موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

صفحة 1 من 4 1 2 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 95

الموضوع: موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

العرض المتطور

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,464
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    20-05-2024
    على الساعة
    01:51 AM

    افتراضي موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [1]
    العلم النافع والعمل الصالح هما مفتاح دار السعادة وأساس النجاة للعبد في دنياه وآخرته، والعلماء مطالبون بتعليم أحكام الله للناس ونشرها، ولقد كان للوالد الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين قصب السبق في هذا المضمار، وهاهو معكم في هذه المادة يطوف بكم في بعض المسائل مبتدئاً بالكلام عن الصلاة ومقدماتها، وخاتماً بالإجابة عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

    (1/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية ترتيب الأسئلة وتقديمها
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فهذا لقاء طيب في ليلة مباركة، وفي بيت من بيوت الله تعالى، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا اللقاء بداية للقاءات متجددة متكررة، مع والدنا وشيخنا محمد بن صالح العثيمين -حفظه الله تعالى.
    وإننا لنعتبر هذا اللقاء فتحاً مبيناً بإذن الله، لأن الناس استبشروا خيراً بأن يكون لقاء يجلسون فيه مع فضيلة الشيخ، يدلون إليه بأسئلتهم ومشاكلهم عبر هذا اللقاء.
    ولعل أدل دليل على ذلك، هذا الجمع المبارك ولله الحمد، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزي شيخنا عنا خير الجزاء، ولعل للشيخ تعقيباً أو كلمة تقديمية يريد أن يتحفنا بها في بداية هذا اللقاء، ريثما تجتمع لدينا أسئلتكم المباركة، وإني أطرح تساؤلاً لفضيلة الشيخ قبل أن نبدأ اللقاء والإجابة على الأسئلة، وأريده أن يجعل لنا فيه بياناً شافياً ألا وهو: إن الأسئلة التي ترد علينا كثيرة، واللقاء قد لا يكفي لعرضها، فأريد من الشيخ أن يجعل لنا حلاً لهذه الأسئلة، كيف يكون ترتيبها، وهل لنا حق الاختيار في تقديم ما نراه أولى، وهل إذا سئلنا بالله، لأن بعض الإخوة يقول: سألتك بالله إلا عرضت هذا السؤال، وقد يكون السؤال متكرراً أو غيره أولى منه، هل هذا ملزمٌ لنا أو لا؟ هذه تساؤلات أطرحها بين يدي شيخي فليتفضل جزاه الله خيراً على ما بذل.
    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فإنني أشكر الله عز وجل على تيسير هذا اللقاء المبارك، الذي تم باقتراح من مكتب الدعوة في عنيزة، وأسأل الله تعالى الذي منَّ بتيسيره وتسهيله أن يجعله نافعاً لنا ولمن يستمع إليه.
    إن لقاءنا هذه الليلة، ليلة الأحد الرابع والعشرين من شهر شوال، عام اثني عشر وأربعمائة وألف، هو أول لقاء كان استجابة لهذا الاقتراح.
    وكان المقرر أن يكون في الأحد الثالث من كل شهر، ولكنه تأخر هذا الشهر إلى الأحد الرابع، بمناسبة صيام الناس أو أكثر الناس للأيام الست بعد رمضان، وسنعود إن شاء الله في الشهر القادم إلى الموعد الأول، أي: يكون هذا اللقاء في الأحد الثالث من كل شهر.
    أما ما تساءل عنه أخونا الشيخ/ حمود بن عبد العزيز الصايغ، بالنسبة للأسئلة التي قد تكون كثيرة، ولا يتسع المقام لعرضها، فإني أرى أن يقدم الأهم فالأهم؛ لأن هذه هي القاعدة الشرعية فيما إذا تزاحمت الأشياء، وقد يقال: إنه ينبغي أن يقدم الأول فالأول، لكن ضبط هذا يعسر ويصعب.
    وأما سؤاله الثاني: وهو ماذا نصنع لو قدم السائل بين يدي سؤاله: أسألك بالله أن تعرض هذا السؤال؟ فأقول: أولاً: لا ينبغي للسائل أن يقدم مثل هذا لما فيه من الإحراج؛ لأنه قد يحرج مقدم الأسئلة إذا سأله بهذا الأسلوب، ومع ذلك فأرى أن المصلحة مقدمة، وأن هذا السؤال إذا لم يكن هناك مجال لعرضه في هذا اللقاء فإنه يبقى ليعرض في اللقاء الآخر، ويكون قد أجيب هذا السائل حيث عُرض سؤاله، ولكني أقول: أرجو من الإخوة ألا يصدروا أسئلتهم بقولهم: (أسألك بالله) بل يكتب: سؤال من شخص، فإذا يسر الله تعالى أن يُقرأ فإنه يُقرأ.

    (1/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    وقفات مع الصلاة
    الآن نبدأ هذا اللقاء بكلام يسير عن وقفات في الصلاة: الصلاة التي هي عمود الإسلام، وأعظم أركانه بعد الشهادتين، لا بد أن يكون لها شأن عظيم، حيث نالت هذه المرتبة، ولنقف وقفات مع هذه الصلاة.
    فالصلاة لها مقدمات من أهمها: الطهارة: فإنها مفتاح الصلاة، فالطهارة من الحدث الأصغر والأكبر، والطهارة من النجاسة في البدن والثوب والبقعة، وهذا يدل على أنها ذات شأن؛ لأنه لا يوجد شيء في العبادات اتفق العلماء على اشتراط الطهارة له إلا الصلاة، فالطواف مختلف فيه، هل يشترط له الطهارة أو لا؟ ومس المصحف مختلف فيه، هل تشترط له الطهارة أو لا؟ ولم يجمع العلماء على شيء من العبادات تشترط له الطهارة إلا الصلاة، فهي ذات شأن، لا يدخلها الإنسان إلا وقد طهَّر ظاهره وباطنه.
    فيقف بين يدي الله عز وجل ويكبر تكبيرة الإحرام.
    قال بعض العلماء: والحكمة من ذلك بعد كونها اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أنها إشارة إلى رفع الحجاب بين المصلي وبين ربه.
    ثم بعد ذلك يضع يده اليمنى على اليسرى مطأطئاً رأسه، خاضعاً لله عز وجل بعد أن يكبر فيقول: الله أكبر.
    فأنت ترى نفسك -الآن- واقفاً بين يدي الله، بين يدي ملك الملوك، الذي يعلم ما توسوس به نفسك، ويعلم أحوالك كلها، فلتتأمل من وقفت بين يديه، لو وقفت بين يدي ملك من ملوك الدنيا، لوجدت نفسك صامتاً لا تتكلم، ولا ترفع الطرف إليه؛ تعظيماً له، فكيف وأنت بين يدي الله عز وجل، فاستحضر عظمة من أنت واقف بين يديه تناجيه بكلامه، فأنت تقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] فيجيبك الله عز وجل من فوق سبع سماوات ويقول: حمدني عبدي، فإذا قلت: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:3] قال الله: أثنى علي عبدي، فإذا قلت: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4] قال الله: مجدني عبدي، فإذا قلت: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] قال الله: هذا بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قلت: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة:6-7] قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل.
    تأمل هذه المحاورة والمناجاة بينك وبين الله عز وجل، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف في سورة الفاتحة عند كل آية، يتأمل ويتدبر.
    ثم بعد القراءة -قراءة الفاتحة، وقراءة ما تيسر من القرآن- تحني ظهرك تعظيماً لله راكعاً، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (أما الركوع فعظموا فيه الرب) فتكون معظماً لله عز وجل بهيئتك وفعلك وقولك.
    بهيئتك؛ لأن هيئة الركوع تعظيم.
    وفعلك؛ لأن الركوع والانحناء فعل.
    وقولك: لأنك تقول في الركوع: سبحان ربي العظيم، ثم تعود مرة ثانية إلى الوقوف بين يدي الله عز وجل حامداً له بمحامده التي جاءت عن رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد هذا تخر ساجداً واضعاً أعلى ما في بدنك، وأشرف ما في بدنك، واضعاً إياه في محل أقدامك، ولهذا ترى الساجد يضع جبهته عند السجود ويقول: (سبحان ربي الأعلى) لا يقول: سبحان ربي الأعز، يقول: سبحان ربي الأعلى؛ لأن أعلى ما فيك صار محاذياً لأسفل ما فيك.
    ما هو أسفل ما فيك؟ الأقدام.
    وأعلى ما فيك الجبهة، فصار أعلى ما فيك محاذياً لأسفل ما فيك، وهذا لا شك أنه ليس كالعلو، فلهذا تقول: (سبحان ربي الأعلى) الذي هو منزه عن السفل، فتجد أن هذا الذكر مناسب تماماً للسجود، ثم تعود لتجلس بين السجدتين داعياً الله عز وجل بما جاء عن رسوله صلى الله عليه وسلم ثم تعود مرة ثانية إلى السجود.
    وهكذا نجد أن الإنسان في صلاته يتنفل بين روضات العبودية، من قيام إلى ركوع إلى سجود ومن قرآن إلى ذكر وتعظيم، ومن ذلك إلى دعاء الله عز وجل.
    قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمنٌ أن يستجاب لكم) .
    إنني أحث نفسي وإياكم على تأمل هذه الأشياء وهذه الأفعال وهذه الأقوال، حتى تكون صلاتنا صلة بيننا وبين الله عز وجل، وحتى لا تكون وكأنها عادة نقوم بها في أوقاتها المحددة.
    أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من الخاشعين في صلاتهم، المداومين عليها، المحافظين عليها.
    وإلى الأسئلة التي جمعها الإخوة نسأل الله أن يوفقنا فيها للصواب.

    (1/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (1/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الأقمشة المرسوم عليها صور حيوانات أو نساء عاريات


    السؤال
    فضيلة الشيخ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نرجو من فضيلتكم الإجابة عن الأسئلة التالية: توجد بعض الأقمشة النسائية مرسوم عليها صورة حيوانات أو نساء عاريات، تمثل مريم العذراء، أو صورة رجال وأطفال، أو غير ذلك من الصور، وأقمشة أخرى كتب عليها لفظ الجلالة مع أن كثيراً منها لا يتضح للعين إلا بعد الملاحظة والتدقيق، فما حكم شراء هذه الأقمشة، ولبسها والصلاة فيها؟ وما حكم دخول الحمام فيما كتب عليه لفظ الجلالة؟ وهل يجوز للبائع بيعها دون أن يعلم المشتري بما فيها؟ وهل يحل له ثمنها حتى إن أعلم المشتري؟ وما واجب المجتمع -رجاله ونسائه- في القضاء على هذه الظاهرة، وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء؟

    الجواب
    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    جوابنا على هذا السؤال أن أقول لمقدمه: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأما ما ذكره من هذه الألبسة المشتملة على ما ذكر، فإن الواجب علينا مقاطعتها وعدم شرائها، وذلك لأنها محرمة، حيث إنها تشتمل على صور، إما صور حيوانات، وإما صور نساء عاريات، وإما كتابات غير لائقة، وإما كتابات شيء محترم، كذكر الله عز وجل، وكل هذا يوجب مقاطعتها حتى لا يتمكن أعداء الإسلام من الدخول علينا بمثل هذه الأمور التي يستعملها الصغار والكبار، وأهل الشر لهم أساليب في الدعوة إلى الشر، يغزوننا بمثل هذه الأشياء ليمررونها علينا، والشيء إذا مر على الإنسان كثيراً سقطت هيبته من نفسه وصار شيئاً معتاداً، ولهذا كان من الأمثال السائرة المعروفة: (إذا كثر الإمساس قلَّ الإحساس) .
    أما بالنسبة لجلبها وبيعها وشرائها فإنه حرام، ولا يحل لأحد أن يجلب مثل هذه الألبسة إلى بلاد المسلمين، ولا يحل لأحد أن يتولى بيعها على المسلمين، ولا يحل لأحد أن يشتريها أيضاً، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه) فإذا كانت هذه الأشياء محرمة، كان ثمنها محرماً، ونصيحتي لإخواني المسلمين أن يكونوا متيقظين لما يريدهم به أعداؤهم، فنسأل الله السلامة وأن يعيننا حتى نرد كيد أعدائنا في نحورهم.

    (1/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الضابط في الكلام على الجماعات الإسلامية


    السؤال
    فضيلة الشيخ! كثر الكلام بين كثير من الناس حول الجماعات وغيرها، فما هو الضابط في النقد والكلام على الجماعات الإسلامية التي على الساحة بحيث أصبح الناس فيها ما بين مُفْرِطٍ ومُفرِّط؟

    الجواب
    الواقع أن الجماعات التي على الساحة -كما يقول السائل- أمر واقع، ولكن ما الذي ننهجه من مناهج هذه الجماعات؟ الذي ننهجه من مناهج هذه الجماعات هو ما دل عليه الكتاب والسنة من وجوب الائتلاف وعدم العداوة، ووجوب الاجتماع وعدم التفرق، وأن نكون دعاة إلى الله عز وجل بألسنتنا وقلوبنا، فلا ينفر بعضنا من بعض، ولا يضلل بعضنا بعضاً، وعلينا أن نجتمع وأن نتناقش فيما اختلفنا فيه، حتى إذا تبين الحق مع أحد الجانبين وجب على الآخر اتباعه؛ لأن الله قال في كتابه العظيم: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء:59] .
    أما كون الأمة تتفرق شيعاً وكل حزب يقول: الحق معي، ومع ذلك لا يقتصر على هذا القول بل يضلل غيره، ويبدع غيره، وينفر منه، فلا شك أن هذه وصمة عار وعيب على الأمة الإسلامية، وهي من أشد الأسلحة فتكاً بهذه الصحوة المباركة.
    فالذي أنصح به إخواننا، أن يجتمعوا ويتدارسوا ما بينهم من الخلاف، والرجوع إلى الحق واجب كل مسلم.

    (1/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من جامع امرأته في نهار رمضان جاهلاً بالحكم


    السؤال
    رجل جامع امرأته في نهار رمضان ولم ينزل وهو يجهل هذا الحكم وعقوبته، ويعلم أن الجماع بالإنزال حرام فما الحكم؟

    الجواب
    القول الراجح أن من فعل مُفطِّراً من المفطرات، أو محظوراً من المحظورات في الإحرام، أو مفسداً من المفسدات في الصلاة وهو جاهل فإنه لا شيء عليه؛ لقول الله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] فقال الله: (قد فعلت) فهذا الرجل الذي أتى أهله في نهار رمضان، إذا كان جاهلاً بالحكم يظن أن الجماع المحرم هو ما كان فيه إنزال، فإنه لا شيء عليه، أما إذا كان يدري أن الجماع حرام ولكنه لم يعرف أن فيه الكفارة، فإن عليه الكفارة؛ لأن هناك فرقاً بين الجهل بالحكم وبين الجهل بالعقوبة.
    فالجهل بالعقوبة لا يعذر به الإنسان، والجهل بالحكم يعذر به الإنسان، ولهذا قال العلماء: لو شرب الإنسان مسكراً، يظن أنه لا يسكر أو يظن أنه ليس بحرام فإنه ليس عليه شيء.
    ولو علم أنه مسكر وأنه حرام، ولكن لا يدري أنه يعاقب عليه، فعليه العقوبة ولا تسقط عنه، وبناءً على هذا نقول للسائل: إذا كنت لا تدري أنه يحرم عليك الجماع ولو بدون إنزال فإنه لا شيء عليك، ولا على زوجتك أيضاً إذا كانت مثلك في الجهل.

    (1/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إدخال الأشرطة الإسلامية إلى البيت دون علم الزوج


    السؤال
    عندي والدة لم يتسنَّ لها التعلم، وعندها جهل، وترغب في سماع الأشرطة من المسجل، إلا أن والدي حرجنا ومنعنا من إدخاله البيت، وهي تسأل فضيلتكم وتقول: هل عليَّ حرج في إدخاله بدون علمه، لأستفيد منه في أمور ديني لأني كما ذكرت لا أقرأ ولا أكتب، ولو كنت أقرأ لاستغنيت عنه وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    ليس للزوج أو لعائل البيت أن يمنع من دخول الأشرطة المفيدة، بل الذي ينبغي له أن يشكر الله على هذه النعمة، أن فتح قلوب أهل البيت لسماع مثل هذه الأشرطة المفيدة، وإذا قدر أنه حرَّج عن دخول هذه الأشرطة، فلا حرج على أهل البيت أن يدخلوها خفية عنه؛ لأنه ليس لأحد أن يمنع أحداً من استماع الذكر، وإذا كان الزوج الذي منع أهله من إدخال هذه الأشرطة أو سماعها، إذا كان في شك منها فليستمع إليها أولاً، ثم ليمنع ما كان محظوراً، أما ما ليس بمحظور فليس من حقه أن يمنع أهله من استماع الذكر، ولهم أن يدخلوا ذلك خفية عنه وينتفعوا.

    (1/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مخالفات في بيع السلم


    السؤال
    إذا باع صاحب مزرعة محصوله من القمح بيع سلم فهل يجوز إدخاله الصوامع باسمه ليحصل المشتري على الثمن منها؟

    الجواب
    الواجب على المسلم أن يكون صادقاً مبيّناً في بيعه وشرائه وفي جميع أحواله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذباً وكتما محقت بركة بيعهما) فلا يحل لصاحب المزرعة أن يدخل زرعه الذي باعه سلماً على غيره باسمه -أي باسم صاحب المزرعة- لأن هذا القمح لم يعد ملكاً له، بل قد انتقل ملكه إلى ملك المشتري، وحينئذٍ نقول: إذا حصل مثل هذا الشيء فعلى الطرفين أن يتوبا إلى الله، وألا يعودا لمثل ذلك.

    (1/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صلاة الجنازة بالنسبة للنساء


    السؤال
    هل يجوز للمرأة أن تجمع أهل البيت من النساء وتصلي بهن صلاة الجنازة على ميتهم في ذلك المنزل؟

    الجواب
    لا حرج أن تصلي المرأة على الجنازة، سواء صلت عليها في المسجد مع الناس، أو صلت عليها في بيت الجنازة؛ لأن النساء لا يمنعن من الصلاة على الميت، وإنما يمنعن من زيارة القبور، فإن النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج) هذا إن قصدت الزيارة، أما إذا لم تقصد الزيارة بأن تكون ذهبت لشغل لها، ومرت بالمقبرة فلا حرج عليها أن تقف وتسلم على أهل القبور وتدعو لهم.

    (1/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التشريك في العقيقة


    السؤال
    هل يجزئ سُبْع البقرة في عقيقة البنت قياساً على الأضحية؟

    الجواب
    يقول العلماء: إنه لا تشريك في العقيقة التي نسميها التميمة، وذلك لأن العقيقة فدية عن نفس، فلا بد أن تكون نفساً كاملة، وبناءً على ذلك: لا يجزئ الإنسان أن يذبح بدنة عن سبع عقائق، بل إن العلماء رحمهم الله قالوا: إن ذبح الشاة أفضل من ذبح البعير، يعني: لو أردت أن تعق بشاة أو ببعير قلنا لك: الأفضل أن تعق بشاة؛ لأنها هي التي وردت بها السنة.

    (1/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من صامت ثم جاءتها الدورة بعد غروب الشمس


    السؤال
    أنا امرأة صمت أيام الست من شوال، وآخر يوم من الصيام أحسست بألم الدورة، ونزل في هذا اليوم كُدرة معي، ولم ينزل الدم إلا في الليل، فهل هذا الصيام صحيح، أم عليَّ إعادة هذا اليوم، أرجو من فضيلتكم إفادتي؟

    الجواب
    أن صيام هذا اليوم صحيح؛ لأن الدم لم ينزل إلا بعد غروب الشمس، والمرأة إذا أحسَّت بالحيض ولم ينزل الدم إلا بعد غروب الشمس فإن صومها صحيح، سواء فرضاً أم نفلاً.

    (1/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    بعض أحكام الجماعة الثانية في المسجد


    السؤال
    قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من يتصدق على هذا؟) لمن فاتته الصلاة، المتصدق هل يكون إماماً أو مأموماً، وهل يتم الصلاة كاملة، أم يصلي ركعتين، وهل يصح ذلك في أوقات النهي، مثلاً بعد صلاة العصر لمن فاتته العصر؟

    الجواب
    أولاً: لا بد أن نعلم أن إعادة الجماعة في مسجد أقيمت فيه الجماعة تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: أن يكون ذلك على وجه الاستمرار، بحيث يكون في هذا المسجد جماعتان دائماً، فهنا نقول: إن الجماعة الثانية بدعة؛ لأن المطلوب من الأمة الإسلامية أن تجتمع على إمام واحد.
    القسم الثاني: أن تكون الجماعة الثانية عارضة، يعني ليست باستمرار، فهذه الجماعة مشروعة، ومن قال إنها بدعة فقد أخطأ، فإذا دخل المسجد جماعة قد فاتتهم صلاة الجماعة الأولى فإنهم يصلونها جماعة، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله) .
    ولأن رجلاً دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه وقد انتهت الصلاة فقال: (ألا رجل يقوم إلى هذا فيتصدق عليه فيصلي معه، فقام أحد الصحابة فصلى معه) .
    إذاً: هذه الجماعة التي كانت بعد الجماعة الأولى بدون أن تكون باستمرار جماعة مطلوبة، وليست بمكروهة ولا محرمة ولا بدعة.
    وأما سؤال السائل: هل يكون المتصدق إماماً أو مأموماً؟ فميزان هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) فإن كان الذي قام ليتصدق أقرأ لكتاب الله من الرجل الداخل، فليكن هو الإمام، وإن كان الثاني -أعني الداخل- أقرأ من الذي قام ليتصدق عليه فإنه يكون هو الإمام، وإن تساوى الرجلان أو تقاربا، فإن الإمام هو الداخل، فيكون المتصدق مأموماً بالداخل، ليكون متنفلاً خلف من يصلي الفريضة، ولا حرج أن يكون الداخل مأموماً والمتصدق إماماً؛ لأن القول الراجح أن صلاة المفترض خلف المتنفل جائزة، ودليلها فعل معاذ بن جبل رضي الله عنه، حينما كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم هذه الصلاة، فهي له نافلة ولهم فريضة.
    وأما سؤال السائل: هل يتم الصلاة معه أو يقتصر على ركعتين؟ فجوابه: أنه يتم الصلاة معه، حتى لو كانت صلاة المغرب، فإنه يصليها ثلاثاً كحال الداخل.
    وأما سؤال السائل: هل يصلي هذه النافلة في وقت النهي؟ فالجواب: نعم.
    يصليها في وقت النهي؛ لأن القول الراجح من أقوال أهل العلم: (أن كل نفل له سبب فإنه لا نهي عنه) .
    ففعل ذوات الأسباب في أوقات النهي جائز، لأن السنة وردت بمثل ذلك.

    (1/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ما تدرك به صلاة الجنازة


    السؤال
    لو دخلت مع الإمام في صلاة الجنازة وقد كبر بعض التكبيرات فما الحكم؟ وماذا أصنع؟ نرجو التوضيح وفقكم الله؟

    الجواب
    صلاة الجنازة من فروض الكفايات، والقائم بها يثاب ثواب الواجب، فإذا دخل الداخل وقد كبر الإمام بعض التكبيرات، فإنه يدخل معه ويدعو بالدعاء في التكبيرة التي كبرها الإمام، فإذا قدرنا أنه دخل والإمام في التكبيرة الثالثة، والتكبيرة الثالثة هي التي يدعى فيها للميت، فإنه يدخل معه ويدعو للميت لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا) ثم إذا سلم الإمام من صلاة الجنازة، أتم المأموم ما فاته إن بقيت الجنازة حتى يتم، فإن رفعت قبل أن يتم فله أن يسلم، وله أن يكبر تكبيرات متوالية فيما بقي من التكبيرات ويسلم، هكذا قال أهل العلم رحمهم الله في هذه المسألة.

    (1/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم العمل بشهادة نيلت بالغش وحكم لراتبه


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أنا تخرجت من الجامعة لكن غشَّاً وقدمت أوراقي للجهات المختصة للحصول على وظيفة.
    فما حكم الراتب والحال ما ذكرت والعمل حيال ذلك؟

    الجواب
    النجاح بالغش إذا كان في الشهادة الأخيرة التي بني عليها الراتب، فالذي أرى أنه لا يستحق الراتب؛ لأن المبني على الباطل باطل، وعلى هذا فيعيد الاختبار مرة ثانية، اللهم إلا إذا كانت الوظيفة من مختصات الدروس التي نجح فيها بدون غش فأرجو ألا يكون عليه بأس، ولكن عليه التوبة.
    مثال ذلك: لو توظف وظيفة محاسبة، وكان في مادة المحاسبة قد نجح، وغش في غيرها، فأرجو أن تكون وظيفته حلالاً؛ لأنه يجيد العمل الخاص بها ولكن عليه أن يتوب إلى الله مما صنع من الغش.

    (1/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم خروج الزوجة والبنات مع السائق


    السؤال
    أنا أب ولي أبناء ونحن مشغولون بأعمالنا، لذا نسمح للسائق أن يذهب بزوجتي وبناتي إلى السوق والمحاضرات الدينية والثقافية، أرجو إعطائي وإخواني الجواب الكافي حول هذا الفعل من ناحية حله وحرمته، والله يحفظكم.


    الجواب
    إذا كان السائق أميناً وركبت معه امرأتان فأكثر إلى السوق، فإن هذا لا بأس به، وذلك لأن المحذور هو الخلوة أو السفر؛ فلا يحل أن يخلو السائق بامرأة واحدة ولو إلى السوق، ولا يحل للسائق أن يسافر ولو بنساء متعددات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فإذا كان الذهاب والمجيء في نفس البلد ولم تحصل خلوة، بل كان مع السائق امرأتان فأكثر، وكان السائق أميناً، فإن هذا لا محذور فيه ولا حرج فيه، ولكن السائق لا بد أن يكون أميناً، أما إذا كان غير أمين فإنه يخشى من شره، ولو كانت المرأة معها امرأة أخرى.
    وأما مسألة استجلاب السائقين والخدم والخادمات، فالذي نرى أنه لا ينبغي إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك؛ لأن الأمور الواقعة من بعض الخدم من رجال أو نساء توجب للإنسان التوقف في استجلاب هؤلاء الخدم.

    (1/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التقدم للقرض بأرض مستعارة


    السؤال
    أريد أن أتقدم إلى البنك العقاري بأرض مستعارة من أخي ومن ثم أردها بعد ذلك هل يجوز أم في ذلك تحايل؟

    الجواب
    لا يجوز للإنسان أن يقدم أرضاً باسمه وهي لغيره من أجل أن يتحيل على أخذ أموال من البنك العقاري؛ لأن المقدم سوف يقدم هذه الأرض على أنها له وهو كذب، وما ترتب على الكذب فإنه حرام، ولكن خير من هذا أن يطلب من أخيه أن يبيع عليه الأرض بثمن مؤجل ولو زاد ثم يقدمها إلى البنك، ويكون في هذه الحال قد أتى البيوت من أبوابها.

    (1/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية صلاة المريض جالساً


    السؤال
    كيف يصلي المريض جالساً؟ هل يجلس متربعاً أو كهيئة التشهد؟ وما هو الدليل على ذلك حفظك الله؟

    الجواب
    المريض إذا صلى جالساً أو إذا صلى غير المريض النفل جالساً، فإنه يتربع في حال القيام وفي حال الركوع، أما في حال السجود والجلوس، فإنه يكون كهيئته في جلوس التشهد أو الجلسة بين السجدتين، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى جالساً صلى متربعاً، وأما في حال السجود وفي حال الجلوس بين السجدتين وفي حال التشهد فإن الافتراش هو الأقرب إلى هيئة الصحيح، وما كان هو الأقرب إلى هيئة الصحيح فهو أولى.

    (1/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من فاتته صلاة المغرب وأدرك العشاء


    السؤال
    رجل دخل المسجد وهو مسافر، فوجدهم يصلون العشاء وهو لم يصل المغرب فدخل معهم، ولما قام الإمام إلى الرابعة جلس فهل فعله صحيح أم لا.
    أفتونا مأجورين؟

    الجواب
    القول الراجح أن فعله صحيح، يعني: أنك إذا أدركت الإمام وهو يصلي العشاء وأنت لم تصل المغرب أن تدخل معه، فإذا قام إلى الرابعة فاجلس وانو الانفراد عن الإمام، وأكمل التشهد وسلم، ثم ادخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء، هذا هو القول الراجح.
    وقال بعض العلماء: بل صل المغرب أولاً وحدك أو مع من معك، ثم بعد هذا ادخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء.
    وقال بعض العلماء: ادخل مع الإمام بنية صلاة العشاء فإذا فرغت منها فصل المغرب.
    فهذه ثلاثة أقوال لأهل العلم، وأقواها وأرجحها القول الأول، وهو أن تدخل معهم بنية المغرب، ثم إذا قام إلى الرابعة جلست وتشهدت وسلمت ودخلت مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء.

    (1/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية مسح المرأة لرأسها في الوضوء


    السؤال
    هل مسح الرأس للمرأة مثل الرجل؟ وماذا تفعل إذا كان شعرها طويلاً؟ هل تمسحه إلى نهايته وترجع، أم يكفي مسحه إلى حد رأس الرجل؟

    الجواب
    يجب أن نعلم أن الأحكام الشرعية تتفق فيها النساء مع الرجال والرجال مع النساء، إلا ما قام الدليل على التفريق بينهما، وعلى هذا: فالمرأة يشرع لها في مسح الرأس ما يشرع للرجل، فتضع يديها على مقدم الرأس، ثم تردهما إلى قفاه ثم تردهما إلى المحل الذي بدأت منه كما يصنع الرجل ولا يلزمها أن تمسح إلى أسفل الرأس، بل تمسح إلى حد منابت الرأس، وكذلك الرجل إذا كان له شعر طويل إلى الكتفين، فإنه لا يلزمه أن يمسح إلا على قدر منابت الشعر فقط.

    (1/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أهمية التوبة


    السؤال
    أنا أصلي ولكن أفعل بعض المنكرات، فما هي نصيحتكم لي؟ ولماذا لم تنهني صلاتي عن المنكر؟

    الجواب
    نصيحتي لك أن تتوب إلى الله عز وجل، وأن تصدق الإقبال إلى الله، وأن تستحضر عظمة من عصيت وعقوبته عز وجل لمن خالف أمره، وأن تقرأ قول الله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الحجر:49] {وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} [الحجر:50] فاستغفر الله واسترحمه، وخف من عذابه.
    وأما كونك تصلي وصلاتك لا تنهاك عن المنكر فلعل صلاتك فيها قصور؛ لأن الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر هي الصلاة الكاملة، التي تكون على وفق ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم باستحضار القلب، وأداء العمل كما جاءت به السنة.
    وليس كل صلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، بل الصلاة المقامة التي أقامها الإنسان على الوجه الذي ينبغي، قال الله تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت:45] يعني: التي أقمتها على الوجه الصحيح.

