الوحي فى الإسلام

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

الوحي فى الإسلام

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الوحي فى الإسلام

العرض المتطور

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    1,892
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    18-05-2024
    على الساعة
    06:05 PM

    افتراضي

    مجال النبوة:
    الحواسُّ تصل إلى ما هو في مجالها، وقد اصطلح عليه بمجال الشهادة، أمَّا ما لا تصل إليه فهو مجالُ الغيب، وهذا المجال هو مجال النبوة؛ أي: إن الوحي طريقٌ لإدراك مجال الغيب، فالإيحاء غيبي وما يوحى به – الوحي - هو مشهودٌ مسموعٌ ومقروءٌ، والوحيُ وَسَط بين مجال الغيب وما فيه، وبين مجال الشهادة، والموحى إليه ينفرِد بالاطلاع على مجال الغيب، ونقل ما بلغ إلى مجال الشهادة؛ كي ما تصل له الحواس ويدركه العقل.


    غير أن الموحى به ليس كلُّ ما في مجال الغيب، بل جزء منه "فالوحي هو الطريق المعصوم للمعرفة، فهو من عالم الغيب، ومتوجِّه إلى عالم الشهادة، وغايته هداية الإنسان في الأرض لعبودية الله - عز وجل - وهو يزوِّده بما يلزمه معرفته للعمل به في عالم الشهادة، وبما ينتظره من مصيرٍ في عالم غيب لا يشاهد... ومجال المعرفة التي ينزل بها الوحي إنما هو نوعها ومجالها وعالم الشهادة وعالم الغيب[33].


    فالعقيدة والعبادة ليستا من نتاج العقول البشرية، بل لا بُدَّ لها من نصوص وحي تبيِّن أن هذا واجبٌ وجائزٌ، وهذا ليس بجائز.

    كما شمل مجالُ الوحي العلاقات الاجتماعية والأسرية، بين الأفراد والمجتمعات، فبيَّن أحكامَ الزواج، وآدابَ العلاقات الأسرية والجوارية بين الناس، وعلاقة الراعي بالرعية، والدُّوَل مع بعضها، والشُّعوب مع غيرها، وإن كان للعقول البشرية نصيبٌ في ذاك، إلا أنها لا تصل إلى درجة التشريع الكامل العادل، والدليل على هذا أوضح من أن يُفَصَّل.

    والأخلاق وعلم السلوك؛ أي: معرفة الحسن والقبيح، والجائز والمحرَّم، كلها لا دخل للعقل فيها سوى الفهم والإدراك والالتزام، و للفطرة دورٌ في الميل نحو الخير.

    فالوحي جاء ليشمل كلَّ نواحي مجال الشهادة، فكان التَّكامُل بين ما هو غيبي وما هو مشهود.

    وكما تبيَّن في مصدر الكون أن له مجالاً تصل إليه الحواسُّ والعقول وهو مجال الشهادة، وآخر لا تصل إليه العقول وهو مجال الغيب، فالمصدر (الخالق) مجالان الأول غيب معلوم يصبح من عالم الشهادة بواسطة الخبر، وغيب لا يطَّلع عليه أحدٌ غير الله - تعالى - وهذا المجال هو مفاتيح الغيب: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} [الأنعام: 59]، فمن الغيب مجال أذن به الله - تعالى - فأطلع عليه ملائكته فقط، وآخر أطلع عليه ملائكته ورسله فقط، وآخر أطلع عليه الناس عبر الرسل، ومجال هو مفاتيح الغيب اختصَّ بها - تعالى - لا يطَّلع عليها أحد.

    فالوحي هو جزءٌ من مجال الغيب في المصدر الإلهي، والكون كمصدر للمعرفة مجالاته مشهودة ومغيبة، ومجالات الغيب فيه نسبية وإضافية.

    أما الخالق كمصدر للمعرفة فمن مجالاته ما هو مشهودٌ لملائكته، ومنها ما هو مشهود لرسله، ومنها ما يصل بالخبر للناس، والباقي إمَّا غيبٌ نسبي يُطلِع عليه مَن يشاء وقت ما شاء، أو غيب مطلق لا يطَّلع عليه أحد إلا هو.

