ثيودور هيرتزل
ارتبط اسم ثيودور هرتزل باسم الحركة الصهيونية أكثر من ارتباطه بأي شئ آخر بطريقة لا تترك أي مجال لأي باحث يكتب في سيرة هرتزل إلا وعليه الكتابة في موضع الصهيونية ونشوئها وأيديولوجيتها وحقيقة مشروعها.
ولد بنيامين زئيف هرتزل والشهير باسم (ثيودور هرتزل) في الثاني من مايو عام 1860م ، وذلك في مدينة بودابست ( المجر ) لأسرة ميسورة الحال وكان والده مديراً لأحد المصارف في النمسا التي انتقلت إليها عائلته بعد موت أخت هرتزل في المجر .
تلقى هرتزل الابن تربية يهودية محافظة، وتعلم في طفولته في مدرسة دينية يهودية إلا أنه لم يستكمل تعليمه فيها حتى أنه لم يتعلم اللغة العبرية والتي هي لغة الصلاة والدين اليهودي التي نادي أقطاب وزعماء الصهيونية ، لاعتبارها اللغة الرسمية لكافة اليهود كما فعلت دولة إسرائيل واعتبرتها اللغة الرسمية الأولى للدولة الصهيونية "إسرائيل".
فقد التحق هرتزل بمدرسة ثانوية فنية ، ثم بالكلية الإنجيلية حتى العام 1878 التي تخرج منها ثم أكمل دراسته الجامعية بجامعة فيينا حيث حصل على شهادة الدكتوراه في القانون الروماني عام 1884.
وترعرع هرتزل في المدينة التي ولد فيها وسط أبناء عائلته وأقرانه من الوسط الاجتماعي الذي عاش فيه وقد تربي على روح الثقافة اليهودية الألمانية التي سادت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وتزوج من جولي ناستاور وأنجب منها ثلاثة أطفال.
وقد زاول هرتزل مهنة المحاماة التي كانت في عصره من أرقى الوظائف والمهن ولكن هرتزل الطموح ظل يسعى للوصول إلى منصب قاضي ولكنه فشل في ذلك ، وكان السبب في ذلك يهوديته ، الأمر الذي جعله يشعر بحالة من القهر والظلم ، الذي ظل دفيناً في قلب هرتزل حتى مرحلة متقدمة من حياته.
وترك هرتزل عمل المحاماة وتوجه للبحث عن ذاته ومواهبه ، التي كان يجدها في مجال الفن والكتابة المسرحية فعمل صحفياً ومراسلاً للصفحة الأدبية في صحيفة " Vienna neue frei presse النمساوية بباريس بين عامي 1891حتى 1895 ".
وقد نشر مقاله الأول في هذه الصحيفة بتاريخ 27 مايو 1891 وظل يعمل مراسلاً لهذه الجريدة حتى العام 1895 والتي كتب ونشر خلالها مئات المقالات والقصص القصيرة وعشرات المسرحيات
ولما كانت هذه الجريدة النمساوية الأولى في صحافة العصر والصادرة باللغة الألمانية فقد اكتسب هرتزل شهرة خاصة عن طريقها ، كما ازدادت شهرته بانتقاله إلى باريس العاصمة الفرنسية وعاصمة الثقافة الأوروبية والعالم الغربي ومركز التيارات الحضارية والتطورات السياسية المستجدة وهناك تكون الوعي السياسي لهرتزل ، وتنوعت معارفه وعلاقاته في أوساط المشاهير والسياسيين ، وخلال هذه الفترة وبتاريخ 8 نوفمبر 1895 ألف هرتزل العاشق للمسرح مسرحية (الجيتو الجديدة ) والتي كانت تتحدث عن الأوضاع الاجتماعية للطبقة اليهودية العليا في ( فيينا ) بصفة خاصة وعن حالة الجماعات اليهودية التي تعيش بمعزل عن المجتمعات التي يعيشون فيها بشكل عام ، وذلك لما يتميز به الدين اليهودي دوناً عن الأديان الأخرى، إذ يشجع أتباعه بل ويفرض عليهم حالة الانغلاق ، والعيش بمعزل عن باقي البشر ، وذلك لأن الدين اليهودي هو خاص ببني إسرائيل فكما جاء في التوراة ( تكونون لي خاصة من بين جميع الشعوب).التوراة –سفر الخروج 19/6
في حين أن الديانتين المسيحية والإسلامية تسمحان بالتبشير والدعوة للأمم الأخرى في الدخول بهاتين الديانتين المرسل أنبيائها من عند الله للبشر كافة، بل ويعتبر التبشير في المسيحية والدعوة في الإسلام من أهم الأنشطة الدينية المكلف بها المسيحي، والمسلم على حد سواء بينما يعتبر العكس تماماً هو حال اليهود الأمر الذي ميز العقل اليهودي الفرد والجماعة التي عاشت منذ البداية في ( الجيتو ) الذي يصفه العديد من المفكرين بمثابة أحد مظاهر عنصرية اليهود واحتقارهم للشعوب والأقوام الأخرى ، وليس كما يحاول اليهود والصهاينة أن يجعلوه مظهراً من مظاهر الظلم والقهر الواقع عليهم من الآخرين فليس لأي شعب أو جماعة أي ذنب اتجاه اعتبار اليهود أنفسهم بشعب الله المختار والتي انعكست واقعاً تربوياً تجده واضحاً في شخصية اليهودي وبالتالي في شخصية ( ثيودور هرتزل ).
