الوجه الحقيقي للإرهابيين الذين يتصرفون باسم الدين



تكشف كل هذه الأمثلة أن أعمال العنف المنظمة ضد الأبرياء لا تتفق مع الإسلام أبدا وأنه من غير المعقول أن يرتكب أي مسلم مثل هذه الجرائم. وعلى العكس فالمسلمون مسؤولون عن منع هؤلاء المخربين وإزالة الشر من الأرض وإحلال السلام والأمن لكل الناس في كل مكان.
وليس من اللائق أن نتحدث عن "الإرهاب المسيحي" أو "الإرهاب اليهودي" أو "الإرهاب الإسلامي" . فبالتأكيد إذا بحثنا في خلفية هؤلاء الإرهابيين سنجد أن الإرهاب ظاهرة اجتماعية وليست دينية.

الصليبيون : بربر يدنسون دينهم
تشوه أحيانا الرسالة الحقيقية لدين أو نظام عقائدي من قبل تابعيه أنفسهم. فالصليبيون ، الذين مثلوا حلقة مظلمة في التاريخ المسيحي ، مثال لهذا النوع من التشويه.
الصليبيون هم مسيحيون أوروبيون بدءوا في نهاية القرن الحادي عشر في إرسال بعثات لاستعادة الأرض المقدسة من المسلمين (فلسطين وما حولها)، وادعوا أن حملتهم لهدف ديني، وبالرغم من ذلك فقد خربوا كل شبر من الأرض نزلوا به ونشروا الخوف أينما ذهبوا. اعتدوا على المدنيين الذين وجدوهم في طريقهموقتلوهم وسلبوا العديد من القرى والمدن، وأصبح دخولهم للقدس، حيث عاش المسلمون والمسيحيون واليهود في سلام تحت الحكم الإسلامي، مشهدا مروعا ومنظرا يثير الاشمئزاز، كما ذبحوا المسلمين واليهود في المدينة بلا رحمة.
وقال احد المؤرخين واصفا ما حدث: "قتلوا كل من وجدوه من العرب والأتراك... رجالا ونساء"16

يمدح أحد الصليبيين ويدعى "رايموند "هذه الأفعال قائلا : "رأينا مشاهد رائعة، فبعض رجالنا ( وكان هذا الأكثر رحمة) قطعوا رؤوس أعدائهم، والبعض الآخر ضربوهم بالسهام وهكذا أسقطوا من أبراجهم، وآخرون عذبوهم أكثر بإلقائهم في النار. وكنا نرى في شوارع المدينة أكوام الأشلاء والجثث الممزقة. ولكي تستطيع السير في أحد الطرقات كان لابد من السير فوق جثث الرجال والخيول. ولكن كل هذه الأمور لا تذكر إذا ما قورنت بما حدث في هيكل سليمان، حيث كانت تقام الشعائر الدينية، لقد غرق الناس في الدماء حتى غطت الأقدام وبلغت إلأى لُجُم الخيول .17
وفي خلال يومين، قتل الجيش الصليبي حوالي أربعة آلاف مسلم بوحشية وبربرية لا مثيل لها. 18




خلال الحملة الصليبية الرابعة زادت همجية الصليبيين حيث سلبوا القسطنطينية (استنبول حاليا) وهي مدينة مسيحية، وسرقوا الأشياء الذهبية من الكنائس .



"في القدس وتحت الحكم الإسلامي عاش كل من المسلمين والمسيحيين واليهود في سلام كامل. وعندما احتل الصليبيون القدس قاموا بالعديد من المذابح المروعة. وكلما احتلوا المزيد من المدن، استمروا في قتل المدنيين أينما ذهبوا."

