القصص القـــرآنــــى


مريــم ابنة عمـــران

بسم الله الرحمن الرحيم - الحمد لله والصلاه والسلام على رسولنا وحبيبنا وخيرة خلق الله سيدنا محمد - بندأ :
السلام عليكم اخواتى

السلام عليكم القراء الأعزاء

بمناسبة شهر رمضان المبارك - ولأن النصارى لا يقدرون مريم ابنة عمران حق قدرها اردت ان أبدأ بهده الآيـــة الكريمة "

وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّا فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً - مريم 16-26

ويا سلام لو تسمعوها بصوت الشيخ احمد الطرابلسى الررررائع هنا
http://audio.islamweb.net/islamweb/i...&AudioID=12013

مريم ابنه عمران كانت رجاء قبل أن تولد - كانت نذرا لخدمة بيت الله في القدس ، كانت أمنية من أمنيات أمها حِنة بنت فاقوذ ، ولما ولدت وكبرت واشتد عودها أصبحت أما لنبي مبارك ، ولادته كانت معجزة وحياته كانت معجزات.

لم يمُت ، ولكنهم ظنوا انه قُتل ، سيكون وجيها في الدنيا والآخرة ، ومن المقربين إليها ، لكل هذه الأشياء والأحداث قصة عظيمة ، ولكن لا بد أن نعود إلى حنة بنت فاقوذ قبل ان تلد فتاتها العابدة – الراهبة .

كانت حِنـة بنت فاقوذ عاقرا – لم ترزق بولد ، وطالما تمنته لتقر عينها بطلعته وتمتع النفس بابتسامته ومرحة .

وكانت كلما رأت أمومة الطير في طائر يحتوى على فرجه ويطعمه ، أو امرأة تحمل طفلها ، زادت رغبتها واشتدت ، وتاقت نفسها وتمنت ان يكون لها نصيب من هذه السعادة التى ما بعدها سعادة . انها فرحة الامومة وسعادة الأم بطفولة وليدها.

لقد طال العمر ، وتقدمت السنون بحِنـه وزوجها عمران بن ماثان ، احد احبار بنى اسرائيل ، ولكن ارادة الله لم تأذن حتى بعد هذا العمر الطويل بولد يملىء عليهما حياتهما ، الا انهما لم ييأسا من روح الله ، انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون .

والتجأت حنه الى الله رب السموات والأرض ، وتوسلت اليه فى خضوع صادق وخشوع عابد ، ونذرت له ان حقق لها ما تمنت ، ورزقها بولد ، تصدقت به على بيت المقدس فيكون خادما مخلصا ، وعاهدت نفسها على ألا تسخره لشيء غير هذا الذي نذرته له ، فهو لخدمة هذا البيت محررا ولسدنته مخلصا.

رغبت في الإنجاب لتشبع رغبة الأنثى ، ولكي يطمئن قلبها ، وتبتهج حياتها بمجيئه ، ولم تنتظر من وليدها أن يكون معينا لهم في معاشها أو غير ذلك من شئون الدنيا .

ولم تمض فترة زمنية طويلة على دعائها حتى أجاب الله دعاءها وحقق لها ما تمنت ، فشعرت بالجنين يتحرك بين أحشائها فاغتبطت لذلك وأشرق وجهها بابتسامة دائمة ، ملأت بها الدنيا على زوجها ، فراحت إليه تبشره بما أحست به بين أحشائها وجلست إليه وحدثته عما يجول بخاطرها ، فأضفى الحديث عليهما بهجة كبيرة.

ومرت الأيام جميله لا تخلو من هنات الفرح في بيت آل عمران بن ما قان ، وزوجته تعالج أيام الحمل والآمة بفرح وشغف ليوم مجيء وليدها المرتقب ، ولن الدنيا لا تدوم على حال ، ولا تستقر على منوال واحد ، فلا يدوم حزن فيها ، ولا تستقر سعادة إلا وجاء ما يعكر صفوها .

فقد مات عمران بن ماثان قبل أن يرى وليده النور ، وتبدلت سعادة حنة بنت فاقوذ إلى شقاء ، وعادت سمات الحزن تعلو وجهها النضر ، فارتسمت خطوطه و بردت حرارة الابتسامة وأصبحت فاترة عليلة لما أصاب هذا الثغر الطاهر ، وفاضت الدموع تغسل صنوف الحزن على عمران الذي كان يتمنى رؤية وليده ، ولكن قضاء الله حق ، ولا راد لقضائه ، بيده ملكوت كل شيء .

جاءت أيشاع لزيارة أختها حنة ومشاركتها العزاء في وفاة زوجها ، وكانت بصحبة زوجها زكريا بن برخيا عليه السلام ، الذي طيب خاطرها وزادها علما أن هذا قضاء الله ولا راد له أبدا.

فقلت حنة : ولكنى كنت أود أن يطول به العمر حتى يرى ابنه .

فقالت ايشاع : يا أُختـاه ، وما يدريك انه ابن وليست ابنه ، ومن يدريك انه ذكر أم أنثى ؟

وأضاف زكريا : نعم ، هذا من علم الله سبحانه عز وجل ، يعلم ما في الأرحام .