    وهذا التَّقسيم رُوعِي فيه الدنيا والآخرة، فكان الأَوْلى تقسيم المصادر إلى مصدر مخلوق ومصدر خالق، والمخلوق مجالاته الشهادة والغيب، ومجال الغيب الملائكة والعرش والسماوات السبع والجنة والنار، فالغيب هو الخفي الذي لا تصل إليه الحواس، وهو على قسمين: قسم نُصِب عليه دليلٌ فيمكن معرفته؛ كذات الله - تعالى - وأسمائه، وأحوال الآخرة، وقسم لا دليل عليه فلا يمكن للبشر معرفته؛ وهو مفاتح الغيب، قال الكفوي: "وغيب الغيب هو الذات الإلهية المطلقة، والغيب المطلق كوقت الساعة لا يُعلم إلا بخبر الله - تعالى - والغيب الإضافي كنزول الغيث"[34].


    ومفاتيح الغيب خمسة بيَّنها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "متى تقوم الساعة، وما تغيض الأرحام، وما هو في غد، وبأي أرض تموت كلُّ نفس، ومتى ينزل الغيث"[35]، وفي التفسير أقوال عدة[36]، غير أنَّنا لسنا مطالبين بكشفها؛ لأن الخوض فيها لا طائل منه، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه، ونحن معشر المؤمنين بعالم الغيب وما فيه من الملائكة وهم جند الله الأكبر، وما لهم من التأثير والتدبير في عالم الشهادة المادي - بإذن الله - وتسخيره - نعتقد أن لله - تعالى - سُنَنًا في نظام ذلك العالم غير سننه الخاصَّة بعالم المادة، وأنَّ الإنسان هو حلقة الاتصال بين العالمَين، فجسده ووظائفه الحيوية من عالم الشهادة وروحه من عالم الغيب[37].


    وينبغي أن يعلم أن الوحي هو (موضوع مدرك)؛ أي: يفهم ويدرس ويتدبر فيه ليستنبط منه، "وأحسن الأدلة العقلية هي التي بينها القرآن وأرشد إليها الرسول، فينبغي أن يعرف أن أجلَّ الأدلة العقلية وأكملها وأفضلها مأخوذ عن الرسول، فإن من الناس من يذهل عن هذا ويقدح في الدلائل العقلية مطلقًا؛ لأنه صار في ذهنه أنها هي الكلام المبتدع"[38].


    خصائص الوحي المعرفية:
    أ- ربانيَّة المصدر: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الأحقاف: 9]، فالعلم الموحى به محفوظ من التحريف والتبديل، مؤتمن الطريق كي ما يصل إلى الناس، وهم على يقينٍ أنه من المصدر كما أُنزِل، فقد تكفَّل الله - تعالى - بعصمة رسله، والنص الموحى مقدَّس، وعلى أعلى درجات اليقين، هذا التأكيد على ربانية المصدر يعطي العلم المأخوذ من الوحي قيمةً أساسية وكبرى بين غيره من العلوم، ويكسِبه مركز الثقة ومحور اليقين فيكون معيارًا لغيره في الخطأ والصواب، والكذب والصدق، والحق والباطل؛ أي: هو المرجع والمعيار للحقيقة والحق، وهو الحكم.

    والمصدرية هذه لا تلغي الفكر البشري، بل تكسبه ثقة ويقينًا أكثر في وضع معيار لتقويم أفكاره، وعقائده وما أخذه عن عالم الشهادة، كما تمنحه دور الفهم المعلم المأخوذ من المصدر الرباني وجعلِه قاعدة للتحاكم: "فليس له أن يتلقَّى هذا التصور - من المعرفة النبوية - بمقرَّرات سابقة يستمدُّها من أيِّ مصدر آخر، أو يستمدها من مقولاته هو نفسه، ثم يحاكم إليها هذا التصور ويزنه بموازينها، إنَّما هو يتلقَّى موازينه ومقرَّراته من هذا التصور ذاته، وبتكليفٍ منه، ويستقيم على منهجه، كما يتلقى الموضوعية في هذا التصوُّر من المصدر الإلهي الذي جاء به لا من مصدر آخر خارجه، ثم هو الميزان الذي يرجع إليه بكافَّة ما يَعِنُّ له من مشاعر وأفكار وقِيَم وتصوُّرات في مجرى حياته الواقعية، كذلك ليزنها عنده ويعرف حقها من باطلها، وصحيحها من زائفها"[39].