تلك الشخصية المثيرة حقاً للجدل فهو الشخص الذي تربى كما سلف ذكره تربية خاصة وشكل تعليمه العلماني ركناً أساسياً في ثقافته وتوجهاته الفلسفية حتى على مستوى فهمه للمسألة اليهودية التي اعتقد في وقت من الأوقات أن حلها يجب أن يأتي من خلال اندماج اليهود في المجتمعات التي يعيشون بها بل وعليهم أيضاً التخلي عن يهوديتهم.
خاصة في ظل التحول الكبير الذي ساد في أوروبا بعد عصر النهضة بما شهدته من ثورات تحررية في الكثير من بلدانها كالثورة الفرنسية، وثورة كرمويل في بريطانيا وما أحدثته هذه الثورات من انقلابات ثورية ضد المفاهيم القديمة التي سادت أوروبا في القرون الماضية وما كان للثورة الصناعية من تأثير على البنى الاجتماعية وطبيعة العلاقات الاقتصادية ، وتأثيرات الإصلاح الديني بحيث أن المرسوم الذي وقعه ملكي أسبانيا ( فرديناند وإيزابيلا )عام 1412 والقاضي بنفي اليهود غير المعمدين أصبح جزءاً من الماضي.
وكنتاج لتلك التطورات انبعثت الحركة الأوروبية لتحرير اليهود ، فلم يمارس نظام الانعزال المفروض بقوة القانون في إنجلترا منذ عودة اليهود إليها أثناء حكم ( أوليفركرمويل ) أو في أمريكا الشمالية حيث تحرر اليهود رسمياً منذ دستور 1778 الذي نص على : " أن الدين ليس شرطاً لشغل المناصب في الدولة".
"وأزال بيان حقوق الإنسان الذي أصدرته الثورة الفرنسية أي أساس للعنصرية، وبقدوم العام 1831 اعترف باليهودية رسمياً في فرنسا إلى جانب المسيحية كديانات في الدولة".(ديزموند ستيوارت ، ثيودور هرتزل ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ص 26.).
ثم كان التحرر في الولايات الألمانية وشهد نظام الجيتو في أوروبا بداية الانفتاح التي شجعها هرتزل ورأى فيها حلاً حقيقياً للمسألة اليهودية إلا أنه سرعان ما تراجع عنها وتحول للنقيض تماماً وراح يشجع اليهود على عدم الاندماج وأنه لابد لهم من البحث عن مكان يجتمع فيه اليهود كبقية شعوب العالم فيكون لهم الحق في إقامة دولتهم الخاصة بهم أسوةً ببقية شعوب العالم المسألة التي اعتبرت حجر الأساس للفكر الصهيوني الذي ابتدعه هرتزل الذي يقول أن تحوله هذا كان لأسباب عديدة لعل أبرزها هي قضية درايفوس التي تابعها هرتزل شخصياً بصفته صحفياً كان يغطي جلسات المحكمة وقام بنشر هذه القصة بعد عامين من وقوعها عام 1894.
وملخص هذه القصة أن عاملة نظافة تعمل في السفارة الألمانية في باريس قامت بتسليم محتويات سلة مهملات إلى نائب مدير المكتب الفرنسي لمكافحة التجسس واكتشف الأخير أنها احتوت على خمس وثائق كان رجل مجهول يرغب في بيعها للسفارة الألمانية ، وعند مقارنة الخطوط ثارت الشكوك بين أربعة أو خمسة ضباط ، ثم تمت المقارنة بين الخطوط فوجد أن خط أحدهم وهو الكابتن اليهودي" ألفريد دريفوس " يماثل خط الوثيقة ، وبناء عليه تم القبض على دريفوس ، وتجريده من رتبته العسكرية وسجنه مدى الحياة.
ثم في العام 1896 سلمت سلة أخرى للمخابرات الفرنسية تحتوي وثائق مماثلة لتلك التي أدين بسببها درايفوس تدين متهم آخر غيره ، فسلمت الدولة الفرنسية التحقيق إلى نفس الضابط ( نائب مدير المكتب الفرنسي الميجور هنري ) الذي بدأ يدافع عن خطأه ويزيف الأدلة ضد درايفوس فانتقلت القضية للصحف وانقسم المجتمع الفرنسي الذي لم يكن مهتماً بالموضوع في البداية إلى تيارين .
