-
وهذا هو نص التشريع اليهودى فى الحروب، وما يهمنا منه هو ما يخص حروب اليهود مع الأمم المجاورة لهم لأننا من هذه الأمم بطبيعة الحال. وهو موجود فى الإصحاح العشرين من سفر "التثنية": "10«حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِكَيْ تُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا إِلَى الصُّلْحِ، 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلَى الصُّلْحِ وَفَتَحَتْ لَكَ، فَكُلُّ الشَّعْبِ الْمَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لَكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لَكَ. 12وَإِنْ لَمْ تُسَالِمْكَ، بَلْ عَمِلَتْ مَعَكَ حَرْبًا، فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ، كُلُّ غَنِيمَتِهَا، فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ، وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 15هكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ الْمُدُنِ الْبَعِيدَةِ مِنْكَ جِدًّا الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ مُدُنِ هؤُلاَءِ الأُمَمِ هُنَا. 16وَأَمَّا مُدُنُ هؤُلاَءِ الشُّعُوبِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا فَلاَ تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَّا، 17بَلْ تُحَرِّمُهَا تَحْرِيمًا: الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ، كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ". و"التحريم" هنا معناه الإبادة والاستئصال.
وفى تناول الكاتب لموضوع الكتابات الإسلامية الجدلية ضد اليهود حسب قوله نراه يشير أول ما يشير إلى ما جاء فى القرآن من أن بعض اليهود يقولون بأن عُزَيْرًا ابن الله، نافيا أن يكون الأمر كذلك، ومؤكدا أنهم إنما كانوا يبجّلونه ليس إلا. يريد أن يقول إن الرسول قد أخطأ فنسب إلى اليهود ما لم يقولوه. وإلى القارئ أولا ما قاله القرآن المجيد فى هذا الموضوع: "وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ" (التوبة/ 30). ويُفْهَم من النص أن من يهود المدينة من كان يقول ذلك عن عُزَيْر. ولو كان ما يقوله القرآن خطأً لسمعنا اليهود يردون عليه ويخطئونه ويسخرون منه ومن النبى الذى أتى به، وهم الذين كانوا يسخرون ويتهكمون من الإسلام والمسلمين بالباطل لا يكفون عن ذلك أبدا. فلماذا سكتوا هنا إذا لم يكونوا فعلا يؤلهون عزيرا مع أن السكوت يثبّت التهمة عليهم؟ إنهم لم يكونوا ليفلتوا هذه الفرصة لفضح النبى وكسره كسرة لا تقوم له قائمة بعدها لو كان ما قاله القرآن غير صحيح. وفى بعض الروايات أن ابن عباس باحث فى هذه المسألة ذات يوم عبد الله بن سلام، وهو صحابى يهودى الأصل، فأجابه ابن سلام بما كان من كتابة عزير التوراة من ذاكرته وقول بنى إسرائيل حينئذ: لم يستطع موسى أن يأتينا بالتوراة إلا فى كتاب، أما عُزَيْر فقد جاء بها من غير كتاب. فغَلَتْ فيه طوائف منهم وقالوا إنه ابن الله. كذلك ذكر الجاحظ، فى "رسالة الرد على النصارى"، أنه كان فى عصره بقايا فى الشام واليمن وبعض بلاد الروم من اليهود القائلين ببنوة عزير لله. ثم هناك المناظرة التى انعقدت بين الفخر الرازى وأحد القساوسة الذى أقر بأن هناك فعلا يهودا يؤمنون بذلك، إلا أنه اعترض على ما ظنه تعميما من القرآن لهذا على اليهود جميعا، فبين له الرازى أن التعميم ليس بلازم. وما قاله الرازى صحيح، إذ قد يُطْلَق الكل ويُرَاد به الجزء فقط لغرض من الأغراض البلاغية كما هو معروف. ويجد القارئ هذا الكلام فى كتاب الرازى: "مناظرة فى الرد على النصارى". وفى "تفسير عثمانى" (باللغة الأوردية) للشيخ شبير أحمد عثمانى أن عالما هنديا هو الحاج أمير شاه خان لقى فى سفرته إلى فلسطين قبل بضعة عقود يهودا من "العُزَيْرِيّين" لا يزالون يعتقدون أن عزيرا ابن الله. وبالمثل أشار د. عبد المنعم الحفنى فى "الموسوعة النقدية للفلسفة اليهودية" إلى جماعة من اليهود يزعمون أن عزيرا ابن الله. نخرج من هذا كله بأن الكاتب إنما يريد تخطئة القرآن بأى طريق! وقد سبق أن عالجت هذه القضية بتفصيل أكثر فى كتابى: "مع الجاحظ فى رسالة الرد على النصارى" فى الفصل الموسوم بــ"عُزَيْر".
