[FONT=Times New Roman]ولنناقش معاني أخرى لكلمة وزر كما جاءت في آيات قرآنية أخرى، ولنكتب كل استعمال على كارت خاص:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]سورة فاطر 35:16 و18 (والآيتان من العهد المكي الأول) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ,,, وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]سورة النجم 53:36-41 (وهي أيضاً من العهد المكي الأول) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ الذِي وَفَّى أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الجَزَاءَ الأَوْفَى .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]سورة طه 20:100-102 (وهي من العهد المكي الوسيط) مَنْ أعَرْضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ القِيَامَةِ وِزْراً خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ حِمْلاً يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]سورة الأنعام 6:31 (وهي من العهد المكي المتأخر) قَدْ خَسِرَ الذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]سورة الأنعام 6:164 (من العهد المكي المتأخر) وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]سورة الزُّمَر 39:7 (من العهد المكي المتأخر) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]سورة النحل 16:25 (من العهد المكي المتأخر) لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ.[/FONT]
[FONT=Times
New Roman]سورة الإسراء 17:13-15 (من السنة الأولى للهجرة) وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً اِقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ اليَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]فإذا قارنا هذه الآيات اتَّضح لنا أن كلمة وزر تُستعمَل لنوعٍ آخر من الأحمال. فإذا رفضت رسالة الله وقع على كاهلك حمل. وإذا كفرت سيكون هناك يومُ حسابٍ تنوء تحته بالحِمْل. ويحمل كل إنسان حمل نفسه يراه مكتوباً في كتاب يقرأه بنفسه، ويحمله على ظهره، كما أن الله يعلم بذات الصدور (أي القلوب). ومن كل هذه الأفكار يتضح لنا أن الوزر يعني الخطأ.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]فإذا قمت بدراسة هذه الآيات يتضح لك أن قبيلة قريش في شبه الجزيرة العربية كانت تستخدم كلمة وزر لتعني حِملاً ثقيلاً جسدياً أو نفسياً. كما أنهم استعملوها للخطية أو الكفر.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]وإذا درست كلمة وزر في معجم اللغة العربية المعاصرة تأليف هانزير (2) ستجده يقول إن معناها: حمل ثقيل. ثِقل مرهق. خطية. جريمة. مسئولية.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]وهكذا تجد أن معنى كلمة وزر ليس فقط مسئولية ولكنه أيضاً خطية وحمل ثقيل.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]أما إذا درست وزر في قاموس فقهي فستجد المزيد من المعاني: فالخاطئ لا يقدر أن يساعد خاطئاً آخر، مهما كان قريباً له. وكل خاطئ سيجد عقابه مسجلاً في كتاب. وإذا أضللت أحداً نالك عقابٌ مضاعف. ولكن لا يوجد في هذه الآيات ما يؤكد أن من لا وزر له يقدر أن يشفع في المخطئ.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]اللغة دائمة التغيُّر[/FONT]
[FONT=Times New Roman]أكّد عالِم اللغة السويسري فرديناند دي ساسير (ويُعتبَر أب علماء اللغويات) في محاضرات له عامي 1910 و1911 هذه الحقيقة بقوله لتلاميذه: [/FONT]
[FONT=Times New Roman]تنحلّ اللغة أو بالحري تتطور تحت تأثير عوامل تطول الصوت والمعنى. ولا مفرّ من هذا التطور، ولا توجد لغة تقاوم هذا. ونقدر أن نرى هذا التغيير واضحاً بمرور الزمن (3).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]ويكرر عالِم اللغة الفرنسي أندريه مارتينيه الفكرة نفسها في كتابه مبادئ عامة في علم اللغة (نُشر عام 1964) فيقول:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]نلاحظ أن اللغات تتغيّر باستمرار دون أن تتوقف عن أداء وظيفتها. وكل لغة ندرسها نجدها في حالة تحوُّل (حتى في وقت دراستها). ويصدق هذا على كل لغة في كل وقت .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]ويوضح د. لويس سولومون أستاذ اللغة الإنكليزية في كلية بروكلين في كتابه علم دلالات الألفاظ والفطرة السليمة أنه بسبب هذا التغيير المستمر توجد طريقة واحدة لمعرفة معنى أي كلمة، فيقول:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]المعنى المعتَرَف به لأية كلمة في زمن معيَّن هو المعنى الذي استخدمه لها من استعملوها في ذلك الزمن (4).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]وبإيجاز نقول: يتغير معنى بعض الكلمات بمرور الزمن، بينما يبقى معنى البعض الآخر بدون تغيير. واليوم إذا عرَّفنا كلمة قد نحتفظ بمعناها القديم، وقد نعطيها معنى جديداً. واستعمالنا وحده هو الذي يحدد المعنى القديم أو يعطي المعنى الجديد.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]الاشتقاق الخاطئ في الدراسات المعنيَّة بأصل اللغة وتاريخها[/FONT]
[FONT=Times New Roman]قال الدكتور سولومون:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]الاشتقاق الخاطئ في دراسة أصل اللغة وتاريخها هو الذي ينادي بأن المعنى القديم للكلمة هو وحده المعنى الصحيح، والذي ينادي بأن المعاني المتأخرة فسادٌ يجب استئصاله بأول فرصة ممكنة .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]وعليه فإننا يجب أن نجد معنى الكلمة في استخدام الناس لها، لأننا نخدع أنفسنا لو حاولنا تعريف الكلمة بالرجوع إلى الأصل القديم، فهذا الرجوع للقديم لا يعطينا المعنى المعاصر، كما أن المعنى الحديث لا يعطينا المعنى القديم. فإذا وردت كلمة مرة واحدة في وثيقة واحدة أو على لوح فخاري واحد يعود تاريخه إلى 500 سنة مضت، فإن المعاني القديمة (أو الحديثة) للكلمة قد تساعدنا في تخمين معنى تلك الكلمة، ولكنه لا يؤكد ذلك. ويجب أن نفحص استعمالات كلمة ما لنعرف ما قصده بها المسيحيون في القرن المسيحي الأول، أو ما قصده المسلمون بها في القرن الهجري الأول.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]ولكن د. بوكاي لا يتفق مع هؤلاء المتخصصين في علم اللغة، فيقول في أحد كتبه (5):[/FONT]