وفي العام 1898 ثبتت براءة درايفوس من التهمة لكن الجيش رفض الاعتراف بالحكم فأصدرت محكمة عسكرية ثانية حكماً على درايفوس بالسجن لعشرة أعوام ثم صدر بحقه عفو فأفرج عنه .
كان أهم ما أثر في نفس هرتزل في هذه القضية هو ما حدث أثناء انعقاد الجلسات العلنية لمحاكمة درايفوس، والتي استحوذت كما قلنا على الرأي العام الفرنسي حيث كان جمهور كبير يتابع هذه الجلسات بالحضور ومن خلال الصحف وكان هرتزل مهتماً بهذه القضية بصفته مراسلاً صحفياً مكلفاً بنقل ما يحصل فيها إلا أنه فوجئ بالكراهية والحقد الذي كان يعبر عنه الجمهور ضد درايفوس ومنه لكافة اليهود.
حيث كان هرتزل يستمع في هذه الجلسات للشتائم القاسية والهتافات الصاخبة التي كان يرددها الجمهور في كافة الجلسات ، والمحاكم ضد اليهود عموماً ومنها ( الموت لليهود .. يهود جبناء .. يهودي قذر.. يهودي خائن ).
المسألة التي أزعجت هرتزل بشكل كبيراً جداً وفي الخامس من يناير 1895 وحينما أصدرت المحكمة قرارها بالسجن المؤبد ضد درايفوس الذي خرج من المحكمة في الطريق إلى السجن وبينما كان يمر من أمام الصحفيين كان بينهم هرتزل صرخ بأعلى صوته قائلاً عليكم أن تقولوا لفرنسا كلها أنني برئ ومظلوم .
وفي الوقت نفسه كانت هتافات السخرية تتصاعد بين الجماهير وشتائمهم تقال لدرايفوس واليهود عموماً.
ومن الجدير ذكره بأن محاكمة درايفوس قد أعيدت مرتين حتى صدرت براءته نهائياً في العام 1906 وأعيد بعدها للخدمة في الجيش الفرنسي وتمت ترقيته إلى رتبة رائد ثم تدرج فأصبح من كبار الضباط الفرنسيين وشارك في الحرب العالمية الأولى وقد التقى مع هرتزل الذي يَعتبر قضية درايفوس أهم منعطف تاريخي في حياته إذ إنها فتحت عيون هرتزل على حقائق لم يكن يدركها من قبل.
إذ أنه كان مؤمناً بالاندماج وأن حل المسألة اليهودية لن تأتي إلا عن طريق اعتناق اليهود للمسيحية وقد صاغ فكرته هذه بطريقة أقرب للفن والمسرح منها إلى أي مجال آخر إذ تصور هرتزل أن يتم ذلك من خلال مسير جماعي لليهود في ساحة الفاتيكان وأمام البابا وقد خطط هرتزل لهذه المسألة حتى أدق تفاصيلها حتى بانت وكأنها مسرحية متكاملة لدرجة أن حاييم وايزمان أحد زعماء الصهيونية ـ وخليفة هرتزل بعد ذلك ـ قد اعتبر هرتزل صاحب ميول كنسية.
المهم أن هرتزل الذي يعتبر حادثة درايفوس كانت بمثابة نقطة التحول إذ شعر من خلالها بالعداء للسامية التي لن تسمح لليهود بالاندماج في المجتمعات الأوربية وبالتالي لا بد من البحث عن حل للمسألة اليهودية.
وقد وجد هرتزل أن هذا الحل يتمثل في إقامة دولة خاصة باليهود عبر عنها في كتيب (الدولة اليهودية ) الذي أصدره في العام 1895 أي قبل المؤتمر الصهيوني الأول بعامين والذي أصبح فيما بعد بمثابة الدليل للحركة الصهيونية أو كما يصفه البعض بالتوراة الثانية، وأن هرتزل بمثابة النبي بالنسبة لليهود.
ويصف هرتزل في مذكراته اليومية التي كتبها عن حياته الشخصية أنه حينما كتب كتاب الدولة اليهودية كان يكتب بشكل دائم وبدون توقف فيصف نفسه قائلاً كنت أكتب يومياً وأنا واقف وأنا نائم وأنا جالس وأنا أسير في الطريق والقطار أينما ذهبت أو توقفت كنت أكتب حتى انتهيت من كتابته ثم عرضه على أحد أصدقائه الذي عرضه على صديق آخر وهو الدكتور( نور داو ) ليسمع رأيه وكان يعتقد بأنه سيتهمه بالجنون إلا أن صديقه نور داو آمن بما كتب هرتزل وشجعه على ذلك وقال له اعتبرني من الآن حليفك و داعماً لك في هذا المشروع وفي مطلع العام 1896 نشر هرتزل كتابه هذا والذي كانت فكرته الأساسية قائمة على أساس منح اليهود قطعة من الأرض تكفي ليقيم عليها اليهود دولتهم ويتكفل اليهود بالباقي ..