صمتت حنة دون أن تنطق بكلمة ، وبعد قليل انصرف زكريا وزوجته ايشاع على أمل زيارة أخرى لحنة تكون في حال أفضل ونفس راضية مطمئنة .

وجاء يوم المخاض، وسعدت به حنة، ووضعت وليدها فإذا بها أنثى، بنتا وليست ولدا، فتوجهت إلى ربها قائلة:

" فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " – آل عمران 36

وتذكرت حنة أنها كانت ترجو أن تلد ذكرا تهبه لبيت المقدس ، تقربا إلى الله فيقف على خدمة بيت الله ، حمدا وشكرا لصاحب البت على نعمته .

ولكنها أنثى ، أصابها الحزن بعض الوقت ، وسمتها مريم ، وتوجهت إلى الله بالدعاء أن يرعاها بعنايته ويعصهما بكرمه وجوده ورحمته ، وان يجعل اسمها الذي يحمل معنى العبادة مطابقا لسلوكها ، فهي مريم بمعنى العبادة ، وتكون عابدة فيصبح اسمها فعلا يُترجم إلى صلوات وتسبيح وحمد وشكر لله الواحد القهار ، ودعت ربها أن يحصنها وذريتها من الشيطان الرجيم .

رحِم الله ضعفها وبدد حزنها واستجاب لدعائها، وقبـِِل ما وهبت له، وما نذرت لخدمة بيته، فأتم على مريم نعمته عليها ، وتقبل نذرها بقبول حسن قبول الرحمة الربانية ، فأذهب عنها الحُزن ، وأعلمها بأنها مختصة برحمته وكرمه وإنها تعيش من نعمته ، فحملت مريم إلى بيت المقدس بعد أن لفتها في قماش ومضت بها إلى الهيكل وفاءا لنذرها وأودعت فتاتها بين يدي أحبار الهيكل وسدنه البيت وخدمه ، وأسلمت أمر فتاتها إلى الله عز وجل ورضيت قضاءه وقدره لها.

كان عدد الأحبار ثلاثين حبرا ، تنافسوا على مريم ، وتقبلوها بقبول حسن لأنها ابنه رجل صالح هو عمران بن ماثان الذي كان يقدم قرابين الهيكل . عند ذلك ، اعترض زكريا على الأحبار بحكم قرابته من مريم أكثر من أي منهم .

وقال زكريا : أنا أحق منكم بكفالتها ، لأنها ابنة حنة شقيقة زوجتي ايشاع .

فقال الأحبار: هذا لا يجيز لك كفالتها دونما يكفلها احد منا ، فنحن جميعا متساوون في حق كفالتها .

فقال زكريا : أنا أقربكم رحِمـا إليها ، وأقواكم صلة بها ، فجعوها وشأنها وأعطوني إياها ...

عند ذلك اشتد النزاع حول من يكفل مريم وطال الجدال ، كل من الأحبار يدلى بدلوه ويجتهد في حجته كي يفوز بها تقربا إلى الله .

وفى النهاية اتفقوا على أن يقترعوا فيما بينهم على من يكفل مريم ، ورضي زكريا بذلك الحكم ، وأنطلق ومعه الأحبار إلى نهر قريب والقوا بأقلامهم في النهر فغاصت جميعها إلا قلم زكريا فقد طفا على سطح الماء . فنزل الجميع على رغبة زكريا التي أكدتها القرعة في النهر فتكفلها زكريا وحملها إلى خالتها حتى يتسنى له أن يبنى لها غرفة في الهيكل ، كي يهىء لها أفضل الظروف للعبادة بعيدا عن الناس .

كبرت مريم وترعرعت في كنف زكريا ، فقد كان دائما ما يتفقد شؤونها ويدخل عليها محرابها ومصلاها دون الآخرين وقد كان قرير العين بكفالته إياها.

ومضت السنون ومريم تجتهد في العبادة لله الواحد الأحد الفرد الصمد ، فكانت تقطع النهار في الصوم والليل في الصلاة وتسابيح خاشعة فكانت بحق صوّامه قوّامه .

واستمرت مريم على هذا الحال فلا شيء يعكر صفوها وسكونها وعزلتها فانصرفت لعبادتها أكثر اجتهادا وتضرعا لله عز وجل ، ولكن زكريا لاحظ شيئا غريبا ، وأمرا عجيبا تحقق منه جيدا ولكنه لم يصل لتفسيره ، ذلك انه كلما دخل محراب مريم وقد كان عبارة عن غرفتها التي بناها لها في مكان مرتفع من بيت المقدس ، يصعد إليه من على سلم اعد خصيصا لذلك .

كان كلما دخل عليها مصلاّها ومحرابها وجد عندها رزقا ، في حين انه تأكد من عدم دخول احد غيره محرابها ، فسألها في عجب قائلا: يا مريم أرى لديك رزقا كثيرا : فاكهة من الصيف وفاكهة من الشتاء ... أنى لك هذا ؟ من أين جئت بهذا ؟

قالت : انه من عند الله ، أن الله يرزق من يشاء بغير حساب .

أحس زكريا من هذا الحديث بأن الله قد اختص مريم بمكانة عظيمة دون غيرها من الناس وانه عز وجل قد اصطفاها على نساء العالمين

يتبع ....