:: الرئيسية :: :: مقالات الموقع :: :: مكتبة الكتب ::  :: مكتبة المرئيات ::  :: مكتبة الصوتيات :: :: أتصل بنا ::
 
القائمة الرئيسية

 الصفحة الرئيسية

 منتدى الحوار

 نصرانيات

 حقائق حول الأناجيل

 حقائق حول المسيح بالأناجيل

 حقائق حول الفداء والصلب

 مقالات منوعة حول النصرانية

 كشف الشبهات حول الإسلام العظيم

 شبهات حول القرأن الكريم

 شبهات حول الرسول صلى الله عليه وسلم

 شبهات حول السنة المطهرة

 شبهات منوعة

 الإعجاز العلمي
 الأعجاز العلمي بالقرأن الكريم
 الأعجاز العلمي بالحديث الشريف
 الحورات حول الأعجاز العلمي بالإسلام

 كيف أسلم هؤلاء

 من ثمارهم تعرفونهم

Non Arabic Articles
· English Articles
· Articles français
· Deutsches Artikel
· Nederlands

 مقالات د. زينب عبد العزيز

 مقالات د. محمد جلال القصاص

 مكتبة الكتب

 مكتبة المرئيات

 مكتبة التسجيلات

 مكتبة البرامج والاسطوانات الدعوية

 البحث

 البحث في القرآن الكريم

 دليل المواقع

 أربط موقعك بنا

 اتصل بنا

إسلاميات

المتواجدون بالموقع

يوجد حاليا, 83 ضيف/ضيوف 0 عضو/أعضاء يتصفحون الموقع.