ثم يعود الكاتب إلى ما سبق أن تحدث عنه من أن المسلمين يقولون إن الذبيح هو إسماعيل لا إسحاق، ولكنْ فى سياقٍ آخَرَ هو رده على اتهامهم لليهود بتحريف التوراة. وقد مَرَّ قبل قليل أن العهد القديم فى هذه النقطة، كما فى كثير غيرها، يرد على نفسه بنفسه ولا يحتاج إلى قول من المسلمين. وعلى كل حال هل يعقل مثلا أن يقول الله سبحانه وتعالى عن نفسه إنه استراح من عمله بعد أن خلق السماوات والأرض، وكأنه يجوز عليه التعب والإرهاق ويحتاج إلى التقاط أنفاسه وتجديد حيويته حسبما جاء فى الإصحاح الأول من سِفْر "التكوين"؟ أم هل يعقل أن يقول إن له أبناء مثلما للناس بنات، وإن أبناءه قد ذهبوا إلى بنات الناس واتخذوهن زوجات لهم كما جاء فى الإصحاح السادس من ذات السِّفْر: "1وَحَدَثَ لَمَّا ابْتَدَأَ النَّاسُ يَكْثُرُونَ عَلَى الأَرْضِ، وَوُلِدَ لَهُمْ بَنَاتٌ، 2أَنَّ أَبْنَاءَ اللهِ رَأَوْا بَنَاتِ النَّاسِ أَنَّهُنَّ حَسَنَاتٌ. فَاتَّخَذُوا لأَنْفُسِهِمْ نِسَاءً مِنْ كُلِّ مَا اخْتَارُوا "؟ أم هل يعقل أن يكون سِفْر "الخروج"، وهو عن موسى وبنى إسرائيل، قد كتبه ذلك النبى عليه السلام، على حين أن الضمير المستخدم فى السِّفْر كله من أوله إلى آخره هو ضمير الغائب، فى الوقت الذى نجد السفر كثيرا ما يحكى أشياء وقعت قبل مجىء موسى إلى العالم وأشياء أخرى وقعت فى غيابه حينما كان فوق الجبل لميقات ربه مثلا، وأنه ينتهى بحكاية موت موسى ودفنه فى الموضع الذى دُفِن فيه؟ ترى هل يمكن أن أقص أنا مثلا خبر موتى ودفنى؟ كذلك هل يعقل أن يخطئ الوحى الإلهى فيقول إن أم موسى وضعته وهو رضيع فى سَفَطٍ كانت قد طَلَتْه بالـحـُمَر والزفت ثم أعطته إلى أخته، وإن تلك الأخت قد حملته طوال الطريق حتى بلغت قبالة قصر فرعون فوضعته بين الحلفاء هناك على شاطئ النهر؟ فلم إذن طلت أم موسى السَّفَط بالـحُمَر والزفت إذا لم تكن النية متجهة إلى وضع السَّفَط فى النهر كما يقول القرآن المجيد؟ ولكيلا ينبرى أحد فيزعم أن النية قد تكون شيئا ثم تأتى الأحداث فتفرض شيئا آخر أقول إن ابنة فرعون، التى يذكر كاتب السِّفْر أنها هى التى التقطت السَّفَط من بين الحلفاء، قالت إنها انتشلته من الماء. ترى كيف تكون انتشلته من الماء فى الوقت الذى يقول الكاتب إنها وجدته بين نبات الحلفاء حيث وضعته أخته؟ وبالمثل كيف يمكن أن نصدق ما عزاه كاتب السفر إلى هارون، وهو الرسول الكريم، من صنع العجل لبنى إسرائيل وبناء مذبح له كى يعبدوه من دون الله ويرقصوا حوله عرايا كما ولدتهم أمهاتهم؟ هل يمكن أن يكون هذا الكلام وحيا إلهيا؟ أم هل يمكن أن يقع الوحى السماوى فى غلطة مضحكة كتلك التى يقول فيها كاتب سفر "أخبارالأيام الثانى" (فى نهاية الإصحاح الحادى والعشرين وأول الثانى والعشرين) إن الملك يهورام كان أصغر من ابنه الأصغر أَخَزْيا بعامين؟ فبكم من الأعوام يا ترى كان يصغر جلالته ابنَه الأكبر إذن؟
أم كيف لنا أن نصدّق أن سفر "نشيد الإنشاد"، وكله فى الغزل الشهوانى العنيف، هو وحى سماوى نزل على سيدنا سليمان عليه السلام؟ وإلى القارئ بعضا مما يحتويه هذا السفر من غزل: "1نَشِيدُ الأَنْشَادِ الَّذِي لِسُلَيْمَانَ: 2لِيُقَبِّلْنِي بِقُبْلاَتِ فَمِهِ، لأَنَّ حُبَّكَ أَطْيَبُ مِنَ الْخَمْرِ. 3لِرَائِحَةِ أَدْهَانِكَ الطَّيِّبَةِ. اسْمُكَ دُهْنٌ مُهْرَاقٌ، لِذلِكَ أَحَبَّتْكَ الْعَذَارَى. 4اُجْذُبْنِي وَرَاءَكَ فَنَجْرِيَ. أَدْخَلَنِي الْمَلِكُ إِلَى حِجَالِهِ. نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ بِكَ. نَذْكُرُ حُبَّكَ أَكْثَرَ مِنَ الْخَمْرِ. بِالْحَقِّ يُحِبُّونَكَ... 12مَا دَامَ الْمَلِكُ فِي مَجْلِسِهِ أَفَاحَ نَارِدِينِي رَائِحَتَهُ. 13صُرَّةُ الْمُرِّ حَبِيبِي لِي. بَيْنَ ثَدْيَيَّ يَبِيتُ... 11اُخْرُجْنَ يَا بَنَاتِ صِهْيَوْنَ، وَانْظُرْنَ الْمَلِكَ سُلَيْمَانَ بِالتَّاجِ الَّذِي تَوَّجَتْهُ بِهِ أُمُّهُ فِي يَوْمِ عُرْسِهِ، وَفِي يَوْمِ فَرَحِ قَلْبِهِ... 1هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي، هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ! عَيْنَاكِ حَمَامَتَانِ مِنْ تَحْتِ نَقَابِكِ. شَعْرُكِ كَقَطِيعِ مِعْزٍ رَابِضٍ عَلَى جَبَلِ جِلْعَادَ. 2أَسْنَانُكِ كَقَطِيعِ الْجَزَائِزِ الصَّادِرَةِ مِنَ الْغَسْلِ، اللَّوَاتِي كُلُّ وَاحِدَةٍ مُتْئِمٌ، وَلَيْسَ فِيهِنَّ عَقِيمٌ. 3شَفَتَاكِ كَسِلْكَةٍ مِنَ الْقِرْمِزِ، وَفَمُكِ حُلْوٌ. خَدُّكِ كَفِلْقَةِ رُمَّانَةٍ تَحْتَ نَقَابِكِ. 