وتكمن أهمية الكتاب فيما يلي:-
أولاً: إن الكتاب حول المسألة اليهودية من مسألة خاصة إلى قضية سياسية اهتمت بها دول العالم.
ثانياً: حول الكتاب قضية اليهود من جماعات منعزلة ومنطوية إلى قضية شعب كامل.
ثالثاً: اعتبر الكتاب بمثابة دليل عملي للحركة الصهيونية التي تمكنت من تنفيذ المشروع بعد موت هرتزل بسنوات.
سخر هرتزل المرحلة الأخيرة من حياته في خدمة اليهود وفرض نفسه زعيماً لهم ، وقد حقق لذاته شهرة كبيرة استمرت حتى بعد موته.
إلا أن هرتزل نفسه يعتقد أنه قد فشل في تحقيق طموحه فكتب عن نفسه في مذكراته يقول "يحدث أحياناً للرجل الفذ أن يوزع نشاطه على عدة حقول، وإذ به لا يجد نفسه مشهوراً إلا في الحقل الذي لا يتلاءم مع أعماق شخصيته ... على سبيل المثال فأنا أجد نفسي في الحقل الذي لم أنجز فيه شيئاً على الصعيد الفكري فما قمت به كان مجرد مهارة سياسية عادية... وقد دانت لي الشهرة العالمية في المسألة اليهودية وكأنني مروج دعائي... وأنا ككاتب وتحديداً ككاتب مسرحي لا شئ وأقل من لا شئ، فالناس يقولون عني فقط إنني صحفي جيد ومع ذلك فأنا أشعر وأعرف أنني كنت كاتباً ذا قدرة كبيرة إلا أن هذا الكاتب لم يستنفذ قدراته، لأنه لم يلق تشجيعاً ولأنه شعر بالاشمئزاز.
-. بيان نويهض الحوت – فلسطين القضية – الشعب – الحضارة – دار الاستقلال للدراسات والنشر بيروت 1991.
إلا أن قول هرتزل هذا يجافي الحقيقة حسب آراء النقاد الذين يصنفون آثاره الأدبية في خانة الأدب العادي، كما ويعتقدون أن التواضع الذي يظهره هرتزل لما قام به وأنجزه في مجال السياسة هي مسألة مفاجئة وتتعارض كذلك مع ما يقوله هرتزل نفسه في مذكراته عن قدراته وملكاته الخاصة التي تضج بالغرور والأنا و الاعتزاز المبالغ به بالذات.
هرتزل والصهيونية
ثيودور هرتزل مؤسس الصهيونية وزعيمها الأوحد منذ إنشائها وحتى وفاته.
بل ويرى بعض الكتاب أنه ظل زعيماً لها بعد وفاته وذلك باستمرار فكره ورؤيته التي عبر عنها في كتابه (الدولة اليهودية) والتي تدل في مذكراته على عمق إيمانه بقيام هذه الدولة فكان هرتزل قد أضاف فقرة إلى وصيته وذلك في الخامس من مارس عام 1903 قائلاً:
"أود أن أدفن في كفن معدني في المدن المجاورة لوالدي وأن أظل هناك حتى ينقل الشعب اليهودي رفاتي إلى فلسطين وبالمثل فإن كفن والدي وأختي بولين المدفونة في بيت وأعضاء عائلتي أمي أو أبنائي يجب أن يجلبوا إلى فلسطين وزوجتي لو أرادت ذلك في وصيتها الأخيرة"
( بيان نويهض الحوت ، مرجع سابق ص 342، ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية – ترجمة فوزي وفا – إبراهيم منصور – المؤسسة العربية للدراسات ص 290.).
فكتاب الدولة اليهودية الذي وضعه أتباع هرتزل منزلة التوراة استمر في قيادة الصهيونية إلى أن تحققت نبوءة هرتزل في قيام دولة إسرائيل .. فما هي الصهيونية .. ومتى ظهرت وما هو دور هرتزل في ظهورها؟.
