان دوما بتاسيس الاحكام علي الدليل العقلي الذي لا يقبل النقض, وهذه كلها من اخص خصائص المنهج التجريبي في دراسه الكون وما فيه, كذلك يستشهدون بتكريم القران الكريم للعلم والعلماء بمن فيهم من علماء الكونيات في العديد من اي الذكر الحكيم نختار منها قول الحق( تبارك وتعالي):
    (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)
    ( الزمر:9)

    وقوله( عز من قائل):
    (يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات)( المجادله:11)

    وقوله( سبحانه وتعالي):
    (شهد الله انه لا اله الا هو والملائكه واولو العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم)( ال عمران:18)

    وقوله:
    (انما يخشي الله من عباده العلماء)( فاطر:28).

    والايه الاخيره قد وردت بعد استعراض لكثير من المشاهد الكونيه, مما يوكد ان الايه تشمل علماء الكونيات, ان لم يكونوا هم المقصودين بها مباشره, فالايه تنطق:
    (الم تر ان الله انزل من السماء ماء فاخرجنا به ثمرات مختلفا الوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف الوانها, وغرابيب سود, ومن الناس والدواب والانعام مختلف الوانه كذلك انما يخشي الله من عباده العلماء ان الله عزيز غفور)( فاطر:28,27).

    كذلك يستشهد اصحاب هذا الموقف المعتدل بمطالبه القران الكريم للانسان في تشديد واضح بالنظر في كل ما خلق الله, وهذه اوامره صريحه جليه نختار منها قول الحق( تبارك وتعالي):
    (قل انظروا ماذا في السموات والارض)( يونس:101)

    ( او لم ينظروا في ملكوت السموات والارض وما خلق الله من شئ)( الاعراف:185)

    ( قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدا الخلق)( العنكبوت:20)

    ( وفي الارض ايات للموقنين وفي انفسكم افلا تبصرون)( الذاريات:21,20)

    ( افلا ينظرون الي الابل كيف خلقت, والي السماء, كيف رفعت, والي الجبال كيف نصبت, والي الارض كيف سطحت)( الغاشيه17 20).

    وينتصر اصحاب هذا الموقف المعتدل لموقفهم بما ينعاه القران علي الغافلين في التفكير في ايات السماوات والارض في كثير من اياته التي منها قول الحق( تبارك وتعالي):
    (وكاي من ايه في السموات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون)( يوسف:105)

    ووصفه لهولاء الغافلين بانهم كالانعام بل هم اضل, وتقديره بان جزاءهم جهنم عقابا لهم علي اهمالهم نعم الله التي انعم بها عليهم, وذلك في مثل قول الله( تعالي):

    (ولقد ذرانا لجهنم كثيرا من الجن والانس, لهم قلوب لا يفقهون بها, ولهم اعين لا يبصرون بها, ولهم اذان لا يسمعون بها, اولئك كالانعام بل هم اضل, اولئك هم الغافلون)( الاعراف:129).
    ويستشهدون علي ضروره توظيف المعارف العلميه المتاحه لفهم دلاله الايات الكونيه في كتاب الله بربط القران دوما بين الايمان بالله والنظر فيما خلق الله, من مثل قوله( تعالي):

    (ان في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما انزل الله من السماء من ماء فاحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دابه, وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لايات لقوم يعقلون)( البقره:164)

    وقوله( عز من قائل):
    (ان في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب, الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلي جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار)
    (ال عمران:191,190).

    وقوله( سبحانه وتعالي):
    (وكذلك نري ابراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين)( الانعام:75).

    وقوله:
    (لخلق السموات والارض اكبر من خلق الناس ولكن اكثر الناس لا يعلمون)( غافر:57)

    ويستشهد المنادون بضروره توظيف المعارف العلميه في تفسير الايات الكونيه في كتاب الله بالاشاره الي ان القران الكريم في استعراضه لامور الكون يتناول كليات الاشياء, تاركا التفاصيل لاجتهاد الانسان, ولكنه في نفس الوقت ينبه باستمرار الي جوانب مهمه في اشياء مثل الكم والكيف وهما من اسس العلوم التجريبيه, الكم الذي يتعلق بالحجم والكتله وبالزمان والمكان, وبدرجات النمو والاندثار وغيرها يتمثل في كثير من الايات القرانيه التي نختار منها قول الحق( تبارك وتعالي):
    (وكل شئ عنده بمقدار)( الرعد:5)

    وقوله( سبحانه):
    (قد جعل الله لكل شئ قدرا)( الطلاق:3)

    وقوله( عز من قائل):
    (انا كل شئ خلقناه بقدر)( القمر:49)

    وقوله( تعالي):
    (وخلق كل شئ فقدره تقديرا)( الفرقان:2)

    وقوله( سبحانه وتعالي):
    (وانزلنا من السماء ماء بقدر فاسكناه في الارض..)( المومنون:18).

    وبخصوص الكيف بمعني هيئه الاشياء وتركيبها ومسبباتها, ومجري الظواهر الكونيه وحدوثها والسنن الالهيه وجريانها, فان القران يشدد التنبيه عليها في مواضع كثيره منها قول الله( تعالي):
    (فانظر الي اثار رحمه الله كيف يحيي الارض بعد موتها)( الروم:50)

    وقوله( سبحانه):
    ( الم تر الي ربك كيف مد الظل, ولو شاء لجعله ساكنا, ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ثم قبضناه الينا قبضا يسيرا)( الفرقان:46,45).

    وقوله عز من قائل:
    (افلم ينظروا الي السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج..)( ق:6)

    وقوله( تعالي):
    ( افلا ينظرون الي الابل كيف خلقت والي السماء كيف رفعت والي الجبال كيف نصبت والي الارض كيف سطحت)( الغاشيه:17 20)
    ويستشهد اصحاب هذا الموقف المعتدل كذلك علي ضروره توظيف المعارف العلميه في تفسير الايات الكونيه بتاكيد القران الكريم علي ان لكل شيء في هذا الكون فطرته السويه التي فطره الله عليها, والتي تخصه وتميزه, وهي قاعده اساسيه من قواعد المنهج العلمي التجريبي في الكشف عن حقائق هذا الكون ومكوناته وسنن الله فيه, ونقرا في ذلك قول الحق( تبارك وتعالي):

    ربنا الذي اعطي كل شيء خلقه ثم هدي..( طه:50)
    وقوله( سبحانه)
    ( الذي خلق فسوي والذي قدر فهدي)( الاعلي:3,2)

    وان هذه الفطره ثابته, لا تتغير ولا تتبدل لقول الحق( تبارك وتعالي):
    (... لا تبديل لخلق الله)( الروم: ايه30)

    وانها خاضعه لقوانين مطرده, لا تتخلف ولا تتوقف الا باذن الله, وانه لولا ثبات تلك الفطره واطراد القوانين التي تحكمها ماتمكن الانسان من اكتشاف اي من امور هذا الكون, وان القران يصر علي تسميه تلك القوانين بالحق, وعلي ان الكون ومافيه خلق بالحق, ويطالب الانسان بالتعرف علي ذلك الحق والتزامه, فالتنزيل ينطق بقول الله( تعالي):
    ( ماخلقنا السموات والارض ومابينهما الا بالحق واجل مسمي)( الاحقاف: ايه3)

    وقوله( سبحانه):
    ( او لم يتفكروا في انفسهم ماخلق الله السموات والارض ومابينهما الا بالحق واجل مسمي وان كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون).( الروم:8)

    وقوله( عز من قائل):
    ( خلق السموات والارض بالحق, يكور الليل علي النهار, ويكور النهار علي الليل, وسخر الشمس والقمر كل يجري لاجل مسمي الا هو العزيز الغفار)( الزمر: ايه5)

    وقوله( تعالي):
    ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب, ماخلق الله ذلك الا بالحق يفصل الايات لقوم يعلمون)( يونس: ايه5)

    وقوله( سبحانه):
    ( وماخلقنا السموات والارض ومابينهما لاعبين ماخلقناهما الا بالحق ولكن اكثرهم لا يعلمون)
    (الدخان: الايتان39,38)

    كذلك فان الذين يرون ضروره توظيف المعارف العلميه في تفسير الايات الكونيه الوارده في كتاب الله, وفي الاستشهاد علي الاعجاز العلمي لتلك الايات ينتصرون لذلك بان اكثر من اربعين سوره من سور القران الكريم البالغ عددها114 سوره تحمل اسماء لبعض اشياء الكون وظواهره, ويستشهدون بعرض القران للعديد من القضايا التي هي صميم العلوم التجريبيه من مثل خلق السماوات والارض, واختلاف الليل والنهار, واتساع الكون, ورتق السماوات والارض وفتقهما, وبدء السماء بدخان, وخلق الحياه من الماء وفي الماء واستعراض مراحل الجنين في الانسان وغير ذلك كثير مما لا يوفيه في هذا المقام حصر ولكن تكفي الاشاره الي ايات قليله منها من مثل قول الحق تبارك وتعالي:
    ( او لم ير الذين كفروا ان السموات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يومنون)( الانبياء:30)

    وقوله( عز من قائل):
    ( ثم استوي الي السماء وهي دخان, فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها, قالتا اتينا طائعين)( فصلت:11)
    وايات الكتاب الحكيم في كل ماعرضت له من امور الكون تتميز بمنتهي الدقه في التعبير, والشمول في المعني والدلاله, وبالسبق الاخباري بحقائق لم يتيسر للانسان المام بها الا في العقود المتاخره من القرن العشرين. وهذا بالقطع يشكل صوره من صور الاعجاز لم تتوافر لجيل من الاجيال من قبل. وسافصل الحديث في الاعجاز العلمي للاشارات الكونيه في كتاب الله في المقالات القادمه ان شاء الله( تعالي).

    وخلاصه القول ان القران الكريم يزخر بالعديد من الايات التي تشير الي الكون ومابه من كائنات( احياء وجمادات) والي صور من نشاتها ومراحل تكوينها, والي العديد من الظواهر الكونيه التي تصاحبها, وقد احصي الدارسون من مثل هذه الايات حوالي الالف ايه صريحه, بالاضافه الي ايات اخري عديده تقرب دلالاتها من الصراحه. مما يبلغ بالايات الكونيه الي سدس ايات القران الكريم تقريبا. ويقف المفسرون من هذه الايات الكونيه مواقف متعدده, فمنهم المضيقون والموسعون والمعتدلون, فالمضيقون يرون ان تلك الاشارات لم ترد في القران لذاتها, وانما وردت من قبيل الاستدلال علي قدره الله تعالي, وابداعه في خلقه, وقدرته علي افناء الخلق واعادته من جديد, ومن ثم فلا يجوز تفسيرها في ضوء من معطيات العلوم الحديثه وذلك بدعوي انطلاق الكتابات العلميه من منطلقات ماديه, منكره لكل ماهو فوق المدرك المحسوس.
    اما الموسعون فيرون ان القران الكريم يشتمل علي جميع العلوم والمعارف, ولابد لحسن فهم ذلك من تفسيره علي ضوء ماتجمع لدي الانسان من رصيد علمي خاصه في مجال العلوم البحته والتطبيقيه, ومن ثمن فقد قاموا بتبويب ايات الكونيات في كتاب الله وتصنيفها حسب التصانيف المعروفه في مختلف مجالات تلك; العلوم, وقد تميز ذلك بشيء من التكلف الذي ادي الي رفض المنهج والوقوف في وجهه.

    اما المعتدلون فيرون انه مع التسليم بان الاشارات الكونيه في القران الكريم قد وردت في معرض التذكير بقدره الله, وبديع صنعه, فانها تبقي بيانا من الله, خالق الكون ومبدع الوجود, ومن ثم فهي كلها حق مطلق. ولا غرابه اذن من انسجامها مع قوانين الله وسننه في الكون, ومع معطيات العلوم الحديثه عن حقائق هذا الكون, كذلك فانهم يرون انه مع التسليم بان تلك الاشارات لم ترد في القران الكريم بهدف التبليغ بالحقيقه العلميه, لان الحكمه الالهيه قد اقتضت ترك ذلك لاجتهاد الانسان علي مر الزمن, الا انها تتميز بالدقه المتناهيه في التعبير, والثبات في الدلاله, والشمول في المعني بحيث يدرك فيه كل جيل مايتناسب ومستوياتهم الفكريه, وماوصلوا اليه من علوم عن الكون ومافيه, ثم ان تلك الدلالات تتميز كلها بالسبق الي الحقيقه الكونيه قبل ان تدرك الكشوف العلميه شيئا منها بقرون طويله, وهذا في حد ذاته يمثل الاعجاز العلمي للقران الكريم الذي هو احد اوجه الاعجاز العديده في كتاب الله, ولكنه يبقي من انسبها لعصر التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه لتثبيت ايمان المومنين, ودعوه الجاحدين من مختلف صور المشركين والكافرين والضالين, في زمن تحول فيه العالم الي قريه كبيره, مايحدث في احد اركانها يتردد صداه في بقيه ارجائها, ولا يامن اهل الحق ان يصيبهم مااصاب الامم الضاله من عقاب, او ان يجرفهم تيار الحضاره الماديه فيذيبهم في بوتقتها فيخسرون بذلك الدنيا والاخره, وطوق النجاه في الجالتين الاعتزاز بالاسلام العظيم, والتمسك بالقران الكريم الذي يتجلي اعجازه العلمي في عصر العلم الذي نعيشه.
    صفحة الأحاديث النبوية

    http://www.facebook.com/pages/الاحاد...01747446575326

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,600
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    29-11-2014
    على الساعة
    05:10 PM

    افتراضي

    الاشارات الكونيه في القران الكريم ومغزي دلالتها العلميه 2
    اولم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما... الانبياء:30

    في الوقت الذي ساد فيه الاعتقاد الخاطئ بازليه الكون بلا بدايه ولا نهايه, وعدم محدوديته الي ما لا نهايه, وسكونه وثباته( اي عدم حركته, علي الرغم من حركه بعض الاجرام فيه), بمعني ان هذا الكون اللانهائي الساكن كان موجودا منذ الازل, وسيبقي الي الابد, وهي فريه اطلقها الكفار والملحدون من بني البشر في محاوله يائسه لنفي الخلق, والتنكر للخالق سبحانه وتعالي, في هذا الوقت نزل القران الكريم موجها انظار هولاء الجاحدين من الكفار والمشركين والوثنيين الي طلاقه القدره الالهيه في ابداع خلق الكون من جرم ابتدائي واحد, وذلك في صيغه استفهام توبيخي, استنكاري, تقريعي يقول فيه ربنا تبارك وتعالي:
    اولم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حي افلا يومنون( الانبياء:30).

    وهذه الايه الكريمه واضحه الدلاله علي ان الكون الذي نحيا فيه كون مخلوق له بدايه, بدا الله تعالي خلقه من جرم ابتدائي واحد مرحله الرتق, وهو القادر علي كل شيء, ثم امر الله تعالي بفتق هذا الجرم الابتدائي فانفتق مرحله الفتق وتحول الي غلاله من الدخان مرحله الدخان, وخلق الله تعالي من هذا الدخان كلا من الارض والسماء اي جميع اجرام السماء وما ينتشر بينها من مختلف صور الماده والطاقه مما نعلم وما لا نعلم وتعرف هذه المرحله باسم مرحله الاتيان بكل من الارض والسماء, وقد جاء وصف المرحلتين الاخيرتين في الايه الحاديه عشره من سوره فصلت, والتي يقول فيها ربنا تبارك وتعالي موبخا كلا من الذين كفروا بالله تعالي فانكروا الخلق, او اشركوا مع الله تعالي معبودا اخر:
    قل ائنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين وتجعلون له اندادا ذلك رب العالمين, وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها في اربعه ايام سواء للسائلين, ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين, فقضاهن سبع سماوات في يومين واوحي في كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم.( فصلت:9 11).
    وهذه الايات القرانيه الكريمه في كل من سورتي الانبياء وفصلت تعرض لخلق السماوات والارض في اجمال وشمول وايجاز, كما تعرض لعدد من الحقائق الكونيه الاخري, وتربط بينها وبين عقيده الايمان بالله الخالق, الواحد الاحد, الفرد الصمد, لان عقيده التوحيد تقوم علي اساس من الحق الذي قامت به السماوات والارض, وكل ما فيهما من صور الخلق, ولكننا سوف نقصر حديثنا هنا علي الاشارات الوارده في تلك الايات عن خلق السماوات والارض, وقبل ان نفعل ذلك لابد من تاكيد حقيقه الدلاله العلميه للايات الكونيه الوارده في كتاب الله الخالق.

    الدلاله العلميه للايات الكونيه في القران الكريم
    من المسلمات ان الايات الكونيه لم ترد في كتاب الله الخالد من قبيل الاخبار العلمي المباشر للانسان, وذلك لان التحصيل العلمي قد ترك لاجتهاد الناس, يجمعون شواهده جيلا بعد جيل, وامه بعد امه, نظرا للطبيعه التراكميه للمعارف المكتسبه, ولمحدوديه حواس الانسان وقدرات عقله, ومحدوديه كل من مكانه في بقعه محدده من الارض وزمانه اي عمره.
    ومع تسليمنا بهذا الفهم, وتسليمنا كذلك بان الايات الكونيه التي اشار اليها ربنا تبارك وتعالي في محكم كتابه جاءت في مقام الاستدلال علي طلاقه القدره الالهيه في ابداع الخلق, وللاستشهاد علي ان الله تعالي الذي ابدع هذا الخلق قادر علي افنائه, وعلي اعاده خلقه من جديد, كما تاتي هذه الايات الكونيه في مقام الاستدلال علي وحدانيه الخالق العظيم بغير شريك, ولا شبيه, ولا منازع, وتتراءي هذه الوحدانيه لكل ذي بصيره في جميع جنبات الكون, وفي كل امر من اموره, في السماوات وفي الارض, في الانفس وفي الافاق, في كل سنه من سنين الكون, وفي كل ناموس من نواميسه, وفي كل جزئيه من جزئياته من الذره الي الخليه الحيه الي المجره, كما تتراءي في وحده بناء الكون, ووحده لبناته وتاصل عناصره التي ترد كلها الي غاز الايدروجين وفي وحده كل من الماده والطاقه, وفي تواصل كل من المكان والزمان, وفي وحده بناء الخليه الحيه, وفي وحده الحياه والممات والمصير, لكل حي.
    وتتراءي وحدانيه الخالق سبحانه وتعالي في تعميم الزوجيه علي جميع المخلوقات من الاحياء والجمادات, حتي يبقي الخالق في علاه, متفردا بالوحدانيه فوق جميع خلقه.
    ومع تسليمنا بكل ذلك فان القران الكريم يبقي كلام الله الخالق, الذي اوحي به الي خاتم انبيائه ورسله صلي الله عليه وسلم, وتعهد سبحانه وتعالي بحفظه باللغه نفسها التي اوحاه بها اللغه العربيه فحفظ كلمه كلمه, وحرفا حرفا تحقيقا للوعد الالهي الذي قطعه ربنا تبارك وتعالي علي ذاته العليه فقال عز من قائل:

    انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون( الحجر:9)
    ولما كان القران الكريم هو كلام الله الخالق, وكان الكون من صنعته وابداع خلقه, فلابد ان يكون كل حرف وكلمه وايه في القران الكريم حقا مطلقا, وان تكون كل الاشارات الكونيه فيه ناطقه بالحقيقه المطلقه للكون ومكوناته, ولو وعي المسلمون ذلك حق الوعي لكان لهم قصب السبق في الكشف عن العديد من حقائق هذا الكون قبل غيرهم من الامم بقرون عديده, وكان هذا السبق من افضل وسائل الدعوه الي دين الله الخاتم في زمن التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه.

    (1) العلوم المكتسبه وخلق السماوات والارض
    للعلوم المكتسبه شواهد تويد فكره الانفجار العظيم منها ما يلي:

    (1) توسع الكون كدليل علي الانفجار العظيم:
    علي الرغم من تاكيد القران الكريم الذي انزل قبل اكثر من الف واربعمائه من السنين حقيقه توسع الكون يقول الحق تبارك وتعالي:
    والسماء بنيناها بايد وانا لموسعون
    (الذاريات:47)

    فقد بقي الفلكيون الي مطلع العشرينيات من القرن الماضي مصرين علي ثبات الكون وعدم تغيره

    وفي السنوات من1914 1925 م اثبت الفلكي الامريكي ف.م سلايفر

    ان معظم المجرات التي قام برصدها خارج مجرتنا درب اللبانه تتباعد عنا وعن بعضها بعضا بسرعات كبيره.
    وفي سنه1929 م تمكن الفلكي الامريكي الشهير ادوين هبل من تاكيد ظاهره توسع الكون, وتوصل الي الاستنتاج الصحيح ان سرعه تباعد المجرات الخارجيه عن مجرتنا تتناسب تناسبا طرديا مع بعدها عنا, وفي سنه1934 م اشترك هو واحد من مساعديه في قياس ابعاد وسرعات تحرك32 من تلك المجرات الخارجيه بعيدا عن مجرتنا وعن بعضها بعضا.

    من جانب اخر استطاع علماء كل من الفيزياء النظريه والفلكيه تاكيد حقيقه توسع الكون بتوظيف القوانين الرياضيه في عدد من الحسابات النظريه, ففي سنه1917 م اطلق البرت اينشتاين نظريه النسبيه العامه لشرح طبيعه الجاذبيه كقوه موثره في الكون المدرك, واشارت المعادلات الرياضيه المستنتجه من تلك النظريه الي ان الكون الذي نحيا فيه كون غير ثابت, فهو اما ان يتمدد واما ان ينكمش وفقا لعدد من القوانين المحدده له, وجاءت هذه النتيجه علي عكس ما كان يعتقد اينشتاين وجميع معاصريه من الفلكيين وعلماء الفيزياء النظريه, ولقد اصاب اينشتاين الذعر حينما ادرك ان معادلاته تنبئ رغم انفه بان الكون في حاله تمدد مستمر, فعمد الي ادخال معامل من عنده اطلق عليه اسم الثابت الكوني ليلغي به تمدد الكون, ويوكد ثباته واستقراره برغم دوران الاجرام التي يحتويها, وحركاتها المتعدده, ثم عاد اينشتاين ليعترف امام سيل ملاحظات الفلكيين عن تمدد الكون بان تصرفه هذا كان اكبر خطا علمي اقترفه في حياته.
    في السنوات1917 1924 م قام الروسي اليكساندر فريدمان بادخال عدد من التحسينات علي معادلات اينشتاين, وقدم نموذجين لتفسير نشاه الكون يبدا كل منهما بحاله متفرده تتميز بكثافه لا نهائيه, وتتمدد منها الي حالات ذات كثافه اقل.

    وتحدث فريدمان عن انحناء الكون, وعن تحدبه تبعا لكميه الماده الموجوده فيه, فان كانت تلك الماده اقل من قدر معين كميه حرجه وجب ان يستمر تمدد الكون الي الابد, وفي هذه الحاله يكون نظام الكون مفتوحا, اما اذا كانت كميه الماده بالكون اقل من الكميه الحرجه غدت الجاذبيه علي قدر من القوه بحيث تحدب الكون الي درجه تتوقف عندها عمليه التمدد في لحظه معينه من المستقبل, عندها يبدا الكون في الانطواء علي ذاته ليعود الي حاله الكثافه اللانهائيه الاولي التي بدا بها الكون, وفي هذه الحاله يكون نظام الكون مغلقا.
    وقد اثبت كل من وليام دي سيتر في سنه1917 م وارثر ادنجتون في سنه1930 م ان الكون كما صورته معادلات اينشتاين هو كون غير ثابت, ولكن تصور كل منهما للكون كان تصورا بدائيا, فبينما كان نموذج اينشتاين للكون نموذجا ماديا دون حركه, ونموذج دي سيتر حركيا دون ماده, جاء نموذج ادنجتون وسطا بين النموذجين بمعني ان الكون بدا بحاله ساكنه, ثم اخذ في التمدد نظرا لطغيان قوي الدفع للخارج علي قوي الجاذبيه, ولكن انطلاقا من فكر الالحاد السائد في عصره اضطر ادنجتون الي فرض ماض لا نهائي للكون ليتخلص من حقيقه الخلق, وشبح الانفجار الكبير والذي سماه بالبدايه الكارثه.

    في السنوات1934,1932 م اقترح ريتشارد تولمان نموذجا متذبذبا للكون يبدا وينتهي بعمليه الانفجار الكبير. واخيرا اقترح الان جوت نموذج الكون المتضخم, والذي يقترح فيه ان الكون المبكر تمدد في اول الانفجار تمددا راسيا سريعا جدا مع سطوع فائق. ثم اخذت معدلات التوسع في التباطو الي معدلاتها الحاليه,
    ومن منطلق انكار الخلق ينادي الفلكيون المعاصرون بفكره الكون المفتوح اي الذي يتمدد الي ما لا نهايه ولكن حسابات الكتل المفقوده

    توكد انغلاق الكون, هذا الانغلاق الذي سيقف بتمدده عند لحظه في المستقبل يعود الكون فيها الي الانكماش والتكدس علي ذاته ليعاود سيرته الاولي.

    وبالتدريج بدات فكره تمدد الكون الي حد ما في المستقبل تلقي القبول من الغالبيه الساحقه من علماء الفلك والفيزياء الفلكيه والنظريه, وان بقيت اعداد منهم يدعون الي ثبات الكون حتي مشارف الخمسينيات من القرن العشرين, ومن هذه الاعداد جامعه كنبردج المكونه من كل من هيرمان بوندي, وتوماس جولد, وفريد هويل. وقد قام هذا الفريق بنشر سلسله من المقالات والبحوث في السنوات1946 م,1949,1948 م دفاعا عن النموذج الثابت للكون

    ثم اضطروا الي الاعتراف بحقيقه تمدده بعد ذلك بسنوات قليله, ومن عجائب القدر بهولاء الجاحدين لحقيقه الخلق, المتنكرين لجلال الخالق سبحانه وتعالي المنادين كذبا بازليه العالم, ان يكون احد زعمائهم وهو فريد هويل الذي حمل لواء الادعاء بثبات الكون واستقراره وازليته

    لسنوات طويله هو الذي يعلن بنفسه في سخريه لاذعه تعبير الانفجار الكبير للكون

    وذلك في سلسله احاديث له عبر الاذاعه البريطانيه في سنه1950 م ينتقد فيها ظاهره تمدد الكون, ويحاول اثبات بطلانها, ثم جاء بعد ذلك بسنوات ليكون من اشد المدافعين عنها.
    وكانت نظريه خلق الكون من جرم اولي واحد عالي الكثافه قد توصل اليها البلجيكي جورج لوميتر في سنه1927 م وذلك في رساله تقدم بها الي معهد ماشوسيتس للتقنيه, دافع فيها وفي عدد من بحوثه التاليه عن حقيقه تمدد الكون, ولم تلق ابحاثه اي انتباه الي ان جاء ادنجتون في سنه1930 م ليلفت اليها الانظار ومن هنا اطلق علي لوميتر لقب صاحب فكره الانفجار الكبير في صورتها الاولي.

    (2) بقايا الاشعاع الكوني كدليل علي الانفجار العظيم:
    في سنه1948 م اعلن كل من جورج جامو وزميله رالف الفر ان تركيز العناصر في الجزء المدرك من الكون يشير الي ان الجرم الاولي الذي بدا به الكون كان تحت ضغط وفي درجه حراره لا يكاد العقل البشري ان يتصورهما, وعند انفجاره انتقلت تلك الحراره الي سحابه الدخان الكوني التي نتجت عن ذلك الانفجار, وسمحت بعدد من التفاعلات النوويه التي ادت الي تكون العناصر الاوليه من مثل الايدروجين والهيليوم.

    وفي السنه نفسها1948 م قدم كل من الفر وهيرمان اقتراحا بان الجرم الابتدائي للكون كان له اشعاع حراري يشابه اشعاع الاجسام المعتمه, وان هذا الاشعاع تناقصت شدته مع استمرار تمدد الكون وتبرده, ولكن لابد ان تبقي منه بقيه في صفحه السماء, اذا امكن البحث عنها وتسجيلها, كانت تلك البقيه الاشعاعيه من اقوي الادله علي بدء خلق الكون بعمليه الانفجار الكبير.
    وفي سنه1964 م تمكن اثنان من علماء مختبرات بل للابحاث وهما ارنو بنزياس وروبرت ويلسون بمحض المصادفه من اكتشاف تلك البقايا الاثريه للاشعاع الحراري الكوني علي هيئه ضوضاء لاسلكيه محيره تفد بانتظام الي الهوائي الذي كانا قد نصباه لغايه اخري من جميع الجهات في السماء حيثما وجه الهوائي, وقدروها بثلاث درجات مطلقه 270 درجه مئويه .
    في الوقت نفسه كان كل من روبرت دايك وتلميذه بيبلز قد استنتجا من معادلاتهما الرياضيه الفلكيه ان النسب المقدره لغازي الايدروجين والهيليوم في الكون توكد الكميه الهائله من الاشعاع التي نتجت عن الانفجار الكبير وتدعم نظريته, ومع تمدد الكون ضعف هذا الاشعاع بالتدريج وانخفضت درجه حرارته الي بضع درجات قليله فوق الصفر المطلق 273 درجه مئويه.
    في سنه1965 م قام كل من بنزياس وولسون بتصحيح قيمه البقايا الاثريه للاشعاع الحراري الكوني الي2.73 من الدرجات المطلقه, واثبتا انها من الموجات الكهرومغناطيسيه المتناهيه في القصر, وتقدر قيمتها اليوم باقل قليلا من قيمتها السابقه2.726 من الدرجات المطلقه.

    في سنه1989 م ارسلت موسسه ناسا الامريكيه الي الفضاء قمرا صناعيا لجمع المعلومات حول الاشعاع الحراري الكوني اطلق عليه اسم كوب وزود باجهزه فائقه الحساسيه اثبتت وجود تلك الاشعه الاثريه المتبقيه عن عمليه الانفجار العظيم.
    وكان في هذا الاكتشاف التفسير المنطقي لسبب الازيز اللاسلكي المنتظم الذي يعج به الكون والذي ياتي الينا من مختلف اطراف الكون المدرك, والذي بقي علي هيئه صدي لعمليه الانفجار الكبير, وقد منح كل من بنزياس وولسون جائزه نوبل في سنه1978 م علي اكتشافهما الذي كان فيه الدليل المادي الملموس لدعم نظريه الانفجار الكبير, والارتقاء بها الي مقام الحقيقه شبه الموكده, ودفع بالغالبيه الساحقه من علماء الفلك والفيزياء الفلكيه الي الاعتقاد بصحتها, وسبحان الخالق الذي انزل في محكم كتابه من قبل اكثر من الف واربعمائه سنه قوله الحق:

    اولم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يومنون( الانبياء:30).
    وبدء خلق الكون بعمليه انفجار كبري هو من دلائل طلاقه القدره الالهيه لانه من المعروف ان الانفجار بطبيعته يودي الي تناثر الماده وبعثرتها ولا يخلف وراءه الا الدمار, اما هذا الانفجار الكوني الفتق بعد الرتق فقد ادي الي ابداع نظام كوني له تصميم دقيق محكم الابعاد والعلاقات والتفاعلات, منضبط الكتل والاحجام والمسافات, منتظم الحركه والجري والتداخلات, مبني علي الوتيره نفسها من ادق دقائقه الي اكبر وحداته علي الرغم من تعاظم ابعاده, وكثره اجرامه, وتعقيد علاقاته, وانفجار هذه نتائجه لا يمكن ان يكون قد تم بغير تدبير حكيم وتقدير مسبق عظيم لا يقدر عليه الا رب العالمين, وقد اشار العالم البريطاني المعاصر ستيفن وهوكنج الي شيء من ذلك في كتابه المعنون تاريخ موجز للزمن الذي نشره في كندا سنه1988 م ولكن اشاراته جاءت علي استحياء شديد نظرا لجو الالحاد الذي يسود الغرب بصفه عامه في زمن العلم والتقنيه الذي نعيشه, والكتاب مملوء بالاستنتاجات الموكده لحقيقه الخلق, وعظمه الخالق سبحانه وتعالي.

    القران الكريم وخلق السماوات والارض
    في الوقت الذي ساد فيه الاعتقاد الخاطئ بان الكون الذي نحيا فيه كان منذ الازل, وسيبقي الي الابد, وانه كون لا نهائي, اي لا تحده حدود, وانه كون ساكن, ثابت في مكانه, لا يتغير, وان النجوم مثبته في السماء التي تدور بنجومها كقطعه واحده حول الارض, وان الكون شامل للعناصر الاربعه: التراب, والماء, والهواء, والنار, وحول هذه الكرات الاربع تدور السماء بنجومها, وغير ذلك من الخرافات والاساطير, في هذا الوقت جاء القران الكريم موكدا ان الكون مخلوق له بدايه, ولابد انه ستكون له في يوم من الايام نهايه, وكل مخلوق محدود بحدود لا يتجاوزها, وموكدا ان جميع اجرام السماء في حركه دائبه, وجري مستمر الي اجل مسمي, وان السماء ذاتها في توسع دائب الي اجل مسمي, وان السماوات والارض كانتا في الاصل جرما واحدا ففتقهما الله( تعالي) فتحولت ماده هذا الجرم الاول الي الدخان الذي خلقت منه الارض والسماء, وان هذا الكون سوف يطوي ليعود كهيئته الاولي جرما واحدا مفردا ينفتق مره اخري الي غلاله من الدخان تخلق منها ارض غير ارضنا الحاليه, وسماوات غير السماوات التي تظلنا في حياتنا الدنيا, وهنا تتوقف رحله الحياه الاولي وتبدا رحله الاخره.

    وقد لخص لنا ربنا( تبارك وتعالي) عمليه خلق السماوات والارض وافنائهما, واعاده خلقهما في صياغه كليه شامله من قبل اكثر من الف واربعمائه سنه, وذلك في خمس ايات من اي القران الكريم علي النحو التالي:
    (1) والسماء بنيناها بايد وانا لموسعون( الذاريات:47).
    (2) اولم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يومنون( الانبياء:30).

    (3) ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين( فصلت:11).
    (4) يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدانا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين( الانبياء:104).
    (5) يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار( ابراهيم:48).

    وهذه الايات القرانيه الكريمه تشير الي عدد من حقائق الكون الكبري والتي منها:
    (1) توسع الكون منذ اللحظه الاولي لخلقه والي ان يشاء الله.
    (2) ابتداء خلق الكون من جرم اولي واحد( مرحله الرتق الاول).
    (3) فتق هذا الجرم الاولي اي انفجاره( مرحله الفتق الاول).

    (4) تحول الماده في الجرم الاولي عند فتقه الي الدخان( مرحله الدخان).
    (5) خلق كل من الارض والسماوات من الدخان الكوني( مرحله الاتيان بكل من الارض والسماء).
    (6) حتميه عوده الكون بكل ما فيه ومن فيه الي جرم ابتدائي واحد مشابه للجرم الاولي الذي ابتدا منه الخلق( مرحله الرتق الثاني او طي السماء او الانسحاق الشديد للكون).

    (7) حتميه فتق هذا الجرم الثاني اي انفجاره( مرحله الفتق للرتق الثاني).
    (8) حتميه تحول الرتق الثاني بعد فتقه الي غلاله من الدخان الكوني.
    (9) اعاده خلق ارض غير ارضنا الحاليه وسماوات غير السماوات التي تظللنا اليوم وبدايه رحله الاخره.

    وهذه الحقائق الكونيه لم يستطع الانسان ادراك شيء منها الا في القرن العشرين, حين توصل العلم الحديث الي اثبات توسع الكون

    في الثلث الاول من ذلك القرن, ثم اندفع بهذه الملاحظه الصحيحه الي الاستنتاج المنطقي اننا اذا عدنا بهذا الاتساع الي الوراء مع الزمن, فلابد ان تلتقي جميع صور الماده والطاقه المنتشره في الكون, كما يلتقي كل من المكان والزمان, وجميع ما في الكون من موجودات في نقطه واحده تكاد تقترب من الصفر اي العدم علي هيئه ابتدائيه للكون

    او( مرحله الرتق), وان تلك الهيئه الاوليه كانت متناهيه في الصغر, كما كانت بالقطع في مستوي من الكثافه ودرجه الحراره لا يكاد العقل البشري ان يتصورهما فانفجرت( مرحله الفتق), ونتج عن هذا الانفجار الكوني العظيم( الفتق بعد الرتق) تحول هذا الجرم الاولي للكون المتناهي في ضاله الحجم وضخامه الكثافه وشده الحراره الي غلاله من الدخان( مرحله الدخان الكوني) الذي خلق الله( تعالي) منه الارض والسماء( مرحله الاتيان بكل من الارض والسماء).
    ويتوقف العلم المكتسب عند ملاحظه ان عمليه التوسع الكوني لا يمكن لها ان تستمر الي ما لا نهايه, وذلك لان قوه الدفع الي الخارج الناتجه عن الانفجار الكوني التي بدات بعنف بالغ حتي اليوم في تناقص مستمر, وسوف يودي هذا التناقص التدريجي في سرعه توسع الكون الي الوصول به الي مرحله تتغلب فيها قوي الجاذبيه علي قوي الدفع الي الخارج, فيبدا الكون في الانكماش والتكدس علي ذاته حتي يعود الي حاله مشابهه تماما لحالته الاولي التي ابتدا منها خلق الكون( مرحله الرتق الاولي), وتعرف هذه المرحله المستقبليه باسم مرحله الرتق الثانيه[ او الرتق بعد الفتق او طي السماء او مرحله الانسحاق الشديد للكون

    كما يحلو لبعض الفلكيين المعاصرين تسميتها].

    وقد اخبرنا ربنا( تبارك وتعالي) من قبل اكثر من الف واربعمائه سنه انه( سبحانه) قد تعهد باعاده السماوات والارض الي سيرتها الاولي وذلك بقوله في محكم كتابه( عز من قائل):
    يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدانا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين( الانبياء:104),

    وليس من قبيل المصادفه ان ترد الايتان رقم(30) وهي المتعلقه بخلق الكون( الفتق بعد الرتق), ورقم(104) وهي المتعلقه بافناء الكون( الرتق بعد الفتق) في سوره واحده وهي سوره الانبياء.
    ولولا ان الله( تعالي) قد تعهد باعاده خلق ارض غير ارضنا, وخلق سماء غير سمائنا, واخبرنا بذلك من قبل اكثر من الف واربعمائه سنه في محكم كتابه وذلك بقوله( عز من قائل):

    يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار( ابراهيم:48).
    ما كان امام العلوم المكتسبه من سبيل الي معرفه ذلك.

    هذه الحقائق الكونيه الكبري في خلق السماوات والارض, لم يستطع الانسان الوصول الي ادراك شيء منها الا في منتصف القرن العشرين او بعد ذلك, حين تبلورت نظريه فلكيه باسم نظريه الانفجار العظيم

    وهذه النظريه هي الاكثر قبولا عند علماء الفلك وعلماء الفيزياء الفلكيه والنظريه في تفسير نشاه الكون, وقد سبق القران الكريم بالاشاره اليها من قبل اكثر من الف واربعمائه سنه وذلك بقول الحق تبارك وتعالي.
    او لم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يومنون( الانبياء:30).

    والرتق: في اللغه عكس الفتق, لان الرتق هو الضم والالتحام والالتئام سواء كان ذلك طبيعيا او صناعيا, يقال رتقت الشيء فارتتق اي فالتام والتحم.
    والفتق: لغه هو الفصل والشق والانشطار.

    والمعني الواضح لنا من هذه الايه الكريمه ان السموات والارض كانتا في الاصل شيئا واحد متصلا, ملتئما, وملتحما, ففتقه ربنا تبارك وتعالي بامر منه سبحانه الي الارض التي نحيا عليها, والي سبع سماوات من فوقنا.
    والقران الكريم هنا يعطي الصوره الكليه الجامعه لهذا الحدث الكوني العظيم, ويترك التفاصيل لجهود العلماء والمفكرين الذين يتفكرون في خلق السموات والارض, والذين تجمعت ملاحظاتهم العلميه الدقيقه في صفحه السماء لتوكد في منتصف القرن العشرين صدق ما قد انزله الله تعالي في اخر كتبه, وعلي خاتم انبيائه ورسله( عليه وعليهم اجمعين افضل الصلاه وازكي التسليم من قبل الف واربعمائه من السنين.

    هذا السبق القراني بحقيقه الفتق بعد الرتق يجعلنا نرتقي بنظريه الانفجار الكوني العظيم الي مقام الحقيقه, ونكون هنا قد انتصرنا بالقران الكريم للعلم المكتسب, وليس العكس, والسبب في لجوئنا الي تلك النظريه لحسن فهم دلاله الايه القرانيه رقم30 من سوره الانبياء هو ان العلوم المكتسبه لايمكن لها ان تتجاوز مرحله التنظير في القضايا التي لاتخضع لحس الانسان المباشر او ادراكه المباشر من مثل قضايا الخلق والافناء واعاده الخلق خلق الكون, خلق الحياه, وخلق الانسان وصدق الله العظيم اذ يقول:
    ما اشهدتهم خلق السماوات والارض ولاخلق انفسهم وماكنت متخذ المضلين عضدا( الكهف:51).
    كذلك فان نظريه الانسحاق الكوني العظيم

    يرتقي بها الي مقام الحقيقه قول ربنا تبارك وتعالي:

    يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدانا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين( الانبياء:104).
    هذا السبق القراني بالاشاره الي حقيقه الفتق بعد الرتق او ما يعبر عنه بالانفجار الكوني العظيم, والي حقيقه توسيع السماء او تمدد الكون, والي حقيقه الخلق من الدخان, والي حقيقه الرتق بعد الفتق طي المساء او الانسحاق الكوني العظيم, والي حقيقه اعاده خلق ارض غير الارض وسماوات غير السماوات الحاليه, والي العديد غيرها من الحقائق التي صاحبت خلق السماوات والارض او التي تلازمهما اليوم, او التي سوف تحدث عند افناء الكون, هو من اعظم الشهادات بان القران الكريم هو كلام الله الخالق, ولايمكن له ان يكون كلام احد غير الله, كما يشهد لهذا النبي الخاتم صلي الله عليه وسلم بانه كان موصولا بوحي السماء, ومعلما من قبل خالق السماوات والارض, حيث انه لم يكن لاحد من الخلق علم بهذه الحقائق الكونيه الكبري في زمن الوحي, ولا لقرون متطاوله من بعد نزوله:

    وتشهد هذه الايات الكونيه الوارده في كتاب الله وامثالها من الايات القرانيه الاخري المتعلقه بالكون وظواهره وبعض مكوناته بالدقه والشمول والكمال, وبالصياغه المعجزه التي يفهم منها اهل كل عصر معني من المعاني يتناسب مع المستوي العلمي للعصر, وتظل هذه المعاني تتسع باستمرار مع اتساع دائره المعرفه الانسانيه في تكامل لايعرف التضاد, وهذا عندي من ابلغ جوانب الاعجاز في كتاب الله.
    صفحة الأحاديث النبوية

    http://www.facebook.com/pages/الاحاد...01747446575326

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,600
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    29-11-2014
    على الساعة
    05:10 PM

    افتراضي

    لاشارات الكونيه في القران الكريم ومغزي دلالتها العلميه
    بقلم الدكتور‏: ‏زغلول النجار
    الثلث الاول من القرن العشرين لاحظ الفلكيون عمليه توسع الكون التي دار من حولها جدل طويل حتي سلم العلماء بحقيقتها‏,‏ وقد سبق القران الكريم بالاشاره الي تلك الحقيقه قبل الف واربعمائه سنه بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
    والسماء بنيناها بايد وانا لموسعون‏(‏ الذاريات‏:47)‏

    وكانت هذه الايه الكريمه قد نزلت والعالم كله ينادي بثبات الكون‏,‏ وعدم تغيره‏,‏ وظل هذا الاعتقاد سائدا حتي منتصف القرن العشرين حين اثبتت الارصاد الفلكيه حقيقه توسع الكون‏,‏ وتباعد مجراته عنا‏,‏ وعن بعضها البعض بمعدلات تقترب احيانا من سرعه الضوء‏(‏ المقدره بنحو ثلاثمائه الف كيلو متر في الثانيه‏),‏ وقد ايدت كل من المعادلات الرياضيه وقوانين الفيزياء النظريه استنتاجات الفلكيين في ذلك‏.‏
    وانطلاقا من هذه الملاحظه الصحيحه نادي كل من علماء الفلك‏,‏ والفيزياء الفلكيه والنظريه باننا اذا عدنا بهذا الاتساع الكوني الي الوراء مع الزمن فلابد ان تلتقي كل صور الماده والطاقه الموجوده في الكون‏(‏ المدرك منها وغير المدرك‏)‏ وتتكدس علي بعضها البعض في جرم ابتدائي واحد يتناهي في الصغر الي ما يقرب الصفر او العدم‏,‏ وتنكمش في هذه النقطه ابعاد كل من المكان والزمان حتي تتلاشي‏(‏ مرحله الرتق‏).‏

    وهذا الجرم الابتدائي كان في حاله من الكثافه والحراره تتوقف عندهما كل القوانين الفيزيائيه المعروفه‏,‏ ومن ثم فان العقل البشري لا يكاد يتصورهما‏,‏ فانفجر هذا الجرم الاولي بامر الله‏(‏ تعالي‏)‏ في ظاهره يسميها العلماء عمليه الانفجار الكوني العظيم

    ويسميها القران الكريم باسم الفتق فقد سبق القران الكريم كل المعارف الانسانيه بالاشاره الي ذلك الحدث الكوني العظيم من قبل الف واربعمائه من السنين بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
    اولم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يومنون
    ‏(‏الانبياء‏:30)‏

    وتشير دراسات الفيزياء النظريه في اواخر القرن العشرين الي ان جرما بمواصفات الجرم الابتدائي للكون عندما ينفجر يتحول الي غلاله من الدخان الذي تخلقت منه الارض وكل اجرام السماء‏,‏وقد سبق القران الكريم بالف واربعمائه سنه كل المعارف الانسانيه وذلك باشارته الي مرحله الدخان في قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
    قل ائنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين وتجعلون له اندادا ذلك رب العالمين‏*‏ وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها في اربعه ايام سواء للسائلين‏*‏ ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين‏*‏ فقضاهن سبع سماوات في يومين واوحي في كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم‏(‏ فصلت‏:9‏ ‏12)‏
    وفي‏8‏ نوفمبر سنه‏1989‏ م اطلقت وكاله الفضاء الامريكيه‏

    مركبه فضائيه باسم مكتشف الخلفيه الاشعاعيه للكون


    وذلك في مدار علي ارتفاع ستمائه كيلومتر حول الارض بعيدا عن تاثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للارض‏,‏ وقد قام هذا القمر الصنعي بارسال ملايين الصور والمعلومات الي الارض عن اثار الدخان الاول الذي نتج عن عمليه الانفجار العظيم للكون من علي بعد عشره مليارات من السنين الضوئيه‏,‏ وهي حاله دخانيه معتمه سادت الكون قبل خلق الارض والسماوات‏,‏ فسبحان الذي انزل من قبل الف وابعمائه سنه قوله الحق‏:‏
    ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين‏(‏ فصلت‏:11).‏

    دخانيه السماء بعد الانفجار الكوني العظيم‏(‏ اي بعد فتق الرتق‏):‏
    بعد التسليم بحقيقه توسع الكون‏,‏ وبرد ذلك التوسع الي الوراء مع الزمن حتي الوصول الي جرم ابتدائي واحد متناه في الضاله حجما الي الصفر او ما يقرب من العدم‏,‏ ومتناه في الكثافه والحراره الي حد لا يكاد العقل الانساني ان يتخيله‏,‏ لتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفه عنده‏(‏ مرحله الرتق‏),‏ وبعد التسليم بانفجار هذا الجرم الابتدائي‏(‏ مرحله الفتق‏)‏ في ظاهره كونيه يسميها العلماء الانفجار الكوني الكبير بدا كل من علماء الفلك والفيزياء الفلكيه والنظريه في تحليل مسار الاحداث الكونيه بعد هذا الحدث الكوني الرهيب‏.‏
    ومع ايماننا بان تلك الاحداث الموغله في تاريخ الكون تقع في صميم الغيب الذي اخبر ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ عنه بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏

    ما اشهدتهم خلق السماوات والارض ولا خلق انفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا‏(‏ الكهف‏:51)‏
    الا ان السنن التي فطر الله‏(‏ تعالي‏)‏ الكون عليها لها من الاطراد‏,‏ والاستمرار‏,‏ والثبات‏,‏ ما يمكن ان يعين الانسان علي الوصول الي شيء من التصور الصحيح لتلك الاحداث الغيبيه الموغله في ابعاد التاريخ الكوني علي الرغم من حس الانسان المحدود‏,‏ وقدرات عقله المحدوده‏,‏ ومحدوديه كل من زمانه ومكانه‏.‏

    كذلك فان التقنيات المتطوره من مثل الصواريخ العابره لمسافات كبيره في السماء‏,‏ والاقمار الصنعيه التي تطلقها تلك الصواريخ‏,‏ والاجهزه القياسيه والتسجيليه الدقيقه التي تحملها قد ساعدت علي الوصول الي تصوير الدخان الكوني الاول الذي نتج عن عمليه الانفجار العظيم‏,‏ والذي وجدت بقايا اثريه له علي اطراف الجزء المدرك من الكون‏,‏ وعلي ابعاد تصل الي عشره مليارات من السنين الضوئيه لتثبت دقه التعبير القراني بلفظه دخان التي وصف بها حاله الكون قبل خلق السماوات والارض‏.‏

    الفيزياء الفلكيه ودخانيه الكون‏:‏
    بعد الانفجار العظيم تحول الكون الي غلاله من الدخان الذي خلقت من الارض والسماوات



    تشير الحسابات الفيزيائيه الي ان حجم الكون قبل الانفجار العظيم كاد يقترب من الصفر‏,‏ وكان في حاله غريبه من تكدس كل من الماده والطاقه‏,‏ وتلاشي كل من المكان والزمان‏,‏ تتوقف عندها كل قوانين الفيزياء المعروفه‏(‏ مرحله الرتق‏),‏ ثم انفجر هذا الجرم الابتدائي الاولي في ظاهره كبري تعرف بظاهره الانفجار الكوني العظيم مرحله الفتق وبانفجاره تحول الي كره من الاشعاع والجسيمات الاوليه اخذت في التمدد والتبرد بسرعات فائقه حتي تحولت الي غلاله من الدخان‏.‏
    فبعد ثانيه واحده من واقعه الانفجار العظيم تقدر الحسابات الفيزيائيه انخفاض درجه حراره الكون من تريليونات الدرجات المطلقه الي عشره بلايين من الدرجات المطلقه‏[‏ ستيفن و‏.‏ هوكنج‏1988‏ م

    وعندها تحول الكون الي غلاله من الدخان المكون من الفوتونات

    والالكترونات

    والنيوترينوات

    واضداد هذه الجسيمات

    مع قليل من البروتونات

    والنيوترونات

    ولولا استمرار الكون في التوسع والتبرد بمعدلات منضبطه بدقه فائقه لافنت الجسيمات الاوليه للماده واضدادها بعضها بعضا‏,‏ وانتهي الكون‏,‏ ولكنه حفظ بحفظ الله الذي اتقن كل شيء خلقه‏.‏ والنيوترونات

    يمكن ان توجد في الكون علي هيئه ما يسمي باسم الماده الداكنه

    وينادي الان جوث

    بان التمدد عند بدء الانفجار العظيم كان بمعدلات فائقه التصور ادت الي زياده قطر الكون بمعدل‏2910‏ مره في جزء من الثانيه

    ‏,‏ وتشير حسابات الفيزياء النظريه الي الاستمرار في انخفاض درجه حراره الكون الي بليون‏(‏ الف مليون‏)‏ درجه مطلقه بعد ذلك بقليل‏,‏ وعند تلك الدرجه اتحدت البروتونات

    والنيوترونات

    لتكوين نوي ذرات الايدروجين الثقيل او الديوتريوم

    التي تحللت الي الايدروجين او اتحدت مع مزيد من البروتونات والنيوترونات لتكون نوي ذرات الهيليوم‏(HeliumNuclei)‏
    والقليل من نوي ذرات عناصر اعلي مثل نوي ذرات الليثيوم

    ونوي ذرات البريليوم

    ‏,‏ ولكن بقيت النسبه الغالبه لنوي ذرات غازي الايدروجين والهيليوم‏,‏ وتشير الحسابات النظريه الي انه بعد ذلك بقليل توقف انتاج كل من الهيليوم والعناصر التاليه له‏,‏ واستمر الكون في الاتساع والتمدد والتبرد لفتره زمنيه طويله‏,‏ ومع التبرد انخفضت درجه حراره الكون الي الاف قليله من الدرجات المطلقه حين بدات ذرات العناصر في التكون والتجمع وبدا الدخان الكوني في التكدس علي هيئه اعداد من السدم الكونيه الهائله‏.‏
    ومع استمرار عمليه الاتساع والتبرد في الكون بدات اجزاء من تلك السدم في التكثف علي ذاتها بفعل الجاذبيه وبالدوران حول نفسها بسرعات متزايده بالتدريج حتي تخلقت بداخلها كتل من الغازات المتكثفه‏,‏ ومع استمرار دوران تلك الكتل الكثيفه في داخل السدم بدات كميات من غازي الايدروجين والهيليوم الموجوده بداخلها في التكدس علي ذاتها بمعدلات اكبر‏,‏ مما ادي الي مزيد من الارتفاع في درجات حرارتها حتي وصلت الي الدرجات اللازمه لبدء عمليه الاندماج النووي فتكونت النجوم المنتجه للضوء والحراره‏.‏

    وفي النجوم الكبيره الكتله استمرت عمليه الاندماج النووي لتخليق العناصر الاعلي في وزنها الذري بالتدريج مثل الكربون والاوكسيجين وما يليهما حتي يتحول لب النجم بالكامل الي الحديد فينفجر هذا النجم المستعر‏(Nova)‏ علي هيئه فوق المستعر

    وتتناثر اشلاء فوق المستعرات

    وما بها من عناصر ثقيله في داخل المجره لتتكون منها الكواكب والكويكبات‏,‏ بينما يبقي منها في غازات المجره ما يمكن ان يدخل في بناء نجم اخر باذن الله‏.‏
    وتحتوي شمسنا علي نحو‏2%‏ من كتلتها من العناصر الاثقل في اوزانها الذريه من غازي الايدروجين والهيليوم‏,‏ وهما المكونان الاساسيان لها‏,‏ وهذه العناصر الثقيله لم تتكون كلها بالقطع في داخل الشمس بل جاءت اليها من بقايا انفجار بعض من فوق المستعرات‏.‏

    وعلي الرغم من تكدس كل من الماده والطاقه في اجرام السماء‏(‏ مثل النجوم وتوابعها‏)‏ فان الكون المدرك يبدو لنا متجانسا علي نطاق واسع‏,‏ في كل الاتجاهات‏,‏ وتحده خلفيه اشعاعيه متساويه حيثما نظر الراصد‏.‏
    كذلك فان توسع الكون لم يتجاوز بعد الحد الحرج الذي يمكن ان يودي الي انهياره علي ذاته‏,‏وتكدسه من جديد‏,‏ مما يوكد انه محكوم بضوابط بالغه الدقه والاحكام‏,‏ ولا يزال الكون المدرك مستمرا في توسعه بعد اكثر من عشره مليارات من السنين‏(‏ هي العمر الادني المقدر للكون‏)‏ وذلك بنفس معدل التوسع الحرج‏,‏ ولو تجاوزه بجزء من مئات البلايين من المعدل الحالي للتوسع لانهار الكون علي الفور‏,‏ فسبحان الذي حفظه من الانهيار‏..!!‏ والنظريه النسبيه لا يمكنها تفسير ذلك لان كل القوانين الفيزيائيه‏,‏ وكل الابعاد المكانيه والزمانيه تنهار عند الجرم الابتدائي للكون قبل انفجاره‏(‏ مرحله الرتق‏)‏ بكتلته‏,‏ وكثافته وحرارته الفائقه‏,‏ وانعدام حجمه الي ما يقرب من الصفر‏,‏ ولا يمكن لعاقل ان يتصور مصدرا لخلق هذا الكون بهذا القدر من الاحكام غير كونه امرا من الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ الذي انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون‏(‏ يس‏:82)‏

    فعلي سبيل المثال لا الحصر يذكر علماء الفيزياء انه اذا تغيرت الشحنه الكهربائيه للاليكترون قليلا‏,‏ مااستطاعت النجوم القيام بعمليه الاندماج النووي‏,‏ ولعجزت عن الانفجار علي هيئه ما يسمي بفوق المستعر

    اذا تمكنت فرضا من القيام بعمليه الاندماج النووي‏.‏
    والمعدل المتوسط لعمليه اتساع الكون لابد وانه قد اختير بحكمه بالغه لان معدله الحالي لا يزال قريبا من الحد الحرج اللازم لمنع الكون من الانهيار علي ذاته‏.‏

    ويقرر علماء الفيزياء النظريه والفلكيه ان الدخان الكوني كان خليطا من الغازات الحاره المعتمه التي تتخللها بعض الجسيمات الاوليه للماده واضداد الماده

    حتي تشهد هذه الصوره من صور الزوجيه السائده في الكون لله وحده بالتفرد بالوحدانيه فوق كافه خلقه‏,‏ ولا توجد كلمه توفي هذه الحاله حقها من الوصف مثل كلمه دخان فسبحان الذي انزلها في كتابه من قبل الف واربعمائه من السنين‏.‏

    وقد تكونت من تلك الجسيمات الاوليه للماده في الدخان الكوني الاولي نوي ذرات غازي الايدروجين والهيليوم‏,‏ وبعد ذلك وصلت الي الحد الذي يسمح بتكوين ذرات ثابته لعناصر اكبر وزنا وذلك باتحاد نوي ذرات الايدروجين والهيليوم‏.‏ وظل هذا الدخان المعتم سائدا ومحتويا علي ذرات العناصر التي خلق منها بعد ذلك كل من الارض والسماء‏.‏
    وتفيد الدراسات النظريه ان الكون في حالته الدخانيه كان يتميز بقدر من التجانس مع تفاوت بسيط في كل من الكثافه ودرجات الحراره بين منطقه واخري‏,‏ وذلك نظرا لبدء تحول اجزاء من ذلك الدخان بتقدير من الله‏(‏ تعالي‏)‏ الي مناطق تتركز فيها كميات كبيره من كل من الماده والطاقه علي هيئه السدم‏.‏ ولما كانت الجاذبيه في تلك المناطق تتناسب تناسبا طرديا مع كم الماده والطاقه المتمركزه فيها‏,‏ فقد ادي ذلك الي مزيد من تكدس الماده والطاقه والذي بواسطته بدا تخلق النجوم وبقيه اجرام السماء في داخل تلك السدم‏,‏ وتكونت النجوم في مراحلها الاولي من العناصر الخفيفه مثل الايدروجين والهيليوم‏,‏ والتي اخذت في التحول الي العناصر الاعلي وزنا بالتدريج مع بدءعمليه الاندماج النووي في داخل تلك النجوم حسب كتله كل منها‏.‏

    تصوير الدخان الكوني
    في الثامن من نوفمبر سنه‏1989‏ م اطلقت وكاله الفضاء الامريكيه مركبه باسم مكتشف الخلفيه الاشعاعيه للكون

    ارتفعت الي مدار حول الارض يبلغ ارتفاعه ستمائه كيلومتر فوق مستوي سطح البحر‏,‏ وذلك لقياس درجه حراره الخلفيه الاشعاعيه للكون‏,‏ وقياس كل من الكثافه الماديه والضوئيه والموجات الدقيقه


    في الكون المدرك‏,‏ بعيدا عن تاثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للارض‏,‏ وقام هذا القمر الصنعي المستكشف بارسال قدر هائل من المعلومات وملايين الصور لاثار الدخان الكوني الاول الذي نتج عن عمليه الانفجار العظيم للكون‏,‏ من علي بعد عشره مليارات من السنين الضوئيه‏,‏ واثبتت تلك الصور ان هذا الدخان الكوني في حاله معتمه تماما تمثل حاله الاظلام التي سادت الكون في مراحله الاولي‏.‏
    ويقدر العلماء كتله هذا الدخان المعتم بحوالي‏90%‏ من كتله الماده في الكون المنظور‏,‏ وكتب جورج سموت

    احد المسئولين عن رحله المستكشف

    تقريرا نشره سنه‏1992‏ م بالنتائج المستقاه من هذا العدد الهائل من الصور الكونيه كان من اهمها الحاله الدخانيه المتجانسه التي سادت الوجود عقب الانفجار الكوني العظيم‏,‏ وكذلك درجه الحراره المتبقيه علي هيئه خلفيه اشعاعيه اكدت حدوث ذلك الانفجار الكبير‏,‏ وكان في تلك الكشوف ابلغ الرد علي النظريات الخاطئه التي حاولت من منطلقات الكفر والالحاد تجاوز الخلق‏,‏ والجحود بالخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ فنادت كذبا بديمومه الكون بلا بدايه ولا نهايه من مثل نظريه الكون المستمر
    التي سبق ان اعلنها ودافع عنها كل من هيرمان بوندي
    ‏ وفريد هويل في سنه‏1949‏ م‏,‏ ونظريه الكون المتذبذب‏
    التي نادي بها ريتشارد تولمان
    من قبل‏..‏ فقد كان في اثبات وجود الدخان الكوني والخلفيه الاشعاعيه للكون بعد اثبات توسع الكون ما يجزم بان كوننا مخلوق له بدايه ولابد ان ستكون له في يوم من الايام نهايه‏,‏ وقد اكدت الصور التي بثتها مركبه المستكشف‏ للخلفيه الاشعاعيه والتي نشرت في ابريل سنه‏1992‏ م كل تلك الحقائق‏.‏
    انتشار مختلف صور الطاقه بالكون



    تكوين نوي المجرات من الدخان الكوني
    كان الجرم الابتدائي للكون مفعما بالماده والطاقه المكدسه تكديسا رهيبا يكاد ينعدم فيه الحجم الي الصفر‏,‏ وتتلاشي فيه كل ابعاد المكان والزمان‏,‏ وتتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفه لنا كما سبق وان اشرنا‏(‏ مرحله الرتق‏),‏ وبعد انفجار هذا الجرم الاولي وبدء الكون في التوسع‏,‏ تمدد الاشعاع وظل الكون مليئا دوما بالطاقه الكهرمغناطيسيه‏,‏ علي انه كلما تمدد الكون قل تركيز الطاقه فيه‏,‏ ونقصت كثافته‏,‏ وانخفضت درجه حرارته‏.‏
    واول صوره من صور الطاقه في الكون هي قوه الجاذبيه

    وهي قوي كونيه بمعني ان كل جسم في الكون يخضع لقوي الجاذبيه حسب كتلته او كميه الطاقه فيه‏,‏ وهي قوي جاذبه تعمل عبر مسافات طويله‏,‏ وتحفظ للجزء المدرك من الكون بناءه وابعاده ولعلها هي المقصوده بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
    الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها‏...(‏ الرعد‏:2)‏

    وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
    الم تر ان الله سخر لكم ما في الارض‏,‏ والفلك تجري في البحر بامره‏,‏ ويمسك السماء ان تقع علي الارض الا باذنه ان الله بالناس لرءوف رحيم‏(‏ الحج‏:65).‏

    وقوله‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
    ومن اياته ان تقوم السماء والارض بامره ثم اذا دعاكم دعوه من الارض اذا انتم تخرجون‏(‏ الروم‏:25).‏

    وقوله‏(‏ تبارك اسمه‏):‏
    خلق السماوات بغير عمد ترونها‏...(‏ لقمان‏:10).‏

    وقوله‏(‏ تعالي‏):‏
    ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا ولئن زالتا ان امسكهما من احد من بعده انه كان حليما غفورا‏(‏ فاطر‏:41).‏
    ويقسم ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ وهو الغني عن القسم في مطلع سوره الطور ب السقف المرفوع وهذا القسم القراني جاء بالسماء المرفوعه بغير عمد مرئيه‏..!!‏

    والصوره الثانيه من صور الطاقه المنتشره في الكون هي القوي الكهربائيه‏/‏المغناطيسيه‏(‏ او الكهرومغناطيسيه‏

    وهي قوي تعمل بين الجسيمات المشحونه بالكهرباء‏,‏ وهي اقوي من الجاذبيه بملايين المرات‏(‏ بحوالي‏4110‏ مره‏),‏ وتتمثل في قوي التجاذب بين الجسيمات التي تحمل شحنات كهربيه مختلفه‏(‏ موجبه وسالبه‏),‏ كما تتمثل في قوي التنافر بين الجسيمات الحامله لشحنات كهربيه متشابهه‏,‏ وتكاد هذه القوي من التجاذب والتنافر يلغي بعضها بعضا‏,‏ وعلي ذلك فان حاصل القوي الكهرومغناطيسيه في الكون يكاد يكون صفرا‏,‏ ولكن علي مستوي الجزيئات والذرات المكونه للماده تبقي هي القوي السائده‏.‏

    والقوي الكهرومغناطيسيه هي التي تضطر الاليكترونات

    في ذرات العناصر الي الدوران حول النواه بنفس الصوره التي تجبر فيها قوي الجاذبيه الارض‏(‏ وغيرها من كواكب المجموعه الشمسيه‏)‏ الي الدوران حول الشمس‏,‏ وان دل ذلك علي شيء فانما يدل علي وحده البناء في الكون من ادق دقائقه الي اكبر وحداته‏,‏ وهو ما يشهد للخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ بالوحدانيه المطلقه بغير شريك ولا شبيه ولا منازع‏.‏

    ويصور الفيزيائيون القوي الكهرومغناطيسيه علي انها تنتج من تبادل اعداد كبيره من جسيمات تكاد تكون معدومه الوزن تسمي بالفوتونات

    والقوي الثالثه في الكون هي القوي النوويه القويه

    وهي القوي التي تمسك باللبنات الاوليه للماده في داخل كل من البروتونات

    والنيوترونات

    في نواه الذره‏,‏ وهذه القوي تصل الي اقصي قدرتها في المستويات العاديه من الطاقه‏,‏ ولكنها تضعف مع ارتفاع مستويات الطاقه باستمرار‏.‏
    والقوه الرابعه في الكون هي القوي النوويه الضعيفه

    وهي القوي المسئوله عن عمليه النشاط الاشعاعي

    وفي الوقت الذي تضعف فيه القوي النوويه القويه في المستويات العليا للطاقه‏,‏ فان كلا من القوي النوويه الضعيفه والقوي الكهرومغناطيسيه تقوي في تلك المستويات العليا للطاقه‏.‏

    وحده القوي في الكون



    تخلق احدي النجوم من الدخان الكوني
    يوحد علماء الفيزياء النظريه بين كل من القوي الكهرومغناطيسيه‏,‏ والقوي النوويه القويه والضعيفه فيما يسمي بنظريه التوحد الكبري

    والتي تعتبر تمهيدا لنظريه اكبر توحد بين كافه القوي الكونيه

    في قوه عظمي‏,‏ واحده تشهد لله الخالق بالوحدانيه المطلقه‏,‏ وعن هذه القوه العظمي انبثقت القوي الكبري الاربع المعروفه في الكون‏:‏ قوه الجاذبيه‏,‏ القوه الكهرومغناطيسيه وكل من القوتين النوويتين الشديده والضعيفه مع عمليه الانفجار الكوني الكبير مباشره‏(‏ الفتق بعد الرتق‏).‏
    وباستثناء الجاذبيه فان القوي الكونيه الاخري تصل الي نفس المعدل عند مستويات عاليه جدا من الطاقه تسمي باسم الطاقه العظمي للتوحد‏,‏

    ومن هنا فان هذه الصور الثلاث للطاقه تعتبر ثلاثه اوجه لقوه واحده‏,‏ لا يستبعد انضمام الجاذبيه اليها‏,‏ باعتبارها قوه ذات مدي طويل جدا‏,‏ تتحكم في اجرام الكون وفي التجمعات الكبيره للماده ومن ثم يمكن نظريا غض الطرف عنها من قبيل التبسيط عندما يقصر التعامل علي الجسيمات الاوليه للماده‏,‏ او حتي مع ذرات العناصر‏.‏

    وهذه الصوره من وحده البناء في الكون‏,‏ ووحده صور الطاقه فيه‏,‏ مع شيوع الزوجيه في الخلق كل الخلق هي شهاده الكون لخالقه‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ بالتفرد بالوحدانيه المطلقه فوق كافه خلقه بغير شبيه ولا شريك ولا منازع‏,‏ وصدق الله العظيم اذ يقول‏:‏
    ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون‏(‏ الذاريات‏:49).‏

    ويقول‏:‏
    لو كان فيهما الهه الا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون‏(‏ الانبياء‏:22).‏

    وسبحانه وتعالي اذ انزل من قبل الف واربعمائه سنه قوله الحق‏:‏ ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين‏(‏ فصلت‏:11).‏

    صفحة الأحاديث النبوية

    http://www.facebook.com/pages/الاحاد...01747446575326

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,600
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    29-11-2014
    على الساعة
    05:10 PM

    افتراضي

    لاشارات الكونيه في القران الكريم ومغزي دلالتها العلميه‏ 4

    هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوي الي السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم
    اجمل القران الكريم خلق السماوات والارض في ثلاثه مواضع‏,‏ يقول فيها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏

    ‏(1)‏ والسماء بنيناها بايد وانا لموسعون‏(‏ الذاريات‏:47)‏
    ‏(2)‏ اولم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يومنون‏(‏الانبياء‏:30)‏

    ‏(3)‏ قل ائنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين وتجعلون له اندادا ذلك رب العالمين‏,‏ وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها في اربعه ايام سواء للسائلين‏,‏ ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين‏,‏ فقضاهن سبع سماوات في يومين واوحي في كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم‏(‏ فصلت‏:9‏ ‏12)‏
    اجمل القران الكريم خلق السماوات والارض في ثلاثه مواضع‏,‏ يقول فيها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏

    ‏(1)‏ والسماء بنيناها بايد وانا لموسعون‏(‏ الذاريات‏:47)‏
    ‏(2)‏ اولم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يومنون‏(‏الانبياء‏:30)‏

    ‏(3)‏ قل ائنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين وتجعلون له اندادا ذلك رب العالمين‏,‏ وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها في اربعه ايام سواء للسائلين‏,‏ ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين‏,‏ فقضاهن سبع سماوات في يومين واوحي في كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم‏(‏ فصلت‏:9‏ ‏12)‏
    وقد ثبت علميا منذ الثلث الاول للقرن العشرين‏,‏ ان من صفات الكون الذي نحيا فيه‏,‏ انه كون دائم الاتساع الي ما شاء الله‏,‏ بمعني ان المجرات فيه تتباعد عن مجرتنا وعن بعضها البعض بسرعات تقترب احيانا من سرعه الضوء‏.‏

    كذلك ثبت ان هذا الكون الشاسع الاتساع‏,‏ الدقيق البناء‏,‏ المحكم الحركه‏,‏ والمنضبط في كل امر من اموره‏,‏ قد بدا خلقه من جرم واحد متناه في ضاله الحجم الي مايقرب الصفر اي العدم‏,‏ ومتناه في تعاظم كثافته ودرجه حرارته الي حد تتوقف عنده جميع القوانين الفيزيائيه‏,‏ كما تتلاشي كل ابعاد المكان والزمان‏,‏ وان من هذه النقطه المتناهيه في الضاله بدا خلق الكون بالامر الالهي كن في عمليه اطلق عليها كل من علماء الفلك والفيزياء الفلكيه اسم الانفجار الكوني العظيم‏.‏
    وقد ادي هذا الانفجار الكوني الي غلاله من الدخان الذي خلق منه كل من الارض والسماء وما بينهما‏.‏

    السماوات والارض في القران الكريم
    وردت لفظه السماء بالافراد والجمع في القران الكريم في ثلاثمائه وعشره‏(310)‏ مواضع‏,‏ منها مائه وعشرون‏(120)‏ مره بالافراد‏,‏ ومائه وتسعون‏(190)‏ مره بالجمع‏,‏ وتعبير السماء مستمد من السمو اي الارتفاع والعلو‏,‏ ولذا قالت العرب‏:‏ كل ما علاك فاظلك فهو سماء‏.‏
    كذلك وردت لفظه الارض بمشتقاتها في كتاب الله‏(‏ تعالي‏)‏ في اربعمائه واحدي وستين‏(461)‏ موضعا‏.‏

    وفي الغالبيه الساحقه من تلك المواضع‏,‏ نجد ان لفظه السماء‏(‏ بالجمع او بالمفرد‏)‏ قد ذكرت قبل الارض‏,‏ وفي عدد قليل من الايات قد جاء ذكر الارض قبل السماء‏,‏ من مثل قوله‏(‏ تعالي‏):‏
    هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوي الي السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم‏(‏ البقره‏:29).‏

    وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
    الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء‏....(‏ البقره‏:22).‏
    وقوله‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
    تنزيلا ممن خلق الارض والسماوات العلي‏,‏ الرحمن علي العرش استوي‏,‏ له ما في السماوات وما في الارض وما بينهما وما تحت الثري‏(‏ طه‏:4‏ ‏6).‏
    وقوله‏(‏ سبحانه‏):‏
    قل ائنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين وتجعلون له اندادا ذلك رب العالمين‏...‏ الي ان قال‏(‏ عز من قائل‏):‏
    ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين‏...(‏ فصلت‏:9‏ ‏11).‏



    المجموعه الشمسيه من نماذج نجوم السماء
    وقد احتار العلماء والمفسرون في تحديد ايهما كان الاسبق بالخلق‏,‏ الارض ام السماوات؟ ام انهما قد خلقا في وقت واحد؟ وينسون ان الزمن من خلق الله‏,‏ وان القبليه والبعديه اصطلاحات بشريه‏,‏ لا مدلول لها بالقياس الي الله‏(‏ تعالي‏),‏ الذي لا يحده الزمان ولا المكان‏.‏
    ففي تفسير الايه رقم‏(29)‏ من سوره البقره‏,‏ راي العديد من المفسرين ان معناها ان الله‏(‏ تعالي‏)‏ قد خلق جميع النعم الموجوده في الارض لمنفعه الناس‏,‏ ثم توجهت ارادته‏(‏ تعالي‏)‏ الي السماء فجعل منها سبع سماوات‏,‏ وهو تعالي محيط بكل شيء‏,‏ عالم بتفاصيله‏.‏

    والاستواء الالهي رمز للسيطره الكليه‏,‏ والقصد باراده الخلق‏,‏ والتكوين‏,‏ والتسويه للكون بارضه وسمائه‏,‏ وهو تعالي خالق هذا الكون ومدبره‏,‏ ربه ومليكه‏,‏ وياتي ذلك في معرض الاستنكار والاستهجان لكفر الكافرين من الناس بالخالق‏,‏ المبدع‏,‏ المهيمن‏,‏ المسيطر علي الكون‏,‏ الذي سخر لهم الارض بكل مافيها‏,‏ وسخر لهم السماوات بما يحفظ الحياه علي الارض ويجعلها ممكنه لهم‏.‏
    وقال ابن جزي في كتابه المعنون التسهيل في علوم التنزيل الجزء الاول ص‏43‏ ما نصه‏:‏ وهذه الايه‏:[‏ خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوي الي السماء‏...]‏ تقتضي انه‏(‏ سبحانه‏)‏ خلق السماء بعد الارض‏,‏ وقوله‏(‏ تعالي‏):‏ والارض بعد ذلك دحاها‏...‏ ظاهره خلاف ذلك‏,‏ والجواب من وجهين‏:‏ احدهما ان الارض خلقت قبل السماء‏,‏ ودحيت بعد ذلك‏,‏ فلا تعارض‏,‏ والاخر تكون ثم لترتيب الاخبار‏.‏

    وقال ابن كثير‏:[...‏ والاستواء هنا يتضمن معني القصد والاقبال لانه عدي بالي‏,(‏ فسواهن‏)‏ اي فخلق السماء سبعا‏,‏ والسماء هنا اسم جنس‏,‏ فلهذا قال‏:(‏ فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم‏),‏ اي وعلمه محيط بجميع ما خلق‏...‏
    ففي هذا دلاله علي انه‏(‏ تعالي‏)‏ ابتدا بخلق الارض اولا ثم خلق السماوات سبعا‏....,‏ وقد صرح المفسرون بذلك كما سنذكره‏,‏ فاما قوله‏(‏ تعالي‏):‏ اانتم اشد خلقا ام السماء بناها‏,‏ رفع سمكها فسواها‏,‏ واغطش ليلها واخرج ضحاها‏,‏ والارض بعد ذلك دحاها‏,‏ فقد قيل‏:‏ ان ثم هنا انما هي لعطف الخبر علي الخبر‏,‏ لا لعطف الفعل علي الفعل‏...]‏ واضاف ابن كثير‏(‏ يرحمه الله‏):[‏ وقيل ان الدحي كان بعد خلق السماوات والارض رواه علي بن ابي طلحه عن ابن عباس‏(‏ رضي الله تبارك وتعالي عنهما‏).‏

    وقال مجاهد في قوله تعالي‏:(‏ هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا‏)‏ قال‏:‏ خلق الله الارض قبل السماء‏....‏ فهذه وهذه دالتان علي ان الارض خلقت قبل السماء‏,‏ وهذا ما لا اعلم فيه نزاعا بين العلماء الا ما نقله ابن جرير عن قتاده انه زعم ان السماء خلقت قبل الارض‏,‏ وقد توقف في ذلك القرطبي في تفسيره لقوله تعالي‏:(‏ والارض بعد ذلك دحاها‏,‏ اخرج منها ماءها ومرعاها‏,‏ والجبال ارساها‏)‏ قالوا‏:‏ فذكر خلق السماء قبل الارض‏,‏ وفي صحيح البخاري ان ابن عباس سئل عن هذا بعينه‏,‏ فاجاب بان الارض خلقت قبل السماء‏,‏ وان الارض انما دحيت بعد خلق السماء‏,‏ وكذلك اجاب غير واحد من علماء التفسير قديما وحديثا‏....]‏
    وقال عدد من المفسرين المحدثين ان لفظ خلق في هذه الايه الكريمه‏[‏ رقم‏(29)‏ من سوره البقره‏]‏ يعني التقدير دون الايجاد‏,‏ بمعني ان جميع مكونات الارض من نوي العناصر كانت جاهزه في الدخان الكوني الناتج عن عمليه فتق الرتق‏(‏ الانفجار العظيم‏),‏ ولو ان كوكب الارض لم يكن قد تم تشكيله بعد‏,‏ ثم توجهت اراده الله الي السماء وهي دخان فخلق منها سبع سماوات كما خلق الارض‏,‏ ويتضح ذلك من قوله‏(‏ تعالي‏):‏
    قل ائنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين وتجعلون له اندادا ذلك رب العالمين‏,‏ وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها في اربعه ايام سواء للسائلين‏,‏ ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين‏,‏ فقضاهن سبع سماوات في يومين واوحي في كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم‏(‏ فصلت‏:9‏ ‏12).‏

    ويستنتج من هذه الايات الكريمه‏,‏ ان الارض قد خلقت من السماء الدخانيه علي مراحل اربع متتاليه‏,‏ بينما تم تشكيل السماء الدخانيه علي هيئه سبع سماوات علي مرحلتين‏,‏ وتم دحو الارض بمعني تكوين كل من اغلفتها الغازيه‏,‏ والمائيه‏,‏ والصخريه بعد ذلك استنادا الي قوله‏(‏ تعالي‏):‏
    اانتم اشد خلقا ام السماء بناها‏,‏ رفع سمكها فسواها‏,‏ واغطش ليلها واخرج ضحاها‏,‏ والارض بعد ذلك دحاها‏,‏ اخرج منها ماءها ومرعاها‏,‏ والجبال ارساها متاعا لكم ولانعامكم‏(‏ النازعات‏:27‏ ‏33).‏

    وهذه الايات الكريمه جاءت في مقام الاحتجاج علي منكري البعث‏,‏ فيسالهم ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ هل خلقكم اكبر من خلق السماء التي بنيناها بهذه السعه المبهره‏,‏ والنظام الدقيق‏,‏ والانضباط في الحركه‏,‏ والاحكام في العلاقات‏,‏ والارتباط بتلك القوي الخفيه‏,‏ والاشعاعات غير المرئيه التي تتحرك كامر كوني واحد‏,‏ بسرعات كونيه عظمي لتربط بلايين النجوم والكواكب والكويكبات والاقمار والمذنبات في داخل المجرات‏,‏ كما تربط مئات البلايين من المجرات مع بعضها البعض في ركن من السماء الدنيا التي لا يستطيع العلم ادراك ابعادها‏,‏ ولا تحقيق ما فوقها‏.‏
    واما قوله‏(‏ تعالي‏)‏ رفع سمكها فمعناه جعل ارتفاعها عظيما‏,‏ اشاره الي المسافات الفلكيه المذهله‏,‏ التي تقدر بعشرات البلايين من السنين الضوئيه‏.‏

    وقوله‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏ اغطش ليلها واخرج ضحاها اي اظلم ليلها‏,‏ وجعله حالك السواد‏,‏ واخرج ضحاها اي انار نهارها‏,‏ بخلق النجوم مثل شمسنا وسط ظلام السماء الحالك‏,‏ فارسلت بضيائها الي ارضنا في وضح النهار فقامت هباءات الغبار‏,‏ وبخار الماء في الجزء السفلي من الغلاف الغازي للارض بتشتيت ضوء الشمس‏,‏ واظهاره بهيئه النور الابيض الذي نراه في نهار الارض‏.‏
    وبعد ذلك تذكر الايات الكريمه انه قد تم دحو الارض‏,‏ الابتدائيه الي شكلها الحالي باغلفتها المختلفه‏,‏ والدحو لغه هو المد والبسط والالقاء‏,‏ وهو كنايه عن الثورانات البركانيه العنيفه التي اخرج بها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ من جوف الارض كل غلافها الغازي والمائي والصخري‏.‏

    وهذه كلها مراحل متتاليه في تهيئه الارض لاستقبال الحياه‏,‏ وقد تمت بعد بناء السماوات السبع من الدخان الكوني الناتج عن عمليه فتق الرتق‏(‏ الانفجار الكوني العظيم‏).‏

    علوم الكون وخلق السماوات والارض
    من بديع القدره الالهيه‏,‏ ومن الشهادات الناطقه لله بالوحدانيه المطلقه بغير شريك‏,‏ ولا شبيه‏,‏ ولا منازع ان يلتقي الكون في اكبر وحداته مع الكون في ادق دقائقه‏,‏ فيلتقي علم الكون الحديث
    ‏(ModernCosmology)‏
    بعلم الفيزياء الجزئيه او فيزياء الجسيمات الاوليه للماده
    ‏(ParticlephysicsOrElementaryParticlePhysics)‏
    فدراسات الجسيمات الاوليه في داخل الذره بدات تعطي ابعادا مبهره لتفهم عمليه خلق الكون‏,‏ ومراحله المختلفه‏.‏
    ففي الثلث الاول من القرن العشرين‏,‏ تساءل علماء الفلك عن مصدر الطاقه في النجوم واقترحوا امكانيه كونها عمليه معاكسه للانشطار النووي
    ‏(NuclearFission)‏
    واطلقوا عليها اسم عمليه الاندماج النووي
    ‏(NuclearFusion),‏
    وهي عمليه يتم بها اندماج نوي العناصر الخفيفه لتكوين عناصر اعلي في وزنها الذري‏.‏

    وفي الثلاثينيات اقترح هانز بيته
    ‏(HansBethe)‏
    عددا من سلاسل التفاعلات النوويه داخل النجوم‏,‏ التي تتحد فيها اربع نوي لذرات الايدروجين
    ‏(HydrogenNuclei)‏
    لتكون نواه واحده من نوي ذرات الهيليوم
    ‏(HeliumNuclei)‏
    وذلك في قلب نجم كشمسنا تصل درجه الحراره فيه الي‏15‏ مليون درجه مطلقه‏,‏ اما في النجوم الاشد حراره من ذلك‏,‏ فان نوي ذرات الهيليوم تتحد لتكون نوي ذرات الكربون ‏12,‏ وربما تستمر عمليه الاندماج النووي لتخليق نوي ذرات اعلي وزنا بسلاسل اقوي من التفاعلات النوويه‏.‏
    وفي سنه‏1957‏ م تمت صياغه نظريه تخليق نوي العناصر المختلفه في داخل النجوم
    ‏(SynthesisoftheElementsinStars)‏
    بواسطه اربعه من الفلكيين المعاصرين هم‏:‏ مارجريت وجفري بيربردج‏,‏ وليام فاولر‏,‏ فرد هويل بتاريخ اكتوبر سنه‏1957‏ م
    ‏(MargaretandGeoffreyBurbridge,WilliamA-FowlerandFredHoyle).‏

    وذلك في بحث قدموه الي مجله الفيزياء الحديثه
    ‏(ReviewsofModernPhysics,no4.,vol29.,October,1957)‏
    وقد تمكن علماء الفلك من تفسير التوزيع النسبي للعناصر المختلفه في الجزء المدرك من الكون بناء علي هذه النظريه‏,‏ كما تمكنوا من تفسير تطور الكون المدرك من دخان يغلب علي تركيبه غاز الايدروجين مع قليل من ذرات الهيليوم الي الكون الحالي‏,‏ الذي يضم في تركيبه اكثر من مائه من العناصر المعروفه والتي تندرج خواصها الطبيعيه والكيميائيه بناء علي ما تحتويه ذره كل منها من اللبنات الاوليه للماده‏,‏ بحيث تم ترتيبها في جدول دوري حسب اعدادها الذريه‏,‏ بدءا من اخفها وابسطها بناء‏(‏ وهو غاز الايدروجين‏),‏ الي اثقلها واعقدها بناء وهو اللورنسيوم
    ‏(Lawrencium,Lw),‏
    وفق نظام محكم دقيق ينبيء بخواص العنصر من موضعه في الجدول الدوري للعناصر‏.‏

    تخليق العناصر منذ بدايه خلق الكون
    يبدو ان تخليق العناصر المختلفه بعمليه الاندماج النووي لنظائر‏,‏ كل من غازي الايدوجين والهيليوم‏,‏ قد بدات منذ اللحظات الاولي للانفجار الكوني الكبير‏(‏ او فتق الرتق‏),‏ وبدات بتدرج يتفق مع ترتيب العناصر في الجدول الدوري‏,‏ بمعني ان العناصر الخفيفه بدات في تخلقها قبل العناصر الثقيله‏,‏ وان العناصر الثقيله لابد انها قد تكونت في داخل النجوم الشديده الحراره من مثل المستعرات وفوق المستعرات‏(NovaeandSupernovae),‏ او في اثناء انفجارها‏.‏
    ومن الاكتشافات الحديثه ان الماده
    ‏(Matter)‏
    لها اضدادها
    ‏(Antimatter)‏
    وان كل جسيم من الجسيمات الاوليه المكونه لذرات المواد له جسم مضاد بنفس الكتله ولكنه يحمل صفات مضاده‏,
    (ParticleandAntiparticle),‏
    وذلك من مثل البروتون واضداد البروتون‏
    (ProtonandAntiproton),‏
    والنيوترون واضداد النيوترون
    ‏(NeutronandAntineutron),‏
    والاليكترون وضده او البوزيترون
    ‏(ElectronandAnti-electronorPositron),‏
    وان نوي الذرات تتكون من جسيمات دقيقه تسمي الباريونات
    ‏(Baryons),‏
    من مثل البروتونات والنيوترونات‏,‏ وان هذه ايضا لها اضدادها
    ‏(Antibaryons),‏
    وهكذا‏.‏
    وعند التقاء اي جسيم من جسيمات الماده وضده فانهما يفنيان ويتحولان الي طاقه علي هيئه اشعه جاما حسب القانون‏:‏

    الطاقه الناتجه‏=‏ الكتله‏*‏ مربع سرعه الضوء‏.‏
    وقد ثبت علميا ان الماده واضدادها علي مختلف المستويات قذ خلقت بكميات متساويه عقب عمليه الانفجار الكوني مما يوكد حقيقه الخلق من العدم‏,‏ وامكان الافناء الي العدم‏.‏
    وفي سنه‏1980‏ م منح كل من جيمس و‏.‏ كرونين‏,‏ فال فيتش
    ‏(Jamesw.CroninandValFitch)‏
    جائزه نوبل في الفيزياء لاثباتهما بالتجربه القابله للتكرار والاعاده‏,‏ ان افناء بعض الجسيمات الاوليه للماده بواسطه اضدادها لا يتم بتماثل كامل‏,‏ ومن هنا كان بقاء الماده في الكون وعدم فنائها بالكامل‏.‏
    وفي سنه‏1983‏ م حصل وليام فاولر
    ‏(WilliamA.Fowler)‏
    علي جائزه نوبل في الفيزياء مناصفه مع اخرين لجهوده في تفسير عمليه تخليق نوي ذرات العناصر المختلفه بواسطه الاندماج النووي‏.‏

    مراحل خلق الكون عند كل
    من الفلكيين والفيزيائيين
    باستخدام الحسابات التي وظفت فيها الحواسيب العملاقه‏,‏ تمكن كل من الفلكيين والفيزيائيين المعاصرين من وضع تصور لمراحل خلق الكون علي النحو التالي‏:‏
    ‏(1)‏ بعد لحظات من عمليه الانفجار الكوني العظيم‏(‏ تقدر بنحو‏10‏ ‏35‏ من الثانيه‏),‏ كان بالكون تساو بين الباريونات واضدادها من جهه‏,‏ وبين فوتونات الضوء
    ‏(photons)‏
    من جهه اخري‏,‏ وكانت الباريونات واضدادها يفني بعضها بعضا منتجه الطاقه التي يعاد منها تخليق الجسيمات الاوليه للماده واضدادها‏.‏

    وهذه النظريه التي تشير الي تساوي كميات الماده واضدادها في الكون المدرك‏,‏ توكد ان اختلافا في هذا التساوي لا تتعدي نسبته واحدا في المائه مليون‏,‏ يمكن ان يفسر غلبه نسبه الماده علي نسبه اضدادها في الكون الراهن‏,‏ وذلك بتحول نسبه من الفوتونات الناتجه عن افناء الاضداد لبعضها البعض الي باريونات‏(‏ اللبنات الاوليه المكونه لنوي ذرات العناصر‏),‏ وتتم هذه العمليه عن طريق انتاج باريون واحد عن كل مائه مليون فوتون‏,‏ كما يوكد ذلك الخلفيه الاشعاعيه الحاليه للكون المنظور‏,‏ وبعد فناء اغلب البروتونات واضدادها بدا الكون في الاتساع‏,‏ ويحتمل وجود كميه من النيوترينوات
    ‏(Neutrinos)‏
    باقيه في كوننا المدرك‏,‏ نظرا لضعف تفاعلها مع اضدادها فلم تفن بالكامل‏.‏
    ‏(2)‏ بعد مضي ثانيه واحده علي الانفجار الكوني العظيم‏,‏ تقدر الحسابات النظريه ان كميه الطاقه المتوافره في الكون اصبحت تسمح بتكون جسيمات ادق مثل الاليكترون‏,‏ الذي يحمل شحنه سالبه وضده البوزيترون الذي يحمل شحنه موجبه
    ‏(ElectronandAntielectronorPosifron)‏
    وقد افنت هذه الجسيمات بعضها بعضا‏,‏ تاركه وراءها محيطا من الاشعاع الحار علي هيئه فوتونات الضوء التي انتشرت في كل الكون‏,‏ والتي تدرك اثارها اليوم فيما يعرف باسم الخلفيه الاشعاعيه للكون‏,‏ والتي تشير الي تناقص كل من كثافه الكون ودرجه حرارته باستمرار مع الزمن‏.‏

    ‏(3)‏ بعد نحو خمس ثوان من عمليه الانفجار الكوني‏,‏ تشير الحسابات النظريه الي ان درجه حراره الكون انخفضت الي عده بلايين من الدرجات المطلقه‏,‏ ولم يكن موجودا بالكون سوي عدد من الجسيمات الاوليه لكل من الماده والطاقه من مثل البروتونات
    ‏(Protons),‏
    والنيوترونات
    ‏(Neutrons),‏
    والاليكترونات‏
    (Electrons),‏
    والنيوترينوات
    ‏(Neutrinos),‏
    والفوتونات
    ‏(photons).‏
    ‏(4)‏ بعد نحو مائه ثانيه من الانفجار الكوني‏(‏ فتق الرتق‏)‏ تقدر الحسابات النظريه‏,‏ ان درجه حراره الكون قد انخفضت الي نحو البليون درجه مطلقه‏,‏ فبدات البروتونات والنيوترونات في الاتحاد بعمليه الاندماج النووي لتكون نوي ذرات نظائر كل من الايدروجين والهيليوم والليثيوم علي التوالي‏.‏

    وتشير كل من الحسابات الرياضيه والتجارب المختبريه‏,‏ الي ان اول النوي الذريه تكونا كانت نوي ذره نظير الايدروجين الثقيل المعروف باسم ديوتيريوم
    ‏(Deuterium),‏
    ثم تلته نوي ذرات نظائر الهيليوم‏.‏
    ‏(5)‏ بعد دقائق من الانفجار الكوني العظيم‏,‏ تشير الحسابات النظريه الي ان درجه حراره الكون قد انخفضت الي مائه مليون درجه مطلقه‏,‏ مما شجع علي الاستمرار في عمليه الاندماج النووي‏,‏ حتي تم تحويل‏25%‏ من كتله الكون المدرك الي غاز الهيليوم‏,‏ وبقيت غالبيه النسبه الباقيه‏(75%)‏ غاز الايدروجين‏,‏ وينعكس ذلك علي التركيب الحالي للكون المدرك‏,‏ الذي لايزال الايدروجين مكونه الاساسي بنسبه تزيد قليلا علي‏74%,‏ يليه الهيليوم بنسبه تبلغ‏24%,‏ وباقي المائه وخمسه من العناصر المعروفه تكون اقل من‏2%.‏

    ولذلك يعتقد الفلكيون المعاصرون ان تخلق العناصر في كوننا المدرك‏,‏ قد تم علي مرحلتين متتاليتين تكون في الاولي منهما العناصر الخفيفه عقب عمليه الانفجار الكوني مباشره‏,‏ وتكونت في المرحله الثانيه العناصر الثقيله‏,‏ بالاضافه الي كميات جديده من معظم العناصر الخفيفه‏,‏ وذلك في داخل النجوم خاصه الشديده الحراره منها‏,‏ مثل المستعرات‏,‏ او في مراحل انفجارها علي هيئه فوق المستعرات‏.‏

    دعوه قرانيه لاعاده التفكير



    سديم ديمبل وبداخله نجوم نجوم في مرحله التخلق
    اشرنا في الاسطر السابقه الي ان كلا من الحسابات النظريه في مجالي علمي الفلك والفيزياء‏,‏ تدعو الي الاعتقاد بان تخلق العناصر المعروفه لنا في الكون قد تم بعمليه الاندماج النووي علي مرحلتين كما يلي‏:‏
    المرحله الاولي‏:‏ وقد تكونت فيها العناصر الخفيفه عقب عمليه الانفجار الكوني مباشره‏.‏

    المرحله الثانيه‏:‏ وقد تكونت فيها العناصر الثقيله بالاضافه الي كميات جديده من العناصر الخفيفه‏,‏ ولاتزالان تتكونان في داخل النجوم‏,‏ وفي مراحل استعارها وانفجارها المختلفه‏.‏
    ولكن الايه التاسعه والعشرين من سوره البقره تقرر ان الله‏(‏ تعالي‏)‏ قد خلق لنا ما في الارض جميعا قبل تسويه السماء الدخانيه الاولي الي سبع سماوات‏.‏

    ويويد ذلك ما جاء في الايات‏(9‏ ‏12)‏ من سوره فصلت‏,‏ ومعني هذه الايات مجتمعه ان كل العناصر اللازمه للحياه علي الارض‏,‏ بل ان الارض الابتدائيه ذاتها كانت قد خلقت قبل تمايز السماء الدخانيه الاولي الي سبع سماوات‏.‏
    فهل يمكن لكل من علماء الفلك‏,‏ والفيزياء النظريه‏,‏ والارض المسلمين مراجعه الحسابات الحاليه انطلاقا من هذه الايات القرانيه الكريمه‏,‏ لاثبات ذلك‏,‏ فيخلصون الي سبق قراني كوني معجز يثبت المومنين علي ايمانهم‏,‏ ويكون دعوه مقنعه لغير المسلمين في زمن فتن الناس بالعلم ومعطياته فتنه كبيره؟ كما يكون في ذلك تصحيح للوضع الخاطيء الذي ننتظر فيه قدوم الكشوف العلميه من غير المسلمين حتي ندرك وجودها في كتاب الله او في سنه رسوله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ فندرك الدلاله العلميه لذلك‏,‏ ونلمح شيئا من الاعجاز فيه‏!!!‏

    ترتيب خلق السماوات والارض‏:‏
    سبق ان اشرنا مرارا‏,‏ الي ان عمليه الخلق‏(‏ خلق الكون‏,‏ خلق الحياه وخلق الانسان‏),‏ هي من الامور الغيبيه التي لا تخضع مباشره لادراك الانسان‏,‏ كما قال ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ في محكم كتابه‏:‏
    ما اشهدتهم خلق السماوات والارض ولا خلق انفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا‏(‏ الكهف‏:51).‏

    ولكن من رحمه الله‏(‏ تعالي‏)‏ انه قد ابقي لنا في صفحه السماء‏,‏ وفي صخور الارض من الشواهد الحسيه‏,‏ ما يمكن ان يعيننا علي استقراء ذلك‏,‏ كما ابقي لنا في محكم كتابه وفي سنه خاتم انبيائه ورسله من الايات والاحاديث‏,‏ ما يمكن ان يدعم هذا الاستقراء او ان يهذبه‏.‏
    وفي ذكره لايات خلق السماوات والارض‏,‏ يقدم القران الكريم السماء‏/‏ السماوات علي الارض في الغالبيه العظمي من الايات‏,‏ التي تشير اليهما‏,‏ فيما عدا خمس ايات قدم فيها ذكر الارض علي ذكر السماء‏,‏ وهي علي التوالي‏,‏ قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏

    ‏(1)‏ الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء‏...(‏ البقره‏:22)‏
    ‏(2)‏ هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوي الي السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم‏(‏ البقره‏:29)‏
    ‏(3)‏ تنزيلا ممن خلق الارض والسماوات العلي‏(‏ طه‏:4)‏
    ‏(4)‏ الله الذي جعل لكم الارض قرارا والسماء بناء‏....(‏ غافر‏:64)‏
    ‏(5)‏ قل ائنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين وتجعلون له اندادا ذلك رب العالمين‏,‏ وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر اقواتها في اربعه ايام سواء للسائلين‏,‏ ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتنا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين‏,‏ فقضاهن سبع سماوات في يومين واوحي في كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم‏(‏ فصلت‏:9‏ ‏12).‏

    والايتان الاولي والرابعه‏(‏ البقره‏:22,‏ غافر‏:64)‏ هما من الايات الوصفيه التي لا تتعرض لترتيب الخلق‏,‏ والايه الثالثه‏(‏ طه‏:4)‏ جاء الترتيب فيها لموافقه النظم في السوره التي ذكرت فيها السماء قبل الارض بعد ايه واحده‏.‏
    اما الايه الثانيه‏(‏ البقره‏:29)‏ فواضحه الدلاله علي خلق جميع العناصر اللازمه لبناء الارض قبل خلق السماوات السبع‏,‏ وذلك لانه من الثابت علميا والراجح منطقيا ان خلق العناصر سابق علي خلق الارض وخلق جميع اجرام السماء‏,‏ وان خلق الوحدات الكونيه الكبري كالسدم والمجرات سابق علي ما يتخلق بداخلها من نجوم وتوابع تلك النجوم‏,‏ من الكواكب والكويكبات‏,‏ والاقمار والمذنبات‏.‏

    واما الايات الخامسه‏(‏ فصلت‏:9‏ ‏12)‏ فتشير الي ان خلق الارض الابتدائيه كان سابقا علي تمايز السماء الدخانيه الاولي الي سبع سماوات‏,‏ وان دحو الارض الابتدائيه‏(‏ بمعني تكون اغلفتها الغازيه والمائيه والصخريه‏)‏ جاء بعد ذلك‏,‏ ويدعم هذا الاستنتاج ما جاء في سوره‏(‏ النازعات‏)‏ من قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
    اانتم اشد خلقا ام السماء بناها‏,‏ رفع سمكها فسواها‏,‏ واغطش ليلها واخرج ضحاها‏,‏ والارض بعد ذلك دحاها‏,‏ اخرج منها ماءها ومرعاها‏,‏ والجبال ارساها متاعا لكم ولانعامكم‏(‏ النازعات‏:27‏ ‏33).‏

    وفي الايات‏(9‏ ‏12)‏ من سوره فصلت‏,‏ يخبرنا ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ بانه قد خلق الارض في يومين‏(‏ اي علي مرحلتين‏),‏ وجعل لها رواسي‏,‏ وبارك فيها‏,‏ وقدر فيها اقواتها في اربعه ايام‏(‏ اي اربع مراحل‏),‏ ثم خلق السماوات في يومين‏(‏ اي مرحلتين‏),‏ وهو القادر علي ان يقول للشيء كن فيكون‏,‏ ولكن هذا التدرج كان لحكمه موداها ان يفهم الانسان سنن الله في الخلق‏.‏
    وقد يلتبس علي القاريء لاول وهله‏,‏ ان خلق الارض وحدها قد استغرق سته ايام‏(‏ اي ست مراحل‏),‏ وان خلق السماء قد استغرق يومين‏(‏ اي مرحلتين‏),‏ فيكون خلق السماوات والارض قد استغرق ثمانيه ايام‏(‏ ثماني مراحل‏),‏ والايات القرانيه التي توكد خلق السماوات والارض في سته ايام‏(‏ اي ست مراحل‏)‏ عديده جدا‏,‏ ولكن الايات من سوره‏(‏ فصلت‏)‏ تشير الي ان يومي خلق الارض‏,‏ هما يوما خلق السماوات السبع‏,‏ وذلك لان الامر الالهي كان للسماء وللارض معا‏,‏ لقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏ ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين‏(‏ فصلت‏:11),‏ وان كان بعض المفسرين يرون خلاف ذلك‏,‏ الا ان غالبيتهم تري ان حرف العطف ثم لايدل هنا علي الترتيب والتراخي‏,‏ ولكنه يدل علي بعد عمليه الاستواء والتسويه للسماوات السبع من السماء الدخانيه الاولي‏,‏ لان من معاني ثم‏=‏ هناك‏,‏ وهو اشاره للبعيد بمنزله هنا للقريب‏.‏

    وعلي ايه حال‏,‏ فاذا كان الزمان والمكان مقيدين لنا في هذه الحياه الدنيا‏,‏ فان الله‏(‏ تعالي‏)‏ هو مبدع كل من الزمان والمكان وخالقهما‏,‏ وهو‏(‏ تعالي‏)‏ بالقطع فوق قيودهما‏.‏
    وعلماء الفيزياء الفلكيه يقولون ان الذي يتحكم في سلوك الجرم السماوي‏,‏ هو كم الماده والطاقه التي ينفصل بهما هذا الجرم عن غلاله الدخان الكوني‏,‏ فالذي يجعل الارض كوكبا ذا قشره صلبه‏,‏ له غلاف غازي‏,‏ وغلاف مائي يجعلانها صالحه للعمران‏,‏ هو كتله الماده وكم الطاقه التي انفصلت بهما عن الشمس او عن السديم الذي تكونت منه الشمس وكواكبها‏,‏ والامر الذي يجعل القمر تابعا صغيرا‏,‏ ليس له غلاف غازي ولا غلاف مائي‏,‏ وغير صالح لحياه شبيهه بحياتنا الارضيه‏,‏ هو الكتله التي انفصل بها‏,‏ والذي يجعل الشمس نجما مضيئا‏,‏ متوهجا بذاته هي الكتله‏,‏ وهكذا‏.‏

    والسوال الذي يفرض نفسه هو‏:‏ من الذي قدر تلك الكتل؟ والجواب المنطقي الوحيد هو‏:‏ الله خالق الكون‏,‏ ومبدع الوجود‏...!!!‏
    ونعود مره اخري‏,‏ الي تلك الايه القرانيه المبهره التي بدانا بها‏,‏ والتي يقول فيها الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏

    هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوي الي السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم‏(‏ البقره‏:29).‏
    ونتساءل‏:‏ هل من علماء الكون والفيزياء النظريه المسلمين‏,‏ من يمكنه ان ينطلق من هذه الايه القرانيه الكريمه ليثبت سبق القران الكريم بالاشاره الي حقيقه خلق جميع العناصر اللازمه للحياه علي الارض‏,‏ قبل تسويه السماء الدخانيه الاولي الي سبع سماوات؟ في وقت يجمع فيه اهل هذا الاختصاص علي ان العناصر الثقيله في الكون لم تتخلق الا في داخل النجوم؟ هذا موقف تحد عظيم ارجو ان يتقدم له قريبا احد علماء المسلمين في هذا الاختصاص‏.‏

    صفحة الأحاديث النبوية

    http://www.facebook.com/pages/الاحاد...01747446575326

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,600
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    29-11-2014
    على الساعة
    05:10 PM

    افتراضي

    الاشارات الكونيه في القران الكريم ومغزي دلالتها العلميه
    5 ‏ الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا ان الله علي كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما
    بقلم الدكتور‏:‏زغلول النجار
    نزلت رساله الله الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ علي فتره من الرسل‏,‏ وتكاملت في بعثه النبي الخاتم‏,‏ والرسول الخاتم‏,‏ سيد الاولين والاخرين من بني ادم‏,‏ سيدنا محمد بن عبدالله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ الذي حفظت رسالته باللغه نفسها التي اوحيت بها اللغه العربيه حفظا كاملا‏(‏ كلمه كلمه‏,‏ وحرفا حرفا‏)‏ تحقيقا للوعد الالهي الذي قطعه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ علي ذاته العليه فقال‏(‏ عز من قائل‏):‏ انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون‏(‏ الحجر‏:9).‏

    نزلت رساله الله الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ علي فتره من الرسل‏,‏ وتكاملت في بعثه النبي الخاتم‏,‏ والرسول الخاتم‏,‏ سيد الاولين والاخرين من بني ادم‏,‏ سيدنا محمد بن عبدالله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ الذي حفظت رسالته باللغه نفسها التي اوحيت بها اللغه العربيه حفظا كاملا‏(‏ كلمه كلمه‏,‏ وحرفا حرفا‏)‏ تحقيقا للوعد الالهي الذي قطعه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ علي ذاته العليه فقال‏(‏ عز من قائل‏):‏ انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون‏(‏ الحجر‏:9).‏
    وعلي ذلك فان كل ما جاء بالقران الكريم هو حق مطلق‏,‏ وقد جاء في هذا الذكر الحكيم المحفوظ بحفظ الله تاكيد حقيقه السماوات السبعوالارضين السبع‏,‏ ولما كانت قدرات الانسان قاصره عن ادراك سوي جزء يسير من السماء الدنيا وجزء ايسر من قشره الارض‏,‏ وان هذا الجزء من السماء الدنيا الذي ادركه علماء الفلك علي ضخامه ابعاده دائم الاتساع‏,‏ بمعني انه كلما طور الانسان اجهزته وجد هذا الجزء المدرك من الكون قد تضاعفت ابعاده الي حدود لا تصلها اجهزه الانسان ولا حواسه‏,‏ فقد حار غير المومنين بهذا الدين الخاتم في قبول الحقيقه القاطعه بان فوقنا سبعسماوات طباقا‏,‏ وليست سماء واحده‏,‏ وان تحتنا سبعا من الارضين‏,‏ كلها في داخل ارضنا التي نحيا علي سطحها‏,‏ وذلك لان الانسان في عصر العلم والتقنيه الذي نعيشه لم يستطع باجهزه الحفر العملاقه التي بناها ان يصل الي اكثر من واحد علي خمسمائه من نصف قطر الارض‏(‏ فقد وصلت اعمق بئر حفرها الانسان الي عمق لم يتعد الاثني عشر كيلو مترا الا قليلا‏,‏ واذا قورن ذلك بنصف قطر الارض المقدر باكثر من‏6370‏ كيلو مترا لاتضحت ضاله الجزء المحفور في قشره الارض‏).‏

    من هنا حاول بعض الكتاب الهروب من التسليم بتلك الحقيقه القرانيه القاطعه بالقول بان العرب كانوا قد اعتادوا استخدام الرقمين‏7‏ و‏70‏ لما يفيد بالتعدد والكثره لا الحصر‏,‏ وقد قبل عدد من رجال التفسير ذلك فقالوا ان الاشاره القرانيه الكريمه الي السماوات والارضين السبع‏;‏ معناها عده سماوات وعده ارضين‏,‏ دون تحديد‏,‏ وذلك استنادا الي اشاره قرانيه اخري يقول فيها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ مخاطبا خاتم انبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بخصوص عدد من المنافقين‏:‏
    استغفر لهم او لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مره فلن يغفر الله لهم ذلك بانهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين‏(‏ سوره التوبه‏:‏ الايه‏80).‏

    ووجه المقارنه هنا بعيد بعد المشرقين‏,‏ لانه لا وجه للتاكيد او المبالغه في تقرير حقيقه من حقائق الكون بوصف السماوات والارضين بانهن سبعا‏,‏ كما هو الحال في تاكيد عدم قبول الاستغفار للمنافقين من الكفار والمشركين‏.‏
    فما حقيقه السماوات السبع والارضين السبع في دين الله‏,‏ كما قررها القران الكريم والسنه النبويه المطهره‏;‏ وهل استطاع العلم المكتسب من النظر في السماوات والارض ان يصل الي شيء من تلك الحقيقه؟

    السماوات السبع والارضين السبع في القران الكريم



    الارضون السبع كلها في ارضنا
    جاء ذكر السماوات السبع في القران الكريم في سبع ايات يقول فيها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
    ‏1‏ تسبح له السماوات السبع والارض ومن فيهن وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم انه كان حليما غفورا‏(‏ الاسراء‏:44).‏
    ‏2‏ قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم‏(‏ المومنون‏:86).‏

    ‏3‏ فقضاهن سبع سماوات في يومين واوحي في كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم‏(‏ فصلت‏:12).‏
    ‏4‏ الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا ان الله علي كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما‏(‏ الطلاق‏:12).‏

    ‏5‏ الذي خلق سبع سماوات طباقا ما تري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور‏(‏ الملك‏:3).‏
    ‏6‏ الم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا‏,‏ وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا‏(‏ نوح‏:15‏ ‏16).‏
    ‏7‏ وبنينا فوقكم سبعا شدادا‏(‏ النبا‏:12).‏

    كذلك جاءت الاشاره القرانيه الي سبع طرائق في ايه واحده اعتبرها عدد من المفسرين اشاره الي السماوات السبع‏,‏ وان كان الاشتقاق اللفظي يحتمل معني اخر‏,‏ والايه الكريمه يقول فيها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
    ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين‏(‏ المومنون‏:17).‏

    هذا التكرار القراني في الاشاره الي سبع سماوات‏,‏ في سبع ايات‏(‏ وهو امر معجز في حد ذاته‏),‏ لابد ان يكون القصد منه هو التحديد والحصر‏,‏ لا مجرد التعبير عن التعدد والكثره والله تعالي اعلم بما خلق كذلك فان الاشاره في ختام سوره الطلاق بمثليه الارض الي السماوات في قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
    الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن‏...‏
    تاكيد ان الارض سبع متطابقه كما ان السماوات سبع متطابقه‏.‏

    اراء المفسرين
    في السماوات والارضين السبع‏:‏
    في شرح هذه الايه الكريمه في ختام سوره الطلاق ذكر ابن كثير‏(‏ يرحمه الله‏):‏ ان الله تعالي يقول مخبرا عن قدرته التامه‏,‏ وسلطانه العظيم‏,‏ ليكون ذلك باعثا علي تعظيم ما شرع من الدين القويم‏:(‏ الله الذي خلق سبع سماوات‏)‏ كقوله تعالي‏:‏ الم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا‏,‏ وقوله تعالي‏:‏ ومن الارض مثلهن اي سبعا ايضا‏.‏
    كما ثبت في الصحيحين قول المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏):‏ من ظلم قيد شبر من الارض طوقه من سبع ارضين‏,‏ وفي صحيح البخاري‏:‏ خسف به الي سبع ارضين‏.‏

    هذا‏,‏ وقد ورد ذكر السماوات السبع والارضين السبع في عدد غير قليل من احاديث رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ منها قوله الشريف‏:‏ ما السماوات السبع وما فيهن وما بينهن‏,‏ والارضون السبع وما فيهن وما بينهن في الكرسي الا كحلقه ملقاه بارض فلاه‏.‏
    والواضح انه لا خلاف بين العلماء علي ان السماوات سبع‏,‏ واما الارض فاختلف فيها فقيل‏:‏ انها سبع ارضين لظاهر الايه‏(‏ رقم‏12‏ من سوره الطلاق‏)‏ والحديثين الشريفين اللذين سبقت الاشاره اليهما‏,‏ وقيل انها ارض واحده‏,‏ وان المماثله ليست في العدد وانما هي في الخلق والابداع‏,‏ اي مثلهن في الابداع والاحكام‏.‏ اما صاحب الظلال‏(‏ يرحمه الله‏)‏ فقد ذكر ان السماوات السبع لا علم لنا بحقيقه مدلولها‏,‏ وابعادها‏,‏ ومساحاتها‏,‏ وكذلك الاراضي السبع‏,‏ فقد تكون ارضنا هذه التي نعرفها واحده منهن‏,‏ والباقيات في علم الله‏,‏ وقد يكون معني مثلهن ان هذه الارض من جنس السماوات فهي مثلهن في تركيبها وخصائصها‏,‏ وعلي ايه حال فلا ضروره لمحاوله تطبيق هذه النصوص علي ما يصل اليه علمنا‏,‏ لان علمنا لا يحيط بالكون‏,‏ حتي نقول علي وجه التحقيق‏:‏ هذا ما يريده القران‏,‏ ولن يصح ان نقول هكذا الي يوم يعلم الانسان تركيب الكون كله علما يقينيا‏...‏ وهيهات‏...!‏
    ما نراه في السماوات السبع والارضين السبع

    اننا في زمن العلم والتقنيه الذي نعيشه لا ندرك من السماوات السبع التي اخبرنا بها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏),‏ واخبر بها خاتم انبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ الا جزءا محدودا من السماء الدنيا التي خصها الخالق‏(‏ سبحانه‏)‏ بالنجوم والكواكب‏,‏ والنجوم هي وسيله الانسان للتعرف علي الجزء المدرك من الكون‏,‏ وفي ذلك يقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):...‏ وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم‏(‏ فصلت‏:12).‏
    ويقول‏(‏ عز من قائل‏):‏
    ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين واعتدنا لهم عذاب السعير‏(‏ الملك‏:5).‏
    ويقول‏(‏ جل وعلا‏):‏
    افلم ينظروا الي السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج‏(‏ ق‏:6).‏

    ويقول‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
    انا زينا السماء الدنيا بزينه الكواكب‏(‏ الصافات‏:6).‏
    وذكر السماء في هذه الايات المباركه بالافراد‏,‏ وتخصيصها بالزينه الموصوفه بالنجوم والكواكب‏,‏ وتحديدها بوصف السماء الدنيا‏,‏ يوكد حقيقه السماوات السبع‏,‏ وعدم التخصيص باضافه وصف الدنيا الي السماء في الايه السادسه من سوره ق استعيض عنه بالسوال افلم ينظروا لان السماء الدنيا هي السماء الوحيده التي يمكن للانسان ان ينظر اليها‏.‏
    اما بالنسبه للسماوات الست الباقيه فلولا ان الله‏(‏ تعالي‏)‏ قد اخبرنا عنها في محكم كتابه‏,‏ وان خاتم انبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ قد ارتادها في ليله الاسراء والمعراج‏,‏ واخبرنا عنها في العديد من احاديثه‏,‏ ما كان في وسع الانسان ان يصل الي خبرها‏,‏ وكل ما نفهمه من وصف القران الكريم لها انها متطابقه مع السماء الدنيا‏,‏ ومحيطه بها احاطه كامله‏,‏ انطلاقا من قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
    الذي خلق سبع سماوات طباقا‏...‏
    ‏(‏الملك‏:3).‏

    وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
    الم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا‏.‏ وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا‏(‏ نوح‏:15‏ و‏16).‏
    ويتضح من هاتين الايتين الكريمتين ان السماوات السبع متطابقه حول مركز واحد‏,‏ يغلف الخارج منها الداخل‏,‏ والا ما كان جميع ما في السماء الدنيا واقعا في داخل باقي السماوات‏,‏ فيكون كل من القمر والشمس وهما من اجرام السماء الدنيا واقعين في جميع السماوات السبع‏.‏
    والقران الكريم يصف الحركه في السماء الواحده وفي السماوات السبع بالعروج‏,‏ والعروج لغه هو سير الجسم في خط منعطف منحن‏,‏ وقد ثبت علميا ان حركه الاجسام في الجزء المدرك من الكون لا يمكن ان تكون في خطوط مستقيمه‏,‏ بل لابد لها من الانحناء نظرا لانتشار الماده والطاقه في كل الكون‏,‏ وتاثير كل من جاذبيه الماده‏(‏ باشكالها المختلفه‏)‏ والمجالات المغناطيسيه للطاقه‏(‏ بصورها المتعدده‏)‏ علي حركه الاجسام في الجزء المدرك من الكون‏.‏ وسبحان القائل‏:‏
    ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون‏..(‏ الحجر‏:14).‏

    والقائل‏:‏
    يدبر الامر من السماء الي الارض ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنه مما تعدون‏(‏ السجده‏:5)‏
    والقائل‏:‏ يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور‏(‏ سبا‏:2).‏
    وفي مطلع القرن العشرين اثبتت الدراسات الفلكيه والفيزيائيه تحدب الجزء المدرك من الكون‏,‏ وتحدب كل من المكان والزمان‏(‏ وهما امران متواصلان‏),‏ فان فرضنا جدلا امكان تحرك الانسان حول الجزء المدرك من السماء الدنيا‏(‏ وهذا مستحيل في حدود الامكانات المتاحه اليوم لضخامه هذا الجزء من الكون‏,‏ وقصر عمر الانسان وقصور امكاناته في زمن الانفجار العلمي والتقني الذي نعيشه‏)‏ في اتجاه محدد فانه لابد ان يعود الي النقطه نفسها التي بدا منها‏,‏ وهذا مما يثبت كرويه السماء الدنيا‏,‏ ولما كانت السماوات السبع متطابقه بنص القران الكريم‏,‏ فلابد ان تكون كلها كرويه بالهيئه نفسها وحول مركز واحد‏.‏

    واذا كان الانسان قد توصل الي تحقيق سرعه الافلات من جاذبيه الارض فارتاد الفضاء‏,‏ فان سرعه الافلات من الجزء المدرك من السماء الدنيا لا تطيقها القدره الانسانيه‏,‏ ولا يمكن منها قصر عمر الانسان‏,‏ وعليه فلا يمكن للانسان الخروج عن السماء الدنيا الا باذن الله‏.‏
    اما بالنسبه لكل من الملائكه وقد خلقوا من نور‏,‏ والجن وقد خلقوا من نار‏,‏ فالامر مختلف تماما‏,‏ لان الله‏(‏ تعالي‏)‏ قد اعطي كلا منهما من القدره علي الحركه في الكون بالقدر الذي يتواءم مع دوره فيه‏,‏ وهي قدرات لا تطيقها الطبيعه البشريه المحبوسه في قوالب الطين‏,‏ فاذا انطلقت الروح من عقال الطين وهي من امر الله زادت سرعاتها الحركيه في كون الله الخالق زياده فائقه لقوله‏(‏ تعالي‏):‏

    من الله ذي المعارج‏,‏ تعرج الملائكه والروح اليه في يوم كان مقداره خمسين الف سنه‏(‏ المعارج‏:3‏ و‏4).‏
    من ذلك يتضح ان القران الكريم يوكد حقيقه ان السماوات سبعا متطابقه‏,‏ يغلف الخارج منها الداخل‏,‏ وانها جميعا قد تمايزت عن السماء الدخانيه الاولي في بدء خلق الكون‏,‏ وان الارضين سبع متطابقه كذلك يغلف الخارج منها الداخل‏,‏ وانها قد تمايزت عن الارض الابتدائيه‏,‏ وعلي ذلك فانها كلها في ارضنا التي نحيا عليها‏,‏ ويوكد هذا الاستنتاج ختام سوره الطلاق‏(‏ الايه رقم‏12),‏ كما يوكده ذكر الارض بالافراد دوما في كتاب الله‏,‏ بينما ذكرت السماوات بالافراد والجمع لاننا لا نري من فوق هذه الارض الا جزءا من السماء الدنيا‏,‏ ولا سبيل الي تعرفنا علي السماوات الاخري الا باخبار من الله ورسوله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ بينما يعلم ربنا بعلمه المحيط ان الانسان سوف يصل في يوم من الايام الي ادراك الارضين السبعتحت اقدامه‏,‏ فاكتفي ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ بذكرها في محكم كتابه بالافراد في اربعمائه وواحد وستين موضعا‏,‏ وبالاشاره الي مثليتها بالسماوات السبع في العدد والتطابق حول مركز واحد كما جاء في ختام سوره الطلاق‏.‏

    السماوات السبع في علوم الكون
    يقدر قطر الجزء المدرك من الكون باكثر من عشرين الف مليون‏(‏ اي عشرين بليونا‏)‏ من السنين الضوئيه‏,‏ وتقدر السنه الضوئيه بنحو‏9.5‏ مليون مليون‏(‏ تريليون‏)‏ كيلو متر‏.‏
    وهذا الجزء المدرك من الكون مستمر في الاتساع منذ لحظه الخلق الاولي للكون والي ان يشاء الله‏,‏ وذلك بمعدلات فائقه تتباعد بها المجرات عن مجرتنا‏(‏ درب اللبانه‏)‏ وعن بعضها البعض بسرعات تكاد تقترب احيانا من سرعه الضوء‏(‏ المقدره بنحو ثلاثمائه الف كيلو متر في الثانيه‏),‏ وعلي ذلك فاننا كلما طورنا من اجهزه الرصد والقياس‏,‏ وجدنا هذا الجزء من اطراف الكون المدرك قد تباعد واختفي عن ادراكنا‏,‏ ولذا فان الانسان سوف يظل محصورا في حيز محدد من السماء الدنيا‏,‏ ولا سبيل له الي معرفه ما فوق ذلك الا ببيان من الله‏.‏

    ويحصي علماء الفلك بالجزء المدرك من الكون مائتي الف مليون مجره من امثال مجرتنا‏(‏ درب اللبانه‏),‏ بعضها اكبر كثيرا‏,‏ وبعضها اصغر قليلا منها‏,‏ ومجرتنا علي هيئه قرص مفلطح يبلغ قطره مائه الف سنه ضوئيه‏,‏ ويبلغ سمكه عشر هذه القيمه‏(‏ اي عشره الاف من السنين الضوئيه‏).‏
    وتتخذ المجرات اشكالا متعدده‏:‏ فمنها ما يبدو حلزوني الشكل‏,‏ ومنها ما يبدو علي هيئه شبه الكره الي بيضاوي الشكل‏,‏ ومنها ما هو غير منتظم الشكل‏,‏ والمجرات شبه الكرويه البيضاويه تمثل ثلث المجرات المعروفه لنا تقريبا‏,‏ وبعضها من العماليق‏,‏ وبعضها دون ذلك‏,‏ وبعضها يستطيل استطاله ملحوظه‏.‏

    اما المجرات الحلزونيه فتمثل اكثر المجرات اضاءه في الجزء المدرك من الكون‏,‏ وتمثل الاغلبيه في اعداد كبيره من التجمعات المجريه‏,‏ وتحتوي الواحده من تلك المجرات الحلزونيه علي عدد من النجوم يتراوح بين البليون‏(‏ الالف مليون‏)‏ والتريليون‏(‏ الالف بليون اي المليون مليون‏).‏
    ويحصي علماء الفلك ان بمجرتنا‏(‏ سكه التبانه او درب اللبانه او الطريق اللبني‏)
    (MilkyWay)‏
    نحو التريليون نجم كشمسنا‏(‏ الف بليون او مليون مليون نجم‏),‏ وكما ان لشمسنا توابع فبالقياس لابد ان يكون لكل نجم من تلك النجوم توابع‏.‏

    ويقدر علماء الفلك ان مركز مجرتنا عباره عن ثقب اسود
    ‏(BlackHole)‏
    او اكثر من ثقب اسود واحد‏,‏ بكتله تقدر بمئات الي الاف مرات كتله الشمس‏.‏
    وتوجد اغلب المجرات في مجموعات او تجمعات تعرف باسم التجمعات المجريه
    ‏(GalacticGroups,GalacticClustersorClustersofGalaxies)‏
    ويتراوح عدد المجرات في مثل هذه التجمعات من العشرات الي عشرات الالاف‏,‏ ويحصي علماء الفلك الافا من مثل هذه التجمعات في الجزء المدرك من الكون‏,‏ وهناك تجمعات للتجمعات المجريه تعرف باسم التجمعات العظمي للمجرات
    ‏(GalacticSuperclusters),‏
    والتجمع الاعظم الذي تنتمي اليه مجرتنا يضم اكثر من مائه تجمع مجري علي هيئه قرص مفلطح يبلغ قطره مائه مليون من السنين الضوئيه‏,‏ وسمكه عشره ملايين من السنين الضوئيه‏,‏ علي هيئه مشابهه لشكل مجرتنا‏(‏ درب اللبانه‏)‏ وبابعاد مضاعفه الف مره‏.‏

    وقد اكتشف اخيرا مائه من تجمعات المجرات في حيز عظيم‏,‏ يبلغ طول قطره بليونا ونصف البليون من السنين الضوئيه‏,‏ وطول اقل ابعاده مائتا مليون من تلك السنين الضوئيه‏.‏
    ويري بعض الفلكيين وجود تجمعات اعلي من التجمعات العظمي للمجرات الي نهايه لا يعلمها الا الله‏.‏

    وقد اكتشف الفلكيون في سنه‏1987‏ م ظاهره تعرف باسم اقواس المجرات
    ‏(GalacticArcs),‏
    واتضح ان هذه الاقواس العملاقه تنتج عما يعرف باسم التكدس التجاذبي علي هيئه عدد من العدسات
    ‏(GravitationalLensing),‏
    وتنتج عن انحناء الضوء في حقل من حقول الجاذبيه الشديده‏.‏
    وتبدو المجرات عاده بهيئه كرويه كفقاعه الهواء‏,‏ ولكن بالنظر اليها في قطاع من قطاعاتها فانها تبدو كجدار عظيم ابعاده تقدر بنحو‏150‏ مليونا‏*100‏ مليون‏*15‏ مليونا من السنين الضوئيه‏,‏ ويبدو اضخم تلك القطاعات بطول يزيد علي‏250‏ مليون سنه ضوئيه‏(250‏ مليونا‏*9.5‏ تريليون كيلو متر‏)‏ ويعرف عند الفلكيين باسم الحائط العظيم
    ‏(TheGreatWall),‏
    واين يقع هذا الحائط الكوني العظيم من السماء الدنيا‏,‏ والسماوات السبع؟ غيب لا يعلمه الا الله‏,‏ وكل ما نستطيع استنتاجه من بعض ايات القران الكريم ومن بعض احاديث المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ ان كل ما نشاهده في الكون المدرك هو جزء محدود من السماء الدنيا‏,‏ وصدق الله العظيم الذي انزل من قبل الف واربعمائه سنه قوله الحق‏:‏
    ‏...‏وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم‏(‏ فصلت‏:12).‏

    وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
    لخلق السماوات والارض اكبر من خلق الناس ولكن اكثر الناس لا يعلمون
    ‏(‏غافر‏:57).‏
    وهنا يقف العلم البشري وهو في قمه من قممه عاجزا كل العجز عن ادراك حدود السماء الدنيا‏,‏ فضلا عما فوقها‏,‏ وعاجزا كل العجز عن اثبات او نفي وجود سماوات فوق السماء الدنيا‏,‏ لقصور قدراته‏,‏ وقصور عمره عن ذلك‏,‏ وهنا تتضح ضروره وحي السماء لا في امور الدين وضوابطه من عقيده وعباده واخلاق ومعاملات فحسب ولكن في قضيه من اهم قضايا الوجود وهي قضيه خلق السماوات والارض‏,‏ وتعدد السماوات والارضين‏,‏ وهنا ايضا يتميز موقف المسلم الذي امن بالله وملائكته وكتبه ورسله‏,‏واليوم الاخر دون ان يري شيئا من ذلك الحق‏.‏ لان الله تعالي قد تعهد بحفظ دينه في القران الكريم‏,‏ وفي سنه النبي الخاتم والرسول الخاتم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ وانزل في هذا الوحي الخاتم قوله الحق‏:‏ الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن فيومن المسلم بصدق اخبار الله عن السماوات السبع دون ان يراها هو‏,‏ لانه يومن بان القران الكريم هو كلام الله الخالق‏,‏ ومن ادري بالخلق من الله؟ ويومن المسلم بان سيدنا ونبينا محمدا‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ هو خاتم انبياء الله ورسله‏,‏ وانه‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ كان موصولا بالوحي‏,‏ ومعلما من قبل خالق السماوات والارض‏,‏ وانه‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ قد وصفه ربه بالقول الحق‏:‏
    وما ينطق عن الهوي‏,‏ ان هو الا وحي يوحي‏,‏ علمه شديد القوي‏(‏ النجم‏:3‏ ‏5).‏
    فاذا وصلنا عن الله‏(‏ تعالي‏)‏ او عن رسوله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ خبر من الاخبار‏,‏ او امر من الاوامر فلا نملك حياله الا التسليم التام‏,‏ والخضوع الكامل‏,‏ خاصه اذا كان هذا الخبر عن عوالم الغيب‏,‏ او كان الامر من امور العقيده او العباده او ضوابط الاخلاق والسلوك او احكام المعاملات‏,‏ وهي امور لا يمكن للانسان ان يضع لنفسه بنفسه فيها تصورا صحيحا‏...!!!‏

    الارضون السبع في العلوم المكتسبه
    الارض هي احد كواكب المجموعه الشمسيه التسعه‏,‏ وهي الثالثه بعدا عن الشمس‏,‏ وتفصلها عنها مسافه تقدر بنحو مائه وخمسين مليونا من الكيلو مترات‏,‏ والارض عباره عن كوكب شبه كروي‏,‏ له غلاف صخري‏,‏ وتتلخص ابعاده في النقاط التاليه‏:‏
    متوسط نصف قطر الارض‏=6371‏ كيلو مترا‏.‏
    متوسط قطر الارض‏=12742‏ كيلو مترا‏.‏
    متوسط محيط الارض‏=40042‏ كيلو مترا‏.‏
    مساحه سطح الارض‏=510‏ ملايين كيلو مترا مربعا‏.‏
    حجم الارض‏=108‏ ملايين كيلو مترا مكعبا‏.‏
    متوسط كثافه الارض‏=5,52‏ جم‏/‏سم‏3.‏
    كتله الارض‏=6000‏ مليون مليون مليون طنا‏.‏
    مساحه اليابسه‏=148‏ مليون كيلو مترا مربعا‏.‏
    مساحه المسطحات المائيه‏=362‏ مليون كيلو مترا مربعا‏.‏
    اعلي ارتفاع علي اليابسه‏=8848‏ مترا‏.‏
    متوسط ارتفاع اليابسه‏=840‏ مترا‏.‏
    متوسط اعماق المحيطات‏=3729‏ مترا‏.‏
    اعمق اعماق المحيطات‏=11033‏ مترا‏.‏

    ولما كانت اعمق عمليات الحفر التي قام بها الانسان في الارض لم تتجاوز بعد عمق‏12‏ كم اي اقل من‏(1‏ علي‏500‏ من نصف قطر الارض‏)‏ فان الانسان لم يستطع التعرف علي التركيب الداخلي للارض بطريقه مباشره نظرا لابعادها الكبيره‏,‏ ومحدوديه قدرات الانسان امام تلك الابعاد‏,‏ ولكن بدراسه الموجات الزلزاليه وبعض الخواص الطبيعيه والكيميائيه لعناصر الارض تمكن الانسان من الوصول الي عدد من الاستنتاجات غير المباشره عن التركيب الداخلي للارض التي من اهمها‏:‏
    ‏1‏ ان للارض نواه صلبه عباره عن كره مصمطه من الحديد وبعض النيكل‏,‏ مع قليل من عناصر اخف مثل الكبريت والفوسفور والكربون او السيليكون‏,‏ ويبلغ قطر هذه النواه‏2400‏ كيلو متر تقريبا‏,‏ وتعرف باسم لب الارض الصلب‏.‏
    ‏2‏ يلي هذا اللب الصلب الي الخارج نطاق له التركيب الكيميائي نفسه تقريبا ولكنه منصهر‏(‏ يتكون من الحديد وبعض النيكل المنصهرين مع قليل من العناصر الخفيفه‏),‏ ويعرف باسم لب الارض السائل ويبلغ سمكه نحو الفي كيلو متر‏.‏
    ويوجد بين لبي الارض الصلب والسائل منطقه انتقاليه يبلغ سمكها‏450‏ كيلو مترا‏.‏

    ‏3‏ يلي لب الارض السائل الي الخارج نطاق يعرف باسم وشاح الارض ويبلغ سمكه نحو‏2765‏ كيلو مترا‏(‏ من عمق‏120‏ كم الي عمق‏2885‏ كم تحت سطح الارض‏),‏ ويفصله الي ثلاثه نطق مميزه‏,‏ مستويان من مستويات انقطاع الموجات الاهتزازيه الناتجه عن الزلازل‏,‏ يقع احدهما عند عمق‏400‏ كيلو متر من سطح الارض‏,‏ بينما يقع الاخر علي عمق‏670‏ كيلو متر من سطح الارض‏,‏ ويستخدم هذان المستويان في تقسيم وشاح الارض الي وشاح سفلي ومتوسط وعلوي‏(‏ من عمق‏1885‏ كم الي عمق‏670‏ كم‏,‏ ومن‏670‏ كم الي‏400‏ كم‏,‏ ومن عمق‏400‏ كم الي عمق‏120‏ كم‏,‏ ويضم هذان النطاقان فيما يعرف عاده باسم نطاق الضعف الارضي‏.‏
    ‏4‏ يلي وشاح الارض الي الخارج الغلاف الصخري للارض ويصل سمكه الي‏65‏ كيلو مترا تحت قيعان المحيطات والي‏120‏ كيلو مترا تحت القارات‏,‏ ويقسمه خط الانقطاع الاهتزازي المسمي باسم الموهو‏(Moho)‏ الي قشره الارض ويتراوح سمكها بين‏5‏ ‏8‏ كيلو مترات تحت قيعان المحيطات‏,‏ وبين‏20‏ ‏80‏ كيلو مترا تحت القارات‏(‏ بمتوسط‏35‏ كم‏).‏
    وتقسم هذه النطق الداخليه للارض حسب تركيبها الكيميائي او حسب صفاتها الميكانيكيه باختلافات طفيفه بين العلماء‏,‏ ولكن من الواضح انه يمكن جمعها في سبعه نطق متتاليه من الخارج الي الداخل كما هو مبين بالشكل المرفق‏.‏

    فهل يمكن ان تكون هذه النطق هي المقصوده بالسبعارضين؟ فتكون هذه الارضون السبع كلها في ارضنا نحن‏,‏ وتكون متطابقه كما ان السماوات السبعمتطابقه في نطق متتاليه حول مركز واحد يغلف الخارج منها الداخل؟ هذا ما اراه متطابقا مع قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
    الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن‏...(‏ الطلاق‏:12).‏
    وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
    الذي خلق سبع سماوات طباقا‏...‏
    ‏(‏الملك‏:3).‏

    وقوله‏(‏ سبحانه‏):‏
    الم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا‏,‏ وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا‏(‏ نوح‏:15‏ و‏16).‏
    وهذا ما اراه ايضا متطابقا مع حديث المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ الذي يروي عنه انه قال فيه‏:‏ من ظلم قيد شبر من الارض طوقه من سبع ارضين وجاء في صحيح البخاري قوله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏):‏ خسف به الي سبع ارضين‏.‏
    واراه متطابقا كذلك مع المعطيات الكليه لعلوم الارض والفيزياء الارضيه‏,‏ مع اختلافات طفيفه بين العلماء في تحديد الفواصل بين تلك الارضين‏,‏ فهلا نهض من ابناء المسلمين من يحسم تلك الخلافات القياسيه‏,‏ ويثبت سبق القران الكريم وسبق احاديث المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بالاشاره الي احدي حقائق الارض الرئيسيه التي لم يدرك الانسان طرفا منها الا في اوائل القرن العشرين‏,‏ ولم يحسمها بعد‏,‏ ونحن في بدايات القرن الحادي والعشرين‏,‏ وسوف يكون ذلك انتصارا للعلم وللدين الخاتم معا‏,‏ في زمن فتن الناس فيه بالعلم ومعطياته فتنه كبيره‏,‏ وتركوا الدين وراء ظهورهم منسيا‏,‏ فضلوا ضلالا بعيدا‏,‏ وشقوا واشقوا غيرهم من خلق الله‏...!!‏ فهل من مجيب؟ اللهم قد بلغت‏,‏ اللهم فاشهد وانت خير الشاهدين‏...!!!‏

    صفحة الأحاديث النبوية

    http://www.facebook.com/pages/الاحاد...01747446575326

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,600
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    29-11-2014
    على الساعة
    05:10 PM

    افتراضي

    الاشارات الكونيه في القران الكريم ومغزي دلالتها العلميه
    6 ‏ ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في سته ايام ثم استوي علي العرش‏*‏ الاعراف‏:54*‏

    جاءت الاشاره الي خلق السماوات والارض في سته ايام في ثماني ايات قرانيه كريمه يقول فيها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏

    1 ‏ ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في سته ايام ثم استوي علي العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بامره الا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين‏.(‏ الاعراف‏:54)‏

    2 ‏ ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في سته ايام ثم استوي علي العرش يدبر الامر ما من شفيع الا من بعد اذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه افلا تذكرون‏(‏ يونس‏:3)‏

    3 ‏ وهو الذي خلق السماوات والارض في سته ايام وكان عرشه علي الماء ليبلوكم ايكم احسن عملا‏..(‏ هود‏:7)‏

    4 ‏ الذي خلق السماوات والارض وما بينهما في سته ايام ثم استوي علي العرش الرحمن فاسال به خبيرا‏(‏ الفرقان‏:59)‏

    5 ‏ الله الذي خلق السماوات والارض وما بينهما في سته ايام ثم استوي علي العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع افلا تتذكرون‏(‏ السجده‏:4)‏

    6 ‏ قل ائنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين وتجعلون له اندادا ذلك رب العالمين‏,‏ وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها في اربعه ايام سواء للسائلين‏,‏ ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين‏,‏ فقضاهن سبع سماوات في يومين واوحي في كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم
    ‏(‏فصلت‏:9‏ ‏12)‏

    7 ‏ ولقد خلقنا السماوات والارض وما بينهما في سته ايام وما مسنا من لغوب
    ‏(‏ق‏:38)‏
    8 ‏ هو الذي خلق السماوات والارض في سته ايام ثم استوي علي العرش يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء ومايعرج فيها وهو معكم اينما كنتم والله بما تعملون بصير‏.(‏ الحديد‏:4)‏

    وقد اتفق جمهور المفسرين علي ان ايام خلق السماوات والارض السته هي ست مراحل‏,‏ او وقائع‏,‏ او اطوار‏,‏ او احداث كونيه متتابعه‏,‏ لايعرف مداها الا الله تعالي‏,‏ وانها لايمكن ان تكون من ايام الارض‏,‏ لان الارض لم تكن قد خلقت بعد‏,‏ ولذلك لم توصف ايام خلق السماوات والارض بالوصف القراني مما تعدون الذي جاء في ايات اخري عديده بمعني اليوم الارضي‏.‏

    مدلول لفظه اليوم في القران الكريم
    وردت لفظه يوم بمشتقاتها في القران الكريم‏475‏ مره‏,‏ منها‏349‏ مره بلفظ اليوم‏,16‏ مره بلفظ يوما ومجموعهما‏365‏ مره‏(‏ وهو نفس عدد ايام السنه في زماننا‏),‏ كذلك جاءت التعبيرات القرانيه يومكم‏,‏ يومهم‏,‏ يومين‏,‏ ايام‏,‏ واياما‏109‏ مرات لتحديد وقائع محدده‏,‏ او عددا محددا من الايام‏,‏ كما جاء التعبيران يومئذ‏,‏ ويومئذ لتحديد وقت معين‏.‏
    وفي اللغه العربيه يقال يوم‏(‏ وجمعه ايام‏)‏ ليعبر به عن الفتره من طلوع الشمس الي غروبها‏,‏ اي فتره النور بين ليلين متتاليين‏,‏ وقد يعبر به عن النهار والليل معا‏(‏ او مايعرف باليوم الكامل او بيوم الارض الشمسي‏)‏ وهو الفتره التي تتم فيها الارض دوره كامله حول محورها امام الشمس‏,‏ او بالفتره الزمنيه بين شروقين متتاليين او بين غروبين متتاليين للشمس ويساوي اربعا وعشرين ساعه كامله‏.‏

    ويقال في اللغه العربيه من اول يوم اي من اول ايام تاريخ محدد‏,‏ وربما عبروا باليوم عن الشده التي يمر بها الفرد او الجماعه من الناس‏,‏ مثل قولهم يوم كيوم عاد او يوم كيوم ثمود‏,‏ او يوم من ايام العرب او من ايام الدهر‏.‏
    وقد يعبر باليوم عن مده من الزمان ايا كان طولها‏,‏ ومعني ذلك ان مصطلح يوم من الناحيه اللغويه هو مصطلح عام يختلف مدلوله حول ما يقصد به في سياق الكلام‏.‏

    ولفظه يوم جاءت في القران الكريم بهذه المعاني كلها‏,‏ فجاءت بمعني النهار كما في قوله تعالي‏:‏
    ‏...‏فمن لم يجد فصيام ثلاثه ايام في الحج‏....[‏ البقره‏196)‏
    وقوله سبحانه‏:‏
    سخرها عليهم سبع ليال وثمانيه ايام حسوما‏..(‏ الحاقه‏:7)‏

    وجاءت بمعني اليوم الارضي المطلق‏(‏ اي زمن دوره الارض حول محورها امام الشمس في اربع وعشرين ساعه‏).‏ كما في قوله تعالي‏:‏
    واذكروا الله في ايام معدودات فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تاخر فلا اثم عليه لمن اتقي‏..(‏ البقره‏:203).‏

    وجاءت لفظه يوم في القران الكريم بمعني يوم محدد من ايام الاسبوع من مثل ما جاء في قوله تعالي‏:‏
    ياايها الذين امنوا اذا نودي للصلاه من يوم الجمعه فاسعوا الي ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون‏.(‏ الجمعه‏:9)‏

    وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
    واسالهم عن القريه التي كانت حاضره البحر اذ يعدون في السبت اذ تاتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لايسبتون لاتاتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون‏.(‏ الاعراف‏:163)‏
    وجاءت لفظه يوم في كتاب الله بمعني يوم محدد من السنه كيوم الحج الاكبر وهو يوم عرفه او التاسع من ذي الحجه‏.‏

    كما جاءت بمعني واقعه محدده في التاريخ كيوم الزينه ويوم الظله‏,‏ ويوم الفرقان‏,‏ ويوم حنين‏,‏ ويوم الاحزاب‏,‏ ويوم الفتح‏.‏
    وجاءت بمعني بعض علامات تدمير النظام الكوني قبل البعث من مثل قوله تعالي‏:‏ يوم ترجف الارض‏,‏ و يوم تاتي السماء بدخان مبين‏,‏ و يوم تمور السماء مورا‏,‏ وامثالها‏.‏

    وجاءت بمعني يوم من ايام الله التي لايعلم مداها الا هو‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ ولكي يقرب ذلك الي اذهاننا قارنها بعدد من سنيننا مضافا اليها الوصف القراني مما تعدون وذلك من مثل قوله تعالي‏:‏
    ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وان يوما عند ربك كالف سنه مما تعدون
    ‏(‏ الحج‏:47)‏

    وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
    يدبر الامر من السماء الي الارض ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنه مما تعدون‏(‏ السجده‏:5)‏
    وجاءت لفظه يوم في كتاب الله بمعني طور او مرحله‏,‏ او واقعه‏,‏ او حدث كوني وذلك من مثل الايات‏:(7‏ من سوره الاعراف‏),(3‏ من سوره يونس‏),(7‏ من سوره هود‏),(59‏ من سوره الفرقان‏),(4‏ من سوره السجده‏),(38‏ من سوره ق‏),(4‏ من سوره الحديد‏).‏

    وجاءت بمعني الاخره‏:‏ يوم الدين‏,‏ يوم القيامه‏,‏ يوم الساعه‏,‏ يوم البعث‏,‏ يوم الفصل‏,‏ يوم الحساب‏,‏ يوم الجمع‏,‏ يوم التلاق‏,‏ يوم التناد‏,‏ يوم الازفه‏,‏ يوم الاشهاد‏,‏ يوم الحسره‏,‏ يوم التغابن‏,‏ يوم الوعيد‏,‏ يوم الخروج‏,‏ يوم الخلود‏,‏ وغيرها من التعبيرات عن ايام البعث والحساب والخلود في الاخره‏.‏

    مدلول لفظه اليوم في العلوم الكونيه



    يعرف يوم الارض الشمسي بالفتره التي تتم فيها الارض دوره كامله حول محورها امام الشمس‏,‏ وتقدر هذه الفتره في زماننا الحالي باربع وعشرين ساعه يتقاسمها ليل ونهار باختلاف طفيف في طول كل منهما‏.‏
    اما يوم الارض النجمي‏(‏ ويقل في مداه عن يوم الارض الشمسي بثلاث دقائق وست وخمسين ثانيه‏)‏ فيقدر بالمده الزمنيه الواقعه بين رويه نجم ثابت في السماء من فوق نقطه محدده علي سطح الارض مرتين‏(‏ اي حتي تعود نفس النقطه المحدده علي سطح الارض الي رويه هذا النجم الثابت من جديد‏),‏ والفارق الزمني الطفيف بين اليومين سببه ان الارض عندما تتم دوره كامله حول محورها تكون قد جرت في مدارها حول الشمس مسافه تقدر بحوالي‏365/1‏ من طول هذا المدار‏.‏

    ولما كانت الارض وكل مافي السماء يجري في فسحه الكون بسرعات متعدده‏,‏ حول مراكز عديده‏,‏ ولما كان لكل جرم من تلك الاجرام دوره محوريه كامله ضمن عدد من الدورات المداريه والانتقاليه‏,‏ فان اطوال تلك الدورات المحوريه والمداريه تختلف من جرم الي اخر‏,‏ وبالتالي فان طول يوم وسنه كل جرم من هذه الاجرام يختلف اختلافا كبيرا‏,‏ فيتراوح يوم كواكب المجموعه الشمسيه بين‏88‏ يوما ارضيا في اقرب الكواكب الي الشمس وهو كوكب عطارد‏,‏ الي بضعه اسابيع في كوكب الزهره الي‏24‏ ساعه مقسمه الي ليل ونهار في كوكب الارض‏,‏ الي‏24‏ ساعه‏,37‏ دقيقه‏,23‏ ثانيه في كوكب المريخ‏,‏ الي‏9‏ ساعات‏,53‏ دقيقه في كوكب المشتري‏,‏ الي‏10‏ ساعات‏,14‏ دقيقه‏,24‏ ثانيه في زحل‏,‏ الي‏10‏ ساعات‏,48‏ دقيقه في يورانوس‏,‏ الي‏15‏ ساعه‏,,40‏ دقيقه في كوكب نبتيون‏.‏
    كذلك يختلف طول سنه كل جرم من اجرام المجموعه الشمسيه باختلاف طول مداره‏,‏ وسرعه دورانه فيه‏,‏ فالحركه الانتقاليه السنويه حول الشمس لكوكب عطارد تقدر بحوالي‏88‏ يوما ارضيا‏,‏ ولكوكب الزهره بحوالي‏224,7‏ يوم ارضي‏,‏ وللارض باثني عشر شهرا قمريا‏(‏ او‏365,256‏ يوما ارضيا‏),‏ وتصل في المريخ الي‏686,98‏ يوم ارضي‏,‏ وفي المشتري الي‏11,86‏ سنه ارضيه‏,‏ وفي زحل الي‏29,46‏ سنه ارضيه‏,‏ وفي يورانوس الي‏84,07‏ سنه ارضيه‏,‏ وفي نبتيون الي‏164,81‏ سنه ارضيه‏,‏ وفي بلوتو الي‏248,53‏ سنه ارضيه‏,‏ بينما تتم الشمس دورتها حول محورها‏(‏ اي يومها‏)‏ في زمن قدره‏25‏ يوما من ايام الارض‏,‏ وفي مدارها حول مركز المجره‏(‏ اي سنتها‏)‏ في‏225‏ مليون سنه من سني الارض‏.‏

    والمجموعه الشمسيه هي جزء ضئيل من مجره درب اللبانه والتي تشكل بدورها جزءا من التجمع المجري‏,‏ الذي يشكل بدوره جزءا من التجمع المجري الاعظم‏,‏ ثم تظل تنسب الي وحدات اكبر باستمرار الي نهايه الكون المدرك‏,‏ وكل ذلك في حركه دائبه في صفحه السماء الدنيا التي زينها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ بالنجوم‏,‏ والتي تدور بدورها في داخل السماوات الست العلا‏,‏ وصدق الله العظيم اذ يقول‏:‏
    ‏...‏ وان يوما عند ربك كالف سنه مما تعدون‏(‏ الحج‏:47)‏

    واذ يقول‏(‏ عز من قائل‏):‏
    ‏...‏ في يوم كان مقداره الف سنه مما تعدون‏(‏ السجده‏:5)‏
    واذ يقول‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
    تعرج الملائكه والروح اليه في يوم كان مقداره خمسين الف سنه‏(‏ المعارج‏:4).‏

    النسبيه والزمن
    منذ القدم استخدم العرب المساقه للتعبير عن الزمن بصيغ مثل مسيره شهر‏,‏ او مسيره اسبوع‏,‏ او مسيره يوم‏(‏ عاده باستخدام الجمال او بالسير علي الاقدام‏),‏ وفي النظريه النسبيه يستخدم الزمن كالبعد الرابع للابعاد المساحيه الثلاث وقد سبق بعض متصوفه المسلمين من امثال محيي الدين بن العربي‏,‏ البرت اينشتاين بمئات السنين في الاشاره الي حقيقه ان الكون وجود مادي في كل من المكان والزمان‏,‏ كما سبقه يالاشاره الي تحدب الكون بتحدب الزمان‏,‏ وهي قضيه تعتبر اليوم من اهم نتائج النظريه النسبيه العامه‏,‏ بل ان في اشاره القران الكريم الي يوم كالف سنه‏,‏ ويوم كخمسين الف سنه ليمثل اساس النسبيه‏,‏ ليس هذا فقط بل ان القران الكريم قد اشار الي سرعه الضوء وذلك بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
    قال الذي عنده علم من الكتاب انا اتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك‏...(‏ النمل‏:40)‏ وقد استخدم ابن عربي السنه الضوئيه بنفس المفهوم الذي تستخدم به اليوم في علم الفلك انطلاقا من هذه الايه القرانيه الكريمه‏,‏ وفي مطلع القرن العشرين اعلن البرت اينشتاين نظريتي النسبيه العامه والخاصه في سنتي‏1905‏ م‏,1915‏ م علي التوالي‏.‏

    وتقوم نظريه النسبيه العامه علي اساس من افتراض ان الجاذبيه مكافئه لمفهوم التسارع‏,‏ ووصفتها بانها انحناء تحدثه الكتله او الطاقه‏(‏ وهما وجهان لعمله واحده‏)‏ في متصل رباعي الاضلاع من الزمان والمكان بابعاده الثلاثه وتقوم نظريه النسبيه الخاصه علي اساس من فرضين اساسيين‏:‏
    اولهما‏:‏ ان القوانين الفيزيائيه تبقي ثابته في اي جسم ثابت او متحرك بسرعه ثابته‏.‏

    وثانيهما‏:‏ ان سرعه الضوء في الفراغ تبقي ثابته باستمرار بغض النظر عن سرعه المصدر الذي انطلقت منه‏,‏ او سرعه الراصد لها‏,‏ وعلي ذلك فهي سرعه مطلقه‏.‏ فضوء مصباح مثبت في قطار يقترب منا ينتشر بنفس السرعه التي ينتشر بها اذا كان يبتعد عنا‏.‏
    ويهدف هذان الفرضان الي تثبيت القوانين الفيزيائيه‏(‏ الميكانيكيه والكهرومغناطيسيه‏)‏ سواء كان الجسم الذي تقاس فيه تلك القوانين ساكنا او متحركا بسرعه ثابته‏,‏ وذلك لان كلا من الحركه والسكون ليسا مطلقين في الكون المدرك‏,‏ بمعني ان كافه العلاقات فيه نسبيه‏,‏ ماعدا سرعه الضوء لانها ثابته للمشاهد‏,‏ ولا تتاثر بحركه اي من الراصد او مصدر ضوء وقد قدرت تجريبيا في الفضاء بحوالي‏299792,5‏ كيلو متر في الثانيه‏.‏

    وقد تم رصد عروج الضوء‏(‏ انحناء مساره‏)‏ بين السماء والارض في سنه‏1919‏ م‏,‏ وثبت بذلك ان الكون كله بما فيه من ماده وطاقه في حاله انحناء تام‏,‏ وان ايا من مختلف صور الماده او الطاقه لا يمكنه التحرك في الكون في خطوط مستقيمه ابدا‏,‏ وسبحان الذي انزل في محكم كتابه قبل الف واربعمائه من السنين وصف الحركه في السماء بالعروج في سبع ايات متفرقات‏.‏
    ويترتب علي ثبات سرعه الضوء الغاء الادعاء الباطل بان الزمان مطلق‏(‏ مطلقيه الزمان‏),‏ وافراغ مفهوم الانيه من معناه‏,‏ مما يفرغ الكون المدرك من ايه مرجعيه ذاتيه فيه‏,‏ بمعني انه اذا كان في الكون من مرجعيه مطلقه فلابد وان تاتينا من خارج الكون المدرك‏,‏ وليس من داخله‏,‏ وهي مرجعيه الوحي الالهي المنزل من الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏).‏ فقد ثبت لنا منذ الثلث الاول للقرن العشرين ان الكون الذي نحيا فيه دائم الاتساع‏,‏ واننا اذا عدنا بهذا الاتساع الي الوراء مع الزمن فلابد ان تلتقي ماده الكون في نقطه متناهيه في الصغر‏,‏ عديمه الابعاد‏,‏ لا نهائيه في الكتله والطاقه‏,‏ وان هذه الحاله القريبه من العدم‏(‏ مرحله الرتق‏)‏ انفجرت بامر من الله‏(‏ تعالي‏)‏ فنشا عن انفجارها كل من الماده والطاقه‏(‏ وهما وجهان لعمله واحده‏),‏ والمكان والزمان‏(‏ وهما امران متواصلان‏),‏ وكل ذلك مترابط مع بعضه البعض وبالكون وما فيه من المخلوقات في الايجاد من العدم والافناء الي العدم ثم اعاده الخلق من جديد‏,‏ والخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ فوق ذلك كله‏,‏ محيط بالكون وما فيه‏,‏ وبالزمن ماضيه وحاضره ومستقبله‏,‏ لا يحده المكان ولا الزمان لانه‏(‏ تعالي‏)‏ خالقهما‏,‏ ولا تشكله الماده ولا الطاقه لانه‏(‏ تعالي‏)‏ مبدعهما‏,‏ وليس في خلقه شئ يشبهه‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ كما وصف ذاته العليه بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
    ‏..‏ ليس كمثله شئ وهو السميع البصير‏(‏ الشوري‏:11).‏

    وتفيدنا النظريه النسبيه ان كتله الاجسام الماديه المتحركه تزداد بازدياد سرعتها‏,‏ وتنكمش هذه الاجسام‏(‏ اي يقل طولها‏)‏ في اتجاه الحركه‏,‏ وعندما تصل سرعتها الي سرعه الضوء ينكمش طولها الي الصفر اي تتلاشي وتتحول الي طاقه حسب المعادله التاليه‏:‏
    الطاقه الناتجه‏=‏ كتله الجسم المتحرك بسرعه الضوء‏*‏ مربع سرعه الضوء‏.‏

    وتوكد النظريه النسبيه انه فيما عدا سرعه الضوء فكل زمن في الجزء المدرك لنا من الكون هو زمن نسبي يعتمد علي سرعه تحرك الجسم‏,‏ فكلما زادت سرعته‏(‏ بالنسبه الي جسم اخر‏)‏ قل احساسه بالزمن‏,‏ فالنسبه بين زمن صاروخ متحرك في فسحه السماء والزمن علي الارض تزداد بزياده سرعه الصاروخ حتي اذا وصلت سرعته الي‏99,995%‏ من سرعه الضوء اصبحت سنته تعادل مائه سنه علي الارض‏,‏ فالزمن علي الارض زمن خاضع لقياساتنا‏,‏ ومرتبط بالمكان والسرعه اي بالحركه‏,‏ وهو زمن نسبي‏,‏ لان كل جسم متحرك يحمل زمنه معه‏,‏ وكل ما في الكون من اجرام يجري الي اجل مسمي‏(‏ الرعد‏:2,‏ يس‏:38).‏
    وبتحويل ايتي سوره السجده‏(5),‏ الحج‏(47)‏ الي معادله رياضيه‏.‏ حصلنا علي سرعه الضوء حسب الجدول المرفق وهي من المعجزات العلميه للقران الكريم ان يشير الي مثل هذه السرعات الفائقه قبل الف واربعمائه سنه‏.‏

    وتتطابق القيمه المستقاه من هاتين الايتين القرانيتين الكريمتين مع القيمه المحسوبه لسرعه الضوء في الفراغ والمتفق عليها دوليا‏(‏ في حدود الخطا المسموح به في الحساب‏)‏ وسبحان الذي انزل في محكم كتابه قبل الف واربعمائه سنه قوله الحق‏:‏
    يدبر الامر من السماء الي الارض ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنه مما تعدون‏.‏
    ‏(‏السجده‏:5)‏

    وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
    ‏....‏ وان يوما عند ربك كالف سنه مما تعدون‏.‏
    ‏(‏الحج‏:47)‏

    ايام الخلق السته كما جاءت في القران الكريم
    جاءت هذه الايام السته مجمله في سبع ايات قرانيه كريمه ومفصله في اربع ايات من السوره رقم‏(41)‏ والتي سماها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ باسم فصلت‏,‏ وهو اسم معجز لتفصيل السوره مراحل خلق السماوات والارض والاستشهاد بذلك علي طلاقه القدره الالهيه‏,‏ وصدق القران الكريم والرساله المحمديه الخالده وما جاءت به من قواعد العقيده واركان الايمان‏,‏ وحقيقه الوحي‏,‏ ومن التحذير بمصارع بعض الامم البائده حينما كذبوا رسلهم‏,‏ وتمادوا في معصيه الله‏,‏ وفي الافساد بالارض‏,‏ كما جاءت بذكر اجر المتقين الذين امنوا بربهم وبرسالته ورسله‏,‏ وقد احتوت السوره الكريمه علي احدي عشره ايه كونيه تعتبر من ايات الاعجاز العلمي المبهره في كتاب الله‏,‏ ثم ختمت السوره بوعد من الله‏(‏ تعالي‏)‏ للبشريه كافه‏,‏ وللكافرين بخاصه بانه سوف يفتح لهم في اخر الزمان بعض اسرار هذا الكون التي تشهد بصدق ما جاء به القران العظيم‏,‏ وما اجراه الله‏(‏ تعالي‏)‏ علي لسان خاتم الانبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏).‏
    والايات الاربع‏(9‏ ‏12)‏ من سوره فصلت تشير الي ان خلق الارض الابتدائيه كان سابقا علي تمايز السماء الاولي الدخانيه الي سبع سماوات‏,‏ ولذلك يخبرنا ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ بانه خلق الارض في يومين اي علي مرحلتين‏(‏ هما يوم الرتق ويوم الفتق‏),‏ وانه‏(‏ تعالي‏)‏ قد جعل لها رواسي من فوقها‏,‏ وبارك فيها وقدر فيها اقواتها في اربعه ايام‏(‏ اي اربع مراحل متتاليه‏),‏ ثم خلق السماوات في يومين‏(‏ اي علي مرحلتين‏)‏ وهو‏(‏ تعالي‏)‏ القادر علي ان يقول للشئ كن فيكون‏,‏ ولكن هذا التدرج لحكمه بالغه يفهم منها الانسان سنن الله في الخلق فيحسن توظيفها في عماره الارض وفي القيام بواجبات الاستخلاف فيها‏.‏

    وقد يلتبس علي قارئ تلك الايات لاول وهله ان خلق الارض وحدها قد استغرق سته ايام‏(‏ اي ست مراحل‏),‏ وان خلق السماء قد استغرق يومين‏,‏ فيكون خلق السماوات والارض قد استغرقا ثمانيه ايام‏,‏ وهو ما يتعارض مع الايات العديده التي توكد ان خلق السماوات والارض قد تم في سته ايام‏(‏ اي ست مراحل‏),‏ ولكن لما كان خلق السماء والارض عمليه واحده متداخله فان يومي خلق الارض هما يوما خلق السماوات السبع‏,‏ وذلك لان الامر الالهي في ختام تلك الايات الاربع كان للسماء وللارض معا‏:‏
    ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين‏(‏ فصلت‏:11).‏

    وان كانت غالبيه المفسرين تري خلاف ذلك لاعتبارهم يومي خلق الارض داخلين في الايام الاربعه لجعل الرواسي‏,‏ والمباركه‏,‏ وتقدير الاقوات‏,‏ الا انهم مجمعون علي ان حرف العطف ثم لا يدل هنا علي الترتيب مع التراخي‏,‏ ولكنه يدل علي بعد عمليه الاستواء والتسويه للسماوات السبع من السماء الدخانيه الاولي لان من معاني ثم هنا انها اشاره الي البعيد بمعني هناك في مقابله هنا للقريب‏.‏
    والشاهد علي ذلك ما جاء في سوره النازعات من قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
    اانتم اشد خلقا ام السماء بناها‏,‏ رفع سمكها فسواها‏,‏ واغطش ليلها واخرج ضحاها‏,‏ والارض بعد ذلك دحاها‏,‏ اخرج منها ماءها ومرعاها‏,‏ والجبال ارساها‏,‏ متاعا لكم ولانعامكم‏.(‏ النازعات‏:27‏ ‏33).‏

    مما يوكد ان المراحل الاربع من جعل الرواسي‏,‏ والمباركه وتقدير الاقوات يقصد بها دحو الارض الابتدائيه بمعني اخراج مائها ومرعاها اي تكوين اغلفتها المائيه والغازيه‏,‏ وان يومي خلق الارض وهما نفس يومي خلق السماء يقصد بهما خلق العناصر المكونه للارض الابتدائيه في داخل السماء الدخانيه بدليل قوله تعالي‏:‏
    ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين‏,‏ فقضاهن سبع سماوات في يومين واوحي في كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم‏(‏فصلت‏:12,11)‏

    وبدليل قوله‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
    هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوي الي السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شئ عليم‏(‏ البقره‏:29).‏
    ولفظ خلق هنا معناه التقدير لمكونات الارض

    ايام الخلق السته في منظور العلوم المكتسبه
    يري اهل العلوم المكتسبه مراحل خلق الكون علي النحو التالي‏:‏
    ‏(1)‏ مرحله الجرم الابتدائي الاولي الذي بدا منه الخلق‏(‏ مرحله الرتق‏).‏
    ‏(2)‏ مرحله انفجار الجرم الابتدائي الاولي‏(‏ مرحله الفتق او المرحله الدخانيه‏)‏ وبدء توسع الكون‏.‏

    ‏(3)‏ مرحله تخلق العناصر المختلفه في السماء الدخانيه‏,‏ عبر تخلق الماده والماده المضاده‏,‏ وتكون نويات الايدروجين والهيليوم وبعض الليثيوم‏.‏
    ‏(4)‏ مرحله انفصال دوامات من الغلاله الدخانيه وتكثفها علي ذاتها بفعل الجاذبيه لتكوين كل من الارض وباقي اجرام السماء‏.‏

    ‏(5)‏ مرحله دحو الارض‏,‏ وتكوين اغلفتها الغازيه والمائيه والصخريه‏,‏ وبدء تحرك الواح الغلاف الصخري للارض وتكون كل من المحيطات والقارات والجبال‏,‏ وتكون التربه وبدء دوره المياه حول الارض وتسويه سطحها وخزن المياه تحت السطحيه‏.‏
    ‏(6)‏ مرحله خلق الحياه من ابسط صورها الي مختلف مستوياتها‏.‏
    والله‏(‏ تعالي‏)‏ اعلم بما قد خلق‏.‏

    ويقدر علماء كل من الفلك والفيزياء الفلكيه عمر الكون بحوالي‏10‏ ‏15‏ بليون سنه‏,‏ بينما يقدر علماء الارض عمر ذلك الكوكب بحوالي‏4,6‏ بليون سنه‏,‏ وهو نفس العمر الذي توصل اليه العلماء بتحليل صخور وتراب سطح القمر‏,‏ وعمر النيازك العديده التي نزلت الي الارض‏.‏
    ويبدو ان الفارق الكبير بين العمرين المقدرين لكل من الارض والكون سببه ان العمر المقدر للارض هو عمر تيبس قشرتها الخارجيه‏,‏ وان هذا العمر لايشمل ايا من مراحل الارض الابتدائيه‏,‏ ولا مراحل تخلق العناصر التي كونت تلك الارض الابتدائيه‏.‏

    وتشير الايات القرانيه في كل من سوره البقره‏(29),‏ وفصلت‏(9‏ ‏12)‏ الي سبق خلق الارض لعمليه تسويه السماء الدخانيه الاوليه الي سبع سماوات‏,‏ ويبدو ان المقصود هنا هو خلق عناصر الارض‏,‏ ثم تلي المرحله خلق الارض نفسها علي هيئه الكوكب الابتدائي الذي تم دحوه وتشكيله الي صورته الراهنه‏,‏ وذلك لان خلق السماوات والارض عمليتان متلازمتان‏,‏ ولا يمكن لاحداهما ان تنفصل عن الاخري‏.‏
    فسبحان الذي انزل من فوق سبع سماوات‏,‏ وقبل الف واربعمائه من السنين قوله الحق في صيغه استفهام استنكاري تقريعي للمشركين والكافرين‏:‏ قل ائنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين وتجعلون له اندادا ذلك رب العالمين‏,‏ وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها في اربعه ايام سواء للسائلين‏,‏ ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين‏,‏ فقضاهن سبع سماوات في يومين واوحي في كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم‏.(‏ فصلت‏:9‏ ‏12).‏

    وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
    ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في سته ايام ثم استوي علي العرش‏....‏
    ‏(‏ الاعراف‏:54).‏

    صفحة الأحاديث النبوية

    http://www.facebook.com/pages/الاحاد...01747446575326

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,600
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    29-11-2014
    على الساعة
    05:10 PM

    افتراضي

    الاشارات الكونيه في القران الكريم ومغزي دلالتها العلميه
    7 ‏ يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدانا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين

    يعتبر مجال الخلق‏,‏ وافنائه‏,‏ واعاده خلقه‏,‏ من المجالات الغيبيه التي لا يستطيع الانسان ان يصل فيها الي تصور صحيح بغير هدايه ربانيه‏,‏ ومن هنا فان العلوم التجريبيه لا يمكن لها ان تتجاوز في تلك المجالات مرحله التنظير بمعني وضع نظريه من النظريات او اقتراح فرض من الفروض‏.‏
    وتتعدد الفروض والنظريات بتعدد خلفيه واضعيها العقديه والثقافيه والتربويه والنفسيه‏,‏ ويبقي للمسلم في هذا المجال نور من الله الخالق في ايه من كتابه الكريم‏,‏ او في حديث مروي بسند صحيح عن خاتم انبيائه ورسله‏(‏ صلي الله وسلم عليه وعليهم اجمعين‏)‏ يمكن ان يعينه علي الارتقاء باحدي تلك النظريات العلميه الي مقام الحقيقه لمجرد ورود اشاره لها في اي من هذين المصدرين من مصادر وحي السماء اللذين حفظا بحفظ الله باللغه نفسها التي نزل الوحي بها‏(‏ اللغه العربيه‏)‏ علي مدي اربعه عشر قرنا او يزيد دون نقص او زياده‏,‏ ونكون في هذه الحاله قد انتصرنا للعلم بالوحي الثابت من كتاب الله المحفوظ بحفظه‏,‏ او بسنه رسوله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ وهي من الوحي‏,‏ ولم ننتصر لهما بالعلم المكتسب لانهما فوق ذلك واعظم واجل‏..!!‏

    فمجرد ورود اشاره في كتاب الله او في حديث مروي بسند صحيح عن خاتم انبيائه ورسله‏(‏ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم اجمعين‏)‏ الي ما يدعم احدي النظريات العلميه التي لم يتوصل اليها العلم المكتسب الا بعد مجاهده كبيره‏,‏ عبر سنوات طويله‏,‏ استغرقت جهود الاف من العلماء يرقي بهذه النظريه الي مقام الحقيقه‏,‏ ويعتبر اعجازا علميا في كتاب الله او في سنه رسوله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ لمجرد السبق بالاشاره الي تلك الحقيقه العلميه قبل وصول الانسان اليها بفتره زمنيه طويله تقدر باكثر من ثلاثه عشر قرنا من الزمان‏,‏ وفي ذلك يقول ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ في محكم كتابه‏:‏
    ما اشهدتهم خلق السماوات والارض ولا خلق انفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا
    ‏(‏الكهف‏:51)‏

    والقران الكريم الذي يقرر ان احدا من الانس او الجن لم يشهد خلق السماوات والارض‏,‏ هو الذي يامرنا بالنظر في قضيه الخلق‏(‏ خلق السماوات والارض‏,‏ خلق الحياه‏,‏ وخلق الانسان‏)‏ بعين الاعتبار والاتعاظ فيقول‏(‏ عز من قائل‏):‏
    اولم ينظروا في ملكوت السماوات والارض وما خلق الله من شئ‏..(‏ الاعراف‏:185)‏
    ويقول‏(‏ سبحانه‏):‏
    لخلق السماوات والارض اكبر من خلق الناس ولكن اكثر الناس لا يعلمون
    ‏(‏غافر‏:57)‏

    ويقول‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
    افلا ينظرون الي الابل كيف خلقت
    ‏(‏الغاشيه‏:17)‏
    ويقول‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
    اولم يروا كيف يبديء الله الخلق ثم يعيده ان ذلك علي الله يسير‏.‏ قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدا الخلق ثم الله ينشيء النشاه الاخره ان الله علي كل شيء قدير
    ‏(‏العنكبوت‏:19‏ و‏20)‏
    وبالنظر في السماء توصل علماء الفلك والفيزياء الفلكيه الي عدد من النظريات المفسره لنشاه الكون وافنائه‏,‏ واكثر هذه النظريات قبولا في الاوساط العلميه اليوم هما نظريتا الانفجار العظيم
    ‏(TheBigBangTheory)‏
    والانسحاق العظيم
    ‏(TheBigCrunchTheory)‏
    وكلاهما يستند الي عدد من الحقائق المشاهده‏.‏

    الشواهد العلميه علي صحه نظريه الانفجار العظيم
    ‏(1)‏ التوسع الحالي للكون المشاهد‏:‏
    وهي حقيقه اكتشفت في الثلث الاول من القرن العشرين‏,‏ ثم اكدتها حسابات كل من الفيزيائيين النظريين والفلكيين‏,‏ والتي لاتزال تقدم مزيدا من الدعم والتاييد لتلك الحقيقه المشاهده بان المجرات تتباعد عنا وعن بعضها البعض بسرعات تكاد تقترب احيانا من سرعه الضوء‏(‏ المقدره بحوالي‏300000‏ كيلو متر في الثانيه‏),‏ وقد سبق القران الكريم كل تلك المعارف باكثر من ثلاثه عشر قرنا اذ يقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
    والسماء بنيناها بايد وانا لموسعون
    ‏(‏ الذاريات‏:47)‏

    واذا عدنا بهذا الاتساع الكوني الراهن الي الوراء مع الزمن فان كافه ما في الكون من صور الماده والطاقه والمكان والزمان لابد ان تلتقي في جرم واحد‏,‏ متناه في ضاله الحجم الي ما يقترب من الصفر او العدم‏,‏ فيتلاشي كل من المكان والزمان‏,‏ ومتناه في ضخامه الكتله والحراره الي الحد الذي تتوقف عنده قوانين الفيزياء النظريه‏,‏ وهذا الجرم الابتدائي انفجر بامر من الله تعالي فنشر مختلف صور الطاقه‏,‏ والماده الاوليه‏,‏ للكون في كل اتجاه‏,‏ وتخلقت من تلك الطاقه الماده الاوليه‏,‏ ومن المواد الاوليه تخلقت العناصر علي مراحل متتاليه‏,‏ وبدا الكون في الاتساع‏,‏ ومع اتساعه تعاظم كل من المكان والزمان‏,‏ وتحولت ماده الكون الي سحابه من الدخان الذي خلقت منه الارض وكل اجرام السماء‏,‏ وما يملا المسافات بينها من مختلف صور الماده والطاقه‏,‏ وظل الكون في التمدد والتوسع منذ لحظه الانفجار العظيم الي يومنا الراهن‏,‏ والي ان يشاء الله‏(‏ تعالي‏).‏
    والانسحاق الشديد هو عمليه معاكسه لعمليه الانفجار الكوني الكبير تماما‏.‏

    ‏(2)‏ اكتشاف الخلفيه الاشعاعيه للكون المدرك‏:‏
    وقد اكتشفها بمحض المصادفه باحثان بمختبرات شركه بل للتليفونات بمدينه نيوجرسي هما ارنو ا‏.‏ بنزياس
    ‏(ArnoA.Penzias)‏
    وزميله روبرت و‏.‏ ويلسون
    ‏(RobertW.Wilson)‏
    في سنه‏1965‏ م علي هيئه اشارات راديويه منتظمه وسويه الخواص‏,‏ قادمه من كافه الاتجاهات في السماء‏,‏ وفي كل الاوقات دون ادني توقف او تغير‏,‏ ولم يمكن تفسير تلك الاشارات الراديويه‏,‏ المنتظمه‏,‏ السويه الخواص الا بانها بقيه الاشعاع الذي نتج عن عمليه الانفجار الكوني العظيم‏,‏ وقد قدرت درجه حراره تلك البقيه الاشعاعيه بحوالي ثلاث درجات مطلقه‏(‏ اي ثلاث درجات فوق الصفر المطلق الذي يساوي ‏273‏ درجه مئويه‏)‏
    وفي نفس الوقت كانت مجموعه من الباحثين العلميين في جامعه برنستون تتوقع حتميه وجود بقيه للاشعاع الناتج عن عمليه الانفجار الكوني الكبير‏,‏ وامكانيه العثور علي تلك البقيه الاشعاعيه بواسطه التليسكوبات الراديويه‏,‏ وذلك بناء علي الاستنتاج الصحيح بان الاشعاع الذي نتج عن عمليه الانفجار تلك قد صاحب عمليه التوسع الكوني‏,‏ وانتشر بانتظام وسويه عبر كل من المكان والزمان في فسحه الكون‏,‏ ومن ثم فان بقاياه المنتشره الي اطراف الجزء المدرك من الكون لابد ان تكون سويه الخواص‏,‏ ومتساويه القيمه في كل الاتجاهات‏,‏ ومستمره ومتصله بلا ادني انقطاع‏,‏ وبالاضافه الي ذلك فان هذا الاشعاع الكوني لابد ان يكون له طيف مماثل لطيف الجسم المعتم‏,‏ بمعني ان كميه الطاقه الناتجه عنه في مختلف الموجات يمكن وصفها بدرجه حراره ذات قيمه محدده‏,‏ وان هذه الحراره التي كانت تقدر ببلايين البلايين من الدرجات المطلقه عند لحظه الانفجار الكوني لابد ان تكون قد بردت عبر عمر الكون المقدر بعشره بلايين من السنين علي الاقل‏,‏ الي بضع درجات قليله فوق الصفر المطلق‏.‏ وانطلاقا من تلك الملاحظات الفلكيه والنظريه كان في اكتشاف الخلفيه الاشعاعيه للكون دعم عظيم لنظريه الانفجار الكوني‏,‏ وقضاء مبرم علي نظريه ثبات الكون واستقراره التي اتخذت تكوه لنفي الخلق‏,‏ وانكار الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ منذ مطلع القرن العشرين‏.‏

    ولم تكن مجموعه جامعه برنستون بقياده كل من روبرت دايك
    ‏(RobertDicke)
    ,‏ ب‏.‏ج‏.‏ ا‏.‏ بيبلز
    ‏(P.J.E.Peebles)
    ,‏ ديفيد رول
    ‏(DavidRoll)‏
    وديفيد ولكنسون
    ‏(DavidWilkinson)‏
    هي اول من توقع وجود الخلفيه الاشعاعيه للكون‏,‏ فقد سبقهم الي توقع ذلك كل من رالف الفر
    ‏(RalphAlpher)‏
    وروبرت هيرمان
    ‏(RobertHerman)‏
    في سنه‏1948‏ م وجورج جامو
    ‏(GeogeGamow)‏
    في سنه‏1953‏ م ولكن استنتاجاتهم اهملت ولم تتابع بشيء من الاهتمام العلمي فطويت في عالم النسيان‏.‏

    ‏(3)‏ تصوير الدخان الكوني علي اطراف الجزء المدرك من الكون‏:‏
    في سنه‏1989‏ م ارسلت وكاله الفضاء الامريكيه ناسا
    ‏(NASA)‏
    مركبه فضائيه باسم مستكشف الخلفيه الكونيه او‏(‏ كوبي‏
    )CosmicBackgroundExplorer(orCOBE)‏
    وذلك لدراسه الخلفيه الاشعاعيه للكون من ارتفاع يبلغ ستمائه كيلو متر حول الارض‏,‏ وقد قاست تلك المركبه درجه الخلفيه الاشعاعيه للكون وقدرتها باقل قليلا من ثلاث درجات مطلقه‏(‏ اي بحوالي‏2,735+0,06‏ من الدرجات المطلقه‏)‏ وقد اثبتت هذه الدراسه تجانس ماده الكون وتساويها التام في الخواص قبل الانفجار وبعده اي من اللحظه الاولي لعمليه الانفجار الكوني العظيم‏,‏ وانتشار الاشعاع في كل من المكان والزمان مع احتمال وجود اماكن تركزت فيها الماده الخفيه التي تعرف باسم الماده الداكنه
    ‏(DarkMatter)‏
    بعد ذلك
    كذلك قامت تلك المركبه الفضائيه بتصوير بقايا الدخان الكوني الناتج عن عمليه الانفجار العظيم علي اطراف الجزء المدرك من الكون‏(‏ علي بعد عشره مليارات من السنين الضوئيه‏),‏ واثبتت انها حاله دخانيه معتمه سادت الكون قبل خلق السماوات والارض‏,‏ وقد سبق القران الكريم جميع المعارف الانسانيه بوصف تلك الحاله الدخانيه منذ اكثر من الف واربعمائه سنه بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏

    ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين
    ‏(‏ فصلت‏:11)‏
    وكان في اكتشاف هذا الدخان الكوني ما يدعم نظريه الانفجار الكوني العظيم‏.‏

    ‏(4)‏ عمليه الاندماج النووي وتاصل العناصر‏:‏



    فتق الرتق الاول ثم طيه ثم فتق الثاني كي تبدل الارض غير الارض والسماوات
    تتم عمليه الاندماج النووي في داخل الشمس وفي داخل جميع نجوم السماء بين نوي ذرات الايدروجين لتكوين نوي ذرات اثقل بالتدريج وتنطلق الطاقه‏,‏ وقد ادت هذه الملاحظه الي الاستنتاج الصحيح بتاصيل العناصر بمعني ان جميع العناصر المعروفه لنا والتي يبلغ عددها اكثر من مائه عنصر قد تخلقت كلها في الاصل من غاز الايدروجين بعمليه الاندماج النووي‏,‏ فاذا تحول لب النجم المستعر الي حديد انفجر النجم وتناثرت اشلاوه في صفحه السماء حيث يمكن لنوي الحديد تلقي اللبنات الاساسيه للماده من صفحه السماء فتتخلق العناصر الاعلي في وزنها الذري من الحديد‏.‏
    وقد جمعت هذه الملاحظات الدقيقه بين فيزياء الجسيمات الاوليه للماده وعلم الكون‏,‏ وايدت نظريه الانفجار العظيم التي بدات بتخلق الماده واضدادها مع اتساع الكون‏,‏ وتخلق كل من المكان والزمان‏,‏ ثم تخلق نويات كل من الايدروجين والهيليوم والليثيوم‏,‏ ثم تخلق بقيه العناصر المعروفه لنا‏,‏ ولذا يعتقد الفلكيون في ان تخلق تلك العناصر قد تم علي مرحلتين‏,‏ نتج في المرحله الاولي منهما العناصر الخفيفه‏,‏ وفي المرحله الثانيه العناصر الثقيله‏,‏ والتدرج في تخليق العناصر المختلفه بعمليه الاندماج النووي في داخل النجوم او اثناء انفجارها علي هيئه فوق المستعرات هو صوره مبسطه لعمليه الخلق الاول يدعم نظريه الانفجار العظيم ويعين الانسان علي فهم الياتها‏,‏ والحسابات النظريه لتخليق العناصر بعمليه الاندماج النووي تدعمها التجارب المختبريه علي معدلات تفاعل الجسيمات الاوليه للماده مع نوي بعض العناصر‏,‏ وقد بدا هذه الحسابات هانز بيته‏
    (HansBethe)‏
    في الثلاثينات من القرن العشرين‏,‏ واتمها وليام فاولر
    ‏(WilliamFowler)‏
    الذي منح جائزه نوبل في الفيزياء مشاركه مع اخرين في سنه‏1983‏ تقديرا لجهوده في شرح عمليه الاندماج النووي‏,‏ ودورها في تخليق العناصر المعروفه‏,‏ ومن ثم المناداه بتاصل العناصر‏,‏ وهي صوره مصغره لعمليه الخلق الاول‏.‏

    ‏(5)‏ التوزيع الحالي للعناصر المعروفه في الجزء المدرك من الكون‏:‏
    تشير الدراسات الحديثه عن توزيع العناصر المعروفه في الجزء المدرك من الكون الي ان غاز الايدروجين يكون اكثر قليلا من‏74%‏ من مادته‏,‏ ويليه في الكثره غاز الهيليوم الذي يكون حوالي‏24%‏ من تلك الماده‏,‏ ومعني ذلك ان اخف عنصرين معروفين لنا يكونان معا اكثر من‏98%‏ من ماده الكون المنظور‏,‏ وان باقي‏105‏ من العناصر المعروفه لنا يكون اقل من‏2%,‏ مما يشير الي تاصل العناصر‏,‏ ويدعم نظريه الانفجار العظيم‏,‏ لان معظم النماذج المقترحه لتلك النظريه تعطي حوالي‏75%‏ من التركيب الكيميائي لسحابه الدخان الناتجه من ذلك الانفجار غاز الايدروجين‏,25%‏ من تركيبه غاز الهيليوم‏,‏ وهي ارقام قريبه جدا من التركيب الكيميائي الحالي للكون المدرك‏,‏ كما لخصها عدد من العلماء من مثل‏:‏
    ‏Alpher,Gamow,Wagonar,Fowler
    ,Hoyle,Schramm,
    Olive,Walker,Steigman,Rang,etc.‏

    هذه الشواهد وغيرها دعمت نظريه الانفجار الكوني العظيم وجعلتها اكثر النظريات المفسره لنشاه الكون قبولا في الاوساط العلميه اليوم‏,‏ ونحن المسلمين نرقي بهذه النظريه الي مقام الحقيقه الكونيه لورود مايدعمها في كتاب الله الذي انزل من قبل الف واربعمائه من السنين يخبرنا بقول الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
    او لم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يومنون‏(‏ الانبياء‏:30)‏

    وهذه الايه القرانيه الكريمه التي جاءت بصيغه الاستفهام التوبيخي للكافرين والمشركين والملاحده تشد انتباههم الي قدره الله التامه‏,‏ وسلطانه العظيم اللذين يتضحان من ابداعه في خلقه‏,‏ ومن صور ذلك الابداع خلق السماوات والارض من جرم ابتدائي واحد سماه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ باسم مرحله الرتق‏,‏ والرتق في اللغه الضم والالتئام والالتحام‏,‏ وهو ضد الفتق‏(‏ يقال رتقت الشيء فارتتق اي التام والتحم‏),‏ ثم امر الله‏(‏ تعالي‏)‏ بفتق هذا الجرم الابتدائي فانفتق وهي مرحله يسميها القران الكريم باسم مرحله الفتق‏,‏ وتحول الي سحابه من الدخان‏(‏ مرحله الدخان‏)‏ الذي خلق منه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ كلا من الارض والسماء‏,‏ وماينتشر بينهما من مختلف صور الماده والطاقه مما نعلم ومالا نعلم‏,‏ ثم ياتي العلم المكتسب في منتصف القرن العشرين ليكتشف شيئا من معالم تلك الحقيقه الكونيه‏,‏ ويظل يجاهد في اثباتها حتي يتمكن من شيء من ذلك بنهايات القرن العشرين‏,‏ حيث نادي بحتميه انعكاس تلك النظريه تحت مسمي نظريه الانسحاق الكبير‏,‏ ويبقي هذا السبق القراني بالاشاره الي الفتق بعد الرتق‏,‏ او مايسميه علماء الفلك بالانفجار العظيم‏,‏ وما ادي اليه من تحول الجرم الابتدائي الي سحابه دخانيه خلقت منها الارض والسماوات‏,‏ والي توسع الكون الي عصرنا الراهن والي ان يشاء الله‏,‏ ثم طي ذلك كله مره اخري الي جرم واحد وانفجاره وتحوله الي دخان وخلق ارض غير الارض وسماوات غير السماوات‏,‏ يبقي ذلك كله من اعظم الشهادات علي ان القران الكريم هو كلام الله الخالق‏,‏ وعلي ان هذا النبي الخاتم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ كان موصولا بالوحي ومعلما من قبل خالق السماوات والارض‏.‏

    ماذا بعد اتساع الكون؟
    ادت الملاحظات العلميه الدقيقه عن توسع الكون‏,‏ واكتشاف اشباه النجوم
    ‏(Quasars),‏
    كما ادي اكتشاف الخلفيه الاشعاعيه للكون المدرك‏,‏ وتصوير الدخان الكوني علي اطراف هذا الجزء المدرك من الكون‏,‏ واستنتاج عمليه الاندماج النووي وتخلق العناصر من غاز الايدروجين في داخل الشمس‏,‏ وفي داخل غيرها من النجوم‏,‏ والتوزيع الحالي للعناصر المعروفه في الجزء المدرك من الكون ادي ذلك كله الي دعم نظريتي الانفجار الكوني العظيم‏,‏ والانسحاق الكوني الكبير والي دحض غيرهما من النظريات وفي مقدمتها نظريه الكون الثابت والتي نادي بها كل من هيرمان بوندي
    ‏(HermannBondi),‏
    وتوماس جولد
    ‏(ThomasGold),‏
    وفريد هويل‏
    .(FredHoyle)‏
    في الاربعينات من القرن العشرين‏,‏ والتي طرحت انطلاقا من الاعتقاد الخاطيء بازليه الكون والذي ساد الغرب طوال النصف الاول من القرن العشرين‏,‏ واستمر معه الي اليوم علي الرغم من دحض المعطيات الكليه للعلوم لتلك الفريه الكبيره‏..!!!‏
    ونحن كمسلمين نرتقي بنظريتي الانفجار الكوني الكبير والانسحاق الكوني الشديد الي مقام الحقيقه لوجود اشاره لهما في كتاب الله‏,‏ علي الرغم من وجود بعض المعارضين‏,‏ والرافضين لقبول كلتا النظريتين من الغربيين انفسهم‏,‏ وحتي الذين اقتنعوا بالنظريتين ودافعوا عنهما انقسموا حيالهما الي مجموعات في غيبه اتباعهم للهدايه الربانيه في امر مستقبلي من امور الغيب‏,‏ ومقدره العلوم المكتسبه علي التنبو بالامور المستقبليه محدوده جدا‏.‏

    الاحتمالات المتوقعه لعمليه توسع الكون‏:‏
    ‏(1)‏ الاحتمال الاول‏:‏ ويقترح فيه علماء الفلك والفيزياء الفلكيه ان يستمر الكون في التمدد والتوسع الي مالا نهايه‏(‏ هروبا من الاعتراف بالخلق وبالاخره‏),‏ وذلك بافتراض استمرار قوه الدفع الي الخارج بمعدلات اقوي من قوي الجاذبيه التي تشدالكون الي الداخل في اتجاه مركزه‏,‏ وهذا افتراض خاطيء تماما في ضوء الملاحظات الراهنه علي الجزء المدرك من الكون‏,‏ ومن ابسطها ان استمرار تمدد الكون واتساعه يودي الي خفض درجه حرارته بالتدريج حتي تنطفيء جذوه نجومه بانفجارها‏,‏ او بتحولها الي اجسام بارده كالكواكب‏,‏ او الي ثقوب سود تبتلع كل مايدخل في دائره جذبها من مختلف صور الماده والطاقه‏,‏ ومن هنا كان تمدد الكون الي مالانهايه‏(‏ وهو مايسمي بنموذج الكون المفتوح‏)‏ امرا مستبعدا في ضوء ماتفقده النجوم عن طريق اشعاعها من طاقه‏,‏ والطاقه والماده امران متكافئان‏,‏ واستمرار فقدان النجوم من طاقتها ينفي امكانيه استمرار الكون في الاتساع الي مالا نهايه‏.‏
    فشمسنا علي سبيل المثال تفقد في كل ثانيه من عمرها من الطاقه مايقدر بحوالي‏4,6‏ مليون طن من الماده‏,‏ وبافتراض استمرار الكون في التمدد سوف يستمر انتقال الطاقه من الاجسام الحاره كالنجوم الي الاجسام البارده كالكواكب والكويكبات‏,‏ والاقمار والمذنبات حتي تاتي علي الكون لحظه تتساوي فيها درجه حراره جميع الاجسام فيه فيتوقف الكون عن التمدد ان لم يكن عن امكانيه الوجود‏,‏ فالاستمرار في توسع الكون مرتبط بالقوه الدافعه للمجرات الي التباعد عن بعضها البعض وهي القوه الناتجه عن عمليه الانفجار العظيم‏,‏ واذا كانت الحراره التي نتجت عن تلك العمليه والتي تقدرها الحسابات الرياضيه والفيزيائيه ببلايين البلايين من الدرجات المطلقه في لحظه الانفجار قد انخفضت اليوم الي اقل قليلا من ثلاث درجات مطلقه فلابد ان القوه الدافعه‏,‏ الي الخارج والموديه الي توسع الكون قد تناقصت بنفس المعدل‏,‏ خاصه ان الحسابات الرياضيه تشير الي ان معدلات التمدد عقب عمليه الانفجار العظيم مباشره كانت اعلي بكثير من معدلاتها الحاليه‏,‏ وهذا هو الذي دفع بفلكي مثل الان جوث
    ‏(AlanGuth)‏
    الي وضع نظريه الكون المتضخم
    ‏(TheInflationaryUniverse)‏
    التي تقرر انه في وقت مبكر جدا من تاريخ الكون كان نموه نموا اسيا فائق السرعه‏,‏ فائق التمدد‏,‏ وهذا ايضا هو الذي دفع بكل من روبرت دايك
    ‏(R.H.Dicke)‏
    وب‏.‏ج‏.‏ا‏.‏بيبلز
    ‏(P.J.E.Peebles)‏
    الي القول بان الارصاد الحاليه للكون توحي بان عصرنا الحالي اما ان يكون عصرا فريدا في التمدد عقب عمليه الانفجار الكبير‏,‏ او ان الشروط الاساسيه للتمدد يجب ان يتم تعديلها بشكل يحقق قدرا من التوافق مع هذه الارصاد التي تثير تساولا عما اذا كان الكون الان مفتوحا‏(‏ اي مستمرا في التمدد الي مالا نهايه‏)‏ او مغلقا‏(‏ اي سوف يتمدد الي اجل محدد ثم يبدا في التكدس علي ذاته‏)‏ او مستويا بمعني انتفاء تحدب الكون‏,‏ وقد اشارت اليه كل الحسابات الرياضيه كالتي قام بها اليكساندر فريدمان
    ‏(AlexanderFreidmann),‏
    والبرت اينشتاين
    ‏(AlbertEinstein)‏
    وغيرهما من الفيزيائيين النظريين والفلكيين‏.‏

    والاستمرار في توسع الكون مرتبط بالقوه الدافعه بالمجرات للتباعد عن بعضها بعضا وهي مايعبر عنها احيانا بسرعه الافلات من قوي الجاذبيه
    ‏(EscapeVelocity),‏
    ولكل جرم سماوي مهما كانت كتلته سرعه افلات محدده من قوه جاذبيته‏,‏ فسرعه الافلات من جاذبيه الارض تقدر بحوالي‏11‏ ‏22‏ كيلومترا في الثانيه‏,‏ بمعني انه اذا اطلق صاروخ من الارض بهذه السرعه او باعلي منها فانه يستطيع التغلب علي الجاذبيه الارضيه‏,‏ ولكن هل سرعه توسع الكون الحاليه تبلغ سرعه الافلات من الجاذبيه الكونيه حتي يستمر في التوسع؟
    يعتقد المشتغلون بكل من علمي الكون والفيزياء النظريه ان الامر مرتبط بكثافه الكون‏,‏ فان كانت كثافته في حدود مايعرف بالكثافه الحرجه
    ‏(CriticalDensity)‏
    فمعني ذلك ان قوه الجاذبيه الكونيه تكفي لايقاف توسع الكون في المستقبل الذي لايمكن لاحد ان يعلمه الا الله‏,‏ اما اذا كانت كثافه الكون اقل من الكثافه الحرجه فمعني ذلك ان الكون سيبقي متوسعا الي مالا نهايه‏,‏ وهذا مالايمكن اثباته لان الانسان في زمن تفجر المعارف العلميه الذي نعيشه لايدرك اكثر من‏10%‏ من ماده الكون المنظور‏,‏ فاني له ان يصل الي معرفه كثافه هذا الجزء من الكون المليء بصور الماده غير المرئيه من مثل الثقوب السود‏,‏ والماده الداكنه‏,‏ وجسيمات النيوترينو
    ‏(Neutrino)‏
    وغيرها‏,‏ فضلا عن معرفه كثافه الكون غير المدرك؟ ولذلك يتحدث علماء الفلك عما يسمونه باسم الكتله المفقوده
    ‏(TheMissingMass)‏
    في الجزء المدرك من الكون‏,‏ والتي يعللون وجودها بان كميات الماده والطاقه المشاهده فيه اقل بكثير عن الكميه اللازمه لابقاء اجزائه متماسكه مع بعضها بعضا بفعل الجاذبيه‏,‏ بل يحتاج ذلك الي عشره اضعاف الكميه المدركه من الماده لكي يبقي الجزء المدرك من الكون في تماسك واتزان‏,‏ ومن هنا كان التقدير بان‏90%‏ من ماده الجزء المدرك من الكون غائبه عن ادراكنا‏.‏

    ‏(2)‏ الاحتمال الثاني‏:‏ ويقترح فيه علماء الكون نموذجا للكون المتذبذب
    ‏(TheOscillatingUniverse)‏
    بغير بدايه ولا نهايه هروبا من الاعتراف بالخلق وجحودا بالخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ ويبقي الكون في هذا النموذج متذبذبا بين التكدس والانفجار اي بين الانكماش والتمدد في دورات متتابعه ولكنها غير متشابهه الي مالا نهايه تبدا بمرحله التكدس علي الذات ثم الانفجار والتمدد ثم التكدس مره اخري وهكذا‏.‏
    واقترح ريتشارد تولمان
    ‏(RichardTolman)‏
    في سنه‏1934‏ م ان كل دوره من دورات تذبذب الكون لاتتشابه مع ماقبلها من الدورات بافتراض ان النجوم تنشر اشعاعها في الكون فتتزايد اعداد فوتونات الطاقه ببطء فياتي كل انفجار كوني اعلي حراره من سابقيه علي الرغم من التدمير الكامل الذي يعم الكون في كل مرحله‏,‏ وهو افتراض ساذج ينسي انطواء الكون علي ذاته بكل مافيه من مختلف صور الماده والطاقه والمكان والزمان‏,‏ وانغلاق ذلك كله في كل عمليه تكدس يمر بها الكون‏,‏ ولذلك لم يستطع هذا النموذج المقترح الصمود في ضوء معطيات علم الفلك الحديثه‏.‏

    ‏(3)‏ الاحتمال الثالث‏:‏ ويتوقع فيه العلماء تباطو سرعه توسع الكون مع الزمن وهي القوه الناتجه عن عمليه الانفجار العظيم‏,‏ فكما ان الحراره التي نتجت عن تلك العمليه والتي تقدر حسابيا ببلايين البلايين من الدرجات المطلقه لحظه الانفجار قد انخفضت اليوم الي اقل قليلا من الثلاث درجات مطلقه‏(‏ اي الي ‏270‏ درجه مئويه‏),‏ فلابد ان القوه الدافعه الي الخارج والموديه الي توسع الكون قد تناقصت بنفس المعدل‏,‏ خاصه ان الحسابات الرياضيه تشير الي ان معدلات التمدد الكوني عقب عمليه الانفجار العظيم مباشره كانت اعلي بكثير من معدلاتها الحاليه‏(‏ الكون المتضخم بسرعات فائقه‏).‏
    ومع تباطو سرعه توسع الكون تتفوق قوي الجاذبيه علي قوه الدفع بالمجرات للتباعد عن بعضها بعضا فتاخذ المجرات في الاندفاع الي مركز الكون بسرعات متزايده‏,‏ لامه مابينها من مختلف صور الماده والطاقه فيبدا الكون في الانكماش والتكدس علي ذاته‏,‏ ويطوي كل من المكان والزمان حتي تتلاشي كل الابعاد او تكاد‏,‏ وتتجمع كل صور الماده والطاقه المنتشره في ارجاء الكون حتي تتكدس في نقطه متناهيه في الضاله‏,‏ تكاد تصل الي الصفر او العدم‏,‏ ومتناهيه في الكثافه والحراره الي الحد الذي تتوقف عنده كل قوانين الفيزياء المعروفه‏,‏ اي يعود الكون الي حالته الاولي‏(‏ مرحله الرتق‏)‏ ويسمي هذا النموذج باسم نموذج الكون المنغلق
    ‏(TheClosedUniverse)‏
    وتسمي عمليه تجمع الكون بنظريه الانسحاق الكبير
    ‏(TheBigCrunchTheory),‏
    وهي معاكسه لعمليه الانفجار الكبير‏.‏ ونحن المسلمين نومن بتلك النظريه لقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ في محكم كتابه‏:‏
    يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدانا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين‏.‏
    ‏(‏الانبياء‏:104)‏

    ولايستطيع اي انسان كائنا من كان ان يتوقع شيئا وراء ذلك الغيب المستقبلي بغير بيان من الله الخالق‏,‏ والقران الكريم يخبرنا فيه بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
    يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار‏.(‏ ابراهيم‏:48)‏
    وبقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
    او لم يروا ان الله الذي خلق السماوات والارض قادر علي ان يخلق مثلهم وجعل لهم اجلا لا ريب فيه فابي الظالمون الا كفورا‏.(‏ الاسراء‏:99)‏

    ومعني هذه الايات الكريمه ان الله‏(‏ تعالي‏)‏ سوف يطوي صفحه الكون جامعا كل مافيها من مختلف صور الماده‏,‏ والطاقه‏,‏ والمكان والزمان‏,‏ علي هيئه جرم ابتدائي ثان‏(‏ رتق ثان‏)‏ شبيه تماما بالجرم الابتدائي الاول‏(‏ الرتق الاول‏)‏ الذي نشا عن انفجاره الكون الراهن‏,‏ وان هذا الجرم الثاني سوف ينفجر بامر من الله‏(‏ تعالي‏)‏ كما انفجر الجرم الاول‏,‏ وسوف يتحول الي سحابه من الدخان كما تحول الجرم الاول‏,‏ وسوف يخلق الله‏(‏ تعالي‏)‏ من هذا الدخان ارضا غير ارضنا الحاليه‏,‏ وسماوات غير السماوات التي تظلنا‏,‏ كما وعد‏(‏ سبحانه وتعالي‏),‏ وهنا تبدا الحياه الاخره ولها من السنن والقوانين مايغاير سنن الحياه الدنيا‏,‏ فهي خلود بلا موت‏,‏ والدنيا موت بعد حياه‏,‏ وسبحان القائل مخاطبا اهل الجنه‏:‏
    ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود‏(‏ ق‏:34)‏

    وصلي الله وسلم وبارك علي خاتم الانبياء والمرسلين الذي يروي عنه قوله‏:‏ والله مابعد الدنيا من دار الا الجنه او النار‏,‏ وانها لجنه ابدا او نار ابدا‏.‏
    ومن الامور المعجزه حقا ان يشير القران الكريم الذي انزل قبل الف واربعمائه من السنين الي اهم نظريتين في خلق الكون وافنائه وهما نظريتا الانفجار الكبير والانسحاق الكبير ونحن نرتقي بهاتين النظريتين الي مقام الحقيقه لمجرد ورود اشاره اليهما في كتاب الله الخالد الذي لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه‏.‏

    ومن المعجز ايضا ان ترد الايتان المشيرتان الي كلتا النظريتين في سوره واحده من سور القران الكريم وهي سوره الانبياء‏(‏ الايتان‏:30‏ و‏104).‏
    ومن المعجز حقا تلك الاشاره القرانيه المبهره باعاده خلق ارض غير الارض الحاليه‏,‏ وسماوات غير السماوات الحاليه‏,‏ وهو غيب لايمكن للانسان ان يصل اليه ابدا بغير هدايه ربانيه‏,‏ وهي الهدايه‏.‏ التي تحسم الجدل المحير في امر من امور الغيب المطلق‏,‏ حار فيه علماء العصر‏,‏ فسبحان الذي انزل القران بعلمه فقال مخاطبا خاتم انبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏

    لكن الله يشهد بما انزل اليك انزله بعلمه والملائكه يشهدون وكفي بالله شهيدا
    ‏(‏النساء‏:166).‏
    صفحة الأحاديث النبوية

    http://www.facebook.com/pages/الاحاد...01747446575326

صفحة 1 من 4 1 2 ... الأخيرةالأخيرة

من اسرار القران

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اسرار القران (138)
    بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 26-12-2009, 01:11 PM
  2. اسرار القران(137)
    بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 26-12-2009, 01:10 PM
  3. اسرار القران (136)
    بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 26-12-2009, 01:08 PM
  4. اسرار القران (135)
    بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 26-12-2009, 01:07 PM
  5. اسرار القران (119)
    بواسطة طالب عفو ربي في المنتدى منتديات الدكتور / زغلول النجار
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-12-2009, 10:48 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

من اسرار القران

من اسرار القران