    (1/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صور من البيع والشراء الصحيح


    السؤال
    هل يجوز لي أن أشتري السلعة وأبيعها على شخص قد عرفت بل وتيقنت قبل شرائي للسلعة أنه سوف يشتري السلعة مني، مع العلم أنه لم يكن هناك وعد أو اتفاق مسبق، بل لمعرفتي بالشخص تيقنت أنه سوف يشتريها مني؟

    الجواب
    لا بأس إذا علم الإنسان أو غلب على ظنه أن فلاناً يطلب ويبحث عن سلعة معينة، فذهب الإنسان فاشتراها ثم باعها عليه بثمن مؤجل أكثر مما اشتراها به؛ لأن هذا الرجل لم يتفق مع المشتري على بيع السلعة قبل أن يشتريها، وإنما رأى رغبة الناس أو رغبة هذا الشخص في هذه السلعة فاشتراها ثم باعها عليه.
    ولكن يجب أن يقيّد هذا بما إذا لم يكن خداعاً؛ لأن بعض الناس يخدع إخوانه؛ يعلم أن هذه الأرض سيمر بها طريق -شارع- فيذهب إلى صاحبها ويشتريها منه من أجل أن تثمن له، ولا يخبر صاحبها أنه قد تقرر أن يمر بها الشارع وتثمنها الحكومة، وهذا غش لا يحل له، يجب أن يقول: إنني سمعت أن الحكومة سوف تفتح طريقاً على أرضك، وبالطبع سوف تثمن لك الأرض، وحينئذ إن شاء باع وإن شاء انتظر.
    أما أن تعلم أنه لابد أن يمر الطريق على هذه الأرض وأنه سوف يثمن لهذه الأرض ثمن كبير، فتخدع صاحب الأرض وتشتريها من غير أن تعلمه فإن هذا من الغش.

    (1/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جوائز السحب بين المشروع والممنوع


    السؤال
    فضيلة الشيخ! كثر في الآونة الأخيرة في محطات البنزين وضع دفاتر بقيمة مائة وخمسين ريالاً أو أقل أو أكثر، وفي هذا الدفتر رقم خاص بالشخص المشتري، يعطونه هذا الدفتر بعد أن يكتبوا اسمه ورقم بطاقته، وبعد سنة من اشتراكه في هذا الدفتر يجري سحب على سيارة أو سيارتين أو بعض الجوائز الثمينة التي يندفع الناس لشراء هذه الدفاتر من أجلها، فهل هذا جائز أم حرام؟ وما هو الحل في مثل ذلك إذا كان محرماً؟

    الجواب
    إذا كان هذا الدفتر قد جرت العادة بإعطاء مثله كما يوجد في بعض المحطات، تعطي الزبائن دفتراً من أجل أن يقيد به ما يأخذه من البنزين، وكان ثمن البنزين هو الثمن المعتاد في البلد، فإن هذا لا بأس به ولا حرج فيه، أما إذا كان صاحب الجائزة -أعني صاحب المحطة- يزيد في الثمن -في ثمن البنزين- فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه إذا زاد في الثمن زاد على المشتري، فالمشتري يأخذ بزيادة قد تحصل له جائزة وقد لا تحصل.
    فإن حصلت جائزة كان غانماً، وإن لم تحصل كان غارماً، وكل عقد يكون دائراً بين الغنم والغرم فإنه من الميسر الذي حرمه الله عز وجل.
    لكن يقول بعض الناس: إذا كان البنزين بسعره العادي، وكانت قد جرت العادة بأن يعطى الزبون هذا الدفتر، فإن صاحب المحطة إذا وضع جائزة يحسد من عنده محطة أخرى ويقطع رزقه، فالجواب عن ذلك نقول: الرزق بيد الله عز وجل وقد يسوق الله الرزق إلى صاحب محطة ليس عنده هذه الجوائز، وقد يحرم الله الرزق صاحب هذه المحطة وإن كان عنده جوائز، ثم نقول: إن المحطات الأخرى لا حرج عليها أن تضع جائزة مثل هذه الجائزة، حتى لا يذهب الناس عنها إلى المحطة الأخرى التي فيها الجائزة.

    (1/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    قاعدة في الحكم على جوائز السحب


    السؤال
    يوجد لدينا بنشر ومغسلة، طبعنا كروتاً كتب عليها عبارة: اجمع أربع كروت من غيار زيت وغسيل واحصل على غسلة لسيارتك مجاناً، هل في عملنا هذا شيء محذور، ولعلكم تضعون قاعدة في مسألة المسابقات وغيرها؟

    الجواب
    ليس في هذا محظور، ما دامت القيمة لم تزد من أجل هذه الجائزة، والقاعدة هي: أن العقد إذا كان الإنسان فيه إما سالماً وإما غانماً فهذا لا بأس به.
    أما إذا كان إما غانماً وإما غارماً فإن هذا لا يجوز، هذه القاعدة؛ لأنه إذا كان إما غانماً وإما غارماً، فهو من الميسر، وأما إذا كان إما غانماً وإما سالماً فإنه لم يتضرر بشيء، إما أن يحصل له ربح وإما ألا يربح ولكنه لم يخسر.

    (1/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صيام المستحاضة


    السؤال
    أنا أم لطفل يبلغ من العمر أربعة شهور، وأستعمل حبوب منع الحمل، ولكني أحياناً يعرض لي نزول دم خفيف أحمر اللون بعد غسل الجماع، وقد حدث ذلك لي في شهر رمضان، حيث رأيت الدم بعد تناول وجبة السحور وقبل صلاة الفجر، فانتظرت قبل طلوع الشمس بربع ساعة تقريباً، فاغتسلت مرة أخرى وصليت الفجر ثم نمت، ثم عاودني ذلك في النهار فأكملت صيامي، وبدأت أتوضأ لكل صلاة، واستمر ذلك لمدة يوم ونصف حتى طهرت تماماً، فاغتسلت للمرة الثالثة وأريد أن أستفسر: هل صلاتي صحيحة؟ وهل صيامي صحيح؟ مع العلم أني أعدتُ صيام هذين اليومين بعد نهاية شهر رمضان المبارك، كما أريد أن أسأل إذا حدث لي ذلك في أي يوم، فماذا أفعل وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    قبل الإجابة على سؤالها أقول: إن استعمال هذه الحبوب ضار على المرأة، على رحمها وعلى عادتها، وعلى دمها، بل وعلى جنينها في المستقبل، قد يحصل من هذه الحبوب تشويه للأجنة، فيخرج الجنين مشوهاً، ولهذا كثر الآن هذا التشويه، ما أكثر ما نسأل عن جنين في بطن أمه ليس على رأسه عظام، ونسأل عن جنين مشوه، كل هذا من أجل هذه الحبوب التي ضرت المسلمين من جهة، ومنعت كثرة الإنجاب من جهة أخرى.
    أما بالنسبة للجواب: فلتسأل السائلة الأطباء: هل يعتبر هذا الدم حيضاً أم هو دم عِرق، إن كان دم عرق، فإنه لا يمنعها من الصيام وصيامها صحيح، ولا يمنعها من الصلاة، فيجب عليها أن تصلي، وأما إذا كان من الحيض، تحرك بسبب هذه الحبوب، فإن صيامها لا يصح ولا تلزمها الصلاة.

    (1/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من وقف بعرفة وهو جنب


    السؤال
    شخص حج قبل سنوات وحدث له في ليلة عرفة احتلام، فوقف بعرفة وهو جنب ولم يغتسل إلا يوم العيد فما حكم حَجِّه أفيدونا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    حجه صحيح؛ لأن جميع مناسك الحج لا يشترط لها الطهارة إلا الطواف، على خلاف فيه، ولكن الحيض يمنع من الطواف مطلقاً، حتى من قالوا بأن الطهارة لا تشترط للطواف يقولون: إن الحائض لا تطوف؛ لأنه يلزم من طوافها أن تمكث في المسجد الحرام وهي حائض، وهذا لا يجوز.
    ولكن يلام هذا الرجل: لماذا لم يغتسل طول يوم عرفة؟! قد يقول: ليس عندي ماء، نقول: إذا لم يكن عندك ماء فتيمم حتى تجد الماء، على أن الغالب ولله الحمد في السنوات الأخيرة أن الماء متوفر، ويمكن أن يغتسل الإنسان أي وقت شاء.
    وكذلك لا يجوز له أن يؤخر الصلاة عن أوقاتها في يوم عرفة، فكان ينبغي عليه أن يغتسل ويصلي، فإن لم يجد ماء فليتيمم وليصل.

    (1/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من ابتلي بخروج غازات


    السؤال
    إني مصاب بخروج غازات، هل يكون حكمي كحكم من يكون ابتلي بسلس البول أم لا وادع الله لي بالشفاء؟

    الجواب
    نسأل الله أن يشفيك، أقول: هذه الغازات التي ابتليت بها، إذا كنت لا تستطيع حبسها، فإنها كسلس البول تماماً، وعلى هذا فلا تتوضأ للصلاة إلا بعد دخول وقتها، وإذا توضأت وخرج منك شيء فإنه لا ينتقض وضوءك حتى يأتي وقت الصلاة الأخرى، فإذا جاء وقت الصلاة الأخرى فتوضأ بعد دخول وقتها.
    وإني أشير عليك أن تعرض نفسك على طبيب مختص لعل الله أن يجعل على يديه الشفاء.

    (1/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم استخدام الإبر ضد الحمى الشوكية
    والآن وقد انتهى الوقت، وكنت أتوقع سؤالاً كثر إيراده، ألا وهو استعمال الإبرة عن الحمى الشوكية، فإن من الناس من قال: إن هذا حرام؛ لأنه ينافي التوكل، ولكننا نقول: إن هذا من التوكل؛ لأن التوكل صدق الاعتماد على الله عز وجل مع فعل الأسباب: ولهذا كان سيد المتوكلين محمد صلى الله عليه وسلم إذا قاتل العدو يلبس الدروع ويحتمي، بل في أحد لبس عليه الصلاة والسلام درعين، وهذا وقاية من شر الأعداء.
    فاستعمال هذه الإبر ليس فيه بأس، ولا ينافي التوكل بل هو من فعل الأسباب النافعة التي يدفع الله بها الشر.
    نسأل الله أن يقينا وإياكم شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأن يعيدنا جميعاً لمثل هذا الاجتماع، وأن يجعلنا من المستمعين المنتفعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,464
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    20-05-2024
    على الساعة
    01:51 AM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [2]
    كان صلح الحديبية بمثابة فتح عظيم للإسلام والمسلمين، فقد ظهرت ثمراته اليانعة على غير ما كان يظهر من بنود الصلح.
    توضيح وتجلية أسباب الصلح وبنوده وآثاره هي محور هذا اللقاء الشهري.

    (2/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    وقفات من غزوة الحديبية
    الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فإننا في لقائنا هذا لقاء شهر ذي القَعْدة عام اثني عشر وأربعمائة وألف في الجامع الكبير في عنيزة نبحث فيما هو مناسب للحال، ألا وهو تذكير الأمة بما جرى لنبيها محمد صلى الله عليه وسلم في غزوة هي من أهم الغزوات، ألا وهي غزوة الحديبية.

    (2/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    سبب الغزوة
    غزوة الحديبية كان سببها أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يعتمر في شهر ذي القَعْدة، وهو من أشهر الحج، وذلك في السنة السادسة من الهجرة، أراد ذلك لأن العرب في جاهليتها تنظر إلى الحج والعمرة نظرة مادية لكسب المال، فكانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج لا تجوز، وأن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور ويقولون: إذا عفا الأثر -يعنون أثر المسير- وبرأ الدَّبَر -يعني: الجروح التي تكون على الرواحل من الشدِّ عليها- وانسلخ صفر حلت العمرة لمن اعتمر.
    فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبطل هذه العقيدة وخرج في ذي القَعْدة، وهو من أشهر الحج، بل وهو أوسط أشهر الحج؛ لأن أشهر الحج ثلاثة: شوال وذو القَعْدة وذو الحجة.
    خرج معتمراً؛ ليبين أن الشرع يخالف هذه العادة أو هذه السنة التي سنها أهل الجاهلية، وأن العمرة في أشهر الحج مشروعة مقرِّبة إلى الله عز وجل، فخرج عليه الصلاة والسلام من المدينة، متوجهاً إلى مكة في السنة السادسة من الهجرة.
    ولما علمت بذلك قريش أخذتها الأنفة والكبرياء وحميّة الجاهلية؛ فمنعوا الرسول عليه الصلاة والسلام حين وصل الحديبية.
    والحديبية مكان بين مكة والمدينة على طريق جدة بعضها من الحرم وبعضها من الحل.
    نزل النبي صلى الله عليه وسلم هناك، وجعل يراسل قريشاً ليدخل ويعتمر ويخرج من مكة لا يتعرض لأحد، ولكن قريشاً في كبريائها وغطرستها منعت النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: لا يمكن أن يتحدث الناس أننا أخذنا ضغطة -يعني: أخذنا كرهاً- حيث دخل عدونا -وهو الرسول صلى الله عليه وسلم- إلى بلادنا.
    وجرت المراسلات بينهم، حتى أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان رضي الله عنه ليفاوضهم، وفي النهاية اتفقوا على الشروط التي سنذكرها.

    (2/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كتابة الصلح وشروطه
    جاء الكاتب ليكتب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم؛ لأن هذه البسملة هي بسملة الرسل قال الله تعالى عن سليمان حين كاتب بلقيس ملكة اليمن في سبأ قال: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل:30] أملى النبي صلى الله عليه وسلم على الكاتب أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال مندوب قريش: نحن لا نعرف الرحمن الرحيم، لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم، اكتب باسمك اللهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اكتب (باسمك اللهم) تنازل، وسبب تنازله أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما نزل الحديبية كان إذا وجه ناقته نحو مكة بركت وأبت أن تسير، وإذا وجهها إلى الخلف سارت؛ فقال الصحابة رضي الله عنهم: خلأت القصواء، خلأت -يعني: حرنت- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (والله ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق) .
    انظر كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم يدافع عن البهائم، لا يريد الظلم ولا أن تظلم البهيمة: (ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق) بل هي سهلة لينة منقادة مع قائدها، لا تبرك إلا حيث بركها، ولا تثور إلا حيث ثوّرها (ولكن حبسها حابس الفيل) الفيل الذي أرسله أبرهة إلى مكة ليهدم الكعبة به فحبسه الله تعالى، والقصة مشهورة في سورة الفيل.
    المهم أن الكاتب لما أراد أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم وأبى مندوب قريش قال: (اكتب باسمك اللهم) ثم قال: (اكتب: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله قريشاً قال مندوب قريش: لا تكتب رسول الله، لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال: اكتب محمد بن عبد الله، ثم قال عليه الصلاة والسلام.
    والله إني لرسول الله وإن كذبتموني) ثم جرى الصلح، صلحاً عجيباً وكان من شروط الصلح التالي: الأول: أن توضع الحرب بينهم عشر سنين، الثاني: أن من شاء أن يدخل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم دخل، ومن شاء أن يدخل في عهد قريش دخل.
    الثالث: أن من جاء من المسلمين إلى قريش فإنهم لا يردونه، ومن جاء من قريش إلى المسلمين فإنهم يردونه.
    ما تقولون في هذا الشرط؟ شرط جائر، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام التزم به؛ لأن فيه تعظيم حرمات الله.
    الرابع: أن يرجع من عمرته هذه ولا يكمل العمرة، مع أنه لو جاء رجل مشرك من أقصى نجد لأذنت له قريش أن يدخل مكة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين هم أولى الناس بالمسجد الحرام يحرموا منه.
    الشرط الخامس: أن يرجع النبي عليه الصلاة والسلام ولا يكمل عمرته وفي العام القادم يدخل مكة لكن معه السيوف في جرابها، ولا يمكث فيها إلا ثلاثة أيام فقط ثم يخرج.
    جرى الصلح على هذه الشروط وحصل في هذا أخذ ورد من الصحابة، ومن أشد من تكلم في هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد ناقش النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الصلح، فقال: (كيف نرجع يا رسول الله؟! ألست تحدثنا أننا ندخل مكة ونطوف بالبيت قال: نعم.
    كنت أقول هذا ولكن هل قلت لك: إنك تدخلها هذا العام.
    قال: لا.
    قال: إنك آتيه ومطوّف به) ولكن في سنة أخرى، ثم قالوا: (يا رسول الله! كيف نعطيهم أن من جاء منهم مسلماً رددناه إليهم ومن ذهب منا إليهم لا يردونه إلينا؟ قال عليه الصلاة والسلام: أما من جاء إلينا ثم رددناه إليهم فسوف يجعل الله له فرجاً ومخرجاً) وأما من ذهب منا إليهم، يعني: قد اختار لنفسه ما اختار.
    وبعد ذلك أمر النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه أن ينحروا هديهم وأن يحلوا من إحرامهم ويحلقوا رءوسهم ويرجعوا إلى المدينة، فكأنهم رضي الله عنهم لشدة الأمر وشدة وقعه في نفوسهم تأخروا بعض الشيء، يرجون أن يكون هناك نسخ لما حصل، وليس قصدهم عصيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لعل النبي عليه الصلاة والسلام يرجع، فلما تلكئوا بعض الشيء دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سلمة -إحدى أمهات المؤمنين- وكانت امرأة عاقلة، فرأته مغضباً فقالت: ما الذي أغضبك؟ قال: أمرت الناس بكذا وكذا ولكن لم يفعلوا، قالت: أتريد أن يفعلوا؟ قال: نعم.
    قالت: اخرج وادعوا الحلاق واحلق رأسك، فخرج النبي عليه الصلاة والسلام فدعا الحلاق فحلق رأسه، فجعل الناس يحلقون رءوسهم حتى كاد يقتل بعضهم بعضاً.
    سبحان الله! اقتداء الناس بأفعال الإنسان أكبر من اقتدائهم بأقواله.
    فحلوا ورجعوا.

    (2/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أبو بصير مسعر حرب
    الذي حصل أن الرسول عليه الصلاة والسلام التزم بالعهد فقدم رجل إلى المدينة مسلماً من قريش، ثم قال للرسول عليه الصلاة والسلام: إنه جاء مسلماً مهاجراً لا يريد الرجوع إلى قريش.
    فإذا برجلين من قريش قد أتيا خلفه يطالبون برده إلى قريش، فأعطاهم الرسول عليه الصلاة والسلام الرجل وفاءً بالعهد.
    فلما كانوا في أثناء الطريق قال أبو بصير لأحد الرجلين: أرني سيفك ما أحسن هذا السيف! وما أجوده! وصار يثني على السيف، أعطني إياه أنظره، فلما أعطاه إياه سله من غمده ثم ضرب به رأس صاحبه، وإذا برأسه قد بان من جسده، وأما القرشي الآخر فقد هرب إلى المدينة خوفاً أن يقتله.
    فلما هرب إلى المدينة ووصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإذا بـ أبي بصير وراءه فقال: يا رسول الله! إن الله قد أوفى بعهدك، أما العهد الذي بينك وبينهم فقد وفيت به وسلمتني إليهم، وأما أنا فأنجاني الله منهم، فلا تردني إليهم -رضي الله عنه- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ويل أمه مِسْعر حرب لو يجد من ينصره) تعجب منه! وقال: ليس بهين لو يجد من ينصره، ولما قال هذه الكلمة وقعت من أبي بصير موقعها وعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم سوف يرده إليهم، فخرج من المدينة هارباً ونزل على سيف البحر، وهو طريق قريش من الشام إلى مكة.
    وتعرفون حاجة قريش إلى الشام، فإنه في أيام الصيف لا يتجرون إلا من الشام: {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قريش:1-2] الشتاء إلى اليمن، والصيف إلى الشام.
    فمكث هناك وسمع بعض رجال المسلمين الذين في مكة أن أبا بصير هناك وأنه يترصد عير قريش، وما جاء من عير أخذه، فاجتمع إليه نفر، فصار كلما جاءت عير قريش أخذوها؛ لأن مال قريش حلال، فهم كفار محاربون، ليس بينه وبين هؤلاء الذين خرج منهم عهد، فأرسلت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: اكفنا شر هؤلاء النفر وردهم إلى المدينة.
    فرجع أبو بصير ومن معه إلى المدينة، فكان هذا مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن من رددناه إليهم فسيجعل الله له فرجاً ومخرجاً) .
    هذه القصة فيها عبر عظيمة وكثيرة، تكلم على بعضها ابن القيم في زاد المعاد، وفيها منقبة لهؤلاء الصحابة رضي الله عنهم.

    (2/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    بيعة الرضوان ومبايعة رسول الله عن عثمان
    المنقبة هي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس تحت شجرة في الحديبية، وجعل الناس يبايعونه على ألا يفروا أبداً، وسبب هذه المبايعة أن الناس تحدثوا أن عثمان بن عفان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قريش قُتل، والرسول لا يُقتل حتى في الكفر لا يقتلون الرسول المفاوض، فبايع على أن يقاتلهم إذا كانوا قد قتلوا عثمان، ولكن عثمان رضي الله عنه لم يقتل، لكن حصلت لهم هذه المبايعة التي فيها عزهم، وأنزل الله في هذه المبايعة: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} [الفتح:18] وهو الصلح {وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} [الفتح:19] .
    أما عثمان فرجع سالماً، وكان رضي الله عنه له قبيلة ذات جاه في قريش، فقالوا له: يا عثمان! أنت قدمتَ إلينا وهذا البيت انزل فطف به، قال: والله ما أطوف به ورسول الله صلى الله عليه وسلم محصور عنه أبداً، وأبى أن يطوف بالبيت مع تيسره له؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم محصور عنه، ثم رجع سالماً قائماً بالهدف الذي أرسل من أجله.
    قد يقول قائل: إنه فاتته هذه المبايعة؛ لأنه كان حين المبايعة في مكة.
    ولكننا نقول إن هذه المبايعة لم تفته رضي الله عنه، فقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم إحدى يديه على الأخرى وقال: (هذه يد عثمان) فبايع النبي صلى الله عليه وسلم لـ عثمان بنفسه؛ فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيراً من يد عثمان لـ عثمان.
    سبحان الله!

    (2/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أهمية قراءة السيرة النبوية
    أنا أريد منكم أن تقرءوا هذه القصة في زاد المعاد؛ لتعتبروا بما فيها من العبر، كما أريد أيضاً أن تقرءوا جميع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ففيها -والله- زيادة الإيمان، وفيها زيادة المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وفيها العبر في التوحيد، وفي الفقه، وفي الخلق، وفي كل شيء.
    إنها سيرة النبي صلى الله عليه وسلم خير الخلق وأسدهم رأياً وأرجحهم عقلاً عليه الصلاة والسلام، لذلك اشتروا هذا الكتاب زاد المعاد في هدي خير العباد، وطالعوا فيه السيرة، كما أن هذا الكتاب فيه فوائد طبية استخلصها بعضهم ووضعها في كتاب مستقل، وحدثني طبيب أمريكي، أسلم وحسن إسلامه -حدثني هنا في بلادنا- أنه استفاد من الطب النبوي، حتى إنه يقول: من جملة ما حملني على الإسلام ما وجدت فيه من النظافة والأخلاق الفاضلة الطيبة، منها: أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه) يعني حسبه من الأكل والشرب لقيمات يقمن صلبه (فإن كان لا محالة -يعني: لا بد أن يأكل- فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه) .
    ولو أنا طبقنا هذا ما أصابنا مرض من داء البطنة، ولكن نحن نأكل حتى نملأ البطن طعاماً، ويقول بعض الناس: سأملأ بطني طعاماً، وأما الماء فهو دقيق يجد منافذ، وأما النفس فهو حربة يشق عن نفسه.
    لكن كل هذا غلط كل قليلاً ومتى جعت فكل ثانياً حتى تعطي الجسد غذاءه شيئاً فشيئاً على وجه يتحمله.
    وقد ضرب بعض الناس مثلاً للمعدة برجال عمال أعطوا أعمالاً كثيرة ترهقهم، فجعلوا يعملون، فإذا هم في مدة قصيرة قد تعبوا وتمزقت قواهم.
    أما إذا أعطيت المعدة ما ينفعها بدون مشقة عليها، فهذا خير لها وللبدن، وبإذن الله لن تصاب بأمراض تتعلق بالبطنة، إذا مشيت على ما أرشد إليه رسول الله عليه الصلاة والسلام.
    المهم أن سيرة النبي عليه الصلاة والسلام إذا قرأها الإنسان بتأمل واعتبار نفعته نفعاً عظيماً.
    نحن نتذكر هذه الغزوة ونعرف مدى ما يضمر المشركون للمسلمين، والحقيقة أننا في زمننا هذا -مع الأسف الشديد- في غفلة شديدة، نظن أن المشركين أو الكفار من اليهود والنصارى نظن أنهم أولياء لنا، ولكننا نقول إيماناً وعقيدة: إنهم أعداء لنا، نقول ذلك إيماناً وعقيدة، قبل أن نستشهد بالحوادث التي تقع منهم؛ لأن الله تعالى يقول في كتابه: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال:73] ويقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة:51] ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة:1] أما الوقائع فأنتم ترون ما حدث من الطائفة اليهودية كاستحلالها بيت المقدس، وليسوا بأهله.
    من أهل بيت المقدس؟ المسلمون.
    لا نقول: العرب أيضاً، فالعرب إذا لم يكونوا على دين الله فليسوا أهلاً له؛ لأن الله تعالى يقول: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء:105] هؤلاء هم أهل الأرض الذين يستحقون أن يعيشوا عليها، وقال موسى لقومه وكانوا هم المؤمنين في ذلك الوقت، قال: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة:21] لأنهم يقاتلون قوماً جبارين كفاراً، فكانوا أحق بالأرض منهم.
    أما بعد أن فتحت أرض الشام على أيدي المؤمنين فهم أهلها وهم أحق بها، وأقول والعلم عند الله: لا يمكن أن تسترد الشام -وأخص بذلك فلسطين - إلا بما استردت به في صدر هذه الأمة، بقيادة كقيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه برجال كجنود عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يقاتلون إلا لتكون كلمة الله هي العليا.
    فإذا حصل هذا للمسلمين فإنهم سيقاتلون اليهود حتى يختبئ اليهودي خلف الشجرة فتنادي الشجرة: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي تعال فاقتله.
    أما ما دام الناس ينظرون إلى هذه العداوة بيننا وبين اليهود على أنها عصبية قومية فلن نفلح أبداً؛ لأن الله لن ينصر إلا من ينصره، كما قال تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:40-41] .
    فنحن إذا رأينا صدر هذه الأمة، نجد أنها انتصرت على أساس التوحيد الإخلاص لله الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم البعد عن سفاسف الأمور عن الأخلاق الرديئة عن الفحشاء والمنكر عن تقليد الأعداء.
    والمشكل أن من الناس اليوم من يرى أن تقليد الكفار عز وشرف، ويرون أن الرجوع إلى ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه تأخر وتقهقر، طبق ما قال الأولون: {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ} [المطففين:32] .
    فعلينا -أيها الإخوة- أن نرجع؛ لنقرأ ونتأمل فيما سبق في صدر هذه الأمة، حتى نأخذ بما كانوا عليه من تمسك وعبودية وحينئذ يكتب لنا النصر.
    وإني أقول وأكرر: يجب علينا أن نحذر من شرور أنفسنا، وأن نحذر من شرور الكفار والمنافقين وأتباعهم، ونسأل الله تعالى أن يكتب لنا ولكم النصر لدينه، وأن ينصرنا به وينصره بنا، وأن يجعلنا من أوليائه وحزبه إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    (2/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (2/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الموقف الصحيح للمسلم عند اختلاف العلماء في مسألة من المسائل الفرعية


    السؤال
    للعلماء في قلوبنا مكانة عظيمة ومنزلة كبيرة، فهم الذين أمرنا الله بالرجوع إليهم وسؤالهم، وهم ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولكن ما هو الموقف الصحيح للمسلم عند اختلافهم في مسألة من المسائل الفرعية، هل للشخص أن يرجِّح هو بين أقوالهم ويأخذ ما ناسبه مع أنه ليس من أهل الترجيح والعلم والاجتهاد؟ ثم هل إذا أخذ بهذه المسألة عن العالم الفلاني ثم المسألة الأخرى عن فلان هل يعد هذا من تتبع الرخص؟ وهل يخرجه من الحرج أن يقول قائلهم: أنا آخذ هذا القول والإثم على من أفتى به، وبلسان العامة: (اجعل بينك وبين النار مطوعاً) ؟ فما هو القول الفصل في هذه المسألة؟ وهل فعل الناس جائز؟ وما هو الضابط في ذلك وفي الترجيح؟ وهل يلزم الإنسان اتباع العالم مطلقاً في كل ما أفتى به أم لا؟ أرجو بسط المسألة بسطاً شافياً وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    يسرنا ما قاله السائل في أن في قلوب الناس للعلماء مكانة، لأن الناس لا يزالون بخير ما عظموا ولاة أمورهم؛ اتباعاً لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59] وأولو الأمر منا هم: العلماء والأمراء.
    أما العلماء فهم أولو الأمر في شرع الله يبينونه للأمة ويوضحونه لهم وينشرونه بينهم.
    وأما الأمراء فهم أولو الأمر المنفذون لأمر الله الملزمون لعباد الله به، ولهذا كان مرجع أولي الأمر من الأمراء إلى أولي الأمر من العلماء.
    إذ أن الأمراء إذا ساروا بدون العلماء فقد يضلون ضلالاً بعيداً، وإذا لم يأخذوا بما دلت عليه شريعة الله، أو بما جاءت به شريعة الله، فإن معصية الناس لهم تكون بقدر معصيتهم لله.
    وهذه نقطة يجب أن نتفطن لها؛ فمعصية الناس لولاة الأمور بقدر معصية ولاة الأمور لله عز وجل.
    فكلما أطاع ولاة الأمور ربهم أخضع الله لهم قلوب الناس، وأطاعوهم ولم يتمردوا عليهم، فمن اتقى الله فيمن ولاه الله عليه، اتقاه من ولاهم الله عليهم، والعكس بالعكس.
    ويذكر أن عبد الملك بن مروان لما رأى تمرد الناس عليه جمع أشراف الناس وخطبهم وقال لهم: إنكم تريدون منا أن نكون لكم كـ أبي بكر وعمر، فأنتم كونوا لنا كرجال أبي بكر وعمر، نكون لكم كـ أبي بكر وعمر.
    وجاء رجل من الخوارج إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال له: يا علي! ما بال الناس خرجوا عليك ولم يخرجوا على أبي بكر وعمر؟ فقال له: لأن رجالي أنت وأمثالك، ورجال أبي بكر وعمر أنا وأمثالي، فألقمه حجراً.
    المهم أن ولاة الأمر إذا كانوا مرجع الناس فإن الناس في خير، أما إذا تمرد الناس على ولاة الأمر فخالفوا العلماء بغير علم، وتمردوا على الحكام فذلك عنوان الشقاء في هؤلاء وهؤلاء.
    فالواجب علينا احترام ولاة أمورنا من العلماء، واحترام ولاة أمورنا من الأمراء، وأن نبذل لهم النصيحة، وبذل النصيحة ليس هو الفضيحة على رءوس المنابر وفي المجالس العامة، في تتبع مساوئهم، فبعض الناس تجده يقول: قال العالم الفلاني: كذا وكذا وقد أخطأ؛ فهذا خطأ ويقول: فعلت الدولة كذا وكذا وقد أخطأت.
    هذا ليس من النصيحة في شيء، النصيحة أن تتصل بالمخطئ إما بواسطة أو بغير واسطة، وتبيّن له خطأه، فقد يكون مع المناقشة يتبين للجميع الصواب، إما أن يكون الصواب معك فيرجع إليك، وإما أن يكون معه فترجع إليه، وإما أن يكون كل منكم له وجهة نظر يعذره فيها الآخر.
    وأما من وراء جدر يقع الناس في أعراض العلماء، أو يقعون في أعراض الأمراء، فإن هذا لا شك عنوان على التفرق وتمزق الأمة.
    فإذا كان -كما قال السائل وفقه الله- للعلماء مكانة في قلوب الناس فهذا عنوان الخير والسعادة، ونرجو أن يكون في قلوب الناس -أيضاً- مكانة لولاة الأمر من الأمراء، وأن يناصحوهم وأن يعلموا أنهم بشر ليسوا معصومين من الخطأ، هم يخطئون كما يخطئ البشر، أنت الآن في بيتك ألست تخطئ في تربية أولادك؟ إذاً: هم قد يخطئون، مع أن دائرة عملهم أوسع من دائرة عمل البيت.
    فنعمل البيت محصور لكن ولاة الأمور دائرة عملهم واسعة جداً.
    لهذا أقول: إن من نعمة الله على الأمة أن يكون بينهم وبين ولاة الأمور من العلماء والأمراء مودة واتصال ومناصحة، وعلى كل من تبين له الحق من هؤلاء وهؤلاء أن يرجع إليه؛ لأن الله يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء:59] .
    أما ما ذكره من الفقرات في السؤال فكلها ترجع إلى شيء واحد، إذا اختلف أهل العلم، سواء في فتوى استفتاهم فيها إنسان، أو في كلام سمعه منهم، فإن الواجب أن يتبع الإنسان من يرى أنه أقرب إلى الصواب، إما لسعة علمه وإما لقوة فهمه وإما لقوة إيمانه وأمانته، هذا هو الواجب.
    ويشهد لذلك أن المريض إذا عرض نفسه على طبيبين فوصف له أحد الطبيبين دواءً ووصف له الثاني دواءً آخر يخالف الأول، فبمن يأخذ؟ بقول من يرى أنه أقرب إلى الصواب لحذقه واطلاعه ومعرفته وتجربته.
    كذلك -أيضاً- ما يتعلق بالفتوى في الدين اتبع من ترى أنه أوثق في العلم سعة وفهماً وفي الديانة والأمانة.
    فإن تساوى عندك الأمران وترددت في أيهما أرجح، فقال بعض العلماء: أنت مخير، إن شئت خذ بقول هذا وإن شئت خذ بقول هذا في هذه المسألة وغيرها أيضاً، وقال بعض العلماء: خذ بالأشد؛ لأنه أحوط، وقال آخرون: خذ بالأيسر؛ لأنه للشريعة أوفق؛ فإن الشريعة مبناها على اليسر والسهولة.
    فمن صَدَقَ الله عز وجل في ذلك وقارن بين العالمين ولم يترجح له أحدهما، فهذه أقوال العلماء في هذه المسألة: القول الأول: التخيير: إن شئت خذ بهذا أو بهذا؛ حتى لو أخذت بقول أحدهما اليوم فلك أن تأخذ غداً بقول الآخر.
    الثاني: الأشد؛ لأنه أحوط.
    الثالث: الأيسر؛ لأنه أوفق للشريعة، وعندي أن هذا أصح، وهو أن تأخذ بالأيسر؛ لأنه أوفق للشريعة والأصل براءة الذمة.
    ولكن المحذور أن تذهب إلى عالم ترضاه في علمه ودينه وتستفتيه، ثم إذا أفتاك بما لا يوافق هواك، ضربت بفتواه عرض الحائط، ثم ذهبت إلى رجل آخر لعله أيسر، فهذا هو الحرام؛ لأن هذا تلاعب بدين الله، وما أكثر الذين يفعلون ذلك! يستفتي هذا العالم فإذا لم يوافقه على هواه، قال: أذهب إلى فلان، ذهب إلى فلان فوجد قوله أشد من الأول قال: كل هؤلاء ما عندهم علم، فيأتي الثالث والرابع والخامس حتى يصل إلى ما يوافق هواه، فحينئذ يقول:
    ألقت عصاها واستقر بها النوى كما قر عيناً بالإياب المسافر
    هذا هو الذي لا يجوز.
    فإذا قال قائل: هذا رجل في قرية، ليس عنده عالم متبحر، هل يسأل من فيها على نية أنه متى وجد عالماً أحسن منه سأله أو لا؟ نقول: نعم.
    إذا كان في قرية ليس عنده عالم متبحر، وسأل من يظنه أعلم الناس فيها، فليسأل على نية أنه متى وجد عالماً متبحراً سأله فهذا لا بأس به.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,464
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    20-05-2024
    على الساعة
    01:51 AM