الأيديولوجية الصهيونية
تبلورت الفكرة الصهيونية السياسية المعاصرة التي ظهرت في القرن التاسع عشر في كتاب ثيودور هرتزل (الدولة اليهودية) الذي ظهر عام 1896
ففي صيف 1895 في باريس ، كان أول صدور للكتاب في شتاء سنة 1896 وكان حدثاً فكرياً مهما لا للأفكار الواردة في الكتاب ، وإنما للتحول المفاجئ في الكاتب نفسه "من مسرحي ، روائي ، إلى فكر سياسي " هذا وقد آمنت الحركة الصهيونية بأفكاره وسارت على هداه، بل أن بعض رجال الحركة الصهيونية وضعوا الكتاب في منزلة لا تقل عن منزلة التوراة لدى اليهود، فقد ألفه زعيم الصهيونية في محاولة منه لحل عصري للمسألة اليهودية، طبع ونشر في 5 لغات، وتضمن القواعد التي تقوم عليها الصهيونية في صورتها الجديدة، والتي تهدف إلى جمع اليهود في دولة خالصة بهم.
لقد كانت فكرة هرتزل الأساسية بسيطة جداً "فلتمنح السيادة على جزء من الأرض يكفي للاحتياجات الحقيقية للأمة وسوف نتكفل نحن بالباقي"
(الدولة اليهودية ثيودور هرتزل "محمد عدس" ، دار الزهراء للنشر ص59-61 )..
ملاحظات هامة على كتاب هرتزل:-
أولاً:كان هرتزل حريصاً على عدم استثارة أهل البلاد في الوطن المرتقب تجنباً لثورتهم، حتى لا يفسدوا الخطة اليهودية، وفعلاً لم يطالب اليهود بإقامة دولة يهودية إلا بعد أن قويت شوكة اليهود، وعلى المستوى العالمي عقد الصهيونيون مؤتمرهم الشهير في فندق بلتمور بمدينة نيويورك في الفترة من 9 مايو إلى 11 مايو 1942 تحت إشراف مجلس الطوارئ الأميركي للشؤون الصهيونية وحضر المؤتمر ستمائة يهودي أميركي وعشرات الصهاينة القادمين من الخارج كما حضره وايزمان وبن جوريون.
ثانياً:إن هرتزل كان يدرك جيداً أن الخطة تقضي باحتلال الأراضي في الوطن الجديد، وليس استعادة الأراضي في فلسطين كما تردد المراجع الصهيونية.
ثالثاً:لا يجد هرتزل غضاضة في الاعتراف بالدولة اليهودية المنتظرة كرأس حربه لأوروبا نظير ضمان أوروبا لوجودها حيث أن اليهود كانوا يعرفون حق المعرفة أنهم غير قادرين – رغم أموالهم وإمكاناتهم على القيام وحدهم ببناء الدولة المنتظرة، وأنه لا بد من الاعتماد على الدول الاستعمارية لدعم قيام هذه الدولة وحمايتها في المستقبل.
رابعاً:لم يكن هنالك اتفاق بين القيادات الصهيونية حول اختيار بلد معين مقراً للدولة اليهودية، وهذا يظهر واضحاً من خلال دعوة هرتزل اختيار فلسطين أو الأرجنتين كمقر للوطن المرتقب.
حيث يتضح من يوميات هرتزل أنه شعر بالندم لعدم تركيزه في كتابه حول فلسطين وحدها.
وهكذا نجد أن تقديرات المستقبل لم تكن مرئية لدى هرتزل عندما ألف كتابه الدولة اليهودية ولم يكن يعرف مدى ترحيب اليهود بأفكاره، كما أنه وجد معارضة لتوجهاته في البداية من بعض كبار الشخصيات اليهودية وأثرياء اليهود.
صحيح أن منظمة (أحباء صهيون) نشأت أساساً في روسيا القيصرية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ودعت إلى الهجرة إلى فلسطين، إلا أنها لم تترك أثراً عميقاً في حياة جماهير الطوائف اليهودية وكان من الممكن أن يعد الذين لبوا هذه الدعوة بالعشرات، فجماهير هذه الطوائف في روسيا القيصرية كانت قد أنصبت في موجة الحركة الثورية الناهضة. كذلك عالج القضية اليهودية من منطلقات مماثلة لمنطلقات هرتزل اليهودي الروسي مواطن أودويسا ليو بنسكر ووضع استنتاجاته في كتابة (التحرر الذاتي)، إلا أن دعوته لإقامة دولة يهودية – لا في فلسطين بالضرورة إذا استبعدها واعياً - لم تجد إطاراً تنظيمياً ، وكان يجهلها هرتزل وأولئك الذين أقاموا المنظمة الصهيونية فيما بعد.
ولهذا اقترنت الحركة الصهيونية بهرتزل لأنه قرن الأيديولوجية بالمنظمة الصهيونية التي نشأت بعد المؤتمر الصهيوني العالمي الذي عقد في بال بسويسرا في عام 1897.
