مازلنا نعيش في رحاب كلام ربنا سبحانه وتعالي .. ذلك الكلام المعجز الذي "ليس كمثل كلامه كلام" وهيا بنا نري كلام ربنا حين يتكلم عن الشيء وضده .. وقديما قالوا " بضدها تعرف الأشياء" الله سبحانه وتعالي يقارن بين عطاء المؤمن .. الذي ينفق من أمواله في سبيل الله.. وأملا في رضوانه .. وطمعا في إحسانه .. وبين عطاء الكافر .. الذي لايعرف له ربا .. ولا يعبد له إلاها .. ولا يؤمن بالبعث والنشور.
يتكلم الله عن عطاء المؤمن فيقول سبحانه وتعالي: "مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم " (2/261) . يشجع الله الأغنياء من عباده .. ويحثهم علي رعاية إخوانهم الفقراء والمساكين .. ويجزل لهم في الثواب والعطاء بمثل رائع .. مثل الحبة الصغيرة .. التي تغرس في التربة .. فينتج عنها 700 حبة .. كذلك الله سبحانه وتعالي يعطي الكثير علي القليل .. فإن الله سبحانه وتعالي يضاعف ثواب الصدقة إلي 700 ضعف وأكثر من ذلك لمن يشاء . وقد ختم الله الآية الكريمة بكلمات " والله واسع عليم " وهو ختام متناسق تماما مع بداية الآية فالله سبحانه وتعالي واسع في عطاءه .. واسع في كرمه وفي وجوده واسع في إحسانه .. وهو عليم بعباده .. عليم بالنوايا .. والقلوب .. عليم بأحوال عباده .. فقرائهم وأغنيائهم .. يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.........
ويتكلم الله عن عطاء الكافر فيقول سبحانه وتعالي :
مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (3/117) . لقد أعطي الله مثلا لأموال الكفار.. حتي لو أخرجوها للفقراء والمساكين.. لن ينفعهم ذلك .. فقد شبه الله أموالهم بالريح شديدة .. ذات البرد والصقيع الشديد
الذي مر علي حقل قوم .. كانوا يأملون من حرثهم وزرعهم الرزق الوفير.. ولكنهم كانوا قوما ظالمين لأنفسهم .. فجاءت الريح فاهلكت الحرث .. وضاعت آمالهم .. وهذه الامثال تقرب للأذهان المراد من رب العباد .. إنه كلام ربنا سبحانه وتعالي الذي "ليس كمثل كلامه كلام".