عودة جزيرة العرب مروجًا وأنهارًا
الإعجاز بالحديثبقلم مهندس: جمال عبدالمنعم الكومي تم نقل المقال من موقع الهيئة العالمية للأعجاز العلمي فى القرأن والسنةwww.nooran.orgونشكر لهم السماح بنشر الأبحاث من هيئتهم المحترمة-----------------------   روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : «لن تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا". الحالة الراهنة لشبه الجزيرة العربية: وأرض العرب المقصودة في كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هي شبه الجزيرة العربية, التي تقع ضمن حزام الصحراء الممتد بين خطي عرض 15ْ, ْ30 شمالي خط الاستواء وجنوبه.
هذه الخريطة مستوحاة من الخريطة التي وضعها الفلكي وعالم الرياضيات اليوناني بطليموس للجزيرة العربية في القرن الثاني قبل الميلاد (المصدر: مجلة الثقافة العالمية العدد 65)
اضغط على الصورة لتكبيرهاوالرطوبة النادرة والجفاف الشديد هما أبرز السمات المميزة للمناطق الصحراوية بصفة عامة, فقد تشهد بعض الجهات الداخلية وخاصة الربع الخالي في شبه الجزيرة العربية سنوات بطولها دون أن تتلقى قطرة مطر واحدة (دكتور صلاح الدين بحيري «جغرافية الصحارى العربية» ص 12,13.), وهذا بدوره يكون له أثر على الغطاء النباتي والزراعي, حيث ينتشر اللون الأصفر ـ لون الرمال القاسية الملتهبة ـ ولا يستثنى من ذلك إلا بعض المناطق الساحلية التي تسقط عليها بعض الأمطار, والواحات المتناثرة بالقرب من الآبار والعيون. وقد وصف المولى ـ عز وجل ـ بعض أرض العرب وصحرائها, حين قال في كتابه الكريم على لسان سيدنا إبراهيم ـ عليه السلام: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم} (إبراهيم: 37) وهو وصف يدل على حالة الجدب والقفر والجفاف الذي تعيشه شبه الجزيرة العربية منذ عهد إبراهيم الخليل -عليه السلام. فإذا كانت هذه هي السمات العامة لمعظم أراضي شبه الجزيرة العربية, فكيف يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنها ستصبح أرض مراع وأنهار في آخر الزمان؟! لاشك أن معنى الحديث غريب وعجيب, يصعب على العقل فهمه أو تفسيره. والمعنى الظاهر للحديث: أن صحراء شبه الجزيرة العربية ستغطيها المروج ـ أي المراعي ـ والأنهار, في آخر الزمان قبل قيام الساعة, وقوله: «حتى تعود» يدل على أنها كانت كذلك في وقت سابق, وأنها ستعود إلى حالتها الأولى, وأن طبيعتها الصحراوية الجافة هي حالة طارئة عليها.. فالحديث في الواقع يتضمن حقيقة ونبوءة وإعجازا خبريًّا وآخر علمياً. فالحقيقة : أن شبه الجزيرة العربية كانت في الماضي أرضا ذات مراع وأنهار, ثم طرأت عليها الحالة الصحراوية الراهنة.. والمعجزة الإخبارية: أن الأنهار والمسطحات الخضراء ستعود ثانية إلى شبه الجزيرة العربية في آخر الزمان قبل قيام الساعة.. وقد استغرق هذا الحديث أربعة عشر قرنا من الزمان لكي يفهم على هذا الوجه الصحيح, حدث ذلك بعد التقدم الهائل في علوم الجيولوجيا والتاريخ المناخي والفلك وغيرها, وبعد العديد من أعمال الحفر والتنقيب بصحراء شبه الجزيرة العربية, والتي تثبت لغير المسلمين ـ بما لا يدع مجالا للشك ـ صدق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والإعجاز العلمي في هذا الحديث, وسنعرض لهذه الحقيقة العلمية التاريخية والأبحاث والاكتشافات التي تؤكدها, كما سنعرض الدلالات العلمية التي تقيم الحجة والبينة بنبوة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على مَن علم هذا وعرفه. الحقيقة العلمية: شبه الجزيرة العربية في الماضي "أرض ذات مراع وأنهار" تؤكد المكتشفات العلمية الحديثة ما قاله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الحديث المعجز, من أن شبه الجزيرة العربية لم تكن صحراء بالمعنى المتعارف عليه حاليا, بل كانت أرضا خضراء تتدفق فيها الأنهار, وتترقرق في بعض نواحيها البحيرات الواسعة, وتنهض في ما أصبح بادية بعد ذلك ـ مدن على حظ كبير من التقدم الزراعي والحرفي. شبه الجزيرة العربية في الماضي كان ذلك في مرحلة متقدمة من حقبة جيولوجية تُعرف باسم «الحقبة البليستوسينية كما يقول علماء الجيولوجيا( يقسم العلماء التاريخ الجيولوجي للأرض إلى أزمنة, وفقا للخصائص العامة للحياة في كل زمن, وينقسم كل زمن إلى عصور تبعا لأنواع وأشكال الحياة التي وجدت فيه, والتي تعرف من الحفريات التي ترسبت في طبقات الصخور التابعة لذلك العصر ) «pleistocenc» والتي بدأت قبل أكثر من مليون سنة, وانتهت منذ عشرة آلاف سنة خلت, وخلال هذه الحقبة من الزمن ساد الأرض مناخ بارد وغطت الكتل والمسطحات الجليدية الضخمة الأجزاء الشمالية من أوروبا وأمريكا الشمالية ـ حتى وصل الجليد إلى شمال فرنسا ـ فيما أطلق عليه العصور الجليدية «Glacials» إلا أن الجليد كان يذوب خلال الفترات الأدفأ ـ والتي عرفت باسم «الفترات بين الجليدية Interglacials» ـ فتحسن الأحوال المناخية تسحنا كبيرا(نورمان ويلن ودافيد بيز «أوائل البشر في شبه الجزيرة العربية» مجلة الثقافة العالمية, عدد 59 نقلا عن مجلة (Aramco World, August 1992).). وكان انتشار المسطحات الجليدية في الأجزاء الشمالية ـ أثناء العصور الجليدية ـ يؤثر في مناخ الأرض فيؤدي إلى زحزحة نطاق المطر إلى الجنوب, فتدخل شبه الجزيرة العربية والصحراء الكبرى بشمال إفريقيا في نطاق الرياح الغربية الممطرة, والتي تهب الآن على غرب أوروبا ـ فيؤدي ذلك إلى أزدهار تلك الصحراوات وامتلائها بالأنهار والوديان الخصبة(دكتور إبراهيم أحمد رزقانة «الجغرافيا التاريخية الطبيعية»: ص 146 بتصرف) وفي فترات الدفء بين العصور الجليدية تتحرك نُطُقْ الأمطار إلى الشمال فتصبح شبه الجزيرة العربية وشمال إفريقيا ضمن نطاق الرياح التجارية ويسودها مناخ مشابه لمناخها اليوم(تحتل الصحارى العربية الجزء الأكبر من نظام كوكبي يعرف بـ «صحارى الرياح التجارية» Trade Wind Deserts وهو نظام يتسم بالجفاف الدائم.. فالقطاع الفعال من التوبوسفير, مابين 2 ـ 6 كيلومترات فوق سطح البحر ـ وهو القطاع الفعال فيما يتعلق بنشأة الاضطرابات الجوية ـ يشغله حزام متصل من الضغط المرتفع الدائم على مدار السنة, فوق أرض الصحراء والمسطحات المائية على السواء, وكما هو معروف, تقترن حالات الجفاف بصفة عامة بظروف الضغط المرتفع.. وعلى هذا فالصحراء الكبرى والصحراء العربية بوقوعها ضمن نطاق التجاريات تصنف كصحارى مناخية, أي كنتيجة مباشرة لميكانيكا الدورة الكوكبية العامة حول الأرض. بتصرف من «جغرافية الصحارى العربية» 147,149). واستنادا إلى أبحاث الجيولوجي الأمريكي هال ماكلور ـ في رسالة دكتوراة عن الربع الخالي ـ فإن البحيرات كانت تغطي هذه المنطقة الصحراوية خلال العصور المطيرة (العصور الجليدية) وأنها ظهرت مرتين, الأولى قبل 37000 إلى 17000 سنة, والثانية بين 10000 إلى 5000 سنة خلت (مجلة آفاق علمية, عدد (42): ص 15 ). البعثات الجيولوجية: هذه الصورة الزاهية لشبه الجزيرة العربية, بأنهارها الرقراقة, وأشجارها الوارفة, والتي كانت شائعة في الأدبيات التراثية (نبه التراث الأدبي واللغوي العربي إلى ما شهدته شبه الجزيرة العربية من تغيرات مناخية.. فإذا تتبعت أسماء الحيوان عند العرب هالتك تلك الأسماء العديدة لحيوان واحد كالأسد مثلا, وهذا يؤكد أن تلك الأسماء قد تعددت بحكم تكاثر ذلك الحيوان وتواجده بينهم في الأزمنة الغابرة.. وكذلك الأنهار وتعدد أسمائها..
اضغط على الصورة لتكبيرهاوجاء في تغريبة بني هلال: «إنه لا يخفى على أهل المعارف بأن بلاد نجد كانت من أخصب بلاد العرب, كثيرة المياه والغدران والسهول والوديان, حتى كان يذكرها شعراء الزمان بالأشعار الحسان, وتفضلها على غيرها نظرا لحسن هوائها, وكانت منازل بني هلال من سالف الأجيال ـ وما زالت ـ على رونقها الأول, حتى تغير قطرها, واضمحل عنها الحشيش والنبات, وعمت المجاعة جميع الجهات, ولم يعد فيها شيء من المأكولات حتى صارت أهاليها تأكل الحيوانات...» (تطور مناخ السعودية وأثره على هجرات البشرية) مجلة الخفجي, عدد سبتمبر 1980, ص 25), أصبحت حقيقة علمية الآن بفضل البعثات الجيولوجية الباحثة عن بصمات تلك الأزمنة الغابرة في قلب رمالها. ومن أكبر هذه البعثات بعثة جيولوجية بقيادة بيتروايبرو من المتحف البريطاني, والتي توجهت إلى دولة الإمارات في أوائل عام 1989, واكتشفت بقايا للحياة الحيوانية تعود إلى أواخر عصر الميوسين, أي إلى حوالي 7 ملايين سنة.  والحيوانات التي عثر بيتروايبرو وزملاؤه على بقاياها حيوانات من رتبة البهيميات (وهي خرطوميات ثديية تعتبر من الأقارب البعيدة للفيلة المعاصرة) وأفراس النهر, وآكلات اللحوم الصغيرة, والجياد, ووحيدي القرن, والسلاحف والتماسيح والأسماك والطيور, وقرود تشبه الماكاك.. وواضح أن كل هذه الحيوانات من أصول حبشية.. ففي حقبة الميوسين كان البحر الأحمر مفتوحا على البحر المتوسط, ولكنه كان مغلقا من جنوبه بجسر بري قائم بين الحبشة واليمن, وفي الشرق كانت شبكة نهري دجلة والفرات تمتد إلى الجنوب أكثر مما هي عليه اليوم, وتشير أنواع الحيوانات التي عثر عليها إلى أنها قد ازدهرت في دلتا هذه الشبكة(مجلة آفاق علمية, عدد (المرجع السابق, ص: 63), ص 14 نقلا عن مجلة «نيتشر Nature» عدد 27/4/1989م ). التصوير الفضائي: ومع التقدم الهائل في علوم الفضاء والاستشعار عن بعد, دخلت هي الأخرى حلبة السباق في البحث والكشف عن الكنوز المدفونة في باطن الأرض, مثل الآثار والمياه الجوفية والمعادن وغيرها. وتستطيع تكنولوجيا التصوير الفضائي والاستشعار عن بعد, إعطاء علماء الآثار فكرة عامة عن الأماكن التي عليهم أن ينقبوا فيها, وهذا ما حدث في أحد أشهر الأبحاث التي أجريت في صحراء مصر عام 1981. ففي مختبر المسح الأثري الأمريكي بولاية أريزونا الأمريكية, بينما كان الباحثون يحللون جداول معطيات جمعتها أجهزة الرادار المركبة على متن مكوك الفضاء «كولومبيا», أظهرت صور الرادار وجود منطقة تحت رمال صحراء جنوب مصر, وشمال غرب السودان, لا تهطل فيها الأمطار الآن إلا بمعدل مرة كل خمسين سنة, ولكنها تحتوي على مجاري أنهار قديمة كبيرة, بعضها أوسع من نهر النيل نفسه(يرى علماء التاريخ الطبيعي والجغرافيا التاريخية أن أنظمة نهرية تجمعت وتكونت في عصر الأوليجوسين الجيولوجي, وكونتا نهرا كبيرا أطلق عليه اسم «النهر الليبي القديم» أو الأورنيل (جد النيل) وكان يخترق الصحراء الغربية وينتهي بدلتا كبيرة في المنطقة الواقعة بين منخفض الفيوم جنوبا ووادي النطرون شمالا, وتحتوي الرواسب النهرية في هذه المنطقة على بقايا كائنات من النوع الذي يعيش في الماء العذب, مثل التماسيح وأفراس النهر بالإضافة إلى الفيلة, وتعتبر منطقة الفيوم الموطن الأصلي للفيل في العالم. (بتصرف من «مورفولوجية الأراضي المصرية» للدكتور محمد صفي الدين, ص: 50, 51 )! بعد ذلك بعدة أشهر أثبتت البعثات التي توجهت إلى المنطقة أن أشعة الرادار كانت قد اخترقت الرمال الجافة وانعكست على الأحجار الكلسية الموجودة في قيعان الأنهار (الجافة) على عمق مترين من سطح الأرض, ووجد المنقبون عند شطآن الأنهار التي حددها الرادار أصدافا لأنواع من الحلزون البري الذي لا يمكنه العيش إلا في الأماكن الرطبة المبتلة وفي مناخ استوائي. والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن المنقبين عثروا على ألوف من الأدوات التي صنعها الإنسان في العصر الحجري, كالفؤوس اليدوية وما شابه ذلك, والتي يعود تاريخها إلى حوالي 200 ألف سنة خلت, وهذا ما جعل العلماء يعتقدون بأن تلك الصحراء كانت رطبة ومأهولة في بعض تلك العصور(مجلة آفاق علمية, عدد (17), ص 32). وقد أجريت حديثا دراسة مشابهة لشبه الجزيرة العربية, حيث أظهرت الصور الجوية وجود مجرى لنهر قديم عملاق يخترق شبه الجزيرة العربية من الغرب ويتجه إلى الشرق, ناحية الكويت, ويختفي مجرى هذا النهر تحت كميات هائلة من الكثبان الرملية, وأوضحت الصور أيضًا أن مساحة شاسعة من شمال غرب الكويت عبارة عن دلتا لهذا النهر العملاق, ويشير هذا الكشف ـ كما ذكر الدكتور فاروق الباز(جريدة الشرق الأوسط, عدد 27/3/1993 في تحقيق أجري مع الدكتور فاروق الباز, عالم الجيولوجيا والفضاء المصري المقيم بأمريكا) ـ إلى وجود كميات هائلة من المياه الجوفية في مسار النهر القديم وإلى احتمال وجود آثار للإنسان القديم الذي لابد أنه عاش على جانبي النهر في العصور السحيقة عندما كان النهر يجري بالمياه قبل 5000 عام(لمزيد من المعلومات عن آثار الإنسان القديم التي عثر عليها حديثا في شبه الجزيرة العربية, انظر: نورمان ويلن ودافيد بيز «أوائل البشر في شبه الجزيرة العربية» مجلة الثقافة العالمية, عدد (59)). المكتشفات الأثرية في شبه الجزيرة العربية: وتدل التنقيبات الأثرية الحديثة على صحة هذه المعلومات, خاصة بعد اكتشاف عدد من المواقع الأثرية هي بقايا حضارات ومدنيات متقدمة, في مناطق هي الآن صحراء جافة! ففي عام 1834م اكتشفت قلعة على مقربة من عدن, تعرف بـ «حصن الغراب» وبعد إزاحة أكوام الرمال عن أطلال هذه القلعة عثر على قطعة من الرخام وعليها نقش يقول:(1) "لقد قضينا دهورا بين أفنية هذه القلعة في عيشة راضية لا يشوبها ضيق أو عسر, وتحيط بنا مياه البحر في حالة طغيان المدّ, وأنهارنا تفيض مندفعة غزيرة, وبين النخيل الباسقات كان حارسها يغرس الرطب الجني على ضفاف الجداول المتعرجة الدافقة بالماء أو الجافة, وكنا نصيد صيد البر بالحبال والغاب, كما كنا نخرج الأسماك من أعماق البحار, وكنا نختال في مشيتنا, رافلين في ملابسنا الحريرية الموشاة عند أطرافها, وثياب سندسية خالصة, وأردية ملونة بخطوط خضراء, وكان الملوك الذين يحكموننا منزهين عن الدناءة, أشداء على أهل الخديعة والغدر, وقد اختاروا لنا شريعة محكمة مستمدة من ديانة هود, وكنا نؤمن بالمعجزات, والبعث, وإحياء الموتى..( سيد مظفر الدين نادفي «التاريخ الجغرافي للقرآن» ترجمة دكتور عبدالشافي غنيم عبدالقادر, ص: 182 ـ 183, نقلا عن كتاب المستشرق (فورستر Forster) الجغرافيا التاريخية لبلاد العرب)». وهذا الحصن من بقايا حضارة عاد الثانية(عاد من أمم العرب العظيمة البائدة, أسست أقدم مدينة عرفها العالم, وكانت القصور الشامخة والصروح العظيمة أكبر مظهر لتقدمهم, قال تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد} (الفجر: 6 ـ 8) وقد أرسل الله إليهم هودا ـ عليه السلام ـ فكذبوه وكفروا به.. قال تعالى: {وإلى عاد أخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا تتقون قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهه وإنا لنظنك من الكاذبين قال ياقوم ليس بي سفاهة ولكني رسول رب العلمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين} (الأعراف: 65 ـ 68) فأهلكهم الله بريح صرصر عاتيه كما قال تعالى: {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية} (الحاقة: 6 ـ 7) وهؤلاء هم عاد الأولى, ونجى الله هودا والذين آمنوا معه, قال تعالى: {ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ} (هود: 58) وهؤلاء هم عاد الثانية), وهو يصور مدى رغد العيش والسعة والتقدم الذي كانوا يعيشون فيه.. وواضح أن هذه الصورة لا تكون في صحراء جافة.  وفي صفحات التاريخ تُذكر العديد من المدن العربية التي ذاع صيتها, وتناقل الرواة الحكايات عن تقدمها الحضاري, ونسجت حولها الأساطير والروايات, ومن أشهر هذه المدن المدينة الأسطورية «أوبار Ubar», ويعد الكشف عن أطلال وكنوز هذه المدينة إحدى المغامرات العلمية المثيرة الرائعة(أنظر مجلة الثقافة العالمية, عدد (65) ومجلة العلم والتكنولوجيا, عدد (29)). فوجود هذه المدينة وموقعها ظلا لغزا حير علماء الآثار لسنوات خلت, وجعلهم أسرى الشكوك والتكهنات والافتراضات, فتوقعوا مواجهة صعوبات جمة في البحث عن ضالتهم المنشودة, ولكن اليوم, وبفضل تسخير الله أحدث الوسائل التكنولوجية التي تميز بها عصرنا, خصوصا التطور التقني الهائل في مجال تكنولوجيا الفضاء, تمكن العلماء من تحديد موقع هذه المدينة ونفض الغبار عنها, مما جعل عملية الاكتشاف في حد ذاتها, سابقة لا مثيل لها في علم الآثار الحديث. لغز المدينة المفقودة:  ومدينة «أوبار» من أقدم وأشهر مدن شبه الجزيرة العربية (ربما تكون مدينة أوبار ـ كما يعتقد العديد من العلماء ـ هي مدينة «إرم» المذكورة في القرآن الكريم في قوله تعالى : {ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد} ويصفها القرآن بأنها: {التي لم يخلق مثلها في البلاد} وتذكر كتب التفسير, ومعاجم البلدان عن هذه المدينة الكثير من الروايات, تحوي مبالغات كثيرة عن عظم تلك المدينة وفخامتها (أنظر على سبيل المثال: الروض المعطار في خبر الأقطار: ص 22 ـ 24) قال ابن كثير في تفسيره؛ 4/508: «وهذا كله من خرافات الإسرائيليين» ويبقى ـ بعد استبعاد مبالغات الرواة وتهويل القصاص ـ أنها مدينة عظيمة), شيدها شداد بن عاد في صحرائها الجنوبية, وبذل النفيس والغالي في بنائها لتكون جنة في الأرض, إذا جاز التعبير.. وكان لورانس العرب أول من حلم بتحديد مكان المدينة المفقودة, وأطلق اسم «أطلنتيس الصحراء» عليها, ولكن توفي قبل أن يحقق حلمه, ثم تبعه آخرون من الرحالة الذين انطلقوا في بعثات غير مثمرة عامي 1947 و1953, ومنهم الرحالى البريطاني «برترام توماس B.Thomas» الذي استند ـ أثناء رحلته الاستكشافية ـ إلى كلام البدو الذين زودوه بعدد من الإرشادات لإيجاد الطريق إلى «أوبار» ولكنه لم ينجح أبدا في العثور عليها. وفي بداية الثمانينيات بدأ البحث الجدي عندما وقعت بين يدي صانع الأفلام الوثائقية الأمريكي «نيقولاس كلاب N.Clapp» ـ وهو من جملة من شغفوا باكتشاف المدينة ـ المذكرات التي كتبها توماس عام 1932, وتضمنت سيرته ومجموعة تقارير علمية عن الآثار في شبه الجزيرة العربية, وفيها يشير ـ مدعوما بالأدلة ـ إلى وجود طريق قديمة إلى «أوبار», وبالإضافة إلى ذلك جمع «كلاب» معلومات أكثر حول الموضوع من مراجع ووثائق تضمنت أسماء 600 مؤرخ وعالم جغرافي ورحالة أكدوا وجود «أوبار». نتيجة لهذا الجهد النظري قرر «كلاب» تأليف فريق بحث مهمته الانطلاق في بعثة لمدة ثلاثة أشهر لحل لغز المدينة المفقودة, وضم الفريق, المحامي «جورج هدجز G.Hedges» المسؤول عن جمع المال والتبرعات لتمويل البعثة وتنظيم أمورها, وخبيرين في شؤون الجزيرة العربية, هما عالم الآثار المعروف «جوريس زارنز J.Zarins» الذي تولى تحليل المعلومات المتوفرة, والسير «رانولف فينيس R.Fiennes» الذي كان ضمن الوحدات العسكرية البريطانية التي ساعدت الجيش العماني عام 1968, وكان على دراية كبيرة بالمنطقة. حصلت البعثة على دعم شخصي من السلطان قابوس ـ الذي بدا مغتبطا جدا للأمر - ومن وزارة التراث العمانية, التي تبنت الفكرة وقدمت للبعثة كل عون ورعاية, وكذلك من بنك عمان الدولي ومن شركة نفط عمان. والجدير بالذكر أن أقدم الإشارات الجغرافية إلى «أوبار» وردت في خريطة جغرافية قديمة وضعها الجغرافي السكندري «كلوديوس بطليموس C.Ptolamy» وأشار إلى وجودها في منطقة تقع على مشارف الربع الخالي حاليا, وهي صحراء غير مطروقة واجتيازها محفوف بالمخاطر, وكانت أول زيارة للبعثة لهذه المنطقة المحظورة عام 1990, ولكنها ما لبثت أن غادرتها خوفا من الوقوع في المهالك. أما عملية البحث الجدي فبدأت في نوفمبر عام 1991, وفي أوائل 1992 - وبعد أن صرح «كلاب» بأنه بدأ يشعر بالفشل - جاء قرار البعثة بالتنقيب في منطقة «سشعر» في «ظفار», وكانت النتائج مشجعة, خاصة بعد أن تم دعم عملية الحفر باستخدام رادارات خاصة بالتربة الرملية تتغلغل في باطن الأرض.  وكان «كلاب» ـ قبل ذلك, وبالتحديد عام 1984 ـ قد طلب من عالمين في وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» مسح منطقة شبه الجزيرة العربية بواسطة رادار التصوير الفضائي المركب على مكوك الفضاء «تشالينجر» وبعد مقارنة صور المكوك مع صور أرسلها القمران الصناعيان «سبوت Spot» الفرنسي, و«لاندسات Landsat», أصبح بين يدي البعثة خريطة فريدة لمنطقة الربع الخالي, توضح طرق القوافل القديمة وخزانات المياه الجوفية ومجاري الأنهار القديمة والوديان, وكلها مناطق كان من الصعب جدا رؤيتها بالعين المجردة, إلا أنها ظهرت واضحة جلية بفضل تكنولوجيا التصوير الفضائي. وقد أظهرت هذه الخريطة وجود طريق للقوافل مدفونة تحت الكثبان الرملية التي يصل ارتفاعها إلى 183م, وبالاستعانة بهذه المعلومات قررت البعثة الحفر قرب نقطة تقاطع طريق القوافل مع مكمن مائي قديم كشفت عنه الصور الفضائية, وهنا كانت الاكتشافات المدهشة.. قلعة محصنة مثمنة الأضلاع, ذات أبراج وجدران شاهقة يصل ارتفاعها إلى 10 أمتار, وتضم عددا من غرف التخزين وأماكن السكن.. وظهرت المدينة الأسطورية «أوبار». وهناك أيضا الكشف عن آثار مدينة «قرية» التي تقع على ضفاف وادي «الفاو» وتبعد 280 كم إلى الشمال من مدينة «نجران» وتشرف على الحافة الشمالية الغربية للربع الخالي, وتقع على الطريق التجاري الذي يربط بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها, حيث كانت القوافل تبدأ من سبأ ومعين مارة بقرية(محمد الأسعد «حضارات قبل الإسلام» مجلة آفاق علمية, عدد (34)). وقد بدأ التنقيب عنها عام 1972 حيث تولت المهمة جمعية التاريخ والآثار في جامعة الرياض, وأصدرت الجامعة أحد عشر مجلدا عن نتائج التنقيبات, تناولت المعادن والأواني الفخارية والحجرية والمباخر والزجاج والحلي والفخار والعمارة والمسكوكات والكتابات والنقوش, والتي ترجع «قرية» إلى القرن الثاني الميلادي. وهكذا تؤكد كل الشواهد والبراهين العلمية والتاريخية أن الحقائق الواردة في حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صحيحة ثابتة, قالها ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل أربعة عشر قرنا من الزمان, ولم يكن ثمة أجهزة تنقيب أو تصوير فضائي.. وإنما كان هناك الوحي.. {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي}. النبوءة العلمية: عودة الأنهار إلى شبه الجزيرة العربية يتضمن هذا الحديث النبوي الشريف ـ إلى جانب الحقيقة العلمية المبهرة والمعجزة, والتي أثبتها البحث العلمي الحديث, والمتعلقة بمناخ شبه الجزيرة العربية منذ آلاف السنين ـ يتضمن أيضا نبوءة علمية عجيبة وغريبة أخرى, ألا وهي: عودة الصورة الاصلية القديمة لشبه الجزيرة العربية.. أمطار غزيرة, وأنهار جارية, ومراع ومساحات خضراء وارفة!! "لن تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا" ويعتقد البعض أن ما قاله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد تحقق الآن في شبه الجزيرة العربية, نتيجة لاكتشاف مياه جوفيه بكميات كبيرة تدفق منها العديد من الآبار والعيون الجارية (يميز الباحثون بين نوعين من المياه الجوفية: مياه سطحية بالطبقات العليا التي لا يزيد عمقها عن بضع عشرات من الأمتار تحت الأرض, وهي حصيلة الأمطار والسيول الراهنة, وأخرى بالطبقات العميقة على بعد مئات الأمتار أسفل السطح, وهي مدخرة من عصور جيولوجية ماضية.. وفي شبه الجزيرة العربية توجد خزانات جوفية عميقة (أي أنها مدخرة من العصور المطيرة في الماضي البعيد» تحت مساحات شاسعة من أرض الصحراء تقدر بنصف المساحة الكلية, ففي بعض مناطق تبوك أنزلت آبار ناجحة على عمق 800م, وفي القصيم تحفر الآبار ألف متر, وفي الجوف وسكاكا بشمال السعودية فجرت مياه الخزان الجوفي العميق منذ سنوات حيث أنزلت الآبار نحو 850م تحت السطح, فاندفعت المياه ساخنة بضعة أمتار إلى أعلى.. (بتصرف من: جغرافية الصحارى العربية, ص 185. 192. 193)) , مما مكن ـ وباستخدام التكنولوجيا الحديثة في الزراعة ـ من استصلاح مساحات شاسعة من الأراضي الصحراوية وزراعتها.
(في أعلى) التغيرات الفلكية، (في اليسار) تأثير التغيرات في شدة الإشعاع الشمسي خلال فصل الصيف، (في اليمين) حجم المسطحات الجليدية الأرضية.
اضغط على الصورة لتكبيرهاوهذا مخالف لظاهر كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد قال: «مروجا وأنهارا» ولم يقل «مروجا وعيونا» ومعروف أن الأنهار تتكون أساسا من سقوط الأمطار الغزيرة, وهذا ما لم يحدث حتى الآن. والظن الغالب, والتفسير الأقرب إلى المفهوم من كلامه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن هذا سيحدث كنتيجة لتغير شامل في مناخ الكرة الأرضية, ينتج عنه تحرك نطق المطر بحيث تدخل صحراء شبه الجزيرة العربية فيها, مما يؤدي إلى جريان الأنهار في أوديتها الجافة, وهذا يعني ـ كما سبق أن ذكرنا ـ دخول الأرض في عصر جليدي جديد!! مناخ الأرض المتغير والواقع أن صورة المناخ الثابت للأرض صورة غير حقيقية, فخلال آلاف السنين ـ وهي تعد لحظات بالنسبة للتاريخ الجيولوجي ـ تحدث تغيرات هائلة في مناخ الأرض, حيث يسودها مناخ بارد وتحتل المسطحات الجليدية الهائلة مساحات شاسعة منها, ثم تبدأ درجات الحرارة في الارتفاع مرة أخرى, وينحسر الجليد, وتحدث فترة دفء.. وهكذا. وهناك العديد من الأدلة على حدوث مثل هذه الذبذبات المناخية لخصها الأستاذ «أوستن ميلر» فيما يلي :( الجغرافيا التاريخية الطبيعية, ص 134 ـ 135) 1- المعلومات الخاصة بالأمطار وغيرها من الظواهر المناخية الأخرى, والتي سجلها الكتاب القدماء, مثل سجل الظواهر الجوية الذي دونه بالإسكندرية بطليموس في القرن الثاني الميلادي. 2- المعلومات الخاصة بالفيضانات وفترات الجفاف. 3- المعلومات الخاصة بمواعيد بذر الحبوب وضمها, ومثال ذلك أنه توجد في بعض جهات أوروبا سجلات مدون فيها مواعيد جَنْي الكروم منذ سنة 1400م. 4- البيانات الخاصة بمواعيد تجمد المواني, فمثلا توجد بالدانمارك سجلات مدون فيها مواعيد تجمد المياه عند سواحلها في فصل الشتاء منذ سنة 1350م. 5- اختلاف المسافات بين الحلقات السنوية لنمو الأشجار المعمرة (الحلقات التي تظهر في مقطع الشجرة) وقد عُمِّر بعض هذه الأشجار أكثر من 3000 سنة. 6- وجود الغابات المتحجرة في جهات لا تكفي أمطارها في الوقت الحالي لنمو الغابات, وكذلك وجود كتل الأخشاب المتفحمة في جهات شديدة الجفاف في الوقت الحاضر. 7- وجود آثار مراكز عمران قديمة في جهات لا تساعد ظروفها المناخية الحالية على العمران, مثل أنقاض مدينة «تدمر» بالصحراء السورية, والتي يقدر عدد سكانها في القديم ـ بناء على هذه الأنقاض ـ بأكثر من مائة ألف نسمة. 8- وجود آثار تدل على الزراعة في مناطق لا يسمح مناخها الحالي بالزراعة. 9- امتداد بعض الطرق حول بحيرات جافة حاليا, وكذلك قيام كباري ومعابر على مجاري مائية ليس بها ماء في الوقت الحاضر. وغيرها من الأدلة الكثيرة التي تثبت هذه الحقيقة. ومن الثابت أيضا «أن ظهور الإنسان الأول كان معاصرا لتغيرات مهمة في المناخ, نتج عنها ظهور الفترات الجليدية في عصر البليستوسين الجيولوجي» (المرجع السابق , ص : 136) وهي آخر الفترات الجليدية, ونعيش الآن فترة الدفء التي أعقبتها. النظرية الفلكية للعصور الجليدية وقد شغلت ظاهرة دخول الأرض في عصور جليدية أذهان العلماء, وأخذوا يبحثون عن الأسباب التي تسببها, ووضعوا لذلك العديد من النظريات والافتراضات, ومن أشهرها ـ الآن ـ نظرية الفلكي اليوغسلافي «ميلانكوفيتش» التي طرحها في بدايات القرن الميلادي الماضي.. فماذا قال «ميلانكوفيتش»؟ (ترجع النظرية الفلكية للعصور الجليدية إلى القرن التاسع عشر, وإلى أعمال الفلكي الاسكتلندي جيمس كرول الذي ولد عام 1821 ونشر آراءه في ثمانينيات القرن التاسع عشر, ولم تلق قبولا آنذاك, ثم أعاد ميلانكوفيتش طرحها ـ بعد أن أدخل عليها تعديلات ـ عام 1941).
 اضغط على الصورة لتكبيرها  لقد أرجع سبب الانقلابات المناخية على سطح الأرض إلى التغيرات التي تطرأ على ثلاثة مقادير متعلقة بهندسة مدار الأرض حول الشمس.    فالأرض تدور حول الشمس في مدار شبه دائري, ولكنه لا يثبت هكذا, بل يتغير فيمتد قليلا ليصبح إهليجيَّا, ثم يعود إلى وضعه شبه الدائري في دورة مدتها 100 ألف سنة, وعندما يكون المدار دائريا فإن الأرض تتلقى كمية مماثلة من حرارة الشمس في كل يوم من أيام السنة, أما عندما يكون المدار إهليجيا فإن كوكبنا يكون في بعض أيام السنة أقرب إلى الشمس ويتلقى مزيدا من الحرارة منه في أيام السنة الأخرى, ولكن مجموع كمية الحرارة التي يتلقاها الكوكب بأسره خلال سنة كاملة يبقى ثابتا دوما.. هذا هو التغير الأول في نظرية «ميلانكوفيتش».   أما التغير الثاني فهو في محور دوران الأرض.. فالأرض تدور حول محورها, وهذا المحور يكون مائلا على مستوى دورانها حول الشمس, بمعنى أنه إذا رسم محور متعامد على مستوى دوران الأرض حول الشمس (وهو ما يعرف بدائرة الكسوف) فإن محور دورانها يميل على هذا المحور العمودي بزاوية تتغير من ْ21.8 إلى ْ24.5 في دورة مدتها 41 ألف سنة.. وهذه الزاوية الآن 23.4 وهي آخذة في التناقص. والتغير الثالث في هندسة مدار الأرض يتعلق أيضا بمحور دورانها, فهذا المحور الوهمي يرسم في السماء دائرة ـ وهو ما يعرف بالترنح «Precession» ويكمل المحور دورته هذه في دورة مدتها 23 ألف سنة. هذه هي التغيرات التي تطرأ على هندسة مدار الأرض حول الشمس والتي يسببها تفلطح الأرض وعدم كمال استدارتها, وجاذبية القمر والكواكب لها, مما يجعلها تترنح في دورانها حول الشمس كما تترنح «النحلة» التي يلعب بها الصبية, وهذا بدوره يؤثر على كمية الإشعاع الشمسي الواصلة إلى الأرض خلال أيام السنة. كان من المستحيل أيام «ميلانكوفيتش» أن تختبر النظرية الفلكية للعصور الجليدية, فلم يكن ثمة من يعرف التواريخ المضبوطة لنمو وانحسار الجليد خلال الآلاف الماضية من السنين, وهكذا ظلت هذه النظرية غير مثبتة وليس لها من المتحمسين إلا القليل, إلى أن تطورت التقنيات الحديثة لتعقب حرارة الأرض على مر آلاف الأعوام عبر العصور, تم هذا في السبعينيات بدراسات على بقايا الأصداف الجيرية والقواقع والحيوانات الأولية المترسبة في أعماق البحار(جون جريبين «ظاهرة الصوبة» ترجمة د. أحمد مستجير, ص: 62 ـ 63). وتستخرج الرواسب من قاع البحر في صورة أعمدة طويلة يستخرجها مثقاب من سفن الاستكشاف الجيولوجي, لكن عمر الرواسب عند أي عمق لا يمكن استقراؤه مباشرة من العمود, وإنما يقدر بمقارنة المغناطيسية (يتغير المجال المغناطيسي للأرض تغيرا واسعا مع الزمن الجيولوجي, فيضعف ويشتد, وأحيانا ينعكس تماما, وهذه التغيرات ـ خاصة الانعكاس ـ تمثل بصمة مميزة للعصر الجيولوجي, فمن الممكن أن نقارن أي قطعة من الرواسب لها مغنطيسية معينة بنظيرتها من صخور اليابسة, ليحدد عمرها بدقة بالغة. (ظاهرة الصوبة, ص: 63 بتصرف() المحبوسة بها بمغناطيسية صخور من البر حسب عمرها بالفعل بطرق أخرى (24), وهذا يحل نصف المشكلة, وهي تحديد عمر الرواسب, ويبقى النصف الآخر, وهو تحديد درجة الحرارة في هذا الزمن الذي ترسبت فيه. هناك نوعان شائعان من ذرات الأكجسين (نظيران) هما أكسوجين (16) وأكسوجين (18) وكلاهما موجود في الهواء الذي نتنفسه , وكذا في ماء البحر, ولما كان الأكسوجين (18) أثقل من الأكسوجين (16) فإن البعض من جزئيات ماء البحر سيكون أثقل من البعض الآخر, وجزئيات الماء الأثقل تتجمد أسرع من جزيئات الماء الأخف, وهذا يعني أن نسبة أكبر من الجزيئات الأثقل ستحبس في الثلج عند حلول العصر الجليدي, ولما كانت الكائنات البحرية تأخذ الأكسوجين من بيئتها لبناء أصدافها, فإن الأصداف التي تتكون في العصر الجليدي ستحتوي على قدر أعلى نسبيا من نظير الأكسوجين الأخف, الذي لم يحبس داخل الطبقات الجليدية الضخمة.. وبقياس نسبة نظيري الأكسوجين في بقايا القواقع والأصداف الموجودة في الطبقات المختلفة من الرواسب أمكن الاستدلال على درجة الحرارة عند ترسيبها (المرجع السابق, ص: 64). لقد وجد أن طول العصر الجليدي نحو مائة ألف عام, تأتي بعده فترة دفء تسمى مرحلة «بين جليدية» تستمر لمدة عشرة إلى عشرين ألف عام, ولقد تكرر هذا النمط عشر مرات خلال المليون سنة الأخيرة, ونحن نعيش الآن قرب نهاية مرحلة دفء طبيعي, فترة بين جليدية بدأت منذ ما يقرب من عشرة آلاف عام (المرجع السابق, ص: 58).. أي أن الأرض تقترب من بداية عصر جليدي جديد.. وتتحقق نبوءة النبي ـ صلى الله عليه وسلم. ويتوقع «هال ماكلور» عودة البحيرات إلى صحراء شبه الجزيرة العربية, فقد لاحظ في تموز (يوليو) 1977 سقوط أمطار شبه موسمية على امتداد ثلاثة أسابيع في شمال الربع الخالي, ولم ينتج عن ذلك تشكل بحيرات جديدة, ولكن ـ على حد قوله ـ «إذا تكرر هذا الأمر وبقوة كافية لتكوين بحيرات فقد يكون ذلك مؤشرا على عودة الأمطار الموسمية إلى الربع الخالي ومعها انقلاب في المناخ(آفاق علمية, عدد (24), ص: 15)
(أقرأ المزيد ... | التقييم: 4.52)
الاعصار و النار
الإعجاز بالقرآنتم نقل المقال من موقع الهيئة العالمية للأعجاز العلمي فى القرأن والسنةwww.nooran.orgونشكر لهم السماح بنشر الأبحاث من هيئتهم المحترمة-----------------------   قال الله تعالى: (أيَوَدّ أحَدُكُمْ أن تَكُونَ لَهُ جَنــَّةٌ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَآءُ فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَـيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّـكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (البقرة 266).  وقفت عند قوله تعالى: (فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ) وسألت هل يحتوي الإعصار في كيانه الفيزيائي على تكون ناري؟ ووجدت أن أحدث الدراسات العلمية المتخصصة في "الأعاصير" لم تتوصل حتى الآن فيما أعلم إلى ما يؤكد احتواء كيان الإعصار على نار. ولكن يمكن أن نطرح السؤال التالي على علماء الأرصاد: هل يكوّن الإعصار ناراً أم لا؟ وهل يحمل الإعصار هذه النار بين ثناياه؟ فإن كانت الإجابة بنعم ـ وكان الواقع يؤكد ذلك كان في هذه الآية سبق وإعجاز علميا فريدا. وسنلقي بإطلالة على معنى الآية، ونورد بعض الشواهد العلمية التي تساعد المتخصصين في علم الأرصاد للكتابة المتعمقة والدقيقة في هذا الموضوع.   المعنى اللغوي للإعصار:    في المصباح المنير: الإعصار ريح ترتفع بتراب بين السماء والأرض وتستدير كأنها عمود والإعصار مذكر قال تعالى: (فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ) والعرب تسمى هذه الريح الزوبعة أيضا والجمع الأعاصير وفي مختار الصحاح: والإعصار ريح تثير الغبار فيرتفع إلى السماء كأنه عمود ومنه قوله تعـالى : (فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ) وقيل هي ريح تثيرسحابا ذات رعد وبرق، وفي المعجم الوجيز: اعتصر الشيء: عصره وعصر الشيء عصْرا: استخرج ما فيه من دهن أو ماء أو نحوه. والإعصار ريح تهب بشدة وتثير الغبار وترتفع إلى السماء كالعمود.. ورد في فتح القدير للشوكاني: والإعصار الريح الشديدة التي تهب من الأرض إلى السماء كالعمود وهي يقال لها الزوبعة والزوبعة رئيس من رؤساء الجن ومنه سمي الإعصار زوبعة، ويقال أم الزوبعة: وهي ريح يثير الغبار ويرتفع إلى السماء كأنه عمود وقيل هي ريح تثير سحابا ذات رعد وبرق.   وفي علم الجغرافيا الحديث ـ الإعصار منطقة من الضغط تجذب الرياح إلى مركزها في اتجاه عكس عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي والعكس في نصف الكرة الجنوبي وتعرف هذه المناطق بالعروض الوسطى بالمنخفضات الجوية. وفي التفسير الشرعي:    قال ابن كثير في قوله تعالى: (وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَآءُ فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ) "وهو ريح شديد" فيه نار فاحترقت أي احرق ثمارها واباد أشجارها فأي حال يكون حاله؟ قال ابن عباس: ضرب الله مثلا حسنا وكل أمثاله حسن قال }أيَوَدّ أحَدُكُمْ أن تَكُونَ لَهُ جَنــَّةٌ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ{ يقول: ضيعة في شيبته }وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ{ وولده وذريته ضعاف عند آخرعمره فجاءه (إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ) فاحترق بستانه فلم يكن عنده قوة أن يغرس مثله ولم يكن عند نسله خير يعودون به عليه. ويقول ابن عباس: (إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ) قال: ريح فيها سموم شديدة.  مدخلات الدراسة الإعجازية:   يصنف العلماء الأعاصير إلى الأعاصير القمعية والأعاصير المدارية (التايفونات). ومن الأعاصير التي درسها الباحثون في الإدارة القومية للمحيطات والغلاف الجوي خدءء إعصار اندرو ءخزط في العام 1992 الذي قتل 15 شخصا ودمر ممتلكات قيمتها 25 بليون دولار في جنوب فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية. أيضا إعصار اوبال دذءج فوق خليج المكسيك عام 1995 الذي تسبب في دمار هائل فقتل اكثر من 28 شخصا، كذلك تناول الباحثون إعصار بوني دخخة الذي مر فوق خليج المكسيك العام 1998 وفي العام 1999 حط إعصار برت زش فوق منطقة زراعية غير مأهولة في تكساس ودمرهذه المزروعات.    يضع الباحثون قوى الأعاصير وفق تقسيم درجاتي، فكان إعصار اوبال قد بلغت قوته (الفئة4) كما كانت قوة إعصار هوكو بصاد (الفئة 5)وهي شديدة العنف. وقد تناول الباحثون ـ حديثا جدا ـ الإعصار دينيس بولاية فلوريدا والذي حدث في 29 أغسطس 1999 وقد تضمن تقرير الفحص أن الإعصار أطلق رياحا تبلغ سرعتها 145 كيلومتر وكان الخوف قد سيطر على السكان في الجزر القريبة من ساحل كارولينا الشمالية، فعمدوا إلى إغلاق منازلهم بألواح خشبية ووضع أكياس من الرمل في سياراتهم لتثبيتها إلى الأرض والفرار من العاصفة الوشيكة.    والغريب انه متى صادف الإعصار حطه في منطقة غابات أي بيئة مهيأة لتلقي الاشتعال، تندلع النيران في هذه الأماكن وقد سجلت حالات كثيرة لم يسند فيها مرجع الإشعال إلى تدخل العنصر البشري... بما يعني أن الإشعال قد صنعته الطبيعة فالتهمت نفسها بنفسها وذلك بفعل مؤثر خارجي... بالدرجة التي جعلتني أتساءل: هل يمكن أن يكون مصدر النيران المشتعلة نزول الأعاصير عليها.    وأظن أن الصلة قائمة لا مناص بين الإعصار واندلاع الحريق في الغطاءات النباتية والغابات في بيئاتها الطبيعية. لكن السؤال الذي أوجهه لعلماء الطبيعة المتخصصين هل يمكن أن يحتوي الإعصار على النار بما تعنيه الكلمة من معنى، أو بالأقل احتواء الإعصار على الآلية المضيئة لإشعال النار؟... فإذا كان الأمر كذلك وفق أحد هذين الفرضين كانت آية الذكر الحكيم }إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ{ آية جديرة ببحوث الإعجاز العلمي.     والثابت في قول ابن كثير أن الإعصار ريح شديدة... وقد ربط بين هذا الريح وتلك الحرائق التي أبادت الشجر، وأتصور أن الإعصار ـ داخل منظوماته الهوائية الحركية العنيفة ـ إذا صادف اغتنامه للبرق يكون منطقيا احتضان الإعصار لنواتج البرق وداخل آلياتها مسببات الإشعال ـ فيأتي الإعصار ممزوجا به آليات الإشعال أو حتى الإشعال ذاته إذا كان قد نتج وفي هذا يبدو الإعصار للناظرين » إعصار به نار« وربما يؤيد هذا الافتراض ما ذكره الباحثون المتخصصون حول » البرق « حيث يمثل: يبدا سهم البرق الطبيعي بنذير لا يكاد يرى يدعى الطور الطليعي ينتشر إلى الأسفل بدءا من السحابة باتجاه الأرض بشكل متدرج مقتلعاً في طريقه إلكترونات ضعيفة الارتباط بين جزئيات الغاز الموجودة في الجو ومشكلا قناه من الهواء المؤيّن تعمل كقناة موصلة وبعد أن يمس الطور الطليعي الأرض مباشرة ينفجر » طور العودة « الساطع، وكما يحدث أثناء الطور الطليعي، فان صاعقة العودة التي تحمل تيارات تمتد من بضعة آلاف الأمبيرات حتى تصل إلى نحو 300000 أمبير، ويسير سهم البرق المبهر للأبصار هذا بسرعات قد تصل إلى نصف سرعة الضوء، ويمكن للتيار الكهربائي الهائل الذي يحمله معه أن يدمر بسهولة أي جسم يصادفه في طريقه. هذا والله تعالى أعلم.   المراجع: 1 ـ المصباح المنير للفيومي الجزء الأول والثاني من كتاب، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1926. مختار الصحاح للرازي، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، 1962، ط 9. 2 ـ المعجم الوجيز، مجمع اللغة العربية / 1997 3 ـ ابن كثير، تفسير القران العظيم، الجزء الأول، دار الحديث ص 302  4 ـ الشوكاني، فتح القدير، المجلد الأول، دار الفكر، ص 287 ـ 288  5 ـ مجلة العلوم، مجلد 13 ـ العدد 10 أكتوبر 1997، التحكم في البرق ص 10 ـ 15  6 ـ مجلة العلوم، مجلد 16، العددان 6,5 مايو / يونيو 2000 تفحص الإعصار ص 20 ـ 25
(أقرأ المزيد ... | التقييم: 4.37)
الإعجاز العلمي في قيمة اللبن الغذائية
الإعجاز بالحديث