[FONT=Times New Roman]هناك قانون عام برهن صحّته الكاملة بالنسبة للمعارف الحديثة: فالمعنى الأصلي لكلمة ما، المعنى القديم، هو الذي يعطي بوضوح كامل ما يتفق مع المعارف العلمية، بينما المعاني المشتقَّة تقود لمعاني خاطئة أو باطلة .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]غير أن قانون د. بوكاي هذا يؤدي بنا إلى الباطل! ولنعطِ مثلاً من كلمة طائر . فقد جاء في سورة الإسراء 17:13 (وترجع للسنة الأولى للهجرة) وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ (أي ما كُتب عليه) فِي عُنُقِهِ. ولكن المعنى الأصلي القديم لكلمة طائر هو ذو الجناح. وكان العرب والرومان يحاولون معرفة المستقبل من اتجاه طيران الطيور، كفأل حسن أو سيء.فإذا استخدمنا قانون د. بوكاي لصار معنى آية الإسراء 17:13: ربط الله ذا جناح كل إنسان في عنقه! وهذا يفسد معنى الآية (إبراهيم عوض: بل أنت الذى تفسد الأمور يا دكتور كامبل. ذلك أن استخدام كلمة "طائر" بمعنى "مسؤولية الإنسان عن عمله والجزاء الذى يقع عليه من جرائه" هو أيضا من المعانى القديمة لتلك الكلمة، وإلا ما وجدناها فى القرآن بذلك المعنى. أم تراك تقصد بالمعنى القديم المعنى المادى فقط؟ فهذه غلطة أخرى من غلطات الدكتور كامبل).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]وكمثَلٍ آخر لفساد قانون د. بوكاي نقدم اسم طائر الرَّخَم وهو نوع من الطيور يحتفظ بزوج واحد مدى الحياة، وجاء ذكره في سفر التثنية 14:17. وبالرجوع إلى جذر الكلمة في اللغة العبرية نجد أنه يعني رحمة ومن المرعب أن نترجم آية سفر التثنية أن الرحمة تطير في الجو لترى جثةً تنهشها! ولكن ربط المعنى القديم بكل كلمة يؤدي إلى الخلط بين الطائر والرحمة! وهكذا لا يقدر أحد أن يقول إن المعنى الأصلي القديم للكلمة هو الذي يتفق مع المعارف العلمية.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]ونقدم مثالاً ثالثاً من كلمة كحول المأخوذة من جذر كلمة تعني كُحْل لتكحيل العيون، وقد أَخذت الكلمة عند الرومان بعد ذلك معنى النقاء. وعندما أُنتِج الكحول أول مرة بالتقطير كان نقياً، فأطلقوا عليه اسم كحول. والكحول والكحل من ذات الجذر. ومن الحماقة أن نتساءل: أي المعنيين يتفق مع المعارف العلمية![/FONT]
[FONT=Times New Roman]وأقتبس ما قاله عبد الله يوسف علي الذي ترجم القرآن للإنكليزية:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]لكل كاتب ومفكر جادّ الحق أن يستخدم كل معارفه وخبرته في خدمة القرآن، ولكن لا حقَّ له أن يخلط نظرياته واستنتاجاته، مهما كانت معقولة، ليفسّر النص الكامل كل الكمال. وتقوم صعوباتنا في تفسير النص إلى أسباب عدّة أذكر منها:[/FONT]
[FONT=Times New Roman](1) اكتسبت الكلمات العربية معاني أخرى غير التي فهمها الرسول وصحابته. وكل لغة حية تجوز في تغييرات. وقد أدرك المفسرون الأقدمون ذلك، ويجب علينا أن نقبل ما وصلوا إليه. وعندما يختلفون في ما بينهم، علينا أن نستخدم حسَّنا التمييزي والتاريخي لنتبنَّى التفسير الذي نرضاه. ولكن ليس لنا أن نبتكر معاني للألفاظ .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]وهذا يعني أننا يجب ألّا نخترع معانٍ جديدة للكلمات لأننا نواجه صعوبات في الفقرة التي ندرسها.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]أهمية القرينة[/FONT]
[FONT=Times New Roman]ذكرنا أن القرينة تساعدنا أن نفهم الكلمة من استعمالاتها. والآن ندرس أهمية القرينة في تحديد معنى كلمة أو عبارة أو جملة وردت في وثيقة.. رأينا أن الكلمة تحمل أحياناً أكثر من معنى، كما قلنا إن كلمة وزر تحمل معنى الخطأ، والثقل، والمسئولية. فإذا سألَنا أحدٌ عن الوزير في الوزارة فإننا لا نجد عندنا جواباً. هل نقول خطية الوزارة، أو ثقل الوزارة! هنا نحتاج لدراسة القرينة، لأنها تصحح لنا المعنى (إبراهيم عوض: كأن الدكتور كامبل يظن أن "وزير" معناها "الوِزْر". فإن كان الأمر كذلك فهو خطأ منه. والكلمة على أية حال لا تُوقِع فى هذا الخلط الذى يتوهمه). ويقول الأستاذ ساسير:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]اللغة نظام تتوقف فيه المصطلحات بعضها على بعض، فيكون المصطلح بلا قيمة بدون وجود المصطلح الآخر (6).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]ويقول الأستاذ سولومون:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]لا تُستعمَل الكلمات بمعزل عن بعضها، فكل كلمة تتأثر بقرينتها من كلمات تحيط بها في الجملة أو الفقرة أو الخطاب كله. فلنفهم استعمال كلمة عام 1787 يجب أن نلاحظ ما قصده بها مستخدموها عام 1787 (7).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]قدَّم د. داود رهبار في كتابه إله العدل عدة أمثلة لأهمية القرينة (8)، فقال إن سورة الصافات 37:96 تقول: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ وهذا يحتمل معنيين: (أ) الله خلقكم وما تقومون به، و (ب) الله خلقكم وما تصنعون. فكيف نميّز بينهما؟.. نحتاج للعودة للقرينة. فإذا رجعنا لآية 37:91-96 وجدنا المعلومات التالية:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]فَرَاغَ (أي مال إبرهيم بحيلة) إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ مَا لَكُمْ لاَ تَنْطِقُونَ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِاليَمِينِ فَأَقْبَلُوا (أهل المدينة) إِلَيْهِ يَزِفُّونَ قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ- تقومون به أو تصنعونه؟ توضح القرينة أن الله خلقهم وخلق أعمالهم. ولقد عزل الإمام الغزالي الآية من القرينة فجعل المعنى ما تقومون به فيكون الله نفسه خالق البشر وكل ما يقومون به (إبراهيم عوض: أرى أن كامبل هنا يحمل الأمر أكثر من طاقته، إذ الآية تحتمل المعنيين: فالله خلقنا وخلق أفعالنا بالمعنى الفلسفى، أى أنه هو الذى خلقنا وخلق كل شىء فى الدنيا وأعطانا القدرة على العمل. ولولا هو ما كنا أصلا ولا كانت أعمالنا. ومن هذه الأعمال ما نصنعه، ويدخل فى ذلك الأصنام. فكما نرى فالآية تقبل المعنيين جميعا، ولا تعرض بينهما)![/FONT]
[FONT=Times New Roman]جميع القرائن[/FONT]
[FONT=Times New Roman]ولكي ندرس كل القرائن نحتاج أحياناً أن نجمع الجُمَل من فصول أخرى، أو كل الإشارات الواردة في الكتاب كله. وكمثال لذلك نذكر مقالاً للكاتب الأردني الأستاذ حسن عبد الفتاح كَتْكَت نُشر في مجلة منار الإسلام (يناير وفبراير 1981) عنوانه عُرف الرسول من قبل مولده اقتبس فيه برهاناً على دعواه ما جاء في التثنية 18:18 و19 قول الله في التوراة أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلَامِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الذِي لَا يَسْمَعُ لِكَلَامِي الذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ . ثم اقتبس جزءاً من التثنية 34:10 وَلَمْ يَقُمْ بَعْدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيلَ مِثْلُ مُوسَى.. . ثم لخَّص كلامه بأن: (أ) وعد الله أن يقيم نبياً آخر مثل موسى. (ب) ولم يقُم نبي مثل موسى. ثم استنتج الأستاذ كتكت أنه لما لم يقُم نبي مثل موسى في بني إسرائيل، تكون كلمة إخوتك تعني نسل إسمعيل وليس نسل إسحق، وتكون هذه نبوة عن محمد.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]ولنعرف إن كان استنتاج الأستاذ كتكت صحيحاً يلزمنا أن نعرف كيف استعملت التوراة التعبير إخوتك وكيف وصفت موسى. ولما ندرس التوراة نجد معلومات أخرى عن الموضوع. فلو درسنا التثنية 18:15-18 لوجدنا 15 يُقِيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهكَ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لَهُ تَسْمَعُونَ. 16 حَسَبَ كُلِّ مَا طَلَبْتَ مِنَ الرَّبِّ إِلهكَ فِي حُورِيبَ (أي جبل سيناء) يَوْمَ الاجْتِمَاعِ قَائِلاً: لَا أَعُودُ أَسْمَعُ صَوْتَ الرَّبِّ إِلهي وَلَا أَرَى هذِهِ النَّارَ العَظِيمَةَ أَيْضاً لِئَلَّا أَمُوتَ 17 قَالَ لِيَ الرَّبُّ: قَدْ أَحْسَنُوا فِي مَا تَكَلَّمُوا. 18 أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ... ومن هذه القرينة نفهم أن موسى كان يكلم بني إسرائيل الذين سمعوا صوت الله على جبل سيناء، ووعدهم أن يجيب طلبهم. وهذا يعني أن إخوتك تعني بني إسرائيل وحدهم الذين كانوا حاضرين يوم الاجتماع. كما أن الأصحاح السابق (تثنية 17:14 و15) يوضح لنا أكثر ما هو المقصود بالعبارة من بين إخوتك فيقول:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]مَتَى أَتَيْتَ إِلَى الأَرْضِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهكَ، وَامْتَلَكْتَهَا وَسَكَنْتَ فِيهَا، فَإِنْ قُلْتَ: أَجْعَلُ عَلَيَّ مَلِكاً كَجَمِيعِ الأُمَمِ الذِينَ حَوْلِي. فَإِنَّكَ تَجْعَلُ عَلَيْكَ مَلِكاً الذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهكَ. مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِكَ تَجْعَلُ عَلَيْكَ مَلِكاً. لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَجْعَلَ عَلَيْكَ رَجُلاً أَجْنَبِيّاً لَيْسَ هُوَ أَخَاكَ. وهذا يوضح أن الأخ إسرائيليٌّ وليس إسماعيلياً.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]والفكرة نفسها موجودة في سورة الأعراف 7:65 و73 وَإِلَى عَادٍ (أرسلنا) أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ ا عْبُدُوا اللَّهَ,,, وَإِلَى ثَمُودَ (أرسلنا) أَخَاهُمْ صَالِحاً . ويقول محمد حميد الله (مترجم القرآن إلى الفرنسية): الكلمة العربية أخ تعني الشقيق أو عضو القبيلة. وهذا هو نفس معنى ما اقتبسناه من التثنية: شقيق أو من القبيلة نفسها.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]والآن لنتأمل ما جاء في التثنية 34:10-12 وتقول: وَلَمْ يَقُمْ بَعْدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيلَ مِثْلُ مُوسَى الذِي عَرَفَهُ الرَّبُّ وَجْهاً لِوَجْهٍ، فِي جَمِيعِ الآيَاتِ وَالعَجَائِبِ التِي أَرْسَلَهُ الرَّبُّ لِيَعْمَلَهَا فِي أَرْضِ مِصْرَ بِفِرْعَوْنَ وَبِجَمِيعِ عَبِيدِهِ وَكُلِّ أَرْضِهِ. وتوضح التوراة هذا أكثر في سفر العدد 12:6-8 فَقَالَ (الرب) اسْمَعَا كَلَامِي. إِنْ كَانَ مِنْكُمْ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ، فَبِالرُّؤْيَا أَسْتَعْلِنُ لَهُ. فِي الحُلْمِ أُكَلِّمُهُ. وَأَمَّا عَبْدِي مُوسَى فَلَيْسَ هكذَا، بَلْ هُوَ أَمِينٌ فِي كُلِّ بَيْتِي. فَماً إِلَى فَمٍ وَعَيَاناً أَتَكَلَّمُ مَعَهُ .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]فما أوضح الضوء الذي تكشفه القرينة في هذه الآيات لمعنى كلمة مثلك. لقد كان موسى فريداً، وحتى كتابة سفر التثنية لم يكن قد قام نبي مثله عرفه الرب وجهاً لوجه وكلّمه فماً لفم . ويؤيد القرآن التوراة في هذا فيقول في سورة النساء 4:163 و164 إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ (يا محمد) كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعَقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً,,, وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً. فقد أفرد ذكر موسى وميَّزه عن محمد وسائر الأنبياء، لأن الله كلم موسى تكليماً أي مباشرة.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]لقد كان محمد نذيراً لقومه من عُبّاد الوثن في مكة، ولكن القرآن لا يقول إنه أجرى معجزات كموسى، ولا كلّم الله محمداً فماً لفم. ومنذ موسى لم يتميّز نبيٌّ بالميزتين الفريدتين لموسى إلا المسيح، الذي أجرى معجزات عديدة سجّل الوحي منها نحو خمسين. أما معرفته لله وجهاً لوجه فهو كلمة الله الذي كان في البدء عند الله وفي حضن الله (يوحنا 1:1 و18).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]فإذا قلنا إن التثنية 18:18 و19 تتنبّأ بمحمد نكون قد أهملنا القرينة التي جاءت في التوراة وفي القرآن.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]الخاتمة[/FONT]
[FONT=Times New Roman]هناك إذاً سبيل واحد لتحديد معنى كلمةٍ استُعمِلت في عصر الإنجيل أو القرآن، هي أن نأتي بنماذج من استعمالات هذه الكلمة في كتاباتٍ تعود إلى القرن الأول الميلادي أو القرن الأول الهجري، من شعرٍ ورسائل ومكاتبات حكومية. وهذا يتطلب اكتشاف وثائق جديدة مثل ألواح نوزي التي تعود للقرن الخامس عشر قبل الميلاد، التي ساعدتنا لنفهم العادات زمن إبرهيم الخليل.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]ثم أننا إن أردنا أن نقتبس من التوراة أو القرآن أو أي كتاب آخر، فإننا نحتاج للقرينة وليس فقط للكلمات. وكمسيحي يجب أن أقتبس من التوراة والقرآن بذات الأمانة التي أقتبس بها من الإنجيل، وهكذا يجب أن يفعل المسلم مع التوراة والإنجيل. ذلك أن تغيير معنى كلمة من الوحي الإلهي أو نزعها من قرينتها أمر خطير، لأنه يعني أني جعلتها تقول ما أريده أنا لا ما يريده الله، وعلى أقل تقدير هذا تحريف للمعنى وهو نوع من الشِرك، لأني أكون قد أشركت أفكاري مع أفكار الله.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]فلنقتبس بأمانة، ولنرجع دائماً إلى القرائن.[/FONT]
[FONT=Times New Roman][/FONT]
[FONT=Times New Roman][/FONT]
[FONT=Times New Roman][/FONT]
[FONT=Times New Roman]الفصل الثاني[/FONT]
[FONT=Times New Roman]افتراضات أساسية تميَّز بها كتاب الدكتور بوكاي[/FONT]
[FONT=Times New Roman]قال د. بوكاي إنه توخَّى الموضوعية المطلقة في ما كتب، وإنه بدون أي فكر مسبَّق فحص الوحي القرآني، وأعاد الفحص نفسه على التوراة والإنجيل بذات الروح الموضوعية، وإنه بدأ من الحقائق وليس من المفاهيم الغيبية، وافترض أن المرء يمكن أن يكون استنتاجياً يأخذ المعرفة من الحق، وليس استقرائياً يرى ما يريده في النص (ص 13).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]ولكن ما يقوله د. بوكاي يناقض مكتشَفات القرن العشرين في العلوم الإجتماعية، فلا يوجد ما يُقال عنه وذلك بدون أي فكر مسبَّق وبموضوعية تامة . ويوضح توماس كون في كتابه تركيب الثورات العلمية (9) أن تفسير الحقائق العلمية يتوقف على بِنية المفسّر الغيبية، وقال إن فلاسفة العلم برهنوا مراراً أنك يمكن أن تحصل على نظريتين علميتين مختلفتين مبنيتين على ذات المعلومات! وفي عام 1905 اقتبس جيمس أور كتابات اللاهوتي الألماني بيدرمان الذي قال إن الواجب هو دراسة النصوص بدون أفكار وافتراضات مسبَّقة، ولكن الواقع أن كل طالب يجيء إلى المباحث التاريخية بنوعٍ من التعريفات التي تعيّن الحدود، يراها الطالب افتراضات عقائدية مسبَّقة (10).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]وعندما يقول د. بوكاي إنه موضوعي فإنه يتجاهل افتراضاته المسبَّقة. ولذلك سنُوضح أربعةً من افتراضاته المسبقة، وهي:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]1 - العلم هو مقياس كل شيء.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]2 - يجب أن يتكلم الكتاب المقدس لغة القرن العشرين.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]3 - للقرآن أن يتكلم لغة عصره.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]4 - افتراضات أخرى عن الكتاب المقدس.[/FONT]
[FONT=Times New Roman][/FONT]
[FONT=Times New Roman]1 - العلم هو مقياس كل شيء:[/FONT]
[FONT=Times New
Roman]يفترض د. بوكاي أن التوافق بين العلم والدين هو المقياس الأول الذي يحدد صحة النصوص الدينية. وفي هذا الافتراض بعض الحق. ولكن ما هو مستوى التوافق المطلوب؟ وما هو مستوى الصحَّة العلمية اللازمة؟ كلنا يعلم أن الصحّة العلمية نالها تغيير كثير، ود. بوكاي يعترف بهذا ويقول:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]إننا عندما نتحدث هنا عن حقائق العلم فإننا نعني بها كل ما قد ثبت منها بشكل نهائي. وهذا الاعتبار يقضي باستبعاد كل نظريات الشرح والتبرير التي قد تفيد في عصرٍ ما لشرح ظاهرة، ولكنها قد تُلغَى بعد ذلك تاركةً المكان لنظريات أخرى أكثر ملاءمة للتطور العلمي. وإن ما أعنيه هنا هو تلك الأمور التي لا يمكن الرجوع عنها، والتي ثبتت بشكل كافٍ بحيث يمكن استخدامها بدون خوف الوقوع في مخاطرة الخطأ، حتى وإن يكن العلم قد أتى فيها بمعطيات غير كاملة تماماً (ص 12).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]وتعريف د. بوكاي للعلوم مقبول للمناقشة، ولكنه يعطيك الانطباع أن العلم محدود بالفيزياء الفلكية وعِلم الأجنَّة والمائيات. ولكن عندما نتأمل جذر كلمة عِلْم (هو أمر يحب د. بوكاي عمله) نرى أنها تشمل كل ما نعلمه من معرفة، من علم الآثار والتاريخ والجيولوجيا، كما أن هناك معلومات دينية عن النبوات وتحقيقها. ويقول د. بوكاي:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]هذه المواجهة مع العلم لا تتناول أية قضية دينية بالمعنى الحقيقي للكلمة (ص 12).