:007:(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً) (النساء : 64 )
والفهم الخاطيء للآية يتمثل فيما زعمه البعض أن الآية تأمر بالتوسل بالنبي والذهاب اليه أو طلب الأستغفار , فهو وسيلتنا الى الله عزوجل ولا فارق في ذلك بين حياته وموته , إذ ثبت أن رجلا أعرابيا قدم على قبر النبي صلى الله عليه وسلم وتلى الآية ثم قال: (وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي فنودي من القبر أنه قد غفر لك) ,وفي رواية أخرى : ان النبي صلى الله عليه وسلم جاء الى العتبي وقال : الحق بالأعرابي وبشره بأن الله قد غفر له.....أ هـ.( ذكر نحوه ابن كثير في تفسيره للآية )
والحقيقة أن الآية الكريمة لم تتحدث عن التوسل من قريب أو بعيد بل هو أمر عجيب وفهم غريب.
ونقول: بأن هذا الذي ذكر لم يصح ولا دليل عليه , بل لا وجه له في الآية .
إذ أن معنى الآية هو انها نزلت في توبة المنافقين وقد جاءت بين الآيات التي تتحدث عن المنافقين.
قال الطبري في تفسيره:(القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رّسُولٍ أِلاّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنّهُمْ إِذ ظّلَمُوَاْ أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوّاباً رّحِيماً }..يعني بذلك جلّ ثناؤه: لم نرسل يا محمد رسولاً إلا فرضت طاعته على من أرسلته إليه, يقول تعالى ذكره: فأنت يا محمد من الرسل الذين فرضت طاعتهم على من أرسلته إليه. وإنما هذا من الله توبيخ للمحتكمين من المنافقين الذين كانوا يزعمون أنهم يؤمنون بما أنزل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فيما اختصموا فيه إلى الطاغوت, صدودا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول لهم تعالى ذكره: ما أرسلت رسولاً إلا فرضت طاعته على من أرسلته إليه, فمحمد صلى الله عليه وسلم من أولئك الرسل, فمن ترك طاعته والرضا بحكمه واحتكم إلى الطاغوت, فقد خالف أمري وضيع فرضي. ثم أخبر جلّ ثناؤه أن من أطاع رسله, فإنما يطيعهم بإذنه, يعني بتقديره ذلك وقضائه السابق في علمه ومشيئته. )
ويقول ابن سعدي في تفسيره للآية( فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما "
أي : لتاب عليهم بمغفرته ظلمهم ، ورحمهم بقبول التوبة والتوفيق لها ، والثواب عليها . وهذا المجيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، مختص بحياته؛ لأن السياق يدل على ذلك ، لكون الاستغفار من الرسول ، لا يكون إلا في حياته . وأما بعد موته ، فإنه لا يطلب منه شيء ، بل ذلك شرك .)
وأما بالنسبة لقصة الإعرابي وحكاية العتبي التي ذكرت في البداية لا تصح ولا يستشهد بمثلها في أمور العقيدة والأحكام.
ومع ذلك فقد أوجب المتصوفه على أتباعهم العمل بها , فكل من زار قبرالنبي يجب أن يتلو الآية ويقول مقالة الأعرابي,
فإذا قيل : لعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فهي على المعنى العام كالآتي:
يرشد الله تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا الى الرسول فيستغفروا الله عنده ويسألون أن يستغفر لهم , فإنه مجاب الدعاء , فنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم. وهكذا كان يفعل أصحاب النبي لا في الاستغفار فقط وإنما في قضاء حوائجهم أيضا . كمن كان يطلب الشفاء او استجابة الدعاء وغير ذلك......
ولا مانع في ذلك ولا ضرر بل هو من التوسل المشروع بدعاء النبي لأمته , وإذا كان المسلم يدعو لأخيه المسلم فمن باب أولى النبي يدعو لأمته , فأين التوسل في هذا أو اين التوسل بالنبي بعدوفاته.
المفضلات