س47) ما الحكم لو عرض عليه الإسلام واقتنع به ولكنه لم ينطق بالشهادة إلا بعد دخول وقت الصلاة الثانية ؟
ج) إذا كانت الحال كذلك فإنما يلزمه الصلاة التي أوقع الإسلام في وقتها ، لأنه قبل النطق بالشهادة لا يعتبر مسلما ، فلا يطلق عليه اسم الإسلام إلا بعد النطق بالشهادتين ، فيصلي تلك الصلاة التي أسلم في وقتها ، وعليه أن يراعي التفصيل السابق ، فإن أسلم في وقت العصر لزمه صلاة الظهر السابقة لها معها ، وإن أسلم في وقت العشاء لزمه صلاة المغرب السابقة لها معها .
س48) ما حكم الصلوات التي مرت عليه وتركها حال كونه كافرا ؟ هل يلزمه قضاؤها أم لا ؟
ج) أقول :ــ أجمع أهل العلم رحمهم الله تعالى على أن الكافر إذا أسلم فإنه لا يلزمه قضاء ما فاته زمن الكفر ، بل هو عفو عنه ، وهذا الإجماع يرجع لأمور :ــ منها :ــ قوله تعالى " قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف " والصلاة داخلة في هذا العموم ، ومنها :ــ أنه قد أسلم في عهده صلى الله عليه وسلم الأعداد الكثيرة ولم يثبت في حديث واحد أنه أمر أحدا بقضاء ما فاته زمن كفره من الصلوات ، وهذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام ، ومنها :ـ حديث " إن الإسلام يهدم ما كان قبله " ، ومنها :ــ أن في أمره بقضائها تنفيرا له عن الدين ، وحرجا وإثقالا لا تأتي بمثله الشريعة ، والمتقرر أن كل فعل في تطبيقه عسر فإنه يصحب باليسر ، وأن الأمر إذا ضاق اتسع ، وأن رفع الحرج عن المكلفين من مقاصد هذه الشريعة المباركة زادها الله شرفا ورفعة .
س49) ما الحكم فيما لو أسلم وترك عددا من الصلوات بعد إسلامه جاهلا بحكم الصلاة في الإسلام ؟
ج) أقول :ــ هذه المسألة خلافية كبيرة ، والذي يترجح فيها هو ما اعتمده أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى ، وهو أنه يستأنف الصلاة بعد علمه بالوجوب ، وأما ما تركه جاهلا بوجوبه فإنه غير مؤاخذ على تركه ، وذلك لأن الشرائع ــ على القول الصحيح ــ لا تلزم إلا بالقدرة على القول ولعمل ، فلا تكليف إلا بعلم ، ولا عقوبة إلا بعد إنذار ، فالعلم بالوجوب شرط في ثبوت الأمر الواجب ، فمن لا يعلم بالوجوب ــ ومثله يجهل ــ فإنه غير مطالب بهذا الواجب الذي جهله ، في حال كونه معذورا بجهله ، وقد بحثنا الأدلة في هذه المسألة في رسالة مستقلة ، وما ذكرناه هو النتيجة والمحصلة النهائية لهذا المبحث ، فالراجح أن من أسلم وفوت مجموعة من الصلوات جاهلا بوجوب الصلاة في شريعة الإسلام ، ومثله يجهل ، فإنه لا يلزمه قضاء شيء مما فاته منها ، بل على من حوله أن يعرفوه بوجوبها وأنها الركن الثاني من أركان الإسلام وأنه لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة فإذا عرف وجوبها لزمه المحافظة عليها في الوقت الذي عرف الوجوب فيه ، أي يلزمه أن يصلي الوقت الذي عرف الوجوب فيه .
س50) هل يحكم بإسلام من صلى من الكفار ولو لم ينطق بالشهادتين ؟
ج) أقول :ــ هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم ، والراجح والله تعالى أعلم أنه لا يحكم بإسلامه بمجرد ذلك ، بل ولا تصح صلاته أيضا ، لأن من شرط صحة الصلاة الإسلام ، ومن المعلوم أن الشرط لا بد أن يتقدم على المشروط ، وهو حال تكبيرة الإحرام لا يزال على كفره ، فالواجب أولا أن ينطق بالشهادتين ثم يمكن من الصلاة ، وأما قبلها فلا ، فإن قلت :ــ أوليس الصلاة فيها الشهادتان ؟ فأقول :ــ نعم ولكن الشهادتين نظمها في الصلاة في التشهد ، وهو متأخر عن تكبيرة الإحرام ، والإسلام السابق على تكبيرة الإحرام شرط لصحة الصلاة بالإجماع ، ولأن المتقرر عند أهل العلم أن الخروج من الخلاف مستحب ، لا سيما في مثل هذه المسألة الخطيرة التي يترتب عليها صحة الإسلام من عدمه ، فلا تنبغي المخاطرة بالدين .
المفضلات