تم نقل المقال من موقع الهيئة العالمية للأعجاز العلمي فى القرأن والسنةwww.nooran.orgونشكر لهم السماح بنشر الأبحاث من هيئتهم المحترمة-----------------------

للدكتور/ علي أحمد علي الشحات

عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (من أطعمه الله طعامًا فليقل: اللهم بارك لنا فيه وارزقنا خيرًا منه، ومن سقاه لبنًا فليقل: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإني لا أعلم ما يجزي من الطعام والشراب إلا اللبن)(1)، ولقد جاء في الصحيح عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن جبريل ـ عليه السلام ـ جاء بإناء من خمر وإناء من لبن، فاختار الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إناء اللبن، فقال له جبريل: اخترت الفطرة، أما إنك لو اخترت الخمر غَوَت  أُمّتك(2).

من ذلك نرى أن جبريل ـ عليه السلام - عرض الإناءين على النبي - صلى الله عليه وسلم - فاختار الرسول - صلى الله عليه وسلم - اللبن وأعرض عن الخمر، فقال له جبريل - عليه السلام: اخترت الفطرة التي فطر الله الناس عليها. ولقد شاء المولى - جل شأنه - أن يتغذى الرضع الصغار باللبن قبل إعطائهم أي غذاء آخر، وهذا يدل على أن اللبن ذو قيمة غذائية مرتفعة، ويفي بالاحتياجات الغذائية في شكل ملائم ونسب متّزنة، وأقرب إلى الكمال من أي غذاء آخر.  والحقيقة أن اللبن أكمل الأغذية من الناحية البيولوجية، رغم أنه ينقصه قليل من العناصر الغذائية، ولكن رغم ذلك يعد أفضل من أي غذاء منفرد وحيد، ولا توجد أي مادة غذائية أخرى يمكن أن تقارن مع اللبن من حيث قيمته الغذائية المرتفعة؛ وذلك لاحتوائه على المواد الغذائية الأساسية الضرورية؛ التي لا يستغني عنها جسم الإنسان في جميع مراحل نموه وتطوره. فاللبن يُعَدّ من أحسن الأغذية للأطفال والناشئين، والبالغين والمسنّين على السواء، فعلاوة على أنه ينفع الصغار في حياتهم المقبلة ويكسبهم مناعة ضد كثير من الأمراض؛ فإنه أيضًا يفيد الكبار كثيرًا لقيمته الغذائية المرتفعة. ويعد اللبن ومنتجاته من المواد الغذائية الضرورية المهمة للإنسان في معظم بلاد العالم، فحيث يستعمل سكان خط الاستواء في الجنوب ألبان الماعز والإبل في غذائهم؛ نجد أن لبن الغزلان يستعمله سكان الإسكيمو في الشمال، ولبن الخيول يستعمل في آسيا، ولبن الجاموس يشربه سكان أفريقيا، وشبه القارة الهندية، ولكن يلاحظ أن الاستعمال إنما هو الشائع لألبان البقر والغنم في معظم بلاد العالم.

ومع أن ألبان الأنواع المختلفة تحتوي على نفس العناصر، ولكن تختلف في نسبها وخواصّها.

القيمة الغذائية للّبن:

أصبح من المعروف حاليٌّا في علوم التغذية أن هناك مواد غذائية أساسية للصحة الجيدة والقوة والنشاط والحيوية لا يستغني عنها الإنسان في جميع أطوار حياته وهذه المواد هي:

البروتينات: ومن أهم فوائدها: بناء العضلات والأنسجة الجديدة.

الكربوهيدرات: مثل النشويات، السكريات، وهي التي تمد الجسم بالحرارة والنشاط.

الدهون: التي تختزن في الأنسجة الحية، وتمد الجسم أيضًا بالحرارة.

المعادن: وهي عناصر مهمة لتكوين العظام والأسنان، ولأداء وظائف الجسم الحيوية بانتظام

الفيتامينات: وهي مواد مهمة للحياة والنمو والوقاية من كثير من الأمراض،و أيضًا هي مركبات تسمح بتمثيل مواد الغذاء الأخرى.

الماء: الذي يعمل كمذيب وحامل للمواد الغذائية بالجسم.

العناصر والمركبات الغذائية الحيوية المهمة للّبن:

 يمد اللبن جسم الإنسان بمجموعة كبيرة جدٌّا من هذه العناصر والمركبات الغذائية الحيوية المهمة، ويمكن إيجاز ذلك في النقاط التالية:

1 ـ يعد اللبن موردًا مُهِمٌّا وجيدًا للبروتينات ذات القيمة الغذائية المرتفعة، وتمــــد بروتينات اللبن جســـم الإنســــان بالأحماض الأمينية الأساسية ــ بمقادير وتركيزات مرتفعة ــ ذلك بالإضافة إلى أنه قد ثبت أن بروتينات اللبن غنية بالفوسفور الذي يساعد على امتصاص الكالسيوم من القناة الهضمية وبالتالي يستفيد الجسم من الكالسيوم، هذا علاوة على أن اللبن ذاته غني أيضًا بالكالسيوم، لذا فإن الأطفال والبالغين الذين يتناولون اللبن في غذائهم لا تظهر عليهم أعراض أمراض لين العظام والكساح أوضعف تكون الأسنان.

2 ـ توجد الأحماض الدهنية في اللبن بنسبة دقيقة جدٌّا بحيث يسهل هضمها وتمثيلها في الجسم، ويحتوي دهن اللبن على كثير من المواد الحيوية المهمة مثل: الأحماض الدهنية الأساسية، والفيتامينات الذائبة في دهن اللبن، والمركبات الدهنية الفوسفاتية. كذلك تعتبر النسبة بين الدهن والسكر في اللبن مهمة جدٌّا؛ إذ إنها تنشط نمو البكتريا النافعة بالأمعاء.

3 ـ يقتصر وجود اللاكتوز على اللبن فقط، ويمتاز سكر اللبن (اللاكتوز) عن غيره من الكربوهيدرات الأخرى بقدرته على التخمر الذي يعد ذا أهمية نافعة في التغذية، كما أنه يؤثر على غشاء المعدة المخاطي نظرًا لقلة ذوبانه.

       كذلك فإن احتواء سكر اللبن على سكر الجالاكتوز يزيد من أهميته، إذ يعتبر هذا السكر أساس تكوين الجالاكتوز في أغشية المخ والخلايا العصبية. أيضًا ينفرد سكر اللبن بقدرته على تنشيط نمو أنواع مفيدة من بكتريا حمض اللاكتيك، والتي يمكن أن تحل محل بعض البكتريا التعفنية في القناة الهضمية. كما يساعد الحامض المتكون ــ نتيجة نشاط الميكروبات النافعة ــ على تمثيل وامتصاص الكالسيوم وبعض المعادن الأخرى.

4 ـ يعد اللبن مصدرًا مُهِمٌّا لكثير من الفيتامينات. وهي مواد تساعد على الاستفادة من الغذاء والوقاية من الأمراض. وتوجد بعض فيتامينات اللبن ذائبة في الدهن، وهي فيتامينات أ، د، هـ، ك، والبعض الآخر ذائبًا في ماء اللبن: وهي فيتامينات ب1، ب2، ج، وكذلك الكولين.

5 ـ يكوّن الماء ما يقرب من (85 ـ 90) من ألبان الثدييات المختلفة، وبعض مكونات اللبن إما ذائبة في الماء، مثل بعض الفيتامينات والأنزيمات واللاكتوز، أو على صورة معلّقة بالماء مثل حبيبات الدهن أو جزيئات الكيزين.

       والماء له دور مهم وحيوي في حياة الإنسان حيث إن له وظائفه الفسيولوجية في الجسم الإنساني، فهو على سبيل المثال يكون حوالي (85 ـ 92) من دم الثدييات المختلفة، كما أن الكثير من أنسجة الجسم تحتوي على الماء،و أيضًا فإنه ينظم درجة حرارة الجسم، كذلك فالماء هو الوسط المناسب لانتشار وتأيّن العناصر المختلفة بالجسم، كما أنه الوسط المناسب للتفاعلات المختلفة وعمليات الهضم والهدم والبناء التي تحدث في الجسم.

6 ـ يعتبر اللبن مصدرًا مُهِمٌّا من مصادر فيتامين (أ) الذي يعد مُهِمٌّا جدٌّا في حياة الإنسان، حيث يوجد هذا الفيتامين بنسبة كبيرة في اللبن، ذلك بالإضافة إلى مادة الكاروتين التي تتحول إلى فيتامين (أ) في الجسم بواسطة الأكسدة.

        ومن أهم فوائد فيتامين (أ) أنه ضروري جدٌّا للنمو، ولقد أثبتت التجارب الحديثة التي أجريت على الفئران أن نقص هذا الفيتامين يسبب وقف نموها ثم موتها.

       كذلك فإن فيتامين (أ) مهم جدٌّا في عملية الإبصار، ويعرف هذا الفيتامين باسم الفيتامين المضاد (للرمد الجاف) إذ إن نقص هذا الفيتامين في الغذاء يسبب المرض بهذا النوع من الرمد، كما أنه يسبب أيضًا مرض العشى الليلي. ومن فوائد فيتامين (أ) أيضًا أنه يكسب جسم الإنسان المناعة من الإصابة بعدوى بعض الأمراض، كما أن له تأثيرًا مُهِمٌّا في عمليات تكوين العظام والغضاريف، كذلك فإن نقص فيتامين (أ) يؤثر على الخصوبة والتكاثر والتوالد.

7 ـ يحتوي اللبن على نسبة لا بأس بها من فيتامين (د) وهذا الفيتامين يساعد على ترسب الكالسيوم والفوسفور في الجسم، أي أنه يساعد على نمو العظام، كذلك فهو مانع للكساح، لذلك يسمى فيتامين (د): المضاد للكساح. كذلك يحتوي اللبن على مادة الكوليسترول، التي بتعرضها لأشعة الشمس أو الأشعة فوق البنفسجية تتحول إلى فيتامين (د). وقد وجد أن قوة اللبن من هذا الفيتامين تزيد (20) ضعفًا إذا عومل بالأشعة فوق البنفسجية، وهذه الطريقة مستعملة في بعض الدول الأوربية والأمريكية، وذلك لأنها تزيد نسبة وكمية فيتامين (د) في اللبن، وفي الوقت ذاته تقتل الميكروبات وتعقم اللبن.

8 ـ يعد اللبن غنيٌّا بفيتامين (ب2) أو الريبوفلافين. ويؤدي نقص فيتامين (ب2) إلى ظهور مرض البلاجرا، لذا يسمى هذا الفيتامين بالمانع لمرض البلاجرا.

9 ـ يوجد الكولين في اللبن بوفرة، والكولين هو العامل المانع لتراكم الدهن حول الكبد، والكولين يكون جزءًا من الليسيثين الموجود في دهن اللبن، ويعد الليسيثين من الفوسفوليبيدات المهمة في تكوين الخلايا، والكولين عامل مهم في تمثيل الدهون واستخدامها في الجسم، لذلك يؤدي نقص الكولين إلى بطء النمو وتراكم الدهن حول الكبد وخلل في عمليات تمثيل الدهون في الجسم.

10 ـ  يعد اللبن أحد المصادر الطبيعية الأساسية الغنية بالكالسيوم والفوسفور، وهما من الأملاح المعدنية الضرورية لجسم الإنسان، إذ أن هذه المعادن تدخل في تكوين الهيكل العظمي وتركيب الأسنان وتنظيم الضغط الأسموزي، وتساعد على تنشيط الأنزيمات. ومن المعادن الأخرى التي توجد في اللبن ـ كذلك ـ بنسب لا بأس بها: الماغنسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والكلور والكبريت، ولكن يعد اللبن فقيرًا في عنصر الحديد، ويمكن تعويض ذلك بتعاطي أغذية غنية بهذا المعدن مثل البيض والخضراوات والفاكهة. ويوجد في اللبن أيضاً نسب ضئيلة من الروبيديوم والليثيوم. والباريوم والمنجنيز والاسترانثيوم والألومنيوم والفلور والنحاس واليود والزنك والكوبلت.

11 ـ  يحتوي اللبن على كثير من الأنزيمات التي تساعد على هضم الطعام وامتصاصه.

هذا هو اللبن الذي أخرجه المولى ـ جل شأنه ـ بقدرته العظيمة من بين فرث ودم (لبنا) خالصًا سائغًا للشاربين، يجزئ الأصحاء ويكفيهم، ويقوي المرضى ويشفيهم وصدق الله ـ سبحانه وتعالى ـ إذ يقول: (وَإِنَّ لَكُمْ فِى الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِمَّا فِى بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ) النحل: 66.

وجه الإعجاز:

وهكذا يتجلى لنا بوضوح أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد أشار إلى قيمة اللبن الغذائية المتميزة في زمن لم يكن يدرك الناس وقتئذ تركيب اللبن وما يحتوي عليه من عناصر ومركبات الغذاء الحيوية المهمة التي لا تجتمع في شراب غيره. ثم لمّا تقدم العلم وتوفرت الأجهزة توصل العلماء والباحثون إلى اكتشاف هذه المواد الغذائية التي يحتوي عليها اللبن من البروتينات والكربوهيدرات، والسكريات، والدهون، والمعادن والفيتامينات، وغير ذلك.

فمن أخبر محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذه الحقائق في وقت كان يستحيل فيه على الإنسان أن يتوصل إلى ما توصل إليه اليوم؟، حيث إنه بعد رحلة شاقة من الدراسة والبحث وصل من خلالها إلى نتائج تتوافق مع ما أخبر به النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ مما يدل دلالة قاطعة على أن محمدًا رسول الله، وأن ما أخبر به وذكره إنما هو بتعليم الله له: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى) النجم: 3، 4.

المراجع العربية والأجنبية:

1 ـ الشحات: د. علي أحمد، اللبن وقيمته الغذائية ـ المكتبة الثقافية ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة ـ مصر.

2. Davidsen,Sir StanleyChurchill and dietetics. Human natural Livingstone,Edinbuurgh (1972)2

3. Elshahat,A.A. Shams University,  production.

Milk Thesis,Ain Fac. Of Agric. Cairo, Egypt.

Study on some Facors Affecting (1970).

4. Hutchinson,R. and Moncrieff Food and principles of nutrition,Edward Arnolds.(1980)  

(أقرأ المزيد ... | التقييم: 4.6)
التلبينة خبز الشعير
الإعجاز بالحديث

تم نقل المقال من موقع الهيئة العالمية للأعجاز العلمي فى القرأن والسنةwww.nooran.orgونشكر لهم السماح بنشر الأبحاث من هيئتهم المحترمة-----------------------

التلبينة: غـذاء ودواء

د. رامي عبدالحسيب 

لاشك أن هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الطعام والشراب ذو فائدة جمّة لصحة الإنسان. ويُظهِر العلم يومًا بعد يوم هذه الفوائد من خلال الأبحاث المعملية والتجريبية الحديثة. وفي هذا المقال سنتناول هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في تناول حبوب الشعير خبزًا وحساءً وشرابًا، وكيف أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصفه لمداواة المرضى وتخفيف الحزن والغم الذي يعتري النفس الإنسانية بين حين وآخر، وسنعرض نتائج البحوث الحديثة التي توضح بالدليل العلمي الفوائد الغذائية والدوائية لحبوب الشعير، مما يثبت ويؤكد أن حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الموضوع خارج من مشكاة النبوة.

أولاً: أهم الأحاديث الواردة في الموضوع:

1 ـ روى الترمذي بسنده عن سُلَيم بن عامر سمعه أبو أُمامة يقول: (ما كان يفضل عن أهل بيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خبز الشعير).

2 ـ روى الإمام أحمد عن عروة عن عائشة ـرضي الله عنها ـ أنها قالت: (ولا أَكَلَ ـ صلى الله عليه وسلم ـ خُبزًا منخولاً منذ بعثه الله إلى أن قُبِض).

3 ـ في الصحيحين من حديث عروة عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت إذا مات الميت من أهلها واجتمع لذلك النساء ثم تفرقن إلى أهلهن أمرت بِبُرمَة من تلبينة فطُبخَت، وصنعت ثريدًا ثم صبت التلبينة عليه، ثم قالت: كلوا منها فإني سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (التلبينة مُجِمَّةٌ لفؤاد المريض تذهب ببعض الحزن).

4 ـ روى ابن ماجه من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أخذ أحدًا من أهله الوعكُ أمر بالحساء من شعير فصُنع، ثم أمرهم فَحَسَوا منه ثم يقول: (إنه يرتو فؤاد الحزين، ويسرو فؤاد السقيم، كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها). أخرجه ابن ماجه في الطب باب التلبينة، والترمذي باب ما يطعم المريض، وقال: حسن صحيح.

5 ـ في السنة من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالبغيض النافع التلبين)، قالت: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا اشتكى أحد من أهله لم تزل البُرمة على النار حتى ينتهي أحد طرفيه ـ يعني يبرأ أو يموت. أخرجه ابن ماجه وأحمد، وفي سنده جهالة، وله شواهد.

6 ـ وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا قيل له إن فلانًا وَجِعٌ لا يطعم الطعام قال:(عليكم بالتلبينة فحسوه إياها)، ويقول: (والذي نفسي بيده إنها تغسل بطن أحدكم كما تغسل إحداكن وجهها من الوسخ). 

       أشارت هذه الأحاديث إلى استعمال حبوب الشعير غذاء ودواء فقد استعمله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأهل بيته خبزًا، وأمر به للمريض الذي لا يطعم الطعام، وأمر به للحزين، وإصلاح فؤاد المريض، وأمر به للمبطون فإن حساء الشعير يغسل بطن المريض، ويرتو فؤاد الحزين، ويسرو فؤاد السقيم.

والتلبين لغة:

هو الحساء الرقيق الذي هو في قوام اللبن، ومنه اشتق اسمه، وقال الهروي ـ رحمه الله: سميت تلبينة لشبهها باللبن لبياضها ورقتها.

وقال ابن القيم ـ رحمه الله: وهذا الغذاء هو النافع للعليل وهو الرقيق الناضج، لا الغليظ النيئ، وإذا شئت أن تعرف فضل التلبينة فاعرف فضل ماء الشعير، بل هي ماء الشعير لهم. فإنها حساء متخذ من دقيق الشعير بنخالته والفرق بينها وبين ماء الشعير أنه يطبخ صحاحًا والتلبينة تطبخ منه مطحونًا، وهي أنفع منه لخروج خاصية الشعير بالطحن.

