العداء لليهود في أوروبا بدأ يلفت الأنظار حيث أعدت محطة ‏‏«سي. إن. إن» تقريرا حول تنامي هذه الظاهرة في أوروبا وفي الدول ‏العربية والإسلامية. فرنسا أيضا لم تنج من هذه الظاهرة حيث شهدت ‏مدينة تولوز حرق سيارة أمام معبد يهودي مما دعا الرئيس الفرنسي لإصدار ‏بيان تطرق فيه للأوضاع المأساوية القائمة في قطاع غزة. وقد استنكر ‏ساركوزي «الإرهاب» الذي تمارسه حماس والاستخدام المفرط للقوة الذي ‏تقوم به إسرائيل ضد سكان القطاع. وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن ‏العنف في فرنسا ليس سببه المسلمون فقط بل اليهود أيضا. من بيان ‏ساركوزي يمكن الاستنتاج أن ينسب تنامي المشاعر المقاومة للسامية في ‏أوروبا إلى الصراع الدائر في الشرق الأوسط. وتفجرت مشاعر الكراهية ‏لليهود في الشرق الأوسط مع قيام دولة إسرائيل وما صاحبه من تشريد ‏وطرد للسكان الفلسطينيين.‏
مع تنامي الوعي الإسلامي ظهر إلى الوجود الكثير من المنظمات ‏والحركات الإسلامية مثل حماس وحزب الله، وغيرهما الكثير. وهي ‏حركات تستخدم الخطاب الديني ولا تخفي كراهيتها لإسرائيل على اعتبار ‏أنها قامت على وطن لشعب عربي مسلم. الثورة الإعلامية ساهمت ‏بدورها في توصيل الآراء المتعارفة إلى عامة الشعب الفلسطيني الذين ‏يعانون بدورهم مشاكل حياتية لا عد لها من غلاء للمعيشة وبطالة ‏وتضييق على الحريات المدنية. أصبح البث التليفزيوني ذو الخطاب ‏الإسلامي يصل إلى كافة أرجاء المعمورة. وقد ردت بعض الدول الأوروبية ‏بمنع بث قنوات مثل «المنار» التابعة لحزب الله وتلك التابعة لحماس على ‏اعتبار أنها تعمل على بث المشاعر المعادية لليهود. ولا يزال باستطاعة ‏المشاهدين العرب والمسلمين متابعة برامج هذه القنوات التي تبث عبر أقمار ‏صناعية لا يسيطر عليها الأوروبيون. أوردت دراسة نشرها معهد «بيو» ‏في سبتمبر الماضي مجموعة مذهلة من الحقائق التي لم تكن معروفة للكثيرين، ‏فحوالي 25% من الألمان و20% من الفرنسيين يكنون مشاعر الكراهية ‏لليهود. أما في إسبانيا فإن هذه النسبة تصل الى 46%.‏
وهناك جماعات يهودية تتهم الإعلام الإسباني الخاص والحكومي ‏على حد سواء بالعداء لليهود. وكانت إسبانيا قد شهدت أكبر تظاهرة ‏في أوروبا الأسبوع الماضي للاحتجاج على الهجمات الاسرائيلية على غزة، ‏وشارك فيها ما يزيد على 100 ألف متظاهر. ومع استمرار حرب غزة ‏وما يصاحبها من طوفان من المناظر المؤلمة لمعاناة المدنيين استمرت المشاعر ‏المقاومة لإسرائيل واليهود في التنامي. وسيواجه اليهود في أوروبا أوقاتا ‏صعبة في المستقبل القريب. فهل تتعظ إسرائيل؟". ‏
على أن كاتب الموسوعة اليهودية، بدلا من الإقرار بأن مسؤولية ‏الكراهية التى يلقاها اليهود من المسلمين، مثلما يَلْقَوْنها من كل الشعوب فى ‏كل زمان ومكان، إنما ترجع إليهم، يزعم أن المسلمين إنما يبغضون اليهود ‏على الدوام دون أى سبب من جانبهم وأنهم مأمورون بنص القرآن ألا ‏يوالوهم أبدا. وهو بهذا يتجاهل السياق الذى نزل فيه مثل ذلك النهى. ‏ولو قرأنا الآيات التالية لاتضح لنا السر فى ذلك: "لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ ‏قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ‏وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ ‏بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (182) الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى ‏يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ ‏فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ ‏قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184)" (آل عمران)، "وَقَالَتْ ‏طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ ‏وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلا تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ ‏الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ ‏إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ ‏مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74) وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ ‏بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ ‏قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ‏وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76) ‏إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي ‏الآَخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ‏‏(77) وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ ‏مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ‏الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)" (آل عمران)، "مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ ‏عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا ‏بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا ‏لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46) يَا ‏أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ ‏وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ ‏اللَّهِ مَفْعُولاً (47) إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ‏وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ ‏أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ ‏عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا (50) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ ‏الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ ‏الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلاً (51) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ ‏نَصِيرًا (52)" (النساء)، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ‏أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ ‏الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى ‏أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى ‏مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا ‏بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) يَا ‏أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ ‏وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا ‏يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا ‏وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ ‏رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ ‏الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا ‏وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ ‏مُؤْمِنِينَ (57) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا ‏يَعْقِلُونَ (58) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ ‏إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ‏ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ ‏وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ‏‏(60) وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ ‏أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ‏وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ ‏عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63) وَقَالَتِ الْيَهُودُ ‏يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ ‏يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ ‏الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ‏وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ‏الْكِتَابِ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلادْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) ‏وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لاكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ ‏تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66) يَا أَيُّهَا ‏الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ ‏يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ ‏لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ‏وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ ‏الْكَافِرِينَ (68)" (المائدة)، "وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ‏وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ ‏مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ ‏وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26)" (الأحزاب). وهو، كما نرى معا، سياق تآمرٍ ‏وتطاولٍ على الرسول والمسلمين وتمادٍ فى الغَىّ من جانب اليهود، الذين لا ‏يعرفون شيئا اسمه الارعواء أبدا. فكان لا بد أن يحذّر القرآن المسلمين من ‏خطرهم ويلحّ على تجنب مودتهم. وليس فى هذا أدنى افتئات عليهم، ‏وإلا فهل كان مطلوبا من القرآن أن يزبن للمسلمين إهمال هذا الخطر الداهم ‏الذى يريد اقتلاعهم هم ودينهم من الحياة؟ ‏
إذن فقول الكاتب إن محمدا قد أظهر بعض الليونة تجاه اليهود ‏وأهل الكتاب عموما مقابل دفعهم الجزية هو كلامٌ ملتوٍ صوابه أنه عليه ‏الصلاة والسلام قد بدأ بمعاملة اليهود معاملة راقية تقوم على تسويتهم ‏بالمسلمين تمام التسوية ودون أن يكلفهم شيئا البتة على ما هو واضح من ‏بنود الصحيفة التى كتبها بين الفريقين غداة هجرته إلى يثرب. إلا أنهم، ‏كعادتهم دائما فى مقابلة الخير بالشر، والجميل بالقبيح، قد شرعوا يتآمرون ‏عليه وعلى دينه وأتباعه منذ اللحظة الأولى، فأعطاهم صلى الله عليه ‏وسلم الفرصة تلو الفرصة دون أن يؤاخذهم على غدرهم المؤاخذة ‏الحاسمة المطلوبة، إلى أن زادت الأمور عن حدها ولم يعد فى قوس الصبر ‏منزع، فكان لا بد من آخر العلاج، وهو البتر، حتى تستقيم الأمور، بعد أن ‏اتضح أن القوم ليس لهم صلاح ولا لمرضهم النفسى والأخلاقى شفاء، وأن ‏المشكلة تكمن فى شخصيتهم ذاتها، تلك الشخصية التى لا تنطوى على ‏خير لأحد. واضح إذن أن الكاتب لا يريد أن يبصر الحقائق ويُؤْثِر أن يظل ‏مغلقا عينيه. وهو فى هذا حر، إلا أننا أيضا أحرار كما هو حر، وملزمون ‏بكشف الزيف الذى يريد تسويقه لقراء مقاله ووضع النقاط على الحروف ‏حتى تستقيم الأمور. ‏
أما إشارته إلى الصَّغَار الذى ينبغى أن يذيقه المسلمون أهل ‏الكتاب لَدُنْ أخذهم الجزية منهم والذى نصت عليه الآية التاسعة ‏والعشرون من سورة "التوبة" فهو غير عام، ولا يُقْصَد به إلا من كانوا ‏يريدون بالمسلمين شرا وأمكن الله منهم، وإلا فماذا يريد الكاتب من ‏المسلمين؟ أيريد منهم أن يصفقوا لمن يعمل على تدمير كيانهم السياسى ‏ويقضى على دينهم؟ وهذا هو نص الآية: "قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا ‏بِالْيَوْمِ الآَخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ ‏الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ". والمقصود ‏هنا هم الروم، الذين جيشوا على حدود العرب جيشا جرارا يريدون به ‏غزوهم والقضاء على دولتهم ودينهم، فأمر الله المسلمين بتأديبهم وعقابهم ‏بالجزية والصَّغَار، وهو أقل شىء يمكن عمله فى هذه الحالة. ‏
وكيلا يستغرب مرامىَ كلامى من لا يعرف الحقيقة أُحِيله على ما ‏جاء فى العهد القديم من التشريع الواجب على اليهود اتباعه فى الحرب مع ‏الأمم المجاورة. ألا وهو الاستئصال التام لكل إنسان دون أى استثناء، ‏ودون أية شفقة لشيخ أو امرأة أو طفل حتى لو كان طفلا رضيعا. هذه ‏هى الحقيقة التى يتكتمها الكاتب ثم ينخرط فى فواصل متتالية من النصح ‏والإرشاد لنا نحن المسلمين، مع أننا كنا ولا نزال أرحم مَنْ عامَل اليهود ‏وأعطاهم الفرصة للعيش الآمن الكريم بين أَظْهُرنا رغم ماضيهم الغادر فى ‏التعامل معنا منذ أيام النبى عليه السلام.‏