يقول السائل المسيحي أن المسيحيين يؤمنون أن الروح القدس هو أقنوم الاله الذى يحل فى المؤمنين من المسيحيين فيكون جسدهم هو هيكل الله الذى يسكن فيه الروح ، بينما يؤمن المسلمون أن الروح القدس هو جبريل وهو ملَك من الملائكه ، فكيف يستطيع الملاك جبريل أن يحل فى جسد المؤمنين ويسكن فيه ؟


السائل يريد أن نجيب له كيف أن الروح القدس (جبريل) وهو ملك من الملائكه حسب الاعتقاد الاسلامي يحل فى الجسد حسب الاعتقاد المسيحي !! وكأن الامر اختلط عليه ويريد أن يجمع بين الحق والباطل أو أن نثبت له الباطل الذى هو عليه من خلال الحق الذى نحن عليه ..!
والعجيب فى الأمر أنك عندما تحاور النصارى فى كثير من الألفاظ والحكايات التى وردت فى الكتاب المقدس يقول أن المقصود بها معنى مجازى ورمزى وليس المعنى اللفظي الواضح ، وفى أمور أخرى يتمسك بالمعنى اللفظي ولا يقبل أن يكون المعنى مجازي أو روحي كما يدعون فى الألفاظ الأخرى ..
وإذا أراد السائل الرد على هذا السؤال فعليه أن يقرأ ويتدبر ثم يجد الإجابه التى يريدها بنفسه ..!

يقول كاتب انجيل يوحنا 3 : 5 أجاب يسوع : الحق الحق أقول لك : إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله
6 المولود من الجسد جسد هو ، والمولود من الروح هو روح
7 لا تتعجب أني قلت لك : ينبغي أن تولدوا من فوق
هل يستطيع السائل أن يجيب عن كيفية الولاده من الروح وكيفية الولاده من فوق ؟
هل المقصود بالولاده من الروح أن الانسان يعود جنينا و الروح يحمل وينتفخ بطنه ثم يأتيه آلام الولاده ويلد الانسان من جديد ؟! وما الولاده من فوق تحديدا ؟!

إذا وجد المسيحي معنى حقيقي لهذه الالفاظ التى استخدمها كاتب الانجيل ليخبرنا به حينها يمكنه أن يسألنا عن كيفية حلول الروح القدس فى الجسد ، وأما إذا قال أن المقصود معنى مجازي تصوري رمزي وليس المعنى الحرفى ، فنطالبه بتوحيد المعايير فى تفسير النصوص وألا يذهب ببعض النصوص والالفاظ الى المعنى الرمزى زببعضها الى المعنى الحقيقي بدون دليل على ما ذهب اليه .

وأما بخصوص الروح القدس تحديدا والذى يؤمن المسلمون أنه الملاك جبريل الذى ينزل بالوحى والبشارة الى الانبياء وهو من جاء بالبشارة الى مريم وزكريا من قبلها وهذا ما اثبته كاتب انجيل لوقا 2 : 18 فقال زكريا للملاك: «كيف أعلم هذا، لأني أنا شيخ وامرأتي متقدمة في أيامها؟»
19 فأجاب الملاك وقال له: «أنا جبرائيل الواقف قدام الله، وأرسلت لأكلمك وأبشرك بهذا.


26 وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة،
27 إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف. واسم العذراء مريم.
28 فدخل إليها الملاك وقال: «سلام لك أيتها المنعم عليها! الرب معك. مباركة أنت في النساء».


فإن فى الانجيل اختلاف عظيم بخصوص الروح القدس وأغلب ما يتضح من النصوص أنه ملاك الرب الذى يرسله ليرشد المؤمنين ويعلمهم وأن المقصود بحلوله عليهم هو رسوخ الايمان والعلم فى قلوبهم وليس حلوله بالمعنى الحرفى أنه يسكن فيهم أى فى داخل جسدهم ، وإلا أين يذهب هذا الروح الساكن فى جسد المسيحي عندما يزنى المسيحي أو يسرق أو يقتل ؟ هل يزنى الروح ويسرق ويقتل معه ؟!


يوحنا 14 : 26 (واما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم)

هذا ما قاله الانجيل عن الدور الحقيقي الذى يقوم به الروح القدس بحسب تفسير النص أن المعزى هو الروح القدس .. (يعلمكم ويذكركم) ولو كان الروح القدس ساكن فى الجسد فما كان للتعليم والتذكير دور لأنه فى الجسد يحركه ويوجهه كيف يشاء .