ما هي أسس الأيدلوجية الصهيونية؟
إن منطلق أصحاب هذه الأيدلوجية الأول، كما صاغه هرتزل وخلفاؤه من بعده "أن الشعوب التي يعيش اليهود بين ظهرانيها هي، إما ضمناً أو صراحة، لا سامية وأن اليهود هم شعب واحد ... جعلهم أعدائهم هكذا بدون موافقتهم كما يحدث مراراً وتكراراً في التاريخ". (هرتزل: "الدولة اليهودية" إصدار المجلس الصهيوني الأمريكي عام 1946). (الدولة اليهودية "ثيودور هرتزل " مرجع سابق" ص 7)
" وهكذا ينطلق الصهيونيون من المقولة الغيبية التي تتجاهل العوامل الاقتصادية – الاجتماعية التي خلقتاللاسامية ويؤكدون أن اللاسامية أبدية قائمة بين كل الشعوب قاطبة، وهي لطابعها العدائي أنشأت الشعب اليهودي ووحدته، بدون إرادته أو موافقته".
(النازية بين حرية البحث وتحريمه
http://www.sis.gov.ps/arabic/roya/10/page4.html أكرم عطا لله – الصهيونية –)
وهذا يعني أن الصهيونية قبلت مقولة اللاسامية وأصبحت وجهها الآخر.
وفي هذا الصدد كتب بن هلبرن صاحب كتاب "فكرة الدولة اليهودية": "نمت اللاسامية السياسية إذاً بوصفها حركة مضادة للثورة معادية للوضع القائم لا بالنسبة لوضع اليهود فحسب، بل بالنسبة إلى البناء الديمقراطية والمواقف الليبرالية التي اتخذتها المجتمعات المعاصرة عامة".
وأضاف أن جمهرة اليهود رفضت مقولة اللاسامية واعتبرت نفسها جزءاً من القوميات التي اقترنت حياتها بحياة طوائفها اليهودية: "فقد أنكر اليهود الساعون نحو الانعتاق أن يكونوا قومية منفصلة " وعلى هذا الضوء يظهر أن الصهيونية فرضت الأيدلوجية اللاسامية حول (القومية اليهودية المنفصلة) على الطوائف اليهودية، على الرغم من مقاومتها ذلك.
وفي الواقع وجدت الصهيونية صعوبة كبيرة في الانتشار بين الطوائف اليهودية في أوروبا الغربية حيث ظهرت المنظمة الصهيونية في البداية. ومن الدلائل على ذلك أن الطائفة اليهودية في ميونخ بألمانيا رفضت بشدة عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينتها، مما دفع القيمين عليه لعقده في بال السويسرية.
وقررت التقارب بين اللاسامية والصهيونية أيديولوجياً، على الرغم من التناقض الظاهر بينهما، فالقيادة الصهيونية لم تجد في اللاسامية عدواً خطيراً بل عاملاً مساعداً على تحقيق برامجها، انطلاقا من مقولة هرتزل أن أعداء اليهود هم الذين جعلوهم شعباً واحداً.
بل أن هرتزل ذهب إلى أبعد من ذلك، وفي وصفه انتقاله من معسكر أنصار الانعتاق والاندماج إلى أنصار الانعزالية الطائفية كتب أنه اكتشف "أن اللاسامية وهي قوة غير واعية وشديدة المراس بين الجماهير لن تضر اليهود" وأضاف أنه يعتبرها "حركة مفيدة لتطوير الخلق اليهودي". (يومياته – مختصرة إصدار المكتبة الكونية).
وهكذا، فعلى الرغم من التناقض بين اللاسامية التي تصف اليهود بكل المثالب التي اكتشفتها العقليات المتعصبة، والصهيونية التي تضفي على اليهود كافة نعوت الكمال الإنساني، فقد كان التقارب ملازماً لهما على صعيد العمل، إذ كانت الصهيونية ترى في اللاسامية محركها التاريخي وتحتاج إلى نشاطها لتحقيق أهدافها.
واتخذ هذا التقارب لا شكل سكوت على اللاسامية فحسب بل إطار تعاون وثيق بين اللاساميين والصهيونيين. وهذا ما أظهرته حقائق التعاون بين القادة الصهيونيين مع النازيين قبل الحرب العالمية الثانية.وقبل وقت غير بعيد نشرت بعض مجلات هذه البلاد فضحية المنظمة الصهيونية في العراق التي ألقت القنابل على الكنس وتجمعات اليهود بقصد اجتثاث جماهير الطائفة اليهودية من تربتها الطبيعية ، التي نمت فيها عبر قرون، وتهجيرها إلى إسرائيل.
واعتماداً على المقولتين: أبدية اللاسامية "وفشل عملية الاندماج أولاً ووجود الشعب اليهودي بفضل أعدائه ثانياً استنتجت الصهيونية أن المشكلة اليهودية لا حل لها بغير تجميع (شتات) اليهود في مركز واحد يقيمون فيه دولتهم وتنتهي مشكلتهم التي "امتدت حوالي ألفي سنة" منذ أن (شتتهم الرومان) .
ولم يترك الصهيونيون أيديولوجيتهم بهذه البساطة بل تعمقوا في بحث ملامحها وألبسوها حللاً علمية.