ثم قال ـ رحمه الله: وقوله ـ صلى الله عليه وسلم: (مجمة لفؤاد المريض) يُروَى بوجهين بفتح الميم والجيم، وبضم الميم وكسر الجيم، والأول أشهر ومعناه مريحة له أي تريحه وتسكّنه، من الإجمام وهو الراحة. وقوله: (تذهب ببعض الحزن)، قد يقال ـ وهو الأقرب: إنها تذهب ببعض الحزن بخاصية فيها من جنس خواص الأغذية المفرحة، فإن من الأغذية ما يفرح بالخاصية والله أعلم. ويقول ـ رحمه الله ـ في تفسير حديث عائشة ـ رضي الله عنها: (إنه ليرتو فؤاد الحزين، ويسرو فؤاد السقيم كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها) ومعنى يرتو أي يشد ويقوي، ويسرو يكشف ويزيل. ثم يقول ـ رحمه الله: وقد تقدم أن هذا ماء الشعير المغلي وهو أكثر غذاء من سويقه وهو نافع للسعال، وخشونة الحلق، صالح لقمع حدة الفضول، مدر للبول، جلاء لما في المعدة، قاطع للعطش، مطفئ للحرارة.

ثم قال ـ رحمه الله: وصفته (ماء الشعير) أن يؤخذ من الشعير الجيد المرضوض مقدارًا ومن الماء العذب الصافي خمسة أمثاله. انتهى كلامه ـ رحمه الله.

البحوث العلمية وبيان وجه الإعجاز في دلالة النصوص

 توافقت البحوث الحديثة في مجال الغذاء والاستطباب بالشعير مع هدي سيد الأنام ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسأعرض نتائج هذه الأبحاث إثر بيان الدلالة في نص الأحاديث النبوية كالتالي:

أولاً: قوله ـ صلى الله عليه وسلم: (التلبينة مجمة لفؤاد المريض)

الشعير والكوليسترول

تعريف الشعير: هو نبات حولي من الفصيلة النجيلية ويشبه في شكله العام نبات الشوفان والقمح وهو أقدم غذاء للإنسان واسمه العلمي: Hordeum valgara

ويبين الجدول التالي التحليل الكيميائي لحبة الشعير وذلك نقلاً من كتاب (العلاج بالتلبينة للأستاذ عبد الكريم التاجوري) نقلاً عن بحث قام به معهد البحوث الزراعية بجامعة ألبرتا بكندا. وكان عنوان البحث: أهمية المنتجات المحتوية على منتجات الشعير على صحة مرضى السكر (النوع الثاتي غير الوراثي) وتحديد أهمية استخدام منتجات الشعير وتأثيرها على نسبة السكر والدهون في الدم، وكانت النتيجة النهائية لهذا البحث توضيح أهمية غذاء الشعير وخبز الشعير كوسيلة لزيادة كمية الألياف المطلوبة للجسم القابلة للذوبان وغير القابلة للذوبان، لخفض نسبة السكر والدهون في الدم.

والكولسترول: هو مركب دهني نتناوله في طعامنا، وتكونه أجسادنا ويجري في دمائنا وله حد طبيعي إن زاد عنه تترسب هذه الزيادة  على جدران الأوعية الدموية وتضيقها، وتُعَدّ زيادته أحد الأسباب المؤدية إلى الإصابة بأمراض القلب والشرايين.

أثبتت الدراسات العلمية فاعلية حبوب الشعير الفائقة في تقليل مستوى الكوليسترول في الدم من خلال عدة عمليات حيوية منها:

       تحتوي حبوب الشعير على مركبات مشابهة لفيتامين E الذي يعد من أشهر مضادات الأكسدة التي لها القدرة على تثبيط إنزيمات التخليق الحيوي للكوليسترول.

       تحتوي ألياف الشعير المنحلة على مادة هامة جدٌّا وهي البيتا جلوكان (Beta-glucan) التي تتحد مع الكوليسترول الزائد في الأطعمة والأحماض الصفراوية مما يقلل وصوله إلى تيار الدم.

وتشير نتائج البحوث إلى انخفاض نسبة الكوليسترول العام بنسبة 10%، وانخفاض نسبة الكوليسترول منخفض الكثافة ldl إلى 8%، وارتفاع نسبة الكوليسترول عالي الكثافة hdl إلى 16%.

       ينتج عن تخمر الألياف المنحلة في القولون أحماض تمتص من القولون وتتداخل مع استقلاب الكوليسترول فتعيق ارتفاع نسبته في الدم.

       الشعير يكبح جماح ضغط الدم لسببين:

       أ. يحتوي على كمية وافرة من عنصر البوتاسيوم حيث يخلق هذا العنصر التوازن اللازم بين الملح والماء داخل الخلية.

       ب. الشعير مدر للبول مما يقلل من ضغط الدم.

       الشعير ينظم امتصاص السكر إلى الدم مما يحد من ارتفاع السكر المفاجئ لاحتواء أليافه المنحلة القابلة للذوبان على بكتينات تكون مع الماء هلامًا لزجًا يبطئ من هضم وامتصاص النشويات والسكريات، كما أنه قليل السعرات غني بالألياف المنحلة وغير المنحلة، مما يقلل من الرغبة في تناول الأطعمة السكرية وغيرها، وهذا يساعد على تنظيم نسبة السكر في الدم.

ثانيًا قوله ـ صلى الله عليه وسلم: (تذهب ببعض الحزن):

أثبت الباحثون أن الحزن والاكتئاب هو خلل كيميائي، كما أثبتوا أن هناك مواد لها تأثير في تخفيف الاكتئاب والحزن، مثل: عنصر البوتاسيوم والمغنيسيوم ومضادات الأكسدة والميلاتونين وبعض عناصر فيتامين (ب) المركب والسيراتونين، فما علاقة الشعير بذلك؟

ـ يحتوي الشعير على عنصري البوتاسيوم والمغنيسيوم اللذين يؤدي نقصهما إلى سرعة الغضب والانفعال والشعور بالاكتئاب والحزن، وضبط عنصر البوتاسيوم والمغنيسيوم له تأثير في تخفيف الاكتئاب عن طريق تأثير هذين العنصرين على بعض الموصلات العصبية، وانظر إلى قوله ـ صلى الله عليه وسلم: (يذهب ـ ببعض ـ الحزن)، وقول الباحثين يؤدي إلى تخفيف الاكتئاب.

يشعر الإنسان بالميل إلى الاكتئاب عند تأخر العمليات الفسيولوجية للموصلات العصبية وهذا من أهم أسبابه نقص فيتامين (ب) المركب، والشعير يحتوي على كمية طبيعية من بعض فيتامين (ب) المركب، وهذا مما يساعد على التخلص والتخفيف من الاكتئاب.

إن علاج نقص مضادات الأكسدة مثل فيتامين (هـ) له تأثير فعال في علاج حالات الاكتئاب والشيخوخة وخاصة لدى المسنين، والشعير يحوي كمية كبيرة من مشابهات فيتامين E المضادة للأكسدة وأيضا على فيتامين A المضاد للأكسدة.

يحتوي الشعير على الحمض الأميني تريبتوفان (tryptophan) الذي يسهم في تخليق أهم الناقلات العصبية وهـو السيروتونين (serotonin) والتي تؤثر بشكل واضح في الحالة النفسية والعصبية للمريض.

ثالثًا: قوله ـ صلى الله عليه وسلم: (التلبينة تغسل بطن أحدكم كما تغسل إحداكن وجهها من الوسخ بالماء)

فما ذاك؟

       التلبينة مليّن للأمعاء، مهدّئ للقولون، مضاد لسرطان الأمعاء، يوصف حساء الشعير للمرضى كغذاء لطيف سهل الهضم، والشعير غني بالألياف المنحلة وغير المنحلة، وهذه الأخيرة تمتص كميات كبيرة من الماء وتحبسه داخلها، فتزيد من كتلة الفضلات مع الحفاظ على ليونتها مما يسهل ويسرع هذه الكتلة عبر القولون، وينشط الحركة الدودية للأمعاء مما يدعم عملية التخلص من الفضلات، وهناك أبحاث على أهمية الشعير في التقليل من الإصابة بسرطان القولون، حيث استقر الرأي على أن الشعير يقلل من بقاء الفضلات في الأمعاء؛ مما يقلل من بقاء المواد المسرطنة في الأمعاء؛ مما يقلل من الإصابة بالسرطان، كما أن الشعير يحوي من عناصر مضادات الأكسدة والفيتامينات ما يقاوم الشوارد الحرة (free radical) التي تدمر غشاء الخلية والحمض النووي، وقد تكون المتهم الرئيسي في حدوث أنواع معينة من السرطان.

       الشعير لا يحتوي على مادة الجلوتين وهي مادة صمغية يحتوي عليها القمح بوفرة، والجلوتين باللاتينية يعني الصمغ. وقد اكتشف الباحثون أن سوء امتصاص الطعام الناتج عن مرض السلياك إنما هو بسبب مادة الجلوتين الموجودة في القمح، ووجد أن أعراض هذا المرض تختفي تمامًا باستبعاد مادة الجلوتين من وجبات المريض، ومرض السلياك مرض سوء التغذية نتيجة سوء الامتصاص للمواد الغذائية وعدم امتصاص المواد الدهنية، فانظر إلى الشعير وكيف أن (التلبينة تغسل بطن أحدكم).

       يستخرج من الشعير مادة تستعمل حقنًا تحت الجلد أو شرابًا في حالات الإسهال والتيفوئيد والتهابات الأمعاء تسمى الهوردنين (L'Hordenine).

رابعًا قوله ـ صلى الله عليه وسلم: (إنه يرتو فؤاد الحزين ويسرو فؤاد السقيم):

ثبتت وفرة الميلاتونين الطبيعي غير الضار في الشعير فكل آثار الميلاتونين تظهر على مغتنم الشعير، فما هو الميلاتونين وما آثاره؟

الميلاتونين: هرمون تفرزه الغدة الصنوبرية الموجودة في المخ خلف العينين ويحصل الجسم على أعلى معدل إفراز منها عند الليل ومع تقدم السن يقل إفراز هذه الغدة، وهرمون الميلاتونين له القدرة على الوقاية من أمراض القلب، وله القدرة على خفض الكوليسترول في الدم مما يؤدي إلى خفض ضغط الدم، وله علاقة بالشلل الرعاش عند المسنين، ويزيد الميلاتونين من وقاية الجسم ومناعته، ويقي الإنسان من الاضطراب في النوم ويعالج حالات الاكتئاب، ويعمل على تأخير ظهور أعراض الشيخوخة.

والشعير من أعلى الحبوب في نسبة احتوائه على الميلاتونين.

الشعير وتقوية جهاز المناعة

أظهرت الدّراسات التّجريبيّة على الحيوانات أن (بيتا جلوكان) ـ وهو أحد مكونات الشعير ـ ينشط كرات الدّم البيضاء؛ وهي أحد آليات جهاز المناعة الهام لحماية الجسم من أخطار الكائنات الدقيقة الممرضة والتخلص من السموم والخلايا المصابة.

كما وجد أن (البتا جلوكان) يسرع شفاء النسيج التالف, ويحفّز العناصر الأخرى لجهاز المناعة. وينصح الآن بهذه المادة كمكمّل غذائي لتحسين جهاز المناعة في جسم الإنسان.  وهذا يتوافق مع هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في وصف التلبينة للمرضى أثناء فترة مرضهم؛ مما يثبت يقينا أن كلامه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الأمر خارج من مشكاة النبوة. وصدق الله القائل: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى) (النجم 3،4). 

Nutrient

Units

Value per

100 grams

of edible

portion

Sample

count

Std.

count

proximates

 

 

 

 

Water

g

9.440

7

0.554

Energy

Kcal

354.000

0

0.000

Energy

Kj

1481.000

0

0.000

Protein

g

12.480

12

0.574

Total Lipid(fat)

g

2.300

6

0.253

Carbohydrate

 

 

 

 

by difference

g

73.480

0

0.000

Fiber, total dietary

g

71.300

0

0.000

Ash

g

2.290

14

0.077

Minerais

 

 

 

 

Calcium, Ca

mg

33.000

16

1.773

Iron ,Fe

mg

3.600

19

0.154

Magnesium, Mg

mg

133.000

16

3.571

(أقرأ المزيد ... | التقييم: 4.38)
لفتة إعجازية جديدة.. الهالة الكهرومغناطيسية.. وسنبلة القمح
الإعجاز بالقرآن

تم نقل المقال من موقع الهيئة العالمية للأعجاز العلمي فى القرأن والسنةwww.nooran.orgونشكر لهم السماح بنشر الأبحاث من هيئتهم المحترمة-----------------------

الهالة الكهرومغناطيسية.. وسنبلة القمح

د. جميل قدسي الدويك

 لقد أثبت العلم الحديث ومن خلال التصوير بكاميرا كيرليان Kirlian photography أن حبة القمح عندما تبدأ بالتنبيت وإخراج برعمها، فإن هالة من الموجات الكهرومغناطيسية تبدأ بالإحاطة بحبة القمح، تماما كما هي الهالة التي تحيط بالإنسان الحي المفعم بالطاقة، وكأن بعث الحياة في هذه الحبة التي أنبتها الله تعالى، قد بعث فيها طاقة عظيمة، استطعنا تصوير جزء منها بتصويرالهالة الكهرومغناطيسية التي تحيط بالقمح المبرعم، أو عشب القمح الحي، والجدير بالذكر أن هذه الهالة غير موجودة حول حبوب القمح العادية المخزنة غير الموجودة في سنبلها، فمن أين تأتي هذه الطاقة؟

من المعروف أن جزيء الماء قطبي، بمعنى أن الإلكترونات (أو ما يُعرف بالسحابة الإلكترونية) تتوزع حول جزيء الماء الذي يتكون من ذرة أكسجين واحدة، وذرتي هيدروجين، وتتوزع هذه الإلكترونات بشكل غير متجانس بحيث تكون الإلكترونات في مكان ما حول الجزيء بشكل أكبر، وبالتالي تعتبر هذه النقطة القطب السالب، لأنها أكثر نقطة في الجزء تحتوي على إلكترونات، وهذا يكون على حساب نقطة مقابلة في جزيء الماء والتي تفقد هذه الإلكترونات فتكون بذلك القطب الموجب.

ولنتذكر ما الكهرباء بالتعريف، فالكهرباء تتولد عندما تتحرك شحنات كهربائية في اتجاه معين، وأنا أؤكد هنا على كلمة تتحرك، فبدون هذه الحركة، وإذا بقيت الشحنات في محلها بدون حركة، فإنه لا تتولد كهرباء، أبداً، إذن فبدون حركة هذه الشحنات لا يمكن أن تتولد الكهرباء، وتذكروا هذه النقطة المهمة جدا ولا تنسوها أبدا.

ولنتذكر أيضًا قاعدة العالم فاراداي الذي يقول إنه إذا مر تيار كهربائي في اتجاه معين (أي إذا تحركت مجموعة من الشحنات في اتجاه معين)، فإنه يتولد حوله مجال مغناطيسي دائري بشكل متعامد عليه، وبالفعل هذه هي الموجات الكهرومغناطيسية والتي تتولد حول الجسم إذا كان فيه أجسام مشحونة تتحرك فيه، فتولد بذلك كهرباء، فيتولد حولها مجال مغناطيسي حلقي دائري وهذا ما يحدث مع ماء المطر، فالماء أصلا بطبيعته قطبي (أي أن جزيء الماء يحمل شحنات موجبة وأخرى سالبة)، كما أن هذه القطبية تجعل جزيء الماء أفضل مذيب في الطبيعة، وهكذا فإن الماء الذي في السماء في الغيوم، يذيب كثير من العناصر الموجودة في الغلاف الغازي ويشكل بذلك الأحماض والقلويات والعناصر المشحونة، وما الحمض إلا مركب فيه شحنات موجبة (بروتونات)، وما القلوي إلا مركب فيه شحنات سالبة (إلكترونات)، وكذلك هو الحال مع العناصر المشحونة الذائبة في الماء، ولذلك فعند نزول الماء من السماء على هيئة المطر فإنه يحتوي على شحناته القطبية أصلا، وعلى الأحماض والقلويات ذات الشحنة الموجبة والسالبة على الترتيب، وعلى العناصر المشحونة الذائبة والتي قد تحمل شحنة موجبة وقد تحمل شحنة سالبة، وحركة هذه الشحنات بنزول الماء من السماء تولد مجالا كهرومغناطيسيا يحيط بكل قطرة من قطرات الماء أثناء نزولها، وقد أكد القرآن الكريم على أهمية نزول الماء وصبه من السماء، وحركته هذه لتوليد هذه الطاقة الكهرومغناطيسية، وإنني أشدد هنا على كلمة حركته، فبدون هذه الحركة كما رأينا علميٌّا لا يمكن توليد الطاقة الكهربائية ومن ثم لا يمكن توليد الطاقة المغناطيسية حولها بشكل موجات متعامدة عليها، ومن ثم لا يمكن توليد الموجات الكهرومغناطيسية أبداً، فقال تعالى: (أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبٌّا) (25) عبس.

وقال أيضا: (وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجًا) (14) النبأ، وثجاجا كما ورد في التفسير أي منصبا بكثرة، ولاحظوا صيغة المبالغة التي ورد عليها المطر (ثجاجا) على وزن فعالا.

اهتزاز التربة والحركة البروانية في التربة

وهذه الطاقة الكهرومغناطيسية المحيطة بكل قطرة من قطرات الماء المنصب والمنهمر من السماء هي التي تنزل على حبيبات التربة غير المشحونة والميتة والتي ليس لها القدرة على إحداث أي تفاعل حيوي في الدنيا يكون في اكتساب لشحنات أو فقدان لها، فكيف تستطيع العناصر الميتة الموجودة في التربة والتي لا شحنة لها أن تدخل في أي تفاعل حيوي يولد أي مظهر من مظاهر الحياة؟

تقوم قطرات المطر النازلة من السماء والمنصبة انصبابا عظيما قويا (ثجاجا) بكثير والتي يحاط بكل منها هالة من الموجات الكهرومغناطيسية، تقوم هذه القطرات بشحن عناصر التربة بعد أن تكن ميتة، لا طاقة فيها ولا شحنات، فتجعل هذه العناصر والصفائح المعدنية الموجودة في التربة، تشحن بشحنات موجبة، وأخرى تشحن بشحنات بشحنات سالبة، فأما العناصر والحبيبات والصفائح المعدنية ذات الشحنات المتماثلة المتشابهة فإنها تتنافر مع بعضها البعض، وتتحرك مهتزة مبتعدة عن بعضها البعض، وأما العناصر والشحنات والحبيبات والصفيحات المعدنية ذات الشحنات المختلفة، فتتجاذب مع بعضها البعض، وتتحرك مهتزة مقتربة من بعضها البعض وهذا ما أكده الله تعالى بقوله: (وَتَرى اٌّلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا اٌّلْمَآءَ اٌّهتزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (الحج 5).

إن طاقة القمح، والتي تتولد من نزول الماء ذي القطبية من السماء والحامل للشحنات المختلفة، وانصبابه بشكل ثجاج قوي يؤدي إلى توليد طاقة كهرومغناطيسية عظيمة حول كل قطرة من قطرات المطر، تم اكتشافها حديثا، وقد يكون هذا هو المعنى الذي يقصده الله تعالى بقوله (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً مُّبَارَكًا) (9 سورة ق) أي في هذا الماء البركة والطاقة، وقد يكون في ذلك الإشارة إلى الطاقة الكهرومغناطيسية التي تحيط بكل قطرة من قطرات الماء، والله تعالى أعلم.

هذا الماء المبارك ذو الطاقة العالية المتولدة بانصبابه الثجاج، هو الذي يهز الأرض والتربة وعناصرها وحبيباتها وصفائحها المعدنية، وكل ما فيها، بطاقته الكهرومغناطيسية، وهو الذي تستمد منه حبة القمح، ومن العناصر التي يشحنها في التراب هذه الطاقة، ألم نر أن حبة القمح فيها من كل عناصر التراب النادرة والوفيرة على حد سواء، وبنسبة تشبه نسبة وجودها في التربة وفي جسم الإنسان، أليس الماء هو الذي يشحن كل هذه العناصر بشحنات موجبة وسالبة، وذلك بما يحتويه من خاصية قطبية؟

إذن فبعد شحن حبيبات التربة واهتزازها عند نزول الماء المبارك عليها ذي الطاقة الكهرومغناطيسية، فإن عناصر التربة المشحونة تبدأ بعملية التفاعلات الحيوية، التفاعلات التي تدخلها داخل حبة القمح وتساهم في تشكيل هذه الحبة وإنباتها وبرعمتها ونموها.

أليست التفاعلات الحيوية كلها، بل أي تفاعل كيميائي في الكون، ماهو إلا فقدان أو اكتساب للشحنات الكهربائية؟

أليس نمو برعم القمح، وإنباته، ناجماً عن تفاعلات حيوية كيميائية تتم داخل الحبة نفسها، وهي لا تبدأ إلا بعد أن تشحن عناصر الحبة، بعد أن كانت ميتة لا شحنات فيها، والتي تقوم بعد شحنها باكتساب أو فقدان هذه الشحنات، أي انها تقوم بتنفيذ التفاعلات الحيوية الكيميائية بداخلها، محققة بذلك التفاعلات الحيوية اللازمة لتحقيق النمو، وأن كل هذه العملية المتكاملة لا تتم إلا بوجود الماء ذي الخاصية القطبية، مما يفسر قوله تعالى (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَآءِ كُلَّ شَىْءٍ حَيٍّ) ـ (30 الأنبياء).

فتأملوا قول الله تعالى في الآيات التالية، لتعلموا أن جزءاً من طاقة القمح المبرعم الكهرومغناطيسية هو آتٍ من الطاقة الكهرومغناطيسية المباركة والتي أضفاها الله تعالى في الماء وخصائصه القطبية:

قال تعالى (أَنَّا صَبَبْنَا الْمَآءَ صَبٌّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقٌّا * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبٌّا) (عبس 25 ـ 27).

وقال أيضا: (وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجًا * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبٌّا وَنَبَاتًا) (النبأ 14 ـ 15) وقال أيضًا (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) (9 سورة ق)، والله تعالى أحكم وأعلم.

 

الطاقات الأربع تتجمع في حبة القمح عن طريق الكلوروفيل

وتأملوا معي بعد هذه الحقائق الآية التالية:

قال تعالى (وَهُوَ الَّذِى أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَىْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبٌّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ) (99 الأنعام).

والمتأمل لهذه الآية يجد نقطة مفصلية حاسمة، هذه النقطة هي حلقة الوصل بين نزول الماء، وإخراج كل الثمرات، وأقصد بذلك ما أسماه الله في الآية خضرا، فهذا الخضر هو ما يسميه العلم الحديث الكلوروفيل، وبعد تشكل الكلوروفيل من العناصر الأولية الموجودة في التربة والتي أحياها نزول الماء عليها، بإذن الله تعالى، وبالتأمل في الحقائق العلمية التي كشفها العلم الحديث عن الكوروفيل تجد أنه بالفعل هو حلقة الوصل بين تجميع المواد الخام، الماء والهواء (الذي يمثله غاز ثاني أكسيد الكربون)، والتراب والنار، (أي الطاقة الضوئية من الشمس)، من ثم توزيعها بعد مزجها، وقيامها بصنع الحبوب والثمار والخضار والنخيل والزيتون والأعناب وغيرها التي ذكرت في الآية.

فالكوروفيل يتطلب ماءً وهواءً (ثاني أكسيد الكربون) ونار (طاقة) يمكن تمثيلها في هذه المعادلة:

 6CO2 + 6H2O +طاقة g C6H12O6 + 6O2 

 ماء +  ثاني أكسيد الكربون+ طاقة  fكربوهيدرات + أكسجين

وبذلك يقوم الكوروفيل بصنع الكربوهيدرات والتي تعتبر اللبنة الأولى التي يصنع منها كل العناصر الغذائية، ولكن كيف؟

بكل بساطة، من التراب، فالتراب يحتوي على كل العناصر التي خلقت منها الأحياء بلا استثناء، فهو يحتوي على العناصر الوفيرة مثل الكالسيوم والفسفور والكبريت والبوتاسيوم والكلور والصوديوم والمغنيسيوم، وليس هذا فقط، بل إنه يحتويها بنسب مقاربة جدا لما هي موجودة عليه في جسم الإنسان، كما أنه يحتوي على كل العناصر النادرة في التربة، بكميات نادرة أيضًا، وبنسب مقاربة جدًا لما هي موجودة عليه في جسم الإنسان، وأمثلتها الحديد والفلور والزنك، والنحاس، واليود والكروم والكوبالت، والسيليكون، والفاناديوم والسيلينيوم والمنجنيز والنيكل والموليبدنيوم وغيرها.

هذا وقد ذكرت العناصر النادرة جنبا إلى جنب مع العناصر الوفيرة، وذلك لأهمية العناصر النادرة، فهي ذات أهمية قيادية رئيسية في جسم الإنسان، (ارجع موسوعة الغذاء الميزان فصل العناصر النادرة والإنزيمات).

العناصر النادرة والوفيرة في حبة القمح تساهم في توليد الهالة الكهرومغناطيسية حول الحبة المبرعمة.

فمن المعروف أن الحياة من الناحية البيولوجية ما هي إلا مجموعة هائلة من مليارات التفاعلات الحيوية، والتي تتم على كافة المستويات، من تفاعلات حيوية خاصة بالتنفس، وأخرى للحركة، وثالثة للاستقلاب، ورابعة للنمو والتمايز، وخامسة للتكاثر، وهكذا، مما يشكل التفاعلات الحيوية البيولوجية والتي تكون الحياة بكل صورها.

والجدير بالذكر أنه ليس هناك تفاعل واحد فقط في كل الجسم، يتم بدون وجود ما يعرف باسم الإنزيم الكامل holoenzyme، وحتى نعرف مدى أهمية هذا الإنزيم الكامل، فيكفي أن نعرف أن بعض التفاعلات تستغرق لكي تتم خارج جسم الإنسان، وفي المختبر وتحت شروط خاصة من الضغط والحرارة، تستغرق مائتين وتسعاً وأربعين سنة لكي تتم، ولكنها تتم في جسم الإنسان، بشرط وجود الإنزيم الكامل في تسع ثوانٍ فقط، فتخيلوا الدور العظيم الذي يقوم به هذ الإنزيم الكامل؟

ويكون لهذا الحديث أهمية إذا علمنا أن هذا الإنزيم الكامل من جزءين هما الإنزيم enzyme ومساعد الانزيم coenzyme وهما لا يستطيعان أن يعملا إلا معا، فنقص مساعد الأنزيم يؤدي إلى توقف الإنزيم تماما وتعطله الكامل، ومن ثم توقف تفاعل حيوي ما في جسم الإنسان، وما مساعد الإنزيم هذا إلا عبارة عن عنصر من العناصر النادرة التي ذكرناها آنفا، والتي قلنا إنها في غاية الأهمية، وهنا تكمن أهميتها فمساعد الإنزيم هو عنصر من العناصر النادرة أو فيتامين من الفيتامينات العديدة الموجودة بكثرة في حبة القمح ولا تنسوا النقطة الهامة جدا في أن هذه العناصر النادرة أو الوفيرة قد جاءت من التربة بعد أن تم شحنها بنزول الماء الثجاج ذي البركة والطاقة عليها، ولا تنسوا أيضًا أن هذه العناصر النادرة والوفيرة تسكن في قلب الإنزيم في الجزء الفعال منه الذي يسير التفاعل الحيوي، والجدير بالذكر أن عنصر الزنك الموجود في حبة القمح مثلا يعمل كمساعد للإنزيم لسبعين نوعا مختلفا من الإنزيمات الموجودة في جسم الإنسان، فإذا كان عنصر الزنك ناقصا في الجسم، فهذا يعني أنه ســـيؤدي إلى تعطيل سبعين نوعا من التفاعلات الحيوية التي تعمل في الجسم، وهذا قد يؤدي إلى توقف المليارات من التفاعلات الحيوية داخل جســم الإنسان المعتمدة على هذه الأنواع السبعين من الإنزيمات.

ولا تنسوا أن الإنزيمات الموجودة في حبة القمح وفي سنبلها تتحرك أيضًا لأنها تسبح في سيتوبلازما الخلايا حيث تعمل، ولا تنسوا أنه يوجد في قلب هذه الإنزيمات، العناصر النادرة المشحونة وهي تتحرك أيضًا بحركة هذه الإنزيمات وبحركة هذه العناصر المشحونة تتولد الطاقة الكهربائية ومن ثم يتولد حولها المجال المغناطيسي، وكل ذلك يتم داخل حبة القمح وسنبلها، مما يفسر لنا الهالة الكهرومغناطيسية التي تحيط بحبة القمح وسنبلتها.

وسألخص كل هذا بنقاط سريعة:

نزول الماء من السماء يؤدي إلى حركة جزيئات الماء القطبية وما تحتويه من عناصر مذابة مشحونة فيها، وهذا يؤدي بدوره إلى توليد موجات كهرومغناطيسية حول كل قطرة من قطرات المطر.

هذه الموجات الكهرومغناطيسية حول كل قطرة من قطرات المطر تشحن حبيبات التربة فتصبح مشحونة قادرة على الدخول في التفاعلات الحيوية.

تشكل حبيبات التربة المشحونة والماء النازل من السماء البنية الأولية التي يتشكل منها الكلوروفيل في حبة القمح.

يقوم الكوروفيل بجمع عناصر الطاقة الكاملة (الماء من السماء) والهواء (ثاني أكسيد الكربون) والنار (ضوء الشمس) ويقوم بصنع المركب الأولي ألا وهو الكربوهيدرات في داخل حبة القمح.

تقوم حبة القمح التي بدأت تتبرعم بامتصاص مزيد من العناصر الموجودة في التربة وتضيفها إلى الكربوهيدرات، فإذا امتصت أكسجين وإضافته للكربوهيدرات تشكل الدهون، وإذا امتصت نتروجين وأضافته للكربوهيدارت تشكل البروتين وإذا أضافت فوسفوراً أو كبريتاً تشكل أنواعا مختلفة من البروتينات والدهون، ومن ثم بعد ذلك تشكل الفيتامينات والإنزيمات في عشبة القمح وسنابلها بنفس الطريقة.

بعض هذه العناصر الممتصة من التربة تدخل في قلب الإنزيمات (كمساعد لهذه الإنزيمات) الموجودة في عشبة القمح وفي قلب الإنزيمات التي تعمل على تشكيل البروتينات والأحماض الأمينية والدهنية والفيتامينات وغيرها من المركبات الموجودة في عشبة القمح، وحركة هذه العناصر المشحونة المأخوذة من التربة في داخل الخلية يولد الموجات الكهرومغناطيسية المحيطة بحبة القمح وسنبلها

(أقرأ المزيد ... | التقييم: 4.51)
الشجرة المباركة من خلال يقين القرآن و بحوث العلماء
الإعجاز بالقرآن

تم نقل المقال من موقع الهيئة العالمية للأعجاز العلمي فى القرأن والسنةwww.nooran.orgونشكر لهم السماح بنشر الأبحاث من هيئتهم المحترمة-----------------------

د. محمد محمد فائد

قدم البحث في المؤتمر العالمي السابع للإعجاز العلمي

ملخص البحث

 ما خلق الله سبحانه وتعالى الكون إلا لحكمة كما يقول في سورة القمر "إنا كل شيء خلقناه بقدر وما أمرنا إلا واحدة كلمح البصر" ولم يأت القرآن مخالفا للسنن الكونية، بل كل السنن الشرعية توافق قوانين السنن الكونية. ولم ينزل القرآن ليهلك الناس وإنما رحمة من الله كما يقول العزيز جل جلاله في سورة طه "طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى" فلا يمكن أن يشقى الناس بالقرآن، ولبيان ذلك ارتأينا في بحثنا هذا أن نتناول موضوع الأطعمة في القرآن الكريم، واخترنا لذلك مادة غذائية جعلها الله غذاء ودواء ووقى بها أجسامنا من الأمراض العديدة. فلا يجب أن نفعل مثل بنو اسرائيل مع المن والسلوى، فنستبدل هذه المادة بمواد أخرى فنشقى في أبداننا بالأمراض وفي أموالنا بشراء الأدوية الكيماوية لعلاجها. سنتكلم بعون الله عن زيت الزيتون وعن هذه الشجرة المباركة ونقف عند المزايا التي تبينت علميا في ميدان التغذية والطب الوقائي. لكن تبقى هناك حقائق لن تقدر العلوم على تبيانها، فهل ننتظر العلوم أم نرجح كلمات القرآن ؟.

 

 لا بد للحديث عن الزيتون من الرجوع إلى الآية الكريمة التي تعرف شجرة الزيتون تعريفا علميا إعجازيا. حيث يقول الجليل في سورة المؤمنون: وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ(20). إذا تأملنا هذه الآية الكريمة من حيث كلماتها وألفاظها، نجدها سهلة التعبير ومفهومة المعنى، ولا تكاد تخفي شيئا وراء كلماتها من الناحية اللغوية، فكل أطرافها معهودة، وكل ألفاظها مألوفة.

وجاءت هذه الآية الكريمة في سورة المؤمنون بعد ذكر الأشجار الأخرى كالنخيل والأعناب حيث يقول الباري سبحانه : َأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19).

وذكر النخيل والأعناب في هذه الآية يخص الأكل، لأن الصيغة جاءت بكلمة تأكلون، وفي آية أخرى من سورة النحل نجد نفس الثمار لكنها ذكرت للشراب حيث يقول سبحانه: وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67).

وحسب ما جاء في الآية الكريمة التي تخص الزيتون فإن الزيت يصنف مع الأكل، لقوله تعالى للآكلين، والصيغة واضحة باللفظ. ومن عظمة القرآن الكريم، اليسر في الفهم كما قال سبحانه في سورة القمر: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِر (17)، وقد يفهم كل إنسان هذه الآية على قدر مستواه من الإدراك، فقد يفهمها العالم باللغة على مستواه من البلاغة، أو قد يفهمها العالم الكوني على مستواه من العلم، فيظل كلام الله سبحانه وتعالى يساير العصور بتقدمها  وبإنجازاتها العلمية المختلفة، لكن رغم كل هذه المستويات، لا نجد تفسيرا نهائيا لكل الحقائق العلمية، لتظل معجزة القرآن قائمة وثابتة، بينما تظل الحقائق العلمية نسبية ومتغيرة.  

ونفهم بقدر علمنا أن الشجرة التي جاءت في الآية هي شجرة الزيتون، كما ثبت عند علماء التفسير بالإجماع. وتبين الآية الكريمة منشأ أو أصل هذه الشجرة التي تخرج من طور سيناء، وهو الجبل الذي كلم الله عليه سيدنا موسى عليه السلام. وهذه النقطة الدقيقة في بيان أصل شجرة الزيتون ثابت في العلوم الأحيائية،  وهو أن أصل الأنواع والأصناف في عالم النبات ينحدر من المنطقة الممتدة من فلسطين إلى شمال إيران. وأغلب الأنواع وجد في المنطقة الممتدة حاليا بين فلسطين والأردن ولبنان وسوريا. وهي المنطقة التي أخذ منها المسلمون الأغراس إلى المغرب العربي والأندلس. وكلمة شجرة في الآية أتت نكرة تامة، بمعنى أي شجرة إذ اقتصر التعبيرعلى ذكرها دون نعتها، لكنها معرفة تعريفا علميا، من حيث أن الأصل لهذه الشجرة هو جبل طور سيناء، وهو الموقع الأصلي لعدة أشجار أخرى أيضا، فقد تكون شجرة أخرى لها نفس الأصل كشجرة التين مثلا، لكن الصفة الثانية، وهي الإنبات بالدهن، يجعل المعنى يقتصر على الأشجار الزيتية، ومنها كذلك اللوز والجور وما إلى ذلك، لكن هذه الأشجار تعطي الدهن دون الصبغ، فكانت كلمة الصبغ التي جاءت في الآية هي التي تعرف شجرة الزيتون تعريفا دقيقا، لأنها هي الشجرة الوحيدة التي تعطي الدهن والصبغ دون غيرها، فالإشارة إلى شجرة الزيتون دون ذكرها إشارة بلاغية من حيث المعنى، وإشارة علمية كذلك لأن الخصائص العلمية التي تجعل هذه الشجرة هي شجرة الزيتون، هي خصائص ثابتة، وتخص النوع وهو الأساس التي ترتكز عليه العلوم الوراثية لتصنف الأنواع والأصناف على خصائصها الوراثية الثابتة، ولو اقتصرنا على المعنى اللغوي لبقيت الأمور مبهمة يسودها الشك، وقد تعصف بها التأويلات اللغوية إلى ما لا يمكن حصره بالعين.

ونقف عند هذه الكلمة البسيطة، التي جاءت في هذه الآية، والتي لم تلفت نظر العلماء المسلمين طوال القرون العديدة التي مرت، هي كلمة "الصبغ" وكان على الباحثين المسلمين أن يأخذوا بحقيقة القرآن حتى لا ينزلقوا مع بعض مفاهيم البحث العلمي الصرفة. 

ولماذا يجب أن نقف عند هذه الكلمة وهي كلمة الصبغ؟ لأن هناك معجزة علمية لو أدركها العلماء من قبل لكان خيرا للبشرية جمعاء. فالقراءة اليسيرة للآية هي أن هذه الشجرة المباركة، أو شجرة الزيتون، تنبت بالدهن، وهي المادة الدسمة السائلة التي نسميها الزيت، لكن الدهن يعني الزيت ومواد أخرى، كما نقول في علوم التغذية (Lipid)، فكان الوصف بالدهن وليس بالزيت، لأن الدهن يشمل الزيت وكل المواد الأخرى التي تمر أثناء العصر، وهنا نجد أن التفسير الذي جاء به العلماء في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، يجعل الصبغ يدخل مع الدهن، وهو ما لا يتفق مع العلوم، لأن الدهن فيه زيت وصبغ، لكن الصبغ الذي جاء في الآية ليس الصبغ الذي يدخل في الدهن، ولذلك يظهر حسب تقديرنا أن هناك قصور في فهم الآية من الناحية العلمية، فلم ينتبه الباحثون إلى هذه الخاصية، الشيء الذي أدى إلى ضياع كبير في الميدان الغذائي والطبي، وهذا القصور أو الجهل جعلنا لا نستفيد من الصبغ الذي يفصل عن الزيت أثناء استخراجه، وهو شيء نافع للإنسان،  كما قد اتضح في الميدان الطبي في السنوات الأخيرة. ولا تزال الأبحاث سارية حول الموضوع، لتقترب من الوحي فيستفيد الناس من الصبغ لأغراض طبية واستشفائية محضة

(أقرأ المزيد ... | التقييم: 4.27)
فذروه في سنبلة
الإعجاز بالقرآن

تم نقل المقال من موقع الهيئة العالمية للأعجاز العلمي فى القرأن والسنةwww.nooran.orgونشكر لهم السماح بنشر الأبحاث من هيئتهم المحترمة-----------------------

د. عبد المجيد بلعابد

 يقول الله تبارك وتعالى: (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِيقُ أَفْتِنَا فِى سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِى سُنْبُلِهِ إلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) (يوسف 45-49)

أصبحت مشكلة النقص الغذائي التي تعاني منها الدول النامية من المشكلات التي تستأثر باهتمام الدارسين والباحثين في مجال التنمية القروية أو الريفية باعتبار هذه الدول مستوردة للغذاء وتجد صعوبة في ضمان أمنها الغذائي، ومما يزيد مشكلة التغذية حدية ذلكم التزايد غير المتوازن مع الإنتاج الزراعي تبعاً لتخلف هذه الدول ولعجزها عن توظيف التقنيات الحديثة في تطوير الإنتاج.

                       اضغط على الصورة لتكبيرهاإن النمو الزراعي يستلزم بالأساس الزيادة في الإنتاج والاستغلال الأمثل والأنجح للمنتجات الزراعية.ويعد مفهوم تخزين البذور في السنابل ( حسب ما ورد في الآية السابقة ) نظاما أساسيا للحفاظ على الإنتاج في ظروف بيئية قاسية. وهذا ما يجمع بين الزراعة وتقنيات التخزين والحفاظ على المنتوج ، كما يعد هذا التخزين نظاما ثقافيا تخوض بواسطته الجماعات البشرية معركة حقيقية لضمان إعادة باتباع استراتيجية متنوعة ( تقنية و سلوكية و اجتماعية ) من أجل البقاء ، وهو ما يسعى بتدبير الإنتاج.

  اضغط على الصورة لتكبيرهاومن أوجه الإعجاز في قوله تعالى  ( فما حصدتم فذروه في سنبله ) إفادة أن التخزين بإبقاء الحبوب في سنابلها هو أحسن التقنيات والأساليب  للحفاط على الحبوب المحفوظة داخل السنابل من غير أن ينال منها الزمن.

إن الذي يوقفنا في الآية الكريمة ملحوظتان علميتان :

1 ـ تحديد مدة صلاحية  حبة الزرع في خمس عشرة سنة هي حصيلة سبع سنوات يزرع الناس و يحصدون خلالها دأبا وتتابعا وهي سنوات الخصب والعطاء ، يليها سبع سنوات شداد عجاف هي سنوات الجفاف يليها سنة واحدة هي السنة الخامسة عشرة وفيها يغاث الناس وفيها يعصرون من الفواكه ، وقد أفاد البحث العلمي أن مدة 15 سنة هي المدة القصوى لاستمرار الحبوب محافظة على طاقة النمو و التطور فيها .

2 ـ طريقة التخزين وهو قوله تعالى ( فذروه في سنبله ) وهي الطريقة العلمية الأهم في بحثنا:

في البداية مراحل نمو القمح وتطوره، في هذه المراحل نستوحي قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِى الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إنَّ فِى ذَلِكَ لَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ). فهذه المراحل في كتاب الله هي الأدق في تطور الزرع والحبوب.

اضغط على الصورة لتكبيرهاوفي إطار ترك البذور أو الحبوب في السنابل ـ قمنا ببحث تجريبي مدقق  حول بذور قمح تركناها في سنبله لمدة تصل إلى سنتين مقارنة مع بذور مجردة من سنابلها ، وأظهرت النتائج الأولية أن السنابل لم يطرأ عليها  أي تغيير صحي وبقيت حالتها 100%.

مع العلم أن مكان التخزين كان عاديا ولم يراع فيه أي شروط الحرارة أو الرطوبة أو ما إلى ذلك . وفي هذا الإطار تبين أن  البذور التي تركناها في سنابلها فقدت كمية مهمة من الماء وأصبحت جافة مع مرور الوقت بالمقارنة مع البذور المعزولة من سنابلها ، وهذا يعني أن نسبة 20.3% من وزن القمح المجرد من سنبله مكون من الماء مما يؤثر سلباً على مقدرة هذه البذور من ناحية زرعها ونموها ومن ناحية قدرتها  الغذائية لأن وجود الماء يسهل من تعفنه وترديه صحي.

 اضغط على الصورة لتكبيرهاثم قمنا بمقارنة مميزات النمو (طول الجذور وطول الجذوع) بين بذور بقيت في سنبلها وأخرى مجردة منها لمدة تصل إلى سنتين يبين أن البذور في السنابل هي أحسن نمواً بنسبة 20% بالنسبة لطول الجذور و 32% بالنسبة لطول الجذوع. وموازاة مع هذه النتائج قمنا بتقدير البروتينات والسكريات العامة التي تبقى بدون تغيير أو نقصان أما البذور التي تعزل من السنابل فتنخفض كميتها بنسبة 32% من البروتينات مع مرور الوقت بعد سنتين وبنسبة 20% بعد سنة واحدة.

وبهذا يتبين في هذا البحث أن أحسن وأفضل تخزين للبذور هي الطريقة التي أشار بها يوسف ـ عليه السلام ـ وهي من وحي الله.ومن المعلوم أن هذه الطريقة لم تكن متبعة في القدم وخاصة عند المصريين القدامى الذين كانوا يختزنون الحبوب على شكل بذور معزولة عن سنابلها وهذا يعتبر وجهاً من وجوه الإعجاز العلمي في تخزين البذور والحبوب في السنابل حتى لا يطرأ عليها أي تغير أو فساد مما يؤكد عظمة الوحي ودقة ما فيه من علم.

(أقرأ المزيد ... | التقييم: 4.66)
دليل جديد على الإعجاز العلمي في الصيام
الإعجاز بالحديث

تم نقل المقال من موقع الهيئة العالمية للأعجاز العلمي فى القرأن والسنةwww.nooran.orgونشكر لهم السماح بنشر الأبحاث من هيئتهم المحترمة-----------------------

 د. أحمد القاضي

 معهد الطب الإسلامي للتعليم والبحوث، بنما سيتي، فلوريدا

 الولايات المتحدة الأمريكية

   شرع الله سبحانه صيام شهر رمضان وجعله أحد الفروض الأساسية في الإسلام؛ كما شرع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصيام الاختياري على مدار السنة. قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله والرسول إذا دعاكم لما يحييكم} (الأنفال 24) (3)،ومما لا شك فيه أن للصيام فوائد واسعة وكذلك العبادات الأخرى التي شرعها الله ورسوله لنا. وكان يعتقد في الماضي أن هذه الفوائد مقصورة على الجوانب الروحية والعاطفية؛ غير أن العلم الحديث اليوم يكشف الدليل بعد الآخر على الفوائد البدنية والنفسية لمن يلتزم التعاليم الإسلامية. هذا وقد ثبت حديثا أن للصيام فوائد صحية على جهاز المناعة (1،2) وعلى الجهاز الدوري والقلب (3،4،5) وعلى الجهاز الهضمي (6) وعلى الجهاز التناسلي (7،8) وعلى الجهاز البولي (9)؛ وأن هذه التأثيرات المفيدة للصيام سجلت على المستوى الوظيفي للخلايا والأنسجة, وتأكدت بالدراسات الكيميائية والمعملية.