    ب- المجال غيبي: هناك جوانبُ لا يدركها العقل، ولا تَصِل لها الحواسُّ، ويختصُّ بنقلها الوحي؛ كالذات الإلهية وأسمائها وصفاتها وأفعالها؛ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، والمشيئة الإلهية: {كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [آل عمران: 40]، {كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} [آل عمران: 47]، وعالم الغيب لا يُعلَم منه شيء إلا بإذنه، ولا نعلم تفاصيله إلا من الوحي: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 26- 27].

    كما أوضح الوحي مجال العقل؛ كي لا يرهق بالبحث في غير مجالاته: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} [الأنعام: 59]، ففي الآية إرشادٌ إلى توجيه الطاقة الفكرية إلى المجالات القابلة للإدراك كي ما تحقق العمارة والخلافة والتمكين في الأرض، وتبتعد عما لا طاقة لها به، ولا طائل من وراء الخوض فيه، وفي هذا توفيرٌ للجهد وعدم إهدار للوقت في بحوث لا نهاية لها[40].


    ج- الكمال والخلود: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون} [النحل: 64]، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: 28].

    هذه المعرفة شاملةٌ لكل ما اختلف فيه الذين أنزل عليهم الكتاب، فالوحي نَزَل بالحق الكامل: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} [البقرة: 176]، هداية للناس الهداية الكاملة دون أن يحتاجوا إلى غيره مما لم يرشد إليه: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ} [الجاثية: 20]، يبصر بها الناس الحق والحقيقة التي يبحثون عنها من كبرى اليقينيَّات، والمسائل الوجودية، والأخلاقية والأخروية، والجواب عن هذا لا يكون كاملاً إلاَّ في الوحي: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9].


    والوحي هدايته خالدة، وشاملة لكل زمان ومكان؛ لأنه من عند من يعلم ويحيط بكل شيء مكانًا وزمانًا؛ {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]، والعقول مهما بلغت فلن تصل حتى إلى ما يقارب علمه؛ {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة : 255].

    فالمعرفة من الوحي شاملة لحقائق الألوهية والربوبية، والكون المخلوق، ولحقائق الإنسان... فالكل يأخذ منها، وإن تفاوتوا في الأخذ والعطاء فليس تفاوتًا فيما يجب العلم به وإنما تفاوت في الفهم والاستزادة مما يعمِّق الفهم وييسِّره، ومن ثَمَّ فهي يقينٌ لكلِّ مستويات البشر، وجميع ظروفه وملابساته، وجميع أزمانه وأمكنته، وهي شاملة للكينونة الإنسانية بكلِّ ما فيها، ولما وراء هذه الكينونة الإنسانية بكلِّ ما فيها، وشاملة كذلك لمبدأ خلقه ومنتهاه، وشاملة لتفسير الوجود والمعرفة والقيم.

    د- التوازن والثبات: العلم المتلقَّى من الوحي صادرٌ عن الله - تعالى - في أصله؛ لذاك هو منزَّه عن الأهواء، والتأثُّر بالعوارض، والتَّغيُّر على حسب الأحوال، فنزوله كان عن علم محيط بالزمان والمكان، لكلِّ الظروف والوقائع، فكانت أحكامه ثابتةً، وما أنزل على قوم هو صالح لهم في كل عصورهم، وما أرسل للناس كافَّة هو لكلِّ الأقوام والأمم والأفراد أينما وُجِدوا وحيثما كانوا، فأصوله ثابتة تُسايِر المتغيِّرات، وهذا الثبات يكسبه التوازن في إصدار الأحكام، والمصدريَّة لليقين والحق، إذ المعيار كيما يتحاكم إليه لا بُدَّ أن يكون ثابتًا لا يتغيَّر، ومتوازنًا مع كل ما يحاكم إليه؛ قال - تعالى -: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [المائدة: 48]، فالله أنزل القرآن أفضل الكتب مشتمِلاً على الحق من الأحكام والأخبار، مصدِّقًا لما ورد في الكتب السابقة، ومؤكِّدًا عليها، مطابقًا لما فيها، مهيمنًا عليها بما فيه من زيادة عليها واستيعاب لها كلها، ففيه نبأ السابقين وخبر اللاحقين.

    ثم أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتحاكم إليه؛ لأنه معيارٌ ثابت غير مضطرب ولا متغيِّر، ولا يتقلب ولا يرجع لأهواء الناس؛ لأنها لا قرار لها، وما لا مستقر له لا يُقَعَّد عليه، فمعلومٌ أن القانون والبديهي لا يكون إلا على تصوُّر صادق ثابت، فإن تصور أن ثباته ربما لا يناسب تحوُّلات الأزمنة وتنوع الأماكن والمجتمعات، وما يلحقها من تغير للتقاليد والعادات والثقافات، كان الردُّ أن لكل أمة مما سبق شرعةً في الأحكام التشريعية، وسنة وسبيلاً يتبعونه، وهذه الأمة هذا سبيلها، فالشرائع تتغيَّر بحسب تغيُّر الأمم في الأزمنة الغابرة؛ لأن كل أمة أنزل عليها تشريع.

    غير أن الأصول وهي العقائد ثابتة، لكن ما بعد نزول القرآن فكلها أمة واحدة تشملها شريعة وعقيدة واحدة؛ قال - تعالى -: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيب} [الشورى: 13]، فهذا ما استوى فيه الأنبياء - حتى أولو العزم - وهو التوحيد والأخلاق والقيم والآداب، فهي ثابتةٌ بين كل الأمم متوازنة مع زمانهم ومكانهم.

    هـ- العملية والإيجابية: الوحي يزوِّد الإنسان بمعرفة موضوعية ذات حقائق بالوجود وصور الخلافة فيه والسير في الأرض، بل الإيمان والمعرفة والتعقُّل وكل وسائل الإدراك كان ذمها في القرآن حال تعطيلها عن أداء العمل الذي تم إبلاغه بالعلم، فكلُّ علم انتفى عنه العمل فهو مذمومٌ في الوحي، فسوَّى بين وجود وسائل المعرفة وعدمها حال لم يبادر صاحبها إلى العمل بمقتضى العلم الحاصل معه؛ قال - تعالى - عمَّن تركوا العمل بما علموا: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِير} [الملك: 8- 10]، فنفيهم للتعقُّل والسماع هو نفيٌ للاستجابة لمقتضى العلم الحاصل من الوحي.

    والوحي يبثُّ في واقع كوني محسوس، ويبرهن على صحَّته من الكون، ويرشد إلى الكون كمصدر للمعرفة، ويجعله محورَ استخلافٍ الوحيُ منهاجه، فالعمل أساسُ العلم في الوحي: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33].

    فكان المنهج الربانيُّ واقعيًّا عمليًّا، يرفع الإنسان من حال التَّرَف الفكري إلى العمل الإيجابي القلبي، وعمل الجوارح لتسخير الكون لفائدته والتمكُّن منه، أو للقربة من خالق الكون بكل ذلك، وكلها تحقِّق التوازُن والانسجام والشمولية المعرفية الإدراكية والإرادية للإنسان؛ لأنها من عند من فَطَره: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [الروم: 30]، ومخالفة فطرة الله - تعالى - التي خلق الناس عليها هي علَّة كل اضطراب فكري أو نفسي أو عملي، فهي أسُّ الفوضى في عالم البشر.

    ح- خصوصية الطريق: فالوحي علمٌ لآحاد الناس ممن اصطفاهم الله - تعالى - وعصمهم وهيَّأهم لحمل الرسالة، وليست للعامَّة ولا أحد له القدرة أن يكتسب الوحي، أو يصل إليه بعقله وقواه الإدراكية، مهما علا في العلوم، ومارس من رياضات قلبية.

    والخصوصية هنا في الطريق والموضوع المدرَك، أمَّا الخطاب فهو للناس كافَّة، فهم لا يصلون إلى مصدر الوحي، ولا ترتقي عقولهم إلى إدراكه عن الملائكة، أو عن الله - تعالى - لعلوِّه، لكن تصل إلى الخطاب النبوي فتأخذ العقول العلم الموحى به من سماع كلام الأنبياء؛ أي: خطابهم، وهذا شامل لكل الناس، فالإيحاء خاصٌّ، والموحى به يبلِّغ للناس عامَّة، فالنبوة خاصة والتكليف عام؛ {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 26- 27].

    ط- خصوصية الغاية: القرآن الكريم ذكر مفهومين يوضِّحان أن الغاية الرئيسة:
    • معرفة الله والتقرُّب إليه.
    • إقامة العدل والقسط في المجتمع البشري.

    فالوحي أُنزِل ليُعَرِّف بالمصدر الإلهي، ويعرف بطرق إقامة العدل، والقسط في كل شيء؛ {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25].

    "فالدعوة إلى الله ومعرفته والتقرب إليه هي التوحيد النظري والتوحيد العملي الفردي الاجتماعي، والتوحيد الاجتماعي هو مقدمةٌ ووسيلةٌ للوصول إلى الغاية السامية وهي الحركة إلى الله فقط"[41]، فالفلاح فلاحٌ دنيوي يكون بإقامة القسط والعدل والميزان في نواحي الدنيا النفسية والاجتماعية والمادية، حتى في الصناعة والزراعة والتجارة؛ لأنها كلها قائمة على قوانين ثابتة، والميزان لكل حركة وفعل وجزء ومادة وفكرة، فيكون بعده العدل ليكون الانتفاع والخير والاستفادة عن قدر منظم، فأصل النظام وجود الميزان، والميزان وُجِد لإقامة العدل، ولا نظام دون عدل في الفكر أو الفعل، والفلاح الدنيوي تمهيدٌ للفلاح الأخروي؛ بأن يسخر ذلك العدل والقسط لمعرفة المعبود والتقرُّب منه وإليه، وليكون العدل أكثر ثباتًا ويقينًا لا بُدَّ من تزكية له من منزل الميزان؛ لأنه هو من يعلم المقادير، فهو من يضبط العدل من الظلم.
    فالوحي هو ميزان العدل ومنهج للوزن، وإدراك الفلاح الدنيوي لإصابة الفلاح الأخروي.
    ـــــــــــــــــــ
    [1] "أساس البلاغة"؛ للزمخشري، 101.
    [2] "معجم ألفاظ العلم والمعرفة"؛ عادل زاير، ص21.
    [3] "المفردات"؛ للراغب، ص530.
    [4] "مناهل العرفان في علوم القرآن"؛ محمد عبد العظيم الزرقاني، دار الفكر العربي، القاهرة، ط(1)، 1995، ص46.
    [5] "مباحث في علوم القرآن"؛ مناع القطان، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط(1)، 1995، ص33.
    [6] "التفسير الكبير"؛ الرازي، ج14، ص272.
    [7] "تأويل مشكل القرآن"؛ عبد الله بن مسلم بن قتيبة؛ شرح وتحقيق: السيد أحمد صقر، دار الثراث، القاهرة، ط(2)، 1973، ص373.
    [8] "كبرى اليقينيات الكونية"؛ محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر، دمشق، ط(1)، 1997، ص183.
    [9] "المفردات"؛ الراغب، ص209.
    [10] "تاج العروس"؛ الزبيدي. ج9، ص67.
    [11] "التفسير الكبير"؛ الرازي، ج10، ص73.
    [12] "الوحي المحمدي"؛ محمد رشيد رضا، دار الكتاب، الجزائر، ط(1)، 1989، ص44.
    [13] "الرسول والوحي"؛ محمد سيد أحمد المسير، دار ابن كثير، بيروت، ط(1)، 1987، ص237.
    [14] "المقدمة"؛ ابن خلدون، ص15.
    [15] "نظرية المعرفة بين القرآن والفلسفة"؛ راجح الكردي، ص706.
    [16] "تيسير الكريم الرحمن"؛ السعدي، ص341.
    [17] يقول النورسي: إن الله - تعالى - الذي خلق هذا الكون؛ إظهارًا لألوهيته ومعبوديته على هيئة كتاب صمداني مجسَّم، بحيث تعبر كل صحيفة من صحائفه عن معاني الكتاب... وخلقه على شكل قرآن سبحاني مجسَّم؛ بحيث إن كل آية من آياته التكوينية، وكل كلمة من كلماته، بل حتى كل حرف منه، وكل نقطة - بمثابة معجزة تقدِّسه وتسبحه... وخلقه على صورة مسجد رحماني مَهيب، وزيَّنه بما لا يحد من الآيات، والنُّقوش الحكيمة، بحيث إن في كل زاوية طائفةً منهمكة بنوع من العبادة الفطرية لخالقهم الرحمن؛ فهل يمكن ألاَّ يرسل هذا الخالق المعبود الحق (أساتذة) ليدرسوا معاني ما في ذلك الكتاب الكبير، ويعلموا الناس ما فيه؟ أم هل يمكن ألاَّ يعين أئمة لذلك المسجد الأكبر، ليؤموا الناس الذين يعبدونه بأنماطٍ وأشكال مختلفة من العبادات؟ أم هل يمكن ألاَّ يزوِّد أولئك الأساتذة والمفسِّرين والأئمة بالأوامر السلطانية؟ حاش لله وكلاَّ... وألف مرة كلاَّ! ثم إن الخالق الرحيم الكريم، الذي خلق هذا الكون، إظهارًا لجماله ورحمته على ذوي الشُّعور، وحسن رأفته بهم، وكمال ربوبيته لهم، وليحثهم على الشكر والحمد... قد خلقه على هيئة دار ضيافة فخمة، ومعرض رائع واسع، ومتنزه جميل بديع، وأعدَّ فيه ما لا يُحدُّ من النِّعَم اللَّذيذة المتنوِّعة المختلفة، ونظَّم فيه ما لا يُعَدُّ من خوارق الصَّنعة وبدائعها الرائعة، فهل يمكن ألاَّ يتكلم هذا الخالق الرحيم الكريم بواسطة رسله مع ذوي الشعور من مخلوقاته في دار ضيافته الفاخرة هذه؟! أم هل يُعقَل ألاَّ يعلمهم وظائف شكرهم، وكيفية امتنانهم اتجاه تلك النعم الجسمية، ومهام عبوديتهم اتجاه رحمته السابغة وتودُّده الظاهر؟! كلا... ثم ألف ألف مرَّة كلاَّ! فبنو آدم قافلةٌ متسلسلة، راحلة من أودية الماضي وبلاده، مسافرة في صحراء الوجود والحياة، ذاهبة إلى شواهق الاستقبال... فكان لا بُدَّ أن يبرز من ظلمات العدم إلى ضياء الوجود بقدرة سلطان الأَزَل (الرسل الكرام) الذين اصطفاهم الله من بين البشر، وكلَّفهم بحمل الأمانة؛ ليوقظوا الناس من سباتهم: يا بني آدم من أين؟ إلى أين؟ ما تصنعون؟ مَن سلطانكم؟ مَن خطيبكم؟ ما دام الكونُ قد خلق لأجل الحياة، وأن الحياة هي أعظم تجلِّي، وأكمل نقش، وأجمل صنعة للحيِّ القيُّوم - جل جلاله... فإن حياة ذي الجلال السرمدية الخالدة تظهر وتكشف عن نفسها بإرسال الرسل وإنزال الكتب، إذ لو لم تكن هناك رسل ولا كتب لما عرفت تلك الحياة الأزليَّة، فكما أن المتكلِّم يبين حيويته، وحياته عند حديثه كذلك الأنبياء والكتب المنزلة تبين وتدل على ذلك المتكلم الحي، "النبوة وضرورتها للإنسانية"؛ بديع الزمان سعيد النورسي، إعداد: خديجة النبراوي، شوزلر للنشر، تركيا، ط(1)، 2000، ص (8- 9).
    [18] "نظرية المعرفة بين القرآن والفلسفة"؛ راجح الكردي، ص711.
    [19] طبيعة الوحي في أنه يتكامل مع الإنسان، متميزًا عن المناهج البشرية والقوانين الوضعية كافَّة، فسمة الواقعيَّة تقتضي أن يتعامل الإنسان (النبي) مع الإنسان (المدعو) بلغته، وطبيعته، وسمات الشخصية الإنسانية المشتركة؛ كي يصل الخطاب الموحَى إلى المدعو ناصعًا أبلج، ويؤكِّد هذا المعنى أنَّ عملية تلقِّي الوحي حقيقة خارجية، لا علاقة لها بحديث النفس المجرَّد، ولكنها استقبال من ذات أخرى مباينة، "نظرية المعرفة في القرآن الكريم"؛ أحمد الدغشي، ص355.
    [20] "إلجام العوام"؛ لأبي حامد الغزالي، ص(39 94).
    [21] "تجديد الفكر الإسلامي"؛ محسن عبد الحميد، م ع ف إ، واشنطن، ط(1)، 1990، ص114.
    [22] "ضوابط المعرفة"؛ الميداني، ص135.
    [23] "كبرى اليقينيات الكونية"؛ البوطي، ص186.
    [24] "مجموع الفتاوى"؛ ابن تيميَّة، ج19، ص155.
    [25] "نظرية المعرفة بين القرآن والفلسفة"؛ راجح الكردي، ص720.
    [26] من دلائل النبوة علمهم بالتاريخ السحيق، والأخبار التي لا يدركها إلا قلَّة من الناس، كما سُئِل نبيُّنا من اليهود عن أهل الكهف، وذي القرنين، ولا علم له بالتاريخ، ولا بالكتب، ولا بالقراءة أصلاً، فأجابهم بعد أن بلغه جبريل.
    [27] جعل البعض خصائص الأنبياء امتيازات هي: الإعجاز، العصمة، القيادة، الإخلاص، البناء، الجهاد، "الوحي والنبوة"؛ مرتضى مطهري ترجمة: عباس الترجمان، دار المحجة البيضاء، بيروت، ط(1)، 2000، ص 159.
    [28] "نظرية المعرفة بين القرآن والفلسفة"؛ راجح الكردي، ص725.
    [29] المرجع السابق: ص732.
    [30] "زاد المسير"؛ ابن الجوزي، ص 1273.
    [31] "تيسير الكريم الرحمن"؛ السعدي، ص 783.
    [32] "فتح الباري"؛ ابن حجر، ج1، ص 114.
    [33] "نظرية المعرفة بين القرآن والفلسفة"؛ راجح الكردي، ص 771.
    [34] "الكليات"؛ الكفوي، ص668.
    [35] "صحيح البخاري"؛ البخاري، ج1، ص219.
    [36] "زاد المسير"؛ ابن الجوزي، ص442.
    [37] "الوحي المحمدي"؛ رشيد رضا، ص207.
    [38] "الفرقان بين الحق والباطل"؛ أحمد بن تيمية؛ تحقيق: حسين يوسف غزال، دار إحياء العلوم، بيروت، ط (3)، 1987، ص32.
    [39] "خصائص التصور الإسلامي ومقوِّماته"؛ سيد قطب، ص 45.
    [40] ذلك لأن منهج الإسلام يمتاز بخصائص لا تتوفر في سواه:
    أولاً: أنه منهج إلهي قرآنًا وسنة، ثابت لا يتغير، حيٌّ في مرونة، وخصبٌ يتجاوَب مع الفطرة الإنسانية، فيلبي حاجات الإنسان، ويتابع قضايا العصر، ويعطي الحياة أنبل العطاء، يؤمن بالعقل ومقدرته على الاستنباط والاجتهاد.
    ثانيًا: أنه ينظر إلى الإنسان على أن الله خلقه جسمًا كثيفًا، وروحًا شفيفًا.
    ثالثًا: أن مبادئه ليست خيالاً ولا مثاليةً، بل واقعية تطبيقية، "خصائص مدرسة النبوة"؛ كمال محمد عيسى، دار الشروق، جدة، ط(1)، 1962، ص(40 48).

    [41] "الوحي والنبوة"؛ مرتضى المظهري، ص 34.
    التعديل الأخير تم بواسطة الشهاب الثاقب. ; 20-02-2016 الساعة 11:39 PM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    هل الله يُعذب نفسه لنفسههل الله يفتدى بنفسه لنفسههل الله هو الوالد وفى نفس الوقت المولوديعنى ولد نفسه سُبحان الله تعالى عما يقولون ويصفون

    راجع الموضوع التالي


الوحي فى الإسلام

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. قصه بدأ الوحي
    بواسطة شِبل الإسلام في المنتدى من السيرة العطرة لخير البرية صلى الله عليه وسلم
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-08-2012, 08:14 PM
  2. يا دعاة الإسلام الزموا الوحي .. مقال لـ د. عائض القرني
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتديات الدعاة العامة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-04-2011, 07:59 PM
  3. الوحي في الإسلام هل هو من الله
    بواسطة عبدالله عبدالسيد عبدالله في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 14-10-2010, 07:13 AM
  4. سلسلة الإسلام يتحدى وحوار مع أهل الكتاب : 1 بدء الوحي
    بواسطة مصطفى بن حسين في المنتدى الرد على الأباطيل
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 25-04-2009, 05:59 AM
  5. بدء الوحي
    بواسطة شمس الاسلام في المنتدى من السيرة العطرة لخير البرية صلى الله عليه وسلم
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 15-05-2006, 12:06 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

الوحي فى الإسلام

الوحي فى الإسلام