" في الثاني عشر من سبتمبر عام 1204 دخل الصليبيون القسطنطينية، وكان يسكنها المسيحيون وطردوهم ونهبوا المدينة، وسرقوا الذهب الذي كان موجودا في الكنائس."
بالطبع، كانت كل هذه الهمجية ضد الديانة المسيحية، فالمسيحية في الإنجيل هي "رسالة محبّة". وورد في إنجيل متّى أن عيسى عليه السلام قال لأتباعه : "احبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم " (متى، 42 :5)

وجاء في إنجيل لوقا قال: عيسى عليه الإسلام "من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خذك الأيسر " (لوقا ، 29 : 6)

ولا يوجد في أي نص من الإنجيل إشارة إلى شرعية العنف. فمن المستحيل تصور قتل الأبرياء، ولا نجد هذه الكلمة في الإنجيل إلا في قصة الملك هيرودس الذي حاول قتل عيسي وهو رضيع.
إذا كانت المسيحية دينا يرتكز على المحبة وليس العنف، فكيف للصليبيين المسيحيين أن يقوموا بأكثر الأعمال عنفا في التاريخ ؟ ربما يرجع السبب الرئيسي إلى خداع قادة الصليبيين للناس البسطاء الذين أحسن ما يوصفون به أنهم "الغوغاء" أو "الرعاع".هذه المجموعات التي ربما لم تعرف شيئا عن دينها، والتي من المحتمل أنها لم تقرأ أو حتى لم تر الإنجيل ولو مرة واحدة في حياتها. قادت تلك المجموعات هجمات تحت شعار "حرب الصليب" التي تمثل إرادة الله.
هذا الاحتيال على الدين شجع الكثيرين على ارتكاب الجرائم التي حرمها الدين بشكل كامل.

ومن الجدير بالذكر أنه في تلك الفترة، تمتع المسيحيون الشرقيون، كأهل بيزنطة على سبيل المثال بقيم أكثر إنسانية من المسيحيين الغربيين الذين كانوا بعيدين كل البعد عن ثقافتهم. فقد استطاع المسيحيون الأرثوذكس العيش مع المسلمين في سلام سواء قبل الغزوات الصليبية أو بعدها.
يقول المعلق تيري جونيس في إذاعة الـ بي بي سي : "بانسحاب الصليبيين من الشرق الأوسط عادت الحياة الهادئة من جديد واستطاع أصحاب الديانات التوحيدية الثلاث التعايش معا في سلام . "19

إن مثال الصليبيين دليل على ظاهرة عامة، فالأكثر اتباعا لأفكار غير متحضرة وجاهلة ثقافيا هم الأكثر ميلا للعنف. وهذا أيضا دليل آخر على أن الدين لا علاقة له بالعنف. فالحركات الشيوعية في كل مكان في العالم تميل إلى العنف. وما زال هناك أقوام آخرون يتميزون بالوحشية والعنف وسفك الدماء مثل الخمير الحمر في كمبوديا، وذلك لأنهم على درجة كبيرة من الجهل.

طبيعة البدو في القرآن
منذ أيام الرسول صلى الله عليه وسلم كان البناء الاجتماعي في بلاد العرب يتكون من مجموعتين، سكان المدن والبدو (عرب الصحراء). و ساد تراث مركب ومتحضر في بلاد العرب. وقد ربطت العلاقات التجارية بين المدن والعالم الخارجي مما ساهم في تحسين سلوك عرب المدن، فقد اكتسبوا قيما جمالية رفيعة وتمتعوا بالحس الأدبي وخاصة الشعر. من ناحية أخرى عاش عرب الصحراء في قبائل بدوية منتشرين في البادية وغفلوا عن الفنون والآداب وتكونت لديهم شخصية غير متطورة.
وظهر الإسلام وانتشر في مكة المكرمة، وهي أهم المدن في الجزيرة العربية. وبعدها انتشر إلى باقي شبه الجزيرة واعتنقته كل قبائل بلاد العرب .

وكانت من بين هذه القبائل عرب الصحراء الذين تميزوا منطوين على انفسهم، فبيئتهم الفقيرة وبساطة تفكيرهم منعتهم من إدراك نبل روح الإسلام وعمقه، يقول الله تعالى عنهم:
"الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (التوبة : 97)




إن عرب الصحراء، تلك الفئة الاجتماعية التي كانت " الأسوأ في الجحود والنفاق" والأكثر عصيانا لأوامر الله، أصبحت جزء من العالم الإسلامي في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم . وأصبحت بعد ذلك مصدر المشاكل للدعوة الإسلامية . وأوضح مثال على ذلك طائفة (الخوارج) التي ظهرت من بين البدو.