ومن هذا القبيل ما كتبه ليو بنسكر في كتابه "التحرر الذاتي". فقد اعتمد في بنائه الأيديولوجي على أن اليهود هم قوم شبح لا وطن لهم، وبما أن الإنسانية تكره الأشباح لذلك تنزل بهم الشعوب الاضطهاد التعذيب، والحل إذاً يكمن في تحويلهم من قوم شبح إلى قوم طبيعي، وهذا يتم إذا ما أقاموا وطناً لهم في مكان ما، فعندئذ يتوقف اضطهادهم حتى لو بقيت بعض طوائفهم في أقطار مختلفة فهم عندئذ يكونون جالية كسائر الجاليات التي تعيش بين قوميات أخرى.
ولم يكن تعيين الوطن أمراً مفروغاً منه منذ البداية، فليو بنسكر استبعد فلسطين عند بحثه أمر اختيار الوطن على اعتبار أن ذكرياتهم المرتبطة بها قد تكون عاملاً معرقلاً.
كما أن المنظمة الصهيونية، مع أنها في مؤتمرها الأول دعت إلى إقامة الوطن القومي في فلسطين، إلا أنها عادت في عام 1903 ووافقت على اقتراح ممثل الإمبريالية البريطانية ( تشمبرلين ) إقامة الوطن القومي في أوغندا.
أما الاتفاق نهائياً على اختيار فلسطين فيعود إلى عاملين:
أولاً: نشوء ظروف تساوقت فيها مصلحة الإمبريالية البريطانية والصهيونية .
ثانياً: اكتشاف الصهيونيين أن من الأسهل استنفار جماهير الطوائف اليهودية لبناء وطن قومي في فلسطين بسبب اقترانها بالدين اليهودي وذكريات تاريخية قديمة.
كذلك ارتأت الأيدلوجية الصهيونية أن الأمة اليهودية لا أمة عالمية فحسب، بل أمة من نوع فريد تتجاوز التقسيمات الطبقية وينتفي فيها الصراع الاجتماعي ولهذا كانت دعوة هرتزل معادية للاشتراكية التي وضعها التاريخ على بساط البحث في تلك الفترة التاريخية في أوروبا،وكان واضحاً أن الصهيونية التي كان من الممكن أن تجد قاسماً مشتركاً مع اللاسامية، لم تجد قاسماً مشتركاً مع الاشتراكية ، وكان اصطدامها بها تصادماً مباشراً على طول الجبهة.
ففي حين كانت الحركة الاشتراكية الثورية آنذاك تدعو إلى وحدة النضال الطبقي بين العمال عامة بغض النظر عن انتمائهم القومي أو الطائفي وترى في القضاء على حكم الطغيان الرأسمالي حلاً للمشاكل القومية والطائفية ومن بينها المشكلة اليهودية، وتنادي باندماج اليهود مع سائر القوميات، ظهرت الصهيونية عنصراً مخرباً في الطبقة العاملة تدعو إلى انسحاب العمال اليهود من النضال الطبقي والسير وراء سراب الصهيونية وتعميق العزلة الطائفية والقومية في مرحلة النهوض الطبقي الثوري.
وفي حين أن القيادة الصهيونية لم تبذل أي جهد لجذب اليهود الرأسماليين النشيطين من الأحزاب البرجوازية (ليبرالية كانت أم محافظة)، بذلت جهوداً ضخمة، لجذب اليهود من الحركات الثورية المسألة التي أولاها هرتزل رعاية خاصة منذ المؤتمر الأول للصهيونية .
هرتزل والمؤتمر الصهيوني الأول
عقد المؤتمر الصهيوني الأول لعموم اليهود في العالم في مدينة بازل "بال" السويسرية للفترة من 29/8 ولغاية 31/8 من عام 1997م، وحضره نحو مائتين من المفكرين والحاخامات ورجال المال والأدباء والسياسيين اليهود.
استعرض المؤتمر الوضع العام لليهود في العالم، والعلاقة مع القوى الدولية الكبرى آنذاك ومستقبل العمل الصهيوني) .(مجموعة كتاب روس - الجوهر الرجعي للصهيونية – دار التقدم- موسكو للترجمة العربية ص 69 د.جمال البدري – السيف الأحمر – دراسة في الأصولية اليهودية المعاصرة – سورية دمشق طبعة2003-ص 97).
وهنا نجد بأن عقد المؤتمر في شهر(آب /أغسطس) له دلالة تاريخية - دينية تشير إلى سقوط الهيكل الأول والثاني .
فقد تم في شهر( آب /أغسطس ) على أيدي الآشوريين والرومان، ومما يزيد من التأكيد أن أعضاء المؤتمر – وبعضهم من العلمانيين شاركوا الآخرين بتلاوة الصلاة الجماعية اليهودية (المنيان ) المأخوذة من التلمود.