    هناك فرضية عامة في العديد من البلدان الإسلامية مفادها: أن الصيام يؤثر على الأداء العام للجسم وخصوصا الأداء البدني, مما قاد الكثيرين إلى تخفيض ساعات العمل أثناء صيام شهر رمضان. لذلك قمنا بهذه الدراسة للتحقق من هذه الفرضية. حيث ثبت لنا من خلال الدراسة أن الصيام الإسلامي ليس له أي تأثير سلبي على الأداء العضلي وتحمل المجهود البدني, ولا يؤدي إلى مظاهر الإرهاق والإجهاد, بل العكس هو الصحيح لأن نتائج هذا البحث أظهرت وجود تحسن ـ ذي قيمة إحصائية ـ في درجة تحمل المجهود البدني, وبالتالي كفاءة الأداء العضلي, وكذلك أداء القلب مع المجهود أثناء الصيام, كما ظهر تحسن بسيط في درجة الشعور بالإرهاق.

    وقد أجريت الدراسة على عشرين من المتطوعين الأصحاء ـ ثمان إناث واثني عشر من الذكور ـ والذين تراوحت أعمارهم ما بين 12 إلى 52 سنة, وقد قيست درجة الأداء البدني وأداء القلب عند المتطوعين قبل رمضان وأثناء الأسبوع الثالث من رمضان حسب الطريقة التالية:

    قبل رمضان بأسبوعين قيست درجة أداء القلب مع المجهود حسب البرنامج «بالك BALK» المعدل, وهو تدريب متزايد الحد بسرعة 3.4 ميل في الساعة وارتفاع متزايد بدرجة 2.5% كل دقيقتين على آلة المشي من نوع. «COMPUSTRESS» TREADMILL MODEL 1100 By MEDTRONIC IMC COMPANY وهي مزودة بجهاز للرصد التلقائي لتخطيط القلب وسرعة النبض مع إضافة قياس ضغط الدم في نهاية كل دقيقتين, واستمر الفحص حتى وصل المتطوع إلى درجة الجهد الأقصى, والوصول إلى درجة الشعور بالإنهاك, وتحدد بمعيار بورج (BORG) (10)الذي يحدد درجة الشعور بضيق التنفس وإرهاق الساقين, وهو يعطي قيمة رقمية من صفر إلى 10 لدرجة الشعور بضيق التنفس أو إرهاق الساقين.

    هذا في الفحص الأول قبل رمضان بأسبوعين؛ لتحديد الحد الأقصى من الجهد لكل متطوع, وقبل رمضان بأسبوع أجري الفحص الثاني لكل متطوع؛ لاختبار درجة الأداء البدني وأداء القلب تحت ظروف تعادل 85% من الحد الأقصى للجهد ـ وهي ما تسمى بمرحلة الجهد الثابت ـ وهي ظروف ثابتة من سرعة وارتفاع الآلة من بداية الفحص إلى نهايته, وقيست في هذا الفحص المدة القصوى التي أكملها المتطوع مع قياس أداء القلب ودرجة الشعور بالإرهاق, متمثلا في درجة ضيق التنفس وإرهاق الساقين في نهاية الفحص..وأثناء الأسبوع الثالث من رمضان أجري الفحص الثالث لاختبار درجة الأداء البدني. وقورنت نتائج الفحص الثالث (أثناء الصيام) بنتائج الفحص الثاني (قبل الصيام) حسب المعايير التالية:

 1 ـ المدة التي أكملها المتطوع على آلة المشي.

 2 ـ درجة أداء القلب عند نهاية الفحص؛ ممثلة في سرعة النبض وحصيلة ضغط الدم مضروبا في سرعة النبض.

 3 ـ درجة الإرهاق البدني؛ ممثلة في درجة الشعور بضيق التنفس وإرهاق الساقين, وقد أجريت الفحوص في وقت العصر, وفي ظروف متماثلة بحيث كان الفارق الوحيد بين الفحص الثاني والفحص الثالث هو كون المتطوع غير صائم أو صائمًا. وقد أعطى الحاسب الإحصائي النتائج مقارنا نتائج الفحص الثالث بنتائج الفحص الثاني حسب طريقة ت (T. TEST) مستعملا برنامج (STATPRO) للحاسب الآلي (11).

وكانت النتائج كالتالي:

 1 ـ ازدادت مدة التدريب التي أكملها المتطوع على آلة المشي من 10.2 (+ ـ 7.3) دقيقة قبل رمضان إلى 16.8 (+ ـ 14.4) دقيقة أثناء رمضان (احتمال الخطأ أقل من 0.01), أي تحسن بمقدار 65%؛ وقد كانت مدة التدريب أثناء الصيام ثلاثة أضعاف ما كانت عليه قبل الصيام, أي تحسن 200% في 30% من المتطوعين, وتحسنت مدة التدريب 7% عما كانت عليه قبل الصيام في 40% من المتطوعين (شكل2).

 

 

 2 ـ انخفضت سرعة دقات القلب من 170(+ ـ 17.7) دقة في الدقيقة قبل رمضان إلى 159 (+ ـ 22.3) دقة في الدقيقة أثناء الصيام (احتمال الخطأ أقل من 0.01), وهذا يعني تحسنا بمقدار 6% (شكل2).

 3 ـ انخفضت حصيلة ضغط الدم مضروبا في سرعة النبض من: 24441 (+ ـ 3797) دقة/دقيقة/مم زئبق قبل رمضان إلى 21232 (+ ـ 3972) دقة/دقيقة/مم زئبق أثناء الصيام (احتمال الخطأ أقل من 0.001), وهذا يعني تحسنا بمقدار 12% (شكل 3).

 4 ـ انخفضت درجة الشعور بضيق التنفس من 6.5 (+ ـ 2.3) درجة قبل رمضان إلى 9.5 (+ ـ 2.2) درجة أثناء الصيام (احتمال الخطأ أقل من 0.05), وهذا يعني تحسنا بمقدار 9% (شكل 4).

5 ـ انخفضت درجة الشعور بإرهاق الساقين من 6.1 (+ ـ 2.5) درجة قبل الصيام إلى 4.5 (+ ـ 2.5) درجة أثناء الصيام (احتمال الخطأ أقل من 0.05), وهذا يعني تحسنا بمقدار 11% (شكل 5).

المناقشة:

    لقد حدث تحسن واضح ذو قيمة إحصائية في درجة تحمل الجهد البدني تحت الضغط. كما وجد أن هناك بعض التحسن في درجة الشعور بالإعياء؛ وإن لم يكن ذا قيمة إحصائية.

     وهذا التحسن لم يكن متوقعا, ويتعارض مع الشعور العام بأن الأداء العضلي والبدني للجسم يكون أكثر احتمالا للضعف أثناء الصيام (12).

    إن الدراسات على جسم الإنسان أظهرت نتائج مختلفة لهذه الفرضية (15،14،13) وقد أظهرت دراسات إنسانية عديدة أن الصيام لمدة 36،27،24 ساعة كان له تأثير سلبي على الأداء البدني والعضلي. وهذا يوضح أن التحسن في أداء الأشخاص في هذه الدراسة ـ بالإضافة إلى أداء الحيوانات في الدراسة السابقة (12) ـ يرجع إلى نوع الوقود المختلف الذي يستخدم لتوليد الطاقة أثناء الصيام, مقارنا بالوقود المستخدم في الظروف الطبيعية بدون صيام.

    وقد أظهرت دراسات عديدة (20،19،18،17،16) أن الصوم يسبب زيادة في الأحماض الدهنية الحرة في الدم؛ المصدر الرئيسي للطاقة بدلا من الجلوكوز, وهذا يساعد في تقليل نضوب جليكوجين الكبد والعضلات أثناء الشدة, ويساعد هذا في حماية مستوى الجلوكوز في الدم. وكجزء من عملية التعود أثناء الصيام تستخدم المصادر الداخلية للطاقة بدلا من المصادر الخارجية التي تستخدم في الظروف الاعتيادية بدون صيام. وتحت الظروف الطبيعية بدون صيام فإن الجلوكوز يكون هو المصدر الرئيسي للطاقة أثناء الجهد العضلي, ومع زيادة هذا الجهد فإن مستوى الجلوكوز في الدم ينخفض بسرعة مؤديا إلى الشعور بالإعياء والإنهاك.

    إن الاعتماد على الجلوكوز كمصدر للطاقة في حالة الصيام يكون بنسبة أقل, حيث تتوفر الأحماض الأمينية في الدم بكميات كافية لإمداد الجسم بالطاقة, لذا فالأداء العضلي يتحسن.

    إن الشعور بالإعياء والإنهاك إما أن يقل أو يتأخر, مما يجعل الجسم يتحمل أداء الجهد لفترة طويلة.

    هناك تناقض بين نتائج هذه الدراسة والدراسات الإنسانية الأخرى؛ وهذ يمكن أن يرجع في الحقيقة إلى ثلاثة دراسات (15،14،13) طبقت على أشخاص صاموا لفترات طويلة تتراوح من 24 ـ 36 ساعة كمدة متصلة. وفي الواقع فإن فترات التجويع في هذه الدراسات طويلة, ولم تكرر التجارب بكفاية في أغلب الظن لإنجاز التكيف المرغوب.

    إن فترة التجويع في دراستنا قصيرة نسبيا, حيث لا تتعدى من 11 ـ 14 ساعة (الفترة ما بين وجبة السحور قبل الفجر ووقت الفطر بعد الغروب) وقد كان وقت إجراء الدراسة من 3 ـ 4 ساعات قبل غروب الشمس. وفترات الصيام تكررت يوميا لمدة 14 ـ 21 يوما (الدراسة أعيدت أثناء الأسبوع الثالث من صيام رمضان) وقد ساعد هذا في إنجاز التكيف المطلوب بجانب العوامل النفسية, والتي يمكن أن يكون لها تأثير جزئي على النتائج البدنية.

    وفي الدراسات التي أظهرت التأثير السلبي للصيام كان الأشخاص يشعرون أثناءه بالجوع الشديد, كما أن تأثير شعورهم بالحرمان على نفوسهم أثناء التجارب كان له أثر في ذلك أيضا. أما في دراستنا ـ من ناحية أخرى ـ فالجوع كان لفترة قصيرة مع تأثير نفسي إيجابي على الأشخاص الذين يقومون بالتجربة.

    إن صيام شهر رمضان فعل يقصد به عبادة الله تعالى ولذا يتوقع منه حصول فوائد نفسية وروحية للصائمين, ولذلك فمن المحتمل أن الحالة النفسية الإيجابية يمكن أن ينتج عنها زيادة في بعض هرمونات الجسم الداخلية مثل: مجموعة الأندروفينات والتي يعزى إليها تحسن الأداء البدني وقلة الشعور بالإعياء والتعب.

     كما تدعم نتائج دراستنا ببعض الأحداث التاريخية. وهكذا فليس من المصادفة أن موقعة بدر التاريخية ـ في عصر الإسلام الأول ـ ومعركة العاشر من رمضان والتي تحقق فيها عبور قناة السويس وتحطيم خطوط إسرائيل الدفاعية ـ في العصر الحاضر ـ أن تكونا وقعتا أثناء شهر الصيام, ومن المعروف أن الجنود الصائمين كان أداؤهم جيدا أثناء القتال, مما يؤكد قوة تحمل الأشخاص للمجهود البدني والنفسي أثناء الصيام.

     والخلاصة أن نتائج دراستنا تقدم دليلا علميا جديدا لقول الله تعالى: {وأن تصوموا خير لكم } (البقرة 184) (2) ولمعنى حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ «صوموا تصحوا» (1)

 

1 - Albivi, R, and Elkadi, A.: Effects of Islamic fasting on lipoproteins and immunity Presented at the 17th Annual Convention of IMA, St. Louis, Missouri, August 1984 Published in JEMA 1985.

 2 - Elkadi,A., and Elmenshawi. A.: Effects of Islamic fasting on cell-mediated immunity Institute Islamic Medicine for Education and Research, Tampa, Florida, unpublished data.

 3 - Al-Hadramy, M.S., Acquaye, J., and Omer, A.: Red cell survival during Ramadan fasting JI<MA, 19990. 22:4-6.

4 - Bakir, S.M.: Can fasting in ramadan help in some peripheral vascular diseases? JIMA 1991,23L163-164. 5 - Khaleque, K.A., Muazzam, M.G., and Chowdhury, R.I.: Strees in Ramadan fasting Trop. Med Hyg., 1961, 64:277-p. p

6 - Muassam, M.G., Ali, M.<., and Husain, A.: Observations on teh effects of Ramadan fasting on gastric acidity. The Medicus, 1963, 25:228 10

7- Nasrat, H., and Suliman, M.: Effects of Ramadan fasting on plasma progesterone and prolactin. Presented at the Islamic International Conference on Islamic Legalization and Current Medical Problems, Cairo, Egypt, 2-3 February 1987.

8 - Abbas, S.M.A., and Basalamah, A.H.: Effects of Ramadan fast on male fertility- Arch Andrology, 1986, 16:161-166.

9 - Abdul Raheem, F., et. al: Effect of Islamic asting on kidney and urinary tract patients. Proceedings of the 4th International Conference on Islamic Medicine, 1986, pp. 707-714 Organization of Islamic Medicine, Kuwait.

10 - Elmenshawi, A, Meloukheia, A., Elkadi, A., Abdel-Ghani, N., Arafa, A., and Shaheen, W.: Fasting affecting endurance capacity. JIMA, 1993, 25:132 (Abstract).

 14 - Borg, G.A.: Category scale with ratio properties for intermodal nd interindividual comparisons In psychophysical Judgement and the process of perception. Proceedings of the 22nd International Congress of Psychology, Ed. by H.S. Heissler and B. Petzold, North Holland Publishing Company, Amst, N.Y., Oxford, 25-34, 1980.

11 - Imhof, M., Hewett, S., and Pinsky, P.D.: Statistics, and Graphics Database Workstations. Published by Wadworth Electronic Company, 1983.

12 - Dohm, H.L., Tapscott, E,B., Barakat, H.A., and Kasperk, G.J.: Influence o fasting on glycogen depletion in rats during exercise. J. Appl. Physiol., 1983, 55:830-833.

13 - Loy, S., Conlee, R., Winer, W., Nelson, A., Armall, D., and Fisher, G.: Effect of a 24-hour fast on cycling endurance time at two different intensities. J Appl. Physiol., 1986, 61: 654-659.

14 - Neiman, D.C., Carlson, K.A., Brandstater, M.E., Naegele, R.T., and Nlankenship, J.W.: Running endurance in 27-hour fasted humans. J. Appl. Physiol., 1987, 63:2502-2509.

15 - Zinker, B.A., Nritz, K., and Brooks, C.A.: Effects of 36-hour fast on human endurance and substrate utilization. J. Appl. Physol, 1990, 69 (5): 1849-1855.

16 - Newsholme, E.A.: Yeh ontrol of fuel utilization by nuscle during exercise and starvation. Diabetes. 1979, 28, Suppl. 1:1-7.

17 - Knapik, J.M., Meredith, C., Jones, B., Suek, L., Young, V., and Evans, W.: Influence of fasting on carbohydrate and fat metabolism during rest and exercis in men. J. Appl. Physiol., 1988, 64: 1923-1929.

18 - Owen, O.E., and Reichard, G.A.: Human forearm metabolism during prolonged starvation. J. Clin. Invest., 1971., 50: 1536-1545.

19 - Hagenfelt, L., and Wahren, J.: Human forearm metabolism during exercise. VI substrate utilization in prolonged fasting. Scand. J. Clin. Invest., 1971, 27:299-306.

20 - Rennie, M.J., and Holloszy, J.O.: Inhibition of glucose uptake and glycogenolysis by availability of oleate in well-oxygenated perfused skeletal muscle. Bioxhem. J., 1977, 168: 161-170