4عُنُقُكِ كَبُرْجِ دَاوُدَ الْمَبْنِيِّ لِلأَسْلِحَةِ. أَلْفُ مِجَنٍّ عُلِّقَ عَلَيْهِ، كُلُّهَا أَتْرَاسُ الْجَبَابِرَةِ. 5ثَدْيَاكِ كَخِشْفَتَيْ ظَبْيَةٍ، تَوْأَمَيْنِ يَرْعَيَانِ بَيْنَ السَّوْسَنِ. 6إِلَى أَنْ يَفِيحَ النَّهَارُ وَتَنْهَزِمَ الظِّلاَلُ، أَذْهَبُ إِلَى جَبَلِ الْمُرِّ وَإِلَى تَلِّ اللُّبَانِ. 7كُلُّكِ جَمِيلٌ يَا حَبِيبَتِي لَيْسَ فِيكِ عَيْبَةٌ... 1مَا أَجْمَلَ رِجْلَيْكِ بِالنَّعْلَيْنِ يَا بِنْتَ الْكَرِيمِ! دَوَائِرُ فَخْذَيْكِ مِثْلُ الْحَلِيِّ، صَنْعَةِ يَدَيْ صَنَّاعٍ. 2سُرَّتُكِ كَأْسٌ مُدَوَّرَةٌ، لاَ يُعْوِزُهَا شَرَابٌ مَمْزُوجٌ. بَطْنُكِ صُبْرَةُ حِنْطَةٍ مُسَيَّجَةٌ بِالسَّوْسَنِ. 3ثَدْيَاكِ كَخَشْفَتَيْنِ، تَوْأَمَيْ ظَبْيَةٍ. 4عُنُقُكِ كَبُرْجٍ مِنْ عَاجٍ. عَيْنَاكِ كَالْبِرَكِ فِي حَشْبُونَ عِنْدَ بَابِ بَثِّ رَبِّيمَ. أَنْفُكِ كَبُرْجِ لُبْنَانَ النَّاظِرِ تُجَاهَ دِمَشْقَ. 5رَأْسُكِ عَلَيْكِ مِثْلُ الْكَرْمَلِ، وَشَعْرُ رَأْسِكِ كَأُرْجُوَانٍ. مَلِكٌ قَدْ أُسِرَ بِالْخُصَلِ. 6مَا أَجْمَلَكِ وَمَا أَحْلاَكِ أَيَّتُهَا الْحَبِيبَةُ بِاللَّذَّاتِ! 7قَامَتُكِ هذِهِ شَبِيهَةٌ بِالنَّخْلَةِ، وَثَدْيَاكِ بِالْعَنَاقِيدِ. 8قُلْتُ: «إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى النَّخْلَةِ وَأُمْسِكُ بِعُذُوقِهَا». وَتَكُونُ ثَدْيَاكِ كَعَنَاقِيدِ الْكَرْمِ، وَرَائِحَةُ أَنْفِكِ كَالتُّفَّاحِ، 9وَحَنَكُكِ كَأَجْوَدِ الْخَمْرِ. لِحَبِيبِي السَّائِغَةُ الْمُرَقْرِقَةُ السَّائِحَةُ عَلَى شِفَاهِ النَّائِمِينَ. 10أَنَا لِحَبِيبِي، وَإِلَيَّ اشْتِيَاقُهُ. 11تَعَالَ يَا حَبِيبِي لِنَخْرُجْ إِلَى الْحَقْلِ، وَلْنَبِتْ فِي الْقُرَى. 12لِنُبَكِّرَنَّ إِلَى الْكُرُومِ، لِنَنْظُرَ: هَلْ أَزْهَرَ الْكَرْمُ؟ هَلْ تَفَتَّحَ الْقُعَالُ؟ هَلْ نَوَّرَ الرُّمَّانُ؟ هُنَالِكَ أُعْطِيكَ حُبِّي. 13اَللُّفَّاحُ يَفُوحُ رَائِحَةً، وَعِنْدَ أَبْوَابِنَا كُلُّ النَّفَائِسِ مِنْ جَدِيدَةٍ وَقَدِيمَةٍ، ذَخَرْتُهَا لَكَ يَا حَبِيبِي". والعجيب أن الكاتب بعد ذلك كله، وما ذلك كله إلا غَيْضٌ من فَيْض، يتهم القرآن بأنه أخطأ فى اتهام اليهود بتحريف كتابهم!