    افتراضي

    حكم تأخير فريضة الحج بسبب الامتحانات


    السؤال
    فضيلة الشيخ! من المعلوم أن الامتحانات بعد الحج مباشرة، فسبب ذلك إحجام كثير من الشباب والفتيات عن أداء فريضة فرضها الله عليهم مع استطاعتهم لها وقدرتهم عليها، فهل يأثمون بذلك، وهل الحج واجب على الفور؟ وهل الامتحان سبب شرعي يبيح لهم تأخير الفريضة؟

    الجواب
    القول الراجح من أقوال أهل العلم: أن الحج واجب على الفور، وأنه لا يجوز للإنسان أن يؤخره إلا لعذر شرعي، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تأخر الصحابة عن التحلل في غزوة الحديبية غضب، ودليل آخر: أن الإنسان لا يدري ما يعرض له، فقد يؤخر الحج هذه السنة ثم يموت، ويبقى معلقاً.
    ولكن إذا كان حجه يؤثر عليه في الامتحان فله أن يؤخره إلى السنة القادمة، ولكني أشير عليه أن يأخذ دروسه معه ويحج، هذا إن كان يسافر إلى الحج مبكراً، أما إذا كان يتأخر في الحج فإني لا أظنه يضره.
    ومعلوم أن بإمكان الإنسان أن تكون أيام الحج التي يستغرقها أربعة أيام فقط، يذهب يوم عرفة فيمكث التاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر ويكون متعجلاً، يجوز إذا رمى في اليوم الثاني عشر بعد الزوال أن يخرج ويطوف الوداع ويمشي إلى أهله.
    فلا أظن أنها تضر شيئاً.
    فالإنسان الحريص يمكنه أن يحج ولا يؤثر ذلك عليه شيئاً.
    كما أن الإنسان إذا اعتمد على الله وتوكل عليه وأتى بالحج واثقاً بالله عز وجل فإن الله سييسر له الأمر.

    (2/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الإتيان بالأيدي العاملة من غير المسلمين وإدخالهم إلى جزيرة العرب


    السؤال
    انتشرت الأيدي العاملة من غير المسلمين في هذه الجزيرة وإدخالهم إليها بأعداد كبيرة جداً وخاصة أننا نرى أن النصارى يقتلون المسلمين بالجماعات، فما حكم ذلك؟ وما حكم من أتى بهم أو سهل مجيئهم إلى هنا خاصة مكاتب الاستقدام وأصحاب المؤسسات؟ وهل الأموال التي يأخذونها -إذا كان عملهم محرماً- بسبب عمل أولئك هل هو حلال أم حرام؟ وما ردكم على من يقول: إن العامل المسلم ليس أميناً ولا يعمل جيداً وفقكم الله وجزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    أما الأول وهو: استقدام غير المسلمين إلى هذه الجزيرة فإني أقول له: يتأهب لجواب النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، حيث قال: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) .
    وليعلم أن الموت قريب وأن الدنيا لن تبقى له، ولن يبقى هو للدنيا، فليحرر الجواب الصحيح الذي ينجيه من عذاب الله، والذي ينجيه من الآثار السيئة التي تنتج عن كثرة غير المسلمين في هذه الجزيرة، ولقد ثبت في صحيح البخاري وغيره عن زينب بنت جحش قالت: استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من النوم محمراً وجهه وهو يقول: (لا إله إلا الله! ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه -وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها- فقالت زينب: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم.
    إذا كثر الخبث) فإذا كثر غير المسلمين في هذه الجزيرة فويل لهم من شر قد اقترب والعياذ بالله، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه) فأقول لمن يستقدم هؤلاء العمال مع أننا لسنا بحاجة إليهم أقول له: ليعد الجواب الصحيح إذا سئل يوم القيامة عن فعله وعن مصادمته لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) .
    وقال: (لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً) .
    هذا جوابي على من استقدم.
    وأما ما يكسبه من عملهم إذا كان محرماً فإني أجيبه بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) فكل عين محرمة وكل منفعة محرمة فإن عوضها محرم بهذه القاعدة التي أسسها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) .
    وأما قول القائل: إن المشركين أو الكفار أنصح من المسلمين فأنا أجيبه بقول رب العالمين: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة:221] {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة:221] .
    فإذا كانت عضلاته شديدة وبدنه قوياً فليجب عن هذه الآية: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة:221] .
    والعجيب أن بعض الناس يجلب عمالاً يمكن أن يقوم المسلمون بمثل عملهم، يعني: ليس العمل الذي يجلبهم إليه عملاً لا يجيده المسلم، بل هو عمل سهل يجيده المسلم وغير المسلم، ثم يختار الكافر على المسلم.
    وأدنى ما يكون في جلب الكفار إلى البلاد هو ذهاب الغيرة التي كانت في قلوب المؤمنين والهيبة من إيواء الكفار وموالاتهم ومودتهم إلا من شاء الله، حتى إن بعض الناس يظن أنهم إخوة لنا، بل يسميهم إخوة، فيقول: الأخ فلان، سبحان الله! سلب الإيمان من قلبك حتى جعلت عدو الله أخاً لك، نسأل الله السلامة.
    لكن كيف نحل هذه المشكلة التي وقعنا فيها كما قال السائل؟ أولاً: يجب علينا أن ندعو هؤلاء للإسلام وألا نيئس من إسلامهم، وقد بلغني شيء محزن القلب، بلغني أن بعض الكفلاء سامحهم الله وهداهم، إذا رأوا داعية يدعو عمالهم للإسلام منعوه، وقالوا: لا تفسدهم علينا.
    أعوذ بالله! والله لا يقول أحد إن الكافر إذا أسلم هو فساد إلا من أفسد الله قلبه وأعمى بصيرته.
    وإننا نعرف أن إخواننا الذي أسلموا من هؤلاء العمال صاروا أنصح بكثير مما كانوا عليه من قبل، وربما الأخ الشيخ حمود يدري عن ذلك، صاروا أنصح وأتقن عملاً وأحسن خلقاً وهذا هو اللائق بالمسلم.
    {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة:221] نسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم.

    (2/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم ترميم المساجد


    السؤال
    فضيلة الشيخ! هل ترميم المساجد يؤجر عليه الإنسان كبناء المساجد؟

    الجواب
    ترميم المساجد على أقسام: القسم الأول: ترميم كمالي لا حاجة إليه، فهذا أخشى أن يكون المرمم إلى الإثم أقرب منه إلى السلامة، لأنه إذا كان لا حاجة إليه، ولكن ليس فيه إلا تجميل المسجد صار فيه إضاعة مال بلا فائدة، والمال الذي تنفقه على هذا الترميم أنفقه في مساجد أخرى ينتفع الناس بها.
    القسم الثاني: ترميم دعت الحاجة إليه دون الضرورة، مثل أن يكون البلاط قد تقشع أو (التلييس) قد تقشع ولكن المسجد قائم فهذا يؤجر عليه الإنسان؛ لأن فيه تنظيفاً للمسجد، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيَّب.
    القسم الثالث من الترميم: ترميم تدعو إليه الضرورة كتصدع الجدران في مساجد الطين وتصدع الجسور في مساجد المسلح وما أشبه ذلك، فهذا يعطى حكم بنائها؛ لأن ترميمها ضروري.

    (2/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من تاب توبة صادقة ثم عاد إلى الذنب


    السؤال
    ما حكم توبة من تاب من ذنب ثم رجع إلى ذلك الذنب مرات عديدة، ثم تاب كذلك مرات عديدة وبعد ذلك منَّ الله عليه بالتوبة الصادقة، ولم يرجع إلى هذا الذنب أفتونا وفقكم الله؟

    الجواب
    توبة هذا المذنب صحيحة.
    التوبات الأولى والتوبات الأخيرة كلها صحيحة، لأنه كلما أذنب ذنباً ثم تاب إلى الله منه واستكمل شروط التوبة في حقه قبل الله يقبل توبته.
    فإذا دعته نفسه مرة أخرى وفعله فليتب ثانياً، وثالثاً ورابعاً؛ لقول الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} [الزمر:53] .
    لكن المهم أن تكون التوبة صادقة، وأن يكون عازماً على ألا يعود إلى هذا الذنب، وليست التوبة مهزهزة بأن يتوب وهو في قلبه نية للعودة إلى الذنب، فإن هذه التوبة ليست صحيحة.
    لكن إذا كانت توبة صحيحة وكان حين ترك الذنب عازماً على ألا يعود إليه، فإنه إذا عاد إليه مرة ثانية، لا تنهدم توبته الأولى، بل توبته الأولى صحيحة وكلما أذنب وتاب تاب الله عليه.

    (2/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من ماتت قريبتها بدون صيام شهر رمضان بسبب كذبها عليها


    السؤال
    امرأة في بادية قاعدة في بيتها لمرض بها لا يمنعها الصوم، ولكنها لا تعرف الأشهر سوى رمضان، وكانت تسأل امرأة قريبة لها: هل جاء رمضان أم لا؟ وذلك من أجل أن تصوم، ولكن قريبتها كانت سيئة فكذبت عليها وقالت: نحن في شهر شعبان ولم يأت رمضان، فصدقتها فلم تصم، وعلى إثر انقضاء رمضان ماتت فندمت هذه القريبة على ذلك، فهل تصوم عنها أو لا تصوم، أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء؟

    الجواب
    الظاهر لي أنها تصوم عنها؛ لأنها هي التي غرتها، ومن أتلف شيئاً فعليه ضمانه، وعليها أيضاً أن تتوب إلى الله عز وجل مما صنعت من تغرير هذه المرأة المسلمة الجاهلة، فلو صامت عنها فأرجو أن يكون ذلك كفارة لها عما صنعت فيها.

    (2/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم زيارة المقابر للرجال والنساء وحكم تخصيص يوم من الأيام بالزيارة


    السؤال
    زيارة المقابر هل تختص بيوم معين كالعيدين والجمعة أو في وقت معين من اليوم أما أنها عامة؟ وماذا يجاب عما ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح من أنها تزار في يوم الجمعة؟ وهل يعلم الميت بزيارة الحي له؟ ثم أين يقف الزائر من القبر؟ وهل يشترط أن يكون عنده أم يجوز ولو كان بعيداً عنه؟

    الجواب
    زيارة المقابر سنة في حق الرجال؛ لأنها ثبتت بقول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة) وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يزوروها.
    ولا تتقيد الزيارة بيوم معين، بل تستحب ليلاً ونهاراً في كل أيام الأسبوع، ولقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى البقيع ليلاً فزارهم وسلم عليهم.
    والزيارة مسنونة في حق الرجال، أما النساء فلا يجوز لهن الخروج من بيوتهن لزيارة المقبرة، ولكن إذا مررن بها ووقفن وسلمن على الأموات بالسلام الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن هذا لا بأس به؛ لأن هذا ليس مقصوداً، وعليه يحمل ما ورد في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، وبه يجمع بين هذا الحديث الذي في صحيح مسلم والحديث الذي في السنن أن الرسول عليه الصلاة والسلام (لعن زائرات القبور) .
    وأما تخصيص الزيارة بيوم الجمعة وأيام الأعياد فلا أصل له، وليس في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك.
    وأما هل يعرف من يزوره فقد جاء في حديث أخرجه أهل السنن وصححه ابن عبد البر وأقره ابن القيم في كتاب الروح: (أن من سلم على ميت وهو يعرفه في الدنيا رد الله عليه روحه فرد عليه السلام) .
    أما أين يقف الزائر؟ نقول: يقف عند رأس الميت مستقبلاً إياه، فيقول: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، ويدعو له بما شاء ثم ينصرف، وهذا غير الدعاء العام، الذي يكون لزيارة المقبرة عموماً، فإنه يقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم.

    (2/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم وضع المقصورة على النعش الذي فيه امرأة


    السؤال
    ما رأي فضيلتكم في المقصورة التي توضع على المرأة الميتة على نعشها؛ لتسترها، هل المرأة عورة حية وميتة؟ وهل هذه المقصورة من السنة؛ فإن كانت من السنة فلماذا لا تحيا ويعمل بها جزاكم الله خير الجزاء؟

    الجواب
    لا شك أن المقصورة إذا وضعت على نعش الميتة الأنثى أنه أستر لها؛ لأنه أحياناً تقدم جنائز من النساء يشاهد الإنسان حجم الميتة تماماً، ويتبين بذلك مقاطع جسمها، وهذا أمر لا يرغب فيه، وما يوجد في الحجاز ولا سيما في مكة من وضع (المكبة) التي تكون على النعش، لا شك أنه أستر وأبعد عن رؤية الميتة.
    أما جسم الأنثى فليس بعورة سواءً كانت حية أو ميتة، إلا إذا كان عليها ثياب لاصقة بالجسم ضيقة تبين مقاطع الجسم، فإن ذلك لا يجوز.

    (2/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ضرورة صبر المرأة عندما يتزوج زوجها عليها


    السؤال
    ما تقولون وفقكم الله فيما يقوله بعض الأزواج إذا تزوج زوجة أخرى، حيث يقول لزوجته الأولى: أنت بالخيار، تريدين الطلاق أو البقاء مع أولادك، فإذا لم ترد عليه فهل عليه في ذلك حرج؟ وكيف يكون حالها وهي لم تجبه بعد؟

    الجواب
    أولاً: يؤسفنا كثيراً أن بعض النساء إذا تزوج زوجها بزوجة أخرى فعلت أفعالاً لا تليق بها من الصراخ والمقاطعة والبغضاء ومطالبة الزوج بالطلاق أو بفراق الجديدة أو ما أشبه ذلك.
    والذي ينبغي للمرأة أن تهون على نفسها هذا الأمر؛ لأن هذا الأمر وقع من النبي صلى الله عليه وسلم ومن سادات المؤمنين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يومنا هذا، وإذا كان الله تعالى قد أجاز للرجل أن يتزوج إلى أربع فهو أعلم وأحكم وأرحم.
    فالذي ينبغي للمرأة أن تهون على نفسها هذا الأمر، وأن تصبر على ما نالها من المشقة، وألا تطالب الزوج بشيء.
    وفي ظني أن الزوج إذا وجد أرضاً لينة بالنسبة لزوجته الأولى، فسيكون ليناً، لكن بعض الزوجات إذا تزوج زوجهن عليهن ألزمنه بما يكره، وطالبنه بما يكره، وحينئذ يقول لها: أنت بالخيار إن شئت أن تبقي عند أولادك على ما يحصل مني فأنت صاحبة البيت، وإلا إذا شئت الطلاق أطلقك.
    ولو قال هذا فليس فيه شيء؛ لأن هذا هو الواقع، ولما كبرت سودة بنت زمعة إحدى أمهات المؤمنين ورأت من النبي صلى الله عليه وسلم الرغبة عنها صارت ذكية فوهبت يومها لـ عائشة أم المؤمنين؛ لأنها تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب عائشة فوهبت يومها لـ عائشة وبقيت ليس لها قسم؛ لأنها أسقطت حقها من القسم، ولكنها بقيت أمَّاً للمؤمنين رضي الله عنها.

    (2/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    واجبنا تجاه المسلمين في يوغسلافيا


    السؤال
    ما هو واجبنا تجاه المسلمين في يوغسلافيا؟ وهل من حرب النصارى هنا أن نبعدهم عن بلادنا؟

    الجواب
    أما الفقرة الثانية من السؤال فقد تقدم ما يدل عليها -أي: على جوابها.
    وأما الفقرة الأولى وهي موقفنا من إخواننا المسلمين في يوغسلافيا فالواجب علينا أن نبذل ما نقدر عليه من الدعاء لهم بالنصر وأن يكبت الله أعداءهم وأن يهدي الله ولاة أمور المسلمين حتى يقاطعوا كل من أعان من يقاتلهم على قتالهم.
    المسلمون لو قاطعوا كل أمة من النصارى تساعد الذين يحاربون إخواننا لكان له أثر كبير ولعرف النصارى وغير النصارى أن المسلمين قوة وأنهم يد واحدة، فموقفنا نحن كشعب من الشعوب أن ندعو الله لهم بالنصر وأن يذل أعداءهم -نسأل الله أن ينصرهم ويذل أعداءهم- وأن نبذل من أموالنا ما ينفعهم لكن بشرط أن نتأكد من وصوله إليهم؛ لأن هذه المشكلة هي التي تقف عقبة أمام الناس، من يوصل هذه الدراهم إليهم؟ وهل يمكن أن تصل إليهم؟ فإذا وجدنا يداً أمينة توصل المال إليهم؛ فإن بذل المال لهم سواء من الزكاة أو من غير الزكاة، لا بأس به، أقول: لا بأس به، بمعنى أنه ليس حراماً بل هو مطلوب؛ لأن نصرة المؤمنين في أي مكان من الأرض يعتبر نصرة للإسلام.

    (2/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الملابس الرياضية التي تحتوي على شعارات دول كافرة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ما تقولون فيما يفعله بعض الشباب من أبناء المسلمين اليوم في الألبسة التي يرتدونها للرياضة وهي تحمل شعارات لدول كافرة أو لبعض اللاعبين من الكفار أو فيها شعارات تعصب لبعض الفرق الرياضية الكافرة إعجاباً بهم؟ هل هذا من موالاة الكفار، أفتونا وفقكم الله؟

    الجواب
    قد يكون هذا ليس من موالاة الكفار ظاهراً، لكن من فعله فإن في قلبه من تعظيم الكفار ما ينافي الإيمان أو كمال الإيمان.
    والواجب علينا نحن المسلمين أن نقاطع مثل هذه الألبسة وألا نشتريها؛ وفيما أحل الله لنا من الألبسة شيء كثير؛ لأننا إذا أخذنا بهذه الألبسة صار فيها عز للكفار، حيث أصبحنا نفتخر أن تكون صورهم أو أسماؤهم ملبوساً لنا، هم يفتخرون بهذا، ويرون أن هذا من إعزازهم وإكرامهم.
    ثانياً: هم يسلبون أموالنا بهذه الألبسة، مصانعهم حامية وجيوبنا منفتحة لبذل الدراهم لهم، وهذا خطأ.
    الآن لو أنك ذهبت إلى بعض البيوت لوجدت المرأة عندها أكثر من عشرين ثوباً كلما ظهرت موضة اشترتها، وكذلك بالنسبة للاعبين، والذي أشير به على إخواننا هؤلاء أن يقاطعوا هذه الألبسة نهائياً، وأن يكتفوا بالألبسة التي تفصَّل هنا على الطراز الإسلامي الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.

    (2/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم دخول رجال النظافة إلى المستشفيات المخصصة للنساء


    السؤال
    يسأل عدد من الأسئلة حول موضوع المستشفيات المخصصة للنساء، هل من بشرى في ذلك؟ وهل من عزم على أن يخصص ذلك للنساء؟ وما حكم بعض المستشفيات الخاصة التي فيها قسم مخصص للنساء، ولكنه لا يُمنع دخول رجال النظافة إليه؟

    الجواب
    أنا أريد من السائل أن يوجه السؤال إلى المسئولين عن المستشفيات، أما أنا فليس عندي علم بذلك وإذا بشروه بهذا الاتجاه الذي يقوله، فليبشرنا به وسنعطيه البشارة إن شاء الله.
    أما بالنسبة للمستشفيات الخاصة التي يكون فيها قسم للنساء ولكن يدخلها رجال النظافة فإذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس به بشرط ألا يدخلوا على النساء على وجه الخلوة، بل يكونون في جناح ليس فيه نساء، ثم إذا نظفوه ينتقل النساء إلى هذا الجناح الذي حصل فيه التنظيف حتى ينظف الجناح الثاني، أو يطلب من أصحاب المستشفيات الخاصة أن يكون المنظفون للجناح الذي فيه النساء من النساء، وما أكثر النساء اللاتي يمكن أن يقمن بهذا العمل.

    (2/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم ذبح البهيمة المريضة


    السؤال
    إذا كان لدى الإنسان بهيمة مريضة ولا يريد أكلها فهل من السنة أن يذبحها أو أن يتركها بدون ذكاة؟ فقد كثر عند الناس أو شاع أنهم يقولون: أرحها بذبحها؟

    الجواب
    أما إذا كانت البهيمة للإنسان نفسه فإنها إذا مرضت مرضاً لا يُرجى برؤه ولا يمكن أن ينتفع بها فيما بعد فله أن يقتلها، وذلك لأن بقاءها يلحقه إثماً بعدم الصرف عليها؛ وإذا صرف عليها وهو لا يرجو نفعها لا حاضراً ولا مستقبلاً، صار في الإنفاق عليها ضياع للمال، ونحن منهيون عن إضاعة المال، فإذا قتلها استراح منها ولا حرج عليه في ذلك.
    أما إذا كانت البهيمة ليست له مثل أن يمر الإنسان ببهيمة في البر وهي متألمة من المرض، فإنه لا يقتلها، بل يدعها لله عز جل؛ لأن هذا ليس من فعله، وليس مسئولاً عن هذه البهيمة.

    (2/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم بيع التلفاز


    السؤال
    أعطاني رجل تلفازاً وأحرجني أن أبيعه له وهو معي الآن ولا أدري ماذا أفعل، هل أبيعه وإذا بعته فهل أكون آثماً؟ وهل قيمته حراماً؟

    الجواب
    التلفاز إذا بعته وأنا أخاطب السائل: إذا باعه الذي أعطي إياه على من يستعمله استعمالاً مباحاً -مثل أن يبيعه على بعض الذين يعرضون أفلاماً تنفع الناس- فإن هذا لا بأس به.
    أما إذا باعه على عامة الناس، فإنه يأثم بذلك؛ لأن أكثر الناس يستعملون التلفزيونات في الأشياء المحرمة.
    ولا شك أن ما يشاهد في التلفزيون منه شيء مباح، ومنه شيء نافع، ومنه شيء محرم ضار، وأكثر الناس لا يفرق بين هذا وذاك.

    (2/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    صلاة الجماعة للمسافر


    السؤال
    نحن مجموعة من الشباب جئنا إلى القصيم للعمل والدراسة، وفي كل إجازة أسبوع أو مناسبة نعود إلى أهلنا وبلدنا.
    فضيلة الشيخ! متى نعتبر مسافرين ويجوز لنا العمل برخص السفر إذا كنا في القصيم وإذا كنا في بلادنا وعند أهلنا؟ وهل يجوز لنا إذا اعتبرنا تواجدنا في القصيم سفراً أن نصلي جماعة في السكن ونقصر ولو كنا نسمع الأذان؟ وهل للقصر مدة معينة ومسافة محددة؟

    الجواب
    المسافر من أهله إلى بلد آخر يريد الدراسة هو في الحقيقة من مواطني البلد الأول، أي مواطن في بلده، حتى ينوي أنه انتقل منه إلى البلد الثاني واستوطنه، فإذا نوى أنه انتقل من وطنه إلى البلد الثاني واستوطنه صار رجوعه إلى بلده سفراً.
    وأما إذا اعتبر البلد الثاني بلد إقامة للحاجة متى انتهت الحاجة رجع إلى أهله، فإنه مسافر سواء طالت المدة أم قصرت، وسواء حدد المدة أم لم يحدد، ما دامت إقامته مربوطة بشيء معين، متى انتهى رجع إلى أهله.
    ولكن إذا كان في بلد تقام فيه الجماعة فالواجب عليه حضور الجماعة، ولا يحل له أن يتخلف وهو بين المساجد، وما اشتهر عند بعض العامة أن المسافر لا تجب عليه صلاة الجماعة ولا الجمعة فإنه خلاف الصحيح؛ لأن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:9] .
    والمسافر داخل في المؤمنين بلا شك، فيجب عليه الحضور، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر) .
    والمسافر المقيم في البلد التي يؤذن فيها سامع للنداء فعليه أن يحضر.
    ولا تسقط صلاة الجماعة عن المسافر، فقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصلي بالمسلمين في السفر في حال القتال، كما قال تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ.
    } [النساء:102] إلى آخر الآية.
    فإذا فاتتك الجماعة وصليت وحدك فلك أن تقصر.
    وعلى هذا فلا يحل لهؤلاء الجماعة أن يصلوا في بيوتهم مع أنهم بين المساجد، بل الواجب أن يصلوا في المسجد.
    هذا الذي نراه في هذه المسألة، ولكن كثيراً من أهل العلم يقولون: إن الإنسان إذا نوى إقامة محددة انقطع السفر في هذه المدة، فمنهم من يقول: المدة أربعة أيام، ومنهم من يقول: المدة خمسة عشر يوماً، ومنهم من يقول: المدة تسعة عشر يوماً، وهم مختلفون في هذه المسألة على أكثر من عشرين قولاً، ولكن كل قول ليس عليه دليل فإنه لا عبرة به.
    فهل النبي صلى الله عليه وسلم حدد للأمة حداً إذا نوى الإنسان الإقامة في هذه المدة فهو مسافر وإن زاد عليها فهو مقيم؟ هذه تحتاج إلى دليل، ولا دليل فيما نعلم على أن الرسول صلى الله عليه وسلم حدد المدة، بل كل من بقي في بلد ينتظر حاجته متى انقضت حاجته رجع إلى أهله، فإنه يعتبر مسافراً غير مقيم؛ لأن إقامته مقيدة، لو سئل هل أنت مقيم دائماً؟ قال: لا.
    أنا مقيم لحاجة متى انتهت رجعت إلى بلدي.

    (2/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التوكيل للنساء في رمي الجمار


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ما رأيك في النساء اللاتي لا يستطعن رمي الجمار ليس عجزاً ولكن خوفاً من أن يحدث لهن شيء ما رأيك في توكيلهن وعدم رميهن؟

    الجواب
    الذي أرى أنه لا يجوز التوكيل في رمي الجمرات إلا عند الضرورة، وذلك لأن رمي الجمرات من شعائر الحج، وقد قال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] والخوف من الزحام يرتفع برمي الإنسان في الليل، فإن الرمي في الليل جائز وليس فيه بأس، بل قد يكون الرمي في الليل أفضل من الرمي في النهار إذا كان رميه في الليل أخشع لله وأشد طمأنينة واستحضاراً للعبادة، فإن الليل حينئذ يكون أفضل؛ ولهذا رخص النبي صلى الله عليه وسلم للضعفة من أهله في ليلة المزدلفة أن يتقدموا ويرموا، فكان الذين يتقدمون يرمون في الليل متى وصلوا إلى منى.
    وأما ما ورد من نهيهم عن الرمي حتى تطلع الشمس فإنه ضعيف لا تقوم به حجة.
    ويدل على أن مراعاة العبادة أولى من مراعاة وقتها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم) فأمر بتأخير الصلاة عن أول وقتها مع إنه أفضل من أجل أن يقوم الإنسان في صلاته وهو مستحضر لها مطمئن فيها.

    (2/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الدفع من مزدلفة بعد منتصف الليل من غير عذر والرمي قبل طلوع الشمس


    السؤال
    إذا خرج الحاج من مزدلفة بعد منتصف الليل من غير عذر ورمى بعد الفجر قبل طلوع الشمس فماذا عليه؟

    الجواب
    الذي يظهر من السنة أن الدفع من مزدلفة ليس مقيداً بنصف الليل، إنما هو مقيد بآخر الليل، وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها تقول لغلامها: [انظر القمر هل غاب؟ فإذا غاب القمر دفعت من مزدلفة] ومعلوم أن غروب القمر ليلة العاشر لا يكون إلا في نحو ثلثي الليل، يعني: لا يبقى من الليل إلى الثلث، وتقييد بعض العلماء بالنصف ليس عليه دليل، فالصواب أن الحكم مقيد بآخر الليل، فإذا كان آخر الليل فليدفع.
    لكن هل يجوز الدفع في آخر الليل لمن له عذر ولمن لا عذر له؟ نقول: أما في وقتنا الحاضر فلا شك أن أكثر الناس معذور؛ لأن الزحام الشديد الذي يكون عند رمي الجمرة بعد طلوع الشمس يخشى منه وكم من أناس هلكوا وماتوا في هذا الزحام، فإذا تقدم الإنسان من مزدلفة ورمى الجمرة -إذا وصل إلى منى - فلا حرج عليه، لكن الإنسان القوي الأفضل له أن يفعل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فيبقى في مزدلفة ولا ينصرف منها إلا إذا أسفر جداً.