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]ونحن نختلف معه في هذا، فإن هدف كل كتابة وقراءة في أي كتاب هو البحث عن الحقائق الدينية. وأهم سؤال ديني هو: هل هناك إله؟ ثم كيف أعرفه وأنشئ علاقة معه؟. وسنجد كتباً في علم الأحياء أو الكيمياء صحيحة علمياً، ولكنها لا تذكر اسم الله أبداً. وفي بعض الأحيان تتعارض المعارف العلمية والدينية، وكمثال لذلك ما بحثه د. بوكاي عن النجوم والكواكب والشهب الثاقبة التي تنقضّ فتثقب ما تنزل عليه، فقد اقتبس من سورة الصافات 37:6 (وهي من العصر المكي الأول) إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةِ الكَوَاكِبِ. ولا مشكلة في هذا، ولكن قراءتنا للآيات التالية ترينا مشكلة دينية. تقول الآيات 7-10 من سورة الصافات وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لاَ يَسَّمَّعُونَ إِلَى المَلَإِ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]وهنا نرى الشهب الساقطة (وهي مادية) في مواجهة مع أشخاص روحيين، فالله يضرب الشيطان بالشهاب الثاقب. الله روح، والشيطان روح، والله الروح يضرب الشياطين الروحية بنيازك مادية (إبراهيم عوض: إن كنت تظن أن هذه مشكلة فأشكل منها طبقا لطريقتك فى التفكير أن يعاقب الله (الذى هو روح) الإنسان (الذى ليس بروح) وبعقوبة النار (وهى أيضا ليست بروح)، وأن يعاقب يوم القيامة الشياطين (التى هى أرواح) بالنار (التى ليست بروح). يا دكتور كامبل، الأمور لا تؤخذ بهذه الطريقة، والله لا يعجزه شىء فى الأرض ولا فى السماء. ثم من قال لك إن الله روح، وكذلك الشياطين؟ وبعيدا عن حقيقة الأمر فى هذه النقطة، ألا ترى أنك قد سَوَّيْتَ بين الله وبعض مخلوقاته، وهى الشياطين، رغم أنه سبحانه وتعالى "ليس كمثله شىء"؟). (سنناقش هذا بتفصيل في جزء 4 فصل 2). ثم يقول د. بوكاي: ولكن المعنى يصبح مبهماً عندما يشرك القرآن اعتبارات ذات طابع روحي صرف بمفاهيم مادية يسيرة على فهمنا، وقد استنرنا اليوم بالعلم الحديث (ص 182). ثم يقول: كل هذه التأملات تبدو خارج موضوع هذه الدراسة (ص 183).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]ولا شك أن سورة الصافات 6-10 تواجهنا بصعوبة، لا يكفي أن يُقال معها يصبح المعنى مبهماً أو خارج موضوع هذه الدراسة. فإن كتاباً يحمل عنوان القرآن والتوراة والإنجيل والعِلم كان يجب أن يتعامل مع هذه الصعوبة ويوضحها.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]ولهذا السبب لا أقول إن كتابي هذا يتوقف عند الشئون العلمية، أما الأمور الروحية فتخرج عن نطاقه. فكتابي يعالج العلوم، كما يعالج المشاكل الأساسية التي تواجه المسيحيين والمسلمين في نقاشهم معاً. سأناقش: ما الذي يقوله القرآن عن الكتاب المقدس؟ هل حقاً تحرّف الكتاب؟ كيف يعرف المسلم أن القرآن لم يتحرف؟ ما هي مكانة الحديث؟ ماذا يقول القرآن والكتاب المقدس عن الشفاعة؟ كيف نميّز النبي الصادق؟[/FONT]
[FONT=Times New Roman]د. بوكاي لا يقيس القرآن والكتاب المقدس بالمقياس ذاته[/FONT]
[FONT=Times New Roman]2 - يفترض د. بوكاي ضرورة أن يتكلم الكتاب المقدس لغة القرن العشرين:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]يحكم د. بوكاي على الكتاب المقدس بمقاييس القرن العشرين، فيقرأه كوثيقة علمية. فإذا ظهر له أن فقرة تحتوي على معلومات غير مقبولة علمياً يقول إنها ليست وحياً! وكل ما يبدو له في الكتاب المقدس غير معقول أو غير محتمل يكون برهاناً على خطأ الكتاب. وهو يدَّعي أنه ما لم يتفق الكتاب المقدس مع العلم الحديث فإنه لا يكون كلام الله، ولا حتى وثيقة تاريخية صحيحة. وهو لا يقبل تفسيراً يصحح رؤيته الشخصية. وكل محاولة للتوضيح هي ذلك الذي أخفاه هؤلاء المعلّقون تحت بهلوانيات جدلية حاذقة غارقة في الرومانسية المديحية (ص 285).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]ويطلقون على طريقة د. بوكاي هذه في التقييم اسم أسلوب الهجوم لأنك ترى فيها التحيُّز ضد كل وثيقة، مع بذل الجهد ليجعل كل ما يعنّ له يبدو خطأً .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]3 - للقرآن أن يتكلم بلغة عصره:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]يقول د. بوكاي إن العلم الحديث هام جداً، وهو المقياس المضبوط الذي يشهد لصحَّة القرآن. ويبدو أن د. بوكاي يقيس الكتاب المقدس والقرآن بذات المقياس، لكن ببعض التفريق:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]فبعد اقتباس الآيات 27-33 من سورة النازعات يقول: إن وصف نِعم الله الدنيوية على الناس، ذلك الذي يعبّر عنه القرآن، في لغة تناسب مزارعاً أو بدوياً من شبه الجزيرة العربية، مسبوق بدعوة للتأمل في خلق السماء (ص 162).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]إذاً لم يعُد نقص الدِّقة العلمية عيباً كما يدَّعي د. بوكاي على الكتاب المقدس! لقد اعتبر كلمات سورة النازعات امتيازاً ممنوحاً لأهل قريش البدو أو المزارعين الذين عاشوا قبل عصر العلم الحديث، فكلمهم القرآن بلغة تناسبهم! وهذا ما نسمّيه أسلوب التوفيق بين العلم والكتب المقدسة.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]وبناءً على هذا الافتراض يقول د. بوكاي إنه لا توجد صعوبات في القرآن، مع أنه يقول إن تفسير كل كلمة لكل من تلك الآيات أمر عسير (ص 221). وقد سبق أن قال إن الشهب الثاقبة مبهمة، ولكن لا توجد فيها صعوبات ولا ترجيحات ولا احتمالات.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]وفي صفحة 146 من كتابه يقول د. بوكاي: [/FONT]