خرج المؤتمر بعد ثلاثة أيام من الاجتماعات ووفق رؤية هرتزل ببرنامج ثلاثي إستراتيجي يعتمد المحاور التالية:-
أولاً:- تبني فكرة الاستعمار اليهودي الواسع والمنظم لعموم فلسطين من خلال الهجرة.
ثانياً:- تشكيل منظمة دائمة تعمل على توحيد جميع جهود اليهود، وفق رؤية – الحركة الصهيونية، وتنمية الحس والوعي القومي اليهودي وتعزيزهما.
ثالثاً:- السعي للحصول على حق قانوني دولي يعترف فيه شرعياً بحق الاستعمار اليهودي لفلسطين.
يرى الكثير من الباحثين بأن هرتزل قد نجح في قيادة الحركة الصهيونية حتى وفاته 1904 حيث لم تكن الحركة الصهيونية إطاراً محكماً للتيارات اليهودية جميعها، بقدر ما كانت الإطار التنظيمي للحركة اليهودية الصهيونية السياسية وقد ظهرت بوادر هذا التباين في حياة هرتزل نفسه من خلال موافقته سنة 1902 على إنشاء حركة صهيونية (دينية) بحتة على يد الحاخام ( يعقوب راينز)
" أحد المشاركين في المؤتمر الصهيوني الأول ، ثم تعددت الحركات والتيارات الصهيونية الأخرى في أعقاب وفاة هرتزل ومن هنا ظهر مصطلحين جديدين هما " صهيونية الظل" "وصهيونية الخارج " وهما مرتبطتين بصهيونية " الأصل" التي أسسها هرتزل.
أولاً : صهيونية الظل:
وهي مصطلح يقصد به الحركات الصهيونية المتكونة بعد المؤتمر الصهيوني الأول "صهيونية الأصل" بعد وفاة هرتزل وتشمل هذه الصهيونية:-
1. الصهيونية التنقيحية:- يرى التنقيحيون أن اليهودية تراث تاريخي مع إيمانهم بالجانب القومي المتطرف حتى يصبح اليهود قومية مثل بقية القوميات ومن أبرز مفكريهم "ماكس نوردا " وفلاديمير جابوتنسكي" الذي يؤمن بضرورة التعاون المباشر مع القوى الإمبريالية والفاشية وتسمى ( بالصهيونية المراجعة ) وتشكل هذه الصهيونية الأساس لأحزاب اليمين الصهيوني مثل حزب "حيروت" الذي يشكل المحور في الليكود "التكتل" ومنظمته العالمية (حيروت هاتزوهار) من أبرز تلامذة هذه الصهيونية مناحيم بيجن وإسحاق شامير وأرئيل شارون.
2. الصهيونية الراديكالية:- نشأت في سنة 1923 كنوع من الاحتجاج على مهادنة حاييم وايزمان للحكومة البريطانية ومرونته في مطالب اليهود في فلسطين التاريخية وفي عام 1930 انقسم الراديكاليون على أنفسهم وشكلوا إتحاداً متطرفاً خاصاً بهم.
3. الصهيونية العمومية:- نشأت بعد عام 1903، وهي نزعة لليهود الذين لم ينتموا إلى حزب محدد وهم نوعين:
أ. البرجوازيون المهاجرين من ألمانيا ورومانيا، وأكثرهم من أصحاب المؤهلات الثقافية والمالية.
ب. الأقل ثقافة وإمكانية مالية: وهم من المناهضين للهستدروت، الإتحاد العام للعمال اليهود في أرض إسرائيل ومن أشهر مفكريهم السياسيين حاييم وايزمان، وناحوم جولدمان.)
مجموعة كتاب روس - الجوهر الرجعي للصهيونية – دار التقدم- موسكو للترجمة العربية ص 69
حاييم وايزمان أول رئيس للكيان الإسرائيلي ، وناحوم جولدمان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية للفترة 1956 ولغاية 1968
4. الصهيونية العمالية: وتسمى بالصهيونية الاشتراكية وتتلخص في أن التركيب الاجتماعي والحضاري لليهود يختلف عما لدى الشعوب الأخرى.
5. الصهيونية العملية: ظهرت هذه الصهيونية قبل تصريح بلفور عام 1917 وترى بأن المسألة اليهودية لن يأتي حلها إلا عن طريق الجهود الذاتية لليهود، والعمل على خلق الأمر الواقع في فلسطين وإعادة البناء القومي اليهودي، وليس عن طريق السياسة والدبلوماسية، ومن أبرز زعمائها، حاييم وايزمان، وديفيد بن جوريون).(ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية – ترجمة فوزي وفا – إبراهيم منصور – المؤسسة العربية للدراسات ص 290 ديفيد بن جوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل..).
المفضلات