المبحث السادس (6-3-4) :-من كانوا تحت الناموس وعرفوه وكذلك من تم وصفهم بالأبناء قبل ارسال المسيح عليه الصلاة والسلام هم بنى اسرائيل
عندما نقرأ هذا النص من رسالة غلاطية ونحلله نتأكد أن كاتب الرسالة كان يوجه حديثه الى بنى اسرائيل
فنقرأ :-
4 :3 هكذا (( نحن ايضا )) لما كنا قاصرين (( كنا مستعبدين تحت اركان العالم ))
4 :4 و لكن لما جاء ملء الزمان ارسل الله ابنه مولودا من امراة مولودا تحت الناموس
4 :5 (( ليفتدي الذين تحت الناموس )) لننال التبني
4 :6 (( ثم بما انكم ابناء ارسل الله )) روح ابنه الى قلوبكم صارخا يا ابا الاب
4 :7 اذا لست بعد عبدا بل ابنا و ان كنت ابنا فوارث لله بالمسيح
4 :8 لكن حينئذ (( اذ كنتم لا تعرفون الله استعبدتم للذين ليسوا بالطبيعة الهة ))
4 :9 و اما الان اذ عرفتم الله بل بالحري عرفتم من الله (( فكيف ترجعون ايضا الى الاركان الضعيفة الفقيرة التي تريدون ان تستعبدوا لها من جديد ))
4 :10 (( اتحفظون اياما و شهورا و اوقاتا و سنين ))
4 :11 اخاف عليكم ان اكون قد تعبت فيكم عبثا
معنى قوله لهم :-
(ترجعون) أي أنهم كانوا يعرفون الناموس من قبل وهذا يعنى أنه يتكلم مع بنى اسرائيل الذين يعرفون الناموس واتبعه أجدادهم وليس الأمم :-
كلمة ترجعون فى العدد (4 :9)
هي فى النص اليوناني كلمتين هما :- (تعودون مرة أخرى )
(ἐπιστρέφετε πάλιν)
وهو يتعجب كيف يعودون الى الأركان الضعيفة ويحفظون أياما وشهورا وسنين ويقصد أعياد اليهود
فنقرأ من تفسير القس أنطونيوس فكرى :-
( يتكلم هنا عن مواسم الفصح والأصوام اليهودية، والسنين كسنة اليوبيل.)
انتهى
اذا من (يعود مرة أخرى ) لحفظ أعياد اليهود هم اليهود ، فالأمم الوثنية لم تكن تحفظ أعياد اليهود ولا الناموس
باختصار الكاتب يقول :-
نحن =أي (هو ومن يحدثهم )
أي بنى اسرائيل فالأكيد هو لن يضع نفسه مع الأمم
عندما كنا قاصرين كنا مستعبدين تحت أركان العالم = يقصد عندما فسد بنى اسرائيل ولم يطبقوا الناموس كاملا تم سبيهم وتشتتهم فى مختلف البلاد
فنقرأ من سفر المكابيين الأول عن سبى اليونانيين لبنى اسرائيل :-
1: 34 و سبوا النساء والاولاد واستولوا على المواشي
ونقرأ :-
8: 18 و يرفعا عنهم النير لانهم راوا (( ان دولة اليونان قد استعبدت اسرائيل استعبادا ))
وكذلك سنجد نفس المعنى فى :-
(مكابيين الأول 1: 39 الى 1: 42 ، 2: 9 الى 2: 11 ، 5: 9 الى 5: 13 ، 15: 40 ) ، (مكابيين الثاني 8: 10 )
وكان بنى اسرائيل يعرفون أن ما يحدث لهم هو لتأديبهم بسبب فسادهم
فنقرأ من سفر المكابيين الثاني :-
6: 12 و اني لارجو من مطالعي هذا الكتاب ان لا يستوحشوا من هذه الضربات (( وان يحسبوا هذه النقم ليست للهلاك بل لتاديب امتنا ))
6: 13 فانه اذا لم يهمل الكفرة زمنا طويلا بل عجل عليهم بالعقاب فذلك دليل على رحمة عظيمة
6: 14 لان الرب لا يمهل عقابنا بالاناة الى ان يستوفى كيل الاثام كما يفعل مع سائر الامم
6: 15 (( فقد قضى فينا بذلك لئلا تبلغ اثامنا غايتها وينتقم منا اخيرا ))
وأيضا :-
7: 32 (( فنحن انما نعاقب على خطايانا ))
7: 33 و ربنا الحي وان سخط علينا حينا يسيرا لتوبيخنا وتاديبنا سيتوب على عبيده من بعد
واستمر تشريد بنى اسرائيل وسبيهم فى البلاد بعد احتلال الرومان لفلسطين
والأكيد أنه هنا لا يقصد الأمم أنهم كانوا مستعبدين للعالم أي للأمم أيضا
ليفتدى الذى تحت الناموس =أي بنى اسرائيل بدليل أن العدد الذى يسبقه قال أن المسيح مولود من امرأة مولود تحت الناموس
ثم بما أنكم أبناء ارسل = يكلم بنى اسرائيل فى الشتات و يصفهم أنهم أبناء الله
والأكيد أنه لا يقصد أن الأمم كانوا أبناء لأنه يصفهم بهذا الوصف قبل ايمانهم أي أنهم أبناء حتى من قبل أن يرسل الله عز وجل المسيح
وهذا يعنى أنه لا يتحدث عن الأمم ولكن عن بنى اسرائيل الذين كانوا يقولون على أنفسهم أنهم أبناء الله
وهو بذلك يشير الى سفر هوشع :-
1 :10 لكن يكون عدد بني اسرائيل كرمل البحر الذي لا يكال و لا يعد و يكون عوضا عن ان يقال لهم لستم شعبي يقال لهم ابناء الله الحي
1 :11 و يجمع بنو يهوذا و بنو اسرائيل معا و يجعلون لانفسهم راسا واحدا و يصعدون من الارض لان يوم يزرعيل عظيم
ثم يقول :-
عندما كنتم لا تعرفون الله استعبدتم للذين ليسوا بالطبيعة آلهة = هو هنا يتحدث عن بنى اسرائيل
ويعتبر تلك الفترة عدم معرفة بالله حيث كانوا مستعبدين للكهنة بالأفكار والتعاليم (الذين هم ليسوا بالطبيعة آلهة)
والدليل على ذلك من رسالة كورنثوس الثانية :-
11 :20 لانكم تحتملون ان كان احد يستعبدكم ان كان احد ياكلكم ان كان احد ياخذكم ان كان احد يرتفع ان كان احد يضربكم على وجوهكم
11 :21 على سبيل الهوان اقول كيف اننا كنا ضعفاء و لكن الذي يجترئ فيه احد اقول في غباوة انا ايضا اجترئ فيه
11 :22 اهم عبرانيون فانا ايضا اهم اسرائليون فانا ايضا اهم نسل ابراهيم فانا ايضا
فى تلك الرسالة يشير الى معلمين من بنى اسرائيل استعبدوهم بتعاليمهم وأفكارهم
اذا فالعبودية عند كاتب الرسالة هو عبودية الأفكار والتعاليم
وهؤلاء بالطبع ليسوا آلهة ولكنهم بشر
والدليل الثاني:-
هو قوله بعد ذلك (كيف ترجعون الى الأركان الضعيفة )
فكيف ترجعون ايضا الى الاركان الضعيفة الفقيرة التي تريدون ان تستعبدوا لها من جديد =
فى الأصل كاتب الرسالة كان يتحدث عن وجوب الغاء الناموس وكان يصفهم بالأغبياء لأنهم عادوا للناموس (غلاطية 3 :1 الى 3 :12) أي أن الأركان الضعيفة التي يتحدث عنها هو الناموس (لأن هذا هو سبب رسالته)
والدليل أنه يتكلم عن الناموس وليس شئ أخر وكان يقصد به الأركان الضعيفة هو استكمال حديثه وقوله :-
4 :21 قولوا لي انتم الذين تريدون ان تكونوا تحت الناموس الستم تسمعون الناموس
وأيضا هذا النص :-
5 :2 ها انا بولس اقول لكم انه (( ان اختتنتم لا ينفعكم المسيح شيئا ))
اذا محور الرسالة هو الناموس والختان فهو يريدهم ألا يعودوا اليه
( ملحوظة :-
عندما قال كاتب الرسالة -
3 :28 ليس يهودي و لا يوناني ليس عبد و لا حر ليس ذكر و انثى لانكم جميعا واحد في المسيح يسوع
كان يقصد فئتان من بنى اسرائيل وهما المتمسكين بالشريعة والمرتدين عنها الذين تشبهوا باليونانيين الحقيقيين ، لأنه فى الأصل يوجه رسالته الى بنى اسرائيل
وعندما قال :-
3 :29 فان كنتم للمسيح فانتم اذا نسل ابراهيم و حسب الموعد ورثة
أي أن من آمن بالمسيح عليه الصلاة والسلام من بنى اسرائيل فهم من نسل سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام ولهم الميراث أما من رفضه منهم فلا يستحق الميراث
بدليل :-
المفضلات