[FONT=Times New Roman]من هنا ندرك كيف أن مفسّري القرآن (بما في ذلك مفسرو عصر الحضارة الإسلامية العظيم) قد أخطأوا حتماً وطيلة قرون في تفسير بعض الآيات التي لم يكن باستطاعتهم أن يفطنوا إلى معناها الدقيق. إن ترجمة هذه الآيات وتفسيرها بشكل صحيح لم يكن ممكناً إلا بعد ذلك العصر بكثير، أي في عصر قريب منا. ذلك يتضمن أن المعارف اللغوية المتبحرة لا تكفي وحدها لفهم هذه الآيات القرآنية، بل يجب بالإضافة إليها امتلاك معارف علمية شديدة التنوّع.. ذلك يعني أن إنسان القرون السالفة لم يكن باستطاعته إلا أن يتبيّن في هذا الجزء من الآيات معنى ظاهراً قاده في بعض الأحوال إلى استخراج نتائج غير صحيحة، وذلك بسبب عدم كفاية معرفته في العصر المعني به.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]ولكي يتحاشى د. بوكاي هذه التفاصيل الدقيقة حاول أن يخترع معاني جديدة للكلمات العربية لتتفق مع العلم الحديث. وقد فرح كثيرون من دارسي العلوم المسلمين بجهود د. بوكاي، غير أن افتراضه أن المفسرين المسلمين القدامي المتبحّرين في اللغة العربية ونحوها ومعانيها كانوا أقل قدرة على فهم القرآن من المحدثين (خصوصاً الأوربيين) يبدو فخراً فارغاً. فقد نزل القرآن بلسان عربي مبين ليفهمه القريشيون. ونعتقد أن د. بوكاي أوجد لنفسه تفسيره الخاص (إبراهيم عوض: القرآن هو كلام الله لكل البشر فى كل العصور، وليس وقفا على قريش وحدهم كما يُفْهَم من كلام الدكتور بوكاى. وليس من المعقول أن ينتظر أى منا أن يفهم الجيل المعاصر للرسول الكريم كلام الله بكل أبعاده تمام الفهم بحيث لا تبقى فيه بقية للأجيال القادمة منذ ذلك الحين حتى يوم القيامة. إن الخطأ وارد على الطبيعة البشرية فى كل حين كما قال الرسول الكريم، والعبرة فى عدم الاستسلام للخطإ ولا لجانب الضعف فى الطبيعة البشرية أبدا. ومن هنا فلا غرابة البتة فى أن يخطئ المسلمون الأوائل معنى آية ما أو يفهموها فهما مقاربا، ويفهمها أفضل منهم من يجيئون بعدهم، إذ إن علم الله مطلق، أما علم البشر فمهما تبحر واستفاض فمحدود نسبى، وما لا يُدْرَك كلّه لا يُتْرَك كلّه)![/FONT]
[FONT=Times New Roman]النتيجة[/FONT]
[FONT=Times New Roman]يعرف كل قارئ أنه يقدر أن يعثر في أي كتاب على ما يريد العثور عليه! ولو قرأنا القرآن أو الكتاب المقدس بافتراض مسبَّق أنهما مليئان بالأخطاء فسنجد تلك الأخطاء الكثيرة لأننا نتبع أسلوب الهجوم . أما إذا درسناهما بقلب مؤمن، واثقين أن كلمة الله وعلومه متفقان فإننا نتبع أسلوب التوفيق . وسنجد وقتها أخطاء قليلة إن كنا نلوي ذراع العِلم أو نضغط على تفسير الكتاب المقدس.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]ولقد اتّبع د. بوكاي أسلوب الهجوم مع الكتاب المقدس، بينما اتّبع أسلوب التوفيق مع القرآن. وكنموذج لذلك معالجته لأيام الخليقة، فيقول في الفصل الأول عن الكتاب المقدس (ص 45):[/FONT]
[FONT=Times New Roman]إن إدراج مراحل الخلق المتعاقبة في إطار أسبوع.. لا يقبل الدفاع من وجهة النظر العلمية، فمعروف تماماً في أيامنا أن تشكيل الكون والأرض قد تم على مراحل تمتد على فترات زمنية شديدة الطول.. وحتى إذا كان مسموحاً لنا، كما هو الأمر بالنسبة للرواية القرآنية، أن نعتبر أن المقصود فعلاً هو فترات غير محددة وليس أياماً بالمعنى الحقيقي، فإن النص الكهنوتي يظل غير مقبول، حيث أن تعاقب الأحداث فيه يناقض المعلومات العلمية الأصلية.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]وكلام د. بوكاي هذا يعني احتمال أن يكون يوم الكتاب المقدس حقبة غير محدودة. ولكن د. بوكاي عندما يناقش الموضوع مرة أخرى في الفصل الثالث عن القرآن يقول: إن كلمة يوم كما يُفهم من التوراة تعرّف المسافة الزمنية بين إشراقين متواليين للشمس، وذلك بالنسبة لسكان الأرض (ص 158). فهو يقول إن يوم الخلق في الكتاب المقدس هو 24 ساعة، وهي غلطة كبيرة.[/FONT]
[FONT=Times New Roman]وفي الصفحة نفسها يناقش د. بوكاي الكلمة العربية يوم ويقتبس آيتين قرآنيتين ليوضح أنها قد تعني حقبة زمنية، فيقول إنه جاء في سورة السجدة 32:5 فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ثم يقول: والقول إن الخلق حدث في ست حقب هو ما تقوله سورة المعارج 70:4 فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ .[/FONT]
[FONT='Times New Roman']ويبدو كلام د. بوكاي مقنعاً حتى نقرأ الآيات في قرينتها، ففي السجدة 32:4 و5 (من العهد المكي الوسيط) نقرأ: اللَّهُ الذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سَتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ . وتقول سورة المعارج 70:4 (وهي من العهد المكي الأول) تَعْرُجُ المَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ . وعندما ننظر إلى القرائن نرى أن هذه أيام روحية تختص باليوم الأخير، وعروج الملائكة والروح. ولا نقدر أن نجزم كيف فهم أهل قريش معنى كلمة يوم - هل هو حقبة أو 24 ساعة؟ ولكن نقول: إن كانت كلمة يوم في اللغة العربية قد تعني حقبة فلماذا لا تعني الكلمة يوم الواردة في الكتاب المقدس معنى حقبة أيضاً؟ (إبراهيم عوض: الحكاية ليست بمزاجنا، بل بما قاله الكتاب المقدس عن أيام الخلق فعلا، وهو موجود فى أول العهد القديم مباشرة، فلنرجع إليه لنرى ماذا هناك: "فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. 2وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ. 3وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ»، فَكَانَ نُورٌ. 4وَرَأَى اللهُ النُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَفَصَلَ اللهُ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. 5وَدَعَا اللهُ النُّورَ نَهَارًا، وَالظُّلْمَةُ دَعَاهَا لَيْلاً. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا وَاحِدًا.6وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ جَلَدٌ فِي وَسَطِ الْمِيَاهِ. وَلْيَكُنْ فَاصِلاً بَيْنَ مِيَاهٍ وَمِيَاهٍ». 7فَعَمِلَ اللهُ الْجَلَدَ، وَفَصَلَ بَيْنَ الْمِيَاهِ الَّتِي تَحْتَ الْجَلَدِ وَالْمِيَاهِ الَّتِي فَوْقَ الْجَلَدِ. وَكَانَ كَذلِكَ. 8وَدَعَا اللهُ الْجَلَدَ سَمَاءً. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا ثَانِيًا. 9وَقَالَ اللهُ: «لِتَجْتَمِعِ الْمِيَاهُ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَلْتَظْهَرِ الْيَابِسَةُ». وَكَانَ كَذلِكَ. 10وَدَعَا اللهُ الْيَابِسَةَ أَرْضًا، وَمُجْتَمَعَ الْمِيَاهِ دَعَاهُ بِحَارًا. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 11وَقَالَ اللهُ: «لِتُنْبِتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْرًا، وَشَجَرًا ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَرًا كَجِنْسِهِ، بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذلِكَ. 12فَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْرًا كَجِنْسِهِ، وَشَجَرًا يَعْمَلُ ثَمَرًا بِزْرُهُ فِيهِ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 13وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا ثَالِثًا. 14وَقَالَ اللهُ: «لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتَفْصِلَ بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وَتَكُونَ لآيَاتٍ وَأَوْقَاتٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينٍ. 15وَتَكُونَ أَنْوَارًا فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذلِكَ. 16فَعَمِلَ اللهُ النُّورَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ: النُّورَ الأَكْبَرَ لِحُكْمِ النَّهَارِ، وَالنُّورَ الأَصْغَرَ لِحُكْمِ اللَّيْلِ، وَالنُّجُومَ. 17وَجَعَلَهَا اللهُ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ، 18وَلِتَحْكُمَ عَلَى النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وَلِتَفْصِلَ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 19وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا رَابِعًا. 20وَقَالَ اللهُ: «لِتَفِضِ الْمِيَاهُ زَحَّافَاتٍ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ، وَلْيَطِرْ طَيْرٌ فَوْقَ الأَرْضِ عَلَى وَجْهِ جَلَدِ السَّمَاءِ». 21فَخَلَقَ اللهُ التَّنَانِينَ الْعِظَامَ، وَكُلَّ ذَوَاتِ الأَنْفُسِ الْحيَّةِ الدَّبَّابَةِ الْتِى فَاضَتْ بِهَا الْمِيَاهُ كَأَجْنَاسِهَا، وَكُلَّ طَائِرٍ ذِي جَنَاحٍ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 22وَبَارَكَهَا اللهُ قَائِلاً: «أَثْمِرِي وَاكْثُرِي وَامْلإِي الْمِيَاهَ فِي الْبِحَارِ. وَلْيَكْثُرِ الطَّيْرُ عَلَى الأَرْضِ». 23وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا خَامِسًا. 24وَقَالَ اللهُ: «لِتُخْرِجِ الأَرْضُ ذَوَاتِ أَنْفُسٍ حَيَّةٍ كَجِنْسِهَا: بَهَائِمَ، وَدَبَّابَاتٍ، وَوُحُوشَ أَرْضٍ كَأَجْنَاسِهَا». وَكَانَ كَذلِكَ. 25فَعَمِلَ اللهُ وُحُوشَ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا، وَالْبَهَائِمَ كَأَجْنَاسِهَا، وَجَمِيعَ دَبَّابَاتِ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 26وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». 27فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. 28وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». 29وَقَالَ اللهُ: «إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْل يُبْزِرُ بِزْرًا عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْرًا لَكُمْ يَكُونُ طَعَامًا. 30وَلِكُلِّ حَيَوَانِ الأَرْضِ وَكُلِّ طَيْرِ السَّمَاءِ وَكُلِّ دَبَّابَةٍ عَلَى الأَرْضِ فِيهَا نَفْسٌ حَيَّةٌ، أَعْطَيْتُ كُلَّ عُشْبٍ أَخْضَرَ طَعَامًا». وَكَانَ كَذلِكَ. 31وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا سَادِسًا. 1فَأُكْمِلَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَكُلُّ جُنْدِهَا. 2وَفَرَغَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. 3وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابعَ وَقَدَّسَهُ، لأَنَّهُ فِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقًا". هذا ما جاء فى الإصحاح الأول كله وبداية الإصحاحح الثانى من سفر التكوين، فهل يمكن كامبل أو غير كامبل أن يجادل فى ذلك؟ إن الكلام واضح تمام الوضوح فى أن المقصود بأيام الحلق أيام كأيامنا هنا على كوكبنا هذا تتكون من أربع وعشرين ساعة، وكأن الكون كله بمجراته وأبعاده الهائلة المخيفة يخضع للزمن الأرضى. وهو، كما قلت، كلام واضح الدلالة لا يقبل شيئا من الهراء الذى يقوله الدكتور كامبل. أما ما سيورده سيادته الآن فهو نصوص أخرى غير التى يقصدها الدكتور بوكاى، وهذا شغل حواة لا علماء، إذ الدكتور بوكاى إنما يتحدث عن أيام الخلق، فما معنى الاستشهاد بكلام فى غير هذا الموضوع كتبه بطرس، الذى أتى بعد موسى بمئات السنين، إن صح أن الكاتب بطرس حقا؟). جاء في 2 بطرس 3:7-9 وَأَمَّا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ الكَائِنَةُ الآنَ فَهِيَ مَخْزُونَةٌ بِتِلْكَ الكَلِمَةِ عَيْنِهَا، مَحْفُوظَةً لِلنَّارِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَهَلَاكِ النَّاسِ الفُجَّارِ. وَلكِنْ لَا يَخْفَ عَلَيْكُمْ هذَا الشَّيْءُ الوَاحِدُ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، أَنَّ يَوْماً وَاحِداً عِنْدَ الرَّبِّ كَأَلْفِ سَنَةٍ، وَأَلْفَ سَنَةٍ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ.,, لكِنَّهُ يَتَأَنَّى عَلَيْنَا، وَهُوَ لَا يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ. فاليوم هنا روحي، هو اليوم الأخير، ولا خلاف بين هذا وبين المعنى القرآني. وفي كتاب تكوين 1 وأصل الأرض يقول الكاتبان نيومان وإكلمان (11):[/FONT]