    (
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,464
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    20-05-2024
    على الساعة
    01:51 AM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [3]
    في هذه المادة تفسير بعض الآيات من سورة (ق) ، مع ذكر بعض الفوائد بشيء من البسط والتيسير، ثم يتبعها بالإجابة عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

    (3/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تفسير قوله تعالى: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ)
    الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق، فبلَّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: أيها الإخوة: فإن هذا هو اللقاء الشهري الذي ينظمه مكتب الدعوة في الجامع الكبير في عنيزة، وهذا اللقاء في هذا الشهر يصادق ليلة الخامس عشر من شهر جمادى الثانية عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل مثل هذه اللقاءات لقاءات خير وبركة.
    كنا تكلمنا على تفسير قول الله تبارك وتعالى في سورة: (ق) (والقرآن المجيد) إلى قوله: {وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} [ق:11] .
    قال الله تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} [ق:12-14] هذه الآيات فيها فائدتان: الفائدة الأولى: تسلية النبي صلى الله عليه وسلم، وأن تكذيبه ليس ببدع من الخلق، فالخلق من قبل الأمة التي بُعث فيها الرسول كذبوا رسلهم.
    والفائدة الثانية: تهديد هؤلاء المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام، أن يصيبهم ما أصاب الأمم من قبلهم، فهنا يقول الله عز وجل: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} [ق:12] فمن نوح؟ نوح أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض، وكان الناس من قبل على دين آدم، وآدم نبي وليس برسول؛ لأن الناس لم يختلفوا حتى يُرسلَ إليهم رسولٌ يحكم بينهم.
    كان الناس على هذه الملة عشرة قرون كما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما، فاختلفوا لأنهم كثروا ونموا وتنازعوا فاحتاجوا إلى الرسل، فأرسل الله إليهم الرسل، وأول من أرسل نوحاً، أرسله إلى قومه ولبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى الله ولا يزيدهم ذلك إلا طغياناً، قال تعالى: {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ.
    } [نوح:8-10] إلى آخره.
    وأنزل الله في قصة نوح سورة كاملة؛ لأنه أول رسول وأول من كُذب، بقي فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، وتوعدهم ولكن لم ينفعهم هذا الوعيد شيئاً، وأوحى الله تعالى له أن يصنع سفينة عظيمة، تحسباً لما سيقع، فجعل يصنع هذه السفينة، وكلما مر به ملأ من قومه سخروا منه، فقال لهم: {إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [هود:38-39] .
    ولم يؤمن معه إلا قليل من قومه، وكفر به من قومه أحد أبنائه، ابنه الذي هو من صلبه يكفر به، وسبحان الله ما أعظم قدرة الله! نبي كفر به ابنه، ونبي آخر كفر به أبوه، من الذي كفر به أبوه؟ إبراهيم: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} [الأنعام:95] .
    كفر به قومه، وما آمن معه إلا قليل، مع أنه بقي ألف سنة إلا خمسين عاماً، ونحن مساكين إذا دعا الرجل أهله لمدة يومين فلم يستجيبوا له، يمل ويكل ويترك الدعوة، ولكن الرسل لهم صبر لا يماثله صبر: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف:35] ونوح من أولي العزم.
    النتيجة أهلكهم الله عز وجل، بماذا؟ قال الله تعالى: {فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ} [القمر:9-12] الماء النازل من السماء والماء النابع من الأرض: {عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر:12] في قراءة أخرى: {فَفَتَّحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ} [القمر:11] ففتَّحنا، والتضعيف يدل على الكثرة، يعني: جعلنا السماء كأفواه القرب تصب المياه، وجعلنا الأرض تجيش بالمياه، ولم يقل الله فجرنا عيون الأرض بل قال: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً} [القمر:12] كأن الأرض كلها صارت عيوناً.
    وقد بين الله تعالى أن التنور الذي هو مكان النار الحارة اليابسة فار، فوصل الماء إلى قمم الجبال، وكانت امرأة من هؤلاء الكافرين معها صبي كلما ارتفع الماء صعدت على جبل حولها، كلما ارتفع صعدت الجبل، كلما ارتفع صعدت الجبل، حتى وصلت إلى قمة الجبل، ولما وصلت إلى قمة الجبل، وصلها الماء حتى ألجمها فرفعت صبيها عالياً من أجل أن تغرق هي قبل الصبي، وفي الحديث: (لو كان الله راحماً أحداً لرحم أم الصبي) لكن إذا نزل العذاب لا ينفع الإيمان، إذا نزل العذاب حلت حكمة عز وجل محل الرحمة، ولهذا لما غرق فرعون وأدركه الغرق قال: {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:90] .
    انظر إلى كمال الذل ما قال: آمنت بالله، وإنما قال: آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل فجعل نفسه تبعاً لبني إسرائيل، الذي كان يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم، أصبح الآن ذيلاً لهم، ولكن ما نفعه ذلك، وقيل له: {آلْآنَ} يعني: تؤمن {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس:91] .
    المهم أن هذه خلاصة رسالة نوح عليه السلام، وهنا نقطة: أننا نجد في بعض الشجر التي ترسم أسماء الأنبياء يجعلون إدريس قبل نوح، وهذا خطأ كبير، فإدريس ليس قبل نوح، بل هو من بني إسرائيل؛ لأن الله يذكر قصته مع قصة أنبياء بني إسرائيل، ولا يمكن أن نقول: إنه قبل نوح والله عز وجل يقول: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء:163] ويقول جل وعلا: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ} [الحديد:26] فما من رسول قبل نوح.
    وفي الحديث الصحيح حديث الشفاعة أن الناس يأتون نوحاً يوم القيامة ليشفع لهم فيقولون له: أنت أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض المسألة بينة واضحة ونكتفي بهذا القدر على قصص الأنبياء حتى نكملها إن شاء الله في جلسات قادمة.

    (3/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تفسير آيات من سورة الشعراء

    (3/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تفسير قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
    ونعرج إلى آية قرأناها في الصلاة، وهي قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:192-195] الضمير في قوله: (وإنه) يعود إلى القرآن الكريم، وهذ الجملة مؤكدة بإن واللام: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:192] فهو منزل من عند الله عز وجل.
    إذاً هو كلام الله أنزله إلينا.
    ولله المثل الأعلى: المراسيم الملكية إذا نزلت من البلاط الملكي أو من الديوان الملكي صار لها شأن كبير، وصار الذي يخالف نصها أو لفظها معرضاً للعقوبة.
    وهذا القرآن الكريم نزل من عند من؟ من عند الله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير:19-20] نزل من عند الله.

    (3/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تفسير قوله تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ)
    {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء:193] وهو جبريل وسماه الله روحاً؛ لأنه ينزل بالروح.
    {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى:52] يعني: القرآن، فهو ينزل بالوحي الذي هو حياة القلوب وروح القلوب: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء:193] أمين أمانة عظيمة، وليس كما قيل: إنه أرسل إلى علي بن أبي طالب فأخطأ وذهب إلى محمد، سبحان الله! أمين مؤتمن: {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير:20] كيف يخطئ في الرسالة، ويقره الله على ذلك حتى يموت محمد عليه الصلاة والسلام.

    (3/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تفسير قوله تعالى: (عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ)
    {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء:193-194] وهنا قال: على قلبك وفي آيات أخرى يقول: (عليك) .
    لماذا قال على قلبك؟ لأن القلب محل الوعي، فالرسول صلى الله عليه وسلم وعى هذا القرآن ولم يسقط منه حرفاً ولا كلمة ولا آية، وكان عليه الصلاة والسلام إذا نزل عليه الوحي يتعجل، يقرأ، يتابع جبريل، فقيل له: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} [القيامة:16-18] يعني قرأه جبريل الذي هو رسولنا إليك: {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة:18-19] من تكفل ببيانه؟ الله عز وجل ونعم الكفيل.
    تكفل بأن يبين هذا القرآن لعباده لفظاً ومعنى، ولهذا لا يوجد في القرآن كلمة لا يفهم أحد معناها، بمعنى أن الأمة كلها تطبق على عدم معرفتها، هذا لا يمكن، صحيح أن من القرآن ما يخفى على بعض الناس دون بعض، وهذا واضح، لكن لا يمكن أن يوجد في القرآن شيء لا تفهمه الأمة كلها أبداً: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة:19] فتكفل الله عز وجل أن يبين للناس هذا القرآن لفظاً ومعنى وهذا الواقع والحمد لله.
    فكتاب الله منذ نزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإلى يومنا هذا وهو محفوظ -ولله الحمد- بحفظ الله، فمن زعم أنه قد نقص منه حرف واحد غير ما اختلف فيه القراء من بعض الحروف التي مثل الواو قد تسقط في بعض القراءات أو الفاء أو ما أشبه ذلك - من زعم هذا فإنه مكذب للقرآن وإجماع الأمة، ليس في القرآن نقص، القرآن تلقاه الرسول من جبريل وأبلغه للصحابة ونعم الصحابة الأمناء، وألقوه إلى التابعين ثم بقي يأخذه الصغير عن الكبير إلى يومنا هذا ولله الحمد.
    {لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} [الشعراء:194] وقد كان عليه الصلاة والسلام من المنذرين، وكان أفضل المنذرين وأصبر المنذرين وأعلم المنذرين وأخشى المنذرين لله.
    بأي لسان؟

    (3/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تفسير قوله تعالى: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)
    {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:195] وهذا فخر عظيم للسان العربي؛ أن يكون كتاب الله العظيم نزل بهذا اللسان العربي، ومع ذلك لسان عربي مبين، مبين أي: بيِّن مبيِّن، فهو نفسه بيِّن وهو كذلك مبيِّن لغيره.
    فهذا القرآن بين واضح ومبين للحق أيضاً {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:195] وهو لسان العرب الذي هم أبلغ البلغاء، وأقول: إن هذا فخر عظيم للغة العربية أن ينزل القرآن بها، ولقد تعربت الأعاجم في صدر الإسلام حتى يصلوا إلى معاني القرآن؛ لأنه مهما كان الإنسان في فهمه إذا لم يكن لسانه عربياً فإنه لن يدرك طعم القرآن تماماً.
    لن يدرك طعم القرآن إلا من وفقه الله للفهم وكان لسانه لساناً عربياً، ولهذا تعربت الأمم في صدر الإسلام حتى صاروا عرباً فصحاء في الكلام، فـ البخاري نسبه فارسي من بخارى، بعيد عن العرب، لكنه تعرب، وكذلك الفيروزآبادي الذي له القاموس المحيط في اللغة العربية أصله غير عربي لكنه تعرب؛ لأنه لا يمكن أن يفهم كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا باللسان العربي.
    وكانت اللغة العربية مزدهرة في صدر الإسلام، فالعجم يتعلمونها حتى يكونوا عرباً بلسانهم، ولكن الآن -مع الأسف الشديد- أن أقوامنا العرب يريدون أن يقضوا على لغتنا العربية، لغة الإسلام، الآن في رياض الأطفال مع الأسف هنا في المملكة العربية السعودية يعلمون الصبيان الصغار اللغة الإنجليزية أكثر مما يعلمونهم اللغة العربية.
    وسبحان الله! أيريدون أن يخرج أبناؤنا وأطفالنا غداً باللغة الإنجليزية البعيدة عن اللغة العربية، حتى يصبحوا لا يفقهون كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم سوف يعشقون هذه اللغة ويتكلمون بها؟! ولهذا أنا أنصح كل ذي طفل أن يبتعد عن هذه الرياض وألا يدخل أبناءه فيها ولا بناته؛ لأنه مسئول عنهم، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب الناس إذا رطنوا رطانة الأعاجم، كيف تذهبون عن اللغة العربية لغة دينكم وكتابكم وسنة نبيكم إلى لغة أعجمية؟ إذا كان الدين ضعيفاً في عهدنا هذا، واللغة الأجنبية معشوقة يعلمها الصبيان من ذكور وإناث ماذا تكون الحال في المستقبل؟ خطيرة بلا شك.
    أنرضى أن يكون شعبنا غداً لا يتخاطب إلا باللغة الإنجليزية؟ لا أحد يرضى بذلك، وثقوا بأننا إذا علمنا أبناءنا اللغة الإنجليزية، فهو فخر للإنجليز مثلاً، هم يفخرون أن لغتهم يتعلمها العرب حتى يدعوا لغتهم العربية، فنصيحتي من هذا المكان لله -عز وجل- ولإخواني المسلمين أن يبتعدوا عن هذه الرياض ما دامت على هذه المناهج، والحمد لله في المدارس الحكومية ما يغني عنها، اصبر ودع ولدك حتى يتم السن الذي يؤهله لدخول المدرسة الابتدائية مثلاً واجعله يدخل، وإذا كنت تريد مصلحة ابنك فاجلس معه ساعة من النهار أو ساعة من الليل علمه الفاتحة علمه السور القصيرة من القرآن الكريم علمه ما يحتاج إليه في وضوئه وصلاته، حتى تنشئه تنشئة دينية صحيحة، أما أن تدخله رياضاً لا نعلم عن مناهجها، وإن كنا لا نسيء الظن، لكن أدنى ما فيها أنها تعلم اللغة الإنجليزية لهؤلاء الصبيان، وغداً تقلب ألسنتهم ألسنة أجنبية.
    لماذا؟ ألا نخاف الله؟ ألم يعلم الواحد منا أن كل شخص قد استرعاه الله ورسوله على أهله، الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، فإذا مات الإنسان وهو غاش لرعيته، أي: لأهله حيث لم يوجهم التوجيه السليم، فقد جاء في الحديث أنه: (ما من مسلم يسترعيه الله على رعيته فيموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة) وهذه مسألة ليست هينة، أولادنا لسنا نربيهم ليؤكلوننا إذا عجزنا بعد عن تحصيل الأكل، إنما نربيهم ليقوموا لله عز وجل وليعبدوا الله، فنحن مسئولون عنهم من هذه الناحية.
    أما مسألة الترف والتنعيم الدنيوي فاستمع إلى قول الله تعالى في نفس الآيات التي قرأناها الليلة: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء:105-207] وقال تعالى في آل فرعون: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ} [الدخان:25-27] لما عصوا الله تركوا كل هذا وهلكوا، وتركوها وراء ظهورهم.
    فالله الله أيها المسلمون لا نغلب على لغتنا؛ لأن لغتنا من مقومات ديننا، هي لغة كتاب الله ولغة سنة رسول الله لغة أئمة المسلمين لغة علماء المسلمين وليكن على أقل تقدير لدينا نخوة عربية.
    لا نأخذ بدل لغتنا شيئاً، فإني الآن أبرأ إلى الله من أولئك القوم الذين يدخلون أبناءهم مثل هذه الرياض حتى يتعلموا اللغة الإنجليزية من الصغر، وحتى ينسوا لغتهم العربية، وأرى أنهم متحملون للمسئولية أمام الله عز وجل، وأن هذا له خطره العظيم في المستقبل.
    وأرجو منكم أن تبلغوا هذه النصيحة لكل من رأيتموه قد أدخل أبناءه أو بناته لهذه الرياض التي فيها مثل هذه المناهج.
    وأقول: اصبروا اجعلوا أولادكم عندكم في البيوت يألفونكم وتألفونهم، ويحبونكم وتحبونهم، ثم إذا بلغوا السن التي تخولهم أن يدخلوا المدارس الحكومية فأدخلوهم، وأنتم لم تدخلوا الرياض والحمد لله أنتم على مستوى عظيم من الثقافة، فأبناؤكم مثلكم، هذا ما أقوله وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب.
    والآن قد أتى دور الأسئلة نسأل الله أن يوفقنا فيها للصواب.

    (3/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (3/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الحكمة في العذاب تقوم مقام الرحمة


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ذكرت أنه إذا جاء العذاب حلت الحكمة مكان الرحمة، فهل يجوز أن يقال: إن الحكمة في تلك اللحظة تقوم مقام الرحمة؟

    الجواب
    نعم نقول ذلك؛ لأن عذاب الكافرين ليس رحمة في الواقع للمعذَّب، لأنه مات الآن، لا يمكن أن يستعتب، لكن هي من الواقع رحمة للمؤمنين؛ لأن المؤمن إذا رأى عدوه يعذب من عند الله لا شك أنه يفرح وينعم بذلك، ولهذا قال الله تعالى لنبيه: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا} [التوبة:52] .
    فبين الله عز وجل أن المؤمنين لا يتربص بهم أعداؤهم إلا إحدى الحسنيين، إما الظفر والانتصار على الأعداء وإما الشهادة وكلاهما حسنى، أما نحن فلا نتربص بالكفار إلا أحد أمرين: أن يصيبهم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ولكن متى يكون هذا؟ إذا قمنا بما يجب لله علينا؛ فإنه سوف يصيبهم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا.
    أما إذا كان الأمر بالعكس -نسأل الله العافية- وأهملنا ما يجب علينا، فإن الأمر قد يكون بالعكس.

    (3/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أصبر الرسل (محمد صلى الله عليه وسلم)


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ذكرتَ وفقك الله أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أصبر الرسل، وقد ذكر الله تعالى أن نوحاً عليه الصلاة والسلام صبر في دعوته لقومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، وأيوب أيضاً ذكر أنه كان له شيء من الصبر، فما الجمع بين هذا وما ذكرتم وفقكم الله؟

    الجواب
    الصبر لا يكون أعلى بحسب الكمية وطول المدة، بل قد يكون أعلى بحسب الكيفية وما حصل لمن أصيب بأذى، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم حصل له من الأذى الشديد ما كان به أصبر الرسل أو على الأقل ما كان به مثل صبر أولي العزم؛ لأن الله قال له: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف:35] وإلا فمن المعلوم أن الله تعالى ابتلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام بإلقائه في النار إلا أن الله أنجاه منها فقال: {يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء:69] .

    (3/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مراجع لمعرفة قصص الأنبياء


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ما هو المرجع الذي تنصحنا به لمعرفة قصص الأنبياء وتفصيلاتها؟

    الجواب
    المرجع هو كتاب الله عز وجل، قال الله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} [إبراهيم:9] إذاً: من أين نأخذ تاريخهم؟ نأخذه من كتاب الله، ومما ألقاه الله عز وجل من الوحي على رسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهذا هو المرجع الصحيح.
    لكن بالنسبة للكتب المؤلفة فيما مر عليَّ أن أحسن كتاب يرجع إليه في ذلك هو البداية والنهاية لـ ابن كثير؛ لأنه رجل محدث ومحقق، فهو من خير من كتب في تاريخ الرسل وأممهم، فالمرجع إليه جيد، لكن كما قلت المرجع الأول هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله.

    (3/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الجواب على ما أشكل من الحروف المقطعة في القرآن


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أشكل عليَّ حين قلت بأنه لا يوجد في القرآن شيء لا يعرفه أحد من علماء الأمة أو أجمع الناس على عدم معرفته، فماذا نجيب على الحروف المقطعة (ألم) و (ق) و (يس) وغيرها مما كان فيه الخلاف وأشكل على أهل العلم؟

    الجواب
    نجيب على هذا أنه لا إشكال في هذا إطلاقاً؛ لأن الله تعالى قال: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:195] ومن المعلوم أن هذه الحروف دون تركيبها كلمات ليس لها معنى.
    (ق) ليس لها معنى، (ص) ليس لها معنى، (ن) ليس لها معنى، (ألم) ليس لها معنى، فهي بمقتضى اللسان العربي ليس لها معنى، لو قال لك الرجل العربي: (ق) وهو يريد الحرف الهجائي هل له معنى؟ ليس له معنى.
    إذا كان ليس لها معنى والله عز وجل أخبرنا أن القرآن نزل بلسان عربي مبين علمنا أنه ليس لها معنى، لكن على هذا يبقى عندنا إشكال: كيف يكون في القرآن ما ليس له معنى والقرآن حق؟ نقول: نعم ليس لها معنى في ذاتها، لكن لها معنى في غرضها ومغزاها، كأن الله عز وجل إذا قال (ق) (ن) (ص) وما أشبه ذلك كأنه يقول: هذا الكتاب العظيم الذي أعجزكم أيها العرب لم يأت بحروف جديدة، فالحروف التي فيه هي الحروف التي تركبون منها كلامكم ومع ذلك أعجزكم، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يوجد سورة مبدوءة بهذه الحروف إلا وبعدها ذكر القرآن أو ما لا يعلم إلا بالوحي.
    هل فهمت القاعدة؟ نبدأ من الأول: في سورة البقرة: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة:1-2] .
    في سورة آل عمران: {الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران:2] .
    في سورة الأعراف: {المص * كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ} [الأعراف:2] .
    في سورة يونس: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [يونس:1] .
    في سورة هود: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود:1] .
    في سورة يوسف: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} [يوسف:1] .
    في سورة إبراهيم: {الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [إبراهيم:1] وهلم جرا.
    في الروم: {الم * غُلِبَتْ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ} [الروم:1-3] لكن فيها علم الغيب {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم:3] وعلم الغيب لا يكون إلا بالوحي.
    في العنكبوت: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت:1-2] ليس فيها ذكر القرآن لكن فيها ذكر من حملوا الإيمان: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [العنكبوت:2-3] .
    فكانت هذه الحروف الآن هي بنفسها ليس لها معنى، لكن لها مغزى وغاية وحكمة عظيمة، وهي أن هذا القرآن الذي أعجزكم يا معشر العرب من أين جاء؟ جاء بحروف جديدة لا تعرفونها أو بالحروف التي أنتم تركبون الكلام منها، الثاني أو الأول؟ الثاني.
    وهذا واضح.
    وقد روي هذا عن مجاهد بن جبر رحمه الله أعلم التابعين في تفسير القرآن.

    (
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,464
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    20-05-2024
    على الساعة
    01:51 AM

    افتراضي

    حكم تعلم اللغة الإنجليزية


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أشرتم وفقكم الله إلى تعلم اللغة الإنجليزية فهل يعني هذا أنكم تحرمون تعلم اللغة عموماً أم هناك تفصيل؟ ثم هناك حديث: (من تعلم لغة قوم أمن مكرهم) كيف نوفق بين هذا وبين هذا الحديث؟

    الجواب
    أما تعلم اللغة غير العربية فهذا ليس حراماً، بل قد يكون واجباً إذا توقفت دعوة غير العربي على تعلم لغته، بمعنى أننا لا يمكن أن ندعوه للإسلام إلا إذا عرفنا لغته لنخاطبه بها صار تعلم لغته فرض كفاية؛ لأنه لا بد أن نبلغ هؤلاء الأعاجم -وأعني بالأعاجم ما ليسوا بعرب- دين الله وبأي وسيلة؟ بلغتهم كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم:4] فأحياناً يكون تعلم اللغة الأجنبية واجباً إذا توقفت دعوة أهل هذه اللغة على تعلم لغتهم.
    لكن الذي أنكره وأرى أننا على خطر منه أن نعلم أبناءنا الصغار ذوي الخمس سنين وأربع سنين وما أشبه ذلك اللغة الإنجليزية حتى تكون لسانهم الطيع في المستقبل، هذا هو الذي أنكره، وإلا إذا دعت الحاجة إلى تعلم اللغة الإنجليزية لدعوة الناس إلى الإسلام صارت فرض كفاية، وإن دعت الحاجة لأمور دنيوية مباحة صار تعلمها مباحاً.
    وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود، ولغة اليهود عبرية، وكانت تأتي رسائل من اليهود إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يبعث إليهم بالرسائل، فاحتاج إلى تعلم لغتهم حتى يقرأ ما يرد منهم ويكتب لهم ما يصدر إليهم.
    قال شيخ الإسلام: إن زيد بن ثابت تعلمها في ستة عشر يوماً، يقول شيخ الإسلام: تعلمها في هذه المدة الوجيزة؛ لأن اللغة العبرية قريبة من اللغة العربية، وهذا صحيح، ثم إن العرب فيما سبق كانوا أحسن منا وأصح أفهاماً وأقوى حفظاً، يأتي الشاعر يلقي قصيدة تبلغ مائة بيت ثم ينصرف ويحفظها الناس، نحن الآن لو ألقي بيت واحد على طلبة جاءوا للتعلم مرة واحدة، كم يحفظه منهم؟ يمكن واحد أو لا أحد.
    على كل حال أقول: إن الذي أنكره وأرى أننا على خطر منه هو أن نعلِّم أبناءنا الصغار اللغة الإنجليزية، لأنها ستكون لساناً لهم، ويخشى عليهم أيضاً من تعلم اللغة الإنجليزية هل يقف هذا التعلم على مجرد النطق؟ لا.
    أبداً، سوف يأخذ الكتب المؤلفة باللغة الإنجليزية ويقرأ الأدب الإنجليزي أو أدب غيرهم ممن وافقهم في اللغة ويحصل شر كثير، فليس مجرد أن اللسان يتغير، لا.
    الإنسان يريد أن يطالع الكتب التي من هذه اللغة حتى يتمرن على القراءة في هذه اللغة، وحتى يتمرس اللسان على النطق بها، وما ندري ما وراء هذه الكتب، ويذكرون عن الكتب التي تكتب من أجل تعليم اللغة الإنجليزية أشياء سيئة.
    وأما قول الأخ في السؤال: إنه في الحديث: (من تعلم لغة قوم أمن مكرهم) فهذا الحديث موضوع مكذوب، ليس بصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، حتى بالمعنى لا يصح، هل أنت إذا تعلمت لغة قوم أمنت مكرهم؟ لا.
    ولهذا نحن الآن عرب هل نأمن مكر العرب بنا؟ لا نأمن، مع إننا من أهل لغتهم.

    (3/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كذب حديث: (أول ما خلق الله خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نوره)


    السؤال
    فضيلة الشيخ! يشاع عند بعض الناس حديث موضوع بأن أول ما خلق الله خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نور رسول الله صلى الله عليه وسلم نرجو التعليق على هذا وما مدى صحته؟

    الجواب
    هذا أيضاً من الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والله عز وجل يقول: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ} [الكهف:51] فإذا كنا لم نشهد ذلك فمن أين نتلقاه؟ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، والله تعالى أخبرنا بأن أول من خلق من البشر آدم عليه الصلاة والسلام، خلقه من طين وجعل نسله من سلالة من ماء مهين، ولا صحة لما يقال.
    والنبي عليه الصلاة والسلام أهل للرسالة والله أعلم حيث يجعل رسالته، وازداد برسالته عليه الصلاة والسلام هدى وتوفيقاً ورشاداً وسداداً، وكان خُلُقه القرآن عليه الصلاة والسلام.

    (3/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مدى صحة قول ابن عباس: (إن القرآن نزل في رمضان جملة واحدة إلى السماء الدنيا)


    السؤال
    فضيلة الشيخ! حول موضوع القرآن الذي تكلمتم عنه جزاكم الله خيراً ينسب إليكم قول ولا أدري ما صحته وأريد منكم بيانه ينسب إليكم أنكم ضعفتم قول ابن عباس رضي الله عنهما بأن القرآن أنزله الله في رمضان جملة واحدة إلى السماء الدنيا فهل هذا صحيح؟ وهل من دليل على خلافه؟

    الجواب
    نعم الأدلة على خلافه، وأن الله سبحانه وتعالى يتكلم بالقرآن حين إنزاله على محمد صلى الله عليه وسلم، والدليل على أنه يتكلم به حين إنزاله أنه يتكلم سبحانه وتعالى عن حوادث وقعت، مثل قوله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} [آل عمران:121] وإذ ظرف لما مضى، يتحدث الله عز وجل عن شيء مضى من الرسول عليه الصلاة والسلام، وقوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة:1] هل يصح أن يقال: قد سمع في شيء لم يخلق صاحبه من بعد، لا يكون سمع إلا بعد صوت، وهذا يدل على أن الله تكلم بهذه الآية بعد أن تكلمت التي تجادل: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران:181] لقد سمع واللام مؤكدة وقد مؤكدة والقسم المحذوف مؤكد أنه سمع قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء، فتكون هذه الآية نزلت بعد قولهم، وأمثال ذلك من السياقات الدالة على أن الله تعالى تكلم بالقرآن حين إنزاله على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
    فهذا هو الذي يجعلني أشك في صحة الحديث المروي عن ابن عباس رضي الله عنه وعن أبيه أن القرآن نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا في بيت العزة، وهذا يحتاج إلى أحاديث صحيحة لا نشك فيها حتى نضطر إلى تأويل الآيات التي تدل على أن القرآن نزل بعد حدوث الحوادث التي يتكلم الله عنها.

    (3/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أهمية الاعتدال في الحكم على الرجال


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ظهر عند بعض الشباب الملتزم ظاهرة نريد فيها فصلاً، وهي أن بعضهم يقول: بأن أي كاتب صار في كتابه بدعة أو صار هو ممن يتكلم في شيء من البدع أو عليه ملاحظات في عقيدته فإنه لا يقبل قوله بل يرد، وأنه لا يترحم عليه، وكذلك ظهر عندهم تكفير الناس بأي معصية يرونها أو لأي تقصير فيهم، نرجو بيان الحق في ذلك وفقكم الله.


    الجواب
    السؤال الآن من شقين: الشق الأول: إذا تكلم أحد من العلماء ببدعة أو سلك منهج قوم مبتدعة في مسألة من المسائل فهل يعد منهم؟ الجواب: لا.
    لا يعد منهم ولا ينسب إليهم، إذا وافقهم في مسألة من المسائل فإنه وافقهم في هذه المسألة، ولا يصح أن ينسب إليهم نسبة مطلقة، ولهذا مثلاً: نحن الآن نتبع في فقهياتنا ما ذهب إليه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، لكن هل إذا أخذنا برأي يراه الشافعي معناه أنا نكون شافعية مثلاً أو يراه مالك أن نكون مالكية، أو يراه أبو حنيفة أن نكون حنفية، كذلك هم أيضاً إذا أخذوا بمسألة يقول بها الإمام أحمد هل يكونون حنابلة؟ لا.
    فإذا رأينا شخصاً من العلماء المعتبرين المعروفين بالنصيحة أخذ بشيء مما ذهب إليه أهل البدع لا يصح أن نقول: هو منهم وعلى مذهبهم، نقول: هذا بما نرى له من النصيحة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعباد الله إذا أخطأ في هذه المسألة، فإن ذلك الخطأ صادر عن اجتهاد، ومن اجتهد من هذه الأمة فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد.
    ومن ردَّ جميع الحق لكلمة أخطأ فيها من قال بالحق فإنه ظالم، خصوصاً إذا كان هذا الخطأ الذي ظنه خطأً ليس بخطأ؛ لأن بعض الناس إذا خالفه أحد قال: هو على خطأ وخطَّأه أو ضلله أو ربما كفره والعياذ بالله وهذا مذهب سيئ للغاية.
    الشق الثاني: هذا أيضاً الذي يكفر الناس لأي سبب أو لأي معصية، إذا صدق هذا التعبير لأي معصية صار مذهبه أشد من مذهب الخوارج؛ لأن مذهب الخوارج يكفرون فاعل الكبيرة، ليس في كل معصية، فإذا وجد الآن من يكفر المسلمين بأي معصية فإنه ضال مخالف للكتاب والسنة زائد على مذهب الخوارج الذين قاتلهم علي بن أبي طالب، واختلف المسلمون في تكفيرهم، فمنهم من كفرهم ومنهم من فسقهم وجعلهم من البغاة الظلمة.
    أوليس الله يقول: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً} [النساء:31] فالإنسان في اجتنابه الكبائر يكفر الله عنه الصغائر إذا لم يصر على الصغيرة، أما إذا أصر فلقد قال العلماء: إن الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة.
    فهذا القول لا شك أنه ضلال، ثم ليعلم هذا القائل بتكفير المسلمين بالمعاصي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من دعا أخاه بكفر وليس كذلك، فإنه يرجع إليه) .
    يكون هو الكافر، وهذا قاله الرسول عليه الصلاة والسلام، وإذا لم يكن كافراً في الدنيا كان كافراً عند الله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: لا بد أن يكون أحدهم هو الكافر.

    (3/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التسمي بالأسماء التي فيها معنى التزكية


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ما حكم التسمي بناجي ومعتق ونحوهما مما فيه معنى التزكية وناصر وغيرها من الأسماء؟

    الجواب
    الأسماء التي تدل على التزكية تارة يتسمى بها الإنسان لمجرد كونها علماً فهذه لا بأس بها، وتارة يتسمى بها مرائياً بذلك المعنى الذي تدل عليه؛ فهذا يؤمر بتغيير اسمه.
    فمثلاً ناصر: أكثر الذين يسمون بناصر لا يريدون أنه ينصر الناس، إنما يريدون أن يكون علماً محضاً فقط.
    الذي يسمى خالداً: هل يريد أن ولده يخلد إلى يوم القيامة؟ لا.
    الذي يسمى صالحاً هل أراد أنه سمى صالحاً لصلاحه؟ لكن إذا لوحظ في ذلك معنى التزكية فإنه يغير، ولهذا غير النبي صلى الله عليه وسلم اسم برة إلى زينب، وامرأة أخرى اسمها برة غيرها إلى جويرية، فهذا الميزان: إذا لوحظ فيه معنى التزكية يغير، وإذا لم يلاحظ فيه معنى التزكية فإنه لا يغير.

    (3/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    خطر تعلم الأطفال اللغة الإنجليزية


    السؤال
    فضيلة الشيخ! ما العيب إذا تم تعليم الطفل اللغتين: العربية وحفظ القرآن واللغة الإنجليزية وكان للطفل القدرة على التعامل باللغتين مع الالتزام بالخلق الإسلامي؟ سؤال آخر: فضيلة الشيخ! أنا أدخل الصبية رياض الأطفال حيث يُعلمون اللغة الأجنبية، ولكنهم مقابل ذلك يخرجون من تلك الرياض -وأخص منها الحكومية- يخرجون منها مؤهلين للدراسة في المرحلة الابتدائية أكثر من أولئك الذين لم يدخلوا الرياض، سؤالي: هل نصحكم فتوى أم هو اجتهاد منكم أثابكم الله؟

    الجواب
    أولاً: أنا لا أدري ما الفرق بين الفتوى أو النصيحة، الناصح مفت وزيادة؛ لأن المفتي يبين الحكم وقد لا يعطي ترغيباً ولا ترهيباً، لكن الناصح يعطي الحكم ويرغب أو يرهب، وأنا الذي أدين الله به أن الإنسان الذي يعلم أطفاله الصغار الذين في هذا المستوى أرى أنه ليس بناصح لهم.
    ومسألة أنهم يتعلمون اللغة العربية واللغة الإنجليزية والقرآن وما أشبه ذلك هو فرض وهمي، الآن الصبيان إذا تعلموا اللغة الإنجليزية تجدهم يتكلمون بها ويتخاطبون بها.
    الآن يقول الواحد منهم يتعلمون: باي باي! يتعلمون هذا، أي: هم يعشقون اللغة الإنجليزية لأنها غريبة على ألسنتهم.
    وأما أنهم يؤهلون فنعم، لأن رياض الأطفال الحكومية لا تنهج هذا المنهج، فقد يكون في هذه الرياض تأهيل، لكن أفضل أن يكون ولدي ما دام صغيراً عندي في بيتي أحن عليه وأألفه ويألفني، ثم إذا بلغ السن التي حدد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون الطفل قابلاً أدخله، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبعٍ واضربوهم عليها لعشر) هذه هي التربية الصحيحة، أما أن أثقل عليه من يوم هو صغير في التعلم فقد لا يكون هذا من حسن التربية.

    (3/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التخاطب بغير اللغة العربية


    السؤال
    فضيلة الشيخ! نجد أن بعض الناس ربما يتخاطب مع غيره من الشباب وغيرهم باللغة الإنجليزية أو ببعض مفرداتها، هل يفرق هذا بين من كان في مجال عمل، كما أننا نحن مثلاً في المستشفى نتخاطب مع زملائنا باللغة الإنجليزية غالباً ولو كان الأمر لا يحتاج للكلام، ولكننا تعودنا ذلك بمقتضى مخالطتنا لهم، فهل في هذا بأس وإذا تكلم الإنسان بكلمة من غير العربية فهل يأثم بذلك؟

    الجواب
    الكلام باللغة غير العربية أحياناً لا بأس به، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال لطفلة صغيرة جارية قدمت من الحبشة فرآها وعليها ثوب جميل، فقال: (هذا سنا، هذا سنا) أي: هذا حسن كلمها باللغة الحبشية؛ لأنها جاءت قريبة من الحبشة.
    فخطاب من لا يعرف العربية أحياناً باللغة التي يفهمها هو لا بأس به، وليس فيه إشكال، لكن كوننا يأتينا هؤلاء القوم لا يعلمون اللغة العربية، ثم نتعجم نحن قبل أن يتعربوا هم، مثل أن تجد بعض الناس إذا خاطب إنساناً غير عربي بدل ما يقول: لا أعرف، يقول: ما في معلوم لماذا يقول: ما في معلوم؟ لأجل أن يعرف ما يقول له، والصحيح أن يقول له: لا أعرف، حتى يعرف هو اللغة الصحيحة لكن مع الأسف الآن نخشى على أنفسنا أن نكون أعاجم.

    (3/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مناصحة أهل البدع ومناظرتهم


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أشرتم إلى مسألة الذين يتكلمون على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أن جبريل أخطأ الرسالة إليه ونحن نجد أن أولئك القوم ربما كانوا مدرسين يلقنون أبناءنا -الآن خصوصاً في المنطقة الشرقية- العقائد وغيرها من المواد، فماذا نصنع نحن والأمر كما سمعتم؟

    الجواب
    الواجب على المسلم أن يكون داعية إلى الله يدعو غيره إلى الله عز وجل وإلى المنهج السليم لكن باللطف والإقناع بالدليل الأثري والدليل العقلي، وألا يجابه غيره بسب ما هو عليه من الملة، لأن الله تعالى قال: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ} [الأنعام:108] فنهانا أن نسب آلهة المشركين خوفاً من أن يسبوا الله عدواً بغير علم.
    فالواجب علينا أن ندعو إلى الله تعالى على بصيرة، وأن نبين الحق ولو أن نأخذ كل واحد بانفراده؛ لأن مجابهة الجمع صعبة، لكن إذا أخذنا كل واحد على انفراد وكلمناه بهدوء وبينا له الحق، وكنا على علم تام بما هو عليه من المنهج حتى لا نقع في تردد أو شك عندما يناظرنا؛ لأن غيرك سوف يناظرك وسوف يدلي عليك بالحجج، وإذا لم يكن لديك ما يدفع هذه الحجج فربما تتوقف وحينئذٍ تكون هزيمة لا عليك ولكن على الحق، فلهذا أرى أننا إذا رأينا أمثال هؤلاء ندعوهم بالتي هي أحسن ونبين لهم الحق ونناظرهم، لكن بشرط أن نكون على علم تام بمنهجهم حتى يتبين لهم الأمر على وجهٍ واضح وبين.

    (3/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة لمن تخلف عن صلاة الفجر


    السؤال
    فضيلة الشيخ! لي مشكلة قديمة وهي أني أحاول أن أصلي صلاة الفجر في المسجد ولكن لا أصليها إلا بعض الأيام، ومشكلتي أني أنتبه من النوم ولكني لا أنهض ولا أذهب أتوضأ وأنا على هذه الحال منذ سنوات، فما نصيحتك لي وكيف الحل في ذلك خصوصاً في مثل هذه الأيام؟

    الجواب
    نصيحتي للأخ السائل ولمن كان على شاكلته أن ينام مبكراً؛ لأن النوم مبكراً يجعل الإنسان يقوم لصلاة الفجر نشيطاً، أما من لا ينام إلا بعد الساعة الثانية عشرة فكيف يقوم لصلاة الفجر نشيطاً؟ ثم إذا استيقظ ينبغي أن يقوم بسرعة فإنه في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت في صفة قيام النبي عليه الصلاة والسلام من نومه قالت: (فوثب) قال الراوي عن عائشة: والله ما قالت: (قام) بل قالت: وثب، وكأنه عليه الصلاة والسلام يقوم بنشاط، أما إذا سمعت المنبه فاحرص على أنه من حين ما تسمع المنبه أو الذي ينبهك سواء آدمي أو ساعة أن تقوم بسرعة، وإذا قمت بسرعة مستعيناً بالله عز وجل أعانك الله، ثم تذكر الله عز وجل، ثم تدعو الله سبحانه وتعالى بما تحب من خيري الدنيا والآخرة ثم تقرأ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ} [آل عمران:190] الآيات العشر في آخر سورة آل عمران، ثم تمسح النوم عن وجهك ثلاث مرات، ثم تتوضأ، ثم تصلي ركعتين خفيفتين وتتهجد.

    (3/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من قدر على الزواج ومنعه أهله


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أنا شاب عمري إحدى وعشرون سنة أريد أن أتزوج ولكن يمنعني أهلي يقولون: أنا صغير، وأنا أقدر على تكاليف الزواج، ويتحججون بأن قبلي اثنين من إخوتي ويقولون: لازم يتزوج إخوانك قبلك ثم تتزوج من بعدهم، وأخواي لا يريدان الزواج فماذا أصنع: هل أطيع والدي أم ماذا أفعل؟

    الجواب
    أقول للأخ السائل: إنك لست صغيراً، الذي عمره إحدى وعشرون سنة ليس صغيراً على الزواج، عمرو بن العاص تزوج وله إحدى عشرة سنة، وجاءه ولد، ولهذا يقال: ليس بينه وبين ابنه عبد الله إلا ثلاث عشرة سنة، فأقول للأخ: توكل على الله وتزوج ولست بصغير، وإخوانك: الأخوان السابقان إذا يسر الله لهما الزواج تزوجا، وهذا من الخطأ الفادح عند بعض الناس أنه لا يزوج البنت الصغيرة مع وجود أكبر منها، وهذا حرام عليه، إذا خطبها كفؤ في دينه وخلقه فليزوجها، وربما تكون هي حائلة بين الأخت الكبيرة وبين الزواج، كثيراً ما إذا زوجت الصغيرة فتح الله الباب للكبيرة، وهذا شيء معروف، تحول بنت دون بنت كما يحول ذرية دون ذرية، وورد علينا أكثر من قصة رجل يتزوج ويبقى خمس عشرة سنة أو ست عشرة سنة مع زوجته لا يولد له، ثم يتزوج فتحمل الثانية في ليلتها أول ليلة وتحمل الأولى في نفس الأيام وهي لها سنوات مع زوجها لم تحمل، هذه البنت ربما يفتح الله الباب لأخواتها الكبار وكذلك الابن ربما يفتح الله الباب لأخويه الكبيرين.
    وأقول للأخ السائل: تزوج واستعن بالله وإذا كنت طالباً كما هو الظاهر من حاله ففي الإجازة الربيعية إن شاء الله قبل الإجازة الصيفية يسهل الله لك من ترضاها في دينها وخلقها، ولا يعد ذلك عقوقاً للوالدين ولا قطيعة رحم للأخوين أبداً.

    (3/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم مخالطة الخادمة في البيت


    السؤال
    هل يجوز للرجل أن يخالط الشغالة في البيت، وماذا يحل له منها؟

    الجواب
    إذا تزوجها فلها أن تكشف وجهها له وهذا هو الحل، وإلا فلا يحل له منها شيء، هي كالمرأة التي في السوق، يجب عليها أن تحتجب، ويتأكد الحجاب في حقها أكثر من غيرها؛ لأنها في البيت ويسهل الخلوة بها، فإذا كشفت وجهها فإن الشيطان يجعل هذا الوجه وإن كان ليس بذاك يجعله جميلاً ليفتتن بها والعياذ بالله، فيجب على الخادمة أن تحتجب ويجب على أهل البيت أن يأمروها بذلك؛ لأنها امرأة أجنبية.
    وإذا أرادوا الحل الذي ذكرته فهو سهل، إذا لم يكن لها زوج، يستأذن من الجهات المسئولة أن يتزوجها وتبقى عنده في البيت، لكن أخشى إذا أصبحت زوجة أن تطلب خادمة فيما بعد وهذه مشكلة!!

    (3/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم اللقطة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا مدرسة في خارج هذا البلد أذهب مع زميلاتي في الباص وفي إحدى الأيام وجدت سواراً من ذهب في الباص فعرضته على زميلاتي فقلن: ليس لنا، وعرضت ذلك على صاحب الباص فقال: ليس لي، وهي عندي منذ سنتين الآن، فهل تعتبر لي أم أبيعها وأتصدق بثمنها، وأنا أعرف أن اللقطة تنشد لمدة سنة ولكني وجدتها في الباص فكيف أنشدها وأنا امرأة؟

    الجواب
    أما كيف تنشدها وهي امرأة فلا يطلب من المرأة أن تنشد الضالة بنفسها، أو تنشد اللقطة بنفسها، توكل من ينشدها من أب أو أخ أو عم أو ما أشبه ذلك، لكن في هذه المسألة بالذات نظراً إلى أنها لم تنشدها الإنشاد المطلوب وهو سنة، يجب عليها الآن أن تبيعها وتتصدق بثمنها لصاحبها، أو أن تتصدق بها لمن يحتاجها من الفقراء، لكن الصدقة بقيمتها قد يكون أفضل؛ لأن الفقير ينتفع بالقيمة في طعام وشراب وكسوة وغير ذلك.

    (3/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم قول القائل: (بلسان الحق جل وعلا)


    السؤال
    فضيلة الشيخ: في موضوع العقيدة نسمع بعض الأشخاص يقولون إذا أرادوا أن يستدلوا بآية: كما ورد على لسان الحق جل وعلا، السؤال: هل لهذا أصل في السنة أو دليل بأن نثبت هذا الوصف بأن نقول: على لسان الحق ونحو ذلك، وما هي عقيدة المسلم الحق في أسماء الله وصفاته التي لم تُذكر؟

    الجواب
    من المعلوم أن الكلام في أسماء الله وصفاته موقوف على ما جاء به الوحي، فإن أسماء الله وصفاته توقيفية؛ لأنها خبر عن مغيب والخبر عن المغيب لا يجوز للإنسان أن يتفوه به إلا بدليل؛ لقول الله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} [الإسراء:36] ولقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33] فلا يجوز أن نقول: بلسان الحق أي: بلسان الله.
    من قال: إن لله لساناً؟! ولهذا يعتبر من قال ذلك قائلاً بغير علم، والقرآن الكريم ليس فيه أنه بلسان الله بل فيه: أنه بلسان عربي مبين.
    واللسان يطلق ويراد به اللغة، أي: بلغة عربية، وإنما أطلق اللسان على اللغة؛ لأن المتكلم باللغة يتكلم بلسان، أما الرب عز وجل فلا يجوز أن نثبت له اللسان ولا ننفيه عنه؛ لأنه لا علم لنا بذلك، وقد قال العلماء: إن صفات الله تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول: قسم وصف الله به نفسه فيجب علينا إثباته، كالسمع والبصر وما أشبه ذلك.
    الثاني: قسم نفاه الله عن نفسه فيجب علينا نفيه كالظلم والغفلة والتعب والإعياء وما أشبه ذلك.
    الثالث: قسم سكت الله عنه فلا يجوز لنا نفيه ولا إثباته إلا إذا كان دالاً على نقص محض فيجب علينا نفيه؛ لأن الله منزه عن كل نقص.

    (3/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة للنساء


    السؤال
    فضيلة الشيخ! نريد من هذه اللقاءات أن يكون فيها حظ للنساء بكلمة أو نصيحة أو غيرها؛ لأنهن يحضرن فنريد التوجيه؟

    الجواب
    أنا أنصح النساء وأولياء النساء أن يكون الشيء الذي يسلكونه وينهجونه ما ذكره الله تعالى في سورة النور وما ذكره الله تعالى في سورة الأحزاب ففيه الخير والكفاية.
    قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور:30-31] إلى آخره.
    وفي سورة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:59] وقال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} [الأحزاب:30-33] وغير ذلك مما ذكره الله عز وجل مما ينبغي أن تكون المرأة عليه من الأدب والحشمة والبعد عن أسباب الفتنة.
    ويجب على الرجال الذين جعلهم الله قوامين على النساء أن يراعوا هذه الأمور وأن يحفظوا نساءهم من كل ما يكون سبباً للفتنة، ونسأل الله السلامة والعفو والعافية.

    (3/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مسائل في الكسوف


    السؤال
    فضيلة الشيخ! انتشر عند الناس أنه سيكون هناك خسوف أو كسوف للقمر يوم الإثنين فهل يعتبر هذا من علم الغيب وهل يتحراه الإنسان؟ وهل تنصح أيضاً الناس أن يصلي كل إمام -لو حصل- في مسجده أم يجتمعون في جامع واحد، سواء في الحي أو في البلد وهل تخرج النساء إلى تلك الصلاة أرجو توجيه ذلك؟

    الجواب
    أما العلم بخسوف القمر أو كسوف الشمس فليس من علم الغيب؛ لأن له أسباباً حسية معلومة، وقد ذكر ذلك علماء المسلمين من قديم الزمان أن العلم بالخسوف أو الكسوف ليس من علم الغيب.
    وأما صلاة الخسوف فإن الذي يظهر لي أنها فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها، وقال: (إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله) فعبر بالفزع مما يدل على أن الأمر عظيم جداً وليس بالأمر الهين.
    وأخبر عليه الصلاة والسلام أن الله تعالى يخوف بهما العباد.
    فإذا ظهر خسوف القمر في الليل يصلي الناس، وإن كان في النهار فإنهم لا يصلون؛ لأن خسوفه في النهار لا يظهر له أثر، بمعنى أنه لا يتبين؛ لأن ضوء الشمس قد غشاه، والرسول عليه الصلاة والسلام إنما جعل الصلاة سنة حيث يظهر أثر ذلك ليكون التخويف، ومعلوم أن القمر إذا خسف بعد انتشار الضوء في الأفق لا يكون بالتخويف؛ لأن الناس لا يعلمون به.
    - وأما ترقب ذلك فإن من العلماء من قال: لا بأس أن يستعد له ويترقب، ولكني أرى خلاف هذا، أرى أن الإنسان إن ابتلي وظهر له ذلك فليصل، وإن لم يظهر فليحمد الله على العافية، وقد قيل لنا: إن خسوف القمر المترقب سيكون بعد انتشار الضوء إما قبل الشمس بيسير أو بعد طلوع الشمس أو بعد غروب القمر والله أعلم.
    وعلى هذا فلا يكون هناك صلاة.
    - والفقهاء رحمهم الله نصوا على أنه إذا ظهر الفجر وخسف القمر بعد ذلك فلا صلاة، بناءً على أن صلاة الخسوف صلاة التطوع، وأن صلاة التطوع لا تفعل في أوقات النهي، لكن أرى أنه لو ظهر الخسوف وتبين بحيث يكون نوره باقياً فإنه يصلى له، أما إذا كان بعد انتشار الضوء وخفاء نور القمر فإنه لا يصلى والله أعلم.
    - أما الأفضل: فالأفضل أن تصلى في الجوامع؛ لأن اجتماع الناس على إمام واحد له قيمته، ويكون دعاؤهم واحداً، وخشوعهم واحداً، والموعظة التي تقال بعد الصلاة تكون واحدة.
    - وكذلك النساء يحضرن؛ لأن النساء حضرن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حين كسفت الشمس لكنه ليس كصلاة العيد فلا يؤمرن بذلك ولا ينهين، أما صلاة العيد فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء أن يحضرن صلاة العيد حتى الحيض أمرهن أن يخرجن لكن يعتزلن المصلى.

    (3/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الغش في اللغة الإنجليزية


    السؤال
    هل يجوز الغش في اللغة الإنجليزية التي منعتهم منها؟

    الجواب
    أولاً: أنا ما منعت من اللغة الإنجليزية يا إخوان، أنا أتمنى أني عندي اللغة الإنجليزية، حتى أدعو من لا يعرف اللغة العربية بهذه اللغة، وقلت لكم قبل قليل: إنه قد يكون تعلمها فرض كفاية أز فرض عين.
    لكن أقول: من المنكر الذي ننكره أن نعلم أبناءنا الصبيان الصغار خمس سنين أو ست سنين اللغة الإنجليزية وهم لا يعرفون اللغة العربية، هذا الذي أنكره، أما تعلم اللغة الإنجليزية إذا كان فيها فائدة فهي فائدة.
    بقينا في الغش: أقول: من غش في اللغة الإنجليزية فواجب على المدرس أن يسقطه.

    (3/28)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,464
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    20-05-2024
    على الساعة
    01:51 AM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [4]
    الاختبارات الدراسية هي كشف وبيان لحصيلة الطالب في العام الدراسي وفي هذه المادة يتحدث الشيخ عن مسائل مهمة في الاختبارات متعلقة بالغش والتزوير، مع ذكر أصناف الناس في الإجازة الربيعية، وبعد ذلك يجيب عن الأسئلة الواردة في هذا اللقاء.

    (4/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مسائل حول الغش في الامتحان
    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العالمين، وإله الأولين والآخرين.
    وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، وإما المتقين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فكما تفضل الشيخ حمود بن عبد العزيز الصايغ فإنه من المناسب أن يكون لقاؤنا الشهري شهر رجب، هذا اللقاء الذي يسبق الإجازة المسبوقة بالامتحانات يكون موضوعه التحدث عن الامتحانات وعن الإجازة أيضاً.
    أما الامتحانات فإن مضمونها تصفية ثمرات الطالب التي استثمرها في مدة دراسته، والاختبارات أمانة لا بالنسبة للمدرسين والمراقبين ولا بالنسبة للطلاب أيضاً، والأمانة عرضها الله سبحانه وتعالى على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً، فالواجب على التلاميذ حفظ الأمانة في أداء الامتحان، بحيث لا يغش أحد منهم في أي مادة، سواء كانت هذه المادة أساسية أم مادة مساعدة، ولقد اشتهر عند بعض التلاميذ أن بعض المواد التي ليست أساسية يجوز للتلميذ أن يغش فيها كمادة الجغرافيا ومادة الإنجليزي وما أشبه ذلك، وهذا خطأ، فكل المواد المقررة حكمها واحد في الغش، وكلها لا يجوز الغش فيها؛ لأن هذه المناهج وهذه المقررات صدرت من الدولة ويبنى عليها وظائف مقبلة لمن يحمل شهادة النجاح في هذه المواد، فإذا غش التلميذ في مادة منها فإن حمله للشهادة حمل شهادة زور، وما بني على الزور فهو زور، وما أكثر الذين يندمون من الطلاب الذين منَّ الله عليهم بالاستقامة، يندمون حيث جرى منهم غش في مادةٍ من المواد، ويأتون إلى العلماء يسألونهم: ما تقولون في الراتب الذي آخذه ووظيفتي مبنية على هذه الشهادة المزورة هل يحل لي؟ وقد يبني الإنسان على هذا الراتب حياته كلها قد يبني به بيتاً، وقد يتزوج به امرأة، فيقع الناس في حرج، وإن كان هذا الحرج سيجد مخرجاً -إن شاء الله- لكن الكلام على أن الإنسان لا يندم إلا إذا استيقظ وعرف أنه على طريق الخطأ، ثم إن النجاح الذي يكون عن تزوير وغش ضرر على الأمة كافة، لأنه يخرج الأبناء الذين تعقد عليهم الآمال بعد الله عز وجل يخرجون وهم سذج في الحقيقة ليس عندهم علم، فيفشلون في كل مهمة توكل إليهم، ويبقى الناس في حاجة إلى غيرهم حاجة مستمرة، وهذا لا شك أنه ضرر على عامة المجتمع، فالواجب التنزه عنه.
    أما بالنسبة للأساتذة والمراقبين فإن الأستاذ يجب عليه أن يتقي الله عز وجل وأن يعلم أنه حينما تقدم إليه هذه الأجوبة فهو بمنزلة القاضي الذي يقضي بين اثنين فأكثر، والقاضي يجب عليه العدل بين الخصوم وألا يحابي قريباً لقرابته، ولا غنياً لغناه، ولا فقيراً لفقره، ولا حسيباً لحسبه، ولا وضيعاً لوضاعته، كل الأوراق التي قدمت إليه سواء.
    لا يجوز أن يفضل أحداً على أحد، ومن استحق فله الحق، ومن لم يستحق فاته الحق، لا يقول: هذا التلميذ غير مؤدب فأنا سوف أنقصه من الدرجات مثلاً، هذا لا يحل.
    كونه غير مؤدب يمكن أن تعاقبه بعقوبة أخرى، أما المادة العلمية فلا يمكن أن تنقص منها درجة من أجل إخلاله بالخلق والمعاملة الطيبة، الإخلال بالخلق والمعاملة الطيبة له عقوبة ثانية، والمادة العلمية يجب أن يعطى الإنسان ما يستحق عليها.
    يجب أيضاً على المراقب الذي يراقب الطلبة أن يكون حذراً واعياً؛ لأن للطلبة مع الأسف أساليب في الخداع والغش، ولا أحب أن أذكرها هنا خوفاً من أن يتلقفها أحد ثم يمارسها، ولكن لهم أساليب معروفة فليحذر المراقب هذه الأساليب وليكن نبيهاً.
    وهنا مسألة يسأل عنها بعض الطلاب، يقول: إذا رأيت هذا الطالب يغش أو يحاول أن يغش، فهل يلزمني أن أخبر عنه، أو أقول: المسألة موكولة لغيري وفي ذمة غيري؟

    الجواب
    يلزمه أ، يخبر به؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، هذا الطالب الكسول الفاشل في الدراسة إذا غش سوف يغلب الطالب المجتهد الناجح، وهذا ظلم، وإزالة الظلم واجبة، فيجب أن تخبر لكن كيف الطريق؟ لكن قد يكون الطالب ضعيفاً أمام الطالب الذي غش فيخشى أن يؤذيه، فنقول: من الممكن أن يكون الإخبار عن طريق كتابة ورقة صغيرة يعطيها للمراقب من غير أن يشعر به، وإذا لم يمكن هذا فبعد انتهاء الامتحان يذهب إلى المسئول في المدرسة ويخبره، وإذا أخبره برأت ذمته، وأما السكوت على أمر منكر وظلمٍ للآخرين فإن هذا لا يجوز، هذا ما يتعلق بالامتحانات.

    (4/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أصناف الناس في الإجازة
    أما ما يتعلق بالإجازة فإن العادة جرت أن الإجازة على قصر مدتها يختلف الناس في اتجاهاتهم فيها، منهم من يذهب إلى مكة والمدينة يأتي بالعمرة وبزيارة المسجد النبوي والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبره، وكذلك البقيع ومسجد قباء وشهداء أحد، ويحصل بذلك على خير كثير مع الراحة والمتعة؛ لأن السفر اليوم -ولله الحمد- متعة ونزهة لا سيما إن استمر هذا الدفء فإنه سوف يكون سهلاً.
    - ومن الناس من يذهب إلى بلاد أخرى لكنه ذهاب خير، يذهب إلى زيارة أقارب له أو أصدقاء لهم حق عليه، أو للتعرف على الإخوان هناك في البلاد الأخرى وإلى العلماء فيها وإلى طلبة العلم وهذا أيضاً خير كثير وفيه نزهة ومتعة.
    - ومن الناس من يذهب إلى البر يخيم فيه وهؤلاء أيضاً فرق متعددة، لكن قد اتخذت بعض البلديات مشروعاً طيباً خيراً في جمع الناس وفي التجول بينهم وفي إهداء الأشرطة النافعة أو الرسائل الصغيرة النافعة وفي جلب المحاضرين الذين ينفعون من يلتفون حولهم، وهذا أيضاً خير كثير فيه متعة للنفس ونزهة وفيه خير.
    - ومن الناس من يخرج إلى البر بعيداً عن هذه البوتقة، ويفعل ما شاء الله أن يفعل من الطرب المحرم، والأغاني المحرمة، والأفعال التي أقل ما نقول فيها: إنها مضيعة للوقت، وربما يستصحب هذا الجهاز المدمر -جهاز الدش- حتى يتفرج عليه ليلاً ونهاراً، فيكون هذا قد خسر دينه ودنياه، والعياذ بالله.
    خسر دينه بما يحصل له من الانحراف والانزلاق وراء هذه المشاهدات التي يشاهدها عبر هذا (الدش) ، وخسر دنياه بالنفقات التي ينفقها على هذه المشاهد وعلى هذه المناظر.
    - ومن الناس من يبقى في البلد، يزور إخوانه، يساعد أباه في مصالحه ومهماته وهذا أيضاً خير.
    - ومن الناس من يتفرغ في هذه الإجازة لحفظ كتاب الله، أو ما شاء الله من سنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهذا خير.
    والمهم أن الناس لهم مناهج في هذه الإجازة ولكن خير الناس من استغلها في أمرٍ نافع إما في دينه وإما في دنياه، وشر الناس من استغلها في أمرٍ ضار إما في دينه أو في دنياه، ومن كان بين ذلك فقد ضاعت عليه الإجازة وإن كان لم يتضرر ولكن تضرر بفوات الكمال وبفوات المصالح والمنافع.
    وإنني بهذه المناسبة أوجه كلمة لأولياء الشباب، ولا سيما الصغار منهم أن ينتبهوا لهذه الإجازة كيف يقضيها هؤلاء الشباب؟ لأن الشباب الصغار يحتاجون إلى موجه ومراقب وعناية، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في الرجل: (إنه راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته) .
    وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا جميعاً على أداء الأمانة، وأن يجعلنا ممن عملوا ما يرضيه في هذه الدنيا إنه على كل شيء قدير.

    (4/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (4/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الراتب المبني على الشهادة المزورة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا ممن غش في الامتحان ونجح وغش ونجح حتى توظف في إحدى الشركات حتى بدأت آخذ مالاً، هل هذا المال يكون حراماً وهل هو من أكل الربا أفيدوني جزاكم الله خيراً؟

    الجواب
    أقول: إذا كان الطالب ينجح بغش فما قبل الشهادة تكفي فيه التوبة، فمثلاً: نجح في السنة الأولى والثانية والثالثة -هذا في الثانوي- لكن في الثالثة لم يغش، غش في الأولى والثانية وفي الثالثة لم يغش ونجح بصدق، نقول: هذا يكفيه أن يتوب إلى الله؛ لأن الوظيفة -مثلاً- مترتبة على الشهادة، والشهادة نزيهة، وكذلك لو تخرج من الكلية وكان يغش في الأولى والثانية والثالثة لكن في الرابعة كان الاختبار نزيهاً فهذا يكفيه أن يتوب، ولا إشكال فيه عندنا إن شاء الله تعالى أن ما يأخذه ويتقاضاه من الراتب المبني على هذه الشهادة حلال له ما دامت الشهادة نزيهة.
    لكن المشكل إذا كان الغش في آخر شيء في الشهادة، فهذا يعني: أن الشهادة الآن مزيفة، والوظيفة مبنية على هذه الشهادة، فيبقى المال الذي يأخذه فيه شبهة.
    لكن أقول: إذا تاب إلى الله توبة نصوحاً وكانت المادة التي غش فيها ليس لها صلة بالعمل الذي يقوم به، فنرجو أن يكون راتبه حلالاً.
    مثل أن يكون غشه في مادة لا صلة لها بالوظيفة التي توظف فيها، كأن يكون في اللغة الإنجليزية مثلاً، والوظيفة التي هو فيها لا تحتاج إلى اللغة الإنجليزية ولا صلة لها بها، فإننا نرجو إذا تاب أن يكون الراتب الذي يأخذه حلالاً.