(أقرأ المزيد ... | التقييم: 4.33)
من أوجه الإعجاز العلمي في الصيام
الإعجاز بالحديثتم نقل المقال من موقع الهيئة العالمية للأعجاز العلمي فى القرأن والسنةwww.nooran.orgونشكر لهم السماح بنشر الأبحاث من هيئتهم المحترمة----------------------- يعتقد كثير من الناس أن للصيام تأثيراً سلبياً على صحتهم، وينظرون إلى أجسامهم نظرتهم إلى الآلة الصماء، التي لا تعمل إلا بالوقود، وقد اصطلحوا على أن تناول ثلاث وجبات يومياً، أمر ضروري لحفظ حياتهم، وأن ترك وجبة طعام واحدة سيكون لها من الأضرار والأخطار الشيء الكثير كنتيجة طبيعية للجهل العلمي، بطبيعة الصيام الإسلامي وفوائده المحققة وفي هذه المقالة سنلقي الضوء على أوجه الإعجاز العلمي في الصيام.  الوجه الأول: الوقاية من العلل والأمراض:           أخبر الله سبحانه وتعالى أنه فرض علينا الصيام وعلى كل أهل الملل قبلنا، لنكتسب به التقوى الإيمانية التي تحجزنا عن المعاصي والآثام، ولنتوقى به كثيراً من الأمراض والعلل الجسمية والنفسية، قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } [ البقرة 183] وقال صلى الله عليه وسلم " الصيام جنة " أي وقاية وستر (الحديث رواه مسلم 2/807 رقم 163، وأحمد 2/283، والنسائي 4/163).         وقد ثبت من خلال الأبحاث الطبية بعض الفوائد الوقائية للصيام ضد كثير من الأمراض والعلل الجسمية والنفسية، منها على سبيل المثال لا الحصر: 1-     يقوي الصيام جهاز المناعة، فيقي الجسم من أمراض كثيرة، حيث يتحسن المؤشر الوظيفي للخلايا اللمفاوية عشرة أضعاف، كما تزداد نسبة الخلايا المسئولة عن المناعة النوعية (Tlymphocytes) زيادة كبيرة، كما ترتفع بعض أنواع الأجسام المضادة في الجسم، وتنشط الردود المناعية نتيجة لزيادة البروتين الدهني منخفض الكثافة (2- Riyad Albiby and Ahmed Elkadi, A Priliminary Report on efects of Islamic fasting on lipoproteins and immunity. the joumal of JMA vol 17. 188, page 84). 2-     الوقاية من مرض السمنة وأخطارها، حيث إنه من المعتقد أن السمنة كما قد تنتج عن خلل في تمثيل الغذاء، فقد تتسبب عن ضغوط بيئية أو نفسية أو اجتماعية، وقد تتضافر هذه العوامل جميعاً في حدوثها، وقد يؤدي الاضطراب النفسي إلى خلل في التمثيل الغذائي، وكل هذه العوامل التي يمكن أن تنجم عنها السمنة، يمكن الوقاية منها بالصوم من خلال الاستقرار النفسي والعقلي الذي يتحقق بالصوم نتيجة الجو الإيماني الذي يحيط بالصائم، وكثرة العبادة والذكر، وقراءة القرآن، والبعد عن الانفعال والتوتر، وضبط النوازع والرغبات، وتوجيه الطاقات النفسية والجسمية توجيهاً إيجابياً نافعاً. 3-     يقي الصيام الجسم من تكون حصيات الكلى، إذ يرفع معدل الصوديوم في الدم فيمنع تبلور أملاح الكالسيوم، كما أن زيادة مادة البولينا في البول، تساعد في عدم ترسب أملاح البول، التي تكون حصيات المسالك البولية(د. فاهم عبد الرحيم وآخرون. تاثير الصيام الإسلامي على مرضى الكلى والمسالك البولية، نشرة الطب الإسلامي، العدد الرابع - أعمال وأبحاث المؤتمر العالمي الرابع عن الطب الإسلامي - منظمة الطب الإسلامي، الكويت، 1407هـ - 1986، ص707-714). 4-يقي الصيام الجسم من أخطار السموم المتراكمة في خلاياه، وبين أنسجته، من جراء تناول الأطعمة، وبين أنسجته، من جراء تناول الأطعمة، وخصوصاً المحفوظة والمصنعة منها وتناول الأدوية واستنشاق الهواء الملوث بهذه السموم  (الصيام معجزة علمية. د. عبد الجواد الصاوي ص 1223، 144 - 1413هـ - 1992م ط 1 دار القبلة).  5-    يخفف الصيام ويهدئ ثورة الغريزة الجنسية، وخصوصاً عند الشباب، وبذلك يقي الجسم من الإضرابات النفسية والجمسية، والانحرافات السلوكية، وذلك تحقيقاً للإعجاز في حديث النبي صلى الله عليه وسلم " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" إذا التزم الشاب الصيام وأكثر منه وذلك لقوله النبي صلى الله عليه وسلم " فعليه بالصوم " أي فليكثر من الصوم المتواصل (K. Inesh, Beitins, Thomas, Badger et al (1981) Reproductive Function during Faasting -Men.J. of clin endocrin and Metabol. 53: 258 - 266) على الغدد الجنسية وكانت له نتائ إيجابية وسلط الضوء على وجه الإعجاز في هذا الحديث الشريف وقد وجد أن الإكثار من الصوم مع الاعتدال في الطعام والشراب، وبذل الجهد المعتاد يقترب من الصيام المتواصل، ويجني الشاب فائدته في تثبيط غرائزه المتأججه بيسر، كما لا يتعرض إلى أخطار هذا النوع من الصيام. وهذا البحث يجلي بوضوح الإعجاز في قول النبي صلى الله عليه وسلم  " فإنه له وجاء" من وجهين: الأول: الإشارة إلى أن الخصيتين هما مكان إنتاج عوامل الإثارة الجنسية، حيث أن معنى الوجاء أن ترض أنثيا الفحل ( خصيتاه ) رضاً شديداً، يذهب شهوة الجماع، ويتنزل في قطعة منزلة الخصي (3) وقد ثبت أن في الخصيتين خلايا متخصصة في إنتاج هرمون التيستوستيرون (Testosterone) وهو الهرمون المحرك والمثير للرغبة الجنسية، وأن قطع الخصيتين (الخصي) يذهب هذه الرغبة، ويخمدها تماماً. الثاني: إن الإكثار من الصوم مثبط للرغبة الجنسية وكابح لها، وقد ثبت في هذا البحث هبوط مستوى هرمون الذكورة ( التيستوستيرون)، هبوطاً كبيراً أثناء الصيام المتواصل، بل وبعد إعادة التغذية بثلاثة أيام، ثم ارتفع ارتفاعاً كبيراً بعد ذلك، وهذا يؤكد أن الصيام له القدرة على كبح الرغبة الجنسية مع تحسينها بعد ذلك، وهذا يؤكد فائدة الصوم في زيادة الخصوبة عند الرجل بعد الإفطار. الصيام يقوي جهاز المناعة ويقي الجسم من تكون حصيات الكلى. الوجه الثاني: { وأن تصوموا خير لكم }  بعد أن أخبرنا الله سبحانه وتعالى، وأخبرنا رسوله صلى الله عليه وسلم أن الصيام يحقق لنا وقاية من العلل الجسمية والنفسية، ويشكل حاجزاً وستراً لنا من عقاب الله، أخبرنا جل في علاه أن في الصيام خيراً ليس للأصحاء المقيمين فقط، بل أيضاً للمرضى والمسافرين، والذين يستطيعون الصوم بمشقة، ككبار السن ومن في حكمهم، قال تعالى{ أياماً معدودات في من كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيراً فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون} [البقرة: 184] أي فضيلة الصوم وفوائده (محاسن التأويل للقاسمي 2/87). وذلك لعموم اللفظ في قوله تعالى: { وأن تصوموا خير لكم }.           وقد تجلت هذه الفوائد واستقر خبرها في زماننا هذا، لمن أوجب الله عليهم الصيام، ولمن أطاقوه من أهل الرخص، الذين يستطيعون تناول وجبتي الفطور والسحور كالأصحاء. بعض الأمراض الخطرة التي كان يخشى عليها من الصيام: *        كان وما زال الأطباء يعتقدون أن الصيام يؤثر على مرضى المسالك البولية، وخصوصاً الذين يعانون من تكوين الحصيات، أو الذين يعانون من تكوين الحصيات، أو الذين يعانون من فضل كلوي فينصحون مرضاهم بالفطر وتناول كميات كبيرة من السوائل.           وقد ثبت خلاف ذلك، إذ ربما كان الصيام سبباً في عدم تكون بعض الحصيات، وإذابة بعض الأملاح، ولم يؤثر الصيام مطلقاً حتى علي من يعانون أخطر الأمراض الجهاز البولي، وهو مرض الفشل الكلوي مع الغسيل المتكرر (3). 5-   كان يعتقد أن الفقدان النسبي لسوائل الجسم، وانخفاض عدد ضربات القلب، وزيادة الإجهاد أثناء الصوم يؤثر تأثيراً سلبياً على التحكم في منع تجلد الدم، وهو من أخر الأمراض، وقد ثبت أن الصيام الإسلامي لا يؤثر على ذلك في المرضى الذين يتناولون الجرعات المحددة من العلاج (Jalal Saour, Does Ramadan fasting complicate anticoagulant therapy ? Fasting: its efcts on health and diseases basic principles and clinical practice (Abstracts ) college of Medicine Kong Saud University. Riydh, December /1990. 5). *        ثبت أن الصيام لا يشكل خطراً على معظم مرضى السكر، إن لم يكن يفيد الكثيرين منهم (      Sulimami RA. Famuyiwa FO, Laagan MA. Diabetes mellitus and Ramadan fasting (1988): the need for critical appraisal. Diabetic Medicine 8:549-552.). بعض الأمراض التي يعالجها الصيام يعالج الصيام عدداً من الأمراض الخطيرة أهمها: أ-     الأمراض الناتجة عن السمنة: كمرض تصلب الشرايين، وضغط الدم، وبعض أمراض القلب (3). ب-    يعالج بعض أمراض الدورة الدموية الطرفية مثل: مرض الرينود (Raynaud’s disease )  ومرض برجر (S.M. Bakir (1991) Can fasting in Ramadan help in some periphral vascular diseases ? JIMA: VOL. 23: 163 - 164. ). جـ-   يعالج الصيام المتواصل ( الطبي ) مرض إلتهاب المفاصل المزمن ( الروماتويد ) (A N N. Mariuden. 1. Trang. N venizelos, and pamblad. (1983) Neutrophil functions and clinical performance after total fasting in patients with rheumatis. Annals of rheumatic diseases. 42: 54 - 51). د-      يعالج الصيام الإسلامي ارتفاع حموضة المعدة، وبالتالي يساعد في التئام قرحة المعدة مع العلاج المناسب (Muazzam MG., Ali M. N. and Husain A. (1963) Observations on the effects of Ramadan Fasting on Gasric acidity. The Meducus, 25:228. ). هـ-   لا يسبب الصيام أي خطر على المرضعات، أو الحوامل، ولا يغير من التركيب الكيميائي، أو التبدلات الاستقلابية في الجسم عند المرضعات، وخلال الشهور الأولى والمتوسطة من الحمل.( Prentice, AM ; prentice, A, Lamb WH, Lunn PG: (1983) Austins, Hum Nutr clin Nutr 37 (4) 283 - 94. ). فوائد أخرى تجنى بالصوم: 1-     يمكن الصيام آليات الهضم والامتصاص في الجهاز الهضمي وملحقاته، من أداء وظائفها على أتم وأكمل وجه، وذلك بعدم إدخال الطعام والشراب على الوجبة الغذائية، أثناء هضمها وامتصاصها.           كما يتيح الصيام راحة فسيولوجية للجهاز الهضمي وملحقاته، وذلك بمنع تناول الطعام والشراب لفترة زمنية، تتراوح من 9 - 11 ساعة بعد امتصاص الغذاء كما تستريح آليات الامتصاص في الأمعاء طوال هذه الفترة من الصيام (3).           وتتمكن الانقباضات الخاصة (Migrating Motor Complex )  بتنظيف الأمعاء، من عملها المستمر دون توقف (M.Y. Sukkar, H. A. El-Munshid & M.S. M. Ardawi 1993, “ Concise Human Physiology” Blackwell Scientific Publication, Oxford, pp 175 - 181). 2- يمكن الصيام الغدد الصماء ذات العلاقة بعمليات الاستقلاب، في فترة ما بعد الامتصاص، ومن أداء وظائفها، في تنظيم وإفراز هرموناتها الحيوية على أتم حال، وذلك بتنشيط آليات التثبيط والتنبيه لها يومياً، ولفترة دورية ثابتة، ومتغيرة طوال العام، وبالتالي يحصل توازن بين الهرمونات المتضادة في العمل، مثل هرموني: النمو والإنسولين، كهرمونات بناء من ناحية، وهرموني: الجلوكاجون والكوريتزول، كهرمونات هدم من ناحية أخرى، والذي يتوقف على توازنها الدقيق، تركيز الأحماض الأمينية في الدم، توازن الاستقلاب (3). 3-     ينشط الصيام آليات الاستقلاب أو التمثيل الغذائي في البناء والهدم للجلوكوز والدهون، والبروتينات في الخلايا، لتقوم بوظائفها على أكمل وجه. 4-     أما إذا اقتصر الجسم على البناء فقط، وكان همه التخزين للغذاء في داخله، فإن آليات البناء تغلب آليات الهدم، فيعتري الأخيرة - لعدم استعمالها بكامل طاقتها -، وهن تدريجي، تظهر ملامحه عند تعرض الجسم لشدة مفاجئة، بانقطاع الطعام عنه في الصحة، أو المرض، فقد لا يستطيع هذا الإنسان مواصلة حياته، أو مقاومة مرضه (3). 5-     يحسن الصيام خصوبة المرأة والرجل على السواء (Husan Nastrat and Mansour Suliman, Effect of Ramadan fasting on plasma progeserone and prolactin. Islamic international conferance on Islamic legalation & the Current Medical problms 2-3 Fib 987 Cairo - Egypt)) S.M.A. Abbas and A. H. Basalamah Effects of Ramadan Fast on Male Fertility (1986) , Archives of Andrology, 16: 161 - 166 ). 6-     يستفيد الإنسان من العطش أثناء الصيام استفادة كبيرة، حيث يساعد في إمداد الجسم بالطاقة، وتحسين القدرة على التعلم، وتقوية الذاكرة (3). 7-     تتهدم الخلايا المريضة والضعيفة في الجسم عندما يتغلب الهدم على البناء أثناء الصيام، وتتجدد الخلايا أثناء مرحلة البناء (3). 8-     كذلك فإن أداء الصيام الإسلامي طاعة لله وخشوعاً له، ورجاء فيما عنده سبحانه من الأجر والمثوبة، لعمل ذو فائدة جمة لنفس الإنسان وجسمه، حيث يبث في النفس السكينة والطمأنينة، وينعكس هذا بدوره على آليات الاستقلاب فيجعلها تتم في أوفق وأيسر وأنفع السبل، مما يعود بالنفع والفائدة على الجسم (3)           إن الصيام كاقتناع فكري وممارسة عملية، يقوي لدى الإنسان كثيراً من جوانبه النفسية، فيقوي لديه الصبر، والجلد، وقوة الإرادة، وضبط النوازع والرغبات، ويضفي على نفسه السكينة والرضا والفرح... وقد أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه " (1) متفق عليه. 9-     ثبت بالدليل العلمي القاطع أن الصيام الإسلامي ليس له أي تأثير سلبي على الآداء العضلي وتحمل المجهود البدني، بل بالعكس أظهرت نتائج البحث القيم الذي أجراه الدكتور أحمد القاضي وزملاؤه (دليل جديد على الإعجاز العلمي لحديث " صوموا تصحوا " وأية { وإن تصوموا خير لكم } بالولايات المتحدة الأمريكية أن درجة تحمل المجهود البدني وبالتالي كفاءة الآداء العضلي قد ازداد بنسبة 200% عند 30% من أفراد التجربة، و7% عند 40% منهم، وتحسنت سرعة دقات القلب بمقدار 9%، كما تحسنت درجة الشعور بإرهاق الساقين بقمدار 11%.( د. أحمد القاضي - معهد الطب الإسلامي للتعليم والبحوث - بنماسيتي - فلوريدا - الولايات المتحدة)           وهذا يبطل المفهوم الشائع عند كثير من الناس من أن الصيام يضعف المجهود البدني، ويؤثر على النشاط فيقضون معظم النهار في النوم والكسل. الوجه الثالث: يسر الصيام الإسلامي وسهولته:           تشير الدراسات العلمية المحققة، في وظائف أعضاء الجسم، أثناء مراحل التجويع، إلى يسر الصيام الإسلامي وسهولته، تحقيقاً لقوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [ البقرة:185] وفي تفسير الآية قال الرازي: إن الله تعالى أوجب الصوم على سبيل السهولة واليسر، وما أوجبه إلا في مدة قليلة من السنة، ثم ما أوجب هذا القليل على المريض ولا على المسافر (التفسير الكبير للرازي 2/82 ط3 دار الباز).     كما يتجلى يسر الصيام الإسلامي في إمداد الجسم بجميع احتياجاته الغذائية، وعدم حرمانه من كل ما هو لازم ومفيد له، فالإنسان في هذا الصيام، يمتنع عن الطعام والشراب فترة زمنية محدودة، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وله حرية المطعم والمشرب من جميع الأغذية والأشربة المباحة ليلاً، ويعتبر الصيام الإسلامي بهذا تغييراً لمواعيد تناول الطعام والشراب فحسب فلم يفرض الله سبحانه الانقطاع الكلي عن الطعام لمدد طويلة، أو حتى لمدة يوم وليلة، تيسيراً وتخفيفاً على أمة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم، وقد تجلى هذا اليسر بعد تقدم وسائل المعرفة والتقنية في هذا العصر.     فقد قسمت المراجع الطبية التجويع إلى ثلاث مراحل: مرحلة مبكرة، ومتوسطة، وطويلة الأجل (J. Hywel Thomas and Brian Gillham, Will’s Biochemical Basis of Medicine - 2nd Edition, (1989), Landon. pp 97-114 , 272-79).    وتقع المرحلة المبكرة بعد نهاية فترة امتصاص آخر وجبة ( أي بعد حوالي 5 ساعات من الأكل ) وحتى نهاية فترة ما بعد الامتصاص والتي تتراوح مدتها حوالي 12 ساعة، وقد تمتد إلى 40 ساعة عند بعض العلماء، في هذه الفترة يقع الصيام الإسلامي كما يقع في فترة امتصاص الغذاء، وهذه الفترة من الانقطاع عن الطعام آمنة تماماً بالمقاييس العلمية، فالجلوكوز هو الوقود الوحيد للمخ، والدهون لا تتأكسد بالقدر الذي يولد أجساماً كيتونية بالدم أثناء هذه الفترة، كما لا يستهلك البروتين في إنتاج الطاقة بالقدر الذي يحدث خللاً في التوازن النتروجيني في الجسم. مما حدا ببعض العلماء أن يسقط فترة ما بعد الامتصاص من مراحل التجويع أصلاً، وهذه الحقيقة تجعل الصيام الإسلامي متفرداً في يسره وسهولته عكس مراحل التجويع الأخرى.           من خلال عرض الحقائق السابقة، ندرك أن مدة الصيام الإسلامي والتي تتراوح من 12-16 ساعة في المتوسط،  يقع جزء منها في فترة الامتصاص، ويقع معظمها في فترة ما بعد الامتصاص، ويتوفر فيها تنشيط جميع آليات الامتصاص والاستقلاب بتوازن، فتنشط آلية تحلل الجليكوجين، وأكسدة الدهون، وتحللها وتحلل البروتين، وتكوين الجلوكوز الجديد منه، ولا يحدث للجسم البشري أي خلل في أي وظيفة من وظائفه، فلا تتأكسد الدهون بالقدر الذي يولد أجساماً كيتونية تضر بالجسم، ولا يحدث توازن نتروجيني سلبي لتوازن استقلاب البروتين، ويعتمد المخ البشري، وخلايا الدم الحمراء، والجهاز العصبي، على الجلوكوز وحده للحصول منه على الطاقة بينما التجويع أو الصيام الطبي - القصير والطويل منه - لا يقف عند تنشيط هذه الآليات، بل يشتد حتى يحدث خللاً في بعض وظائف الجسم.           يعتبر الصيام الإسلامي تمثيلاً غذائياً فريداً، إذ يشتمل على مرحلتي البناء والهدم، فبعد وجبتي الإفطار والسحور، يبدأ البناء للمركبات الهامة في الخلايا، وتجديد المواد المختزنة، والتي استهلكت في إنتاج الطاقة، وبعد فترة امتصاص وجبة السحور، يبدأ الهدم، فيتحلل المخزون الغذائي من الجليكوجين والدهون، ليمد الجسم بالطاقة اللازمة، أثناء الحركة والنشاط في نهار الصيام (3).           لذلك كان تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم وحثه على ضرورة تناول وجبة السحور، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ تسحروا فإن في السحور بركة " متفق عليه.           وذلك لإمداد الجسم بوجبة بناء يستمر لمدة 4 ساعات، محسوبة من زمن الانقطاع عن الطعام، وبهذا أيضاً يمكن تقليص فترة ما بعد الامتصاص إلى أقل زمن ممكن، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على تعجيل الفطر حيث قال: " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر - متفق عليه " وتأخير السحور فقد روى عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: " تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة، قيل: كم كان بينهما ؟ قال خمسون آية " (متفق عليه)           وهذا من شأنه تقليص فترة الصيام أيضاً إلى أقل حد ممكن، حتى لا يتجاوز فترة ما بعد الامتصاص ما أمكن، وبالتالي فإن الصيام الإسلامي لا يسبب شدة، ولا يشكل ضغطاً نفسياً ضاراً على الجسم البشري، بحال من الأحوال.           وبناء على هذه الحقائق يمكننا أن نؤكد أن الذي يتوقف أثناء الصيام، هو عمليات الهضم والامتصاص، وليست عمليات التغذية، فخلايا الجسم تعمل بصورة طبيعية، فخلايا الجسم تعمل بصورة طبيعية، وتحصل على جميع احتياجاتها اللازمة لها، من هذا المخزون بعد تحلله، والذي يعتبر هضماً داخل الخلية، فيتحول الجليكوجين إلى سكر الجلوكوز، والدسم والبروتينات إلى أحماض دهنية وأحماض أمينية، بفعل شبكة معقدة من الإنزيمات، والتفاعلات الكيمائية الحيوية الدقيقة، والتي يقف الإنسان أمامها مشدوهاً معترفاً بجلال الله وعلمه، وعظيم قدرته وإحكام صنعه.    فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم أن في الصيام وقاية للإنسان من أضرار نفسية وجسدية؟ ومن أخبره أن فيه منافع وفوائد يجنيها الأصحاء؟ بل ومن يستطيع الصيام من المرضى وأصحاب الأعذار !! ومن أخبره صلى الله عليه وسلم بأن الصيام سهل ميسور، لا يضر بالجسم ولا يجهد بالنفس؟ ومن أطلعه على أن كثرة الصوم تثبط الرغبة الجنسية؟ وتخفف من حدتها وثورتها خصوصاً عند الشباب !! فيصير الشباب آمناً من الاضطرابات الغريزية النفسية، ومحصناً ضد الانحرافات السلوكية !! وخصوصاً أنه نشأ في بيئة لا تعرف هذا الصيام ولا تمارسه.     " إنه الله.. آمنت بالله "  
(أقرأ المزيد ... | التقييم: 4.62)
الإعجاز العلمي في أحاديث منع التداوي بالخمر
الإعجاز بالحديثتم نقل المقال من موقع الهيئة العالمية للأعجاز العلمي فى القرأن والسنةwww.nooran.orgونشكر لهم السماح بنشر الأبحاث من هيئتهم المحترمة----------------------- الإعجاز العلمي في أحاديث منع التداوي بالخمر د. محمد علي البار لقد كان الأطباء يزعمون في الأزمنة الغابرة وعلى زمن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعده، وحتى عهد قريب أن الخمر دواء وأن شربها باعتدال معين على الصحة. وسنذهل للمفارقات العجيبة فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (إنها داء وإنها ليست بشفاء) والأطباء يصرون في زمنه والأزمنة التي قبله والتي بعده أنها دواء! حتى جاء الطب في العصر الحديث وأبان زيف ما كان الأطباء يقولونه؛ إن في الخمر منافع شتى وعديدة للبدن وإنها تهضم الطعام وتشحذ الأذهان وتصفي الكبد وإنها معين عظيم على الصحة!!   الأحاديث الشريفة في منع التداوي بالخمر 1) عن وائل بن حُجر أن طارق بن سُوَيْد الخضري سأل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الخمر يجعل في الدواء فقال ـ صلى الله عليه وسلم: (إنها داء وليست دواء).أخرجه مسلم (كتاب الأشربة من صحيحه)، وأبو داود في سننه (كتاب الطب) والترمذي في سننه (باب كراهية التداوي بالمسكر) وسنن ابن ماجه وأبو نعيم في الطب النبوي. 2) عن طارق بن سويد قال: (يا رسول الله إن بأرضنا أعنابا نعصرها فنشرب قال:لا فراجعته قلت: إنا نستشفي للمريض. قال: إن ذلك ليس بشفاء ولكنه داء).  أخرجه مسلم وابن حبان في صحيحه. 3) عن أبي الدرداء عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (إن الله أنزل الداء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تتداووا بحرام). أخرجه أبو داود وابن السني وأبو نعيم كلاهما في الطب النبوي. 4) روى أبو داود أن ديلم الحميري جاء مع وفد اليمن وسأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم: (إنا بأرض باردة نعالج فيها عملا شديدا، وإنا نتخذ شرابا من هذا القمح نتقوى به على أعمالنا وبرد بلادنا؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: هل يسكر؟ قال: نعم، قال: فاجتنبوه. قال: إن الناس غير تاركيه. قال: فإن لم يتركوه فقاتلوهم).    ولا تزال الخمر تشرب حتى اليوم بناء على وهم أنها تدفئ الإنسان من البرد. وهي توسع الأوعية الدموية تحت الجلد فيشعر بالدفء ويفقد حرارة جسمه، كما أنها تمنع المناطق المخّية المسؤولة عن تنظيم حرارة الجسم فيما يسمى (تحت المهاد Hypothalamus) فيؤدي ذلك إلى فقدان حرارة الجسم... ومن المآسي التي تحدث كل عام في أعياد الميلاد ورأس السنة أن يتوفى المئات في روسيا والولايات المتحدة وأوروبا من فقدان حرارة أجسامهم بعد شرب الخمور والانغماس فيها، والبقاء في الحدائق والأماكن المفتوحة فيموتون من البرد وهو يتمتعون بالدفء الكاذب وقد نشرت المجلة الطبية لأمريكا الشمالية Medical clinics of North America عدد يناير 1984م أن شرب الخمر هو أهم سبب لحدوث الوفيات الناتجة عن انخفاض درجة حرارة جسم الإنسان.    عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (من تداوى بالخمر فلا شفاه الله) أخرجه أبو نعيم في الطب النبوي.    عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم). أخرجه البخاري في صحيحه.     أقوال المفسرين في قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَــآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَــآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا) البقرة  (219).    وقد اتفق أهل التفسير في معنى الإثم الكبير أنه في الدين، وفي ضياع العقل بشرب الخمور، وما يحدث في شربها من النزاع والخصام، وحدوث الجرائم وارتكاب الموبقات. والخمر أم الخبائث كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجماع الإثم.  وقد سماها العرب الإثم؛ قال الشاعر: شربت الإثم حتى ضل عقلي               كـذاك الإثـم يذهـب بالعقــول    ولكن ما يلفت النظر فهمهم للمنافع التي أشار الكتاب العزيز إليها.    فقال الطبري: (فإن منافع الخمر كانت أثمانها قبل تحريمها وما يصلون إليه بشربها من اللذة).    قال ابن كثير:    (وأما المنافع الدنيوية من حيث إن فيها نفع البدن، وتهضيم الطعام وإخراج الفضلات، وتشحيذ بعض الأذهان، ولذة الشدة المطربة.    ولكن هذه المصالح لا توازي مضرته ومفسدته الراجحة لتعلقها بالعقل والدين، ولهذا قال الله تعالى: (وَإِثْمُهُمَــآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا).    وقال القرطبي: (وقد قيل في منافعها إنها تهضم الطعام، وتقوي الضعيف، وتعين على الباه، وتشجع الجبان، وتصفي اللون، إلى غير ذلك من اللذة بها).    وقال سعيد حوى في تفسيره الأساس: (ومنافع الخمر من حيث فيها بعض النفع للجسد في بعض حالاته). وذكر الفخر الرازي بعض المنافع البدنية لها فقال: (فمنافع الخمر أنهم كانوا يتغالون بها إذا جلبوها من النواحي، وكان المشتري إذا ترك المماكسة في الثمن كانوا يعدّون ذلك فضيلة ومكرمة، فكانت تكثر أرباحهم بسبب ذلك. ومنها أنه (أي الخمر) يقوي الضعيف، ويهضم الطعام ويعين على الباه (الجماع)، ويسلي المخزون، ويشجع الجبان، ويسخّي البخيل، ويصفّي اللون، وينعش الحرارة الغريزية، ويزيد في الهمة).    ولعمري لو كان في الخمر هذه الصفات لكان ذلك من دواعي شربها، بل هذا كله باطل وسنفصل القول فيه تفصيلاً وهو من الأوهام المتعلقة بالخمر فهي لا تقوي الضعيف بل تزيده ضعفًا وهزالاً، ولا تهضم الطعام بل تسبب التهاب الجهاز الهضمي ابتداء من الفم وانتهاء بالأمعاء مرورًا بالبلعوم والمريء والمعدة والبنكرياس والكبد. ولا تعين على الباه بل تفقد المرء عقله، فيقدم على الجرائم الجنسية ويعتدي على أمه وأخته، ونصف جرائم الاغتصاب على الأقل في العالم تقع تحت تأثير الخمر، وهي لا تسلي المحزون إذ إن تسليتها إذا حدثت وقتية سريعة الزوال وتعقبها الحسرات وتكثر المعارك والعداوات والبغضاء بين من يشربونها. وأما تشجيعها الجبان فهو ناتج عن فقدان العقل وحدوث التهور، وتقول الإحصائيات الحديثة إن 86 بالمئة من جرائم القتل تمت تحت تأثير الخمور فأي شجاعة هذه؟؟ وإن ما لا يقل عن 50 بالمئة من حوادث المرور ناتجة عن شربها.    وأما أنها تسخّي البخيل فعند فقده عقله يصرف ماله في غير موضعه، وهذا إسراف منهي عنه، وإضاعة للمال. وهؤلاء السكارى ينفقون أموالهم في الباطل والحرام ولا ينفقونها في سبيل الله، ولا لإغاثة ملهوف، وإنقاذ المنكوب، وإعانة الفقراء والأرامل واليتامى والمساكين.    وأما تصفيتها اللون فهو ما يحدث من الحمرة في وجه شارب الخمر وذلك بسبب تمدد الأوعية الدموية تحت الجلد، وبسبب إصابة الكبد وتليفها، فيحدث ذلك الاحتقان، وهو علامة المرض لا علامة الصحة.    ويصحبه عادة ارتفاع في ضغط الدم فيزداد الخطر على الصحـة على عكـس مـا توهمـه القدمـاء.. وأمـا قوله: (وينعش الحرارة الغريزية) فعبارة يستخدمها القدماء ولا محل لها في الطب الحديث. وأما قوله: (ويزيد في الهمة والاستعلاء) فأي همة لدى هؤلاء السكارى سوى مزيد من السكر والعربدة؟! وهم أذل خلق الله.. ولا يستعلون إلا على الضعفاء والمساكين. وأما الأقوياء فيستخذون أمامهم ويتذللون لهم.  منافع الخمر في التراث الطبي الإسلامي:    اتجهت الغالبية الساحقة من الأطباء المسلمين إلى أن شرب الخمر باعتدال معين على الصحة، وأنها تهضم الطعام، وتشحذ الأذهان، وتقوّي الضعيف، وتزيد في الباءة، وتخصّب البدن، وتحسّن اللون..إلخ، واتفقوا جميعا على أن إدمان شربها والإكثار منها ضار بالصحة وأنها تؤدي إلى الرعشة والرجفة والفالج (الشلل)، وتبلّد الذهن، وترخي العصب، وتفسد مزاج الدماغ والكبد.. وكانوا ينصحون بتناولها ممزوجة بالماء، ويفصلون في أنواعها:    فالنبيذ الأحمر فوائده كذا، وينفع لكذا، ويصلح للشباب، والنبيذ الأبيض لكذا ولكذا. وينفع المحرورين..إلخ.. وأفضل استعمالها عندهم كل ثلاثة أيام مرة. والبلوغ إلى حد السكر وفقدان العقل عندهم ضار إلا أن يكون مرة أو مرتين في الشهر؛ فإن في ذلك فائدة ـ حسب وهمهم ـ لتسخين الجسد وإخراج الفضلات منه.    وقد سطر ذلك الوهم الفاسد عن منافع الخمر الجسدية كل من:  أبي بكر الرازي (251ـ 311هـ) في كتابه منافع الأغذية ودفع مضارها (ص69ـ 85).  وأبي الحسين بن علي بن سينا (370ـ 428هـ) في منافع الخمر في كتابه القانون من الجزء الأول والثالث في تدبير الماء والشراب. وداود الأنطاكي المتوفى سنة 1008هـ تحت باب الخمر في تذكرته الشهيرة. ومع ذلك نجد بعض الأطباء المسلمين يعارضون  هـذا الاتجــاه كابن النفيس القرشي الذي عرض عليه زملاؤه الأطباء شرب الخمر عندما مرض فأبى ذلك بشدة.  مؤلف معاصر يتحدث عن منافع الخمر الطبيعية:   ذكر سعيد جرجس كوبلي في كتابه (أسرار الطب العربي القديم والحديث) في معالجته لبعض الأمراض استخدام السبرتو والويسكي لمعالجة البول السكري. فقد جاء في الصفحة 65 من الكتاب المذكور أن الويسكي مع دبس الرمان، تؤخذ بعد العشاء لمدة 15 يوما كفيلة بالقضاء على البول السكري. وفي الصفحة التالية (66) ذكر أن ملعقة السبرتو الأبيض على الريق مع ملعقة من دبس الرمان لمدة 15 يوما تكفي لمعالجة الشخص من البول السكري وشفائه التام منه.    والسبرتو من السموم الناقعة المحتوية على الكحول الإثيلي والميثيلي والمسبب للوفيات المفاجئة بسبب تسمم عضلة القلب، والعمى بسبب إصابة عصب الإبصار.    وكوبلي هذا ليس طبيبا بل هو خوري في كنيسة في إحدى قرى لبنان وجد طريقه إلى الثروة والشهرة بسبب وصفاته الطبية الرهيبة القاتلة.. وكتابه لا يزال يطبع ويوزع على نطاق واسع في العالم العربي، رغم أنه كله مبني على الخرافات، فلحم الهر يشفي من السل، والسبرتو تقضي على البول السكري، وقطعة من دهن الخنـزير علاج للربو، والبصاق على قطعة من الفخار علاج لكل أوجاع الرأس... إلخ. المنظمات الصحية العالمية والأبحاث العلمية تحذر من مخاطر شرب الخمور:    يقول تقرير منظمة الصحة العالمية رقم 650 لعام 1980م عن الكحول ومشكلاتها: (إن شرب الخمور يؤثر على الصحة، ويؤدي إلى مشكلات تفوق المشكلات الناتجة عن الأفيون ومشتقاته (الهرويين والمورفين)، والحشيش، والكوكايين والأمفيتامين، والباربيتورات، وجميع ما يسمى مخدرات مجتمعة. إن الأضرار الصحية والاجتماعية لتعاطي الكحول تفوق الحصر) ويقول تقرير الكلية الملكية للأطباء النفسيين بالمملكة المتحدة (1986م) عن مشكلة تعاطي الخمور: (إن الكحول مادة تسبب تحطيم الصحة بما لا يقاس معها الخطر على الصحة الذي تسببه المخدرات مجتمعة. وإن معظم المخاطر على الصحة العامة من العدد الكبير الذي يتناول كميات معتدلة من الكحول). وهو يرد بذلك على ما زعمه أبو بكر الرازي وابن سينا ومن لَفّ لِفَّهُم من الأطباء ومن صدقهم من العلماء والمفسرين من أن شرب الخمور باعتدال معين على الصحة، والواقع أنها وبال على الصحة. ويؤكد هذا المعنى تقرير الكلية الملكية للأطباء بالمملكة المتحدة والصادر عام 1987م وعنوانه:  (العواقب والمخاطر الصحية لتعاطي الكحول وباء خطير وشر مستطير)  (The Midical Consequences of Alcohol Abuse ; A great and growing Evil)    حيث يقول: إن المخاطر الصحية المتعلقة بتعاطي الكحول ليست ناتجة بالدرجة الأولى من العدد القليل الذي يتناول كميات كبيرة من الكحول، ولكن الخطر الأعظم على الصحة العامة هو من العدد القليل الذي يتناول كميات كبيرة من الكحول باعتدال وانتظام. إن تعاطي 60 جرامًا من الكحول يوميٌّا يؤدي إلى زيادة كبيرة في حدوث ضغط الدم والسكتات الدماغيــة (Stroke)، وأمراض الكبد، والعقم، وضعف الباءة، وأمراض الجهاز العصبي أما بالنسبة للمرأة فإن نصف هذه الكمية كفيلة بإحداث هذه الأمراض الوبيلة) وهو كلام واضح ينقض كل حرف مما ذكره الأطباء القدماء كابن سينا والرازي ومن نقل عنهم من المفسرين.    ويذكــر كتاب (ألف باء الكحول) الصادر عن المجلة الطبية البريطانية الشهيرة (BMJ) عام 1988م: (أن ما بين خُمس وثُـلث جميع الحالات التي أدخـلت إلى الأقسام الباطنية في بريطانيا كانت بسبب الكحول. وفي إنجلترا وحدها (دون ويلز واسكتلندا وإيرلندا الشمالية) يدخل إلى الأقسام الباطنية كل عام ما بين ثلاثمائة ألف ونصف مليون شخص بسبب أمراض متعلقة بتعاطي الخمور. وفي السويد أثبتت دراسة مالمو أن 29% من جميع أيام دخول المستشفيات في السويد كانت بسبب تعاطي الخمور). ويقول الدكتور برنت في كتاب (مواضيع في العلاج) (إصدار الكلية الملكية للأطباء بلندن عام 1978م): (لم يكتشف الإنسان شيئًا شبيهًا بالخمور في كونها باعثة على السرور الوقتي وفي نفس الوقت ليس لها نظير في تحطيم حياته وصحته، ولا يوجد لها مثيل في كونها مادة للإدمان وسمٌّا ناقعًا، وشرٌّا اجتماعيٌّا خطيرًا).    وقد أثبتت الدراسات الحديثة في بريطانيا والولايات المتحدة وأوربا أن 40% من نزلاء المستشفيات العامة يعانون من مشكلات متعلقة بالخمور، وأن ما بين ثلث ونصف نزلاء مستشفيات الأمراض العقلية في الأمريكيتين وأوربا يعانون من مشكلات متعلقة بالخمور، وأن سبب دخولهم إليها هو تعاطيهم الكحول بكثافة.    ويذكر كتاب (ألف باء الكحول) أن 25% من جميع حالات التسمم في بريطانيا كانت بسبب تعاطي الكحول، وأن 60% من جميع كبار السن الذين أدخلوا إلى المستشفيات في بريطانيا بسبب كثرة السقوط أو هبوط القلب أو الإنتانات الصدرية المتكررة أو فقدان الذاكرة واضطراب الذهن، كانوا يعانون من مشكلات متعلقة بتعاطي الخمور. وفي روسيا فإن 90% من حالات التسمم الكحولي التي أدخلت إلى المستشفيات كانت لأطفال تحت سن الخامسة عشرة وأن ثلثهم كانوا دون العاشرة!!    ويذكر تقرير منظمة الصحة العالمية في الاجتماع الثالث والستين لعام 1979م (الدورة 32) أن تعاطي الخمور هي إحدى المشكلات الصحية الكبرى في العالم، وأن الاستمرار في تعاطيها يعيق التقدم الصحي والاجتماعي والاقتصادي في معظم المجتمعات بل وتشكل عائقًا كبيرًا في المجال الصحي، وتعتبر أحد العوامل الهامة جدٌّا التي تؤدي إلى تحطيم الصحة العامة والتي لا يوجـد حل لهـا.   الوفيات الناتجة عن الخمور:    تعتبر الخمور أهم ثاني سبب للوفيات في الولايات المتحدة، وفي كل عام يتوفي 125000 شخص بسبب تعاطي الخمور، وما تؤدي إليه من حوادث السيارات والطرقات، وجرائم القتل، والوفيات الناتجة عن أمراض وبيلة وقعت بسبب شرب الخمور. وبما أن التدخين أكثر انتشارًا من شرب الخمور فإن ضحايا التدخين يفوقون ضحايا الخمور بثلاثة أضعاف كما موضح في هذا الجدول: السبب                        الوفيات سنويٌّا التدخين مضغ التبغ              350000 والتدخين غير المباشر           50000 شرب الخمور                  125000 جميع المخدرات مجتمعة         20000 الهروين والمورفين               6000       وفي المملكة المتحدة يذكر تقرير الكلية الملكية للأطباء العموميين أن ضحايا الخمور قد بلغوا 40000 شخص بينما يخفض تقرير الكلية الملكية للأطباء (الباطنيين) الرقم إلى 25000، ويرجع السبب في ذلك إلى حساب عدد الذين توفوا منتحرين أو بسبب جرائم للقتل: هل كانت الجريمة مقررة سلفًا، ثم شرب الشخص الخمر فارتكبها أم أن شرب الخمر كان الدافع لارتكاب الجريمة.     ولا شك أن شرب الخمور عامل مهم في إتمام الجريمة (القتل أو الانتحار) وبالمقارنة يذكر تقرير الكلية الملكية للأطباء النفسيين أن عدد من لاقوا حتفهم بسبب تعاطي الهرويين والمورفين عام 1983م كانوا 98 شخصًا فقط بالإضافة إلى 77 طفلاً توفوا نتيجة شم الغراء والتولوين والمستنشقات الأخرى. أما ضحايا التدخين فلا يزالون في القمة حيث قدروا بـ 140000.    وفيما يلي استعراض مختصر للأمراض الناتجة عن شرب الخمور على عكس ما كان يظنه الأطباء القدماء: الخمر والهضم:     تقول مجلة Medicine International العدد 62 لعام 1989م: (تؤدي الخمر إلى زيادة حدوث سرطان المريء، كما تسبب نزفًا في المريء ودوالي في أسفله، والتهابا مزمنا فيه وتكثر الإسهالات والبواسير عند شاربي الخمور، كما قد يحدث التهاب حاد في البنكرياس الذي قد يكون مميتًا.     (لقد دلت الدراسات التي أجريت على طلاب كلية الطب أن تناول 180 جرامًا من الكحول يوميٌّا كاف لتسبيب دهينة الكبد ثم تليف الكبد. ويعتبر تليف الكبد السبب الثالث للوفاة لدى البالغين الذكور في الولايات المتحدة والرابع لدى الإناث). الخمر والقلب:    تقول مجلة Postgraduate medicine (العدد 91 لعام 1992م): (أثبتت الدراسات العديدة أن شرب الخمور يحرّض على حدوث نوبة الذبحة الصدرية وأن معظم حالات موت الفجأة واضطراب نظمية القلب كانت بسبب شرب الخمور. وقد أوضحت دراسة شملت أكثر من ألفي شخص توفوا فجأة أن نصفهم ماتوا بعد انغماس في شرب الخمر، وأظهرت دراسة أخرى أن شرب الخمر قد أدى إلى رجفان (ذبذبة) أذيني لدى 63% من المرضى دون الخامسة والستين وأن شرب ما يعادل ست كأسات من البيرة تؤدي إلى مضاعفة حدوث اضطراب نظم القلب. كتاب هاريسون الطبي طبعة 1991م    إن شرب كمية معتدلة أو قليلة من الكحول يؤدي إلى انخفاض في كوليسترول الدم الخفيف الكثافة وزيادة نسبية في الكوليسترول الثقيل الكثافة، وهذا أمر جيد ولكنه مغمور بجانب الأضرار العديدة التي يؤدي إليها تعاطي الكحول فهو سم ناقع لعضلة القلب ويسبب اضطرابًا شديدًا في نظمية القلب وارتفاعًا في ضغط الدم، ولهذا فإن المحصلة النهائية لشرب الخمور هي ضرر محض للقلب.    وتقول مجلة اللانست (lancet) الطبية، المقال الافتتاحي (العدد الثاني لعام 1987م): إن على الأطباء تبليغ رسالة واحدة للناس وهي: أن الخمر ضارة بالصحة، وتؤدي إلى حدوث الذبحات الصدرية وجلطات القلب واضطراب نظمية القلب وموت الفجأة. الخمر والجنس:    يقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. ويقول ـ صلى الله عليه وسلم: (الخمر أم الفواحش وأكبر الكبائر. ومن شرب الخمر ترك الصلاة ووقع على أمه وخالته وعمته) أخرجه الطبراني في الكبير من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. وفي حديث ابن عباس: (من شربها وقع على أمه). تأثير الخمر: تأثير سريع: ـ 50% من جميع جرائم الاغتصاب تحت تأثير الخمر (منظمة الصحة العالمية). ـ معظم حالات الاعتداء على المحارم كانت بسبب تأثير الخمر (دائرة المعارف البريطانية). تأثير بطيء:    أنها تحفز على الرغبة ولكنها تفقد القدرة على التنفيذ It provokes the desire but takes away the performance (وليم شكسبير مسرحية ماكبث). وهي تؤثر تأثيرًا سميٌّا على الغدة التناسلية (الخصية) وعلى الجهاز العصبي غير الإرادي المنوط بعملية الانتصاب، كما أن الكبد المريضة بسبب تعاطي الخمر تفقد قدرتها على إزالة هرمون الأنوثة الذي تفرزه الغدة الكظرية. وبالتالي يصاب بالعنة وتضخم الأثداء. المرأة والخمر: ـ جسم المرأة لا يتحمل نصف الكمية التي يتعاطاها الرجل من الكحول. ـ اضطراب الدورة، كثرة الإجهاض وولادة أجنة ناقصة. ـ متلازمة الكحول الأجنة Alcohol Fetal   syndrome صغـر الدماغ والفكين والتخـلف العقلي والبدني، وصغر حجم العينين مع عيوب خلقية في القلب. الخمر والجهاز البولي: الخمر تدر البول. ولكنها تؤدي إلى تنكرزوموات حليمات الكلية Papillary Necrosis وهو مرض خطير يؤدي إلى الفشل الكلوي المزمن. وتسبب احتقان البروستاتة والمعاناة الشديدة للذين يعانون من تضخم البروستاتة. الجهاز الهضمي: التهاب الفم ـ البلعوم ـ المريء، نزيف المريء وسرطان المريء، التهاب المعدة الضموري، قرحة المعدة والاثني عشر، سرطان المعدة، التهاب الأمعاء، التهاب البنكرياس الحاد والمزمن، التهاب الكبد، دهنية الكبد، تليف الكبد، سرطان الكبد. الجهاز الدموي والقلب: ارتفاع ضغط الدم (التوتر الشرياني)، السكتات الدماغية، هبوط القلب واضطرابات نبض القلب، زيادة ثلاثي الجلسرايد. الجهاز الدموي: ـ نقص جهاز المناعة ونقص الخلايا الليمفاوية المناعية، عدم تحرك خلايا الدم البيضاء لمواجهة الميكروبات، نقل المقاومة للأمراض مع نقص شديد في الفيتامينات، أنواع من فقر الدم أهمها بسبب نقص حامض الفوليك، انحلال خلايا الدم الحمراء (متلازمة زيف)، زيادة نشاط الطحال، تكرر النزف. الجهاز التنفسي: التهابات الجهاز التنفسي المتكررة والخطيرة، الالتهاب الرئوي وخراج الرئة والدبيلة، السل الرئوي، زيادة في سرطان الحنجرة. الغدد الصماء والاستقلاب: ـ فـرط نشاط الغـدة الدرقية أول الأمر ثم ينتهي بنقصان نشاطها وحدوث الميكسوديما MYXODEMA ـ فرط نشاط الغدة الكظرية (فوق الكلية) ووجود حالات شبيهة بتناذر كوشنج Cushing Syndrome. ـ انخفاض مستوى سكر الدم وخاصة لدى مرضى السكر الذين يتعاطون الأنسولين أو الأدوية (الأقراص) المخفضة لمستوى السكر. ويحدث تـفاعل خطير بين عقار الديابنيز والخمور مما يؤدي إلى الوفيات وحدوث الغيبوبة. وأما العقاقير المعروفة باسم الباجوانيد  Biguanides مثل الميتفورمين (جلوكوفاج) فإنها تسبب حموضة الدم وخاصة مع تعاطي الكحول. الغدد الجنسية: هذا غيض من فيض من الأمراض التي يسببها تعاطي الخمور ومن أراد المزيد فليرجع إلى المراجع الطبية الحديثة أو إلى كتاب: (الخمر بين الطب والفقه) وكتاب:  The proplem of Alcohol and Solution in Islam  لكاتب هذه السطور. وكتاب الدكتور حسان شمسي باشا (أطباء الغرب يحذرون من شرب الخمور) أو المراجع الطبية العديدة.  وجه الإعجاز في أحاديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الموضوع      نهت أحاديث المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن التداوي بالخمر، والتدفئة بها، وصرحت بأنها داء وليست بدواء أو شفاء في زمن كان العرب يعتبرونها فيه دواء وغذاء وباعثة على الكرم والشجاعة والسخاء، واستمر الأطباء عبر القرون المختلفة في اعتقاد ذلك الوهم وأنها معين على الصحة مخصبة للبدن طاردة للفضول والأخلاط الرديئة شاحذة للفكر، مقوية للجسم، مهضمة للطعام... وأن شربها باعتدال من أهم أسباب الصحة والعافية، بل إن السُّـكْـر والعربدة منها مرة أو مرتين في الشهر مفيد للصحة أيضا.. ثم جاء الطب الحديث فأوضح زيف جميع ما قالوه، وأنه الباطل، والبهتان، والأوهام. وبهذا يتضح أن ما قاله الحبيب المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الحق الذي لا مرية فيه وأن الخمر داء وليست بدواء كما زعم الأطباء. وأنها لا تدفئ الجسم بل تؤدي إلى فقدان الحرارة وموت الإنسان من البرد بينما يشعر بالدفء الكاذب. إن أحاديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الموضوع معجزة علمية لم تظهر أبعادها إلا في القرن العشرين
(أقرأ المزيد ... | التقييم: 3.5)

أسم القسم للمقالات

  • من قال ان الله محبة ؟
  • متى ترك إبراهيم حاران قبل أم بعد وفاة أبيه
  • القرآن والثالوث للمستشار محمد مجدى مرجان, شماس أسلم يدافع عن دين التوحيد
  • دفاعاً عن نبى الله لوط وابنتيه
  • حقيقة الروح القدس في الشرائع الألهية
  • الثالوث القدوس .. عند ثيوفيلس الأنطاكي 180 م
  • بحث عن الروح القدس التى تسمى الاقنوم الثالث
  • إله المحبة مستوجب نار جهنم؟
  • تابع:إله المحبة مستوجب نار جهنم؟
  • حقيقة الكفن المقدس بتورينو !
  • أسم القسم للمقالات

  • الرد على شبهة الكلمة التي قيلت للمتطهر من الزنا
  • التشكيك فى صحة الأحاديث والأستغناء عنها بالقرآن
  • الرد على : فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين
  • إبطال شبه الزاعمين الاكتفاء بالقرآن دون السنة
  • الرد على شبهة:إرضاع الكبير
  • الرد على : الداجن أكل القرآن
  • الرد على : الجنة تحت ظلال السيوف
  • الرد على : ثَلاَثَةِ أَحْجَار
  • الرد على شبهة الطاعنين فى حديث "خلوة النبى !!
  • الرد على شبهة الطاعنين فى حديث "اللهم فأيما مؤمن سببته ..
  • أسم القسم للمقالات

  • حكم تناول خميرة البيرة
  • هذه بضاعتنا: الإسلام دين المحبة والرحمة الحقيقيين - وسائل نشر المحبة فى دين الاس
  • هل هذا الحديث الشريف يثبت لاهوت المسيح كما يدعي النصارى؟
  • القتال في الإسلام ضوابط وأحكام
  • الرد على:الملائكة تلعن المرأة
  • الرد على مثنى وثلاث ورباع وما ملكت ايمانكم
  • الرد على : المرأة ضلع أعوج
  • حقيقة الجزية
  • رد شبهة المساواة بين المرأة و الكلب
  • الرد على : الموت هو كبش أملح يذبح يوم القيامة
  •   أسم القسم للمقالات

  • خرافات النصارى حول الحروف المقطعة بالقرأن الكريم
  • حقيقة استواء الرحمن على العرش وإلى السماء
  • نزول الله إلى السماء الدنيا بلا انتقال ولا تجسيد
  • شبهات حول قضية النسخ
  • الرد على شبهة :(وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً )
  • هل "يهوه" هو اسم الله الأعظم ؟؟؟
  • الرد على الأخطاء اللغوية المزعومة حول القرآن الكريم
  • الرد على شبهة:لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى
  • رد على من انكر تحريم الخمر
  • بيان كذب المدعو بنتائوور بخصوص مخطوط سمرقند
  • 934 مواضيع (94 صفحة, 10 موضوع في الصفحة)
    [ 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 ]
     
     


    انشاء الصفحة: 6.02 ثانية