ومن اوجه الاضطراب والاختلاف فى الانجيل عن الروح القدس أنه قال أن الروح القدس وحتى ارتفاع المسيح الى السماء لم يكن قد أُعطى بعد الى التلاميذ ولم يكن قد نزل ..

يوحنا 7 : 39 (قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه.لان الروح القدس لم يكن قد أعطي بعد.لان يسوع لم يكن قد مجّد بعد .)


بينما يقول الكتاب أن من علامات المسيح أنه يعمد الناس بالروح القدس والماء وليس بالماء فقط كما كان يعمد يوحنا ..

يوحنا 1 : 33 (وانا لم اكن اعرفه.لكن الذي ارسلني لاعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلا ومستقرا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس .)

فكيف يعمد المسيح تلاميذه بالروح القدس ثم يقول انهم لم يُعطوا الروح القدس وأنه لم ينزل بعد ؟!


بل والاكثر من ذلك أن الكتاب يذكر الكثيرين قبل ذلك الوقت قد نزل عليهم الروح القدس وملأهم مثل (زكريا والياصبات زوجته ويوحنا المعمدان ابنه وغيرهم ) .

لوقا 1 : 67 (وامتلأ زكريا ابوه من الروح القدس وتنبأ قائلا .)

) لوقا 2) : 25 – 27 (وكان رجل في أورشليم اسمه سمعان، وهذا الرجل كان بارا تقيا ينتظر تعزية إسرائيل، والروح القدس كان عليه . وكان قد أوحي إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب. فأتى بالروح إلى الهيكل .)

ثم يضع الكتاب علامات للمسيحي الذى يقبل الروح القدس وتعمل فيه بعلامات تزيد الامر اضطرابا وتضع المسيحيين أو أغلبهم فى حرج شديد ..


فيقول الكتاب : مرقس 16 : 17 – 18 (وهذه الآيات تتبع المؤمنين: يخرجون الشياطين باسمي، ويتكلمون بألسنة جديدة. يحملون حيات، وإن شربوا شيئا مميتا لا يضرهم، ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون .)

يوحنا 14 : 12 (الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي فالأعمال التي أنا اعملها يعملها هو أيضًا ويعمل اعظم منها)

مرقس 11 : 23 (لاني الحق اقول لكم ان من قال لهذا الجبل انتقل و انطرح في البحر و لا يشك في قلبه بل يؤمن ان ما يقوله يكون فمهما قال يكون له)

وهذا يجعلنا نسأل كل مسيحي يظن أنه مسيحي صادق ومؤمن حقا وقد قبل الروح القدس .. هل تستطيع أن تفعل كل الأفعال التى فعلها المسيح فتحيي الموتى وتشفى المرضى وتمشى على الماء و …. الخ



هل تستطيع أن تأمر الجبل أن ينتقل وينطرح فى البحر وأن تشرب السم وتمسك الحيات ولا يمسك ضرر أو أن تتكلم بألسنه جديده ولغات لم تعلمها أو تتعلمها إلا لمجرد حلول الروح القدس فيك ؟!

كل هذه الأمور تؤكد أن حلول الروح القدس على المؤمنين لا تزيد عن كونها حلول الايمان وقبوله وقبول العلم والطمأنينه اليه ولا تعنى الحلول المادي الذى يذهب اليه المسيحيون فى معتقدهم ، وعليه فهذا السؤال لا محل له .



وأخيرا أقول أن الكتاب المقدس نفسه فى سفر التكوين ينفى حلول الروح فى جسد الانسان أبدا مما يؤكد أن المقصود بالحلول فى النصوص الاخرى المعنى المجازى الذى ذهبنا اليه فقال الكتاب : ( فقال الرب: لا تحل روحي على إنسان أبداً، لأنه جسد وتكون جميع أيام حياته مائة وعشرين سنه)))تكوين 6: 3


King James Version : And the LORD said, My spirit shall not always strive with man, for that he also is flesh: yet his days shall be an hundred and twenty years
.

وهذا دليل على ان حلول الروح القدس فى الجسد المقصود به المعنى المجازى وليس الحقيقي وفقا لما قاله الرب بعدم حلول روحه فى اى انسان لأنه جسد وفى ترجمه أخرى (لأنه بشر) .



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .