بسم الله نحمده و نستعين به و نستغفره .
يقول النصارى و المنصرون أن الجنة و الوارد ذكرها في القرآن الكريم إنما هي جنة مادية لإشباع الشهوات المادية .. ومما يتشدقون به أن المسلم الفائز برضى الله و جنته، يتزوج من الحور العين .. ويزعمون أن هذا من شدة الشهوة الجنسية للمسلمين و أن محمداً صلى الله عليه و سلم و أتباعه إنما كان همهم القائم هو الفوز بالجنة لإشباع شهواتهم المادية و الجنسية.
كما يتفاخر هؤلاء النصارى بأن الفردوس و الجنة التي سيدخلهم المسيح إليها إنما هي نعيم روحي لا ماديات فيه .. فلا حور عين و لا إشباع للشهوات .. بل هو الحياة الأبدية التي يتكللها أكليل الروحيات و لا تكاد تخرج عنه.
كما ينظرون إلى موضوع تعدد الزوجات في الإسلام أنه دليل على غلبة الماديات و الجنس في ديننا الحنيف ..
ولكن!! ماذا عن يسوعهم؟ و بم يعهدهم؟
إليكم هذه الصدمة:
يقول كاتب إنجيل متى على لسان المسيح في العدد [19: 28]:
((الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: .. وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتاً أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَباً أَوْ أُمّاً أَوِ اَمْرَأَةً أَوْ أَوْلاَداً أَوْ حُقُولاً مِنْ أَجْلِ اَسْمِي يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ اَلْحَيَاةَ اَلأَبَدِيَّةَ.))
أما مرقس فقال [10: 28]:
((الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتاً أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَباً أَوْ أُمّاً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَداً أَوْ حُقُولاً لأَجْلِي وَلأَجْلِ الإِنْجِيلِ إِلاَّ وَيَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هَذَا الزَّمَانِ بُيُوتاً وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَأَوْلاَداً وَحُقُولاً مَعَ اضْطِهَادَاتٍ وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ))
و نجد لوقا يقول [18: 28]:
((لْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:إِنْ لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتاً أَوْ وَالِدَيْنِ أَوْ إِخْوَةً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَداً مِنْ أَجْلِ مَلَكُوتِ اللهِ إلاَّ وَيَأْخُذُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ))
و بالمقارنة نجد أن
1- مرقس و متّى قالا: ((أخوة و أخوات)) بينما لوقا اختصرهما إلى ((أخوة)) فقط .
2- متّى و مرقص قالا يأخذ مائة ضعف، بينما لوقا ارتأى ألا يحدد العدد فقال ((أضعاف العدد)).
3- قال مرقس و لوقا : ((في هذا الزمان))، و متّى لم يذكر ذلك، كما قالا ((في الدهر الآتي )) و لم يذكر متّى أيضاً ذلك.
4- متّى قال : ((لأجل إسمي)) بينما مرقس قال ((لأجلي و لأجل الأناجيل))، بينما لوقا قال ((لأجل ملكوت السماوات)).
5- قال متّى و مرقس ((أباً و أماً))، أما لوقا فاستعاض عن ذلك بـ((الوالدين))
ولكن ماذا عن يوحنا؟ للأسف لم ينزل عليه الوحي بهذه الرواية إطلاقاً!!
نرى هنا رواية واحدة و ثلاث رواة مختلفين في التفاصيل .. ولكن ليس هذا مربط الجمل. فبجمع الروايات الثلاث نجد أن المسيح أخبرهم أنه من يضحي بشيء في سبيله و في سبيل نشر رسالته فإنه سيكافئه بمئة ضعف من نفس جنس التضحية إما في هذه الحياة أو في الحياة الأبدية. و مما اتفق عليه كتبة الأناجيل الثلاثة أمرٌ مدهش.. وهو :
و كل من ترك .. امرأةً.. يأخذه مائة ضعف (أو أضعاف كثيرة).
و كنتيجة لجمع النصوص الثلاثة يتركنا كتبة الأناجيل مع أحد احتمالين :
1- أن ينال الجزاء في هذا الزمان: أي في هذه الحياة - الحياة الدنيا الفانية.. و لكن! ماذا يعمل التلاميذ بمائة امرأة (أو أضعاف لها) في ذلك الزمان بينما الكنائس التي جاءت بعدهم لم تسمح إلا بزوجة واحدة؟ ثم أن جميعنا يعلم أن التلاميذ ماتوا و لم يأخذ أي منهم أضعاف أو مائة ضعف!
فإن صحت هذه الرواية فإن ذلك ينسف زعم الكنيسة بتحريم تعدد الزوجات بأن وعد يسوع في هذه الدنيا من يتخلى عن امرأة من أجله فإنه سيكافئه بمئة امرأة.. و نحن نتحدى جميع النصارى أن يأتوا بنص واحد يشير فيه يسوع بحرمانية تعدد الزوجات.. بل إن ذلك كان من التنازلات التي قدمتها الكنيسة للإمبراطور الوثني قستنطين حتى تنال دعمه و تأييده.
2- أن ينال الجزاء في الحياة الأبدية (لعدم ذكر متّى موعد الجزاء و عدم نيل التلاميذ هذا الجزاء في ذلك الزمان): إن صحت هذه الرواية فإنه عدد ينسف زعم النصارى بأن الحياة الأبدية إنما هي حياة ملؤها الروحانيات ولا مكان للماديات و الجنس فيها .. فها هو يسوع يعدهم بمئة امرأة و مئة حقل و مئة ولد و مئة والد ووالدة و مئة بيت و مئة أخ (أو أضعافاً منه) لكل من يتخلى عن واحد مما ذكرنا في سبيل يسوع. فأين الروحانيات في ذلك ؟ وماذا تراهم سيفعلون بمئة امرأة (أو أضعافاً لها) في الحياة الأبدية التي لا تتعدى كونها حياة ملؤها الروحانيات؟ ألا ينسف ذلك زعمهم بانحصار الحياة الأبدية على الروحانيات؟
و عجبي!!
---------------------
الفكرة مقتبسة عن كتاب: إنزعوا قناع بولس عن وجه المسيح - بتصرف
الأعداد عن ترجمة فاندياك
المفضلات