"في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان البدو قبائل متنقلة في الصحراء. وقد ورثتهم هذه الحياة الصعبة التي عاشوها نوعا من الثقافات الجافة والطباع القاسية".


الهمجية والتعصب هي السمات التي تميز هذه الفئة المتطرفة التي سميت بـ"الخوارج" أو الثوار لأنهم ابتعدوا بشدة عن اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهؤلاء الخوارج الذين كانت معرفتهم بالإسلام وفضائله وأخلاق القرآن معرفة منقوصة،شنوا حربا ضد جميع المسلمين الآخرين استنادا إلى بعض الآيات القرآنية التي فسروها تفسيرا خاطئا. وعلاوة على ذلك فقد ارتكبوا أبشع أعمال الإرهاب واغتالوا الإمام علي كرم الله وجهه أحد أقرب المقربين للرسول عليه الصلاة والسلام، وقد وصف بأنه بأنه "باب مدينة العلم".

وظهرت فيما بعد طائفة أخرى سميت بـ "الشيعة"، وذلك نتيجة للجهل والتعصب وعدم الفهم المتعمق لجوهر الإسلام مما جعلهم أسهل تأثرا بالوعود والشعارات الداعية للحرب.
بمعني آخر، كما حرف الصليبيون وأساؤوا فهم المسيحية وحولوها إلى تعاليم للعنف، كذلك ظهرت بعض الجماعات المنحرفة في العالم الإسلامي أساءت فهم الإسلام ولجأت إلى العنف. والصفة المشتركة بين الصليبيين وهذه الجماعات هي "الطبيعة البدوية". ولذلك فقد اتصفوا بالجهل وعدم النضج وعدم الفهم لجوهر الدين الحقيقي. ولذا فلجوؤهم للعنف ناتج عن جهلهم وعدم فهمهم لدينهم.

هدف الإرهابي الوحيد أن يدمر بلا رحمة
يُعرف كلٌّ من مايكل باكيونين وتلميذه نيتشايف (وهما من زعماء الثورة الروسية) الإرهابي الحقيقي بالقول:
"الفعل الحقيقي للثوري ليس فقط بالكلمات ولكن بالأفعال، وشن الحرب على قوانين المجتمع الموجودة وكل ما يسمى بالعالم المتحضر بقوانينه وأخلاقياته وعاداته. والثوري شديد التمسك بمبادئه، وهو لا يعرف إلا شيئا واحد فقط وهو التدمير " نشر هذا المقال بصحيفة الإنذار، من كتاب باكيونين (أساس الثورة الاجتماعية) ، 26 ديسمبر 1885، ص.8.

وكما نفهم من كلمات باكيونين ونيتشايف، فإن الإرهابيين هم أناس قطعوا علاقاتهم مع جميع الأعراف المادية والروحية وهم يرفضون كل القيم الأخلاقية، وينظرون إليها على أنها عائق أمام تحقيق أهدافهم.
وقال باكيونين أيضا :"يكون الثوري مشغولا ليله ونهاره بالتفكير في شيء واحد وهو الدمار بدم بارد بلا رحمة أو هوادة. ولتحقيق هذا الهدف يجب أن يتوقع الثائر الموت في أية لحظة وأن يكون على أهبة الاستعداد لقتل أي إنسان يحاول إحباط أهدافه".
ويصف ما يجب أن يكون عليه الإرهابي في كتابه "أساس الثورة الاجتماعية" :"يجب ان يكون الثوري صارما مع نفسه ومع الآخرين، ويجب أن يقمع كل مشاعر الضعف في علاقات الحب والصداقة والمودة وأن يولع فقط بالعمل الثوري".



تعرف هذه الكلمات الوجه المظلم للإرهابي وتوضح مخالفته التامة للإسلام الذي يؤكد على قيم السلام والتسامح والمحبة. وفي هذه الآية، يوضح الله عز وجل أن الإسلام هو المنقذ الحقيقي للإنسانية وأن اتباع نزوات الحرب والنزاع هي اتباع لخطوات الشيطان:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اُدْخُلُوا فِي السِّلْم كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ" (البقرة : 208)

"مايكل باكيونين"