ويتعلق بهذا إشارته إلى ما يقوله علماء المسلمين من أن فى العهد القديم نبوءات خاصة بنبوة محمد عليه السلام وتأكيده أن علماء اليهود قد فنّدوا هذا الادعاء مبينين أنه لا صلة بين نصوص العهد القديم المرادة وبين نبوة محمد. ولكن ماذا يقول عن الأحبار والرهبان والقساوسة من كل بلاد العالم الذين قالوا ما يقوله علماء المسلمين فى تفسير هذه النصوص، ثم زادوا على ذلك أنْ تصرفوا التصرف المنطقى فى هذه الحالة، وهو الدخول فى الإسلام؟ وقائمة أولئك الناس جِدُّ طويلةٍ، وكثير من أسمائها أوروبى وأمريكى. وأولهم عبد الله بن سلام، الحبر الذى أسلم فى حياة النبى فى قصة شائقة عجيبة تدلك على خلائق اليهود وما هم عليه من عناد وتصلب رقاب ونفاق، وأصبح بعدها واحدا من كبار الصحابة. وما زال العدّاد مستمرا لا يتوقف، ولن يتوقف بمشيئة الله. وقد أورد الكاتب اسم واحد من هذه الأسماء هو السَّمَوْأَل بن يحيى المغربى (الحبر اليهودى السابق شموائيل بن يهوذا بن آبوان، الذى سماه كاتبنا بــ"المرتدّ")، وكان متضلعا من اللغة العبرية والتاريخ والطب، فضلا عن علوم الرياضيات، التى ترك فيها مؤلفات بلغت القمة فى أهميتها...إلخ. ولم يكتف السموأل باعتناق الإسلام، بل كتب يفضح ويفنِّد الأخطاء الموجودة فى ديانته الأولى، مشيرا إلى مواضع العبث والتحريف فى العهد القديم. وهذا موجود فى كتابه: "إفحام اليهود". ومِثْلُ السموأل من علماء يهود القدامى فى ترك اليهودية واعتناق دين محمد عليه الصلاة والسلام: هبة الله علي بن الحسين بن ملكا، وسعيد بن الحسن الإسكندراني (في القرنين السابع والثامن الهجريين). وفى الختام أجد لزاما علىّ أن أشير إلى وقوف كاتبنا بعض الوقت أمام اسم رائد الدراسات الدينية المقارنة الإمام العظيم ابن حزم وتراثه الذى خلّفه لنا فى تبيين ما يعجّ به الكتاب المقدس من أخطاء وتناقضات، وعلى رأسه "الفِصَل فى المِلَل والأهواء والنِّحَل". والحق أن ابن حزم عقلية جبارة وعبقرية شاهقة ليس من السهل العثور على مثيل لها. وإنى لأهتبل هذه السانحة فأدعو الله أن يسكنه عُلْيَا الفراديس وأن يُغْدِق عليه شآبيب كرمه العميم.
ومما تناوله الكاتب فى هذا السياق أيضا الاتهام الذى وجهه علماء المسلمين إلى اليهودية بأنها تجسد الله وتشبّهه من ثم بالبشر. وأنا لن أصنع شيئا هنا سوى إيراد بعض النصوص التى تُجَسِّد الله فعلا، حاصرا نفسى فى السِّفْر الأول فقط من العهد القديم. وعلى القارئ أن يقيس ما لم نتطرق إليه على ما تطرقنا: "1فَأُكْمِلَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَكُلُّ جُنْدِهَا. 2وَفَرَغَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. 3وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابعَ وَقَدَّسَهُ، لأَنَّهُ فِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقًا" (تكوين/ 1)، "8وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ مَاشِيًا فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ، فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ. 9فَنَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ؟». 10فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ»" (تكوين/ 3)، "1وَحَدَثَ لَمَّا ابْتَدَأَ النَّاسُ يَكْثُرُونَ عَلَى الأَرْضِ، وَوُلِدَ لَهُمْ بَنَاتٌ، 2أَنَّ أَبْنَاءَ اللهِ رَأَوْا بَنَاتِ النَّاسِ أَنَّهُنَّ حَسَنَاتٌ. فَاتَّخَذُوا لأَنْفُسِهِمْ نِسَاءً مِنْ كُلِّ مَا اخْتَارُوا. 3فَقَالَ الرَّبُّ: «لاَ يَدِينُ رُوحِي فِي الإِنْسَانِ إِلَى الأَبَدِ، لِزَيَغَانِهِ، هُوَ بَشَرٌ. وَتَكُونُ أَيَّامُهُ مِئَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً». 4كَانَ فِي الأَرْضِ طُغَاةٌ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَبَعْدَ ذلِكَ أَيْضًا إِذْ دَخَلَ بَنُو اللهِ عَلَى بَنَاتِ النَّاسِ وَوَلَدْنَ لَهُمْ أَوْلاَدًا، هؤُلاَءِ هُمُ الْجَبَابِرَةُ الَّذِينَ مُنْذُ الدَّهْرِ ذَوُو اسْمٍ" (تكوين/ 6)، "5وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ، وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ. 6فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ، وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ" (تكوين/ 6)، "6وَاجْتَازَ أَبْرَامُ فِي الأَرْضِ إِلَى مَكَانِ شَكِيمَ إِلَى بَلُّوطَةِ مُورَةَ. وَكَانَ الْكَنْعَانِيُّونَ حِينَئِذٍ فِي الأَرْضِ. 7وَظَهَرَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ وَقَالَ: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ». فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ" (تكوين/ 12)، "1وَلَمَّا كَانَ أَبْرَامُ ابْنَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً ظَهَرَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ وَقَالَ لَهُ: «أَنَا اللهُ الْقَدِيرُ. سِرْ أَمَامِي وَكُنْ كَامِلاً، 2فَأَجْعَلَ عَهْدِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَأُكَثِّرَكَ كَثِيرًا جِدًّا». 3فَسَقَطَ أَبْرَامُ عَلَى وَجْهِهِ. وَتَكَلَّمَ اللهُ مَعَهُ قَائِلاً:... 22فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْكَلاَمِ مَعَهُ صَعِدَ اللهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ" (تكوين/ 17)، "1وَظَهَرَ لَهُ الرَّبُّ عِنْدَ بَلُّوطَاتِ مَمْرَا وَهُوَ جَالِسٌ فِي بَابِ الْخَيْمَةِ وَقْتَ حَرِّ النَّهَارِ، 2فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا ثَلاَثَةُ رِجَال وَاقِفُونَ لَدَيْهِ. فَلَمَّا نَظَرَ رَكَضَ لاسْتِقْبَالِهِمْ مِنْ بَابِ الْخَيْمَةِ وَسَجَدَ إِلَى الأَرْضِ، 3وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَلاَ تَتَجَاوَزْ عَبْدَكَ. 4لِيُؤْخَذْ قَلِيلُ مَاءٍ وَاغْسِلُوا أَرْجُلَكُمْ وَاتَّكِئُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ، 5فَآخُذَ كِسْرَةَ خُبْزٍ، فَتُسْنِدُونَ قُلُوبَكُمْ ثُمَّ تَجْتَازُونَ، لأَنَّكُمْ قَدْ مَرَرْتُمْ عَلَى عَبْدِكُمْ». فَقَالُوا: «هكَذَا تَفْعَلُ كَمَا تَكَلَّمْتَ». 6فَأَسْرَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى الْخَيْمَةِ إِلَى سَارَةَ، وَقَالَ: «أَسْرِعِي بِثَلاَثِ كَيْلاَتٍ دَقِيقًا سَمِيذًا. اعْجِنِي وَاصْنَعِي خُبْزَ مَلَّةٍ». 7ثُمَّ رَكَضَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى الْبَقَرِ وَأَخَذَ عِجْلاً رَخْصًا وَجَيِّدًا وَأَعْطَاهُ لِلْغُلاَمِ فَأَسْرَعَ لِيَعْمَلَهُ. 8ثُمَّ أَخَذَ زُبْدًا وَلَبَنًا، وَالْعِجْلَ الَّذِي عَمِلَهُ، وَوَضَعَهَا قُدَّامَهُمْ. وَإِذْ كَانَ هُوَ وَاقِفًا لَدَيْهِمْ تَحْتَ الشَّجَرَةِ أَكَلُوا... 22وَانْصَرَفَ الرِّجَالُ مِنْ هُنَاكَ وَذَهَبُوا نَحْوَ سَدُومَ، وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَكَانَ لَمْ يَزَلْ قَائِمًا أَمَامَ الرَّبِّ... 33وَذَهَبَ الرَّبُّ عِنْدَمَا فَرَغَ مِنَ الْكَلاَمِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ، وَرَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى مَكَانِهِ" (تكوين/ 18)، "22ثُمَّ قَامَ (أى يعقوب بن إسحاق) فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَأَخَذَ امْرَأَتَيْهِ وَجَارِيَتَيْهِ وَأَوْلاَدَهُ الأَحَدَ عَشَرَ وَعَبَرَ مَخَاضَةَ يَبُّوقَ. 23أَخَذَهُمْ وَأَجَازَهُمُ الْوَادِيَ، وَأَجَازَ مَا كَانَ لَهُ. 24فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ، وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ. 25وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ، فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. 26وَقَالَ: «أَطْلِقْنِي، لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَقَالَ: «لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي». 27فَقَالَ لَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «يَعْقُوبُ». 28فَقَالَ: «لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ». 29وَسَأَلَ يَعْقُوبُ وَقَالَ: «أَخْبِرْنِي بِاسْمِكَ». فَقَالَ: «لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي؟» وَبَارَكَهُ هُنَاكَ. 30فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ «فَنِيئِيلَ» قَائِلاً: «لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهًا لِوَجْهٍ، وَنُجِّيَتْ نَفْسِي». 31وَأَشْرَقَتْ لَهُ الشَّمْسُ إِذْ عَبَرَ فَنُوئِيلَ وَهُوَ يَخْمَعُ عَلَى فَخْذِهِ. 32لِذلِكَ لاَ يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ عِرْقَ النَّسَا الَّذِي عَلَى حُقِّ الْفَخِْذِ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، لأَنَّهُ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِ يَعْقُوبَ عَلَى عِرْقِ النَّسَا" (تكوين/ 32)، "9وَظَهَرَ اللهُ لِيَعْقُوبَ أَيْضًا حِينَ جَاءَ مِنْ فَدَّانَِ أَرَامَ وَبَارَكَهُ. 10وَقَالَ لَهُ اللهُ: «اسْمُكَ يَعْقُوبُ. لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِيمَا بَعْدُ يَعْقُوبَ، بَلْ يَكُونُ اسْمُكَ إِسْرَائِيلَ». فَدَعَا اسْمَهُ «إِسْرَائِيلَ». 11وَقَالَ لَهُ اللهُ: «أَنَا اللهُ الْقَدِيرُ. أَثْمِرْ وَاكْثُرْ. أُمَّةٌ وَجَمَاعَةُ أُمَمٍ تَكُونُ مِنْكَ، وَمُلُوكٌ سَيَخْرُجُونَ مِنْ صُلْبِكَ. 12وَالأَرْضُ الَّتِي أَعْطَيْتُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ، لَكَ أُعْطِيهَا، وَلِنَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ أُعْطِي الأَرْضَ». 13ثُمَّ صَعِدَ اللهُ عَنْهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ تَكَلَّمَ مَعَهُ. 14فَنَصَبَ يَعْقُوبُ عَمُودًا فِي الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ تَكَلَّمَ مَعَهُ، عَمُودًا مِنْ حَجَرٍ، وَسَكَبَ عَلَيْهِ سَكِيبًا، وَصَبَّ عَلَيْهِ زَيْتًا. 15وَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ تَكَلَّمَ اللهُ مَعَهُ «بَيْتَ إِيلَ»" (تكوين/ 35)، "3وَقَالَ يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ: «اللهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ظَهَرَ لِي فِي لُوزَ، فِي أَرْضِ كَنْعَانَ، وَبَارَكَنِي. 4وَقَالَ لِي: هَا أَنَا أَجْعَلُكَ مُثْمِرًا وَأُكَثِّرُكَ، وَأَجْعَلُكَ جُمْهُورًا مِنَ الأُمَمِ، وَأُعْطِي نَسْلَكَ هذِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِكَ مُلْكًا أَبَدِيًّا... »" (تكوين/ 48).
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة *اسلامي عزي* في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 25-01-2017, 09:27 PM
-
بواسطة Ahmed_Negm في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 06-10-2014, 01:27 AM
-
بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 28-12-2011, 12:00 PM
-
بواسطة منارة الاسلام في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 07-08-2010, 11:34 PM
-
بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 25-06-2010, 06:18 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات