التبليغ والإنذار وإقامة الحجة

مبحثنا هنا يقتضي فهم آلية وصول الحق للمرء على وجه يقيم عليه الحجة،

وهذا الأمر يتطلب منا البحث في الآليات التي من الممكن أن يصل بها الخبر عن وجود القرآن،

وأنه معجزة الرسول ، التي ينبغي على المرء أن يتخذ حيالها إجراء اتباعه،

والحال هنا هو إما أن الـمُبَلَّغ لم يسمع عن وجود الاسلام، أو لم يسمع أن القرآن معجزة، وأن محمدا عليه سلام الله نبي،

فيكون التبليغ له إخبار بوجوده،

أو أن يكون سمع به والمراد هو إقامة الحجة عليه،

والتبليغ في الحالتين إخبار ولكن يتبعه إقامة أدلة،

إذ أن الإخبار وحده لا يقيم حجة، ولا ينبني عليه الحكم ذاته الذي ينبني على التصرف الذي يتلو إقامة الحجة،

والإخبار يتم بإحدى طرق ثلاث: الرواية، والشهادة، والتبليغ،

قال الأستاذ فتحي سليم رحمه الله تعالى:

هنالك فوارق بين الرواية والشهادة والتبليغ، ولكل واحدة من هذه الثلاثة مقام توضع فيه وشروط متطلبة تختلف عن بعضها.

وهي وإن كانت كلها أخباراً؛ إلا أن محل كل واحدة يغاير الأخرى، فالرواية إخبار، والشهادة إخبار، والتبليغ إخبار.

فالرواية محلها السُّنَّة والتاريخ واللغة.
فيشترط في كل واحدة من هذه الثلاثة عند نقلها شروط في غاية الدقة والضبط والتوثيق... فالعدالة والضبط والثقة واتصال السند لا بد منها في الرواية....
أما الشهادة فإن محلها القضاء،
وهي عبارة عن توفير البينات ليستبين الواقع أمام القاضي لينزل الحكم عليه....


يتبع ----