[FONT=Times New Roman]لا نحتاج إلى دراسة مطوَّلة لمعنى كلمة يوم في العبرية، فهي كثيراً ما تعني الزمن الذي تشرق فيه الشمس، وهو نحو 12 ساعة (تكوين 1:5 و14أ) كما تعني يوماً وليلة أي 24 ساعة (تك 1:14 ب والعدد 3:13). وقد تعني حقبة زمنية (تك 2:4 والجامعة 12:3) (إبراهيم عوض: دعنا من هذه المماحكات يا دكتور كامبل، وتعال إلى ما قاله العهد القديم عن أيام الحلق بعبارة لا تحتمل تأويلا ولا مناورة وتدليسا. أقال مؤلف سفر التكوين إن أيام الخلق هى أيام كأيامنا تتكون من ليل ونهار أم لا؟ هذا هو بيت القصيد، أما ما عداه فتضييع وقت وعبث).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]فلماذا يُغفل د. بوكاي ذكر هذه الحقائق؟ لقد ورد ذكر ستة أيام الخلق ويوم الراحة السابع في تكوين 1 وبعدها يقول تكوين 2:4 هذِهِ مَبَادِئُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ حِينَ خُلِقَتْ، يَوْمَ عَمِلَ الرَّبُّ الإِله الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ. وكلمة يوم هنا تعني كل زمن الخليقة. وفي الجامعة 12:3 يقول: فِي يَوْمٍ يَتَزَعْزَعُ فِيهِ حَفَظَةُ البَيْتِ، وَتَتَلَوَّى رِجَالُ القُوَّةِ، وَتَبْطُلُ الطَّوَاحِنُ لِأَنَّهَا قَلَّتْ، وَتُظْلِمُ النَّوَاظِرُ مِنَ الشَّبَابِيكِ. وهذا كلام رمزي، يمكن ترجمته تفسيرياً كالآتي: سيأتي يوم تصطك فيه ركبتاك من كِبر السنّ، وتصبح ساقاك ضعيفتين.. إلخ. وتجيء كلمة يوم هنا وصفاً لمرحلة الشيخوخة (إبراهيم عوض: لكن المقصود فى مثل هذا السياق هو بداية حدوث ذلك لا الفترة الزمينة كلها، وهو ما ينطبق على نص سفر التكوين أيضا. وأيا ما يكن الأمر فقد قال مؤلف سفر التكوين بكلام صريح لا تمكن المماراة فيه بأى حال من الأحوال إن كل يوم من أيام الخلق كان يتكون من صباح ومساء تبعا لظهور الشمس واختفائها من الأفق. هذا هو المهم، وما عداه هو كلام لا يؤكّل عيشا).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]وقول د. بوكاي إن كلمة يوم العربية يمكن أن تشير إلى حقبة ليس جديداً، فقد سبقه القديس أغسطينوس إلى ذلك في القرن الرابع وقال إن يوم الخليقة عظيم ورائع حتى إنه لا ينقسم بشروق الشمس، بل بتقسيم الله. إنها أيام إلهية لا شمسية (إبراهيم عوض: الواقع أن هذا تكذيب من أوغسطين لما فى الكتاب المقدس وتصحيح لمافيه من أخطاء بلقاء لا تليق بكتاب يقال عنه إنه من عند الله).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]جاء في كتاب العلم الحديث والإيمان المسيحي (12) (نُشر عام 1948) أن يوم الخليقة هو حقبة زمنية، سُمّي نظرية يوم الدهر .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]وكتب مفسر يهودي معاصر هو أندريه نِهِر (13) يقول:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]في تكوين 1 جاءت كلمة يوم بثلاثة معانٍ. في آية 4 يتطابق اليوم مع النور، وبالحري تُطلق كلمة يوم على النور، ولكلمة يوم معنى كوني. أما في آية 14 فإن كلمة يوم تحمل معنى فلكياً، من شروق الشمس إلى شروقها التالي. أما المعنى الثالث فهو حقبة تتلوها حقبة أخرى. وعليه فإن أيام الخليقة ليست 24 ساعة، بل حقب متتالية (إبراهيم عوض: نقول: ثور، فيقول كامبل: احلبوه. مرة ثالثة نسأل: أوقال مؤلف سفر التكوين إن أيام الخلق هى أيام كأيامنا أم تراه لم يقل؟ بلى قد قالها. إذن فقد انتهى الأمر، ولا معنى لتضييع وقتنا يا دكتور كامبل. أما إن كان وقتك كثيرا ولاتبالى بضياعه فهذا شأنك. لقد أتيتُ بالنص كاملا، فماذا تريد أكثر من ذلك؟).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]من كل هذا نرى أن د. بوكاي اختار أسلوب الهجوم، وأغفل كل هذه النقاط المضادة لفكره، ليبرهن وجود تناقض بين الكتاب المقدس والعِلم (إبراهيم عوض: ليس الدكتور بوكاى هو الذى يسفسط، بل الذى يسفسط هو أنت للأسف).[/FONT]
[FONT=Times New Roman]الماء و الدخان [/FONT]
[FONT=Times New Roman]ونقدم نموذجاً آخر لأسلوب الهجوم وأسلوب التوفيق كما جاء بكتاب د. بوكاي من جانب، وكتاب تكوين وأصول الأرض للكاتبين نيومان وإكلمان من جانب آخر، والذي أوضحا فيه حقائق تبرهن أن قصة الخلق كما جاءت في سفر التكوين تتوافق مع العلم الحديث. نتأمل أولاً آية من الكتاب المقدس عن الماء، استخدم د. بوكاي معها أسلوب الهجوم، واستخدم الكاتبان نيومان وإكلمان معها أسلوب التوفيق:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]الماء: التوراة، تكوين 1:1و 2[/FONT]
[FONT=Times New Roman]فِي البَدْءِ خَلَقَ اللّه السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللّه يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ المِيَاهِ .[/FONT]
[FONT=Times New Roman][/FONT]
[FONT=Times New
Roman]أسلوب الهجوم من د, بوكاي:[/FONT]
[FONT=Times New Roman]أسلوب التوفيق من د. نيومان ود. إكلمان (14):[/FONT]
[FONT=Times New Roman]نستطيع أن نقبل تماماً أن في مرحلة ما قبل خَلق الأرض، كان ما سيصبح الكون كما نعرفه غارقاً في الظلمات. ولكن الإشارة إلى المياه في تلك المرحلة أمر رمزي صرف وربما كان ترجمة لأسطورة. وسنرى في الجزء الثالث من هذا الكتاب أن هناك ما يسمح بالاعتقاد بوجود كتلة غازية في المرحلة الأولى لتكوّن الكون. إن القول بوجود الماء في تلك المرحلة غلط (ص 41). [/FONT]
المفضلات