    (4/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    التسويف في التوبة


    السؤال
    هل يسوغ لبعض الناس إذا سمع مسألة التوبة أن يجعلها حاملاً له على ارتكاب بعض المحرمات؛ لأنه يرى أن التوبة أمرها يسير، ففي هذه المسألة كالغش يرى أن مسألتها أمر يسير، فإذا كان مجرد توبة يقول: إذاً أتوب فهل يكون هذا مسوغاً له؟

    الجواب
    هذا من باب التسويف وتسويل الشيطان، كما قال الله تعالى: {الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ} [محمد:25] فنقول لهذا الذي يريد أن يفعل الذنب ويدعي أن التوبة أمامه نقول له: من يضمن أن تتوب قبل أن تموت؟ هل أحد يضمن أنه يتمكن من التوبة قبل أن يموت؟ الجواب: لا أحد يضمن أنه يتمكن من التوبة قبل الموت، ربما يأتيه الموت وهو متلبس بالمعصية قبل أن يقلع عنها فمن الذي يضمن له؟ ثم إن الإنسان إذا استهان بالذنب قد يزيغ قلبه والعياذ بالله؛ لأن الله تعالى قال: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف:5] فلا يوفق للتوبة، يحاول أن يتوب ولا يستطيع، ثم إن التوبة ليست بالأمر الهين، التوبة تحتاج إلى شروط لا بد أن تتحقق، منها: أن يكون الحامل على التوبة الإخلاص لله، وأن يقع في قلبه الندم الشديد والتحسر على ما وقع، وأن يقلع عن الذنب، وأن يعزم على ألا يعود، وأن تكون التوبة قبل أن ينزل به الموت، ولهذا نقول: لا أحد يضمن أن يتوب، فلا يجوز للإنسان أن يقول: التوبة سهلة والتوبة يسيرة ويسوف ويفعل الذنب، الواجب أن يتقي الذنب ما استطاع، وإذا قدر أنه وقع منه الذنب فقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:135] .

    (4/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    التحذير من الغش وعواقبه


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أرجو التحذير من قضية ما أشرتم إليه أنه إذا غش في الأولى والثانية فمن الممكن أن يسمع هذا الكلام بعض ضعاف الإيمان فيقول: إذاً: أغش ثم أتوب، فأرجو وفقك الله أن تبين عظم هذا الأمر؟

    الجواب
    هذا وقع في قلبي أنني إذا قلت: الغش في الأولى والثانية إذا كانت الشهادة نزيهة فأرجو أن يكون هذا نافعاً له، وتجدون أن كلمة (أرجو) ليس هناك جزم أن يسلم إذا غش في الأولى والثانية، وأنا أكرر أن الغش حرام في الأولى وفي الثانية، لكن هذا تلميذ وقع منه الأمر، لكنه في الشهادة لم يغش وجاء يسأل وهو تائب إلى الله: هل يحل لي هذا الراتب أم لا؟ ولسنا نهون من الغش لا في الأولى ولا في الثانية ولا في الثالثة، لكن هناك فرق بين إنسان ندم وجاء تائباً ويريد أن يحلل الراتب الذي بني على الشهادة وهي شهادة نزيهة، فنقول: نرجو ألا يكون عليه حرج فيما يأخذه من الراتب.

    (4/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إعطاء درجات في المواد العلمية بسبب الأدب والأخلاق


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا مدرس في إحدى المدارس فهل لي أن أخص طالباً بدرجة لحسن خلقه فأخصه في غير درجة ورقة الاختبار إما في أعمال السنة أو غيرها، أو أتجاوز عن التدقيق عن زلاته في ورقة الاختبار بخلاف الطالب السيئ سواء كان سيئ الخلق أو غيره، فأدقق عليه أكثر فهل عملي صحيح؟

    الجواب
    العمل غير صحيح، الواجب إعطاء كل إنسان ما يستحقه من الإجابة، إلا إذا شككت في أن هذا الطالب غاش، لأنه أحياناً يتقدم أو أحيانا ً تجد جوابين متفقين تماماً على غير لفظ الكتاب، فيقع في نفسك أن أحدهما غاش من الثاني، وفي هذه الحالة لا بد من التحقيق والتدقيق.
    أما مجرد إن أعرف أن هذا الطالب سيئ الخلق فأنقص من درجته، أو أن هذا الطالب حسن الخلق فأزيد في درجته؛ فهذا لا يجوز؛ لأن الدرجات ليست على الأخلاق ولكنها على الإجابة.
    أعمال السنة إذا كان المرجع فيها إلى الأستاذ وكان لحسن الخلق والأدب نصيب من هذه الدرجات فحينئذٍ أنقص من أعمال السنة في جواب من كان سيئ الخلق وأزيد فيها في جواب من كان حسن الخلق، إذا كان من النظام أن حسن الخلق له أثر في درجات أعمال السنة فلي الحق أن أقلل درجات من أعرف منه سوء الخلق، وأن أزيد في درجات من أعلم منه حسن الخلق؛ لأنه موكول إليه والمدرس مسئول أمام الله تعالى عن ذلك كله.

    (4/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم النهي عن الغش داخل قاعة الامتحان


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما حكم لو أني كنت في القاعة وقلت لذلك الغاش: اتق الله وخوفته من الله أو أخبرت المراقب عنه أو هددته في داخل القاعة، فما هو رأيكم فيما سبق؟

    الجواب
    هذا رأي طيب إذا لم يحصل منه فوضى؛ لأنه ربما إذا قمت في القاعة وقلت: يا فلان اتق الله! ولا سيما بصوت جهوري ربما يحصل فوضى، ويكون الغش الذي تتوقعه من واحد يحصل من عامة الموجودين؛ لأن الفوضى إذا وقعت لا يمكن ضبط القاعة، فإذا كنت تخشى من الفوضى فلا تفعل.
    وبإمكانك أن تكتب ورقة صغيرة وتعطيها المراقب، وعليه أن يتقي الله عز وجل في هذا الأمر، أما الفوضى فإن ضررها أكبر من نفعها.

    (4/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    التوفيق بين طلب العلم وامتحانات الدراسة النظامية


    السؤال
    فضيلة الشيخ: كيف يوفق طالب العلم بين طلب العلم وهذه الامتحانات؟ وما هي النية التي ينوي بها في هذا الاختبار فإنها مشكلة أصبح يعاني منها عدد من طلبة العلم؟

    الجواب
    هذه الاختبارات تصفية للثمرة التي حصلها الطالب في زمن الدراسة، والطالب يمكن أن يصحح النية ولو مع هذه الاختبارات، فينوي أنه يختبر لينال المرتبة التي لا يحصلها إلا بهذه الاختبارات، وينوي بحصوله على هذه المرتبة منفعة الخلق.
    وأنا أضرب لكم مثلاً: لا يمكن أن يدرس مثلاً في الجامعة إلا إذا كان معه شهادة، فإن لم يكن معه شهادة ولو كان على جانب كبير من العلم لم يتيسر له أن يدرس في الجامعة.
    إذاً: فأنوي بالشهادة أن أصل إلى مكان أنفع فيه الخلق، وهذه نية سليمة لا تنافي الإخلاص لله ما دمت تريد الوصول إلى مكان تنفع فيه الخلق، ولا طريق للوصول إلى هذا المكان في الوقت الحاضر وحسب مصطلحات الأمم إلا بهذه الشهادة، فإذا نويت هذه النية فهي نية سليمة وليس فيها نوع من الانحراف أو الشرك أو الرياء.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,464
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    20-05-2024
    على الساعة
    01:51 AM

    افتراضي

    موقف أهل الإسلام مما حدث في البوسنة والهرسك


    السؤال
    فضيلة الشيخ: تفطرت الأكباد بما حصل لإخواننا في البوسنة مما ذكرت، ويزداد الألم ونحن نسمع ما ذكرت أيضاً من هذه المخالفات في الزواج، أليس من الواجب أن يعلن أهل الإسلام -خصوصاً أهل هذه الجزيرة - حالة التخفيف من هذه الكماليات والإسراف، ويقتصروا على الحاجيات، ويصرف الزائد لإخواننا هناك، ألم يمتنع عمر رضي الله عنه عن اللحم في عام المجاعة، فهل من مسمعٍ وهل من منادٍ نفع الله بك؟

    الجواب
    الذي أرى كما قال الأخ أنه بمقابل هذه المحنة العظيمة التي يكاد يذوب القلب منها من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان أن نقتصر على الحاجيات، وأن نجعل ما فضل من هذه الموائد وهذه المهور وغيرها لإخواننا هناك، وإننا إن شاء الله تعالى واثقون من الفرج، ونسأل الله تعالى أن يجعل ما أصاب إخواننا تكفيراً لسيئاتهم ورفعة لدرجاتهم.
    وهذا وإن كان والله يهمنا جداً، أيضاً يهمنا أكثر وأكثر أن تكون بلادٌ إسلامية ينادى فيها للأذان ويدرس فيها كلام الرحمن، ينادى فيها بعد ذلك للصلبان والنواقيس وقراءة الكتب المنسوخة المحرفة المبدلة، وإخوانهم من النصارى في الشرق والغرب يطبلون وراء هذا ويفرحون به، ويريدون أن يقضوا على الأمة الإسلامية ولا سيما هناك في عقر دارهم، ولكننا نقول: نسأل الله القوي العزيز أن يبدل قوتهم ضعفاً، وعزتهم ذلاً، وأن يقر أعيننا بخذلانهم وانتصار إخواننا.

    (29/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تنبيهات للعروسين ليلة الزفاف


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما هي السنة للزوج والزوجة في ليلة الزواج، نرجو ذكر الدعاء والعمل الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم لنهدي هذا الشريط على الزوجين نفع الله بك؟

    الجواب
    مما ينبغي العناية به ليلة الدخول على المرأة، أن يدخل الإنسان إليها في حال، خفض الجناح لها وإيناسها؛ لأنها في تلك الساعة سيكون عندها هيبة ورهبة وخوف، ويأخذ بناصيتها ويدعو بالدعاء المعروف: (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه) يقول ذلك جهراً إلا أن يخاف أن تتروع المرأة وأن تقول: ما هذا؟ وهل فيَّ شر، فإذا خاف ذلك يكفي أن يضع يده على ناصيتها ويدعو بهذا الدعاء سراً.
    ثانياً: عند إتيان الإنسان أهله يقول ما حث عليه الرسول عليه الصلاة والسلام: (لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً) فهذا من أسباب صلاح الأولاد، وهو سبب بسيط.
    كذلك مما ينبغي فهمه ومعرفته: أنه إذا حصل الجماع وإن لم يحصل إنزال وجب الغسل على الطرفين، خلافاً لما يظنه بعض الناس أن الغسل لا يجب إلا بالإنزال، فإن هذا ظن خطأ، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل) وعلى هذا فيجب الغسل بأحد أمرين: إما بالإنزال وإما بالجماع، فالإنزال إذا حصل سواء بتقبيل أو ضم أو نظر لشهوة أو محادثة أو بأي سبب وجب فيه الغسل، والجماع إذا حصل وإن لم ينزل وجب الغسل.
    وكم من أناس سألونا قالوا: إنهم كانوا لا يغتسلون إذا جامعوا بدون إنزال، وقد مضى أشهر على ذلك، وسبب ذلك: أن المتزوج لا يسأل ما الذي ينبغي في حال الزواج، ولا ما الذي يجب عليه، وأن كثيراً من الناس أيضاً لا يبثون مثل هذه المعلومات في أوساط الشباب.
    كذلك مما يجب التفطن له: أن بعض الأزواج هداهم الله لا يصلون صلاة الفجر، إما ألا يصلوها إلا إذا ارتفعت الشمس وقاموا من النوم، أو يصلونها لكن في آخر الوقت وليس مع الجماعة، وهل هذا من شكر نعمة الله؟ لا، من شكر نعمة الله أن تقوم بطاعته، يقول بعض الناس: أنا إذا خرجت أصلي الفجر مع الجماعة قالوا: الشكوى إلى الله، هذا الرجل ما رغب في زوجته، لو رغب ما صلى الفجر، ما هذه القاعدة! هذه قاعدة فاسدة، بل إذا صلى الفجر هذا دليل على رغبته فيها وأنه شكر نعمة الله عز وجل على ما أعطاه من هذه المرأة الصالحة، فالواجب أن يصلي الزوج صلاة الفجر مع الجماعة، ثم يرجع ويبقى إلى الظهر ليس هناك مانع، أما أن يدع صلاة الجماعة بدون عذر شرعي قال بعض الناس: إن بعض العلماء قال: يعذر بترك الجماعة من ينتظر زف المرأة إليه.
    نقول: أولاً: هل أقوال العلماء حجة يحتج بها أو يحتج لها؟ يحتج لها.
    ثانياً: الذين قالوا هذا من العلماء إنما يتحدثون عن أمرٍ كانوا عليه، وهو أن الرجل هو الذي يستقبل الزوجة وليست الزوجة هي التي تستقبل الرجل، فيقال للرجل: اجلس مكانك في بيتك ونحن نزف إليك المرأة، يعذر بترك الجماعة، لأنه لو ذهب وصلى الجماعة يكون قلبه ينتظر الزوجة في البيت، فهو معذور، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا صلاة بحضرة طعام) وكان ابن عمر يسمع الإمام يقرأ وهو يتعشى، ولا يقوم إلى الصلاة حتى يكمل، إذا كان هذا فالذي ينتظر زف الزوجة إليه أشد شغلاً، والعذر واضح، أما عصرنا الآن، فمن الذي يزف؟ الزوج، هذا عندنا أما في بلاد أخرى فلا ندري، الزوج هو الذي يأتي إلى الزوجة في مكانها، والأمر بيده، فلا يعذر بترك الجماعة.

    (29/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أفضلية طلب العلم على السنن الراتبة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: رأيت في هذا اليوم أن بعض إخواني الطلاب تحلقوا حول الحلقة قبل أن يأتوا براتبة المغرب، فهل من توجيه لغير المسافرين، خصوصاً وأنهم قدوة؟

    الجواب
    الذين تحلقوا قبل أن يصلوا سنة المغرب غالبهم مسافرون، جاءوا إلى هذه البلدة مدة الإجازة فقط، والمسافر ليس من السنة أن يصلي راتبة المغرب، والذين تقدموا وهم غير مسافرين لعلهم قالوا: إننا إذا قربنا من المعلم أو من الشيخ صار أحضر لقلوبنا، وطلب العلم أفضل من الراتبة، لو تعارض أن يصلي الإنسان الراتبة أو يطلب العلم قلنا: طلب العلم أفضل، لكننا لا نوافقهم على هذا، وإن تعللوا بهذه العلة فهي علة عليلة، فنقول: صلوا الراتبة ونحن الآن في هذا الوقت القريب من المعلم أو الشيخ والبعيد على حد سواء مكبر الصوت موجود، ويمكن أن تسمعه وأنت في أقصى المسجد كما يسمعه من كان عند ركبة المعلم.
    ولعل التفريط مني أنا حيث لم أنبه بمكبر الصوت أن اللقاء سيكون بعد سنة المغرب، لأني نبهت على ذلك بقولي بدون واسطة المكبر، ولعل بعض الإخوة لم يسمع.

    (29/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صلاة ركعتين حين الدخول على الأهل


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هل صلاة ركعتين في ليلة الزواج سواء من الرجل أو المرأة سنة؟

    الجواب
    هذه الصلاة فعلها بعض الصحابة رضي الله عنهم حين دخل على أهله أو دخلوا عليه صلى ركعتين، لكنني لا أعلم ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    (29/12)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تزويج البنت من رجل سيئ الخلق


    السؤال
    من المعلوم يا فضيلة الشيخ! أن النساء ضعيفات عقل، فإذا اختارت المرأة رجلاً غير صالح، وكان الرجل الذي اختاره الوالد رجلاً صالحاً فهل يؤخذ برأيها، أم تجبر على من أراد والدها؟

    الجواب
    أما جبرها على من أراد والدها فإنه لا يجوز حتى وإن كان صالحاً، وأما تزويجها بمن لا يرضى دينه ولا خلقه فلا يجوز أيضاً، ولوليها أن يمنعها، وأن يقول: لا أزوجك من هذا الرجل الذي تريدينه إذا كان غير كفء في دينه ولا خلقه.
    فإن قال قائل: لو أصرت البنت على ألا تتزوج إلا هذا الرجل نقول: نتركها، ولا نزوجها، وليس علينا من إثمها شيء، نعم لو أن الإنسان خاف مفسدة وهو أن يحصل بينها وبين هذا الخاطب فتنة تنافي العفة وليس في الرجل شيء يقدح في الدين، غاية ما هنالك مثلاً أن يكون سيئ الخلق وهي تصبر على سوء خلقه، فنقول في هذه الحال: تزوج.

    (29/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من أخذ مهر ابنته ثم تاب


    السؤال
    فضيلة الشيخ: سلمك الله، عندنا في القبيلة الأب يأخذ المهر كاملاً وهو ما يقارب: مائة وثلاثون ألف ريال، ولا يعطي البنت منه شيئاً اللهم إلا الذهب ويأخذ الباقي، السؤال: إذا علم هذا الرجل أن هذا المهر ليس حلالاً له، فماذا يفعل الآن وقد مضى على الزواج سنوات كثيرة؟

    الجواب
    أقول: جزاه الله خيراً على هذا السؤال، والرجوع إلى الحق أحق، والتوبة بعد الذنب تجبه ولا تدع له أثراً، وربما كان الإنسان بعد التوبة من الذنب خيراً منه قبل فعل الذنب، فنقول لهذا الأخ: نسأل الله أن يعينك على رد ما كان حراماً عليك، والطريق إلى ذلك سهل، أن يقول لابنته الآن: يا بنية! لك عليَّ ما أخذت من المهر، فهل تسمحين به؟ إن قالت: نعم برئت ذمته، والغالب أنها ستقول: نعم لا سيما إذا كان أبوها فقيراً، وإن قالت: لا، فهو حق، لكننا نشير على البنت أنه إذا حصل مثل هذه الحالة أن تسمح عن أبيها لا سيما إذا كان فقيراً وهي ليست بحاجة إلى ذلك، بل إذا كان فقيراً ولو كانت في حاجة فإنها لا تلزمه بأن يسلم لها المهر وهو لا يستطيع.

    (29/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الإسراف في بطائق الدعوة للزفاف


    السؤال
    فضيلة الشيخ: من الأمور التي نحب أن تنبه عليها البطاقات التي يدعى بها الناس إلى الزواج، حيث يصل بعض أسعارها إلى خمسة ريالات وترمى، فهل من تحذير منها، خصوصاً مع وجود البديل النافع الباقي، والبديل الذي لا إسراف فيه، وأعرض عليكم وفقكم الله من ذلك: كتابة الدعوة على ظهر رسالة علمية فيها بعض المخالفات الشرعية أو الآداب الإسلامية لينشر الله بها الخير.
    ثانياً: شريط إسلامي يهدي الله به وينفع يكتب على غلافه تلك الدعوة.
    ثالثاً: استعمال أوراق مصورة مكتوبة بالكمبيوتر لا تكلف شيئاً يذكر، فهل من دعوة للحد من هذا الإسراف؟

    الجواب
    أنا أؤيد الدعوة لترك هذا الإسراف، وأرى أن بذل المال الكثير لمجرد دعوة قد يجيب المدعو وقد لا يجيب، ومالها -كما قال الأخ السائل-: إلى رميها في الأسواق، فأقول: إن هذا من التبذير الواضح الذي نهى الله عنه، فقال: {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء:26-27] .
    وأما اقتراحه بأن تكون الدعوة في بطاقة وفي ظهرها كلمات مأثورة موجهة نافعة فهذا طيب، وليت هذا يُفعل، لكن تكون أوراقاً عادية.
    والاقتراح الثاني أيضاً: أن يكون بصحبة البطاقة أشرطة مفيدة فهذا أيضاً طيب، وقد وقع هذا في العام الماضي وما قبله رأينا كثيراً من الدعوات التي تعطى للناس يكون فيها أشرطة وهذا خير، ونعين عليه أيضاً بقدر ما نستطيع، فلو أن الناس فعلوا ذلك لكانت هذه دعوة إلى الوليمة ودعوة إلى الشريعة، فتجمع بين فصيلين.
    أما الثالث: وهو أن تكون أوراقاً مصورة فهذا أيضاً طيب لا يكلف كثيراً وينفع.

    (29/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم ما يعطى للأم من الخاطب


    السؤال
    جرت العادة هنا أن تعطى الأم شيئاً من المال أو الذهب دون اشتراط على الخاطب ولكنه حسب العرف، فهل يجوز للأم أخذ ذلك؟

    الجواب
    جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أن (ما كان قبل عقد النكاح فهو للبنت وليس لأحدٍ حق فيه) -لا الأم ولا الأب- وما كان بعد عقد النكاح فإنه لا حرج أن يكرم الرجل على ابنته أو أخته وكذلك المرأة، فيقال: إن أُهدي إليهم بعد عقد النكاح، وأما قبل العقد فيكون للبنت.

    (29/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم زواج الأخ بزوجة أخيه المتوفى عنها


    السؤال
    انتشر عندنا أن الزوج إذا مات يتزوج الزوجة بعده أخوه، كأنه ورثها فلا يستأذن من الزوجة، ويعللون ذلك بألا يفقد أولاده من يقوم برعايتهم، فهل لهذا صلة بالدين؟

    الجواب
    أما تزويجها كرهاً فهو حرام ولا يصح العقد، لقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً} [النساء:19] وأما إذا كان برضا الطرفين فإنه حسن؛ لأن كون أولاد الرجل تحت رعاية أخيه خير من كونهم تحت رعاية رجل أجنبي.
    فهذا هو التفصيل في هذه المسألة: إن أكرهت المرأة فلا، وأما إذا كان بالاختيار والرضا فهذا حسن طيب.

    (29/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    معنى المبيت الواجب للزوجة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أسأل الله أن يجمعنا وإياك في دار كرامته، أرجو الإجابة على هذا السؤال: ما معنى المبيت الواجب للزوجة: هل في الفراش أم في الغرفة أم في المنزل؟

    الجواب
    هذا يختلف باختلاف العادات؛ لأن الله تعالى قال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] لكن قول الله تبارك وتعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء:34] يدل على أن من تمام العشرة أن يكون الرجل مع زوجته في فراش واحد، وهكذا كان هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكن لا بأس أحياناً أن ينام في سرير وحده أو في فراش وحده، وإلا فالأصل أن يكون الرجل مع زوجته في فراش واحد.

    (29/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مخالفات شرعية تقع في الزواج


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أعرض لكم بعض المخالفات في الزواج: أولاً: ظهر في اللباس عند النساء لبس المفتوح من الثياب إلى الفخذين بل أحياناً إلى الظهر.
    ثانياً: حضور الزواج الذي فيه من يغنين بأغاني المطربين.
    ثالثاً: لبس العروسة ليلة الزواج ثوباً بقيمة خمسة آلاف ريال أو أربعة آلاف ريال لا تلبسه في العمر إلا مرة.


    الجواب
    لبس النساء للباس المفتوح أي: أن المرأة تكون كاسية عارية، والمرأة الكاسية العارية قال النبي صلى الله عليه وسلم محدثاً عنها: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) فهي صفة من صفات نساء أهل النار والعياذ بالله.
    والمرأة مأمورة بالحشمة في الثياب، ولهذا نقول: الأفضل أن يكون الثوب الأعلى الذي فوق السراويل قميصاً، لا تنفرد إحدى الرجلين عن الأخرى حتى تبتعد عن كونها كاسية عارية.
    الثاني: أما حضور اللاتي يغنين بأغاني المطربين، فهذا غلط، الأغاني المشروعة أو المباحة هي الأغاني التي ليست هابطة، الأغاني المنشطة التي تدل على الفرح والسرور، مثلما جاء في الحديث: (أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم نحييكم) أو كلمات نحوها.
    أما الثالث: وهو لبس المرأة المتزوجة ثوباً تقدر قيمته بخمسة آلاف لا تلبسه إلا تلك الليلة، فهذا من الإسراف، وهذا إلى التحريم أقرب منه إلى الإباحة.
    فنسأل الله للجميع الهداية والتوفيق لما يحب ويرضى إنه على كل شيء قدير.

    (29/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تنظيم رحلات من الجنسين إلى بلاد الكفر


    السؤال
    فضيلة الشيخ: المجاهر بالفسق والمعصية ومن يحذر من شره ويخاف من خطره لا غيبة له، سبق أن قررتم ذلك لنا، وقد حذرتم حفظكم الله من السفر إلى بلاد الكفر في خطبة يوم الجمعة، ولكن أبواق الشر التي تدخل كل بيت تدعو إلى مخالفة شرع الله ومخالفة كل داعية للخير، وهذا إعلان أضعه بين يديك مفاده: أن داراً كما سموها تسمى بدار الإيمان تنظم رحلات سياحة للجنسين إلى أمريكا وفرنسا وبريطانيا وشرطهم: أن يكون عمر المسافر يصل إلى ثماني عشرة سنة من رجال الأعمال وطالبات الجامعات ومن سبق أن زاروا هذه الدول، أترك الأمر لك يا والدي فنحن بالله ثم بك كف عنا شرها كف الله عنك النار يوم القيامة؟

    الجواب
    أقول: إن هؤلاء وأمثالهم يدخلون في قول الله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [القصص:41] ولا شك أنهم آثمون، وأن ما اكتسبوه من الأموال حرام سحت؛ لأنه مبني على باطل، ولا شك أن كل انحراف خلقي أو فكري أو عقدي أو سلوكي ينتج من هذه الرحلات لا شك أن عليهم نصيباً منه؛ لأنهم دعوا إليه وساعدوا فيه، فيحملون أوزاراً مع أوزارهم.
    والواجب علينا ونحن أمة مسلمة والحمد لله، أمة عفيفة، أمة ذات أخلاق الواجب علينا أن نحذر من هؤلاء، وإننا لنأسف أن يوجد مثل هذا الإعلان تحت سمع وبصر المسئولين عن الإعلانات التي يجب أن تكبت وألا تعلن، ولكننا نسأل الله تعالى أن يهدي ولاة أمورنا للقضاء على مثل هذه الأمور التي تفسد العقيدة والأخلاق.
    ولا شك أن الأمة إذا فقدت عقيدتها وأخلاقها فإن هذا دمارها، وسوف يكون بأسها بينها، لأن من الناس من هو على طول الخط في مفارقة هؤلاء ومنابذتهم، وسوف تتكون الأحزاب في الأمة إذا سُمِحَ لأمثال هؤلاء السفهاء أن يعلنوا مثل هذا الإعلان السيئ الشر، ولعلنا نستعين الله تعالى بإيصال الأمر إلى المسئولين حتى يمنعوا مثل هذا الشر الذي يعتبر أشد فتكاً من السرطان في البدن.
    ثم يقول في الإعلان: الطلبة والطالبات، يريد هؤلاء من طالباتنا أن يذهبن إلى أوروبا وغيرها باسم أنهن طالبات، فنسأل الله أن يجازي هؤلاء بعدله، وأن يكبتهم، وأن يرزقهم الخسارة في أموالهم حتى يرجعوا إلى الله عز وجل ويتوبوا إلى الله من هذا الإعلان السيئ، ونسأل الله تعالى أن يسلط عليهم ولاة الأمور بالعدل حتى يصدوهم عن هذه الفتنة التي يريدون أن يفتتن الناس بها.

    (29/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التأمين التجاري


    السؤال
    فضيلة الشيخ! أرجو منك أن تبصرنا بحكم التأمين فإذا كان حلالاً تنصحنا به أو حراماً تحذرنا منه، يقول الإعلان: كن مطمئناً أثناء قيادتك أية سيارة خاصة، نحن نغطيك حتى ثلاثة ملايين ريال مقابل ريال واحد في اليوم، لأنك معرض لحادث سيارة في أي وقت، ولأن الظروف قد تضطرك لاستخدام سيارة قد تكون ملكك أم لا، قامت التعاونية للتأمين بتطوير وثيقة تأمين الرخصة الخاصة لحمايتك من هذا الخطر، إنها وثيقة تأمين لرخصة القيادة وليس على السيارة التي تقودها، نغطي مسئوليتك تجاه الغير عن أية إصابة أو خسارة في ممتلكاتهم حتى مبلغ ثلاثة ملايين ريال، وحتى تكون الوثيقة في متناول الجميع جعلنا قيمة الاشتراك فيها ميسرة، فهي لا تكلف سوى ريالاً واحداً في اليوم، أي: ثلاثمائة وخمسة وستين ريالاً في السنة، لقاء ذلك بإمكانك أن تقود أية سيارة خصوصية وأنت مطمئن ومرتاح البال.


    الجواب
    أقول: إن هذا التأمين وأمثاله حرام، ولا يشك إنسان يعرف مصادر الشريعة ومواردها إلا أنه من الميسر الذي قرنه الله تعالى بالخمر والأنصاب والأزلام، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:90] ووجه كونه ميسراً: أنك إذا دفعت كل يوم ريالاً كم تدفع في السنة؟ كما قال هو: ثلاثمائة وخمسة وستين ريالاً بناءً على السنة الميلادية، أما السنة القمرية الهلالية فهي أقل من ذلك، ستدفع في السنة ثلاثمائة وخمسين ريالاً، ثم قد يحصل لك حادث يستوعب مائة ألف، فتكون الشركة خاسرة وأنت رابح، وربما يمضي العام لا يحصل عليك حادث فتكون أنت الخاسر.
    ولهذا أقول: نسأل الله أن يعافينا من البلاء، كثر الربا في المسلمين، إما صراحة وإما بحيلة، فهل يريد منا هؤلاء أن يكثر فينا الميسر أيضاً والقمار والمغالبات؟!! نسأل الله تعالى أن يكفينا شر أشرارنا.
    أقول: إن هذا التأمين وأمثاله حرام، والقاعدة: كل عقد يحتمل الغنم والغرم بين العاقدين فإنه من الميسر.
    كل عاقد إما غانم وإما غارم بمقتضى العقد لا بمقتضى الأسعار لو اختلفت وإلا من المعلوم إذا اشتريت سلعة بمائة ريال ثم جلبتها في السوق ولم أبعها إلا بثمانين فهذا غرم، لكن ليس بسبب العقد، ولهذا لبس بعض الناس قال: كل شيء معرض للغنم والغرم، فيقال: إن الغنم والغرم في الميسر بمقتضى العقد، أما الغنم والغرم ضمن اقتضاء السوق والأسعار فهذا خارج عن العقد.

    (29/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ثبوت العدة بخلوة الرجل بالمرأة


    السؤال
    إذا خلا الرجل بالمرأة هل يعتبر ذلك دخولاً؟

    الجواب
    أما الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب:49] فهذا يعني الجماع، لكن الصحابة رضي الله عنهم أو أكثرهم قالوا: إن الرجل إذا خلا بالمرأة فإن العدة ثابتة، تثبت العدة؛ لأن خلوه بها يعطيه التمكن من الجماع، وهذا هو المشهور من المذاهب الثلاثة، وإن كان بعض العلماء يقول: إذا لم يكن جماع فإنه لا عدة، لكن الأحوط أن تثبت العدة بالخلوة.

    (29/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أحقية المطلقة بالمهر بعد خلو الرجل بها


    السؤال
    إذا طلق الرجل المرأة بعد أن خلا بها فهل لها نصف المهر؟

    الجواب
    لا.
    إذا طلقها بعد أن خلا بها فلها المهر كاملاً، كما أن عليها العدة.

    (29/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم توزيع الأشرطة والمواعظ في الأعراس


    السؤال
    تقع في بعض حفلات الزفاف توزيع للأشرطة والكتيبات، وكذلك بعض المواعظ فهل هذا مشروع؟

    الجواب
    هذا ليس مشروعاً في حد ذاته أن يكون اجتماع الناس للزواج محلاً لتوزيع الأشرطة والكتيبات، لكنه محمود لغيره؛ لأنه ربما لا يحصل اجتماع نساء مثل هذا الاجتماع، فتفريق الأشرطة والكتيبات عليهن هذا حسن ومن وسائل الدعوة إلى الله عز وجل.
    وأما المواعظ فأنا لا أحبذها في مثل هذا الحال؛ لأن من الناس من لم يجتمع بإخوانه وأصدقائه إلا في مثل هذه المناسبة، فيحبون أن يتكلموا في شئونهم الخاصة، ولأن هذا اللقاء لقاء فرح وأنس، ولهذا أباح الشارع فيه الغناء والدف، نعم لو طلب من الإنسان وعين وقيل: يا فلان نريد منك موعظة، فهنا نقول: لا تتخلف، عظ الناس ولكن لا تطل عليهم، أو رأى هو نفسه منكراً فإنه يجب عليه أن يقوم ويعظ الناس ويحذرهم من هذا المنكر، أو وجه إليه سؤال عن مسألة من المسائل فتكلم فيها واستطرد، فهذا لا بأس به، لا يعد سنة وإنما حصل لعارض وسببٍ اقتضاه.

    (29/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم صوت المرأة المجرد


    السؤال
    ما رأيكم في صوت المرأة؟

    الجواب
    صوت المرأة المجرد ليس بعورة، لكنك تعرف أنه إذا ارتفعت أصواتهن بهذه المناسبة ولا سيما إن كانت أصواتاً جميلة لذيذة على السمع، والناس في نشوة العرس فإن هذا يخشى فيه من الفتنة العظيمة، فكون الأصوات لا تخرج من بينهن أحسن، أما ما يفعله بعض الناس اليوم يتخذ مكبرات الصوت على شرفات المبنى، فيؤذي الناس بسماع الأصوات ويقلقهم، ولا سيما إذا كان متأخراً فإن أذية المسلمين حرام لا تجوز.

    (29/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم رقص النساء


    السؤال
    هل يجوز الرقص والطرب للنساء؟

    الجواب
    الرقص مكروه، وكنت في الأول أتساهل فيه، لكن سئلت عدة أسئلة عن حوادث تقع في حال رقص المرأة فرأيت أن أمنع منه، لأن بعض الفتيات تكون رشيقة وجميلة وخفيفة ورقصها يفتن فتفتتن النساء بذلك، حتى إنه بلغني أن بعض النساء إذا حصل مثل هذا تقوم وتقبل المرأة التي ترقص وربما تضمها إلى صدرها ويحصل بهذا فتنة، ولهذا كنت أخيراً أقول: إنه ممنوع.
    والله أعلم، وسبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

    (29/26)


    --------------------------------------------------------------------------------
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,464
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    20-05-2024
    على الساعة
    01:51 AM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [30]
    تحدث الشيخ -رحمه الله- في هذا اللقاء عن علاقة المسلمين بالنصارى، وعما يضمره لهم الأعداء من حقد وحسد وتمنٍّ لزوالهم واستئصالهم، مبيناً أن ما يحدث في البوسنة والهرسك والشيشان وغيرهما من دول الإسلام في الشرق أو الغرب هو دليل واضح لكل من كان يريد أن يعرف الحق ويتبعه.
    وأجاب بعد ذلك عن الأسئلة، وكان معظمها حول كيفية معاملة المسلمين لأهل الملل الأخرى من أهل الكتاب والأميين.

    (30/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تآمر أهل الكفر على الإسلام وأهله
    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فهذا هو اللقاء الثلاثون الذي يتم كل شهر في ليلة الأحد الثالث من كل شهر إلا أن يكون هناك سبب يقتضي التأخير أو التقديم، لقاؤنا هذه الليلة يكون في الكلام عن النصارى، ومدى ما يكنونه للمسلمين.

    (30/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    عقيدة النصارى في نبينا محمد
    نقول: إن النصارى هم الذين ينتسبون إلى عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، ويسمون أنفسهم بالمسيحيين نسبة إليه، والمسيح عيسى بن مريم بريء منهم؛ لأنهم أنكروا بشارته ورفضوها، وأنكروا دعوته إلى التوحيد، وأشركوا بالله، ووصفوا الله تعالى بما لا يليق به.
    أما إنكارهم بشارة عيسى، فإن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام قال: ((يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ)) وهذا باعتبار الرسالة السابقة على رسالته {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف:6] وهذا باعتبار الرسالة التي تلت رسالته، ولا نبي بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم، هل قبلوا هذه البشارة؟ لا، بل رفضوها وأنكروها وكذبوا بها، وقالوا زاعمين وملبسين: إن عيسى بن مريم إنما بشر برسول اسمه أحمد، ورسول العرب اسمه محمد، ونحن في انتظاره.
    فيقال لهم: هذا تلبيس وتشبيه على السذَّج من الناس، وإلا فإن الله تعالى قال في نفس الآية: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الصف:6] جاءهم الفاعل من؟ المبشر به، لما جاءهم بالبينات الدالة على أنه رسول الله، وعلى أنه الذي بشر به عيسى عليه السلام قالوا: {هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الصف:6] فإذا كان قد جاء فكيف ينتظر؟! وأما تسميته بأحمد فيما أنطق الله به عيسى بن مريم، فلا يعني هذا ألا يكون له اسم آخر، فله أسماء متعددة: اسمه أحمد، ومحمد، والعاقب، والحاشر، وأسماء كثيرة له عليه الصلاة والسلام، ولكن أنطق الله عيسى أن يقول: أحمد دون محمد؛ لأن أحمد أدل على الكمال حيث إنه اسم تفضيل مشتق من الحمد، وهو مبني مما لم يسم فاعله ومما سمي فاعله، فباعتبار الأول يكون هو أكثر وأحق من يحمد، وبالاعتبار الثاني يكون هو أكثر وأحق من يحمد الله، والرسول عليه الصلاة والسلام له هذا وهذا، فلذلك أنطق الله عيسى بن مريم أن يقول: أحمد حتى يُعلم أن هذا الرسول عليه الصلاة والسلام أحمد الناس لربه، وأن هذا الرسول أكثر ما يحمده الناس.

    (30/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كفر النصارى بعيسى وموالاتهم اليهود
    ثم إن هؤلاء النصارى كفروا بما دعا إليه عيسى، عيسى بن مريم ماذا قال لهم؟ يقول الله عز وجل: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} [المائدة:116-117] لكنهم قالوا: لا {إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} [المائدة:73] ويعبدون ثلاثة، فقد كفروا بما جاء به عيسى من الحق، فكيف يصح أن ينتسبوا إلى عيسى عليه الصلاة والسلام وهم يكفرون بما جاء به؟! وهؤلاء النصارى وإن كانوا أعداء لليهود فيما سبق؛ لأن اليهود كذبت عيسى، وادعت أنه ولد زنا، وأن أمه بغي، وقتلوا من شبه لهم به، وقالوا: قتلنا المسيح عيسى بن مريم وصلبناه، فقال الله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء:157] ولكن لما جاء الإسلام صار هؤلاء المتعاديان بعضهم لبعض ولياً ضد الإسلام، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة:51] فإذا كان بعضهم أولياء بعض ضد المسلمين، فلا بد أن يتناصروا على المسلمين ويتعاونوا، فاليهود والنصارى كلهم أعداء للمسلمين، كلهم أعداء لنا، كلهم أعداء لمولانا وربنا عز وجل.
    هل تظنون أن الولاية بين اليهود والنصارى مقتصرة على اليهود والنصارى فقط؟ لا، كل الكفار مع اليهود والنصارى، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال:73] وهذه شهادة من الله عز وجل الذي يعلم ما في صدورهم، ويعلم ما في قلوبهم، ويعلم ما يكنونهم لحزبه المسلمين، لذلك لا غرابة أن ترحب دول النصارى بما جرى من الصرب على إخواننا المسلمين، وأن يقفوا ساكتين متفرجين على ما حصل من المآسي العظيمة: من القتل والتشريد والتمثيل، وانتهاك الأعراض، وإجلاء الناس عن منازلهم، والقتل العشوائي.

    (30/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    جرائم أهل الكفر تجاه المسلمين في يوغسلافيا
    لقد أتانا أخبار عن طريق الفاكس أنهم جمعوا (700) شاب من خيرة الشباب في ملعب رياضي، وجعلوا يذبحونهم كما يذبحون الغنم -أعوذ بالله- قلوبهم قاسية؛ لأنها حاقدة على الإسلام والمسلمين، ولأنها لم تر من يقول لها: مه، إذ أن الأمم الكافرة كلها معها، لا نستثني شيئاً، والدليل: أنهم كانوا يماطلون وعداً من بعد وعد، ونجتمع في المكان الفلاني وفي المكان الفلاني ولم يرفعوا رأساً ولم يروا بأساً بما جرى على المسلمين.
    ولما حصل ما حصل من الكروات على النصارى في هذه الأيام الأخيرة، صاروا يتحدثون عن السلام، يتحدثون عن حقوق الإنسان، مع أن النصارى الكروات لم يفعلوا بالنصارى الصرب كما فعل الصرب بالمسلمين ولا قريباً منه، بل فتحوا لهم الخط وجعلوهم يسيرون من ديارهم، ولم يحصل ما حصل للمسلمين.
    ثم لما وصلوا إلى البلاد التي كان فيها الكروات وهي من بلاد الصرب أجلوا الكروات من ديارهم، واستقبلوا هؤلاء الذين فروا من القتال، ومع ذلك لم يتكلم أحد في هذا، بل إنهم يحاولون الآن أن يقسموا بلاد يوغسلافيا على ما يروق لهم، وعلى ما يرون أنه يقضي على حركة المسلمين هناك، ولكننا بحول الله واثقون بالله عز وجل، وأنه ينطبق عليهم قول الله عز وجل: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30] القلوب بيد الله عز وجل، وهو سبحانه وتعالى قادر على أن يصرف هذه القلوب ويلقي العداوة بينها حتى يكون بعضهم يقتل بعضاً {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] ونحن نؤمن بأن هذا بقضاء الله وقدره، وأنه أمر مكتوب قبل أن تخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وأنه لا بد أن يكون له حكماً بالغة عظيمة، ولكننا نستعجل؛ لأن الإنسان خلق من عجل وكان عجولاً، إلا أننا كلما رجعنا إلى أنفسنا نقول: {وانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ} [السجدة:30] لا تعجل كما قال الله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:140] .

    (30/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    واجبنا تجاه نصرة إخواننا المجاهدين
    علينا أن نقوم بمساعدة إخواننا بما نستطيع من بذل المال والدعاء في كل وقت ترجى فيه الإجابة؛ لأن هذا أدنى ما يجب لهم علينا، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل كيد أعدائنا في نحورهم، وأن يشتت شملهم ويفرق جمعهم ويهزم جندهم إنه على كل شيء قدير.
    وهذه الأيام كانت الحملة المباركة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين وفقه الله لجمع التبرعات، وجمعوا ولله الحمد أموالاً كثيرة، نسأل الله تعالى أن ينفع إخواننا المسلمين بها، وأن تكون عوناً لهم على قتال أعدائهم، وتبرع المسلمون، مقل ومستكثر، كل بحسب حاله، حتى إن بعض النساء تبرعت بحليها، بالخاتم بالسوار بالخرص بالقلادة؛ لأن الناس والحمد لله معهم حياة، لكنهم يحتاجون إلى من يوقظ هممهم، ويشجعهم على الخير، والباب مفتوح إلى الآن لمن أراد أن يتبرع إما من الزكاة وإما من الصدقات، ولكنه يخبر من يتلقى هذه التبرعات بأن هذه زكاة أو صدقة تبرع؛ لأن كل شيء له باب معين {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ:39] .
    ونقتصر على هذا القدر من الكلام على هذه القضية المفجعة التي نرجو الله سبحانه وتعالى أن يجعل العاقبة حميدة للمسلمين، وأن يذل الشرك والمشركين.

    (30/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (30/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    البراءة من أعداء الإسلام


    السؤال
    فضيلة الشيخ: نفع الله بك، إذا حضرنا مثل هذا اللقاء وسمعنا كلامك عن النصارى واليهود زاد إيماننا وولاؤنا وبراءتنا من أعداء الله، لكن نرى أبناءنا يتربون على خلاف ذلك، ونرى كثيراً من المسلمين يتربون على موالاة أولئك عبر الأفلام التي يشاهدونها فتبهر العقول حتى تتعلق عقول الأطفال بأولئك الكفار فيرهبونهم ويخافونهم، فما تعليقك وفقك الله، وكيف السبيل إلى إنقاذ أمة الإسلام من مثل ذلك؟

    الجواب
    ما ذكره السائل أمر حقيقي، ويوجد من المسلمين من لا يتبرأ من المشركين، وإن تبرأ بلسانه لم يتبرأ بقلبه، يحبهم ويواليهم، لكن الله يقول في القرآن الكريم: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة:22] وكيف يقول الإنسان: إنه مؤمن بالله محب لله وهو يحب أعداء الله؟!
    أتحب أعداء الحبيب وتدعي حباً له ما ذاك في الإمكان
    كل إنسان يحب أعداء الله فإنه ليس محباً لله، وهذا شيء مفطور عليه الناس، وكل الأمم مفطورة على هذا، فحذار من هذه الوصمة أن تحب أعداء الله، حتى وإن برزوا في العلم والطب وفيما ينفع الناس فهم أعداء، ولا يمكن أن يسعوا في مصلحة المسلمين أبداً، بل إنهم يسعون لإضعاف وتفريق المسلمين وتمزيقهم إما تصريحاً وإما تلميحاً.
    وأما ما أشار إليه مما يرى في الأفلام أو يسمع وأن الصغار تعلقوا به فهذه نكبة كبيرة يجب على كل إنسان يتقي الله عز وجل ويخاف يوم الحساب يجب أن يحمي أولاده من ذلك، وأن يمنعهم منعاً باتاً من مشاهدة شيء يخل بعقيدتهم ويوجب الولاء لأعداء الله مهما كان الثمن؛ لأنه مسئول عن أولاده وعائلته، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته) .
    وكذلك يمنع مما يشاهد في بعض المجلات الخليعة التي تمجد ما تدعي أنهم أبطال، فيأخذها الصبي ويقرأها ويتعلق قلبه بهؤلاء، ومع ذلك يحتقر المسلمين وما هم عليه من الدين.

    (30/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم القائلين بدعوى تقارب الأديان


    السؤال
    فضيلة الشيخ: هناك من يدعو إلى التقريب بين الأديان، ويدعي أن أهل الإسلام واليهود والنصارى متفقون على أصل التوحيد، هل يحكم بكفره، وما رأيك بهذا الأمر؟

    الجواب
    أنا أرى أن هذا كافر، الذي يرى أن الدين الإسلامي واليهود والنصارى متفقون على التوحيد كافر مكذب لله ورسوله، وإذا كان يرى أن النصارى الذين يقولون: إن الله ثالث ثلاثة أنهم موحدون فهو غير موحد؛ لأنه رضي بالكفر والشرك، وكيف يتفق من يقول: إن عيسى ابن الله وعزير ابن الله، ومن يقول: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص:1-4] ؟!! ولهذا أقول لهذا الرجل: تبّ إلى الله عز وجل؛ لأن هذه ردة يباح بها دمك ومالك، وينفسخ بها نكاحك، وإذا مت فلا كرامة لك، ترمس في حفرة لئلا يتأذى الناس برائحتك، ولا يحل لأحد أن يستغفر لك إذا مت على هذه الحالة، حتى إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم لا يؤمن -أو قال: لا يتبع ما جئت به- إلا كان من أصحاب النار) .
    الأديان السماوية هي أديان ما دامت باقية، فإذا نسخت فليست بأديان، فاليهود حين كانت شريعة موسى قائمة وهم متبعون لها هم على الإسلام، والنصارى حينما كانت شريعة عيسى قائمة وهم متبعون لها هم من أهل الإسلام، لكن بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام صاروا كلهم كفاراً، لا يقبل عملهم؛ لقول الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85] .

    (30/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الذهاب إلى البوسنة للجهاد


    السؤال
    يسأل عدد من الإخوة عن حكم الجهاد في البوسنة والهرسك خصوصاً إذا كان الإنسان قد وافق والداه على ذهابه إلى هناك، حتى إنه يقول: إنه على استعداد كامل، وأذن والده بالذهاب هناك فهل له ذلك؟

    الجواب
    نعم له أن يذهب إلى هناك ليجاهد في سبيل الله، هذا هو الأصل، ولكن تعلمون أن الجهاد يحتاج إلى رجال وإلى سلاح، والسلاح كما نعلم وكما يظهر لنا من الأخبار محظور على الدولة الإسلامية في البوسنة والهرسك وممنوعة من ذلك، فكيف يذهب الإنسان إلى ساحة الحرب بدون سلاح؟!! لهذا لو أننا نتوقف حتى يتبين الأمر وحتى يسمح بالسلاح إلى البوسنة والهرسك هناك حتى يكون لذهابنا أثر، ولا نكون عالة على غيرنا، هذا ما أراه في هذه المسألة؛ لأن الواجب والعقل كلاهما يقتضي أن يتصرف الإنسان بحكمة، يقدم في موضع الإقدام ويحجم في موضع الإحجام.

    (30/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    ترحيل الكفار إذا انتهت عقودهم


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما جرى في البوسنة والهرسك للمسلمين أمر لا يوصف، لماذا لا يكون منا إنكار وذلك بطرد الخدم من الكافرين والكافرات الذين في بيوتنا إذا انتهت عقودهم، ووفينا ما بيننا وبينهم، لم لا نفعل ذلك حتى يسمع بنا أهل الكفر ويعرفوا أن أهل الإسلام أمة واحدة؟

    الجواب
    نقول: هذا طيب فافعلوا إن شئتم، إننا نوافق أنه إذا انتهت عقود الخدم الكافرين أن تنهى عقودهم، ولكن بعض قومنا نسأل الله لنا ولهم الهداية لا يوافقون على هذا، بل إن بعضهم نسأل الله السلامة يصرح بأن خدمة غير المسلم أقوى من خدمة المسلم، بمعنى: أن غير المسلم يؤدي عملاً أكثر، وكأنه لم يسمع قول الله تعالى: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة:221] {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة:221] .

    (30/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    سبل معاملة المسلم لجاره النصراني


    السؤال
    فضيلة الشيخ: لي جار نصراني دعوته إلى الإسلام أكثر من مرة لكنه رفض وأصر على البقاء على دينه، وأن دينه هو الحق، فهل آثم بالحديث معه ومعاشرته أم لا، وما واجبي تجاهه؟

    الجواب
    كل ما يجلب المودة بين المسلم والكافر فإنه وسيلة إلى الموادة، وقد قال الله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة:22] ولا يجوز للإنسان أن يسعى إلى شيء يفضي إلى الموادة؛ لأنه إذا سعى في ذلك فقد سعى إلى انتفاء الإيمان عنه، إما انتفاء مطلقاً وإما انتفاء الكمال، لكن إذا سلم علينا نرد عليه السلام، وإذا حيانا بتحية نرد عليه بمثلها، ولا نسيء إلى جيرته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره) .
    وقال العلماء: الجيران أربعة: الأول: جار قريب مسلم فله ثلاثة حقوق: حق الجوار، وحق القرابة، وحق الإسلام.
    الثاني: جار قريب كافر فله حقان: حق الجوار، وحق القرابة.
    الثالث: جار مسلم ليس بقريب فله حقان: حق الجوار، وحق الإسلام.
    الرابع: جار كافر غير قريب له حق واحد وهو حق الجوار.
    (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره) ولا يلزم من إكرامه الموادّة، كثيراً ما يكرم الإنسان شخصاً نزل به ضيفاًَ أو لقيه بعد سفر، فيكرمه ويعزمه ويصنع له الوليمة وهو لا يحبه، لكن الموادة وفعل ما يوصل إليها بالنسبة للمؤمن مع الكافر هذه تنقص الإيمان.
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,464
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    20-05-2024
    على الساعة
    01:51 AM

    افتراضي

    صفة مكر الله بالكافرين


    السؤال
    ذكرت يا فضيلة الشيخ قول الله تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ} [الأنفال:30] فما صفة مكر الله تعالى بالكافرين؟

    الجواب
    صفة مكر الله تعالى بالكافرين ذكرها الله تعالى في قوله: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف:182-183] هذا مكر الله تعالى بأعدائه أن يملي لهم وييسر لهم أسباب المعصية وأسباب الكفر حتى يستمروا في كفرهم ويموتوا على ذلك، فهذا من المكر، ومن ثم نعرف أن الله تعالى إذا ابتلى الإنسان المؤمن ببلاء فإن ذلك من نعمة الله عليه؛ لأن الله تعالى يكفر عنه به الذنوب، ويوقظ قلبه ويعرف أنه أخطأ فيستقيم، لكن الذين كفروا عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، وسوف يجدون الخسران يوم القيامة.

    (30/13)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الجهاد في البوسنة بالنفس والمال


    السؤال
    فضيلة الشيخ: يوجد الآن هناك في البوسنة سلاح بفضل الله كثير يأتي بطرق معينة، ولكن إخواننا هناك يحتاجون إلى المال والرجال.
    فما رأي فضيلتكم؟ وآخر يقول: هل يكفي أن نتبرع بالأموال لإخواننا المسلمين في البوسنة إذا كنا نقدر على أكثر من ذلك، مع العلم أن أموال التبرعات المرسلة إليهم لم تزدهم قوة وغلبة على الأعداء، بل تسكت جوعهم فترة من الزمن، ويحتاجون بعدها إلى أموال باستمرار، فهل من حل نهائي، وهل يسعنا هذا عند الله؟

    الجواب
    يقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] فمن استطاع أن يتبرع بالمال تبرع به، ومن لم يستطع دعا، ومن استطاع أن يجمع بين التبرع بالمال والنفس فليفعل، لكن كما قلنا أولاً: لا بد من استعمال الحكمة، وإلا فلا شك أن الواجب علينا أن ننصرهم بكل ما نستطيع، والجهاد كما تعلمون فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين إلا في مواطن أربعة فإنه يكون فرض عين: الموطن الأول: عند التقاء الصفين، فإن الفرار حينئذٍ محرم، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال:15-16] .
    الموطن الثاني: إذا استنفره الإمام، قال للناس: انفروا، فإنه يجب أن ينفر؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التوبة:38-39] .
    الموطن الثالث: إذا احتيج إليه بحيث يكون هذا الإنسان متدرباً على سلاحاً لا يعرفه إلا هو، فهنا يتعين أن يقاتل بنفسه؛ لأن فرض العين إذا لم يقم به من يكفي تعين على الآخرين.
    الموطن الرابع: إذا حصر بلده العدو فإنه يجب عليه الدفاع.
    في هذه المواطن الأربعة يكون الجهاد فرض عين، وما عدا ذلك فهو فرض كفاية، هكذا قرره أهل العلم رحمهم الله.

    (30/14)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تسمية النصارى بالمسيحيين


    السؤال
    هل يجوز تسمية النصارى بالمسيحيين؟

    الجواب
    هذا اسم متعارف عليه الآن، ولكن الله تعالى سماهم في كتابه النصارى، والنبي صلى الله عليه وسلم سماهم النصارى، وعلماء المسلمين سموهم النصارى، إلى وقت قريب حيث استعمرت النصارى بعض البلاد الإسلامية، وقالوا: أنتم محمديون ونحن مسيحيون لمحاولة الجمع والتأليف بين المسلمين والنصارى.

    (30/15)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم شكر غير المسلمين على معروفهم


    السؤال
    هل يجوز أن أطلق بعض الألفاظ لمن أسدى إليَّ معروفاً من الكفار كشكراً أو جزيت خيراً؟

    الجواب
    نعم هذا داخل في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه) فإذا أحسن إليك أحد من غير المسلمين فكافئه فإن هذا من خلق الإسلام، وربما يكون في ذلك تأليف لقلبه فيحب المسلمين فيسلم.

    (30/16)


    --------------------------------------------------------------------------------

    نصيحة لأصحاب الدشوش


    السؤال
    فضيلة الشيخ: أنا شاب أعيش عند أهلي أمي وأبي وإخواني وأخواتي، ولقد أحضروا جهاز الدش إلى البيت، وقمت بالإنكار عليهم وبينت لهم الصواب، فلم يستجيبوا لي، فهل أخرج من هذا البيت مع العلم أني أخشى على نفسي من هذا الجهاز لو بقيت عندهم، فماذا أصنع أرشدني بارك الله فيك، وإذا خرجت من المنزل وكان هذا سبب لغضبهم فهل عليَّ إثم في ذلك، وما نصيحتك لوالدي ووالدتي لعل الله ينفع بهذا الشريط؟

    الجواب
    أما نصيحتي لوالد هذا السائل ووالدته: فإني أوصيهم بتقوى الله عز وجل بفعل أوامر الله واجتناب نواهيه، وأحذرهم من مغبة هذه الدشوش التي لا ينشر فيها إلا ما يدمر الأخلاق والعقائد، وأقول لهم: إن الدنيا متاعها قليل، وإن ما يوعدون لآت، وإنهم إن سروا بمعصية الله يوماً فسوف يحزنون أياماً، وأن هذه الدشوش وما يشاهد فيها سوف يكون لها الأثر البالغ على العقيدة وعلى الأخلاق، كما يسمع الآن من بعض الصبيان الذين يشاهدون هذه المرئيات.
    أما بالنسبة إليه فأقول له: إذا كان بقاؤك خيراً بحيث يهون الشر ويسدي النصيحة، ولعل القلوب تلين ولعل النفوس تتطهر فليبق وليصبر، وإذا كان لا يفيد شيئاً فليخرج سواء غضب والداه أم رضيا بذلك؛ لأن رضا الله مقدم على رضا كل أحد، وإذا قدر أن الوالدين غضبا عليه فهما المسيئان، وليس فعله عقوقاً بل فعلهم قطيعه إذا قاطعوا ولدهم من أجل أنه أنجى نفسه من وبال هذا الدش.
    ثم ليعلم صاحب الدش أنه إذا أساء إلى جيرانه بذلك فإنه آثم؛ لأن بعض الدشوش ينتشر شره فيما جاور البيت، ويلتقط الناس منه، وليعلم أيضاً: أنه إذا مات وشاهد أحد هذه الدشوش فإن كل معصية تحصل عليه من إثمها، وإذا كان في قبره فما الذي ينجيه؟! والله لا ينجيه أحد، حتى أبناؤه وبناته لا يستطيعون أن ينجوه، وكل مشاهدة لهذا الدش الذي كان هو السبب في إيجاده سيكون عليه وباله -نسأل الله العافية- لأن من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، وهذا الرجل لا يدري ربما يصبح ولا يمسي، أو يمسي ولا يصبح، ولا أدري كيف تصوره لهذا الأمر، هل تصور المنكر ويقول: هذا ليس بصحيح ولا عليَّ إثم إذا مت ولا شيء، أو تصور المقر المعترف؟! فإن كان تصوره هو التصور الأول فهو على خطر في دينه، وإن كان على تصوره الثاني فهو على سفه في عقله أن يبقي هذه الآلة التي ستكون وبالاً عليه ولو طال الزمن ولو كان بعد موته بسنين.

    (30/17)


    --------------------------------------------------------------------------------

    دخول الرجال إلى حفلات الأعراس النسائية


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ذكرت في خطبة الجمعة بالأمس أن بعض الشباب اقتحموا إحدى قصور الأفراح الخاصة بالنساء، ولكنك لم تذكر وفقك الله واجب النساء الحاضرات في ذلك القصر، وماذا يصنعن في إنكار هذا المنكر، وماذا على كل من علم به تجاه أولئك الذين فعلوه؟

    الجواب
    الخطبة لا تحتمل التفصيل في كل شيء؛ لأنه يحضرها عالم قد يفهم الشيء على وجهه وقد يفهمه على خلاف وجهه، والمنكر هو دخول الرجال على النساء في هذه الليلة، ورقصهم مع النساء، وإلا فمن المعلوم أن هذا جناية على المجتمع كله، ومن المعلوم أيضاً أن الناس لا يرضون أن يدخل رجال على نسائهم في حفلات النساء، كل واحد لا يرضى، ولهذا اتصل بي بعض الناس بعد الجمعة وقال: يجب أن نحاكم هؤلاء الذين فعلوا هذا الفعل؛ لأننا لا نرضى أن نساءنا يدخل عليهن شباب يرقصون، وأن هؤلاء مستحقون للمحاكمة لما يفضي فعلهم إليه من الشر وفتح باب الشر، وكل إنسان والحمد لله ينكر هذا، لكن الإنسان قد يكون له هفوة وانطلاق لا يفكر في عاقبته، ونرجو لهؤلاء الذين فعلوا هذه الفعلة القبيحة نرجو الله سبحانه وتعالى أن يمن عليهم بالعفو والتوبة، وأن يحمي المسلمين من مثل هذه الفتن والشرور.
    وأما واجب النساء فإني لا أستطيع أن أقول: ما هو واجب النساء؟ هل واجب النساء أن يصحن بهؤلاء الرجال: اخرجوا اخرجوا؟ إنما المهم أني أرى من المنكر العظيم دخول الرجال على النساء.

    (30/18)


    --------------------------------------------------------------------------------

    كيفية صلاة المستحاضة


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما مدى صحة هذه القاعدة: بأن ما يخرج من السبيلين فهو ناقض للوضوء، فهل يجوز للمرأة التي تنزل منها تلك الرطوبة أن تعمل بحكم المستحاضة وهو الجمع بين الصلوات؟

    الجواب
    هذه القاعدة: (كل خارج من السبيلين ينقض الوضوء) .
    مستفادة من قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) لا ينصرف أي: من شك هل أحدث أو لا حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً، ومن المعلوم أن الريح ليس لها جرم وأنها هواء، فإذا كانت هذه الريح التي ليس لها جرم وأنها هواء ناقضة للوضوء فما له جرم فهو أخبث منها وينقض الوضوء، لكننا نرى أن هذه الرطوبة الدائمة مع المرأة وإن نقضت الوضوء فإنها طاهرة لا يلزمها أن تغسل ثيابها منها.
    وأما جواز جمعها بين الصلاتين لمشقة الوضوء لكل صلاة فهو جائز، يجوز أن تجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء إذا كان يشق عليها أن تتوضأ لكل صلاة، أما إذا كان لا يشق عليها، فإن الواجب أن تصلي كل صلاة في وقتها.
    وكيفية الجمع بين الصلاتين أنها تصلي الظهر مع العصر، أو المغرب مع العشاء، وليس فيه قصر، لأن القصر إنما يكون للسفر فقط.
    السؤال: حكم الرطوبة الخارجة من فرج المرأة مع كثرتها، ولم يظهر دليل صريح يبين هذه الحالة في عهد الصحابيات، حيث إن هذه الرطوبة تنزل بصفة مستمرة، ومن طبيعة كثير من النساء؟ الجواب: الواقع أن هذا الإشكال الذي أوردته السائلة هو إشكال حقيقة؛ لأن هذا -أعني الرطوبة التي تخرج- يبتلى بها كثير من النساء أو أكثر النساء، ولكن بعد البحث التام لم أجد أحداً من العلماء قال: إنها لا تنقض الوضوء إلا ابن حزم، ولم نذكر له سابقاً حتى نقول: إن سلف الأمة يرون أن هذا لا ينقض الوضوء، وأنا أقول: إذا وُجد أحد من سلف الأمة يرى أنه لا نقض بهذه الرطوبة فإن قوله أقرب إلى الصواب من القول بالنقض، أولاً: للمشقة، وثانياً: لأن هذا أمر معتاد، ليس حدثاً طارئاً كالمستحاضة، بل هو أمر معتاد عند كثير من النساء، فإن وجدتم سلفاً من صدر هذه الأمة يرى أنه لا نقض بخروج هذا السائل فقوله أقرب إلى الصواب، وأما إذا لم تجدوا فليس لنا أن نخرج عن إجماع الأمة.

    (30/19)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم تغيير لون الشيب


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما حكم تغيير الشيب في اللحية والشارب والرأس، فإذا كان سنة فلماذا نرى كثيراً من أهل العلم لا يفعلون ذلك؟

    الجواب
    تغيير الشيب بغير السواد سنة أمر بها النبي عليه الصلاة والسلام فقال: (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد) لكن كثيراً من العلماء لا يفعلون ذلك لمشقة الملاحظة، لأن الإنسان لا بد أن يلاحظ الشعر وإلا فإنه سيتبين أصله ويتضح، ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله في اتخاذ الشعر -أي: شعر الرأس- قال: هو سنة لو نقوى عليه اتخذناه ولكن له كلفة ومئونة.
    فعدل عن ذلك للكلفة والمئونة، هذا هو عذر بعض العلماء لا يفعلون ذلك، وقد كان شيخنا عبد الرحمن بن السعدي رحمه الله لا يسبغ لحيته بشيء، وكان مفتي هذه البلاد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله كذلك لا يسبغ الشيب، وكذلك إخوانه، وكذلك كثير من العلماء فيمن شاهدناهم لا يسبغون، لكن السنة لا شك أنها ثابتة سواء فعلها العلماء أم لم يفعلوها أنه ينبغي للإنسان أن يغير الشيب لكن بغير السواد، أما السواد فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وجنبوه السواد) .

    (30/20)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أفضلية الجهاد في حق شخص دون آخر


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما هو الأفضل لطلاب العلم الذين جاءوا من البوسنة والهرسك أو الشيشان، هل الأفضل لهم أن يبقوا في طلب العلم مع حال إخوانهم هنا، أم يقاتلوا مع إخوانهم جنباً إلى جنب؟

    الجواب
    طلب العلم والجهاد في سبيل الله الأفضل لكل أحد ما يناسبه، فإذا وجدنا رجلاً ذكياً حافظاً ولكنه ليس بذاك الجيد في القتال قلنا: الأفضل طلب العلم، وإذا وجدنا رجلاً قوياً شجاعاً وهو في تحصيل العلم أقل قلنا: الجهاد أفضل لك، ولهذا نجد الرسول عليه الصلاة والسلام إذا سئل: أي العمل أفضل؟ يخاطب كل إنسان بما تقتضيه حاله، فقد يقول: الأفضل كذا.
    وفي حديث آخر يقول: الأفضل كذا.
    وذلك باعتبار حال السائل، فكل إنسان له ما تقتضيه حاله، الإنسان الذي هو وعاء لطلب العلم في الحفظ والفهم، وتخريج المسائل، ومناظرة أهل الباطل طلب العلم أفضل له، والإنسان الشجاع المقدام النشيط القوي، العالم بأساليب الحرب ومعداتها، وهو دون ذاك في العلم الأفضل له الجهاد.

    (30/21)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم البيع والشراء عبر الكمبيوتر


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ظهر أمر جديد وهو الاستثمار عبر الكمبيوتر، وذلك أن أسهم الشركات تعرض عبر شاشة الكمبيوتر، فيشتري الإنسان ويبيع في البنوك عبر هذه الشاشة بالأسعار التي يريدها لأن هناك قائمة بأسعار أسهم الشركات، وهي متصلة بأسواق عدة، فما حكم البيع والشراء عبر هذه الشاشة؟

    الجواب
    أما الذي يشترط لصحة البيع فيه القبض فإنه لا يصح البيع والشراء عبر هذه الشاشة؛ لأنه ليس فيه قبض، وأما ما لا يشترط فيه القبض فإنه يحتاج إلى شيء آخر وهو العلم بالمبيع، وهل المبيع يعرض على هذه الشاشة وينظر، يبقى شيء آخر: القدرة على التسليم، هل لو طلبت أن يسلم لك ما اشتريت هل تتمكن من ذلك، ولهذا نرى ألا يتعامل الإنسان بهذه المعاملة، ولا نقول: إنها حرام إلا فيما تقتضي الشريعة أنه حرام كالبيع الذي يشترط فيه القبض، أو بيع المجهول، أو بيع ما لا يقدر على تسليمه فإنه يكون حراماً، لأن الله تعالى قال: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} [البقرة:275] وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الغرر) .

    (30/22)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم نتف الشيب


    السؤال
    فضيلة الشيخ: إذا بان في الإنسان شيب جديد كشعرة أو شعرتين فهل له نتفها لأنه لا يريدها؟

    الجواب
    إذا ظهر الشيب على الإنسان فإنه لا ينتفه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لعن النامصة والمتنمصة) والنامصة قال العلماء: هي التي تنتف شعر وجهها للتجمل، وهذا الذي ينتف شعره للتجمل شبيه بالنامصة، ثم نقول له: إذا اتبعت هذه القاعدة، وكلما خرجت شعرة بيضاء قلعتها لم يبق عليك شعر، لأن الشعر سوف يبيض، أول ما يظهر شعرتان أو ثلاثاً أو أربعاً ثم يشتعل الرأس شيباً، فهل كلما ظهرت شعرة بيضاء قلعتها؟ إن فعلت ذلك لم يبق عليك شعر.

    (30/23)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الزواج بنية الطلاق


    السؤال
    طبيبة تعمل في إحدى المستشفيات، توفي عنها زوجها، فقيل لها: إما أن تأتي بمحرم أو ينهى عقدك وتذهبين إلى بلدك، فاتفقت هي وأحد الرجال من بلدها وهو يعمل في نفس البلد التي هي فيها على أن يتزوجها ما دامت هنا، وعند عودتها إلى بلادها يقوم بتطليقها، فما الحكم في هذا الزواج والحال كما ذكرت؟

    الجواب
    أولاً: إذا وقع هذا الزواج في العدة أي: قبل أن تعتد عدة الوفاة فإنه لا يصح، وهو باطل بإجماع المسلمين، وعدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام لمن لم تكن حاملاً، ووضع الحمل لمن كانت حاملاً، قد تطول مدة الحمل وقد تقصر، فإذا تزوجها بعد العدة فلا بأس لكن بشرط أن ينوي أنه نكاح رغبة، ثم إن بدا له أن يطلقها فيما بعد فلا بأس.

    (30/24)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مدة طهارة المستحاضة


    السؤال
    في موضوع رطوبة المرأة تقول السائلة: ماذا تفعل المرأة إذا توضأت فهل تصلي الفرض مباشرة أم تصلي السنة فيكون حالها كمن لا يخرج منها شيء؟

    الجواب
    إذا دخل الوقت على المرأة المستحاضة أو من أصيبت بالماء الذي يخرج دائماً توضأت وبقيت على طهارتها حتى يخرج الوقت، تصلي ما شاءت من فروض ونوافل؛ لأن طهارتها تامة إلا أنها طهارة ضرورة تتقدر بقدرها، ومعنى قولي: تتقدر بقدرها أنه إذا خرج الوقت احتاجت إلى وضوء ثانٍ للصلوات المستقبلة.

    (30/25)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من نوى الفطر ولم يفطر


    السؤال
    رجل نوى أن يفطر في رمضان وهو مسافر، ثم غير نيته فأراد إتمام صيامه، هل يعتبر صائماً أم مفطراً؟

    الجواب
    إذا نوى فإن عزم النية أي: نوى أنه أفطر فإنه لا يتم صومه؛ لأن الصوم نية، وأما إذا قال: يمكن أن أفطر إن اشتد الحر علي أو ما أشبه ذلك ولكنه لم يفطر فإنه يتم صومه، فالكلام على عزمه إن عزم أفطر وإن لم يعزم فإنه لا يفطر.

    (30/26)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم التيمم بدلاً عن الوضوء مع القدرة عليه


    السؤال
    رجل مريض ولا يستطيع الذهاب إلى دورات المياه فما حكم وضوئه، هل يتيمم مع القدرة على أن يؤتي أحد له بماء فيوضأ أم يجوز له التيمم؟

    الجواب
    من لا يستطيع الوصول إلى دورة المياه فإنه يحضر له الماء ويتوضأ في مكانه؛ لقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] وهو إذا لم يستطع الوصول إلى الحمام يستطيع أن يحضر له الماء ويتوضأ منه، ولا يجوز التهاون في هذا، فأما إذا كان يشق عليه نفس الوضوء سواء ذهب إلى الحمام أو توضأ في مكانه فحينئذٍ يتيمم.

    (30/27)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم من فاتته تكبيرات في صلاة الجنازة


    السؤال
    رجل فاتته ثلاث تكبيرات في صلاة جنازة فماذا يصنع، كيف يقضي هذه التكبيرات السابقة؟

    الجواب
    إذا دخل في التكبيرة الرابعة فإنه يدعو للميت؛ لأن هذا محل دعاء للميت بالنسبة للإمام وأنت تابع للإمام، فإذا سلم الإمام فإن انتظروا بالجنازة حتى يقضي من فاتهم ما بقي عليهم قضى ما فاته على صفته، وإن حملت كما هو الغالب فإنه يتابع التكبير الله أكبر الله أكبر الله أكبر ويسلم، وإن شاء سلم مع الإمام، وهذه مسألة لم أطلع فيها على سنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، لكن هذا كلام العلماء يقولون: إذا أمكن أن ينهي ما فاته قبل أن ترفع الجنازة فليفعل، وإن خاف رفعها فإما أن يسلم مع الإمام وإما أن يكبر ويتابع التكبير ويسلم.

    (
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2,464
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    20-05-2024
    على الساعة
    01:51 AM

    افتراضي

    اللقاء الشهري

    اللقاء الشهري [31]
    القرآن كتاب الله وكلامه أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فهدى به من ضل، وبصّر به من عمى، وشفى به من مرض، لكن هذا القرآن قد يخفى أحياناً على الناس فهم معناه، ولم يكن تفسير القرآن لكل أحدٍ؛ فالناس في ذلك مراتب، وأفهامهم ومداركهم في ذلك مختلفة ومتفاوته.
    وفي هذا اللقاء بيان مراتب تفسير القرآن، وأهم المراجع في تفسيره من كتب أهل العلم المعتبرين والموثوقين.

    (31/1)


    --------------------------------------------------------------------------------

    القرآن شفاء للأمراض
    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فهذا هو اللقاء الحادي والثلاثون، وهو اللقاء الشهري الذي يتم في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذه الليلة ليلة الأحد التاسعة عشرة من جمادى الثانية عام (1416هـ) .
    في هذه الليلة نتكلم عن تفسير القرآن الكريم، وذلك لأن الله عز وجل أنزل هذا القرآن للناس ليتلوه، وتحصل لهم البركة بتلاوته، فمن قرأ حرفاً منه فله عشر حسنات، فإذا قال الإنسان: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] ففي كل حرف منه عشر حسنات، لأن كل حرف منه حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، أنزله الله تعالى شفاء لما في الصدور، والصدور هي محل القلوب، ولهذا قال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} [يونس:57] والتي في الصدور هي القلوب، كما قال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج:46] .
    القلوب يكون عليها صدأ ويكون بها مرض إما من غلبة شهوة، أي: من غلبة إرادة تميل بالإنسان عن الحق، ينشغل بالدنيا عن الدين، ينشغل بحب الرئاسة حب الجاه حب الشرف حب التبجيل والتكريم عن الذل والخضوع لرب العالمين -نعوذ بالله من ذلك-.
    القلوب فيها مرض شبهة، يشتبه الحق على الإنسان فلا يميز بين الحق والباطل، بل ربما يرى الباطل حقاً والحق باطلاً فيهلك.
    القلوب عليها صدأ صدأها المعاصي، وإذا تراكمت المعاصي على القلوب سدت عنها طرق الخير، قال الله تبارك وتعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * كَلَّا} [المطففين:13-14] أي: ليست أساطير الأولين {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:14] تراكم واجتمع عليها ما كانوا يكسبون من الأعمال السيئة حتى رأوا أعظم كلام رأوه أساطير الأولين.
    ولذلك اعلم أنك كلما حجبت عن فهم كلام الله فإنما ذلك من معاصٍ تراكمت على قلبك، وإلا لو كان قلبك نقياً وصافياً لرأيت أن كلام الله تعالى أعظم الكلام، وأصدق الكلام، وأحسن الكلام، وخير الكلام.
    القرآن شفاء للأجسام، دعنا من أمراض القلوب أمراض خفية تداوى بهذا الوحي العظيم، لكن حتى الأمراض الحسية فإنها تداوى بهذا الوحي العظيم، نزل قوم بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم في سرية على قوم من الناس، ولكن هؤلاء الذين نزلوا بهم لم يضيفوهم، فتنحى الصحابة ناحية، فبعث الله عقرباً شديدة اللسع فلدغت سيدهم فتعب منها، فطلبوا راقياً يرقيه فقالوا: لعل مع هؤلاء القوم راقياً، فجاءوا إلى الصحابة وقالوا: إن سيدهم لدغ فهل عندكم من راقٍ؟ قالوا: نعم، عندنا من يرقي، ولكن هل لديكم جُعل، -أي: عوض- قالوا: نعم لكم هذا القطيع من الغنم، أنجوا صاحبنا، فذهب أحد القوم وجعل يقرأ على هذا اللديغ بفاتحة الكتاب: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] قرأها عليه فقام حتى كأنما نُشط من عقال، أي: كأنه بعير فك عقاله، انبعث نشيطاً لقراءة الفاتحة عليه، فأخذوا القطيع حتى وصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألوه عن ذلك، فقال: (خذوه واضربوا لي معكم بسهم) قاله عليه الصلاة والسلام تطميناً لقلوبهم وإزالة لما في قلوبهم من الشك.
    ثم قال للذي قرأها: (وما يدريك أنها رقية؟) وهذا شيء مجرب، لكن لا ينفع إلا من آمن بذلك من قارئ ومقروء عليه، فإذا كان القارئ مؤمناً والمقروء عليه مؤمناً بفائدة هذا القرآن انتفع به المريض، أما إذا كان يقرأ على سبيل الشك والتجربة فإنه لا ينفع.
    القرآن شفاء حتى للأمراض الحسية كما في هذا المثال، وكما جرب أن يكتب على الحزا، -قروح وبثرات تظهر في القدم أو في اليد أو في الذارع- يكتب عليها {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} [البقرة:266] إذا كتبت هذه الآية عليها مرة أو مرتين زالت بإذن الله نهائياً، ولو وضعت عليها كل دواء من الأدوية المعروفة ما نفع، لكن اكتب عليها هذه الآية تزول، وهذا شيء مجرب.
    في عسر الولادة، تعسر الولادة على المرأة أحياناً، اقرأ في ماء، أو اكتب بزعفران على جدران الإناء الآيات التي فيها أن الله سبحانه وتعالى معتنٍ بالحمل، مثل: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد:8] ، ومثل: {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ} [فاطر:11] ومثل: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} [الزلزلة:1-2] وما أشبه ذلك من الآيات، ثم تشربها المرأة التي عسرت ولادتها وتمسح ما حول المكان وبإذن الله يسهل خروج الحمل، لكن كما قلت: المسألة تحتاج إلى إيمان من القارئ والمقروء عليه، فالحاصل أن القرآن كله خير.
    لكن هل نزل القرآن لهذا فقط؟ لا {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29] تدبر الآيات أي: التفكر بمعناها، وطلب معرفتها (وليتذكر أولو الألباب) أي: يتعظ، فبدأ الله عز وجل أولاً بمعرفة المعنى ثم بالعمل؛ لأن عملاً بدون معرفة المعنى لا يمكن، وربما يفسد العمل أكثر مما يصلح.

    (31/2)


    --------------------------------------------------------------------------------

    فهم القرآن من كتب التفسير المعتمدة
    إذاً: اعتني يا أخي بالقرآن الكريم تفهم معناه، إما من كتب التفسير المعتمدة الموثوق بمؤلفيها كـ تفسير ابن كثير، وتفسير القرطبي، وتفسير عبد الرحمن بن سعدي، وتفسير الشيخ أبو بكر الجزائري، وتفسير الشوكاني، وغيرها من التفاسير الموثوق بها، وكذلك تفسير البغوي، طالعها، وانتفع بها، وإذا أشكل عليك شيء فعندك العلماء والحمد لله، والاتصال بالعلماء الآن أسهل من ذي قبل، كان الرجل في الأول يشد الرحل ويحمل الزاد والمزاد ليسافر إلى بلد العالم يسأله عن مسألة واحدة، رحل جابر بن عبد الله رضي الله عنه إلى المدينة مسيرة شهر لحديثٍ واحد!! أما الآن فالاتصال سهل، ما عليك إلا أن ترفع السماعة وتضرب رقم العالم وتسأل، ولا يعني ذلك أن العالم كل وقت قد فتح هاتفه واستعد لقبول المكالمات؛ لأنه لو بقى هكذا صار لا ينام ليلاً ولا يتغدى ولا يتعشى، لكن لا بد من أوقات محددة، فالآن الاتصال سهل.
    هل يمكن بالوكالة؟ تقول: يا فلان، اسأل لي عن كذا وكذا؟ نعم.
    جائز، الصحابة رضي الله عنهم كان بعضهم يوكل بعضاً للسؤال عن العلم، علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكل المقداد بن الأسود أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن حكم المذي، فسأله، ولكن لا بد أن يكون الذي توكله فاهماً واعياً حافظاً، أما أن ترسل شخصاً ليس فاهماً يفهم منك مسألة ويسأل عنها العالم على وجهٍ آخر، ويفهم جواب العالم على وجه آخر، فتكون الوجوه الثلاثة كلها خطأ، هذا لا يصلح، لا بد أن يكون الذي ترسله فاهماً واعياً حافظاً، وإذا لم يكن حافظاً لقول العالم، أعطه مسجلاً إذا كنت لا تثق منه فربما يقع هذا، فأنت نفسك سجل السؤال، وقل: يا فلان، خذ هذا للشيخ الفلاني وقدم له هذا السؤال وسجل جوابه، وبهذا يحصل المقصود.
    فالآن أقول: اجتهدوا في فهم كلام الله عز وجل، لأن الأصل فهم المعنى، ولا يمكن عمل بدون فهم المعنى إطلاقاً، وكما ذكرت لكم مراجعة التفسير، ومن لا يستطيع المراجعة بنفسه فليراجع العلماء، لكن ليس كل عالم يوثق به، وليس كل تفسير أُلَّف يوثق به، لا بد أن يكون العالم موثوقاً بعلمه وفهمه لكتاب الله.

    (31/3)


    --------------------------------------------------------------------------------

    مراجع تفسير كتاب الله
    إذاً: لا بد من معرفة التفسير، ولكن إلى أي شيء نرجع في التفسير؟ أولاً: نرجع إلى تفسير القرآن بالقرآن، ثم تفسير القرآن بالسنة، ثم تفسير القرآن بأقوال الصحابة في الأمور الشرعية، ثم إلى تفسير القرآن بكبار مفسري التابعين الذين تلقوا التفسير عن الصحابة رضي الله عنهم.

    (31/4)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تفسير القرآن بالقرآن
    أولاً: أن نفسر القرآن بالقرآن، ولا شك أن أصدق تفسير لكتاب الله هو كلام الله؛ لأنه صادر من المتكلم به، مثال ذلك في القرآن كثير جداً: {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة:1-3] لو قال لك قائل: ما هي القارعة؟ {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} [القارعة:4-5] {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} [الانفطار:17-18] لو قال لك قائل: ما هو يوم الدين؟ تفسيره عندك، يتلوه تمامه {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار:19] {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة:9] اسمع الاستفهام، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} [القارعة:10] ما هو الجواب؟ {نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة:11] فسر القرآن بالقرآن، وهذا موجود في القرآن كثير.

    (31/5)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تفسير القرآن بالسنة
    المرتبة الثانية: السنة، مثاله: قال الله عز وجل: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:26] الواحد يفكر ما هي الزيادة على الحسنى؟ لأن الحسنى معناها: البالغة في الحسن غايته وكماله، الحسنى مؤنث أحسن وهو اسم تفضيل، يأتي إنسان: ما فوق هذا؟ وقد فسره النبي عليه الصلاة والسلام فقال: (الزيادة: النظر إلى وجه الله الكريم) والله إن هذا لزيادة، ألذ شيء وأطيب نعيم عند أهل الجنة النظر إلى وجه الله، اللهم إنا نسألك ألا تحرمنا ذلك يا رب العالمين، هذا تفسير القرآن بالسنة.
    وقال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:60] ما الذي نستطيع من القوة، هل له مثال؟ نعم له مثال، مثل به الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: (ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي) إذاً: لو قائل لنا قائل: مثلوا لنا بالقوة؟ نقول: هي الرمي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فسرها بذلك، والرمي ليس رمي الحجر باليد، يمكن أن يكون هذا من القوة في موضعه، لكن الرمي في كل مكان بحسبه، فيما سبق يرمون بالسهام بالقوس، يقول العلماء: أكثر ما يمضي ثلاثمائة ذراع أي: مائتي متر، هذا أعلى شيء، الآن الصواريخ تعبر القارات، وهذا داخل في الآية وما فسره النبي عليه الصلاة والسلام الرمي، هذا أعظم فتك في العدو.

    (31/6)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تفسير القرآن بأقوال الصحابة
    المرتبة الثالثة: أقوال الصحابة، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة:6] (لامستم النساء) وفي قراءة سبعية صحيحة: (لمستم) قد يتبادر إلى الذهن أن المراد: اللمس باليد، لكن ابن عباس فسرها بغير ذلك، فسرها بأنها الجماع، فمعنى: (لامستم النساء) أي: جامعتموهن، فعليكم الغسل، فإن لم تجدوا فتيمموا.
    إذاً نرجع في تفسير الآية إلى تفسير ابن عباس، نقول: الملامسة هنا تعني: الجماع، (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ) أي: الحدث الأصغر، فيكون في الآية الكريمة ذكر الحدثين: الأصغر والأكبر، ولو فسرنا الملامسة باللمس باليد لكان فيها ذكر الأصغر مرتين وإغفال الأكبر، فيكون فيه نقص في الدلالة.

    (31/7)


    --------------------------------------------------------------------------------

    تفسير القرآن بأقوال التابعين ثم باللغة العربية
    أما التابعون فهم محل نزاع بين العلماء، هل يرجع إلى تفسيرهم أم لا؟ والصحيح: أنه يرجع إلى تفسير كبار التابعين الذين تلقوا التفسير عن الصحابة رضي الله عنهم، فإن لم نجد ذلك فالباب واسع ولله الحمد، القرآن الكريم نزل بأي لغة؟ بلسان العرب {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء:192-195] إذا لم نجد ذلك نرجع إلى مقتضى اللسان العربي، ما معنى هذا في اللغة العربية؟ نفسره به ولا يضرنا هذا عند الله، وأما حديث: (من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار) فهذا مراده: من فسر القرآن برأيه، مثلاً: صاحب بدعة فسر القرآن بما تقتضيه بدعته، صاحب هوى فسر القرآن بهواه، وما أشبه ذلك، هذا هو الذي يتبوأ مقعده من النار، وأما من فسر القرآن بمقتضى اللسان العربي فهذا لا شيء عليه، لكن كما قلنا: هناك مراتب أربع قبل ذلك وهي: تفسير القرآن بالقرآن.
    الثاني: القرآن بالسنة.
    الثالث: القرآن بأقوال الصحابة.
    الرابع: القرآن بأقوال كبار المفسرين من التابعين.
    فأحثكم يا إخواني ونفسي على فهم كتاب الله وتفسيره بقدر المستطاع، حتى تنتفعوا منه، وتذوقوا لذته، وتنتفعوا بأخباره، وتمتثلوا لأوامره ونواهيه.
    وفقنا الله وإياكم لذلك، وجعلنا ممن يتلون كتاب الله حق تلاوته إنه على كل شيء قدير.

    (31/8)


    --------------------------------------------------------------------------------

    الأسئلة

    (31/9)


    --------------------------------------------------------------------------------

    أفضل الكتب للمبتدئين في التفسير


    السؤال
    فضيلة الشيخ: ما هي الكتب التي يتدرج بها طالب العلم في التفسير من بداية أمره حتى يبلغ الذروة، وما رأيك في تفسير زبدة التفاسير هل هو مناسب للمبتدئ أم لا؟ وكذلك تفسير الجلالين وكذلك غيره؟

    الجواب
    على كل حال: فيما أرى أن من أسهل ما يكون على طالب العلم المبتدئ هو تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي؛ لأن كلماته واضحة، وأسلوبه يفهمه العامي وطالب العلم، وفيه فوائد في بعض الآيات لا تجدها في غيره، فهو خير كتاب فيما أرى يبتدئ به الإنسان في التفسير.
    أما تفسير الجلالين فنعم مختصر، لكن تفسير الجلالين يحتاج إلى فحل من الرجال إلى عالم؛ لأن فيه رموزاً لا يحلها إلا طالب علم قوي، وأما زبدة التفاسير فأنا ما قرأته ولا أدري من مؤلفه.

    (31/10)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم إعانة النصارى في أعيادهم


    السؤال
    فضيلة الشيخ: في مثل هذا الوقت من كل عام ميلادي تكثر أصناف الحلوى والكيك ونحوها، ويرسم على بعضها: كل عام وأنتم بخير، ولربما رسم الصليب، فهل يجوز لأصحاب المخابز أن يفعلوا ذلك، علماً أنه موسم أرباح لهم، أرجو إذا كان الحكم بالتحريم توجيه نصيحة لهؤلاء، وكذلك لأصحاب المكتبات لأنهم يحضرون كروتاً يكتب عليها مثل هذه العبارات؟

    الجواب
    والله إن هذا لحرام، وقد يوصل بصاحبه إلى الكفر؛ لأن إشاعة التهنئة بعيد الكفار رضاً بشرائعهم ودينهم، والرضا بالكفر كفر، وقد نص على ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه أحكام أهل الذمة، وأنه لا يجوز إظهار أي شعيرة من شعائر الكفر في مناسباتها، ولا يحل للخبازين أن يفعلوا ذلك، أي: أن يرسموا صليباً أو كل عام وأنتم بخير أو ما أشبه ذلك، سبحان الله! نهنئ الناس بعيد كفار لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ثم نهنئ بعيد من؟ بعيد نصارى هتكوا أعراض المسلمين، واستباحوا دماءهم، واحتلوا ديارهم، ولو مكن لهم لقضوا على الإسلام كله، كيف نهنئ الناس بعيد هؤلاء؟!! والله لو كان عيداً وطنياً لا شرعياً فلا يستحقون أن يهنئوا به، فكيف وهو عيد شرعي عندهم من شعائر دينهم، والرضا بشعائر الكفر كفر؛ لأنه رضاً بالكفر، وخطر على القلوب، خطر أن يزيغ القلب والعياذ بالله ثم لا يميز الإنسان بين عدو الله وولي الله.
    نحن نشهد الله بما قال الله عز وجل أن كل كافر فهو عدو لله، وأن كل كافر فهو عدو لنا بنص القرآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة:1] كيف هؤلاء الذين شهد الله بأنهم أعداء ونحن نشهد أنهم أعداء كيف نفرح بأعيادهم؟!! كيف ننشرها بين صبياننا وأطفالنا وبناتنا ونسائنا؟! لكن سبحان الله العظيم! موت القلوب، وذوبان الشخصية، وتبعية الناس للأقوى هو الذي جعل مثل هذه الأمور تهون في نفوسنا.
    فأرى أن هذا حرام، وأنه يجب علينا مقاطعة هذه الأفران التي تفعل مثلما قال السائل، وكذلك يجب على أصحاب المكتبات أن يمتنعوا من بيع هذه الكروت التي فيها التهنئة بعيد كفري لا يرضي الله ولا رسوله ولا المؤمنين.

    (31/11)


    --------------------------------------------------------------------------------

    حكم الشهادة لمن مات يهودياً أو نصرانياً بأنه من أهل النار


    السؤال
    فضيلة الشيخ: من المقرر في عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم لا يشهدون لأحد بجنة ولا بنار إلا من شهد الله له ورسوله، فهل يدخل اليهودي والنصراني إذا قتل أو مات في ذلك، فلا نقول: بأنه من أهل النار، أم أن الأمر مختلف، أرجو توضيح الحكم؟

    الجواب
    أولاً: لا بد أن نعلم أن الشهادة بالجنة والنار لا تكون إلا لمن شهد له الله ورسوله بذلك، والشهادة نوعان: النوع الأول: أن يشهد الرسول عليه الصلاة والسلام لشخصٍ بعينه، فهذا نشهد له، سواء بجنة أو بنار، وكذلك لو شهد الله لشخص بعينه أنه في الجنة أو في النار نشهد بعينه.
    مثال من شهد الله له بالنار بعينه: أبو لهب عم الرسول عليه الصلاة والسلام، قال الله فيه: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [المسد:1-5] .
    ومثال من شهد الله له بالجنة: أبو بكر على تفسير قوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل:17-21] فإن كثيراً من المفسرين فسرها بـ أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فإن استقام هذا التفسير وأنها لـ أبي بكر بعينه، ولكن العبرة بعموم اللفظ، وإلا فقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، وشهد له بأنه صديق لما صعد النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان على جبل أحد بعد الوقعة، أتدرون ماذا صنع الجبل؟! اهتز، جبل أصم اهتز لأقدام هؤلاء الأربعة البررة، رسول الله، أبو بكر، عمر، عثمان، فقال له: (اثبت أحد، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان) هذا الذي شهد الله له ورسوله نشهد له بعينه.
    والنوع الثاني: شهادة بالوصف لا بالعين، فنشهد لكل مؤمن أنه في الجنة، لكل تقي أنه في الجنة، لكل مجرم أنه في النار، أما بعينه فلا نشهد له، لكن من مات معلناً بالكفر ومحاربة الإسلام فلا شك أن الإنسان يكاد يتيقن أنه من أهل النار، لكنه لولا أنه يخاف من أن يؤاخذ بفلتات لسانه لشهد.
    ثم نقول: يا أخي شهدت أم لم تشهد؟ إن كان من أهل النار ولو شهدت له بأنه بار، وإن لم يكن من أهل النار فلو شهدت أنه من أهل النار ألف مرة لم يكن من أهل النار، وليس هناك لزوم، لكن لا شك أنه يغلب على الظن إن لم يتيقن الإنسان أن من مات على الكفر ومحادة الله ورسوله فهو في النار، لكن الإنسان يخشى من فلتات اللسان والشهادة، لأن الله يقول: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18] .
    وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
    http://www.musacentral.com/

صفحة 1 من 4 1 2 ... الأخيرةالأخيرة

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. هنا كل كنوز العلامه محمد بن صالح العثيمين
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-02-2018, 09:02 PM
  2. هنا كل كنوز العلامه مصطفى العدوي
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-02-2018, 05:45 PM
  3. عشر خطط للمحافظة على راتبك الشهري من المصاريف
    بواسطة الزبير بن العوام في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 14-05-2014, 11:31 AM
  4. فضل العلم العلامه بن باز مرئى
    بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-04-2011, 02:16 AM
  5. ستيوارت العتيبي و مايكل الشهري وآخرون.. سعوديون يريدون إعلان إسلامهم
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 10-01-2011, 11:08 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين

موسوعه فتاوى اللقاء الشهري العلامه ابن عثمين