التأثير الجماعي للإرهاب
ومما يميز الإرهابيين أيضا أنهم يتصرفون في شكل جماعات، وهذا ما يترتب عليه تجاهل الأفكار الفردية والاختيارات الشخصية للأفراد الذين يوجهون نحو هدف واحد. هؤلاء الذين يتصرفون في إطار الروح الجماعية، ربما يفعلون أشياء لا تقبلها عقولهم ويرتكبون أفعالا بغير إرادتهم ولا وعيهم. ففي العديد من بلدان العالم، تتكون جماعات الإرهاب من أشخاص جهلة أغبياء ينفعلون بهستريا الشعارات ونداءات الحرب التي تطلق في الاجتماعات الحاشدة حتى بدون أن يعرفوا ماذا يفعلون ولماذا يفعلونه، وهكذا وبالتدريج يشتركون مع مجموعات في ارتكاب أعمال وحشية.

وفي لحظة واحدة يتحول هؤلاء الأشخاص إلى قتلة تلطخ أياديهم الدماء، وإلى إرهابيين قادرين على ارتكاب أفعال لا إنسانية. ربما يظهر على مثل هذا الشخص الهدوء والسكينة عندما يكون وحيدا، ولكن إذا ما انضم إلى أحد الجماعات الإرهابية يصبح قادرا على القتل وافتعال الحرائق دون سبب ظاهر.

تظهر هذه الأعراض على الأشخاص الذين يرغبون في التخلص من حياتهم لسبب شخصي، وأغلب هؤلاء الذين يشاركون في أعمال العنف، تكون إرادتهم وضمائرهم ضعيفة، ويساقون كالأغنام تحت تأثير هذه المجموعات. وهكذا يستبدلون الإحساس والشعور الطيب بكراهية مفرطة وميل نحو العنف والعدوان.
ومثل هؤلاء يمكن التأثير عليهم وإثارتهم بسهولة وهم لا يعترفون بأي قيود يضعها القانون.

أشار القرآن الكريم إلى خطإ الوقوع في الانحراف الجماعي ووضح أنه يجب على الإنسان أن يتصرف طبقا لإرادته وبوعيه الكامل : "وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً" (الإسراء : 36)


أحد أسباب الإرهاب : تعصب العالم الثالث

تساعدنا مثل هذه الأمثلة من التاريخ على فهم أفضل لهذه الظاهرة الحالية، التي تسمى "الإرهاب الإسلامي" والتي تحتل الأولوية في الأجندة العالمية خلال هذه الأيام . وذلك لأن الذين ينفذون تلك الأعمال الإرهابية، يفعلونها باسم الدين، ومن يدعمونها يمثلون فئة قليلة في العالم الإسلامي. وكما ذكرنا في الحديث عن البدو سابقا فإن الإسلام في حد ذاته ليس هو السبب. فالذين يفشلون في فهم جوهر الدين الذي يدعو في الحقيقة إلى السلام والعدالة، يجعلونه أداة للعنف، والسبب في هذا وبكل بساطة هو الظروف الاجتماعية والتربية الثقافية. وأصل هذه البربرية التي تسمى "تعصب العالم الثالث" هو بعض التصرفات غير المسئولة لأشخاص يتجردون من حب البشر.

وفي الحقيقة، تعرض المسلمون في خلال القرون القليلة الماضية وفي كل مكان من العالم للعنف من قبل الجهات الغربية وحلفائها . وقد دعمت الدول الأوربية الاستعمارية سياسة الاستعمار الظالم في الوطن العربي (مثل إسرائيل) والتي يعاني منها كل المسلمين . أما بالنسبة للمسلمين فإن عدم اللجوء للعنف كأسلوب للرد هو ما دعاهم الله إليه في القرآن الكريم :

"وَلاَ تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"(فصلت : 34)
ومما لا شك فيه أن للمسلمين الحق الشرعي في الرد على هذا العدوان. وعلى أية حال لا يجب أن تتحول ردود الفعل إلى كراهية عمياء أو عداوة ظالمة. ويحذر الله من ذلك قائلا :

"وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (المائدة : 2)
ولذلك فإن تنفيذ الأعمال الإرهابية ضد مدنيين أبرياء في دول أخرى بزعم أنها تمثل (البلاد الظالمة في العالم ) لا يتفق والإسلام في شيء.
ومما يستحق الذكر أننا لا يمكن أن نحمل كل الدول والمجتمعات الغربية وزر العنف والظلم الذي يتعرض له المسلمون. وفي الحقيقة، إن الفلسفات والمعتقدات المادية الملحدة التي سادت بصفة رئيسية في القرن التاسع عشر هي المسئول الأول عن تلك الأعمال المحزنة. فالسياسة الاستعمارية الأوروبية لم تنشأ من المسيحية بل على العكس تماما فإن الحركات المعادية للدين التي تعارض القيم المسيحية هي التي إلى تلك السياسة الاستعمارية. وتعتبر أيدلوجية دارون الاجتماعية السبب الرئيسي للوحشية التي سادت في القرن التاسع عشر. وما زالت توجد في الغرب حتى اليوم القسوة ومحاربة القيم جنبا إلى جنب مع الثقافة التي تحكمها المسالمة والعدل التي تستمد جذورها من المسيحية. وفي واقع الأمر فالخلاف الرئيسي ليس بين الغرب والإسلام، بل على النقيض مما هو سائد، فالخلاف هو بين مسيحيي الغرب والمسلمين من ناحية والذين يعارضون الدين من ناحية أخرى مثل "الماديين ، والملحدين، والداروينيين ....".

وهناك نقطة أخرى جديرة بالذكر وهي أن التعصب في العالم الثالث لا يرتبط بالإسلام، فحتى أوقات قريبة رأينا هذا التعصب مرتبطا بالأيدلوجية الشيوعية. وكما هو معروف فقد نفذت العديد من أعمال العنف المعادية للغرب في الأعوام ما بين 1960 و 1970 وقد دعمتها المنظمات الشيوعية السوفيتية. ونتيجة لانهيار الشيوعية في العديد من المجتمعات التي كانت تتبناها، حولت تلك المجتمعات اهتمامها إلى الإسلام. وهذا العنف الذي ارتكب باسم الدين والذي صاغت أدبياته االاتجاهات الشيوعية السابقة لتتفق بعض الشيء مع مفاهيم ونصوص الإسلام، هو في الحقيقة ضد قيم الدين وأخلاقه وجوهره.

ملاحظة أخيرة يجب أن تذكر حول هذه القضية، وهي أن الإسلام لا يخص أمة معينة أو منطقة جغرافية محددة. بل على عكس ما يعتقده العالم الغربي المسيطر، فالإسلام ليس "ثقافة شرقية". الإسلام هو آخر الأديان أنزله الله للناس كافة ليهديهم إلى سواء السبيل. والمسلمون هم المسؤولون عن توضيح مفاهيم الدين الحقيقية لكل الناس في كل مكان ليكونوا أكثر فهما للإسلام.
ولذلك، هناك حل واحد في نظر المجموعات التي تمارس العنف باسم الدين، وهو تحويل العالم إلى مكان مظلم بائس عن طريق نظم حكم ظالمة بدلا من أن يحوله إلى مكان جميل عن طريق تطبيق التعاليم والمفاهيم الحقيقية للإسلام كي يستطيع الناس فهمه والعيش في رحابه.

التسبب في الخوف والألم للمجتمع هو نوع من أنواع الإرهاب
واحدة من أهم خصائص الإرهاب هي أنه يختار أهدافه بشكل عشوائي. ومن أهم أسباب انتشار الخوف هي أن الإرهاب يتخذ قراره دون أن يميز أهدافه، حتى لا يشعر أحد بأنه آمن. إذا ما توقع الناس أنهم أهداف محتملة وبلا ذنب، فإن أحدا لن يشعر بالأمن أو البعد عن هؤلاء الإرهابيين. وهؤلاء الذين يعتبرن هدفا محتملا لا يستطيعون حماية أنفسهم، حيث أن الإرهابيين يتصرفون طبقا لمفاهيمهم الخاصة، ويختارون المكان والزمان بما يناسبهم. مثل هذه الأعمال تكون بشكل اعتباطي وغير متوقع في المجتمع.




"تهاجم المنظمات الإرهابية أهدافها بشكل عشوائي مما يعني قتل الأبرياء وجرحهم. مثال على ذلك الهجوم بغاز الأعصاب في مترو طوكيو في 20 مارس 1995"