ومن الطريف هنا أن نذكر أنّ ((جايجر)) ذاته قد صرّح في مقدمة كتابه: ((ماذا أخذ محمد من اليهوديّة؟)) أنّه لن يعتمد غير الكتب التي ألّفت قبل ظهور القرآن، إلاّ أنّه وفي نفس الفقرةأضاف أنّ سفر ((فرقي دي ربّي إليعازر)) ((عمره غير معروف على التدقيق))!!
والأمر فيما يبدو من خلال ملاحظة مجموع منهج الرجل وأسلوبه في الاستنباط؛ خيانة علميّة نابعة من معرفته بدلائل علميّة ومنطقيّة أنّ هذا السفر متأخّر عن (ظهور) القرآن الكريم،ولذلك فقد حاول أن يتترّس بشيء من التواضع العلمي بدعوى عدم المعرفة بتاريخ هذا السفر،لكنّه عاد وبنى أهم مادة كتابه (التشابه في القصص) على هذا السفر المتأخّر عن بعثة الرسول :salla-s: ويحسن في الآخر أن ننقل ما قاله الناقد ((نورمان أ. ستيلمان ((Norman A. Stillman)) في مقاله الذي خصّه للحديث عن قصّة ابني ((آدم)) في القرآن الكريم والكتابات اليهوديّة: ((كُتِب الكثير حول العناصر اليهوديّة-المسيحيّة في الإسلام وأسفاره منذ كتاب أبراهام جايجر: ((ماذاأخذ محمد من اليهوديّة؟)) الذي ظهر أوّل مرّة سنة ١٨٣٣ م. أحدث كتاب ((جايجر)) أثرًا كبيرًا في زمانه، رغم أنّه قد سعى إلى تقديم نظرة مبالغ فيها حول مساهمة اليهودية في صياغة القرآن العديد من مصادر التراث التي ذكرها هي من المسيحيّة الشرقيّة والأدبيات التلموديّة والأجاديّة. تاريخنا الحالي للأدبيات العبرية المتأخرة أفضل مما كان في زمن " جايجر " وقد نُشِرت العديد من النصوص الأخرى-إسلاميّة ويهوديّة ومسيحيّة- منذ صدور كتابه. بإمكاننا أن نقرّر اليوم في ضوء ذلك أنّه في بعض الأحيان التي كنّا نعتقد فيها وجود تأثير أجادي على النصّ الإسلامي؛ تبيّن لنا أنّ العكس هو الأرجح يبدو أن فرقي دي ربي إليعازر كمثال، قد حرّر بعد ظهور الإسلام.))٣٧٣
ملحوظة :
ثبت أنّ هذا السفر المنحول ٣٧٤ الذي ألّفه يهودي من فلسطين ٣٧٥ زمن الحكم الإسلامي لفلسطين، قد استعمل كتابات الأحبار التنايم والتلمود الأورشليمي والبابلي والترجوم الآرامي ٣٧٦ ، وهي كلّها سابقة لظهور الإسلام، لكننا لا نجد له في الموافقات المدعاة بينه وبين ما جاء في القرآن الكريم، سلف يهودي له؛ مما يدلّ قطعًا على أنّ القرآن الكريم هو مصدر
هذا السفر لا العكس؛ إذ إنّ تفرّده بعدد كبير من هذه التشابهات مع تأخّره الزمني، لا يمكن أن يعزى إلى غير النقل عن القرآن الكريم.
يتبع
المفضلات